منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بإبداعات الأعضاء

المشرف: حمد القباني

#20487
لم اؤمن باي مبدا او قيمة تستحق في حياتي فليس لي في الدين او الشرف او حتى الاخلاق .. نصيب او معرفة ، اعيش يومي لذاتي لا اهتم باي شيئ اخر سوى ما يطعمني ويلبسني او يمتعني ، لا احل حلالا او احرم حراما .
عاطل عن الكسب والسعي انا منذ شببت عن الطوق فلا عمل ولا اهل ولاشي حتى العلم لم اصب منه الكثير اللهم الا ما يعينني على معرفة الاشياء او النصب على الاحياء .. شكلي وسيم واجيد التحدث والاقناع لذا يستعين بي بعض الصحب حين يرومون شراء شيئ ما او المفاوضة لامر فاحاور واناور واكذب واحلف حتى استحصل على ما اريد ثم يعود على نصيب من العمليه كمكافاة من المشتري ..
في كثير من الاحيان لا اجد مثل هذه الفرص الشريفه فالوذ بطرق اخرى للمعيشه والتكسب .. نعم السرقة .. لابد مما لابد منه كما يقولون والا لمت من الجوع والقلة فكما اسلفت انا عاطل منذ زمن .. حاولت البحث عن عمل اكثر من مرة الا اني اصطدم بعوائق شتى .. كالشهادة واللغة والخبرة الى غير ذلك من الترهات وكأني اتقدم لشغل منصب لرئيس ..
لذا لم اجد امامي في كثير من الاحيان الا النصب والاحتيال او السرقة .. هكذا كانت ايام حياتي تسير ولاني كما قلت انفا باني لا اهتم الى أي شيئ غير متطلبات حياتي واللهو فقد فوجئت باحد الصحب يقول لي يوما ..

ـ هل سمعت بالخبر ؟
ـ أي خبر تعني ؟
ـ امريكا وجهت انذارا للرئيس ليغادر البلاد في غضون اربع وعشرون ساعة والا هاجمتنا .
ـ اي رئيس تعني ؟
ـ رئيسنا ايها الاحمق
ـ حسنا وما شأني انا بالامر ..
ـ ما شأنك !! .. ايها الابله ، الا تعرف ما يعني ذلك ؟
ـ هل سيغير هذا من حالتي ؟
ـ لا اظن
ـ اذن لا يعنيني الامر في شيئ ، فليذهب الاثنان الى الجحيم .

وبالفعل فقد ركب الرئيس دماغه ولم يحقق للامريكان مطلبهم فقامت الحرب ولم تدم طويلا حتى دخلوا البلاد اثناء ذلك كانت احداث الحرب على قصرها فرصة مناسبة لي لاستفيد وكما يقولون مصائب قوم عند قوم فوائد .. القصف والهلع والموت والدمار كانت اجواء مناسبه لامثالي لينشطوا في مزاولة مهنتهم .. السرقة .. كانت الحصيلة لا باس بها فقد استطعت في يوم واحد ان اسطوا على ما يقارب الست بيوت ومحلين كان اصحابها قد هجروها مبتعدين الى اماكن لا يطولها القصف ، اياما سعيدة بالنسبة لي حتى تمنيت فيه ان الحرب تطول او لا تنتهي ..

