صفحة 1 من 1

السطان قابوس

مرسل: السبت ديسمبر 07, 2013 11:19 pm
بواسطة بندرالعنزي3621
قابوس بن سعيد (18 نوفمبر 1940 -)[1]، سلطان عُمان، وهو ثامن سلاطين أسرة البوسعيد وينحدر من الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول. وصل إلى السلطة عام 1970 بعد انقلابه على والده سعيد بن تيمور. وهو صاحب أطول فترة حكم من بين الحكام العرب - الذين هم على قيد الحياة حاليا.[2]
منذ بداية تولي السلطان قابوس مقاليد الحكم في البلاد سعى إلى إخراج اسم عمان إلى الصعيد الخارجي، ورغم ما تركته السياسة القديمة من أعباء زادت من مشقة هذا الكاهل من عدم وجود وزارة للخارجية وانما وجدت المؤسسة الصغيرة الغير تخصصية في هذا المجال إلا أن السطان قابوس ومنذ بداياته قام بزيارة معظم العواصم العربية، وبعضها أكثر من مرة. فالى جانب الرياض زار المنامة، والقاهرة، وأبوظبي، والدوحة، وعمان، وطرابلس المغرب.
مع هذه الزيارات اتسعت العلاقات العمانية الإيرانية واتسمت بالأخوية، حيث أن أول زيارة رسمية للسطان كانت إلى إيران بدعوة من محمد رضا بهلوي وذلك للإحتفال بذكرى مرور 2500 عام على قيام الأسرة الشاهنشاهية. و شارك السلطان قابوس الشاه الإيراني في الحوارات والرامية إلى حل المشاكل الناجمة من الصراعات الناشئة بين الدول الحدودية مع إيران وتحديدا الإمارات العربية المتحدة والبحرين. في سنة 1973 صارت عمان عضوا في حركة عدم الانحياز. على هذه الصورة كانت عمان، رغم وجودها على الخط الامامي للنضال ضد توسع الشيوعية العالمية، تقف موقفا وسطا بين أقطاب العالم المتعددة، وترفض نظاما عالميا تستند حياته على التنافس والتناحر بين التكتلات العسكرية والسياسية، بل تتبنى النموذج المبني على التعاون والمشاركة في مختلف المجالات.
رغم أن قابوس بن سعيد كان في تلك الفترة من اصغر الزعماء العرب سنا، إلا أنه ربما كان من أكثرهم ثقافة. وقد تركت زياراته الخاطفة وقراراته السياسية الفاعلة انطباعا عميقا في العالم كله مثل: الإتفاق على التعاون العسكري مع إيران، والتخلي عن الدعاوى الإقليمية حيال دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن واحة البريمي و التنازل عن قسم من شبه جزيرة مسندم المطلة على خليج هرمز، وكذلك موضوع الحملة على الجمهورية اليمنية الجنوبية إبان الانقسام اليمني. كانت تلك استراتيجية النسيم المنعش التي اتبعها السلطان قابوس، وكما يلطف الهواء النقي الجو الملوث فكذلك القرارات السابق ذكرها في الميادين السياسية تنقي العلاقات الدولية من الشوائب وتخلصها من المواجهات الإستنزافية الثقيلة الأعباء.
كان السلطان أيضا ذو علاقة قوية بحاكم مصر في تلك الفترة أنور السادات وذلك لأن السادات رأى في السلطان قابوس حاملا لفلسفة سياسية أوسع مما لدى معظم زعماء العالم العربي. ومما زاد ذلك الرابط هو استلام كل من هذين السياسيين مقاليد الحكم في وقت واحد تقريبا، وتلقيهما تركة ثقيلة من سابقيهما. وكلاهما خاض النضال ضد عدو خارجي، وتعين عليهما إصلاح الميدان الاقتصادي جذريا.
