اسقاط جدار العزل السياسي مهمة أولى
مرسل: الاثنين ديسمبر 09, 2013 11:33 pm
يفتح يوم المعتقل السياسي العيون والعقول على مشهد زمن الاعتقال السياسي كله ، ويركز الذاكرة على مراحل مرت وتمر ، جرت وتجري فيها مصادرة الحرية وإلغاء السياسة وتجريد الشعب من حقوقه الأساسية والإنسانية .. مراحل من القمع الدموي المتوحش ، وفصولاً من التعذيب ، وقبوراً للضحايا بشواهد وبلا شواهد ، وصراخات معذبين رجالاً ونساء وأطفالاً في أقبية وغرف التعذيب السوداء ، وانتشار عبق الدماء الذكية التي سفحت ظلماً هنا وهناك ، وصور معتقلين سابقين مشوهين جسدياً ونفسياً محرومين من الحقوق المدنية ومن حق السفر إلى الخارج للعلاج ومن فرص عمل يؤمن لهم ولأسرهم وأطفالهم أود العيش البسيط الكريم
على أن أكثر ما يثيره هذا اليوم من مسائل جوهرية ، كاد دخان القمع السياسي أن يحجبها ويموه دروب مقاربتها ، هي مسألة ، أن الدستور لم يأت بالاستبداد وإنما الاستبداد أتى بالدستور ، وقد جاء الاستبداد بهكذا دستور ، ليشرعن الانحراف الحقوقي والسياسي والأخلاقي في بنية الدولة ، وليبني عليه نظامه الجديد وفق أهدافه ومصالح وتطلعاته القهرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ومع سريان الدستور ، ا ستخدم النص الدستوري في الحياة السورية عامة آلية رئيسية في انتهاك حقوق الإنسان ، بوضع حزب البعث الحاكم فوق الدولة والمجتمع ، وفي تركيز الصلاحيات الأساسية العليا بقبضة رئيس الجمهورية " أمين عام الحزب الحاكم " ، التي تفرع عنها وتمأسس بناء النظام بقوانينه التعسفية ومحاكمه الاستثنائية والميدانية وفروعه الأمنية وسجونه ومعتقلاته ،وانبنت عليه ، على النص الستوري ، مفاهيم وأعراف سياسية ـ سلطوية في منتهى البؤس والتناقض مع عناوين الدستور الأساسية ، ومع شرعة حقوق الإنسان . إذ جرى ا ستناداً إلى ذلك ، تقسيم المجتمع إلى طبقتين سياسيتين . طبقة أولى هي طبقة النظام المؤلفة من أهل " الحزب القائد " وأهل أحزاب " الجبهة الوطنية التقدمية " وشركائه المحاصصين في الحقل الاقتصادي .. وهي المالكة عملياً لآليات الدولة بمؤسساتها التمثيلية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية . وطبقة ثانية .. هي طبقة الناس خارج النظام المؤلفة من قوى وحركات على اختلاف أطيافها السياسية وحركات نقابية وطبقات شعبية .. وهي محرومة من الحقوق الأساسية .. من حق المشاركة في إدارة وقرارات آليات الدولة كافة ، لاسيما في الحقول الأساس المصيرية السياسية والعسكرية والاقتصادية ، ما أدى إلى نهوض جدار عزل عنصري سياسي داخل الوطن في كل مستوياته ، انطلاقاً من الحي والقرية والمعمل والمدرسة والجامعة ودوائر الدولة والشارع والجيش والسوق ، وصولاً إلى المؤسسات التمثيلية .. نقابات .. إدارة محلية .. مجلس الشعب .. مجلس الوزراء .. حتى الجمعيات الخيرية والنوادي الاجتماعية والرياضية والفنية
وتحول هذا الجدار إلى عقبة كلية القدرة لتعويق أي تقدم حقيقي .. أي إبداع ذي قيمة هامة ، على كافة الصعد ، كما تحول إلى آلية إنتاج ثنائية نفسية مشوهة ، مطابقة لعلاقات الغبن السائدة في المجتمع ، إذ أنتج وقوى لدى المنتمين إلى الطبقة الأولى حالة نفسية مشحونة بمشاعر " النفاج " التفوق والغرور والتسيد والعظمة ، وحالة نفسية مفعمة بالإحساس بالدونية والتمييز .. وبالتالي اللامبالاة .. والتلطي وراء الصمت المتوجس والحقد المشروع على الظلم وعلى النظام ، لدى المنتمين إلى الطبقة الثانية