للاسف انتهت ايام السعد بانتهاء الحرب او هكذا كنت اظن .. ولكن فوجئت بعد ايام من فرار الرئيس وحاشيته ومعاونية بان البلاد برمتها تدخل في فوضى عارمه لا مثيل لها منذ دخول التتار ..
الا تتعجبوا فقد قلت لكم انا متعلم بقدر لا باس به واعلم بان التتار قد احتلوا البلاد قبل مولدي بخمسون عاما او اكثر وقامت ثورة من عشائر الجنوب بطردهم ..
على أي حال ابتسم لي الظرف مرة اخرى وكانت الفرصة وسط هذه الفوضى التي استمرت شهورا اكثر من ملائمة لأ توسع في مهنتي فشملت ما هو اكثر من الدور السكنية الى مؤسسات الدولة .. نهبت في هذه كل شيئ فقد سمعت احد الملتحين يقول بان هذه الامر حلالا لانها اموال الشعب ، رغم اني لا اثق بامثاله كثيرا واجد ان هذا واشباهه من الثرثارين لا اكثر الا ان كلامه ذاك وافق هواي فانطلقت انفذ الفتوى حتى تمكنت في وقت قصير ان استحصل مما كسبته على ثروة لا باس بها استطعت معها ان افتح محلا واشترى مركبة واصبح من اصحاب الاملاك والاراضي.
لم يمر وقت طويل حتى استتب الامر للسلطة الجديدة وراحت الامور تتبدل واصبحت السرقة امر يجرم عليه مرتكبه .. الا اذا تم تحت سلطة القانون كما يفعل الحكام الجدد حين استولوا بقواتهم على مباني الحكومة السابقة .. حقا امر عجيب.
على أي حال ما دمت الان غني فلست بحاجة الى السرقة لذا فقد توقفت عنها لانتبه الى مصالحي الجديده ..
مرت سنوات علي وانا في حالي الجديده وزادت اموالي وممتلكاتي الا اني لم اتزوج بعد او اكون اسرة وربما مرد ذلك لكوني لم احاول او لاني خشيت ان اسأل عن اصلي وفصلي وحسبي ونسبي وعشيرتي وغير ذلك من الكلام الفارغ فاحجمت .
مع توسع الاعمال وجدتني مجبرا على التعامل مع الحكومة فكما هو معروف فاموالها كثيرة وليس لها راعي وما عليك الا ان تغرف منها ولكن بذكاء او برشوة وبالفعل وجدتني اغرف منها باستخدام ما وهبني الله تعالى من مواهب كالوسامة وطلاقة اللسان او في كثير من الاحيان بالرشوة ولا اخفيكم سرا اني لطالما لجأت الى الثانية لسهولتها فقد اكتشفت ان كل رجال العهد الجديد بلا استثناء يفضلون التعامل بالاوراق الخضراء على الكلمة بل اني اكتشفت انها توسع النفوذ والمعارف اكثر من الثرثرة والمجاملات.
بعد اقل من سنه من الانغماس في هذا المحيط الحكومي الفاسد كما يطلق عليه مرضى الشرف والعفة الفقراء حتى اصبحت احد الرجال المقربين من ذوي النفوذ والسلطة .. رغم اني لم احب اجوائهم او استسيغ او افهم كلامهم ولكن كما يقولون ان كان لديك عند الكلب حاجه فقله يا سيدي ..
حتى اني تزوجت بنت احدهم .. وكيل احدى الوزارات .. لم يسألني تلك الاسئلة الفارغة عن الحسب والنسب والعشيرة فالرزم الخضراء الغت عنده مثل هذه الاسئلة الغبية وهو بدورة استمر في منصبه اعواما دون ان تطاله يد التغير او يحاسب على سرقاته وافعاله المشينه كونه مقربا من السفير الامريكي وهو ما اكتشفته فيما بعد حين كنت ارافق هذا اللص ، عمي المحترم في جولاته وزياراته الى السفارة الامريكية .. مما افادني في التواصل مع هذه الشخصية المهمة ومع مرور الوقت فوجئت بهذا السفير يحدثني في جلسة سمر بريئة في امر عجيب ..

