- الأحد ديسمبر 08, 2013 6:38 am
#68572
لايزال العلمانيون يصرون على أن المقصود بالعلمنة هو التعريف المعجمي الذي وضع في نهاية القرن التاسع عشر وهو مجرد فصل الدين عن الدولة، والمقصود هو الدولة بالمعنى المؤسساتي والاجرائي، في حين أن العلمانية كما ولدت وتحققت ويدعو لها أصحابها هي أكثر من ذلك بكثير، إذ إنها دعوة إلى فصل الدين عن الحياة التشريعية والفكرية والعلمية والتربوية، ونزع القداسة ومفاهيمها عن مفردات الحياة .
إن ظهور الاعلام بالشكل الأخطبوطي الممتد اليوم، وظهور الاتصال وثورته، والأجهزة التعليمية والتربوية المهيمنة، والأجهزة الأمنية واتصالاتها، بالإضافة إلى مايسميه المرحوم عبدالوهاب المسيري بقطاع اللذة، وهو السينما والتلفزيون والسياحة وصناعة الترويح والترفيه، قد أدى إلى القضاء على الخصوصيات الدينية والثقافية الفردية والفئوية، ما جعل العلمنة لا تتوقف عند المفاصل السياسية الاقتصادية الإجرائية، بل تتجاوز ذلك لتحول بين المعنى الديني للحياة وبين الفرد أينما كان وإلى أي ثقافة ينتمي .
إسلامياً لا يمكن حصر الدين في أوقات محددة من اليوم أو الأسبوع، بل إنني لا أكاد أفهم كيف يمكن وقف تنفيذ أو تفعيل الدين أي دين في الحياة في أي مجال من مجالات الفعل أو الوجدان الإنساني، فالدين هو عقيدة وقيم وأهداف للحياة وبرنامج عمل ومواقف واتجاهات وليس مجرد عبادات تؤدى، بل إن العبادات نفسها تحمل سمات تجديد المعاني والقيم والأهداف الدينية الحياتية والتحفيز الوجداني لتحقيق هذه الأهداف .وبالتالي فإن ما يوصف بأنه مجرد فصل للدين عن السياسة أو الدولة أمر مستحيل من الناحية العملية، وقد بينت تجارب العلمنة وضوح هذه الاستحالة .
نحن اليوم أمام عالم يوصف بأنه قرية كونية، وتمثل العولمة باعتبارها تحقق سهولة انتقال السلع والأفكار والقيم من مكان لآخر وبسرعة لا تكاد تتصور وضعاً لا يمكن فيه عزل الديني عن السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو القيمي، فلم يعد في عالم اليوم سياسات منعزلة، أو اقتصادات حرة، أو ثقافات محلية، أو قيم خاصة، نحن في خضم عالم ممتد موار بالحركة والتغير، ومن هنا كان لا بد من الإصرار على المحافظة على ثوابت العقيدة والتشريع والقيم وحتى الإجراءات مما نستقيه من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذه الثوابت لا بد من أن تتجلى وتؤتي ثمارها في كل مجالات الحياة الفردية والجماعية، وهكذا فإن الدعاة إلى العلمنة السياسية الجزئية يتحدثون عن علمنة مستحيلة أو نظرية، لأننا لم نر علمنة على سطح الأرض استطاعت أن تحترم الدين وتضعه في مكانه اللائق، من دون أن يتحول إلى شكل تزييني فولكلوري أو مجرد داعم نفسي مؤقت في أوقات الأزمات من دون أي رصيد في الحياة والسلوك .
ثم إن ما يطرح على مستوى هذه الدعوات للعلمنة هو مسألة المرجعية، فالدين مرجعية مهمة تتصل بأسئلة الوجود الكبرى وانعكاسها على خطة الحياة بالكامل، ومن الواضح أن العلمنة التي تريد للدولة أن تدير حياة الإنسان بمعزل عن الدين تغض النظر عن هذه المرجعية وتحاول أن تطرح مرجعيات أخرى، وبدلاً من الخوف من سيطرة التدين على الناس بالمعنى الفكري والقيمي لا التعبدي فقط لا بد من الخوف من سيطرة الإعلام والاتصال والتعليم المعلمن والمعولم مما يقضي على أية حياة خاصة أو هوية ويحول الإنسان إلى فريسة لعمل لا ينتهي من أجل المال (القوة) أو لأهواء لا تسمح بأقل قدر من التوازن والثبات .
