نظام - الحزب القائد - .. !! .. إلى متى .. ؟
مرسل: الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 12:29 am
يكاد أن يكون من المسلم به الاعتقاد ، أنه لايمكن لأي باحث مهتم بالشأن السوري ، يريد إجراء مقاربة شاملة لخلفيات النظام السوري ولسياساته وممارساته ، نحو أربعين عاماً ، أن ينجح بمفرده بتحقيق ذلك . كل ما يمكنه إنجازه فردياً يبقى مجرد خطوات ا ستدلالية باتجاه معرفة المزيد .. والمزيد . ولن يبلغ هذا الجهد غايته إلاً بتكامله مع مبادرات ومشاركات أخرى سياسية وأكاديمية وشعبية ، فالنظام السوري " والحق يقال " قد أبدع في صناعة الدكتاتورية إلى درجة فاقت ما سبقها من ديكتاتوريات شرقية وغربية ، حتى صارت أنموذجاً يستحق بجدارة الدراسة من قبل المهتمين في الجامعات الكبرى . ذلك أنه أقام حكم الحزب الواحد " الحزب القائد " العقائدي بدون عقيدة ، وا ستولد الاستبداد من الدستور ، وطبق " الحرية " بالأحكام العرفية
وعلى سبيل التنوير للباحث الذي يتنطح للقيام بهذه المغامرة " المقاربة " ، عليه بالأخذ بنصيحة السياسيين السوريين المخضرمين ، بالبدء بدراسة الحالة النفسية لأهل النظام ، حتى تفتح أمامه الدروب ، على مستوى " الدولة والمجتمع " . وهذه البداية لاتحتاج إلى كبير جهد ، إنها تحتاج فقط إلى مراقبة أ ساليب إدارة المسؤولين للدولة ، ودراسة قراراتهم وخططهم وشعاراتهم ، والتدقيق بمدى إلتزامهم بمقاييس المصداقية في القول والفعل ، ومراقبة مدارات السياسة والمصالح .. وحركة توزيع وإعادة توزيع الأدوار في مراكز القرار والسلطة
وإذ يقوم الباحث بهذه الخطوة يكتشف ، أن أهل النظام بمجرد ا ستحوازهم على مراكز المسؤولية في الحزب والدولة ، ينقلبون إلى أناس آخرين .. وكأنهم أناس من نوع خاص حبتهم قدرة خارقة دون غيرهم من عباد الله ، لتبوأ المراكز والنفوذ والأمارة ، وهذا ما يشعرهم بامتلاكهم قدرات مضاعفة .. خارقة .. خاصة في الشأنين المالي والأمني .. قدرات لم تكن معرفتها متوفرة من قبلهم هم قبل غيرهم . ما يفضي إلى إكتشاف خلفية نظرتهم الدونية للناس العاديين ، خارج السلطتين الحزبية والحكومية ، واعتبارهم أقل منهم شأناً ومقاماً ، وأدنى منهم مقدرة ومعرفة . الأمر الذي يفسر معاملتهم الناس دون احترام لمشاعرهم وإراداتهم ، خدمة للمصالح العليا المتمحورة حول ذواتهم المتميزة
وربما إبتداء من هنا يجد الباحث الجاد ، في خطوته الثانية ، لماذا تموضع في الدستور النص الذي يكلف هؤلاء السادة ب " قيادة الدولة والمجتمع " تلك المهمة الفائقة الثقل والإعجاز !! ، التي تبدو لهم ، أنه لايمكن لسواهم من أبناء الشعب أن يلم حتى بحدودها الدنيا ، فكيف إذا كانت الأمور معقدة وتحتاج إلى عبقريات نادرة ، غير متوفرة لدى العامة ، الذين يجرون لاهثين ، كل وقتهم في حالة اليقظة ، بحثاً عما يملأون به بطونهم وبطون عائلاتهم وتأمين حوائجهم الحياتية البسيطة
