- الأحد ديسمبر 08, 2013 8:36 am
#68585
العروة الوثقى هي المجلة التي أصدرها جمال الدين الأفغاني والإمام محمد عبده في فرنسا في أواخر القرن الماضي ومطالع هذا القرن.
وعندما يطلع المرء على بعض أعدادها، ويقارن بين ما يصدر من صحفٍ ومجلات باللغة العربية في أوروبا، وبين ذلك الوقت يصاب بحالة من الدهشة.. لذلك الفرق الشاسع الذي يستخلصه من المقارنة.
ففي العروة الوثقى للأفغاني وعبده صورةٌ مشرقةُ اللمحات زاهيةُ القسمات، يسطع منها نورٌ، وتبثق فيها نارٌ.. ويقف المطلعُ عليها أمام عبقري من عباقرة العصر، أصبحت شخصيته في نظر الشعوب الشرقية رمزاً حياً للكفاح المتواصل من أجل التحرر السياسي، وأضحى اسمه علماً خفاقاً للإصلاح المستنير النازع إلى صون كرامة الإنسان، الساعي إلى إيقاظ الشعور بحق المواطن في البلاد المغلوبة على أمرها، أو الواقعة تحت نير الاستعمار الغربي في القرون الماضية.
ومع أن جمال الدين الأفغاني قد انتسب بمولده ومسقط رأسه إلى أفغانستان أو إيران، فقد كان بروحه ومنازع فكره شرقياً مُسلماً، بعيداً عن أن يُطبق حدود الوطنية الضيقة، وطنية الأرضِ والجنسِ.. وكان الأفغاني في حياته سائحاً جوّاباً طوّافاً في آفاق الشرق والغرب.. فزار بلاد العرب، وأقام في مصر وتركيا، وقضى فترة من شبابه بالأفغان، وإيران، والهند، والعراق.. وزار كثيراً من عواصم أوروبا، وقيل أيضاً إنه زار أمريكا.
ولا شك أن سياحاته الكثيرة واطلاعاته الواسعة، قد زوّدته معرفة عميقة بالرجال والشعوب.. وهيأت له إحاطة تامة بمختلف التيارات الفكرية في زمانه.
ولم يستقر الرجل في وطنٍ خاص، وكأنما أراد أن يكون مواطناً للشرق الإسلامي كله، إن لم يتيسر له أن يكون مواطناً للعالم كله، على غرار الحكم الرواقي.. ولا عجب فقد كان ذلك الشرق فيما علمنا مما كتب بقلمه، ومن تراجم سيرته هو شغله الشاغل في حياته كلها.. ويهتف باسمه في حلّه وترحاله، وكان لسان حاله قول شاعرنا العربي المعاصر:
طمعٌ ألقى عن الغرب اللثاما فاستفق يا شرق واحذر أن تناما
وكذلك كانت حياة جمال الدين الأفغاني جهاداً بالقلم واللسان لإثبات أن الدين الإسلامي ليس صيغاً جامدة، ولا جثةً هامدة، ولكنه خليقٌ إذا نحن خلصناه من شوائب الخزعبلات الدخيلة على العقيدة الأصيلة، أن يصبح قوة حية فعالة في العالم، وأن يلتقي في وئام مع أعمق حاجاتنا العصرية، وأن يستجيب على الدوام لجميع مطالب التقدم العلمي.
وإذا نظرنا إلى هذا الدين من الناحيتين الاجتماعية والسياسية وجدنا عقيدته في صميمها عقيدة سمحة حرة ديمقراطية، تمنح الأفراد والشعوب حق المشاركة في تدبير أمور الدول، وفي الرقابة على حكامها.
ورأى جمال الدين الأفغاني أن في الغرب تقدماً عقلياً ومادياً، ورأى روح تعصُّب على الشرق وعدواناً عليه، فسعى سعياً حثيثاً إلى جمع شتات أهل الشرق وتوحيد كلمتهم، وإيقاظ هممهم، والذود عن كيانهم.
وكم كان جمال الدين الأفغاني يبغض الطائفية، وقال بهذا الصدد: "لقد ظللنا نتناحر عن أحقية الخلافة لهذا الصحابي أو ذاك لقرونٍ طويلة، إلى أن آلت الخلافة للأجانب، ونحن لا زلنا على خلافاتنا".. رحم الله جمال الدين الأفغاني.. إن أفكاره التي كان ينادي بها تترجمها صرخات الإنسان العربي في الربيع الذي نعيشه.
