حرب البوير
مرسل: الاثنين ديسمبر 09, 2013 4:39 pm
حرب البوير
حرب البوير والإنجليز
حرب البوير والإنجليز حربان وقعتا في جنوب إفريقيا، بين البريطانيين والبوير (شعب ينحدر بصفة أساسية من الهولنديين).
نشبت الحرب الأولى بين البوير والإنجليز ما بين عامي 1880م و1881م. بينما وقعت الحرب الثانية بين عامي 1899 و1902م وتعرف هاتان الحربان في المملكة المتحدة بحرب البوير.
الحرب الأولى بين البوير والإنجليز
أسباب الحرب. اندلعت الحرب الأولى بين البوير والإنجليز عندما حاولت الحكومة البريطانية توحيد مستعمراتها في جنوب إفريقيا وهي: الكاب، وناتال مع جمهوريات البوير، وهي: الترانسفال وولاية أورانج الحرة، بغرض تشكيل اتحاد فيدرالي.
عندما صار اللورد كارنافون سكرتيرًا للمستعمرات عام 1874م، بدأ في التفاوض من أجل تحقيق هذه الغاية. انهارت المفاوضات عام 1877م. فأرسل اللورد كارنافون، السير ثيوفيلس شيستون لضم الترانسفال. سافر مندوبان من البوير إلى لندن للاحتجاج على الضم، ولكنهما لم يحرزا شيئًا. نتيجة لذلك، قرر البوير إجبار القوات البريطانية على الخروج بالقوة. وفي 1880م انتخب البوير كلا من باول كروجر وبييه جوبير وبريتوريوس قادة لهم لتحقيق هذه الغاية.
الحرب. حدث أول اشتباك في بوتشيفستروم في 16 ديسمبر 1880م، عندما اجتاح البوير حامية بريطانية. وبعد أربعة أيام، هزموا رتلاً بريطانيًا بقيادة الكولونيل فيليب أنستروتر عند برونهور ستسبرويت خارج بريتوريا.
وفي 27 فبراير 1881م هُزمت القوات البريطانية هزيمة نكراء في معركة ماجوبار. واعترف البريطانيون بالهزيمة، ومنحوا الترانسفال الاستقلال.
الحرب الثانية بين البوير والإنجليز
خريطة للحرب الثانية بين البوير والإنجليز بدأت الحرب الثانية بين البوير والإنجليز بحصار وغارات الفدائيين، ولكنها انتهت كحرب استنزاف.
أسباب الحرب. نشبت حرب البوير والإنجليز الثانية نتيجة لتجدد الجهود البريطانية لاستعادة السيطرة على الترانسفال التي كان قد أعيد تسميتها جمهورية جنوب إفريقيا. في عام 1886م اكتشف المنقبون الذهب في ويتواترزراند. وأخذت الثروة المتنامية في الترانسفال تهدد بقلب ميزان القوى في جنوب إفريقيا لغير صالح المستعمرات البريطانية، وكان البريطانيون ـ لأسباب اقتصادية ـ حريصين على السيطرة على القارة الإفريقية، وبدا أن السيطرة على جمهورية إفريقيا مفتاح ذلك.
نشأ التوتر في داخل الجمهورية بين حكومة البوير المحافظة برئاسة باول كروجر واليوتلاندرز (المهاجرون الذين يعملون في حقول الذهب). كان العديد من الرأسماليين الذين يعملون وسط اليوتلاندرز يعتقدون أن حكومة كروجر غير قادرة على مواجهة متطلبات التعدين على مستويات عميقة. وتشمل هذه المتطلبات: توفير الخدمات الضرورية، وإمداد العمال وإدارتهم. وكان اليوتلاندرز أيضًا غير راضين عن حق الاقتراع. وكانوا في الواقع قد وعدوا بحق الاقتراع بعد قضاء خمس سنوات في الجمهورية. وفي عام 1890م تم تمديد هذه المدة إلى 14عامًا.
وقد أجري هذا التعديل للحيلولة دون حصول اليوتلاندرز على نفوذ سياسي، ومن ثم تغيير السياسات المحافظة لحكومة جنوب إفريقيا الهولندية، التي كانت تؤيد بصفة تقليدية الاهتمامات الزراعية.