وبهذا يتاح للباحث أن يجد ، أن هذا الإحساس بالتفوق الممتاز المسوّغ دستورياً ، هو مفتاح فهم " الأخلاقي " المحايث للصراع لإكتساب وا ستدامة المستوى اللائق من الثراء السلطوي والطبقي والمالي . ومن ثم يأتي الجواب تلقائياً على السؤال لماذا هذا الغطاء السياسي و " الأيديولوجي " والإعلامي ، الذي ا ستدعى بالضرورة آليات الاستبداد والقمع واغتيال السياسة ، والسطو على المال العام والحق العام والحريات العامة . وا ستطراداً ، لاغنى للباحث عن إجراء قراءة متأنية للملامح الأساسية لسيرورة النظام التاريخية . وما أن يبدأ بالوقائع والصفحات الأولى حتى يجد ، أنه كلما تقدم النظام عمراً كلما كبرت القناعة لديه بعدم أهلية الشعب ، في مستقبل قريب ، لبلوغه سن الرشد السياسي . وكلما عظم النظام قوة وبطشاً كلما عظم لدى أهله الثراء والفساد . وكلما طال زمن الاستحواز على المراكز المسؤولة في الحزب والدولة ، كلما ابتعد أهل النظام عن العقلانية وعن الإلتزام بالقوانين التي أصدروها هم ، وتصبح العلاقة فيما بينهم علاقة تآمرية ، حيث يتآمر الأعلى على الأدنى وبالعكس ، لحماية الفرص الثمينة القائمة أو لإعادة توزيعها ، على حساب الإنسان العادي ، الذي يخضع في نظرهم جميعاً لمفهوم القيمة التبادلية الخادمة لمصالحهم مثل أية سلعة أخرى متداولة في سوق السياسة والنخاسة . ويتحول الصراع ،حول المكاسب فيما بين الأعلى والأدنى وبالعكس ، إلى آلية فساد مركب .. إلى آلية عجز وشل لفعاليات " الدولة " على مختلف المستويات
إلاّ أن أهم ما سيجده الباحث ، عند ملاحظة إكتمال النظام وانتشاره الشمولي ، هو تحول كل تلك الأعراض والممارسات والسياسات إلى ثوابت ، تحكمها قوة وشروط البنية الكلية الواحدة ، وهذا ما أفضى إلى أن ينغرس بالقوة الشمولية ، هذا النمط من " الدولة " في العقول .. في العادات اليومية .. في المطالبات والحاجات والسجالات حول مختلف الأمور .. حتى في الدواخل .. في العمق .. في الضمائر .. وكرس النظام كطرف أوحد في البلاد ، له الملك .. وله الحق في تقرير كل ما يشاء . ففي أية قضية .. وأية مشكلة .. أية مناقشة .. ينبغي ، دون أي تردد ، التوسل إليه لا ليؤخذ منه .. لا ليتذكر .. واجباً من واجباته .. وإنما للتمني عليه ، أن يمنح ويعطي ، حيث تستقر كل مآلات الرجاء تحت سقف عطاءاته ورأفته ، إن شاء ، أو تذهب إلى سلال المهملات ، إن شاء ، وإذا تكرر التوسل أو زاد عن حد التمني ، خاصة في مسائل الحرية وحقوق الإنسان ، يصبح السؤال مؤامرة ، وعلى السائل أن يتحمل تبعات مسؤولية فعله التآمري أمام المحاكم العسكرية وأمن الدولة
وبكلام آخر ، تتكثف هذه الأنا المستبدة المريضة ، بشكل يفكر فيه سادة النظام أنهم يملكون عن " حق مقدس " إمتياز التعاطي مع الناس في مسائل وجودية بطريقة مقلوبة دون أي إحراج . فهم يسلبون المواطن حريته في ممارسة حقوقه الإنسانية والوطنية ، ثم يتكرمون عليه بحرية الخضوع لهم ، يسلبون إرادته السياسية ، ثم يطلبون منه أن يستفتي على إختيارهم سادة فوق رأسه وإيثارهم عليه ، يسجنونه دون أي سند إتهامي قانوني ، ثم بعد إعدام مايرغبون من عمره خلف القضبان ، يتكرمون عليه بالإفراج عنه إفراجاً مشروطاً غالباً بحرمانه من حقوقه السياسية والمدنية ، ينفونه أو يرغمونه على النفي ، ثم يتنّون عليه بوعد مثقوب ، ليفتحوا له ، ذات يوم ، بوابة في جدار المنفى .. لعله في آخر العمر ، أن يعود إلى بيته وأهله .. وأن يدفن بجوار ذويه وأجداده
أما ما لا يمكن أن يحققه الباحث الآن ، في مغامرة المقاربة لهذا النظام .. هو ، كيف يمكن أن يطرح أولوا الأمر في النظام ، مشاريع إصلاح فساد هم أنفسهم الذين صنعوه .. وبآليات الفساد ذاته .. ؟
