- السبت مارس 22, 2008 8:02 pm
#1306
تعتبر الإذاعات اليمينية الأمريكية واجهة لمبادئ وأفكار المحافظين الجدد يعُتمد عليها في تحديد سلوك الناخب الأمريكي السياسي وتشكيل وترتيب أولوياته الانتخابية. حيث تشير الإحصاءات إلى أن أكثر البرامج الإذاعية انتشارا هي البرامج اليمينية والتي يعلو سلمها الهرمي برنامج "رش ليمبو" الإذاعي الذي يقدر عدد مستمعيه بحوالي 14 إلى 20 مليون مستمعا أسبوعيا عبر أكثر من ستمائة محطة إذاعية يُروج من خلالها لأفكاره ومعتقداته اليمينية، في ظل سيطرة الكتلة اليمينية الواضح على الإذاعات الأمريكية، وتأثيرها المتزايد على الرأي العام الأمريكي. وفي هذا العام هناك مؤشرات قوية على أننا قد نشهد أعظم مخطط للتخريب السياسي المنظم في تاريخ سباق الرئاسة الأمريكية بقيادة أحد أقطاب الإعلام اليميني في الولايات المتحدة.
فبعد تقدم مرشح الحزب الديمقراطي السيناتور باراك أوباما الكاسح في أكثر من 11 ولاية على التوالي في الانتخابات التمهيدية في شهري يناير وفبراير لاختيار مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وبات من شبه المؤكد فوز السيناتور جون ماكين آن ذاك بترشيحات الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية، أطلق "رش ليمبو" حملته الإستراتيجية لتكوين كتلة جديدة من الناخبين اليمينيين للتصويت لصالح المرشحة الديمقراطية السيناتور هيلاري كلنتون. فقد دعا "ليمبو" الناخبين الجمهوريين للتصويت في الانتخابات التمهيدية المفتوحة – والتي تسمح فيها عدد من الولايات الأمريكية للمرشحين من المستقلين والأحزاب الأخرى للتصويت في الانتخابات التمهيدية للأحزاب الأخرى – إلى التصويت لصالح كلنتون لتعزيز فرصها الانتخابية باعتبارها المرشح الأضعف – في نظر الجمهوريين – أمام المرشح الجمهوري، واستنزاف وإنهاك أوباما سياسيا في حال فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية ومن ثم تقويض فرصه وتعزيز فرص ماكين الانتخابية
يأتي ذلك في ظل السباق المحموم على ترشيح الحزب بين المرشحين الديمقراطيين، وتقارب السباق بين أوباما وكلنتون، ووسط موجة من الغضب المتصاعد في ظل أوساط الحزب الديمقراطي من تنامي التصريحات العنصرية والعدائية في المعسكر الانتخابي لكل مرشح واستخدام معسكر كلنتون للإستراتيجية المسماة بـ "بالوعة المطبخ" والتي تهدف إلى إيذاء منافسها بإلقاء التهم عليه سعيا للتأثير على فرصه الانتخابية، وهي السياسة التي يرى أقطاب الحزب الديمقراطي بأنها كفيلة بتقسيم الحزب والإجهاض على فرص المرشح الديمقراطي أيا كان أمام المرشح الجمهوري. ففي حديثة لشبكة فوكس نيوز الإخبارية قبل انتخابات شهر مارس التمهيدية، قال "ليمبو" أريد ليهيلاري أن تبقي في السباق...نحن بحاجة لأن ندمي أوباما سياسيا". وقال في حديث آخر أريد لحزبنا (الجمهوري) الفوز...أريد أن يخسر الديمقراطيون...إنهم يمزقون بعضهم البعض...إنها مشاهدة رائعة. كل هذا سيتوقف إن خسرت هيلاري...نعم أنا أناشد الجمهوريين بأن يصوتوا لصالح هيلاري. أنا أعلم أن ذلك صعب ولكنه سوف يبقي هذه المهزلة...وهو بالتأكيد ما نحتاجه...وهو أمر ممتع أيضا....أريد موسيقى الجنازات أن تعزف لهيلاري ولكن ليس مبكرا..."
ومما يدل على التأثير الواضح لدعوة " ليمبو" هو ارتفاع نسبة الناخبين الجمهوريين الذين صوتوا لصالح كلنتون في انتخابات الديمقراطيين التمهيدية من 1.36 في شهري يناير وفبراير إلى 5.67 في مارس. إذ تشير الإحصاءات إلى أن فوز أوباما بأصوات الناخبين في ولاية تكساس التمهيدية المفتوحة كان ممكنا لولا تصويت 3 في المائة من الجمهوريين لصالحه، مما منع أوباما من توجيه ضربة قاضية إلى طموحات كلينتون الرئاسية. ورغم تعرض هيلاري كلنتون لهزيمة ثقيلة في انتخابات ولاية ميسيسيبي التمهيدية في مارس ونيلها لـ 37 في المائة من الأصوات، مقابل 61 في المائة لأوباما، إلا أن هذا الفارق كان مرشحا للارتفاع لولا تصويت 9 في المائة من الجمهوريين لصالحها. حيث تشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من 25 في المائة من مجموع الناخبين الذين صوتوا لكلنتون في انتخابات ولاية ميسيسيبي التمهيدية المفتوحة كانوا من الجمهوريين.