إن ما يحتج به العلمانيون من أجل إقصاء الدين عن الحياة هو مسألة التسامح ومشكلة الأقليات والحوار مع الآخر، وهي مشكلات لا أصل لها ولا وجود عند المسلم الواعي، بل لعلنا نقول: إن التجربة التاريخية الإسلامية قد قدمت خير نموذج فعلي لحل هذه المسائل، فالإسلام يقدم الحل الناجع من خلال فهمه لسنة التعدد والاختلاف ولقيمة الحرية الدينية شريطة عدم الإفساد في الأرض واحترام عقائد الناس ومشاعرهم الدينية.
إن ظهور الاعلام بالشكل الأخطبوطي الممتد اليوم، وظهور الاتصال وثورته، والأجهزة التعليمية والتربوية المهيمنة، والأجهزة الأمنية واتصالاتها، بالإضافة إلى مايسميه المرحوم عبدالوهاب المسيري بقطاع اللذة، وهو السينما والتلفزيون والسياحة وصناعة الترويح والترفيه، قد أدى إلى القضاء على الخصوصيات الدينية والثقافية الفردية والفئوية، ما جعل العلمنة لا تتوقف عند المفاصل السياسية الاقتصادية الإجرائية، بل تتجاوز ذلك لتحول بين المعنى الديني للحياة وبين الفرد أينما كان وإلى أي ثقافة ينتمي .
إسلامياً لا يمكن حصر الدين في أوقات محددة من اليوم أو الأسبوع، بل إنني لا أكاد أفهم كيف يمكن وقف تنفيذ أو تفعيل الدين أي دين في الحياة في أي مجال من مجالات الفعل أو الوجدان الإنساني، فالدين هو عقيدة وقيم وأهداف للحياة وبرنامج عمل ومواقف واتجاهات وليس مجرد عبادات تؤدى، بل إن العبادات نفسها تحمل سمات تجديد المعاني والقيم والأهداف الدينية الحياتية والتحفيز الوجداني لتحقيق هذه الأهداف .وبالتالي فإن ما يوصف بأنه مجرد فصل للدين عن السياسة أو الدولة أمر مستحيل من الناحية العملية، وقد بينت تجارب العلمنة وضوح هذه الاستحالة .
نحن اليوم أمام عالم يوصف بأنه قرية كونية، وتمثل العولمة باعتبارها تحقق سهولة انتقال السلع والأفكار والقيم من مكان لآخر وبسرعة لا تكاد تتصور وضعاً لا يمكن فيه عزل الديني عن السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو القيمي، فلم يعد في عالم اليوم سياسات منعزلة، أو اقتصادات حرة، أو ثقافات محلية، أو قيم خاصة، نحن في خضم عالم ممتد موار بالحركة والتغير، ومن هنا كان لا بد من الإصرار على المحافظة على ثوابت العقيدة والتشريع والقيم وحتى الإجراءات مما نستقيه من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذه الثوابت لا بد من أن تتجلى وتؤتي ثمارها في كل مجالات الحياة الفردية والجماعية، وهكذا فإن الدعاة إلى العلمنة السياسية الجزئية يتحدثون عن علمنة مستحيلة أو نظرية، لأننا لم نر علمنة على سطح الأرض استطاعت أن تحترم الدين وتضعه في مكانه اللائق، من دون أن يتحول إلى شكل تزييني فولكلوري أو مجرد داعم نفسي مؤقت في أوقات الأزمات من دون أي رصيد في الحياة والسلوك .
ثم إن ما يطرح على مستوى هذه الدعوات للعلمنة هو مسألة المرجعية، فالدين مرجعية مهمة تتصل بأسئلة الوجود الكبرى وانعكاسها على خطة الحياة بالكامل، ومن الواضح أن العلمنة التي تريد للدولة أن تدير حياة الإنسان بمعزل عن الدين تغض النظر عن هذه المرجعية وتحاول أن تطرح مرجعيات أخرى، وبدلاً من الخوف من سيطرة التدين على الناس بالمعنى الفكري والقيمي لا التعبدي فقط لا بد من الخوف من سيطرة الإعلام والاتصال والتعليم المعلمن والمعولم مما يقضي على أية حياة خاصة أو هوية ويحول الإنسان إلى فريسة لعمل لا ينتهي من أجل المال (القوة) أو لأهواء لا تسمح بأقل قدر من التوازن والثبات .
إن ما يحتج به العلمانيون من أجل إقصاء الدين عن الحياة هو مسألة التسامح ومشكلة الأقليات والحوار مع الآخر، وهي مشكلات لا أصل لها ولا وجود عند المسلم الواعي، بل لعلنا نقول: إن التجربة التاريخية الإسلامية قد قدمت خير نموذج فعلي لحل هذه المسائل، فالإسلام يقدم الحل الناجع من خلال فهمه لسنة التعدد والاختلاف ولقيمة الحرية الدينية شريطة عدم الإفساد في الأرض واحترام عقائد الناس ومشاعرهم الدينية.