وإلى متى يستطيع " الحزب القائد " ونظامه السائد ا ستمرار التحكم بالبلاد ، على الرغم من أن نمطية مثل هذه الأحزاب قد فشلت ونسقت لدى أمم أخرى .. وعلى الرغم من أنه غدا ببنيته الانتهازية وأسلوبه الاستبدادي ، إن على مستواه الذاتي ك " حزب سياسي " أو على مستوى الحياة السياسية السورية ، غدا من أكبر المعوقات لأي إصلاح ، وغير قادر على الاستجابة لأي من ا ستحقاقات السياسة والاقتصاد والتطور الاجتماعي .. ؟
ربما ، يمكن للباحث أن يكمل مقاربته بالإجابة على مثل هذا السؤال .. لاحقاً .. في مرحلة ما بعد هذا النظام
وعلى سبيل التنوير للباحث الذي يتنطح للقيام بهذه المغامرة " المقاربة " ، عليه بالأخذ بنصيحة السياسيين السوريين المخضرمين ، بالبدء بدراسة الحالة النفسية لأهل النظام ، حتى تفتح أمامه الدروب ، على مستوى " الدولة والمجتمع " . وهذه البداية لاتحتاج إلى كبير جهد ، إنها تحتاج فقط إلى مراقبة أ ساليب إدارة المسؤولين للدولة ، ودراسة قراراتهم وخططهم وشعاراتهم ، والتدقيق بمدى إلتزامهم بمقاييس المصداقية في القول والفعل ، ومراقبة مدارات السياسة والمصالح .. وحركة توزيع وإعادة توزيع الأدوار في مراكز القرار والسلطة
وإذ يقوم الباحث بهذه الخطوة يكتشف ، أن أهل النظام بمجرد ا ستحوازهم على مراكز المسؤولية في الحزب والدولة ، ينقلبون إلى أناس آخرين .. وكأنهم أناس من نوع خاص حبتهم قدرة خارقة دون غيرهم من عباد الله ، لتبوأ المراكز والنفوذ والأمارة ، وهذا ما يشعرهم بامتلاكهم قدرات مضاعفة .. خارقة .. خاصة في الشأنين المالي والأمني .. قدرات لم تكن معرفتها متوفرة من قبلهم هم قبل غيرهم . ما يفضي إلى إكتشاف خلفية نظرتهم الدونية للناس العاديين ، خارج السلطتين الحزبية والحكومية ، واعتبارهم أقل منهم شأناً ومقاماً ، وأدنى منهم مقدرة ومعرفة . الأمر الذي يفسر معاملتهم الناس دون احترام لمشاعرهم وإراداتهم ، خدمة للمصالح العليا المتمحورة حول ذواتهم المتميزة
وربما إبتداء من هنا يجد الباحث الجاد ، في خطوته الثانية ، لماذا تموضع في الدستور النص الذي يكلف هؤلاء السادة ب " قيادة الدولة والمجتمع " تلك المهمة الفائقة الثقل والإعجاز !! ، التي تبدو لهم ، أنه لايمكن لسواهم من أبناء الشعب أن يلم حتى بحدودها الدنيا ، فكيف إذا كانت الأمور معقدة وتحتاج إلى عبقريات نادرة ، غير متوفرة لدى العامة ، الذين يجرون لاهثين ، كل وقتهم في حالة اليقظة ، بحثاً عما يملأون به بطونهم وبطون عائلاتهم وتأمين حوائجهم الحياتية البسيطة
وبهذا يتاح للباحث أن يجد ، أن هذا الإحساس بالتفوق الممتاز المسوّغ دستورياً ، هو مفتاح فهم " الأخلاقي " المحايث للصراع لإكتساب وا ستدامة المستوى اللائق من الثراء السلطوي والطبقي والمالي . ومن ثم يأتي الجواب تلقائياً على السؤال لماذا هذا الغطاء السياسي و " الأيديولوجي " والإعلامي ، الذي ا ستدعى بالضرورة آليات الاستبداد والقمع واغتيال السياسة ، والسطو على المال العام والحق العام والحريات العامة . وا ستطراداً ، لاغنى للباحث عن إجراء قراءة متأنية للملامح الأساسية لسيرورة النظام التاريخية . وما أن يبدأ بالوقائع والصفحات الأولى حتى يجد ، أنه كلما تقدم النظام عمراً كلما كبرت القناعة لديه بعدم أهلية الشعب ، في مستقبل قريب ، لبلوغه سن الرشد السياسي . وكلما عظم النظام قوة وبطشاً كلما عظم لدى أهله الثراء والفساد . وكلما طال زمن الاستحواز على المراكز المسؤولة في الحزب والدولة ، كلما ابتعد أهل النظام عن العقلانية وعن الإلتزام بالقوانين التي أصدروها هم ، وتصبح العلاقة فيما بينهم علاقة تآمرية ، حيث يتآمر الأعلى على الأدنى وبالعكس ، لحماية الفرص الثمينة القائمة أو لإعادة توزيعها ، على حساب الإنسان العادي ، الذي يخضع في نظرهم جميعاً لمفهوم القيمة التبادلية الخادمة لمصالحهم مثل أية سلعة أخرى متداولة في سوق السياسة والنخاسة . ويتحول الصراع ،حول المكاسب فيما بين الأعلى والأدنى وبالعكس ، إلى آلية فساد مركب .. إلى آلية عجز وشل لفعاليات " الدولة " على مختلف المستويات
إلاّ أن أهم ما سيجده الباحث ، عند ملاحظة إكتمال النظام وانتشاره الشمولي ، هو تحول كل تلك الأعراض والممارسات والسياسات إلى ثوابت ، تحكمها قوة وشروط البنية الكلية الواحدة ، وهذا ما أفضى إلى أن ينغرس بالقوة الشمولية ، هذا النمط من " الدولة " في العقول .. في العادات اليومية .. في المطالبات والحاجات والسجالات حول مختلف الأمور .. حتى في الدواخل .. في العمق .. في الضمائر .. وكرس النظام كطرف أوحد في البلاد ، له الملك .. وله الحق في تقرير كل ما يشاء . ففي أية قضية .. وأية مشكلة .. أية مناقشة .. ينبغي ، دون أي تردد ، التوسل إليه لا ليؤخذ منه .. لا ليتذكر .. واجباً من واجباته .. وإنما للتمني عليه ، أن يمنح ويعطي ، حيث تستقر كل مآلات الرجاء تحت سقف عطاءاته ورأفته ، إن شاء ، أو تذهب إلى سلال المهملات ، إن شاء ، وإذا تكرر التوسل أو زاد عن حد التمني ، خاصة في مسائل الحرية وحقوق الإنسان ، يصبح السؤال مؤامرة ، وعلى السائل أن يتحمل تبعات مسؤولية فعله التآمري أمام المحاكم العسكرية وأمن الدولة
وبكلام آخر ، تتكثف هذه الأنا المستبدة المريضة ، بشكل يفكر فيه سادة النظام أنهم يملكون عن " حق مقدس " إمتياز التعاطي مع الناس في مسائل وجودية بطريقة مقلوبة دون أي إحراج . فهم يسلبون المواطن حريته في ممارسة حقوقه الإنسانية والوطنية ، ثم يتكرمون عليه بحرية الخضوع لهم ، يسلبون إرادته السياسية ، ثم يطلبون منه أن يستفتي على إختيارهم سادة فوق رأسه وإيثارهم عليه ، يسجنونه دون أي سند إتهامي قانوني ، ثم بعد إعدام مايرغبون من عمره خلف القضبان ، يتكرمون عليه بالإفراج عنه إفراجاً مشروطاً غالباً بحرمانه من حقوقه السياسية والمدنية ، ينفونه أو يرغمونه على النفي ، ثم يتنّون عليه بوعد مثقوب ، ليفتحوا له ، ذات يوم ، بوابة في جدار المنفى .. لعله في آخر العمر ، أن يعود إلى بيته وأهله .. وأن يدفن بجوار ذويه وأجداده
أما ما لا يمكن أن يحققه الباحث الآن ، في مغامرة المقاربة لهذا النظام .. هو ، كيف يمكن أن يطرح أولوا الأمر في النظام ، مشاريع إصلاح فساد هم أنفسهم الذين صنعوه .. وبآليات الفساد ذاته .. ؟
وإلى متى يستطيع " الحزب القائد " ونظامه السائد ا ستمرار التحكم بالبلاد ، على الرغم من أن نمطية مثل هذه الأحزاب قد فشلت ونسقت لدى أمم أخرى .. وعلى الرغم من أنه غدا ببنيته الانتهازية وأسلوبه الاستبدادي ، إن على مستواه الذاتي ك " حزب سياسي " أو على مستوى الحياة السياسية السورية ، غدا من أكبر المعوقات لأي إصلاح ، وغير قادر على الاستجابة لأي من ا ستحقاقات السياسة والاقتصاد والتطور الاجتماعي .. ؟
ربما ، يمكن للباحث أن يكمل مقاربته بالإجابة على مثل هذا السؤال .. لاحقاً .. في مرحلة ما بعد هذا النظام