وعندما يطلع المرء على بعض أعدادها، ويقارن بين ما يصدر من صحفٍ ومجلات باللغة العربية في أوروبا، وبين ذلك الوقت يصاب بحالة من الدهشة.. لذلك الفرق الشاسع الذي يستخلصه من المقارنة.
ففي العروة الوثقى للأفغاني وعبده صورةٌ مشرقةُ اللمحات زاهيةُ القسمات، يسطع منها نورٌ، وتبثق فيها نارٌ.. ويقف المطلعُ عليها أمام عبقري من عباقرة العصر، أصبحت شخصيته في نظر الشعوب الشرقية رمزاً حياً للكفاح المتواصل من أجل التحرر السياسي، وأضحى اسمه علماً خفاقاً للإصلاح المستنير النازع إلى صون كرامة الإنسان، الساعي إلى إيقاظ الشعور بحق المواطن في البلاد المغلوبة على أمرها، أو الواقعة تحت نير الاستعمار الغربي في القرون الماضية.
ومع أن جمال الدين الأفغاني قد انتسب بمولده ومسقط رأسه إلى أفغانستان أو إيران، فقد كان بروحه ومنازع فكره شرقياً مُسلماً، بعيداً عن أن يُطبق حدود الوطنية الضيقة، وطنية الأرضِ والجنسِ.. وكان الأفغاني في حياته سائحاً جوّاباً طوّافاً في آفاق الشرق والغرب.. فزار بلاد العرب، وأقام في مصر وتركيا، وقضى فترة من شبابه بالأفغان، وإيران، والهند، والعراق.. وزار كثيراً من عواصم أوروبا، وقيل أيضاً إنه زار أمريكا.
ولا شك أن سياحاته الكثيرة واطلاعاته الواسعة، قد زوّدته معرفة عميقة بالرجال والشعوب.. وهيأت له إحاطة تامة بمختلف التيارات الفكرية في زمانه.
ولم يستقر الرجل في وطنٍ خاص، وكأنما أراد أن يكون مواطناً للشرق الإسلامي كله، إن لم يتيسر له أن يكون مواطناً للعالم كله، على غرار الحكم الرواقي.. ولا عجب فقد كان ذلك الشرق فيما علمنا مما كتب بقلمه، ومن تراجم سيرته هو شغله الشاغل في حياته كلها.. ويهتف باسمه في حلّه وترحاله، وكان لسان حاله قول شاعرنا العربي المعاصر:
طمعٌ ألقى عن الغرب اللثاما فاستفق يا شرق واحذر أن تناما
وكذلك كانت حياة جمال الدين الأفغاني جهاداً بالقلم واللسان لإثبات أن الدين الإسلامي ليس صيغاً جامدة، ولا جثةً هامدة، ولكنه خليقٌ إذا نحن خلصناه من شوائب الخزعبلات الدخيلة على العقيدة الأصيلة، أن يصبح قوة حية فعالة في العالم، وأن يلتقي في وئام مع أعمق حاجاتنا العصرية، وأن يستجيب على الدوام لجميع مطالب التقدم العلمي.
وإذا نظرنا إلى هذا الدين من الناحيتين الاجتماعية والسياسية وجدنا عقيدته في صميمها عقيدة سمحة حرة ديمقراطية، تمنح الأفراد والشعوب حق المشاركة في تدبير أمور الدول، وفي الرقابة على حكامها.
ورأى جمال الدين الأفغاني أن في الغرب تقدماً عقلياً ومادياً، ورأى روح تعصُّب على الشرق وعدواناً عليه، فسعى سعياً حثيثاً إلى جمع شتات أهل الشرق وتوحيد كلمتهم، وإيقاظ هممهم، والذود عن كيانهم.
وكم كان جمال الدين الأفغاني يبغض الطائفية، وقال بهذا الصدد: "لقد ظللنا نتناحر عن أحقية الخلافة لهذا الصحابي أو ذاك لقرونٍ طويلة، إلى أن آلت الخلافة للأجانب، ونحن لا زلنا على خلافاتنا".. رحم الله جمال الدين الأفغاني.. إن أفكاره التي كان ينادي بها تترجمها صرخات الإنسان العربي في الربيع الذي نعيشه.