في عام 1895م حاول رئيس الوزراء، سيسل جون رودس، استغلال مظالم اليوتلاندرز من أجل ضم الجمهورية. وخططت مجموعة من اليوتلاندرز في ويتواترزراند عرفت باسم لجنة الإصلاح للقيام بانتفاضة في جوهانسبرج كان من المقرر أن تقوم مجموعة مسلحة من شرطة شركة رودس البريطانية بجنوب إفريقيا بدعم الثورة، وأن يقود هذه القوة ليندر ستار جيمسون من بتسوانالاند المجاورة. وقد تم هذا التخطيط بكامل علم وإذن سكرتير المستعمرات البريطانية جوزيف تشمبرلين، إلا أن انتفاضة اليوتلاندرز هذه لم تتم، إذ إن جيمسون الذي غزا الجمهورية على الرغم من هذه النكسة، هُزم وقبض عليه البوير. فأنهى ذلك حياة رودس السياسية، وغُض الطرف عن دور تشمبرلين في تلك المسألة.
أدت غارة جيمسون إلى زيادة التوتر بين البريطانيين والجمهورية. وأعاد كروجر تسليح مواطنيه ببنادق ألمانية الصنع، وأنشأ مدفعية صغيرة. وفي عام 1897م وقع تحالفًا عسكريًا دفاعيًا مع جمهورية البوير المجاورة لدولة أورانج الحرة. عززت غارة جيمسون أيضًا موقف القوى المحافظة في الأوساط السياسية في الجمهورية. نتيجة لذلك حقق كروجر نصرًا في الانتخابات الرئاسية في عام 1898م. منذ ذلك الحين لم يعد كروجر، يثق في الحكومة البريطانية، وبصفة خاصة في جوزيف تشمبرلين، وأصبح من الصعب على كلا الطرفين حل خلافاتهما بالتفاوض.
حفز فشل غارة جيمسون البريطانيين على تجديد محاولاتهم للسيطرة على الجمهورية. وفي مايو 1897م بعث تشمبرلين باللورد ألفريد ميلنر إلى جنوب إفريقيا مفوضًا ساميًا. كان مفتاح التدخل البريطاني في الجمهورية هو ما يسمى بمسألة اليوتلاندرز، التي عزم كل من تشمبرلين وميلنر على استغلالها إلى أقصى حد. أمل الاثنان على إحداث تغيير في الحكومة الجمهورية، حكومة تكون في صالح البريطانيين، وتقبل نوعًا من الاتحاد الفيدرالي مع جنوب إفريقيا ـ كان يساعدها على ذلك مجموعة من مواطني جنوب إفريقيا موالية للبريطانيين تسمي نفسها عصبة جنوب إفريقيا.
نظر تشمبرلين إلى التدخل في الجمهورية على أنه زيادة في الضغط على حكومتهم، ولكن ميلنر كان يفضل إجراءات أقوى. واعتمادًا على المعلومات والمطالب التي رفعتها عصبة جنوب إفريقيا، استخدم ميلنر مسألة اليوتلاندرز لإقناع تشمبرلين والرأي العام البريطاني أن اليوتلاندرز هم رعايا بريطانيون مضطهدون. وعرض صورة لهم، وهم يعانون من حكومة رجعية قمعية لا تعترف لهم بأي حقوق. ودعمت مقاومة كروجر للتدخل البريطاني ورفضه وتغيير قانون حق الاقتراع وجهة النظر هذه.
عندما ازدادت العلاقات سوءًا بين بريطانيا والجمهورية رتّب كل من اشتاين رئيس دولة أورانج الحرة، ووليم شراينر الذي كان رئيسًا لوزراء الكاب، مؤتمرًا بين ميلنر وكروجر، في بلومفونتين في مايو 1899م. عرض كروجر تخفيض مدة حق الاقتراع بالنسبة لليوتلاندرز إلى سبعة أعوام، ولكنه طالب مقابل ذلك بتنازلات من جانب البريطانيين. لم يكن ميلنر مستعدًا للمساومة، وأصر على منح غير مشروط لحق الاقتراع بعد خمسة أعوام.
جعل انهيار هذه المفاوضات؛ أمر قيام هذه الحرب أكثر احتمالاً. نتيجة لذلك طالب ميلنر بإرسال عشرة آلاف جندي إلى جنوب إفريقيا من بريطانيا. فأتت الجمهورية في اللحظات الأخيرة بمحاولات للتفاوض، إلا أنها فشلت. لم يكن ميلنر في الواقع راغبًا في المساومة، وكان يعتقد أن بإمكانه تحقيق الأفضل بالاحتلال. في التاسع من أكتوبر 1899م بعثت الجمهورية بإنذار إلى بريطانيا. ودعت إلى انسحاب القوات البريطانية وتسوية جميع الخلافات بالتحكيم. رفضت بريطانيا الإنذار، وأعلنت الحرب بعد يومين من ذلك.
