السياسه
مرسل: الثلاثاء نوفمبر 03, 2009 7:02 pm
السياسة
مفهوم السياسة من المفاهيم المستعصية على التحديد ، و نحاول في هذا المقال فتح نقاش حول هذا المفهوم الذي يعتبر أكثر المفاهيم تداولا في حياتنا اليومية فما المقصود بالسياسة؟
1-السياسي و السياسة:
من بين الإشكالات التي يطرحها علم السياسة، التمييز بين مفهوم السياسي و مفهوم السياسة ، فالسياسي le politique ، له ارتباط باستراتجيات امتلاك السلطة، ولذلك يصعب تحديد مجال" السياسي" لكون إستراتجيات الفاعلين للوصول و الحفاظ على السلطة توظف ماهو سياسي( بحسب المقاربة الدستورية) وماهو اقتصادي ،ديني ،ثقافي، اجتماعي...حيث يتعذر الفصل بين السياسي و اللاسياسي. بالمقابل فالسياسة" la politique" مرتبطة بدراسة القرار العام ، لذلك نتحدث عن السياسة الفلاحية، السياسة الاقتصادية و السياسة الصحية...، وهناك مبحث في علم السياسة يسمى السياسات العامة .
هذا التحديد لايعني الفصل، فهناك علاقة جدلية بين السياسي و السياسة، ذلك أن القرار العام تتم صياغته من طرف فاعلين لهم رهانات و مرجعيات متباينة و بالتالي فالسياسي كفعل دهني يسعى للإقناع باختيارات الفاعل و خلق الاعتقاد بفعالية قرار ما . كما أن كل سياسات العمومية تعني تحقيق رهانات معينة و تسعى لتأكيد مشروعية النظام السياسي وقبول نسق السلطة القائم حيث العمل السياسي يتم وفق قواعد محددة لا تمس بتوازن النسق السياسي ، وكل فاعل سياسي لا يحترم قواعد اللعبة فهو فاعل "غير شرعي"لأنه يهدد بانفجار "العلبة السوداء" و هو ما يعني المس بالاستقرار السياسي.
2-السياسة بين الصراع و الحوار:
في الوقت الذي اهتم علم السياسة بدراسة الواقع السياسي "ماهو كائن" كان رهان الفلسفة السياسية هو البحث عن النظام الامثل-"ما يجب أن يكون"- وتمثل الفلسفة اليونانية بداية إجرائية لتقديم الإجابة ، ويعبر فضاء" Agora" عن احد النماذج المثالية للنظام الفاضل ألا و هو النظام الديمقراطي حيث كانت Agora ساحة للحوار بين مواطني أثينا .وبالتالي تم تحديد السياسة كفعل تواصلي في فضاء عمومي .
هذا التعريف للسياسة انتهى مفعوله مع حقبة الحداثة حيث السعي لتأسيس السياسة كعلم يدرس السلوك السياسي كما هو متعين.
مع الحداثة اصبح جوهر السياسة هو العنف ، و عبر عن ذلك" هوبز" في كتابه"اللوفيتان" وكذلك "مكيافيل" في كتاب "الأمير" وتأكد هذا التوجه على يد "ماركس" من خلال أطروحة "الصراع الطبقي" ثم نيتشه صاحب "الإنسان الاخير" وفي القرن العشرين كان فيبر احد ممثلي تحديد السياسة بالعنف –العنف المشروع الدولة- و ترسخ ذلك بشكل أكثر جذرية على يد تلميذه "كارل شميث " الذي اعتبر جوهر السياسة هو الصراع من خلال ثنائية "العدو و الصديق" هذا المفكر اعتبر منظرا للنظام النازي ، ولذلك ثم الحكم عليه بالإعدام في إطار محكمة "نورنبرغ" التي حكم فيها رجال الحكم النازي. في نفس التوجه ذهب تلميذه "جوليان فروند" حيث أكد في كتابه"ماهية السياسة" ان جوهر السياسة هو العنف والصراع من خلال ثنائية العدو و الصديق.
