القيم في الفكر الغربي
مرسل: الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 11:14 pm
القيم في الفكر الغربي المعاصر والإسلامي
(تعريفها - أنواعها - أسسها)
استعمال هذا المصطلح في البيئة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين، وبعد:
تعريف القيم:
في الفكر الإسلامي:
لغةً: لها عدة معانٍ أقربُها لِما نحن بصددِه: الثبات والدوام والاستِمرار على الشيء [1].
اصطِلاحًا: لها تعاريف مُتعددة [2]، أشملُها - كما يذكُر بعض الباحِثين -: "حُكم يصدُره الإنسان على شيءٍ ما، مُهتديًا بمجموعة المبادئ والمعايير التي ارتضاها الشرع، مُحددًا المرغوب فيه والمرغوب عنه مِن السلوك" [3].
في الفكر الغربي:
محطات أو مقاييس نحكُم بها على الأفكار والأشخاص، والأشياء والأعمال، والموضوعات والمواقف، الفردية والجماعية، مِن حيث حُسنُها وقيمتها والرغبة فيها، أو مِن حيث سوءُها وعدمُ قيمتِها وكراهِيتها، أو في منزلة مُعينةٍ ما بين الحدين.
إلا أن هذا المفهوم يفتقِر إلى عامل الالتِزام العميق، والرفض القاطِع العملي لكل ما يُنافي القِيم المُثلى [4].
أنواع القيم:
في الفكر الإسلامي:
قِيم عُليا؛ تسمو بالإنسان وترفع مُستواه على المخلوقات (الحق - العُبودية - العدل...).
قِيم حضارية؛ مُرتبِطة بالبِناء الحضاري للأمة (الحرية - المُساواة - العمل - الأمن...).
قِيم خلُقية؛ مُرتبِطة بتكوين السلوك الخلُقي للإنسان المُسلِم لِيُصبِح سجية وطبعًا (الصدق - الأمانة - البِر...).
في الفكر الغربي:
تنوعت وكثُرت فُنونها؛ تبعًا لاختِلاف المُفكرين في نظرتِهم للقِيم [5].
القِيم العقلية "المُتعلقة بالحق"، القِيم الجمالية "المُتعلقة بالجمال"، القِيم الأخلاقية "المُتعلقة بالخير"، وهُناك من زاد القيمة الدينية[6].
أسس القيم:
في الفكر الإسلامي:
• اعتقادي؛ تُبنى عليه القِيم في الإسلام.
• علمي؛ مُرتبط بالقوانين العلمية الواقعية.
• إنساني؛ ما يتعلق بالميل النفسي لدى الإنسان.
• الطبيعة الإنسانية؛ مِن حيث تقبل التوجيه والتطوير نحو الخير والشر.
• حرية الإرادة الإنسانية؛ وهي الأساس في تقييم سلوك الفرد وأعمالِه.
• المسؤولية الإنسانية، والجزاء الأُخروي[7].
في الفكر الغربي:
• العقل.
• المنفعة (اللذة والسعادة).
• المادية.
مع اختِلاف في نظرتِهم لتلك الأُسُس، وعدم اجتماعِهم على أُسُس موحدة تجمع الفكر الغربي في بوتقة فكرية واحِدة[8].
تطبيق لقيمة غربية في البيئة الإسلامية التشريعية:
(العدالة البيئية) قيمة حضارية بيئية، يرى أغلب (الإيكولوجيين)، أنه مدلول مُعاصِر ظهر مع الحربين العالميتين، لكن من يُمعِن النظر يرى أن جُذوره مُترسخة وثابتة في ما سنتْه الشريعةُ؛ مِن ذلك قوله - تعالى -: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، فلو نظرنا إلى بلد يدَّعي أنه مِن أكبر الديمقراطيات في العالم - الولايات المتحدة - فهي تُعد الأُولى في العالم مِن حيثُ جرائمُ القتل والعُنصرية السائدة في تلك البيئة؟!
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - حث على حماية البيئة ومُكوناتها في الحرب، ومِن باب أولى في السلم؛ حيث تزخر السنة النبوية بالدعوات المُتكررة للحِفاظ على البيئة.
روى رباح بن الربيع أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في غزوةٍ غزاها، فمرَّ رسول الله وأصحابُه على امرأة مقتولة، فوقف أمامها، ثم قال: ((ما كانت هذه لِتُقاتل!))، ثم نظر في وجه أصحابه، وقال لأحدهم: ((الْحقْ بخالد بن الوليد، فلا يقتُلن ذريةً، ولا عسيفًا، ولا امرأةً))[9].
أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - جيشه في غزوة مؤتة، وهو يتأهب للرحيل: ((لا تقتُلن امرأةً ولا صغيرًا ضرعًا (أي: ضعيفًا)، ولا كبيرًا فانيًا، ولا تحرِقُن نخلاً، ولا تقلعُن شجرًا، ولا تهدِموا بيتًا))[10].
وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيوشًا قال: ((لا تقتُلوا أصحاب الصوامِع))[11].[12]
من الدراسات التي يمكن الاستفادة منها في هذا المقام:
• "قِيم الأخلاق بين الفكر الإسلامي والغربي نظرة تحليلية"؛ د. خالد حربي، صادرة عن المكتب الجامِعي الحديث بالإسكندرية، وهو كتاب جامع مُختصر للقِيم الأخلاقية، حاول أن يُقدم دراسةً مُقارنةً بين مفهوم الأخلاق لدى المُفكرين المُسلِمين، ولدى المفكرين الغربيين المُعاصِرين، وانتهى فيها إلى أن أهم ما يُميز الأخلاق في الفكر الإسلامي عن الأخلاق في الفكر الغربي - أن الأُولى تأخُذ في السواد الأعظم مِن مبادئها بمفهوم: "الحلال والحرام" كمِعيار للحُكم على الأفعال، في حين تأخُذ في الفكر الغربي بمفهوم: "الصواب والخطأ" في الغالِب الأعم مِن مبادئها، وتلك هي النتيجة النهائية التي انتهت إليها دراسته.
• "القِيم الإسلامية والقِيم الغربية"، علي الأمين المزروعي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ع21، وهي دراسة بحثية منشورة في (40 صفحة)، تتسم بالعُمومية؛ لكن الباحِث أشار فيها إشارات مُقتضبة عن تغايرالأعراف والقِيم في دول الغرب، والمجتمعات الإسلامية بشكل جيد.
• "القِيم بين الإسلام والغرب - دراسة تأصيلية مُقارنة"؛ د. محمد بن مانع المانع، رسالة دكتوراه في قسم الثقافة الإسلامية، ختم الباحث رسالته بتوصيات قيمة، لكن للأسف لم نجِد لها تطبيقًا في واقِعنا، حتى في قسم الثقافة الإسلامية.
كذلك هنالك دراسات أخرى لكن لم أتمكن مِن الاطلاع عليها؛ مثل:
• "القِيم الخلُقية - دراسة نقدية في الفكر الإسلامي والفكر المعاصر"؛ لـ د. سامية عبدالسلام.
• "الأخلاق في الإسلام مع المُقارنة بالديانات السماوية والأخلاق الوضعية"؛ لـ د. يعقوب المليجي.
وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبِه أجمعين.
(تعريفها - أنواعها - أسسها)
استعمال هذا المصطلح في البيئة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، ثم الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمُرسلين، وبعد:
تعريف القيم:
في الفكر الإسلامي:
لغةً: لها عدة معانٍ أقربُها لِما نحن بصددِه: الثبات والدوام والاستِمرار على الشيء [1].
اصطِلاحًا: لها تعاريف مُتعددة [2]، أشملُها - كما يذكُر بعض الباحِثين -: "حُكم يصدُره الإنسان على شيءٍ ما، مُهتديًا بمجموعة المبادئ والمعايير التي ارتضاها الشرع، مُحددًا المرغوب فيه والمرغوب عنه مِن السلوك" [3].
في الفكر الغربي:
محطات أو مقاييس نحكُم بها على الأفكار والأشخاص، والأشياء والأعمال، والموضوعات والمواقف، الفردية والجماعية، مِن حيث حُسنُها وقيمتها والرغبة فيها، أو مِن حيث سوءُها وعدمُ قيمتِها وكراهِيتها، أو في منزلة مُعينةٍ ما بين الحدين.
إلا أن هذا المفهوم يفتقِر إلى عامل الالتِزام العميق، والرفض القاطِع العملي لكل ما يُنافي القِيم المُثلى [4].
أنواع القيم:
في الفكر الإسلامي:
قِيم عُليا؛ تسمو بالإنسان وترفع مُستواه على المخلوقات (الحق - العُبودية - العدل...).
قِيم حضارية؛ مُرتبِطة بالبِناء الحضاري للأمة (الحرية - المُساواة - العمل - الأمن...).
قِيم خلُقية؛ مُرتبِطة بتكوين السلوك الخلُقي للإنسان المُسلِم لِيُصبِح سجية وطبعًا (الصدق - الأمانة - البِر...).
في الفكر الغربي:
تنوعت وكثُرت فُنونها؛ تبعًا لاختِلاف المُفكرين في نظرتِهم للقِيم [5].
القِيم العقلية "المُتعلقة بالحق"، القِيم الجمالية "المُتعلقة بالجمال"، القِيم الأخلاقية "المُتعلقة بالخير"، وهُناك من زاد القيمة الدينية[6].
أسس القيم:
في الفكر الإسلامي:
• اعتقادي؛ تُبنى عليه القِيم في الإسلام.
• علمي؛ مُرتبط بالقوانين العلمية الواقعية.
