موقف واشنطن من الإتحاد الخليجي ؟
مرسل: الأحد ديسمبر 08, 2013 7:19 pm
نزار السامرائي
انتهت القمة التشاورية الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في الرياض في الرابع عشر من الشهر الجاري، وخالفت التوقعات المتفائلة لمعظم السياسيين المتابعين للشأن الخليجي، وخاصة ما يتصل بمواجهة المشروعات الإيرانية في منطقة الخليج العربي، وذهب أولئك المراقبون إلى ترجيح خروج القمة، بإعلان شكل من أشكال الاتحاد بين دول المجلس، استنادا إلى دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي أطلقها في آخر قمة للمجلس في عام 2011، ودعا فيها إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد للدول الست.
وبدلا من الإعلان عن قيام الاتحاد، أو على الأقل الإعلان عن قيام اتحاد ثنائي بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، والتي ارتفع سقف التوقعات بشأنها إلى ذروة الأمل، بدلا من ذلك تم الاعلان عن الدعوة لعقد قمة طارئة جديدة للدول الخليجية في الرياض، لمناقشة هذا الملف الخطير والحيوي لأمن المنطقة والعالم، والذي لا يرتبط بمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الخليج العربي فقط، وإنما يحدد مصيرها للخمسين عاما القادمة على الأقل، لاسيما مع تعاظم الخطر الإيراني الذي أصبح رقما يحمل صلف الثرثرة الاستفزازية، في معادلة القلق الإقليمية، كل هذا التحول حصل بعد احتلال العراق وبتواطؤ إيراني أمريكي، وقد كشفت ذلك عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق في جانب من مذكراته، والتي أشار إليها الصحفي جهاد الزين في صحيفة النهار اللبنانية في عددها ليوم 12 مايو 2012، وأشار فيها إلى أن آخر مؤتمر لما يسمى بالمعارضة العراقية التي تحكم الآن، والذي انعقد في لندن قبيل أشهر من بدء الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، قد تم برعاية أمريكية إيرانية وحضره من الجانبين أعضاء في وكالة المخابرات المركزية والاستخبارات الإيرانية، وأن الوفدين هما من أشرف على نجاح المؤتمر.
الرقم المهمل أصبح فاعلا
تحولت إيران في أخطر نتيجة من تداعيات احتلال العراق، من رقم مهمل على الخطوط الخلفية لمسرح أحداث الشرق الأوسط والخليج العربي، إلى رقم فاعل في المعادلة الاستراتيجية للمنطقة، تتجنب دول الإقليم التقرب من حصونها خشية من مخالبها، وخاصة مع عدم وجود قوة الردع التي تعيدها إلى داخل حدودها الدولية، ولولا التناغم الخفي بين المشروعين الرئيسيين اللذين يراد لهما التحكم بأوضاع المنطقة، وهما المشروع الصهيوني التوسعي والمشروع الفارسي التوسعي، ما كان للغّة المرتفعة الصوت التي تتردد أصداؤها في طهران، أن تثير كل هذه الهواجس والمخاوف في المنطقة.
لم تأت أجواء التفاؤل بشأن القمة التشاورية لدول مجلس التعاون الخليجي من فراغ، فالدعوة للاتحاد خرجت من رحم المجلس نفسه، ومن أكبر دولة فيه، وهي المملكة العربية السعودية، والتي في حال قيام الاتحاد، ستتعاظم مسؤولياتها وواجباتها داخل المجلس، ويمكن أن تتحمل أعباء اقتصادية ومالية وسياسية وأمنية كبيرة، تضاف إلى ما تتحمله حاليا في مواجهة التغلغل الفارسي في منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي وعلى مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي، بعد خروج العراق من معادلة التوازن الإقليمي، وانكفاء مصر منذ بداية الثورة المستمرة فيها وإلى أن تستقر أوضاعها، وانشغال باكستان بأزماتها الداخلية وتوترات علاقاتها مع الولايات المتحدة.
