الجانب السياسي في الحضارة الإسلامية
مرسل: الاثنين ديسمبر 09, 2013 12:23 am
جاء الإسلام رحمة للعالمين، وجاءت تعاليم الإسلام لتضمن سلامة المجتمع البشري من التفكك والضعف والانحلال، ولتضمن سعادته في الدنيا والآخرة، ولقد تمسك بها الصحابة -رضي الله عنهم- فخضعت لهم الدنيا، وأسسوا للإسلام دولة واسعة الحضارة، قوية البناء، محبة للعلوم، والتاريخ خير شاهد على ذلك. لقد وضع الإسلام نظامًا لم يكن معروفًا في أي مجتمع من المجتمعات، ولم يكن هذا النظام تطورًا طبيعيًّا أو غير طبيعى لأي نظام سابق عليه.
إن نظام الحكم الإسلامي له أسسه وقوانينه الواضحة المستمدة من القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولأهمية الحكم في الإسلام فقد اهتم الإسلام ببيان ما على الحاكم والمحكوم، فحذر الحاكم من اتباع الهوى وشهوات النفس، قال تعالى: {فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص: 26]. وقال تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} [المائدة: 49].
وحذر الله -سبحانه- المحكوم من العصيان دون سبب مقبول شرعًا، قال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: 59].
وحرص الإسلام على أن يسود العدل بين جميع الناس، وحذر من الظلم وعواقبه، حتى مع غير المسلمين، قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعًا بصيرًا} [النساء: 58]. وقال رسول الله (: (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) [مسلم].
خصائص النظام السياسي في الإسلام:
1- نظام عالمي:
النظام السياسي الإسلامي نظام عالمي، استمد عالميته من عالمية الإسلام ذاته، ومن صلاحيته للتطبيق في كل زمان ومكان، فجعل للعلماء القادرين على الاستنتاج واستخراج الأحكام الحقَّ في الاجتهاد في تفصيل الأحكام وتوضيحها بالشكل الذي يحقق أهداف الإسلام، ويدور في إطار أحكام الإسلام العامة، وقد جاءت أحكام الإسلام في أسلوبين:
الأول: أحكام تفصيلية محددة، تبين حكمها نصوص من القرآن واضحة الدلالة، لا خلاف في معناها، وأحاديث صحيحة من السنة وطرق أدائها، وهذه التعاليم لا مجال للاجتهاد فيها بالزيادة أو النقصان مثل بعض أحكام الصلاة والزكاة والحج والمواريث وغيرها.
والثانى: أحكام جاءت من خلال الآيات التي يُختلف في تفسيرها، والأحاديث التي لم تثبت صحتها، أو ثبتت صحتها ولم يتفق العلماء فيها على معنى واحد، أو عبارة عن قواعد عامة في مجال المعاملات، وهذه من حق العلماء القادرين على الاجتهاد أن يبدوا الرأي فيها، بما يحقق مصالح المجتمع الإسلامي في زمن معين أو وضع معين، مع المحافظة على روح الشريعة، وتحقيق مقاصدها التي جاءت لمصلحة الناس.
2- المشاركة بين الفرد والمجتمع:
العلاقة بين الفرد والمجتمع في النظام الإسلامي علاقة مشاركة، فالإسلام لا يعترف بالفلسفات والمذاهب التي تجعل الفرد والمجتمع في صراع، وبعض هذه المذاهب يفضل جانب الفرد على المجتمع مثل الرأسمالية، وبعضها الآخر يفضل جانب المجتمع على جانب الفرد كما صنعت الشيوعية، أما الإسلام فهو يوازن بين الفرد والمجتمع، فهو يعترف بالمسئولية الفردية، أي مسئولية كل فرد عن أفعاله، قال تعالى: {ألا تزر وازرة وزر أخري. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 38-39]، ويشجعه على أن يتفاعل مع المجتمع، ويؤدي ما عليه تجاهه، من خير يحمله إليه، وشر يدفعه عنه، فالفرد عليه تبعات تجاه نفسه، وتجاه مجتمعه، ملزم بأدائها.
وينظم الإسلام ذلك من خلال مبدأ المسئولية الاجتماعية، وفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تعرض الرسول ( لتوضيح هذه المسئولية الجماعية من خلال المثل الذي ضربه في حديثه: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا) [البخاري].
وعلاقة الفرد بالحكومة، علاقة تعاون، فقد أعطى الإسلام الفرد حقوقه الأساسية، وألزم الحكومة باتباع القانون الرباني، وحمى الفرد من تدخل الحكومة في شئونه دون مبرر، قال تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص: 26].
