صفحة 1 من 1

تطهير سوريا

مرسل: الأحد ديسمبر 08, 2013 7:03 pm
بواسطة طارق الزهراني 333
حماده فراعنه
من على شاشة، إحدى القنوات العربية، سمعت أحد “المجاهدين”، يقف بجانب مدفع الهاون، ومعه عدد من الملتحين، ويعلن بقوله “والأن قصف مواقع النظام في مشفى برزه” وتظهر نتائج القصف العشوائي، على بنايات المستشفى، ويتلوا بياناً جهادياً أخر بقوله “والأن قصف مساكن برزه”، ويظهر أثار القصف على عمارات سكنية، حيث الدمار والخراب والغبار واللون الأسود الفاقع، ويشرح المجاهد، عن سبب إستهداف هذه المساكن فيقول ” إنها بيوت عائلات كبار الضباط”.
ويمر التقرير، على شاشة القناة الرصينة، بدون أدنى إحتجاج من أحد، أو أن يسأل أحدهم عن نتائج القصف بقتل أبرياء وسقوط ضحايا من المدنيين بشر ومباني ومؤسسات، ولماذا قصف المستشفى ومساكن عائلات؟؟.
نفهم أن المجاهدين يعملون على تطهير سوريا من رموز النظام وإجتثاث مؤسساته وإزالة أجهزته، ولكن لماذا يتقصدون تطهير سوريا من شعبها ، وترحيلهم هرباً من القصف ؟؟ ودفعهم نحو اللجوء والتشرد خارج بيوتهم، وربما خارج سوريا للبلدان المجاورة ؟؟ لماذا يتم المس بهم وتعمد إيذائهم ؟؟.
عوامل عديدة تضع إجابات على التساؤلات أولاً: لأن هؤلاء المجاهدين من غير السوريين، فيجهلون طبيعة المواقع التي يتعرضون لها ولسكانها، فلا يفرقون بين المستشفى والأحياء المدنية من جهة، وبين المؤسسات العسكرية، ومنشأت الأجهزة الأمنية، من جهة أخرى !
ثانياً : إنهم يعملون على الطريقة الجزائرية ، بإستهداف المدنيين لأنهم لا يشاركون بالثورة، وما داموا كذلك، يجب التخلص منهم ، خاصة أن جزءاً من هذه العائلات ينتمي أحد أفرداها للمؤسسة العسكرية أو الأمنية، ولذلك يجب أن تدفع ثمن صلتها بالنظام !
ثالثاً : بهدف دفع المدنيين للرحيل عن الأحياء ، كي تتحول بيوتها إلى حواجز وسدود وسواتر إسمنتية للمجاهدين في معركة حرب الشوارع ضد النظام والجيش .
الحراك السوري بدء شعبياً وإحتجاجياً ، يتوسل الديمقراطية والتعددية والإحتكام إلى صناديق الإقتراع وصولاً نحو قيم ومظاهر تداول السلطة، فحظي بالعطف والتفهم والتأييد، لأن ذلك حقاً للسوريين ولكافة الشعوب العربية، أسوة بالشعوب المتقدمة المتحضرة، ولكن الحراك الإحتجاجي السلمي، تحول من مظاهر مدنية إلى ظواهر مسلحة، وعمليات تفجيرية، وسيارات مفخخة، لا تستهدف رموز النظام ومؤسساته فحسب ، بل تدمير سوريا ، وتشريد شعبها، وإضعاف جيشها وجعلها بلا هوية وبلا قيمة ، وتتحول إلى عبء على نفسها وعلى كل من يقف معها ، أمام عدو يحتل جزءاً من أرضها في الجولان منذ عام 1967 ، وحتى يومنا هذا، وهي غير قادرة على تحرير أراضيها المحتلة، بما توفر لديها، فكيف سيكون الحال بعد تمزيقها وتدميرها وإضعافها ؟؟.
الذين مع النظام نقول لهم لماذا أنتم مع الإصلاحات والديمقراطية والتعددية والإحتكام إلى صناديق الإقتراع عندنا، ولستم مع نفس السياسة والمنطق في سوريا ؟؟ والذين مع الثورة نقول لهم لماذا أنتم مع الخراب والأغتيالات والسيارات المفخخة في سوريا وترفضون ولا شك ذلك في بلدكم ؟؟.
لذلك الموقف الأردني الصائب والنزيه هو مع وحدة سوريا أولاً، ومع الجلوس على طاولة المفاوضات بين طرفي الصراع ثانياً ومع التوصل إلى حلول سياسية واقعية تحفظ لسوريا أمنها وشعبها وتقدمها وديمقراطيتها ثالثاً، لأن في ذلك أمن وحماية لنا كأردنيين ولكل العرب، ولهذا وسع الأردن صدره وأراضيه وتحمل أعباء إستقبال النازحين الناجين، من موقع المسؤولية القومية والإنسانية، ورفض أن تكون أراضينا منطلقاً للمس بأمن سوريا وخرابها.