من راهن على إمكانية التوصل إلى اتفاق بين دول المجلس، فقد وضع في حسابه أن القوى الدولية الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، لم تعارض حتى الآن (بصورة علنية على الأقل)، قيام أي شكل من أشكال الاتحاد لدول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة أن دوله من دون استثناء تحتفظ بعلاقات قوية مع الدول الكبرى كلها، ولا يمكن افتراض حصول التصادم لا الآن ولا في الأفق المنظور بينها، ثم أن مركز الكتلة الجديدة التي ينتظر ميلادها، تقع في منطقة باتت مركز استقطاب وتقاطعات لمصالح متضاربة تخص قوى إقليمية ودولية أخرى، مما قد يضطر الإدارة الأمريكية للذهاب في خياراتها الاستراتيجية، إلى أكثر من مجرد التواجد الثابت أو المتحرك لأسطولها الحربي البحري في منطقة الخليج العربي والبحر العربي والمحيط الهندي، بل قد تضطر لوضع الخطط اللازمة لحماية مصالحا في انتظام خطوط مواصلات الطاقة، فالاتحاد الجديد الذي يخدم أمن دول مجلس التعاون بالدرجة الأولى، سيؤمن مصالح المجتمع الدولي في الحصول الطاقة الزهيدة، وهذا الاتحاد يضم في صفوفه دولا صديقة بدرجات متفاوتة للولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، مما يمنع التحفظات القائمة على أساس المخاوف من نوايا هذا المشروع على المديين المتوسط والبعيد، وفي حال نشوئه فإنه قادر على النهوض بدور إقليمي محوري بتنسيق عال مع مؤسسة الجامعة العربية، لمواجهة الأخطار المتنامية لإيران، والتي تسعى لربط دول المنطقة بمشروع ولاية الفقيه، لتنطلق منها ولتتحكم فيما بعد بالقرارات الاستراتيجية في سوق الطاقة في العالم والممرات البحرية الدولية.
أمريكا والاتحاد الخليجي
ولكن هذا لا يمنع من طرح سؤال جدي وملح إزاء المشهد السائد والساخن، هل أن الولايات المتحدة تشعر بارتياح حقيقي إذا ما نشأ اتحاد خليجي بدلا من مجلس التعاون؟ أم أنها ستقاوم هذه الفكرة عبر أدوات محلية؟ سواء بال
انتهت القمة التشاورية الأخيرة لمجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في الرياض في الرابع عشر من الشهر الجاري، وخالفت التوقعات المتفائلة لمعظم السياسيين المتابعين للشأن الخليجي، وخاصة ما يتصل بمواجهة المشروعات الإيرانية في منطقة الخليج العربي، وذهب أولئك المراقبون إلى ترجيح خروج القمة، بإعلان شكل من أشكال الاتحاد بين دول المجلس، استنادا إلى دعوة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي أطلقها في آخر قمة للمجلس في عام 2011، ودعا فيها إلى الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد للدول الست.
وبدلا من الإعلان عن قيام الاتحاد، أو على الأقل الإعلان عن قيام اتحاد ثنائي بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، والتي ارتفع سقف التوقعات بشأنها إلى ذروة الأمل، بدلا من ذلك تم الاعلان عن الدعوة لعقد قمة طارئة جديدة للدول الخليجية في الرياض، لمناقشة هذا الملف الخطير والحيوي لأمن المنطقة والعالم، والذي لا يرتبط بمستقبل دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الخليج العربي فقط، وإنما يحدد مصيرها للخمسين عاما القادمة على الأقل، لاسيما مع تعاظم الخطر الإيراني الذي أصبح رقما يحمل صلف الثرثرة الاستفزازية، في معادلة القلق الإقليمية، كل هذا التحول حصل بعد احتلال العراق وبتواطؤ إيراني أمريكي، وقد كشفت ذلك عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق في جانب من مذكراته، والتي أشار إليها الصحفي جهاد الزين في صحيفة النهار اللبنانية في عددها ليوم 12 مايو 2012، وأشار فيها إلى أن آخر مؤتمر لما يسمى بالمعارضة العراقية التي تحكم الآن، والذي انعقد في لندن قبيل أشهر من بدء الغزو الأمريكي البريطاني للعراق عام 2003، قد تم برعاية أمريكية إيرانية وحضره من الجانبين أعضاء في وكالة المخابرات المركزية والاستخبارات الإيرانية، وأن الوفدين هما من أشرف على نجاح المؤتمر.