وعلى خلفية " شرعية " هذا الجدار ، استبيحت حرية وكرامة وحقوق المواطن .. واستبيح وجوده السياسي والإنساني والمادي ، سيما إذا شكل معوقاً ، في حالة ما ، لسيادة وامتيازات أهل الطبقة الأولى
وعلى هذه الخلفية أيضاً ، إبتدعت واستلهمت أ شكال ممارسات وآليات الاستبداد ، التي ترسخت وتوسعت حتى باتت إنجازاً متميزاً من إنجازات النظام ، وغدت مثالاً يحتذى ويستعان به بالنسبة لأنظمة لم تبلغ مثل هذا المستوى من " الإبداع " القمعي أو تخشى من المساءلة والعقاب في بلدان أخرى . وبذا تحولت الدولة في علاقتها مع المواطن إلى كابوس أمني مرهق .. وتحول قانون النظام " اللاقانون " إلى قيد خانق .. وتحولت أبصار الشعب المضطهد نحو آفاق مجهولة النتائج .. وفتح موسم الصيد السياسي أمام المغامرين وتجار السلطة والسياسة
في هذا الفضاء المشبع بتلوث القمع الموهن لعزيمة المجتمع والمفرغ من السماح القانوني لأي نشاط سياسي ، تصدت منظمات حقوق الإنسان لمهمة الدفاع عن حقوق الإنسان السوري بمستوى عال من الشجاعة والمسؤولية ، وسجل نشطاؤها نجاحات لابأس بها في هذا الصدد ، أهمها ، أنهم لعبوا دوراً كبيراً في فضح وتعرية الاستبداد وأعمال التعذيب والشروط البشعة التي يكابدها المعتقلون في السجون والمعتقلات السياسية ، وساعدوا عدداً كبيراً من المعتقلين لنيل الإفراج عنهم أو التخفيف من معاناتهم وقدموا ثمناً لذلك اعتقال العديد منهم لسنوات عديدة أو ضغوطات أمنية متواصلة . وقد كرس هذا التصدي حضوراً إضافياً معارضاً بشكل آخر للاستبداد ، وأضحى هذا الحضور جزءاً أساسياً من مكونات المشهد السياسي العام .. مشهد لاتكتمل مكوناته الحديثة إلاّ بحضور هذه المظمات الشجاعة ورموزها وصرخات احتجاجاتها الشريفة
على أن ماتم بناؤه في عمارة الدفاع عن حقوق الإنسان أصبح يتطلب إحداث نقلة جديدة في النشاط في هذا السياق . لعل خطواتها الأولى تبدأ بإعادة تركيب معادلة الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل مكافيء لتركيب معادلة بنى النظام الآلية والدستورية . بمعنى أن يكون ا سقاط جدار العزل السياسي العنصري وأبعاده السياسية واللإنسانية المهمة الأولى في مركز الإهتمام المباشر لحركات الدفاع عن حقوق الإنسان ، فهو ، أي الجدار ، يشكل بؤرة الاستبداد والقهر والفساد الأولى ، التي ينبني على النجاح بإسقاطها النجاح في ولوج الطريق المستقيم إلى حقوق الإنسان . وكذلك بتجاوز التناقض في متن الاحتجاجات المتداول بين واقعة القمع .. الاعتقال .. وبين اعتبار ذلك متناقضاً مع مضمون الدستور ، الذي كفل .. ألخ .. في حين أن الدستور لم يكفل سوى استبداد السادة الظلمة ، وبتجاوز التلطي وراء دعوة الرئيس لإزالة المظالم القمعية وهو حامل مفاتيح جهنم النظام ، وبتجاوز التعرض لمخالفات تعتبر مجرد تفاصيل نافلة في إثبات عدم شرعية أو بشاعة ممارسات هذا المسؤول أوذاك أو هذه المؤسسة أو تلك في بنية النظام القائم على أ سس التمييز السياسي العنصري البشعة . لقد ظهر نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان بلباس القديسين .. ومن حق الوطن عليهم أن يبقوا كذلك .. لكن ألا يحتاج القديس أحياناً إلى عصا يتكيء عليها عندما يبدو صعود الجبل صعباً