الحرب الثانية بين البوير والإنجليز شهدت قتالاً شرسًا في معركة ماجرزفونتين في ديسمبر 1899م.
الحرب. بدأت الحرب كصراع تقليدي. وبحلول أكتوبر 1899م كان البوير قد حشدوا نحو 35 ألف مدني، وهاجموا الحاميات البريطانية الصغيرة في مستعمرتي الكاب وناتال. حدث التقدم الرئيسي للبوير بقيادة قائد الجمهورية الجنرال بييه جوبير، على طول خط السكك الحديدية صوب ناتال، وجرت بعض المناوشات الأولية بالقرب من دنُدي. تقهقرت القوات البريطانية بقيادة الجنرال هوايت نحو ليدي سميث في 30 أكتوبر، حيث تم حصارها هناك. إلى الغرب، كانت قوات البوير تحت قيادة الجنرال بييه كرونجي قد فرضت حصارًا على مدينة السكك الحديدية مافكينج (تسمى الآن مافيكنج) وحاصر الجنرال كوس دولاري مدينة كيمبرلي التعدينية، وعبرت فرق البوير العسكرية نهر الأورانج، واحتلت العديد من المدن مثل: أليوال نورث ودوردريخت. كسب البوير عمليات الحصار، إلا أن تقدمهم كان أبطأ، مما أتاح بعض الوقت للبريطانيين لطلب تعزيزات. في 31 أكتوبر وصل الجنرال ردفرز بولر إلى كيب تاون كقائد أعلى للقوات المسلحة البريطانية، فكر في محاولة وقف تقدم البوير في ناتال. وأرسل الجنرال اللورد ميثووين لإنقاذ كيمبرلي، وتوجّه اللواء السير وليم جات إلر مع الجنرال جون فرينش للدفاع عن الحدود الشمالية الشرقية للكاب.
وفي 11 ديسمبر صد دولاري هجوم ميثووين على أعقابه في معركة ماجرز فونتين. وبعد يومين أصبحت محاولة بولر لإنقاذ ليدي سميث كارثة عندما لقي هزيمة كبرى في كولنسو. وتعرض لخسائر فادحة في سبيوونكوب وفالكرانس في يناير وفبراير عام 1900م. وفي 20 ديسمبر، هُزم جات إيكر هزيمة نكراء عندما كان يحاول طرد البوير من تقاطع شتورمبيرج.
نتيجة لهذه الهزائم خسر بولر موقعه كقائد أعلى، ثم شغل المنصب المشير اللورد روبرتس الذي وصل في يناير
1900م مع اللورد كتشنر كرئيس لهيئة الأركان. ووصلت معهما آلاف التعزيزات من الرجال. أعد روبرتس العدة لغزو دولة أورانج الحرة واضعًا في تقديره نجدة كيمبرلي ومافيكنج في أثناء ذلك. سارت هذه الاستراتيجية كما ينبغي؛ ففي 15 فبراير قام الجنرال فرينش بنجدة كيمبرلي. وانقطع كرونجي في ماجرز فونتين فتقهقر إلى داخل دولة الأورانج الحرة، وتم حصاره في باردبيرج. وفي 27 فبراير استسلم لروبرتس الذي دخل بلومفونتين عاصمة دولة أورانج الحرة في 13 مارس.
في 28 فبراير حُررت ليدي سميث، بعد أن استخدم بولر المدفعية لفك الحصار. وفي 17 مارس اجتمع قادة البوير المندحرون في كرونشتاد لوضع استراتيجيتهم المستقبلية. كان العديد من أتباعهم قد استسلم أصلاً لروبرتس، ولكن على الرغم من ذلك قرر القادة الاستمرار في الحرب، واقترحوا الابتعاد عن أسلوب تحركات القوات بأعداد كبيرة، وتفادي المعارك الرسمية كلما أمكن ذلك. وبدلاً من ذلك خططوا لاستخدام الفرق العسكرية، (الكوماندوز) كوحدات عصابات صغيرة لإزعاج القوات البريطانية بغارات متكررة، وتعطيل خطوط الاتصالات والإمدادات.