وربط الإسلام الفرد المسلم بضوابط أخلاقية، وفرض عليه طاعة الحكومة المسلمة التي تطبق شرع الله، وطلب منه التعاون معها والتضحية بالنفس والمال في سبيل حمايتها، قال (: (اسمعوا وأطيعوا وإن تأمَّر عليكم عبد حبشي) [البخاري].
3- الحكومة الإسلامية نابعة من المجتمع الإسلامي:
فالإسلام لا يعترف بهيئة من خارج المجتمع الإسلامي تحكم الأمة عن طريق الاستيلاء على السلطة بالقوة وحكم الشعوب بالتسلط والقهر، قال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59].
فقوله تعالى: (منكم) يحدد نوعية الحاكم والحكومة، وهي أنها حكومة إسلامية منا، وليست من غير المسلمين، قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141].
4 - التأثير المتبادل بين التعاليم والمبادئ:
نظم الحضارة الإسلامية، الخلقي منها والاقتصادي والسياسي، كل منها يؤثر في الآخر ويتأثر به، فمثلاً بدون التعاليم والمبادئ الخلقية لا يؤدى النظام الاقتصادي دوره المنشود، ويصعب الوصول إلى ما يدعو إليه من تعاون وتكافل بين الناس، كما يسهل تسرب الفساد إلى الأجهزة السياسية وغيرها.
5 - تميز نظام الحكم الإسلامي عن النظم الغربـية:
فالنظم الغربية، تقوم على أساس الخضوع لحكم الأغلبية المطلقة -صالحة كانت أم فاسدة- فهي التي تشرع وتضع القوانين، وهي التي تحكم، أما في النظام الإسلامي، فالحاكم الحقيقي هو الله سبحانه، قال تعالى: {إن الحكم إلا لله} [يوسف: 40].
وسلطة الشعب المسلم والحكومة الإسلامية محدودة بالعمل تبعًا لأوامر الله، عن رضا واطمئنان وثقة وحب ورغبة.
خصائص الدولة الإسلامية
والدولة الإسلامية تتميز بعدة خصائص منها:
1- السير وفق قانون واضح المعالم:
القرآن الكريم والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله (، هما أساس الدستور الإسلامي، وقد يدخل في هذا الدستور من القواعد العامة أشياء غير منصوص عليها في الكتاب ولا في السنة ومع ذلك يمكن إدخالها تحت قاعدة كلية من الكتاب والسنة.
إن كل مُشَرِّع يضع القوانين التي تحمى مصالحه وتحقق أهدافه، أما في الإسلام فإن سلطة التشريع حق لله وحده، وهو لا يحابي أحدًا ولا يظلم أحدًا، ومن ثم فإن التشريع الإسلامي يتصف بالعدل، ويكره الهوى، ويتسم بالشمول.
وعلى الإنسان أن ينفذ أوامر الله سبحانه، ويحكِّم كتاب الله وسنة رسوله فيما يقع بين الناس من خلاف، قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بنهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا} [النساء: 65].
وغاية إقامة الدولة الإسلامية تنفيذ أوامر الله، وتحكيم شرعه بين الناس، ويتضح ذلك من تعريف العلماء لمنصب الخلافة أو الحكم، حيث يقولون: إن الخلافة نيابة عن النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، أي أن الحاكم المسلم أو الخليفة يقوم بمهمته نائبًا عن رسول الله ( في تبليغ أوامر الله، والعمل بها، وإلزام الناس بالعمل بها، فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا.
2- التقوى هي أساس التفاضل بين المسلمين:
التقوى والعمل الصالح والخلق الحسن أساس التفاضل بين أبناء المجتمع المسلم، وليس السلطان أو الجاه أو المركز الاجتماعي، قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]. وقال (: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى والعمل الصالح) [أحمد].
3- الوفاء بالعهود الداخلية والخارجية:
وهذا من الخصائص اللازمة والضرورية للدولة الإسلامية، لإقرار الأمن وتحقيق السلام والاستقرار، قال تعالى: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إنَّ الله يعلم ما تفعلون) [النحل: 91].
وهذا فرض ومنهج حياة لا تجوز مخالفته، قال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) [الإسراء: 34]. وذلك لنشر السلام في كل أنحاء الديار الإسلامية، لقوله (: (أفشوا السلام بينكم) [مسلم]، ولا فرق في ذلك بين مسلم وذِمِّي من رعايا الدولة الإسلامية، لقوله (: (إن الله جعل السلام تحية لأمتنا، وأمانًا لأهل ذمتنا) [البيهقي].