الرقم المهمل أصبح فاعلا
تحولت إيران في أخطر نتيجة من تداعيات احتلال العراق، من رقم مهمل على الخطوط الخلفية لمسرح أحداث الشرق الأوسط والخليج العربي، إلى رقم فاعل في المعادلة الاستراتيجية للمنطقة، تتجنب دول الإقليم التقرب من حصونها خشية من مخالبها، وخاصة مع عدم وجود قوة الردع التي تعيدها إلى داخل حدودها الدولية، ولولا التناغم الخفي بين المشروعين الرئيسيين اللذين يراد لهما التحكم بأوضاع المنطقة، وهما المشروع الصهيوني التوسعي والمشروع الفارسي التوسعي، ما كان للغّة المرتفعة الصوت التي تتردد أصداؤها في طهران، أن تثير كل هذه الهواجس والمخاوف في المنطقة.
لم تأت أجواء التفاؤل بشأن القمة التشاورية لدول مجلس التعاون الخليجي من فراغ، فالدعوة للاتحاد خرجت من رحم المجلس نفسه، ومن أكبر دولة فيه، وهي المملكة العربية السعودية، والتي في حال قيام الاتحاد، ستتعاظم مسؤولياتها وواجباتها داخل المجلس، ويمكن أن تتحمل أعباء اقتصادية ومالية وسياسية وأمنية كبيرة، تضاف إلى ما تتحمله حاليا في مواجهة التغلغل الفارسي في منطقة الجزيرة العربية والخليج العربي وعلى مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي، بعد خروج العراق من معادلة التوازن الإقليمي، وانكفاء مصر منذ بداية الثورة المستمرة فيها وإلى أن تستقر أوضاعها، وانشغال باكستان بأزماتها الداخلية وتوترات علاقاتها مع الولايات المتحدة.
من راهن على إمكانية التوصل إلى اتفاق بين دول المجلس، فقد وضع في حسابه أن القوى الدولية الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة، لم تعارض حتى الآن (بصورة علنية على الأقل)، قيام أي شكل من أشكال الاتحاد لدول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة أن دوله من دون استثناء تحتفظ بعلاقات قوية مع الدول الكبرى كلها، ولا يمكن افتراض حصول التصادم لا الآن ولا في الأفق المنظور بينها، ثم أن مركز الكتلة الجديدة التي ينتظر ميلادها، تقع في منطقة باتت مركز استقطاب وتقاطعات لمصالح متضاربة تخص قوى إقليمية ودولية أخرى، مما قد يضطر الإدارة الأمريكية للذهاب في خياراتها الاستراتيجية، إلى أكثر من مجرد التواجد الثابت أو المتحرك لأسطولها الحربي البحري في منطقة الخليج العربي والبحر العربي والمحيط الهندي، بل قد تضطر لوضع الخطط اللازمة لحماية مصالحا في انتظام خطوط مواصلات الطاقة، فالاتحاد الجديد الذي يخدم أمن دول مجلس التعاون بالدرجة الأولى، سيؤمن مصالح المجتمع الدولي في الحصول الطاقة الزهيدة، وهذا الاتحاد يضم في صفوفه دولا صديقة بدرجات متفاوتة للولايات المتحدة والاتحاد الأوربي، مما يمنع التحفظات القائمة على أساس المخاوف من نوايا هذا المشروع على المديين المتوسط والبعيد، وفي حال نشوئه فإنه قادر على النهوض بدور إقليمي محوري بتنسيق عال مع مؤسسة الجامعة العربية، لمواجهة الأخطار المتنامية لإيران، والتي تسعى لربط دول المنطقة بمشروع ولاية الفقيه، لتنطلق منها ولتتحكم فيما بعد بالقرارات الاستراتيجية في سوق الطاقة في العالم والممرات البحرية الدولية.
أمريكا والاتحاد الخليجي
ولكن هذا لا يمنع من طرح سؤال جدي وملح إزاء المشهد السائد والساخن، هل أن الولايات المتحدة تشعر بارتياح حقيقي إذا ما نشأ اتحاد خليجي بدلا من مجلس التعاون؟ أم أنها ستقاوم هذه الفكرة عبر أدوات محلية؟ سواء بال