تقدم روبرتس نحو بريتوريا، ودخلها في الخامس من يونيو. هربت الحكومة باتجاه خط السكك الحديدية إلى موزمبيق، وقام جيش البوير بقيادة قائده الجديد الجنرال لويس بوتا في أغسطس 1900م بمحاولة أخيرة للصمود في بيرج إندال بالقرب من بلفاست في أغسطس 1900م، وذلك قبل أن يتشتت شمله. أبحر الرئيس كروجر إلى هولندا في محاولة لكسب التأييد الأوروبي لقضية البوير.
وجد البريطانيون فكرة حرب العصابات أصعب من أن يُتغلب عليها؛ إذ كان البوير على معرفة تامة بطبيعة المنطقة، ولديهم قدرة فائقة على الحركة بل أنهم شنوا غارات على مستعمرة الكاب في عدة مناسبات، على أمل تحريك الثورة الأفريكانية (الهولندية في جنوب إفريقيا) في تلك المستعمرة. قامت إحدى وحدات الفرق العسكرية (الكوماندوز) بقيادة جان سمتس بعمليات في قلب مستعمرة الكاب حتى بعد نهاية الحرب.
لمواجهة مقاتلي العصابات بدأ اللورد روبرتس في حرق مزارعهم، ثم أقام مخيمات خاصة سميت بمعسكرات الاعتقال، بغرض إيواء اللاجئين الموالين للبريطانيين والعدد المتزايد من نساء وأطفال البوير، الذين تُركوا بدون مأوى نتيجة لحرق مزارعهم. بنهاية الحرب كان هناك أكثر من 40 مخيمًا من هذا النوع تؤوي نحو 116 ألف من البيض و60 مخيمًا آخر، تؤي نحو 115 ألف من السود. لذلك عانى الناس فيها من سوء التغذية والصحة والإهمال الإداري، نتيجة لذلك انتشرت الأمراض بسرعة عبر المخيمات، وتوفي أكثر من 27,900 من البوير، و 14 ألف من السود، وهذا أعلى معدل للوفيات خلال فترة الحرب.
في نوفمبر 1900م، تولى كتشنر القيادة العليا من روبرتس، وكثف مقاومته للعصابات، فأمر بتدمير محاصيل البوير وماشيتهم بالإضافة إلى حرق مزارعهم. وشيّد أيضًا سلسلة من المعاقل متصلة بأسلاك شائكة ومرتبطة بالهاتف. أدت هذه المعاقل إلى تقييد حرية حركة البوير. واستطاع البريطانيون حينئذ اجتياح المناطق الريفية دافعين فرق البوير العسكرية (الكوماندوز) نحو سلسلة المعاقل.
إلا أن بعض قادة العصابات مثل: بوتا ودولاري وكريستيان دي فيت حققوا انتصارات صغيرة على القوات البريطانية في عام 1902م. بيد أن خطط كتشنر أدت ـ تدريجيًا ـ إلى إنهاك البوير، وبدأت إمدادات الطعام والخيل في النفاد، كما بدأت أسرهم تعاني من حرمان شديد. وانقسم البوير على أنفسهم انقسامًا حادًا، ما بين الذين تخلوا عن المقاومة وأولئك الذين استمروا في القتال.
السلام. بدأت محادثات السلام بصفة رسمية في أبريل 1902م. وفي 31 مايو من العام نفسه أقر اجتماع لممثلي البوير في فيرينيغينغ على شروط معاهدة السلام التي أقرها البريطانيون مساء اليوم نفسه في بريتوريا. وبموجب بنود اتفاقية فيرينيغينغ استسلم البوير دون شروط، وقبلوا بالحكم البريطاني. ومع ذلك وعد البريطانيون بمنحهم الحكم الذاتي في وقت ما مستقبلاً. وما إن يتحصل البوير على الحكم الذاتي، عليهم أن يقرروا بأنفسهم بخصوص حق الاقتراع للسود. ووافق البريطانيون على منح مبلغ ثلاثة ملايين جنيه إسترليني للمساعدة في إعادة البناء.
كانت الحرب الثانية بين البوير والإنجليز حربًا مكلفة. وبالإضافة إلى المعدل العالي للوفيات في معسكرات الاعتقال، فقد لقي أكثر من 21,900 جندي بريطاني حتفهم، وغالبًا بسبب الأمراض. شملت الخسائر البريطانية 518 جنديًا أستراليًا. وكانت أستراليا قد أرسلت 16,175 جنديًا لمحاربة البوير. وفقد البوير نحو سبعة آلاف رجل، ولم يُسجل عدد الأفارقة الذين قتلوا في الحرب.