ـ ما لذي يمنعك يا صديقي العزيز من ان ترشح نفسك في الانتخابات المقبلة ؟
ـ انتخابات ؟!!
ـ اجل ، الانتخابات ، فانت الان رجل اعمال مرموق ذو صلات كبيرة ومعروف لدى معظم اوساط رجال المال والاعمال ناهيك عن ثروتك الطائلة التي بحاجة الى قوة لتحميها .
ـ وما شأن ثروتي بالموضوع ؟
ـ الا تعلم يا صديقي بان المال والسلطة توأمان لا ينفصلان او بمعنى اخر لا غني لاحدهما عن الاخر ؟
ـ ربما الا اني لا اهتم كثير لامور السياسية ناهيك عن اني لا افقه فيها الكثير .
ـ ومن قال لك بان كل السياسين في وقتنا الحاضر يفقهون في السياسة او حتى يحبونها ..
ـ والمعنى ؟
ـ يا عزيزي ان القليل فقط هو من يمارس السياسه ويتفاعل معها اما البقية فدخلوا لزيادة اموالهم وثرواتهم و .. حمايتها

وبالفعل شرح لي الصديق الامريكي كيف ان الساسية تفتح الابواب المغلقة من العمولات والرشاوي والصفقات الحكومية المشبوهه ناهيك عن الحصانه التي يمكن للمرء ان يمارس بها ما شاء من جرائم دون ان تطاله يد القانون الذي كما قال وضع ليطبقه الحمقى والفقراء فقط ..
وجدتني اكثر التفكير في هذا الامر فيما بعد ولانني كما اسلفت لا اؤمن باي مبدا او قيمة او حتى دين حسبتها حسبة عرب كما يقولون فوجدتني سازيد من ثروتي اضعافا مضاعفه في وجودي كسياسي خصوصا في مسألة الصفقات فعمي مثلا ربح اكثر من ثلاثين مليون اخضر من صفقة لحوم خنازير مذبوحه استوردها على انها لحوم بقر وباعها لوزارة التجارة وهذه بدورها باعتها على الاسواق في عيد الاضحى الماضى ونفذت باكملها دون ان ينتبه لذلك احد .. اذن الموضوع مربح .
فقررت خوض التجربة الا اني ترددت بعد ان وجدتني مطلوب مني ان اصرف مبلغا ضخما على الدعاية الانتخابية مبلغا لا يستهان به .. ارجوكم لا تظنوني بخيلا او مقترا .. فانا كريم جدا وسخي حتى اني اذكر بان اخر حفلة اقمتها للسفير البريطاني والفرنسي كلفتني اضعاف المبلغ المطلوب للدعاية ولكني رجل حريص استخسر ان ارمي تعبي وكدي في اوراق ولوحات قماشية او ولائم لمجموعة من المتسكعين الشحاذين .. وكدت ان اصرف النظر كليا عن موضوع الترشيح لولا ام العيال .. زوجتى الفاضلة العزيزة ابنة العم وكيل الوزارة التي بادرتني بعد ليلة صاخبة .. قائلة ..
ـ لا داعي لتصرفها من جيبك الخاص .
ـ اذن من جيب من تظنيني ساصرفها ؟
ـ التبرعات
ـ التبرعات ؟
ـ اجل ، اجمع من تعرف من التجار ورجال الاعمال ومن تتعامل معهم واعرض عليهم صفقة بان تتيح لهم حرية التعامل مع عقود الحكومة وان يكون الافضلية لهم بالتعامل مع المشاريع الحكومية ان تم انتخابك مقابل ان يمولوا دخولك الانتخابات.

