صفحة 1 من 1

دور نائب الرئيس في النظام السياسي الأمريكي

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 10, 2013 11:53 pm
بواسطة عمر العتيبي 20
دور نائب الرئيس في النظام السياسي الأميركي


نصت المادة الثانية من الجزء الأول من الدستور الأميركي انه في حالة عزل الرئيس من منصبه أو استقالته أو وفاته فأن سلطاته وواجباته تتحول إلى نائبه ، ويتمتع نائب الرئيس بعدد من السلطات والصلاحيات منها : يتولى منصب رئيس مجلس الشيوخ ويقوم بترجيح إحدى الكفتين عندما تتساوى الأصوات في الكونكرس ، ويعد نائب الرئيس عضواً في مجلس الأمن القومي ومستشاراً للرئيس ويحضر اجتماعات الوزراء مع الرئيس .
إن منصب نائب الرئيس قليل الأهمية واستشاري نوعاً ما ففي مختلف عهود الرؤساء السابقين لم يكن لنائب الرئيس دور تنفيذي مؤثر وكان يعهد به إلى مهام يكلفه بها الرئيس اغلبها اتصالات خارجية مع دول العالم ، وفي ذلك يقول جون آدمز أول نائب رئيس للبلاد { أنا لست شيء ولكني قد أصبح أي شيء } ، وكثيراً ما تروى قصة الشقيقين اللذين خرجا من منزلهما احدهما ركب البحر ، والآخر أصبح نائب للرئيس وكلاهما اختفى أثره ولم يعد احد يسمع عنه ، ويبقى نائب الرئيس قاب قوسين أو أدنى من كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية .
بالرغم من الدور الضئيل لنائب الرئيس كما اشرنا إلا إن كثيراًً من الرؤساء في الفترة الأخيرة خولوا نوابهم مسؤوليات هامه فلقد اطلع (جيمي كارتر) نائبه (والتر مونديل )على القرارات الإدارية الهامة وأشركه فيها وفعل (رونالد ريكن) الشيء نفسه مع نائبه (جورج بوش) ، أما (جورج بوش) فقد أعطى بدوره مسؤوليات هامه لنائبه (دان كويل) ، أما في عهد (بوش الابن) فان الصورة قد اختلفت أكثر فقد أسدى لنائبه (ديك تشيني) صلاحيات ونفوذ لم يسبق أن تمتع بها نائب رئيس من قبله ، فالبعض أشار بأن الرئيس الحقيقي هو( تشيني) وليس (بوش) على الأقل في المرحلة الأولى من العهد الرئاسي .
هناك من يؤكد بأن (ديك تشيني) هو الذي دفع (بوش الابن) لغزو العراق بسبب آرائه المحافظة والمتطرفة ، فهو من صقور البيت الأبيض دون شك بل ربما كان أول الصقور ، ففي انتخابات عام 2000 أصبح (تشيني) أقوى نائب رئيس في تاريخ أميركا على الإطلاق وانطلق يقود خطى (بوش الابن) المغرورة وقليل الخبرة في مجال السياسة ، فانطلق يعلمه أسرار السياسة الداخلية والخارجية فهو مخضرم في ميدان السياسة .
وحري بنا أن نغوص في تاريخ هذا الرجل لنرى كيف انه ملم بعلم السياسة عملياً ونظرياً وكيف انه اخذ كل هذه المكانة في ظل حكم بوش الابن ، فنجده قد حصل على شهادة الماجستير في العلوم السياسية عام 1966 ، وفي ظل رئاسة (جيرالد فورد) أصبح (تشيني) السكرتير العام للرئاسة ، وفي عام 1976 قاد (تشيني) الحملة الانتخابية الرئاسية الثانية لـ(جيرالد فورد) بالتعاون مع (جيمس بيكر) غير إنهما فشلا في مسعاهم حيث فاز بمنصب الرئيس (جيمي كارتر) ، وفي عام 1978انتخب (تشيني) لأول مره عضواً في مجلس الشيوخ وبقى محافظاً على مقعده هذا حتى عام 1989 ليصبح وزيراً للدفاع في حكومة (بوش الأب) واشتهر بقيادته حرب الخليج الثانية ضد العراق ، وتلقى على أعماله تلك الميدالية الرئاسية كونه ساهم في الدفاع عن أميركا في أوقات عصيبة ، وفي عام 1993 وبعد فشل (بوش الأب) في الحصول على فتره رئاسية ثانية ونجاح (بيل كلينتون) بمنصب الرئاسة ترك (تشيني) العمل السياسي والتحق بمركز بحوث يعبر عن أفكار المحافظين الجدد ويدعى معهد المبادرة الأمريكية ، وبعد انتصار (بوش الابن) على (آل غور) في انتخابات عام 2000 أصبح (ديك تشيني) نائب الرئيس و(دونالد رامسفيلد) وزيراً للدفاع و(رامسفيلد) هذا كان صديقاً قديماً لـ(تشيني) فهو الذي ادخله البيت الأبيض ودعمه وأوصى به في ظل حكومة (جيرالد فورد) والتي كان (رامسفيلد) فيها وزيراً للدفاع آنذاك ، وما كان يعلم بأنهم سيلتقون بعد أكثر من ربع قرن عندما أصبح (تشيني) نائب الرئيس و(رامسفيلد) وزيراً للدفاع مره ثانية .
إن (ديك تشيني) كان صديقاً حميماً أيضاً لأحد كبار منظري المحافظين الجدد ألا وهو ( بول ولفويتز ) نائب وزير الدفاع الأميركي فقد تأثر بأفكاره المستخلصة من مقولته { إن على الولايات المتحدة أن تفرض رأيها على العالم كونها الأقوى ، ولأنها تمثل قيم الحرية و الديمقراطية ، وبالتالي ينبغي أن تتخلى عن سياستها الحذرة أو الواقعية على طريقة كيسنجر وان تتبنى سياسة هجومية هادفة إلى منع ظهور أي قوه منافسه لها في العالم ، والطريقة الوحيدة لها لإخافة كل القوى الكبرى الأخرى هي في دعم الجيش الأميركي كي يبقي أقوى جيش في العالم ، فالناس لا يفهمون إلا لغة القوة ولا يحترمون إلا القوي } مما يدلل على إن اختيار (بوش الابن) لهذه التشكيلة الوزارية كان لنائبه يد فيها وتعتبر بمثابة رد الجميل لهم ، فهل هذا قدر العراق و أفغانستان الذي جلب مثل هذه التشكيلة الوزارية المحافظة والمعادية لكل ما هو عربي ومسلم ! وهل سيشهد النظام السياسي الأميركي مزيداً من الدور لمنصب نائب الرئيس ؟ أم إن هذه حالة نادرة في ذلك النظام .