- الأحد ديسمبر 08, 2013 12:33 am
#68499
فالفكر كما يقول اللغويون مقلوب عن الفرك لكن الفرك للأمور الحسية والفكر هو للأمور المعنوية لكن لما كانت الألفاظ تنطلق من المحسوس للمجرد فإن يمكن ملاحظة معنى التدقيق في الكلمتين ويقولون فكر يفكر بالتشديد وهو يعني إعمال الخاطر في موضع معين بما يستتبعه من التدبر والنظر والاعتبار وغير ذلك من عمليات ذهنية وعقلية تجريدية ولم ترد مادة فكر بصيغة الاسم في القرآن الكريم ولكنها جاءت بصيغة الفعل والفعل لغة هو مادل على حدث وذات فحينما يقال يفكر فهي كلمة تدل على حدث هو الفكر وتدل على الذات الفاعلة لهذا الحدث التي تسمى بالمفكر كما أنها لابد أن تدل على مفعول هذا الفعل وهو مفعول الفعل ذاته الذي تعلق به هذا الفعل ويستدل من استخدام القرآن الكريم لكلمة فكر بصيغة الفعل أنه يعني في المقام الأول هذا العمل الذهني العقلي الذي يسمى بالفكر إنما هو عمل مرتبط بذات فكلما وجد فكر وجد مفكر والفكر لايكون فيما لا طائل من ورائه وإنما ينبغي أن يكون له موضوع يدور حوله هذا الفكر والفكر بهذا هو خاصية من خواص الإنسان لا يشترك معه فيها مخلوق آخر ولا يطلق الفكر إلا على العمليات الذهنية التي يقوم بها افنسان أما الحيوانات فإن المظاهر الموجودة لديها التي تشبه عملية الفكر عندها فلا تسمى فكراً بل تسمى التوجيه الغريزي لذلك كان المناطقة يعرفون الإنسان بأنه حيوان ناطق أي مفكر وقد تناول العديد من كتب التراث مفهوم الفكر وهي تشير إليه إجمالاً على أنه اسم لعملية تردد القوى العاقلة المفكرة في الإنسان سواء أكان قلباً أو روحاً أو ذهناً بالنظر والتدبر لطلب المعاني المجهولة من الأمور المعلومة أو الوصول إلى الحكام أو النسب بين الأشياء كما قيل أن الفكر هو إحضار معرفتين في القلب ليستخرج منها معرفة ثالثة أي تهيئة مقدمتين للوصول منهما إلى النتيجة أما قاموس وبستر فيعرف الفكر بأنه الأراء والمبادئ والأفكار السائدة لدى مجموعة بشرية معينة خلال فترة زمنية معينة فالمقصود هنا الأمم والشعوب التي يتكون لديها عبر سنين حياتها الطويلة أراء وأفكار ومبادئ إزاء الكون والإنسان والحياة ما الفكر السياسي إلا تلك الفكار والمبادئ التي تخص حياتها السياسية ويميز البعض بين الفكر والتفكر باعتبار أن الفكر عملية عقلية فطرية في الإنسان في حين أن التفكير عملية تنطوي على بعد إرادي يمكن للإنسان استدعاؤها والتحكم فيها وبهذا المعنى يكون أصدق في التعبير عما أنتجه العقل السياسي المسلم فهو كان تفكراً كما يتضح من سياقاته التاريخية وخاصة من قبل العلماء الذين كانت لهم مناهجهم ومعاكهم الفكرية لكن لصعوبة التحقق من هذا الفصل بين التفكر والفكر فليس لنا إلا المحصلة النهائية من الفكر المودع في كتاباتهم كما يثير آخرون العلاقة بين الفكر السياسي الإسلامي والأفكار السياسية الإسلامية وهي علاقة الأبوة بالبنوة فكما يقول ابن منظور بنات الفكر أي النتاج العام له وخلفه وربما تظهر أهمية هذه التفرقة عند الحديث عن مرجعية الفكر والجانب الذاتي والموضوعي فيه.