يلاحظ أن السلطان قابوس منذ بداياته حاول الانفتاح على الدول الكبرى لما في ذلك من نفع في الأوساط السياسية عموما وبسبب توسع هذه الدول في الوسط العربي تحديدا، مثل علاقاتة الحميمة مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنه وبسبب التوجهات العقائدية للإتحاد السوفييتي المنافية للإسلام و كثير من العادات و التقاليد العمانية ، وبسبب الدعايات التحريضية من جمهورية اليمن الجنوبية المدعومة من السوفييت على عمان فقد حال كل ذلك دون قيام علاقات طبيعية بين الاتحاد السوفييتي وعمان لأمد طويل.
مع مرور الوقت ازدادت قيمة عمان من الناحية السياسية من مشاركات في القمم العربية، والمساهمة في إنشاء مجلس التعاون الخليجي، و حل النزاعات القائمة في الدول العربية والإسلامية نتيجة محاولات جاهدة قام بها السلطان لحل المشاكل بالطرق السلمية بين العراق وإيران من جهة، وبين العراق والكويت من جهة أخرى. ولذلك حظي السلطان بالاعتراف بأنه أحد أكثر الدبلوماسيين براعة وحذقا في الشرق الأوسط. ومنح السلطان جائزة السلام عام 1998 ما جاء إلا ليؤكد التقدير الرفيع لمساهمته في الممارسات السياسية المعاصرة ودوره في إحلال السلام والإستقرار في المنطقة.
من هنا يعتقد الدبلوماسيون العمانيون ان السلطان قابوس مؤسس مدرسة جديدة في العلاقات الدولية المعاصرة مبنية على مبدأ واحد يذهب إلى أن العالم يسير نحو التعاون المتعدد الأطراف، وأن الطر الجغرافية سوف تزول قريبا. قال السلطان في حديث إلى مجلة "ميديل إست بولسي" في نوفمبر 1995: "ان العالم يتضائل وينكمش، وانا واثق تماما أن جميع البلدان يجب أن تسير وفق هذه القاعدة، وتحاول ان تفهم بعضها البعض، وتتعاون في ما بينها، وتعمل جنبا إلى جنب لخير البشرية جمعاء. وقد لوحظت في السنوات الاخيرة بوادر واعدة تدل على ان النزاعات بين الدول صارت تعتبر من الحماقات المطبقة وأن الخلافات بين البلدان يجب ان تحل بالمفاوضات وليس على سبيل الحرب".
تلتزم عمان عادة سياسة الحياد فلا تتدخل في النزاعات بين جيرانها، أو النزاعات الخارجية الدولية، عملاً بقاعدة "لا ضرر ولا ضِرار". إلا أنها تحتفظ بعلاقات صداقة مع الدول العربية ودول العالم بشكل عام، وتشارك في المؤتمرات الدولية ولها ممثل في جامعة الدول العربية.
للسلطنة مواقف قوية في مجلس التعاون الخليجي وخط سياسي خاص ينبع مما تمليه مصالح السلطنة.
السلطنة تعيش شبه عزلة سياسية بسبب إيمان السلطان قابوس بأن " من يتدخل - على المستوى الدولي - في شأن ليس من شأنه كأنما ينعق في واد غير واديه"، لكن هذا لم يمنع السلطان قابوس من رعاية اتفاقات الهدنة بين شطري اليمن المتحاربين في 1994، كما لم يمنع السلطنة من توقيع عدد كبير من الاتفاقيات السياسية والعسكرية والاقتصادية مع جيرانها وغيرهم، على أنها تبقى بلداً هادئاً جداً وتبقى عمان وجلالته مثالا في السلام العالمي.
وعمان تعلن موقفاً واضحاً من قضيتي فلسطين والعراق لا يشذ عن الموقف العربي العام من هاتين القضيتين.
يمكن للسلطان قابوس أن يكون الحاكم الهادئ الذي ينادي بالسلام المحلي والعالمي وليس هذا عزلة سياسية حيث أن لقابوس نظرة لتوجيه اهتمام السلطنة لتطوير السلطنة بما يعود بالنفع على أبناء السلطة بعيدا عن الزج بالبلاد في الخلافات الدولية التي تأخر تقدم ورقي الشعب.