دستور للدولة .. أم لأعدائها ؟ .. بقلم جلال عارف
مرسل: الأحد ديسمبر 08, 2013 9:45 pm
فى نفس الوقت الذى كان أصدقاء الشهيد «جيكا» من شباب الثورة ينظّمون وقفة سلمية، أول من أمس، أمام نقابة الصحفيين، طلبًا للقصاص من قاتليه، كانت مصر تودّع شهيدين جديدين من ضباط الشرطة سقطا بيد الغدر وسلاح الإرهاب.
فى المساء، كنا أمام المشهد المحزن أمام مجلس الشورى ومنطقة وسط البلد، والصدام المؤسف بين الشباب ورجال الشرطة، لم تكن هناك ضحايا والحمد لله، لكن مقدار الحزن الذى سكن قلوب الخائفين على الوطن كان بلا حدود.
ليس هذا وقت تبادل الاتهامات، ولكنه وقت محاصرة الحريق الذى يريد البعض به إحراق الوطن أو سرقة الثورة مرة أخرى!! ليس هذا وقت التشرذم وتفتيت الصفوف، بل وقت إنقاذ سفينة الوطن التى يريد لها البعض أن تغرق، بينما الركاب يتنازعون على لا شىء!!
مَن قتل «جيكا» هو مَن يقتل اليوم جنودنا فى سيناء من رجال الجيش والشرطة، وهو الذى يقتل الأطفال ويحرق الكنائس ويعد قوائم الاغتيال التى لا تفرق بين يمين ويسار، ولا بين مدنى وعسكرى، فالإرهاب أعمى، والمؤامرة تستهدف مصر لا فريقًا فيها، والتجربة ليست بعيدة يا أولى الألباب، حين وقف مرسى قبل عزله بأيام وسط جنرالات الإرهاب يهددون مصر كلها بالموت، وبأن قتلاهم فى الجنة وقتلانا فى النار!!
ليست صدفة أننى كتبت أمس عن تحالف الثورة الذى لا بد أن يكون الحفاظ عليه هو مهمتنا الأولى فى هذه المرحلة، فأنا -مثل غيرى- نرى الخطر ماثلًا، ونخشى من أن نهدر جميعًا الدروس التى لا بد أن نتعلّمها من الفشل الذى حققناه بعد ثورة يناير، وكيف ارتكبنا كل الأخطاء الممكنة، فجعلنا سرقة الثورة من جانب الإخوان هى النتيجة الحتمية التى كادت تعصف بالوطن وتقوده إلى الكارثة، لولا إرادة شعب مصر التى فرضت على الجميع أن يتوحّدوا ليسقطوا الحكم الفاشى ويستعيدوا الثورة لأصحابها!!
ليس الخطير أن هناك خلافًا -مهما كان حجمه- على قانون التظاهر أو على مواد الدستور، الخطورة الحقيقية أن البعض يريد لنا بعد 30 يونيو أن نعيد إنتاج الفشل الذى حققناه بعد ثورة يناير. وهذا هو المستحيل الذى لا ينبغى أن تكون أمامه أى فرصة للتحقق!!
الأخطاء فى القانون واردة، والحكومة نفسها اعترفت بها حين قررت طرح القضية للنقاش من جديد «ما كان من الأول!!».. والخلافات حول مواد الدستور لن تنتهى حتى بعد إقراره، وعلينا أن لا نتوقف عن القتال من أجل دستور يليق بمصر ويحافظ على وحدة تحالف الثورة، ويكون الأساس لبناء النظام الذى يستطيع تحقيق أهدافنا فى دولة حديثة وديمقراطية.
المهم فى كل ذلك.. أن نختلف ونحن حلفاء، وأن ندرك أن هذا ليس وقت توزيع المكاسب بل تقديم التضحيات، نحن فى حرب حقيقية، وفى الحرب ينسى رفاق السلاح خلافاتهم الصغيرة ليواجهوا العدو، لينتصروا فى المواجهة، عدوّنا الآن هو الإرهاب الذى يقوده الإخوان وحلفاؤهم لتدمير الوطن، وهو التآمر الخارجى الذى يقدّم الدعم لهذا الإرهاب والذى لا يريد لثورة مصر أن تنتصر، والذى سيفعل المستحيل لتعطيل مسار بناء النظام الجديد، بدءًا من الخطوة الأساسية باستكمال الدستور «الذى نرجو أن يكون ترجمة أمينة للثورة»، والاستفتاء عليه الذى سيكون تأكيدًا جديدًا على إرادة الشعب التى أسقطت حكم الإخوان الفاشى، والتى تواجه الآن إرهابهم وتآمرهم.
يعلم الله مقدار الألم الذى أشعر به وأنا أكتب هذه الكلمات، ولو تركت العنان لنفسى لقلت الكثير عما حدث من أخطاء وخطايا فى هذه الأحداث المؤلمة وغيرها، ولكنى أؤمن أن إطفاء الحريق الصغير هو الواجب الأول الآن، وأن محاصرة آثار ما حدث هى ما ينبغى أن نوجّه إليه اهتمامنا، حتى لا يتحقق ما نخشاه وما يتمناه الأعداء!!
على الشرطة أن تدرك أن ممارسات الماضى لا يمكن أن تعود، وأن حمايتها الحقيقية تأتى بأن تكون مع قوى الثورة على خط واحد لبناء الدولة وتحقيق الاستقرار، وعلى قوى الثورة أن تدرك أن الشعب لن يسمح بعد 30 يونيو بتكرار الفشل الذى تحقّق بعد يناير، ولن يترك مصيره للخلافات الصغيرة أو التناقضات الثانوية، وأنه لن يتسامح مع أى خطوة تصب فى مصلحة تحالف الإرهاب بقيادة الإخوان أو مؤامرات الأعداء لسرقة الثورة مرة أخرى، أو لإغلاق الطريق على بناء مصر التى نحلم بها وطنًا للحرية والعدل.
قبل أيام رفض الدكتور الببلاوى اعتبار «الإخوان» جماعة إرهابية!! عنده حق، وإلا فكيف يمكن تبرير إلقاء فتيات فى الصحراء فجرًا كما حدث أمس؟! وكيف يمكن التعامل مع شباب هم -رغم أى خلاف أو اتفاق- جزء من تحالف الثورة، بهذه الكيفية؟ وهل كان يمكن أن يحدث ذلك لو كانت لدينا حكومة لا تعتبر أن تعاطى السياسة رجس من عمل الشيطان؟!
■ الخضيرى.. والعيب
أختلف أو أتفق مع المستشار محمود الخضيرى، لكن ما يحدث معه يدخل فى دائرة العيب، هل هناك عقل رشيد يوقف هذه الخطيئة؟!