حرب البوير والإنجليز
حرب البوير والإنجليز حربان وقعتا في جنوب إفريقيا، بين البريطانيين والبوير (شعب ينحدر بصفة أساسية من الهولنديين).
نشبت الحرب الأولى بين البوير والإنجليز ما بين عامي 1880م و1881م. بينما وقعت الحرب الثانية بين عامي 1899 و1902م وتعرف هاتان الحربان في المملكة المتحدة بحرب البوير.
الحرب الأولى بين البوير والإنجليز
أسباب الحرب. اندلعت الحرب الأولى بين البوير والإنجليز عندما حاولت الحكومة البريطانية توحيد مستعمراتها في جنوب إفريقيا وهي: الكاب، وناتال مع جمهوريات البوير، وهي: الترانسفال وولاية أورانج الحرة، بغرض تشكيل اتحاد فيدرالي.
عندما صار اللورد كارنافون سكرتيرًا للمستعمرات عام 1874م، بدأ في التفاوض من أجل تحقيق هذه الغاية. انهارت المفاوضات عام 1877م. فأرسل اللورد كارنافون، السير ثيوفيلس شيستون لضم الترانسفال. سافر مندوبان من البوير إلى لندن للاحتجاج على الضم، ولكنهما لم يحرزا شيئًا. نتيجة لذلك، قرر البوير إجبار القوات البريطانية على الخروج بالقوة. وفي 1880م انتخب البوير كلا من باول كروجر وبييه جوبير وبريتوريوس قادة لهم لتحقيق هذه الغاية.
الحرب. حدث أول اشتباك في بوتشيفستروم في 16 ديسمبر 1880م، عندما اجتاح البوير حامية بريطانية. وبعد أربعة أيام، هزموا رتلاً بريطانيًا بقيادة الكولونيل فيليب أنستروتر عند برونهور ستسبرويت خارج بريتوريا.
وفي 27 فبراير 1881م هُزمت القوات البريطانية هزيمة نكراء في معركة ماجوبار. واعترف البريطانيون بالهزيمة، ومنحوا الترانسفال الاستقلال.
الحرب الثانية بين البوير والإنجليز
خريطة للحرب الثانية بين البوير والإنجليز بدأت الحرب الثانية بين البوير والإنجليز بحصار وغارات الفدائيين، ولكنها انتهت كحرب استنزاف.
أسباب الحرب. نشبت حرب البوير والإنجليز الثانية نتيجة لتجدد الجهود البريطانية لاستعادة السيطرة على الترانسفال التي كان قد أعيد تسميتها جمهورية جنوب إفريقيا. في عام 1886م اكتشف المنقبون الذهب في ويتواترزراند. وأخذت الثروة المتنامية في الترانسفال تهدد بقلب ميزان القوى في جنوب إفريقيا لغير صالح المستعمرات البريطانية، وكان البريطانيون ـ لأسباب اقتصادية ـ حريصين على السيطرة على القارة الإفريقية، وبدا أن السيطرة على جمهورية إفريقيا مفتاح ذلك.
نشأ التوتر في داخل الجمهورية بين حكومة البوير المحافظة برئاسة باول كروجر واليوتلاندرز (المهاجرون الذين يعملون في حقول الذهب). كان العديد من الرأسماليين الذين يعملون وسط اليوتلاندرز يعتقدون أن حكومة كروجر غير قادرة على مواجهة متطلبات التعدين على مستويات عميقة. وتشمل هذه المتطلبات: توفير الخدمات الضرورية، وإمداد العمال وإدارتهم. وكان اليوتلاندرز أيضًا غير راضين عن حق الاقتراع. وكانوا في الواقع قد وعدوا بحق الاقتراع بعد قضاء خمس سنوات في الجمهورية. وفي عام 1890م تم تمديد هذه المدة إلى 14عامًا.
وقد أجري هذا التعديل للحيلولة دون حصول اليوتلاندرز على نفوذ سياسي، ومن ثم تغيير السياسات المحافظة لحكومة جنوب إفريقيا الهولندية، التي كانت تؤيد بصفة تقليدية الاهتمامات الزراعية.