وفي العلاقات الخارجية فالدولة الإسلامية تدعو إلى السلام، ما لم تُنْتهك حرمات الله أو يُعتدى على أرض المسلمين، قال تعالى:{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وتظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} [الممتحنة: 8-9].
المصدر : موسوعة الأسرة المسلم
إن نظام الحكم الإسلامي له أسسه وقوانينه الواضحة المستمدة من القرآن الكريم، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولأهمية الحكم في الإسلام فقد اهتم الإسلام ببيان ما على الحاكم والمحكوم، فحذر الحاكم من اتباع الهوى وشهوات النفس، قال تعالى: {فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص: 26]. وقال تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} [المائدة: 49].
وحذر الله -سبحانه- المحكوم من العصيان دون سبب مقبول شرعًا، قال تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: 59].
وحرص الإسلام على أن يسود العدل بين جميع الناس، وحذر من الظلم وعواقبه، حتى مع غير المسلمين، قال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعًا بصيرًا} [النساء: 58]. وقال رسول الله (: (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) [مسلم].
خصائص النظام السياسي في الإسلام:
1- نظام عالمي:
النظام السياسي الإسلامي نظام عالمي، استمد عالميته من عالمية الإسلام ذاته، ومن صلاحيته للتطبيق في كل زمان ومكان، فجعل للعلماء القادرين على الاستنتاج واستخراج الأحكام الحقَّ في الاجتهاد في تفصيل الأحكام وتوضيحها بالشكل الذي يحقق أهداف الإسلام، ويدور في إطار أحكام الإسلام العامة، وقد جاءت أحكام الإسلام في أسلوبين:
الأول: أحكام تفصيلية محددة، تبين حكمها نصوص من القرآن واضحة الدلالة، لا خلاف في معناها، وأحاديث صحيحة من السنة وطرق أدائها، وهذه التعاليم لا مجال للاجتهاد فيها بالزيادة أو النقصان مثل بعض أحكام الصلاة والزكاة والحج والمواريث وغيرها.
والثانى: أحكام جاءت من خلال الآيات التي يُختلف في تفسيرها، والأحاديث التي لم تثبت صحتها، أو ثبتت صحتها ولم يتفق العلماء فيها على معنى واحد، أو عبارة عن قواعد عامة في مجال المعاملات، وهذه من حق العلماء القادرين على الاجتهاد أن يبدوا الرأي فيها، بما يحقق مصالح المجتمع الإسلامي في زمن معين أو وضع معين، مع المحافظة على روح الشريعة، وتحقيق مقاصدها التي جاءت لمصلحة الناس.
2- المشاركة بين الفرد والمجتمع:
العلاقة بين الفرد والمجتمع في النظام الإسلامي علاقة مشاركة، فالإسلام لا يعترف بالفلسفات والمذاهب التي تجعل الفرد والمجتمع في صراع، وبعض هذه المذاهب يفضل جانب الفرد على المجتمع مثل الرأسمالية، وبعضها الآخر يفضل جانب المجتمع على جانب الفرد كما صنعت الشيوعية، أما الإسلام فهو يوازن بين الفرد والمجتمع، فهو يعترف بالمسئولية الفردية، أي مسئولية كل فرد عن أفعاله، قال تعالى: {ألا تزر وازرة وزر أخري. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 38-39]، ويشجعه على أن يتفاعل مع المجتمع، ويؤدي ما عليه تجاهه، من خير يحمله إليه، وشر يدفعه عنه، فالفرد عليه تبعات تجاه نفسه، وتجاه مجتمعه، ملزم بأدائها.
وينظم الإسلام ذلك من خلال مبدأ المسئولية الاجتماعية، وفرض الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد تعرض الرسول ( لتوضيح هذه المسئولية الجماعية من خلال المثل الذي ضربه في حديثه: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على مَن فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا) [البخاري].
وعلاقة الفرد بالحكومة، علاقة تعاون، فقد أعطى الإسلام الفرد حقوقه الأساسية، وألزم الحكومة باتباع القانون الرباني، وحمى الفرد من تدخل الحكومة في شئونه دون مبرر، قال تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} [ص: 26].
وربط الإسلام الفرد المسلم بضوابط أخلاقية، وفرض عليه طاعة الحكومة المسلمة التي تطبق شرع الله، وطلب منه التعاون معها والتضحية بالنفس والمال في سبيل حمايتها، قال (: (اسمعوا وأطيعوا وإن تأمَّر عليكم عبد حبشي) [البخاري].
