العدوان الثلاثي على مصر,,,
العدوان الثلاثي على مصر (أو حرب 1956)...
العدوان الثلاثي هي حرب وقعت أحداثها في مصر في 1956م وكانت الدول التي اعتدت عليها هي بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على أثر قيام جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس. تعرف أيضا هذه الحرب بحرب ال 1956.
إستعداد الجنود الإسرائيليين للقتال في سيناء
أسباب العدوان
كان لكل دولة من الدول التي أقدمت على العدوان أسبابها الخاصة للمشاركة فيه من هذه الأسباب:-
1/ توقيع مصر اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي تقضي بتزويد مصر بالأسلحة المتقدمة و المتطورة بهدف تقوية القوات المسلحة لردع إسرائيل، مع العلم أن توقيع هذه الاتفاقية لم يأت إلا بعد رفض الدول الغربية تزويد مصر بالأسلحة. الأمر الذي أثار حماسة إسرائيل للاشتراك في هذا العدوان لأنها رأت أن تزوّد مصر بالأسلحة المتطورة تهدد بقاءها وكما أن إسرائيل كانت مهمتها أثناء العدوان أن تقصف فلسطين جواً وبراً وتحتل أجزاءً منها بالإضافة إلى إحتلالها لـسيناء في مصر.
2/ دعم مصر للثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي و إمدادها بالمساعدات العسكرية مما أغضب فرنسا و حرّضها على المشاركة في العدوان.
3/ تأميم قناة السويس الذي أعلنه الرئيس جمال عبد الناصر في يوم 26 يوليو عام 1956م. هذا التأميم منع إنجلترا من التربح من القناة التي كانت تديرها قبل التأميم، و بذلك دخلت إنجلترا في العدوان الثلاثي.
الغزو:
كانت إسرائيل مطمئنة بشأن بعض الدول العربية، إما لأنها بعيدة عن حدودها أو لوقوعها تحت نفوذ الدول الموالية لإسرائيل ، أو لعدم قدرتها عسكرياً على التصدي لها، ولكنها كانت تعتقد أن مصر بعد قيام ثورة 1952 هي العقبة الحقيقية في طريق أطماعها. لذلك انتهزت الفرصة عندما تلاقت مقاصد الاستعمار الغربي مع مقاصدها بمناسبة تأميم حكومة الثورة لشركة قناة السويس في يوليو 1956م . واتفقت على مؤامرة مع كل من إنجلترا وفرنسا ، وبدأت القوات الإسرائيلية تهاجم الحدود المصرية في 29 أكتوبر 1956م. وانذرت الدولتان الاستعماريتان كلا من مصر واسرائيل بوقف القتال على ان تقف قوات كل منهما على بعد اميال قليلة من جانبي قناة السويس ، ولما رفضت مصر الانذار هاجمت القوات الاستعمارية الإنجليزية والفرنسية منطقة القناة لتطويق الجيش المصري في سيناء ، ولكن القيادة المصرية فوتت عليهم هذا الغرض فارتدت واخلت سيناء حيث تقدم الجيش الإسرائيلي واحتلها . استمر الفدائيون من رجال الجيش بالاشتراك مع الشعب في قتال القوات الاستعمارية في بورسعيد ، وتدخلت الامم المتحده ونددت بالعدوان الثلاثي علي مصر وطالبت المعتدين بالانسحاب وضغطت الولايات المتحدة على كل من إنجلترا وفرنسا ، كما هدد الاتحاد السوفيتي الدول المعتديه، بالإضافة الي ثورة العمال المتعطلين في إنجلترا وفرنسا ضد حكومتهما بسبب ما تعرضوا له من البطالة ، وبذلك فشل الاعتداء واضطرت الدول المعتديه سحب قواتها بعد أن وافقت مصر على قرار الامم المتحدة بوجود قوة طوارىء دولية على الحدود الفاصلة بين مصر واسرائيل ، وفى منطقة شرم الشيخ المطلة على خليج العقبة.