وبعبارة أخرى فإن تصويت الناخبين الجمهوريين لصالح كلينتون كما عبر عنه الناخبون اليمينيون هو لأسباب تكتيكيه محضة، وهي محاولة تدمير وتشويه الانتخابات التمهيدية الديمقراطية عن طريق خلق حالة من الفوضى والانقسام في صفوف الحزب الديمقراطي من الآن وحتى يوم عقد مؤتمر الحزب الديمقراطي القادم في ولاية كولورادو في أغسطس القادم، مما سيفتح الباب لصفقات سياسية تضع "المندوبين الكبار" موضع "صناع القرار" لحسم الترشيحات لأحد المرشحين على حساب الآخر، وهو الأمر الذي قد يولد حالة من الغضب والشعور بتزييف الانتخابات وسرقتها وبالتالي القضاء على آمال الديمقراطيين بالفوز بانتخابات الرئاسة لهذا العام.
ولم تساعد انتصارات كلنتون في شهر مارس على تقليص الفجوة بينها وبين أوباما، إذ يبقى الأخير الأقرب لنيل ترشيحات الحزب الديمقراطي. إلا أن تصويت الجمهوريين التكتيكي متاح في خمس ولايات من أصل الولايات التسع المتبقية في عمر الانتخابات الديمقراطية التمهيدية. مما يعني أنه يمكن للمحافظين التلاعب بانتخابات الديمقراطيين التمهيدية في هذه الولايات. ويبقى الأمل لكلنتون في هذه الكتلة الجديدة من الناخبين الجمهوريين للمساعدة في تقليص هذه الفجوة، وأن ينصاع "المندوبون الكبار" لرغبات "ليمبو" في اختيار المرشح الذي يظن هو أنه الأسهل للفوز عليه في الانتخابات حتى لو تم ذلك على حساب رغبة الناخبين الديمقراطيين المشروعة.
دروس في الديمقراطية الغربية تلك التي تقدمها الكتلة اليمينية للمشاهد العربي، وهي التي تسعى لنشر الديمقراطية في العراق والشرق الأوسط. فليس في تحويل انتخابات الحزب الديمقراطي إلى مسرحية هزلية إلا صور مصغرة للديمقراطية الحقيقية التي ترفع شعارها نخبة المحافظين الجدد. إنها "ديمقراطيه انتقائية محدودة" تتوقف عند حدود المصالح الشخصية أو الحزبية أو مصالح الدول الغربية.
فبعد تقدم مرشح الحزب الديمقراطي السيناتور باراك أوباما الكاسح في أكثر من 11 ولاية على التوالي في الانتخابات التمهيدية في شهري يناير وفبراير لاختيار مرشح الحزب لانتخابات الرئاسة الأمريكية، وبات من شبه المؤكد فوز السيناتور جون ماكين آن ذاك بترشيحات الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية، أطلق "رش ليمبو" حملته الإستراتيجية لتكوين كتلة جديدة من الناخبين اليمينيين للتصويت لصالح المرشحة الديمقراطية السيناتور هيلاري كلنتون. فقد دعا "ليمبو" الناخبين الجمهوريين للتصويت في الانتخابات التمهيدية المفتوحة – والتي تسمح فيها عدد من الولايات الأمريكية للمرشحين من المستقلين والأحزاب الأخرى للتصويت في الانتخابات التمهيدية للأحزاب الأخرى – إلى التصويت لصالح كلنتون لتعزيز فرصها الانتخابية باعتبارها المرشح الأضعف – في نظر الجمهوريين – أمام المرشح الجمهوري، واستنزاف وإنهاك أوباما سياسيا في حال فوزه بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأمريكية ومن ثم تقويض فرصه وتعزيز فرص ماكين الانتخابية
يأتي ذلك في ظل السباق المحموم على ترشيح الحزب بين المرشحين الديمقراطيين، وتقارب السباق بين أوباما وكلنتون، ووسط موجة من الغضب المتصاعد في ظل أوساط الحزب الديمقراطي من تنامي التصريحات العنصرية والعدائية في المعسكر الانتخابي لكل مرشح واستخدام معسكر كلنتون للإستراتيجية المسماة بـ "بالوعة المطبخ" والتي تهدف إلى إيذاء منافسها بإلقاء التهم عليه سعيا للتأثير على فرصه الانتخابية، وهي السياسة التي يرى أقطاب الحزب الديمقراطي بأنها كفيلة بتقسيم الحزب والإجهاض على فرص المرشح الديمقراطي أيا كان أمام المرشح الجمهوري. ففي حديثة لشبكة فوكس نيوز الإخبارية قبل انتخابات شهر مارس التمهيدية، قال "ليمبو" أريد ليهيلاري أن تبقي في السباق...نحن بحاجة لأن ندمي أوباما سياسيا". وقال في حديث آخر أريد لحزبنا (الجمهوري) الفوز...أريد أن يخسر الديمقراطيون...إنهم يمزقون بعضهم البعض...إنها مشاهدة رائعة. كل هذا سيتوقف إن خسرت هيلاري...نعم أنا أناشد الجمهوريين بأن يصوتوا لصالح هيلاري. أنا أعلم أن ذلك صعب ولكنه سوف يبقي هذه المهزلة...وهو بالتأكيد ما نحتاجه...وهو أمر ممتع أيضا....أريد موسيقى الجنازات أن تعزف لهيلاري ولكن ليس مبكرا..."