3- الحكومة الإسلامية نابعة من المجتمع الإسلامي:
فالإسلام لا يعترف بهيئة من خارج المجتمع الإسلامي تحكم الأمة عن طريق الاستيلاء على السلطة بالقوة وحكم الشعوب بالتسلط والقهر، قال تعالى: {يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء: 59].
فقوله تعالى: (منكم) يحدد نوعية الحاكم والحكومة، وهي أنها حكومة إسلامية منا، وليست من غير المسلمين، قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} [النساء: 141].
4 - التأثير المتبادل بين التعاليم والمبادئ:
نظم الحضارة الإسلامية، الخلقي منها والاقتصادي والسياسي، كل منها يؤثر في الآخر ويتأثر به، فمثلاً بدون التعاليم والمبادئ الخلقية لا يؤدى النظام الاقتصادي دوره المنشود، ويصعب الوصول إلى ما يدعو إليه من تعاون وتكافل بين الناس، كما يسهل تسرب الفساد إلى الأجهزة السياسية وغيرها.
5 - تميز نظام الحكم الإسلامي عن النظم الغربـية:
فالنظم الغربية، تقوم على أساس الخضوع لحكم الأغلبية المطلقة -صالحة كانت أم فاسدة- فهي التي تشرع وتضع القوانين، وهي التي تحكم، أما في النظام الإسلامي، فالحاكم الحقيقي هو الله سبحانه، قال تعالى: {إن الحكم إلا لله} [يوسف: 40].
وسلطة الشعب المسلم والحكومة الإسلامية محدودة بالعمل تبعًا لأوامر الله، عن رضا واطمئنان وثقة وحب ورغبة.
خصائص الدولة الإسلامية
والدولة الإسلامية تتميز بعدة خصائص منها:
1- السير وفق قانون واضح المعالم:
القرآن الكريم والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله (، هما أساس الدستور الإسلامي، وقد يدخل في هذا الدستور من القواعد العامة أشياء غير منصوص عليها في الكتاب ولا في السنة ومع ذلك يمكن إدخالها تحت قاعدة كلية من الكتاب والسنة.
إن كل مُشَرِّع يضع القوانين التي تحمى مصالحه وتحقق أهدافه، أما في الإسلام فإن سلطة التشريع حق لله وحده، وهو لا يحابي أحدًا ولا يظلم أحدًا، ومن ثم فإن التشريع الإسلامي يتصف بالعدل، ويكره الهوى، ويتسم بالشمول.
وعلى الإنسان أن ينفذ أوامر الله سبحانه، ويحكِّم كتاب الله وسنة رسوله فيما يقع بين الناس من خلاف، قال تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بنهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا} [النساء: 65].
وغاية إقامة الدولة الإسلامية تنفيذ أوامر الله، وتحكيم شرعه بين الناس، ويتضح ذلك من تعريف العلماء لمنصب الخلافة أو الحكم، حيث يقولون: إن الخلافة نيابة عن النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، أي أن الحاكم المسلم أو الخليفة يقوم بمهمته نائبًا عن رسول الله ( في تبليغ أوامر الله، والعمل بها، وإلزام الناس بالعمل بها، فيما يتعلق بأمور الدين والدنيا.
2- التقوى هي أساس التفاضل بين المسلمين:
التقوى والعمل الصالح والخلق الحسن أساس التفاضل بين أبناء المجتمع المسلم، وليس السلطان أو الجاه أو المركز الاجتماعي، قال تعالى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13]. وقال (: (لا فضل لعربي على عجمي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى والعمل الصالح) [أحمد].
3- الوفاء بالعهود الداخلية والخارجية:
وهذا من الخصائص اللازمة والضرورية للدولة الإسلامية، لإقرار الأمن وتحقيق السلام والاستقرار، قال تعالى: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إنَّ الله يعلم ما تفعلون) [النحل: 91].
وهذا فرض ومنهج حياة لا تجوز مخالفته، قال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) [الإسراء: 34]. وذلك لنشر السلام في كل أنحاء الديار الإسلامية، لقوله (: (أفشوا السلام بينكم) [مسلم]، ولا فرق في ذلك بين مسلم وذِمِّي من رعايا الدولة الإسلامية، لقوله (: (إن الله جعل السلام تحية لأمتنا، وأمانًا لأهل ذمتنا) [البيهقي].
وفي العلاقات الخارجية فالدولة الإسلامية تدعو إلى السلام، ما لم تُنْتهك حرمات الله أو يُعتدى على أرض المسلمين، قال تعالى:{لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين. إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وتظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون} [الممتحنة: 8-9].
المصدر : موسوعة الأسرة المسلم