قد تكون العصا تجديداً في الرؤيا .. أو موقفاً حكمته في جرأته .. أو خطة ا ستراتيجية للحركة القادمة والفعل
للرابضين خلف القضبان بانتظار فجر الحرية .. للمعتقلين السابقين وضحايا التعذيب .. لنشطاء حقوق الإنسان القديسين .. في يوم المعتقل السياسي .. أجمل باقات الزهور مع بطاقة تحمل التصميم على أن يكون زمن الاعتقال السياسي قد قارب نهايته
على أن أكثر ما يثيره هذا اليوم من مسائل جوهرية ، كاد دخان القمع السياسي أن يحجبها ويموه دروب مقاربتها ، هي مسألة ، أن الدستور لم يأت بالاستبداد وإنما الاستبداد أتى بالدستور ، وقد جاء الاستبداد بهكذا دستور ، ليشرعن الانحراف الحقوقي والسياسي والأخلاقي في بنية الدولة ، وليبني عليه نظامه الجديد وفق أهدافه ومصالح وتطلعاته القهرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية . ومع سريان الدستور ، ا ستخدم النص الدستوري في الحياة السورية عامة آلية رئيسية في انتهاك حقوق الإنسان ، بوضع حزب البعث الحاكم فوق الدولة والمجتمع ، وفي تركيز الصلاحيات الأساسية العليا بقبضة رئيس الجمهورية " أمين عام الحزب الحاكم " ، التي تفرع عنها وتمأسس بناء النظام بقوانينه التعسفية ومحاكمه الاستثنائية والميدانية وفروعه الأمنية وسجونه ومعتقلاته ،وانبنت عليه ، على النص الستوري ، مفاهيم وأعراف سياسية ـ سلطوية في منتهى البؤس والتناقض مع عناوين الدستور الأساسية ، ومع شرعة حقوق الإنسان . إذ جرى ا ستناداً إلى ذلك ، تقسيم المجتمع إلى طبقتين سياسيتين . طبقة أولى هي طبقة النظام المؤلفة من أهل " الحزب القائد " وأهل أحزاب " الجبهة الوطنية التقدمية " وشركائه المحاصصين في الحقل الاقتصادي .. وهي المالكة عملياً لآليات الدولة بمؤسساتها التمثيلية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والثقافية . وطبقة ثانية .. هي طبقة الناس خارج النظام المؤلفة من قوى وحركات على اختلاف أطيافها السياسية وحركات نقابية وطبقات شعبية .. وهي محرومة من الحقوق الأساسية .. من حق المشاركة في إدارة وقرارات آليات الدولة كافة ، لاسيما في الحقول الأساس المصيرية السياسية والعسكرية والاقتصادية ، ما أدى إلى نهوض جدار عزل عنصري سياسي داخل الوطن في كل مستوياته ، انطلاقاً من الحي والقرية والمعمل والمدرسة والجامعة ودوائر الدولة والشارع والجيش والسوق ، وصولاً إلى المؤسسات التمثيلية .. نقابات .. إدارة محلية .. مجلس الشعب .. مجلس الوزراء .. حتى الجمعيات الخيرية والنوادي الاجتماعية والرياضية والفنية
وتحول هذا الجدار إلى عقبة كلية القدرة لتعويق أي تقدم حقيقي .. أي إبداع ذي قيمة هامة ، على كافة الصعد ، كما تحول إلى آلية إنتاج ثنائية نفسية مشوهة ، مطابقة لعلاقات الغبن السائدة في المجتمع ، إذ أنتج وقوى لدى المنتمين إلى الطبقة الأولى حالة نفسية مشحونة بمشاعر " النفاج " التفوق والغرور والتسيد والعظمة ، وحالة نفسية مفعمة بالإحساس بالدونية والتمييز .. وبالتالي اللامبالاة .. والتلطي وراء الصمت المتوجس والحقد المشروع على الظلم وعلى النظام ، لدى المنتمين إلى الطبقة الثانية
وعلى خلفية " شرعية " هذا الجدار ، استبيحت حرية وكرامة وحقوق المواطن .. واستبيح وجوده السياسي والإنساني والمادي ، سيما إذا شكل معوقاً ، في حالة ما ، لسيادة وامتيازات أهل الطبقة الأولى