حقا انها ابنة ابيها هذه المراة فقد صادتها كما يقولون .. أي فكر خبيث ولصوصي معجونة به هذه العائلة .. على أي حال فعلت كما اشارت جمعت كل من تعاملت معهم من التجار ورجال الاعمال وغيرهم بل حتى اللصوص من اصحاب المهنة القديمة والين استغنوا .. جمعتهم في حفل ضخم وعرضت عليهم الموضوع ، ولم اتوقع تلك الموافقه الجماعية والحماسية .
وخضت الانتخابات وجئت في دائرة انتخابية فيها مرشحان غيري وكانت الاموال كثيرة فنزلت بحملة دعائية ضخمة غطت على المرشحان الاخران ولضمان الفوز الاكيد كان لابد من الاصدقاء ان يتدخلوا فصديقنا الحميم السفير اتفق مع لجنة الانتخابات بان تكون مرنة في امر صناديق الاصوات يعني اذا لاحظوا من يدخل في الليل الى المراكز الانتخابية الا يلقوا اليه بالا فلربما يكون ناخبا قد تأخر عليه الوقت واحب ان يصوت .. فالديمقراطية يجب ان تضمن للجميع اما عمي المحترم فتكفل بمساعدتي بكتابة بطاقات الترشيح عمن لم يستطع من المعوقين والفقراء وممن لا يجد وسيلة توصلة من منزله لمكان الانتخاب وحتى الاموات لهم نصيب في ترشيحي .. يعني لابد من قراءة الفاتحه على ارواحهم .. تذكرت لابد ان احفظ الفاتحه ..
المهم في النهاية فزنا والحمد لله وانا الان عضو في البرلمان منذ خمس اعوام ورئيس لجنة حقوق الانسان ونائب لجنة الدفاع عن المراة ومقرر لجنة الحريات وامين سر المجلس ومرشح لرئاسة البرلمان .
واستمرت حياتي على هذا المنوال الهادئ حتى الحت علي الذكريات وعصف بي الشوق الى تلك الايام الجميلة والرائعة الملى بالمغامرات والمطاردات والتشويق .. ايام اللصوصية الغراء فوجدتني انطلق مع اثنان من اخص حرسي الخصوصين الذين كانوا من زملاء المهنه لاعيد ممارسة مهنتي الحبيبة فعينت احد البيوت بعد ان تاكدت من خلوه من ساكنيه ولكن لسوء حظي كانت المعلومات عن المنزل غير صحيحة ففوجئت بان المنزل ملغم فقبض علي اهله .. كتفوني وحبسوني في الحمام بعد ان كمموا فمي وبدات لعبة الاستمتاع بجسدي بالانابيب المطاطية وعصي الخيزران المرنة واستمر الامر لنصف ساعة ولم ينقذني الا طرق على باب البيت توجه بعده اهل المنزل الى الباب لمعرفة من الطارق ولم يكن سوى حارسي الشخصيين وامكنني ان اسمع بعضا مما دار بينهما وبين اصحاب البيت ..

ـ نحن من المخابرات وقد كنا نطارد لصا نعتقد انه دخل داركم
ـ نحن لا ننام الا بعد صلاة الفجر ولم نسمع او نرى شيئا
ـ على اية حال اذا شككتم باي شئ مريب فنحن لا نزال في المنطقة
وقفل راجعا مع صاحبه ليتركاني لوصلة ضرب ثانية استمتع بها اصحاب المنزل .. وعاد الباب ليطرق ثانية فتوقف الضرب مرة اخرى ولم يكن الطارق سوى حارسي الشخصي مرة اخرى .. يحبني كثيرا هذا الفتى ..
ـ ياسيدي انا متاكد بان اللص قد دخل داركم ولم يخرج منها
ـ ياصديقي اؤكد لك بان لا ...
مقاطعا..
ـ ياسيدي ارجوك ان من تحتجزونه في الداخل هو رجل مهم في الدولة وقد حن لأيام الصبا الطائشة ولابد ان يعود معي الان وسنعمل على تعويضكم .
صمت الرجل لبرهة مفكرا ثم غمغم ..
ـ حسنا ، دعني اتأكد
وعاد الي ليفك الكمامة عن فمي وسألني ..
ـ ما اسمك ؟
فلما استوثق صفعني بقوة وهو يسترسل ..
ـ هذا حتى تتذكر من يقبعون في سجونكم .. واياك ان تعود لمثلها ..
ـ لن افعل ما حييت ..
تلني من ملابسي كالذبيحة فمسح بها ارضية منزلة وما يمكن ان اشعر به من كرامة ليرمي بي الى صاحباي ونفر من المكان وبعدها من البلاد باكملها ومذ ذاك الحين وانا امارس سلطاتي من الخارج خوفا من الفضيحه .. ومع هذا فانا لص شريف فقد عملت على تعويض الرجل عما لحق به واهل بيته رغم ما فعلوه بي ..
#20608
شكراً

ذي قار

على النقل الأكثر من رائع

تحياتي