صفحة 1 من 1

الحرب الأهلية الروسية

مرسل: الاثنين ديسمبر 09, 2013 4:43 pm
بواسطة ريان الهزاني 704
الحرب الأهلية الروسية تعتبر الفصل الأخير من الثورة الروسية، تميزت بالشراسة والوحشية الشديدة خصوصا ضد المدنيين مما أدي بحياة ما يقرب من ثلاثة عشر مليون نسمة وتهجير ما يقرب من مليون نسمة هجرة شبه دائمة. استمرت تقليديا في كتابة التاريخ السوفياتي فترة 1918-1921، ولكن الحرب كمناوشات امتدت فعلا بين 1917-1923 م مما جعل الموعد المحدد لها من الأمور المثيرة للجدل بين المؤرخيين.
كانت بين الشيوعين البلاشفة (الجيش الأحمر بقيادة ليون تروتسكي) ومجموعات غير متجانسة من المحافظين الديموقراطيين والشيوعيين المعتدلين والقوميين والروس البيض، كانت فرصه لتدخل العديد من القوي الداخلية والخارجية مثل اليابان، بريطانيا، كندا،فرنسا، إيطاليا، الولايات المتحدة، ألمانيا، أستراليا، اليونان، وتشيكوسلوفاكيا مما كان له دور رئيسي في صراع وشدته.[1]


الأسباب

طرح زعيم البلاشفة فلاديمير لينين عام 1914 شعار تحويل الحرب الامبريالية إلى حرب اهلية. وبعد صعود البلاشفة إلى السلطة في روسيا في أكتوبر عام 1917 ما زال هذا الشعار ملحا، إذ ان غالبية المسؤولين البلاشفة ظلوا يعولون على أن الثورة في روسيا تتحول فيما بعد إلى ثورة عالمية ورأوا في اشعال الحرب الاهلية وسيلة فعالة لذلك[2] والى جانب ذلك فان المؤرخين يشيرون إلى أسباب أخرى لاندلاع الحرب الاهلية في روسيا وبينها:
1- مقاومة الطبقات الحاكمة التي فقدت السلطة والممتلكات،
2- حل الجمعية التأسيسية (البرلمان) من قبل البلاشفة الذين شكلوا اقلية فيها،
3- توقيع معاهدة بريست-ليتوفسك الانفصالية المهينة مع ألمانيا،
4 – اجراءات البلاشفة القمعية في الريف التي استهدفت الاغنياء من الفلاحين بغية مصادرة ما تبقى لديهم من الحبوب،
5- دور الأسرى العسكريين النمساويين والمجريين والتشيك الذين حاولوا حل مشاكلهم باستخدام القوة في روسيا
6 - تدخل دول التحالف الرباعي (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة) في الشؤون الداخلية لروسيا


المراحل

ينقسم تاريخ الحرب الاهلية في روسيا إلى 3 مراحل رئيسية وهي:
آ - المرحلة الأولى (أكتوبر عام 1917 – نوفمبر عام 1918) التي تتصف بقيام الجيشين لدى القوتين المتعارضتين وتدخل دول التحالف الرباعي في شؤون روسيا والانتقال التدريجي من اشتباكات محدودة إلى معارك واسعة النطاق.[3]
ب – المرحلة الثانية (نوفمبر عام 1918 – مارس عام 1920) التي وقعت فيها المعارك الرئيسية بين الحرسين الأبيض والأحمر وتقلص التدخل الأجنبي الناتج عن انتهاء الحرب العالمية الأولى وفرضت قوات الجيش الأحمر سيطرتها على الجزء الأكبر لأراضي البلاد.
ج – المرحلة الثالثة (مارس 1920 عام – أكتوبر عام 1922) التي دار الصراع المسلح الأساسي بين المعسكرين الأبيض والأحمر فيها بالمناطق البعيدة عن العاصمتين ووسط البلاد.


انفصال الأقاليم القومية عن روسيا


في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1917 اعلنت الرادا المركزية في أوكرانيا (البرلمان الأوكراني) انفصال أوكرانيا عن روسيا. كما اعلنت انفاصلها عن روسيا الرادا البيلاروسية والمفوضية لمنطقة ما وراء القوقاز التي ضمت كلا من جورجيا وأذربيجان وأرمينيا



معاهدة بريست الانفصالية


وقعت الحكومة البلشفية في 3 مارس عام 1918 معاهدة السلام الانفصالية مع ألمانيا التي أطلق عليها معاهدة بريست. وبموجب تلك المعاهدة التزمت روسيا بالاعتراف باستقلال كل من أوكرانيا وبيلاروسيا ولتوانيا ولاتفيا واستونيا وفنلندا وتسريح الجيش والاسطول ودفع تعويض بمقدار 6 مليارات مارك ألماني وتسليم ألمانيا سفن اسطول البحر الأسود. وبعد إبرام معاهدة بريست احتل الجيش الألماني كلا من أوكرانيا وبيلاروسيا ومنطقة البلطيق.[6]
لم تعترف دول التحالف الرباعي بمعاهدة بريست وانزلت سريتين من مشاة البحرية البريطانيين في مدينة مورمانسك في شمال روسيا محاولة استعادة الامدادات التي ارسلها التحالف إلى روسيا للحيلولة دون وقوعها في ايدى الالمان