في عام 1895م حاول رئيس الوزراء، سيسل جون رودس، استغلال مظالم اليوتلاندرز من أجل ضم الجمهورية. وخططت مجموعة من اليوتلاندرز في ويتواترزراند عرفت باسم لجنة الإصلاح للقيام بانتفاضة في جوهانسبرج كان من المقرر أن تقوم مجموعة مسلحة من شرطة شركة رودس البريطانية بجنوب إفريقيا بدعم الثورة، وأن يقود هذه القوة ليندر ستار جيمسون من بتسوانالاند المجاورة. وقد تم هذا التخطيط بكامل علم وإذن سكرتير المستعمرات البريطانية جوزيف تشمبرلين، إلا أن انتفاضة اليوتلاندرز هذه لم تتم، إذ إن جيمسون الذي غزا الجمهورية على الرغم من هذه النكسة، هُزم وقبض عليه البوير. فأنهى ذلك حياة رودس السياسية، وغُض الطرف عن دور تشمبرلين في تلك المسألة.
أدت غارة جيمسون إلى زيادة التوتر بين البريطانيين والجمهورية. وأعاد كروجر تسليح مواطنيه ببنادق ألمانية الصنع، وأنشأ مدفعية صغيرة. وفي عام 1897م وقع تحالفًا عسكريًا دفاعيًا مع جمهورية البوير المجاورة لدولة أورانج الحرة. عززت غارة جيمسون أيضًا موقف القوى المحافظة في الأوساط السياسية في الجمهورية. نتيجة لذلك حقق كروجر نصرًا في الانتخابات الرئاسية في عام 1898م. منذ ذلك الحين لم يعد كروجر، يثق في الحكومة البريطانية، وبصفة خاصة في جوزيف تشمبرلين، وأصبح من الصعب على كلا الطرفين حل خلافاتهما بالتفاوض.
حفز فشل غارة جيمسون البريطانيين على تجديد محاولاتهم للسيطرة على الجمهورية. وفي مايو 1897م بعث تشمبرلين باللورد ألفريد ميلنر إلى جنوب إفريقيا مفوضًا ساميًا. كان مفتاح التدخل البريطاني في الجمهورية هو ما يسمى بمسألة اليوتلاندرز، التي عزم كل من تشمبرلين وميلنر على استغلالها إلى أقصى حد. أمل الاثنان على إحداث تغيير في الحكومة الجمهورية، حكومة تكون في صالح البريطانيين، وتقبل نوعًا من الاتحاد الفيدرالي مع جنوب إفريقيا ـ كان يساعدها على ذلك مجموعة من مواطني جنوب إفريقيا موالية للبريطانيين تسمي نفسها عصبة جنوب إفريقيا.
نظر تشمبرلين إلى التدخل في الجمهورية على أنه زيادة في الضغط على حكومتهم، ولكن ميلنر كان يفضل إجراءات أقوى. واعتمادًا على المعلومات والمطالب التي رفعتها عصبة جنوب إفريقيا، استخدم ميلنر مسألة اليوتلاندرز لإقناع تشمبرلين والرأي العام البريطاني أن اليوتلاندرز هم رعايا بريطانيون مضطهدون. وعرض صورة لهم، وهم يعانون من حكومة رجعية قمعية لا تعترف لهم بأي حقوق. ودعمت مقاومة كروجر للتدخل البريطاني ورفضه وتغيير قانون حق الاقتراع وجهة النظر هذه.
عندما ازدادت العلاقات سوءًا بين بريطانيا والجمهورية رتّب كل من اشتاين رئيس دولة أورانج الحرة، ووليم شراينر الذي كان رئيسًا لوزراء الكاب، مؤتمرًا بين ميلنر وكروجر، في بلومفونتين في مايو 1899م. عرض كروجر تخفيض مدة حق الاقتراع بالنسبة لليوتلاندرز إلى سبعة أعوام، ولكنه طالب مقابل ذلك بتنازلات من جانب البريطانيين. لم يكن ميلنر مستعدًا للمساومة، وأصر على منح غير مشروط لحق الاقتراع بعد خمسة أعوام.
جعل انهيار هذه المفاوضات؛ أمر قيام هذه الحرب أكثر احتمالاً. نتيجة لذلك طالب ميلنر بإرسال عشرة آلاف جندي إلى جنوب إفريقيا من بريطانيا. فأتت الجمهورية في اللحظات الأخيرة بمحاولات للتفاوض، إلا أنها فشلت. لم يكن ميلنر في الواقع راغبًا في المساومة، وكان يعتقد أن بإمكانه تحقيق الأفضل بالاحتلال. في التاسع من أكتوبر 1899م بعثت الجمهورية بإنذار إلى بريطانيا. ودعت إلى انسحاب القوات البريطانية وتسوية جميع الخلافات بالتحكيم. رفضت بريطانيا الإنذار، وأعلنت الحرب بعد يومين من ذلك.