وعلى هذه الخلفية أيضاً ، إبتدعت واستلهمت أ شكال ممارسات وآليات الاستبداد ، التي ترسخت وتوسعت حتى باتت إنجازاً متميزاً من إنجازات النظام ، وغدت مثالاً يحتذى ويستعان به بالنسبة لأنظمة لم تبلغ مثل هذا المستوى من " الإبداع " القمعي أو تخشى من المساءلة والعقاب في بلدان أخرى . وبذا تحولت الدولة في علاقتها مع المواطن إلى كابوس أمني مرهق .. وتحول قانون النظام " اللاقانون " إلى قيد خانق .. وتحولت أبصار الشعب المضطهد نحو آفاق مجهولة النتائج .. وفتح موسم الصيد السياسي أمام المغامرين وتجار السلطة والسياسة
في هذا الفضاء المشبع بتلوث القمع الموهن لعزيمة المجتمع والمفرغ من السماح القانوني لأي نشاط سياسي ، تصدت منظمات حقوق الإنسان لمهمة الدفاع عن حقوق الإنسان السوري بمستوى عال من الشجاعة والمسؤولية ، وسجل نشطاؤها نجاحات لابأس بها في هذا الصدد ، أهمها ، أنهم لعبوا دوراً كبيراً في فضح وتعرية الاستبداد وأعمال التعذيب والشروط البشعة التي يكابدها المعتقلون في السجون والمعتقلات السياسية ، وساعدوا عدداً كبيراً من المعتقلين لنيل الإفراج عنهم أو التخفيف من معاناتهم وقدموا ثمناً لذلك اعتقال العديد منهم لسنوات عديدة أو ضغوطات أمنية متواصلة . وقد كرس هذا التصدي حضوراً إضافياً معارضاً بشكل آخر للاستبداد ، وأضحى هذا الحضور جزءاً أساسياً من مكونات المشهد السياسي العام .. مشهد لاتكتمل مكوناته الحديثة إلاّ بحضور هذه المظمات الشجاعة ورموزها وصرخات احتجاجاتها الشريفة
على أن ماتم بناؤه في عمارة الدفاع عن حقوق الإنسان أصبح يتطلب إحداث نقلة جديدة في النشاط في هذا السياق . لعل خطواتها الأولى تبدأ بإعادة تركيب معادلة الدفاع عن حقوق الإنسان بشكل مكافيء لتركيب معادلة بنى النظام الآلية والدستورية . بمعنى أن يكون ا سقاط جدار العزل السياسي العنصري وأبعاده السياسية واللإنسانية المهمة الأولى في مركز الإهتمام المباشر لحركات الدفاع عن حقوق الإنسان ، فهو ، أي الجدار ، يشكل بؤرة الاستبداد والقهر والفساد الأولى ، التي ينبني على النجاح بإسقاطها النجاح في ولوج الطريق المستقيم إلى حقوق الإنسان . وكذلك بتجاوز التناقض في متن الاحتجاجات المتداول بين واقعة القمع .. الاعتقال .. وبين اعتبار ذلك متناقضاً مع مضمون الدستور ، الذي كفل .. ألخ .. في حين أن الدستور لم يكفل سوى استبداد السادة الظلمة ، وبتجاوز التلطي وراء دعوة الرئيس لإزالة المظالم القمعية وهو حامل مفاتيح جهنم النظام ، وبتجاوز التعرض لمخالفات تعتبر مجرد تفاصيل نافلة في إثبات عدم شرعية أو بشاعة ممارسات هذا المسؤول أوذاك أو هذه المؤسسة أو تلك في بنية النظام القائم على أ سس التمييز السياسي العنصري البشعة . لقد ظهر نشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان بلباس القديسين .. ومن حق الوطن عليهم أن يبقوا كذلك .. لكن ألا يحتاج القديس أحياناً إلى عصا يتكيء عليها عندما يبدو صعود الجبل صعباً
قد تكون العصا تجديداً في الرؤيا .. أو موقفاً حكمته في جرأته .. أو خطة ا ستراتيجية للحركة القادمة والفعل
للرابضين خلف القضبان بانتظار فجر الحرية .. للمعتقلين السابقين وضحايا التعذيب .. لنشطاء حقوق الإنسان القديسين .. في يوم المعتقل السياسي .. أجمل باقات الزهور مع بطاقة تحمل التصميم على أن يكون زمن الاعتقال السياسي قد قارب نهايته