الحرب في سيبيريا

تم تشكيل الفيلق من الأسرى التشيكوسلوفاكيين الذين ابدوا رغبتهم في مواصلة الحرب إلى جانب السلطات الروسية ضد ألمانيا. وبلغ تعداد الفيلق 40 الف جندي كان من المقرر ارسالهم إلى الجبهة الغربية عبر سيبيريا والشرق الأقصى الروسي. لكن توقيع البلاشفة على معاهدة بريست وخروج روسيا من الحرب وايقاف جلاء الفيلق حمل الجنود التشيكوسلوفاكيين على التمرد ضد السلطات على طول السكة الحديد الممتدة من نهر الفولغا إلى مدينة فلاديفوستوك في الشرق الأقصى. الأمر الذي أدى إلى الاطاحة بالسلطة البلشفية في كل من سيبيريا وفي منطقة نهر الفولغا وتشكيل الحكومة السيبيرية المؤقتة التي ترأسها الحزب الثوري الاشتراكي يوم 23 يونيو عام 1918. وتشكلت في تلك المناطق الوحدات الروسية من المتطوعين الذين ترأسها اللواء فلاديمير كابيل. وشن كابيل الهجوم على المدن التي ظلت تحت سيطرة البلاشفة[7].
في 7 أغسطس عام 1918 حررت قواته مدينة قازان حيث استولت على مستودعات الأسلحة والامدادات واحتياطيات الذهب للامبراطورية الروسية. اما القوات التشيكوسلوفاكية فاحتلت بحلول شهر أغسطس عام 1918المدن الروسية الكبرى مثل سامارا وسيزران وسيمبيرسك.
شكلت القيادة البلشفية في يونيو عام 1918 الجبهة الشرقية التي ضمت 6 جيوش، وذلك بغية ايقاف تقدم قوات البيض نحو موسكو التي انتقلت إليها آنذاك الحكومة البلشفية من(بطرسبورغ). لكن تمرد قائدها الثوري الاشتراكي مورافيوف على السلطة البلشسفية خفض من فاعلية الهجوم المضاد.
في 30 أغسطس 1918 وقعت محاولة اغتيال الزعيم البلشفي فلاديمير لينين. وقامت بهذه المحاولة فانيا كابلان اليهودية العضوة في الحزب الثوري الاشتراكي الذي شارك البلاشفة في توليهم للسلطة والذي تمرد عليه بعد أن خيب آماله بسياسته القمعية في الريف وتوقيع معاهدة بريست. وردا على ذلك شنت التشكيلات التابعة للجان الاستثنائية الارهاب على شتى فئات المجتمع الروسي وتم اعدام الكثير بمن فيهم رجال الدين بدون التحقيق والمحاكمة. كما اصدرت السلطات البلشفية قرارا باعدام الامبراطور الروسي الأخير نيقولا الثاني واسرته في مدينة يكاترينبورغ بمنطقة اورال
في سبتمبرعام 1918 انتقلت قوات الجبهة الشرقية البلشفية إلى الهجوم المضاد واستعادت كلا من قازان وسيمبيرسك وسامارا. الأمر الذي حمل الأميرال ألكسندر كولتشاك الذي وصل إلى مدينة اومسك بغرب سيبيريا في نوفمبر عام 1918 على حل الحكومة السيبيرية المؤقتة واعلان نفسه حاكما لروسيا. واثار انقلاب كولتشاك استياء الثوار الاشتراكيين الذين اعلنوه عدوا اسوأ من لينين. ولعبت مقاومة الحزب الثوري الاشتراكي للاميرال كولتشاك دورا كبيرا في هزيمة الحركة البيضاء في منطقتي اورال وسيبيريا. وبالرغم من أن قوات كولتشاك استطاعت شن الهجوم الجديد على قوات الحمر في ربيع عام 1919 واحتلت منطقة الاورال واقتربت من نهر الفولغا ومنيت حركته بالهزيمة لان قواته لم تلق تأييدا بين الفلاحين في سيبيريا والاورال والفولغا لاجرائها حملات قمعية ردا على الارهاب البلشفي. اما كولتشاك نفسه فقد خانته قواته وقوات الفيلق التشيكوسلوفاكي مما أدى إلى اعدامه على ايدي البلاشفة في مدينة إيركوتسك بسيبيريا الشرقية في مطلع عام 1920.


انتفاضات في روسيا

انتهت المقاومة المنظمة لسلطة البلاشفة في جنوب روسيا بسقوط القرم. وبدأت ديكتاتورية البروليتاريا منذ ذلك الحين في قمع انتفاضات الفلاحين التي عمت روسيا كلها احتجاجا على مصادرة حبوب وممتلكات الفلاحين. ومن اعظم تلك الانتفاضات انتفاضة الفلاحين في مقاطعة تامبوف بقيادة انتونوف التي استخدمت القوات البلشفية لقمعها شتى الوسائل بما فيها الغازات السامة. كما يجدر ذكر انتفاضة البحارة العسكريين في مدينة كرونشتادت الواقعة في ضاحية بتروغراد في مارس عام 1921 وطرح البحارة المتمردون شعار "مجالس سوفيت دون البلاشفة". وقمع المفوضون البلاشفة ووحدات اللجان الاستثنائية" تلك الانتفاضة بقسوة بالغة مغرقين البحارة بدمائهم