الحرب الثانية بين البوير والإنجليز شهدت قتالاً شرسًا في معركة ماجرزفونتين في ديسمبر 1899م.
الحرب. بدأت الحرب كصراع تقليدي. وبحلول أكتوبر 1899م كان البوير قد حشدوا نحو 35 ألف مدني، وهاجموا الحاميات البريطانية الصغيرة في مستعمرتي الكاب وناتال. حدث التقدم الرئيسي للبوير بقيادة قائد الجمهورية الجنرال بييه جوبير، على طول خط السكك الحديدية صوب ناتال، وجرت بعض المناوشات الأولية بالقرب من دنُدي. تقهقرت القوات البريطانية بقيادة الجنرال هوايت نحو ليدي سميث في 30 أكتوبر، حيث تم حصارها هناك. إلى الغرب، كانت قوات البوير تحت قيادة الجنرال بييه كرونجي قد فرضت حصارًا على مدينة السكك الحديدية مافكينج (تسمى الآن مافيكنج) وحاصر الجنرال كوس دولاري مدينة كيمبرلي التعدينية، وعبرت فرق البوير العسكرية نهر الأورانج، واحتلت العديد من المدن مثل: أليوال نورث ودوردريخت. كسب البوير عمليات الحصار، إلا أن تقدمهم كان أبطأ، مما أتاح بعض الوقت للبريطانيين لطلب تعزيزات. في 31 أكتوبر وصل الجنرال ردفرز بولر إلى كيب تاون كقائد أعلى للقوات المسلحة البريطانية، فكر في محاولة وقف تقدم البوير في ناتال. وأرسل الجنرال اللورد ميثووين لإنقاذ كيمبرلي، وتوجّه اللواء السير وليم جات إلر مع الجنرال جون فرينش للدفاع عن الحدود الشمالية الشرقية للكاب.
وفي 11 ديسمبر صد دولاري هجوم ميثووين على أعقابه في معركة ماجرز فونتين. وبعد يومين أصبحت محاولة بولر لإنقاذ ليدي سميث كارثة عندما لقي هزيمة كبرى في كولنسو. وتعرض لخسائر فادحة في سبيوونكوب وفالكرانس في يناير وفبراير عام 1900م. وفي 20 ديسمبر، هُزم جات إيكر هزيمة نكراء عندما كان يحاول طرد البوير من تقاطع شتورمبيرج.
نتيجة لهذه الهزائم خسر بولر موقعه كقائد أعلى، ثم شغل المنصب المشير اللورد روبرتس الذي وصل في يناير
1900م مع اللورد كتشنر كرئيس لهيئة الأركان. ووصلت معهما آلاف التعزيزات من الرجال. أعد روبرتس العدة لغزو دولة أورانج الحرة واضعًا في تقديره نجدة كيمبرلي ومافيكنج في أثناء ذلك. سارت هذه الاستراتيجية كما ينبغي؛ ففي 15 فبراير قام الجنرال فرينش بنجدة كيمبرلي. وانقطع كرونجي في ماجرز فونتين فتقهقر إلى داخل دولة الأورانج الحرة، وتم حصاره في باردبيرج. وفي 27 فبراير استسلم لروبرتس الذي دخل بلومفونتين عاصمة دولة أورانج الحرة في 13 مارس.
في 28 فبراير حُررت ليدي سميث، بعد أن استخدم بولر المدفعية لفك الحصار. وفي 17 مارس اجتمع قادة البوير المندحرون في كرونشتاد لوضع استراتيجيتهم المستقبلية. كان العديد من أتباعهم قد استسلم أصلاً لروبرتس، ولكن على الرغم من ذلك قرر القادة الاستمرار في الحرب، واقترحوا الابتعاد عن أسلوب تحركات القوات بأعداد كبيرة، وتفادي المعارك الرسمية كلما أمكن ذلك. وبدلاً من ذلك خططوا لاستخدام الفرق العسكرية، (الكوماندوز) كوحدات عصابات صغيرة لإزعاج القوات البريطانية بغارات متكررة، وتعطيل خطوط الاتصالات والإمدادات.