ومما يدل على التأثير الواضح لدعوة " ليمبو" هو ارتفاع نسبة الناخبين الجمهوريين الذين صوتوا لصالح كلنتون في انتخابات الديمقراطيين التمهيدية من 1.36 في شهري يناير وفبراير إلى 5.67 في مارس. إذ تشير الإحصاءات إلى أن فوز أوباما بأصوات الناخبين في ولاية تكساس التمهيدية المفتوحة كان ممكنا لولا تصويت 3 في المائة من الجمهوريين لصالحه، مما منع أوباما من توجيه ضربة قاضية إلى طموحات كلينتون الرئاسية. ورغم تعرض هيلاري كلنتون لهزيمة ثقيلة في انتخابات ولاية ميسيسيبي التمهيدية في مارس ونيلها لـ 37 في المائة من الأصوات، مقابل 61 في المائة لأوباما، إلا أن هذا الفارق كان مرشحا للارتفاع لولا تصويت 9 في المائة من الجمهوريين لصالحها. حيث تشير الإحصاءات إلى أن ما يقرب من 25 في المائة من مجموع الناخبين الذين صوتوا لكلنتون في انتخابات ولاية ميسيسيبي التمهيدية المفتوحة كانوا من الجمهوريين.
وبعبارة أخرى فإن تصويت الناخبين الجمهوريين لصالح كلينتون كما عبر عنه الناخبون اليمينيون هو لأسباب تكتيكيه محضة، وهي محاولة تدمير وتشويه الانتخابات التمهيدية الديمقراطية عن طريق خلق حالة من الفوضى والانقسام في صفوف الحزب الديمقراطي من الآن وحتى يوم عقد مؤتمر الحزب الديمقراطي القادم في ولاية كولورادو في أغسطس القادم، مما سيفتح الباب لصفقات سياسية تضع "المندوبين الكبار" موضع "صناع القرار" لحسم الترشيحات لأحد المرشحين على حساب الآخر، وهو الأمر الذي قد يولد حالة من الغضب والشعور بتزييف الانتخابات وسرقتها وبالتالي القضاء على آمال الديمقراطيين بالفوز بانتخابات الرئاسة لهذا العام.
ولم تساعد انتصارات كلنتون في شهر مارس على تقليص الفجوة بينها وبين أوباما، إذ يبقى الأخير الأقرب لنيل ترشيحات الحزب الديمقراطي. إلا أن تصويت الجمهوريين التكتيكي متاح في خمس ولايات من أصل الولايات التسع المتبقية في عمر الانتخابات الديمقراطية التمهيدية. مما يعني أنه يمكن للمحافظين التلاعب بانتخابات الديمقراطيين التمهيدية في هذه الولايات. ويبقى الأمل لكلنتون في هذه الكتلة الجديدة من الناخبين الجمهوريين للمساعدة في تقليص هذه الفجوة، وأن ينصاع "المندوبون الكبار" لرغبات "ليمبو" في اختيار المرشح الذي يظن هو أنه الأسهل للفوز عليه في الانتخابات حتى لو تم ذلك على حساب رغبة الناخبين الديمقراطيين المشروعة.
دروس في الديمقراطية الغربية تلك التي تقدمها الكتلة اليمينية للمشاهد العربي، وهي التي تسعى لنشر الديمقراطية في العراق والشرق الأوسط. فليس في تحويل انتخابات الحزب الديمقراطي إلى مسرحية هزلية إلا صور مصغرة للديمقراطية الحقيقية التي ترفع شعارها نخبة المحافظين الجدد. إنها "ديمقراطيه انتقائية محدودة" تتوقف عند حدود المصالح الشخصية أو الحزبية أو مصالح الدول الغربية.