الغزو الإسرائيلي لسيناء ضمن العدوان الثلاثي
أسباب الفشل:
من أهم أسباب فشل العدوان الثلاثي على مصر هو شدة المقاومة المصرية و التحام الجيش و الشعب ضد العدوان ولكن هناك أسباب أخرى أجبرت الدول الثلاث على الانسحاب بسرعة أهمها:
* معارضة الاتحاد السوفييتي للعدوان الثلاثى.
* تأييد الاتحاد السوفييتي لمصر و تهديده بالتدخل العسكري لوقف العدوان.
* وقوف الشعوب العربية إلى جانب مصر.
* معارضة الولايات المتحدة الأمريكية مبدأ استخدام القوة .
* تنديد هيئة الامم المتحدة بأعمال الدول الثلاث في مصر .
نتائج العدوان الثلاثي:
1/ انسحاب القوات البريطانية و الفرنسية من بورسعيد في 23 ديسمبر 1956م، ولذلك تحتفل محافظة بورسعيد في ذلك اليوم من كل عام بعيد جلاء قوات العدوان.
2/ انسحاب إسرائيل متأخرةً من سيناء في أوائل عام 1957م، كما هربت (لم يكن انسحابا كما يسمونه) من قطاع غزة.
3/ وضعت قوات طوارئ دولية على الحدود المشتركة بين مصر و إسرائيل.
تعتبر أزمة السويس استنادا للأدبيات السياسية والاستراتيجية للدول العظمى ، بانها فاتحة عصر جديد في عميلة الصراع وأدواته بين القوى العظمى بعد الحرب العالمية الثانية وظهور الولايات المتحدة الاميركية كقوة دولية طامحة لتبوء مكانة مهيمنة في السياسة الدولية ، جاءت ضمن العالم الغربي لتحتل عنوة جميع مواقع الدول العظمى السابقة بريطانيا وفرنسا ، والتي أفل نجمها بعد العدوان الثلاثي . ناهيك عن صراع الوجود الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ممثلة للعالم الغربي وبين الاتحاد السوفيتي ممثلا للعالم الشرقي.
كما نجم عن أزمة السويس تصورا خطيرا لدى الشعوب العربية وقادتها ونخبها السياسية والاعلامية، مفاده بأن موقف الولايات المتحدة المناوىء للعدوان الثلاثي مبني على نظرة اميركية متصالحة وصديقة نحو العرب، وعزز هذا الاعتقاد بعض السلوكيات والتصريحات للولايات المتحدة والتي توحي بالود والصداقة نحو العرب في عهد الرؤساء ايزنهاور وكنيدي ومستهل فترة جونسون، مما ادى إلى رسم سياسات مغلوطة بان الولايات المتحدة ستساند العرب ضد اي عدوان إسرائيلي، كما حدث في ازمة السويس. ولم يخطر ببال منسقي السياسة الاستراتيجية العرب بان للولايات المتحدة خططا للهيمنة على العالم من خلال الحرب الباردة وسياسة الأحلاف. وهذه إحدى الأسباب التي أدت بالنتائج السلبية لحرب يونيو \ حزيران 1967 والتي استبعدت عامل دخول الولايات المتحدة إلى جانب اي عدوان مرتقب ، حيث كانت القوات العربية قد ضمنت تفوقها في المعركة ومن خلال الدعم السوفيتي على إسرائيل ، مع اي دعم بريطاني و فرنسي لاسرائيل.
ومن النتائج الأخرى لفشل العدوان الثلاثي هي ازدياد شعبية جمال عبدالناصر والخط السياسي لذي كان ينتهجه وازدادت هذه الشعبية أكثر بعد إعلان قيام الاتحاد العربي بين سوريا ومصر كنواة لدولة عربية شاملة ذات نظام لامركزي والتي أعلنت عام 1958 . مما أدى إلى تسريع قيام الحركات المناهضة للأنظمة الموالية للدول العظمى الاستعمارية ، ذات التطلعات المهيمنة على مقدرات العالم الثالث كحركة 14 يوليو\تموز 1958 في العراق وحركة 26 سبتمبر \ ايلول 1962 في اليمن ، ومسيرة الاستقلال في تونس عام 1956. في الحقيقة مسيرة الاستقلال في تونس توجت في 20 مارس من عام 1956 أي قبل العدوان الثلاثي.