صفحة 1 من 1

أزمه المشاركه

مرسل: الثلاثاء أغسطس 04, 2009 7:56 pm
بواسطة عبدالعزيز ابوخالد
المبحث الثالث في أزمة المشاركة

ليس ثمة شك في أن المشاركة السياسية تمثل بحق أحد مقومات الحداثة السياسية, ويشير البعض إلى ذلك بقوله :(إن المجتمع التقليدي يفتقر إلى المشاركة , بينما المجتمع الحديث يتمتع بها ).

يعرف أحد الباحثين العرب المشاركة السياسية بأنها :(عملية تطوعية أو رسمية تعبر عن اتجاه عام رشيد وتتضمن سلوكاً منظماً ومشروعاً متواصلاً , يعكس إدراكاً مستنيراً لأبعاد الدور الشعبي في عالم السياسة ويتسلح بالمفهم العميق للحقوق والواجبات , ومن خلال هذه العملية يلعب المواطنون دوراً إيجابياً في الحياة السياسية فيما يتصل باختيار القيادات السياسية على كافة المستويات , وتحديد الأهداف العامة , والمساهمة في صنع القرار السياسي , ومتابعة تنفيذه بالمتاح من أساليب الرقابة والمتابعة و التقويم )

ومهما يكن من أمر هذا الاختلاف بين الباحثين بصدد تعريف المشاركة السياسية فإننا نتفق مع الرأي القائل بأن المشاركة تشمل كل ما يلي :
1- مجموعة التصرفات التي من خلالها تنقل الجماهير مطالبها إلى الصفوة الحاكمة ,وكذا تلك التي تدعم بها الجماهير الصفوة .
2- جملة الجهود التي تبذلها الجماهير بهدف التأثير في سلوك الحكام , وكذلك تلك التي تقوم بها وهي بصدد اختيار القيادات السياسية على المستوى المحلي والقومي
3- عملية التمثيل البرلمناني : وهي تمثل إحدى صور المشاركة الهامة في المجتمعات المعاصرة التي تتسم بضخامة عدد سكانها , على نحو لاتتاح للمواطنين في ظله إمكانية المشاركة المباشرة في إدارة شؤن الحكم .
4- تقلد المناصب السياسية الرسمية , والمشاركة في الاجتماعات العامة والارتباط بالأحزاب السايسية أو جماعات الضغط, وإنفاق جانب من الوقت في الاهتمام بالمسائل العامة
5- محاولات تغيير الواقع السياسي
6- تألف الكتب ونشر المقالات التي تنصب على معالجة وتقويم أمور المجتمع قاطبة .
7- قراءة الكتب و الصحف والمجلات , والاستماع الى ماتقدمه الإ ذاعات ووكالات الانباء من تحليلات تتصل بالشئون العامة للمجتمع .
8- يرى البعض أن العزلة – حينما تكون تعبيراً عن رفض الواقع السياسي القائم – تمثل إحدى صور المشاركة السياسية

أزمة المشاركة :

هنا تطل أزمة المشاركة برأسها عندما تقوم الصفوة الحاكمة بوضع العراقيل أمام الراغبين في المشاركة السياسية , وتضيق الخناق عليهم , على نحو يؤدي إلى تضاؤل أعداد المشاركين في الحياة السياسية .ويلاحظ – على صعيد اخر – ان أغلب الصفوات التي اعتلت سدة الحكم في بلدان العالم الثالث غداة استقلالها قد راحت تجرم قيام الأحزاب السياسية وغيرها من المنظمات الارسمية .
وفي الجزائر لم تكن الامور مختلفة عن نظيرتها في تونس حيث أرتكز النظام الجزائري منذ الاستقلال عام 1962م على دعامتين هما:
1- تعاظم اختصاصات وصلاحيات رئيس الدولة ,حيث راح بن بلال أول رئيس للجزائر – يجمع في قبضة مناصب رئيس الدوله ورئيس الحكومة والامين العام للحزب الحاكم , بالاضافة الى وزارات الداخليه والمالية والاعلام

2- الحزب الواحد ممثلاً في جبهة التحرير الوطني , والتي عدت – حسب نص الميثاق الوطني الجزائري – دليل الثورة , والقوة المسيرة للمجتمع والمنوط بها توجيه سياسية البلاد ومراقبتها . وقد ظل هذا الوضع قائم حتى السنوات الاخيره من عقد الثمانينيات .


