صفحة 1 من 1

العالم المعاصر سياسيا

مرسل: الأحد ديسمبر 08, 2013 6:39 am
بواسطة مهند العامر20
العالم المعاصر سياسيا:
إن العالم المعاصر كما اتضح حتى الآن هو عالم متنوع شديد التعـقـيـد
متعدد الأجزاء. و‹كون فهم العالم فهما علميا و‹كون فهمه فهما اقتصاديا وتاريخيا وكذلك ‹ فهمه جغرافيا وحضاريا وعسكريا. إن فهم العالـم المعاصر فهما شموليا يتطلب تعاون جميع فروع الدراسات الإنسانية والمدارس النظرية لكي يتسنى لها الإحاطة بالمكونات اللا متناهيـة لـلـعـالـم المـعـاصـر.وتبدأ هذه المكونات اللا متناهية بالإنسان الذي يقطن العالم المعاصر والذي يزيد تعداده على خمسة آلاف مليون نسمة ويشكل كل فرد من هؤلاء)مخلوقا فريدا ليس له نظير ولن يكون له نظير لاحق(بل إن كل فرد من هؤلاءهو عالم قائم ومستقل بحد ذاته له خصوصياته وله بيئته وميزاته الفريدة.ولا تنتهي مكونات العالم المعاصر عند الإنسان حيث إنها تتضمن أيضا دول العالم التي تختلف في اقـتـصـاديـاتـهـا ونـظـمـهـا وإيـديـولـوجـيـاتـهـا وكـذلـك المؤسسات والمنظمات الدولية التي يـزيـد عـددهـا حـالـيـا عـلـى ثـلاثـة آلاف منظمة بالإضافة إلى البيئة والنظم الدولية والمناطق الجغرافية والحضارية
والثقافية والتي تتباين أشد التباين. إن صعوبة الإحاطة الشاملة بمكونات العالم المعاصر اللامتناهية تجعل من المفيد التركيز على كل جزء للـتـعـرف
على تعقيداته وتداخلاته. والسؤال الآن هو: كيف يبدو العالم المعاصر منحولنا سياسيا? وكيف ينظر علم السـيـاسـة وعـلـمـاء الـسـيـاسـة إلـى عـالمـنـا
المعاصر?
ينقسم العالم المعاصر سياسيا إلى وحدات سـيـاسـيـة مـتـعـددة كـالـدول والمنظمات الدوليـة والإقـلـيـمـيـة والـشـركـات مـتـعـددة الجـنـسـيـات والمحـاور والأحلاف العسكرية والأحزاب الأممية وكذلك النظام الـسـيـاسـي الـعـالمـي الذي يجسد تفاعل وتداخل هذه الأجزاء مع بعضها بعض. لكن رغم تعدد الـوحـدات الـسـيـاسـيـة فــي الــعــالــم المــعــاصــر تــظــل الــدولــة هــي وحــدتــه الارتكازية. ويبلغ عدد الدول المستقلة في العالم المعاصر أكثر من ١٥٠ دولة بعد أن كان العدد لا يتـجـاوز ٥٠ دولة سنـة ١٩٤٥و تتمتع كل دولة مـن هـذه الدول بسيادتها المطلقة وتقرر مصالحها القومية العليا وœتلـك كـل مـنـهـا قوة مادية ومعنوية خاصة تعتبر القوة الفاعلة الرئيسة في السياسة الدولية.وتسيطر الدول على العالم المعاصر سيطرة اقتصادية وجغرافية وسكانيـة وسياسية كاملة. فلقد أصبحت كل بقعة من بقاع الأرض تحت سيطرة دولة ما كما أصبح كل فرد من سكان العالم ملزم بدولته ولا يستطيع أي إنسان الآن الخروج أو الدخول من دولة إلى دولة أخرى كما كان يفعل الإنسان في العصور الأخرى من دون إذن ووثيقة رسمية.ولقد أصبح الإنسان المعاصـر
ضائعا وغير معترف به ولا وجود شرعي له من دون الانتماء القانوني إلى دولة ما تحتضنه وتعترف بوجوده وبالتالي أصبح الانتماء إلى دولة ما أحد أهم ضرورات الحياة في العالم المعاصر.فالدولة في عـالمـنـا المـعـاصـر هـي التي تعطي الإنسان الاعتراف الرسمي والشرعي بولادته وبوجوده على الأرض لكن رغم أن الدولة هي الوحدة السياسية إلا أنها حتما ليست الوحدة الوحيدة المكونة للعالم المعاصر.فالعالم المعاصر يتكون أيضا من منظـمـات دولية وإقليمية حكومية وغير حكومية تشمل بنشـاطـاتـهـا جـمـيـع اﻟﻤﺠـالات الإنسانية كالأنشطة السياسية والقانونية والاجتماعية والثقافية والعلمية والـصـحـيــة والــديــنــيــة والــريــاضــيــة والــســيــاســيــة والــتــجــاريــة والعــالــيــة والاقتصادية.يقول الدكتور إسماعـيـل صـبـري مـقـلـد فـي كـتـابـه الـعـلاقـات السياسية الدولية: »إن من الظواهر المتميزة للعلاقـات الـدولـيـة فـي الـقـرن العشرين انبثاق التنظيمات والمؤسسات الدولية على نطاق لم يشهده اﻟﻤﺠتمع الدولي في أي مرحلة سابقة مـن مـراحـل تـطـوره« ورغم أن المنظـمـات الدولية لم تصل حتى الآن إلى طور إلغاء دور الدولة إلا أنها أصبحت فـي هذا العصر قوة ذات تأثير متزايد في اﻟﻤﺠتمع الدولي بحيث لم تعد الدولة هي القوة الوحيدة التي تحتكرا لقرارات في العلاقات الدولـيـة كـمـا كـانـت نفعل خـلال الــ٤٠٠ سنة الماضية.إن الهدف الجوهري من قيام المـنـظـمـات الدولية هو تخفيف التوترات وتقليص حجم الفوضى التي œيزيد العالم المعاصر سياسيا كما تهدف هذه المنظمات إلى تعميق مظاهر ومجالات التعاون بالدول وتنظيم شؤون اﻟﻤﺠتمع الدولي. باختصار فإن العالم المـعـاصـر وخـصـوصـا مـنـذ سنة ١٩٤٥هو عالم يـتـأثـرمباشرة بسياسات وقرارات دولتان œتمتلكان قدرات وإمكانات ضخمة وكونية الطابع هما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والعـالـم المـعـاصـر الـذي يتأثر بتوجهات هاتين الدولتين هو أيضا مـنـقـسـم إلـى شـرق وغـرب وإلـى كتلتين إيديولوجيتين وعسكريتين متناحرتين ومتنافستين على زعامة العالم وهما حلف شمال الأطلسي وحلف وارسو. كذلك فإن العالم المـعـاصـر هـو عالم يشهد انتشارا ملحوظا في عدد الشركات متعددة الجنسيات ويشهد أيضا Šنموا متزايدا في عدد المنظمات الدولية والإقليمية التي تؤدي وظائف متعددة œس جميع مجالات الحياة المعاصرة. لكن يظل العالم المعاصر في شكله السياسي هو في جوهره عالم يتكون من ١٥٠ دولة مستقلة هي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. لذلك فإنه مـهـمـا تـعـددت وتـنـوعـت الـوحـدات السياسية المكونة للعالم المعاصر تظل الدول القومية محتفظة بـحـوريـتـهـا وتأتي في مقدمة المكونات السياسية التي تشكل في مجموعـهـا مـا يـعـرف بالنظام السياسي العالمي.