• إنساني؛ ما يتعلق بالميل النفسي لدى الإنسان.
• الطبيعة الإنسانية؛ مِن حيث تقبل التوجيه والتطوير نحو الخير والشر.
• حرية الإرادة الإنسانية؛ وهي الأساس في تقييم سلوك الفرد وأعمالِه.
• المسؤولية الإنسانية، والجزاء الأُخروي[7].
في الفكر الغربي:
• العقل.
• المنفعة (اللذة والسعادة).
• المادية.
مع اختِلاف في نظرتِهم لتلك الأُسُس، وعدم اجتماعِهم على أُسُس موحدة تجمع الفكر الغربي في بوتقة فكرية واحِدة[8].
تطبيق لقيمة غربية في البيئة الإسلامية التشريعية:
(العدالة البيئية) قيمة حضارية بيئية، يرى أغلب (الإيكولوجيين)، أنه مدلول مُعاصِر ظهر مع الحربين العالميتين، لكن من يُمعِن النظر يرى أن جُذوره مُترسخة وثابتة في ما سنتْه الشريعةُ؛ مِن ذلك قوله - تعالى -: ﴿ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32]، فلو نظرنا إلى بلد يدَّعي أنه مِن أكبر الديمقراطيات في العالم - الولايات المتحدة - فهي تُعد الأُولى في العالم مِن حيثُ جرائمُ القتل والعُنصرية السائدة في تلك البيئة؟!
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - حث على حماية البيئة ومُكوناتها في الحرب، ومِن باب أولى في السلم؛ حيث تزخر السنة النبوية بالدعوات المُتكررة للحِفاظ على البيئة.
روى رباح بن الربيع أنه خرج مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في غزوةٍ غزاها، فمرَّ رسول الله وأصحابُه على امرأة مقتولة، فوقف أمامها، ثم قال: ((ما كانت هذه لِتُقاتل!))، ثم نظر في وجه أصحابه، وقال لأحدهم: ((الْحقْ بخالد بن الوليد، فلا يقتُلن ذريةً، ولا عسيفًا، ولا امرأةً))[9].
أوصى الرسول - صلى الله عليه وسلم - جيشه في غزوة مؤتة، وهو يتأهب للرحيل: ((لا تقتُلن امرأةً ولا صغيرًا ضرعًا (أي: ضعيفًا)، ولا كبيرًا فانيًا، ولا تحرِقُن نخلاً، ولا تقلعُن شجرًا، ولا تهدِموا بيتًا))[10].
وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بعث جيوشًا قال: ((لا تقتُلوا أصحاب الصوامِع))[11].[12]
من الدراسات التي يمكن الاستفادة منها في هذا المقام:
• "قِيم الأخلاق بين الفكر الإسلامي والغربي نظرة تحليلية"؛ د. خالد حربي، صادرة عن المكتب الجامِعي الحديث بالإسكندرية، وهو كتاب جامع مُختصر للقِيم الأخلاقية، حاول أن يُقدم دراسةً مُقارنةً بين مفهوم الأخلاق لدى المُفكرين المُسلِمين، ولدى المفكرين الغربيين المُعاصِرين، وانتهى فيها إلى أن أهم ما يُميز الأخلاق في الفكر الإسلامي عن الأخلاق في الفكر الغربي - أن الأُولى تأخُذ في السواد الأعظم مِن مبادئها بمفهوم: "الحلال والحرام" كمِعيار للحُكم على الأفعال، في حين تأخُذ في الفكر الغربي بمفهوم: "الصواب والخطأ" في الغالِب الأعم مِن مبادئها، وتلك هي النتيجة النهائية التي انتهت إليها دراسته.
• "القِيم الإسلامية والقِيم الغربية"، علي الأمين المزروعي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، ع21، وهي دراسة بحثية منشورة في (40 صفحة)، تتسم بالعُمومية؛ لكن الباحِث أشار فيها إشارات مُقتضبة عن تغايرالأعراف والقِيم في دول الغرب، والمجتمعات الإسلامية بشكل جيد.
• "القِيم بين الإسلام والغرب - دراسة تأصيلية مُقارنة"؛ د. محمد بن مانع المانع، رسالة دكتوراه في قسم الثقافة الإسلامية، ختم الباحث رسالته بتوصيات قيمة، لكن للأسف لم نجِد لها تطبيقًا في واقِعنا، حتى في قسم الثقافة الإسلامية.
كذلك هنالك دراسات أخرى لكن لم أتمكن مِن الاطلاع عليها؛ مثل:
• "القِيم الخلُقية - دراسة نقدية في الفكر الإسلامي والفكر المعاصر"؛ لـ د. سامية عبدالسلام.
• "الأخلاق في الإسلام مع المُقارنة بالديانات السماوية والأخلاق الوضعية"؛ لـ د. يعقوب المليجي.
وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبِه أجمعين.