ولم يكن نكروما في غانا يعدم – هو الاخر – من العبارات الخطابية مايقدمة كتبرير لهيمنة حزبة الاوحد على مقاليد الامور في البلاد فها هو نكروما – في الذكرى العاشرة لتأسيس حزبة – يرفع عقيرته مفاخراً بذلك الحزب فيقول : ايها الرفاق انه ليس من قبيل المباهاة الجوفاء أن اقول انه لولا هذا الحزب ماكانت غانا , إن حزبنا لم يقدم لهذا البلاد حكومتها فحسب بل انه كذلك الحارس الامين على رفاهية الشعب .

وتجدر الاشارة إلى أن نظم الحزب الواحد لم يقتر وجودها على الدول الافريقية , كما أن تلك النظم كانت – خلال حققبة مابعد الاستقلال – هي اكثر شيوعاً داخل ربوع العالم الثالث ,
إذ فضلاً عن الأمثلة المتقدمة لنظم الحزب الواحد فقد عرفت نظيرات لها في كل من مصر عبد الناصر , وسودان النميري,
وزامبيا كاوندا, وسوريا حافظ الأسد , وعراق حسن البكر وصدام حسين , وأرجنتين بيرون , ونيكارجوا آل سوموزا-إلى غير ذلك من عديد من أمثلة أخرى

ذلكم بصدد ظاهرة الحزب الواحد التي شهدتها أغلب بلدان العالم الثالث غداة استقلالها , تلك الظاهره التي كنت – بما صاحبها من أجواء سياسية استبداية – أحد الأسباب الرئيسيه لأزمة المشاركة على النحو المتقدم . ويضاف إلى ذلك أنه على الرغم من اتجاه العديد من بلدان العالم الثالث خلال العقدين الاخيرين إلى الأخذ بنظم التعددية الحزبية إلا ان الصفوات الحاكمة داخل الكثير من هذه البلدان لاتسمح للقوى والجماعات السياسية ذات الثقل الجماهيري بإنشاء أحزاب تعبر عنها خوفاً من ان يؤدي ذلك إلى زعزعة حكم الصفوة.

على أية حاله فإننا بصدد أزمة المشاركة وتأسيساً على ماتقدم نرى أن النظم الحزبية التي أنشأتها يد الصفوات الحاكمة في بلدان العالم الثالث – غداة الاستقلال – وماصاحب تلك النظم من اجواء سياسية إرهابية كانت هي السبب الرئيسي وراء تجذر أزمة المشاركة داخل تلك البلدان .

على صعيد آخر وبصدد أزمة المشاركة في بلدان العالم الثالث فإن ثمة أسباباً أخرى – قد أسهمت بنصيب وافر في تكريسها . ولعل من أظهر هذه الأسباب في رأينا مايلي :

اولاً: ارتفاع نسبة الأمية داخل أغلب بلدان العالم الثالث .

ثانياً:استشراء الفقر وشيوع الفاقة داخل قطاعات واسعة من سكان بلدان العالم الثالث .

تعقيب : نخلص من خلال هذا المبحث إلى أن بلدان العالم الثالث إنما تعاني من أزمة مشاركة,في معنى تدني معدلات المشاركة الجماهرية في الحياة السياسية داخل تلك البلدان . وفضلا عما تقدم فقد وقفنا على مواطن التشابك بين أزمة المشاركة من جهة , وأزمات تنظيم السلطة والشريعة والاستقرار السياسي والتوزيع من جهة اخرى , فأزمة المشاركة –إذا- هي إحدى حلقات متشابكة ومتداخلة تجسد مجتمعة فيما بينها – كما قدمنا – صلب ظاهرة التخلف السياسي .

الطالب : عبدالعزيز ابو خالد