تقدم روبرتس نحو بريتوريا، ودخلها في الخامس من يونيو. هربت الحكومة باتجاه خط السكك الحديدية إلى موزمبيق، وقام جيش البوير بقيادة قائده الجديد الجنرال لويس بوتا في أغسطس 1900م بمحاولة أخيرة للصمود في بيرج إندال بالقرب من بلفاست في أغسطس 1900م، وذلك قبل أن يتشتت شمله. أبحر الرئيس كروجر إلى هولندا في محاولة لكسب التأييد الأوروبي لقضية البوير.
وجد البريطانيون فكرة حرب العصابات أصعب من أن يُتغلب عليها؛ إذ كان البوير على معرفة تامة بطبيعة المنطقة، ولديهم قدرة فائقة على الحركة بل أنهم شنوا غارات على مستعمرة الكاب في عدة مناسبات، على أمل تحريك الثورة الأفريكانية (الهولندية في جنوب إفريقيا) في تلك المستعمرة. قامت إحدى وحدات الفرق العسكرية (الكوماندوز) بقيادة جان سمتس بعمليات في قلب مستعمرة الكاب حتى بعد نهاية الحرب.
لمواجهة مقاتلي العصابات بدأ اللورد روبرتس في حرق مزارعهم، ثم أقام مخيمات خاصة سميت بمعسكرات الاعتقال، بغرض إيواء اللاجئين الموالين للبريطانيين والعدد المتزايد من نساء وأطفال البوير، الذين تُركوا بدون مأوى نتيجة لحرق مزارعهم. بنهاية الحرب كان هناك أكثر من 40 مخيمًا من هذا النوع تؤوي نحو 116 ألف من البيض و60 مخيمًا آخر، تؤي نحو 115 ألف من السود. لذلك عانى الناس فيها من سوء التغذية والصحة والإهمال الإداري، نتيجة لذلك انتشرت الأمراض بسرعة عبر المخيمات، وتوفي أكثر من 27,900 من البوير، و 14 ألف من السود، وهذا أعلى معدل للوفيات خلال فترة الحرب.
في نوفمبر 1900م، تولى كتشنر القيادة العليا من روبرتس، وكثف مقاومته للعصابات، فأمر بتدمير محاصيل البوير وماشيتهم بالإضافة إلى حرق مزارعهم. وشيّد أيضًا سلسلة من المعاقل متصلة بأسلاك شائكة ومرتبطة بالهاتف. أدت هذه المعاقل إلى تقييد حرية حركة البوير. واستطاع البريطانيون حينئذ اجتياح المناطق الريفية دافعين فرق البوير العسكرية (الكوماندوز) نحو سلسلة المعاقل.
إلا أن بعض قادة العصابات مثل: بوتا ودولاري وكريستيان دي فيت حققوا انتصارات صغيرة على القوات البريطانية في عام 1902م. بيد أن خطط كتشنر أدت ـ تدريجيًا ـ إلى إنهاك البوير، وبدأت إمدادات الطعام والخيل في النفاد، كما بدأت أسرهم تعاني من حرمان شديد. وانقسم البوير على أنفسهم انقسامًا حادًا، ما بين الذين تخلوا عن المقاومة وأولئك الذين استمروا في القتال.
السلام. بدأت محادثات السلام بصفة رسمية في أبريل 1902م. وفي 31 مايو من العام نفسه أقر اجتماع لممثلي البوير في فيرينيغينغ على شروط معاهدة السلام التي أقرها البريطانيون مساء اليوم نفسه في بريتوريا. وبموجب بنود اتفاقية فيرينيغينغ استسلم البوير دون شروط، وقبلوا بالحكم البريطاني. ومع ذلك وعد البريطانيون بمنحهم الحكم الذاتي في وقت ما مستقبلاً. وما إن يتحصل البوير على الحكم الذاتي، عليهم أن يقرروا بأنفسهم بخصوص حق الاقتراع للسود. ووافق البريطانيون على منح مبلغ ثلاثة ملايين جنيه إسترليني للمساعدة في إعادة البناء.
كانت الحرب الثانية بين البوير والإنجليز حربًا مكلفة. وبالإضافة إلى المعدل العالي للوفيات في معسكرات الاعتقال، فقد لقي أكثر من 21,900 جندي بريطاني حتفهم، وغالبًا بسبب الأمراض. شملت الخسائر البريطانية 518 جنديًا أستراليًا. وكانت أستراليا قد أرسلت 16,175 جنديًا لمحاربة البوير. وفقد البوير نحو سبعة آلاف رجل، ولم يُسجل عدد الأفارقة الذين قتلوا في الحرب.