لقد حاول مجموعة من الفلاسفة نقد ارتباط السياسة بالصراع متأثرين بالنموذج الاثيني القائم على الحوار . هذا الاحياء
لفضاء Agora كان بسبب ما حملته الحداثة من ماسي وحروب ،حيث هناك من دعى الى ما بعد الحداثة (هيديجر) لكن يبقى النقد الذي قدمه كبار الفلسفة السياسية في القرن العشرين أمثال" ليوشتراوس" و" حنا ارندت" و روا د مدرسة فرانكفورت ("هبرماس") موجها الى الحداثة دون تجاوزها، حيث قام ليوستروس بنقد الموجات التلاث للحداثة التي عبرت بشكل جلي عن أزمة السياسة حسب شتراوس و دافعت حنا ارندت عن نفس الرأي ، أما هبرماس فبالإضافة االى نقده الى الحداثة المتعينة اعتبر ان الحداثة مشروع لم يكتمل بعد ، و قد دعى الى تأسيس السياسة على فعل أخلاقي عقلاني تواصلي في فضاء عمومي حيث تتخذ القرارات العامة من خلال حوار مبني على حجج عقلانية
الشعبه :7627
مفهوم السياسة من المفاهيم المستعصية على التحديد ، و نحاول في هذا المقال فتح نقاش حول هذا المفهوم الذي يعتبر أكثر المفاهيم تداولا في حياتنا اليومية فما المقصود بالسياسة؟
1-السياسي و السياسة:
من بين الإشكالات التي يطرحها علم السياسة، التمييز بين مفهوم السياسي و مفهوم السياسة ، فالسياسي le politique ، له ارتباط باستراتجيات امتلاك السلطة، ولذلك يصعب تحديد مجال" السياسي" لكون إستراتجيات الفاعلين للوصول و الحفاظ على السلطة توظف ماهو سياسي( بحسب المقاربة الدستورية) وماهو اقتصادي ،ديني ،ثقافي، اجتماعي...حيث يتعذر الفصل بين السياسي و اللاسياسي. بالمقابل فالسياسة" la politique" مرتبطة بدراسة القرار العام ، لذلك نتحدث عن السياسة الفلاحية، السياسة الاقتصادية و السياسة الصحية...، وهناك مبحث في علم السياسة يسمى السياسات العامة .
هذا التحديد لايعني الفصل، فهناك علاقة جدلية بين السياسي و السياسة، ذلك أن القرار العام تتم صياغته من طرف فاعلين لهم رهانات و مرجعيات متباينة و بالتالي فالسياسي كفعل دهني يسعى للإقناع باختيارات الفاعل و خلق الاعتقاد بفعالية قرار ما . كما أن كل سياسات العمومية تعني تحقيق رهانات معينة و تسعى لتأكيد مشروعية النظام السياسي وقبول نسق السلطة القائم حيث العمل السياسي يتم وفق قواعد محددة لا تمس بتوازن النسق السياسي ، وكل فاعل سياسي لا يحترم قواعد اللعبة فهو فاعل "غير شرعي"لأنه يهدد بانفجار "العلبة السوداء" و هو ما يعني المس بالاستقرار السياسي.
2-السياسة بين الصراع و الحوار:
في الوقت الذي اهتم علم السياسة بدراسة الواقع السياسي "ماهو كائن" كان رهان الفلسفة السياسية هو البحث عن النظام الامثل-"ما يجب أن يكون"- وتمثل الفلسفة اليونانية بداية إجرائية لتقديم الإجابة ، ويعبر فضاء" Agora" عن احد النماذج المثالية للنظام الفاضل ألا و هو النظام الديمقراطي حيث كانت Agora ساحة للحوار بين مواطني أثينا .وبالتالي تم تحديد السياسة كفعل تواصلي في فضاء عمومي .
هذا التعريف للسياسة انتهى مفعوله مع حقبة الحداثة حيث السعي لتأسيس السياسة كعلم يدرس السلوك السياسي كما هو متعين.
مع الحداثة اصبح جوهر السياسة هو العنف ، و عبر عن ذلك" هوبز" في كتابه"اللوفيتان" وكذلك "مكيافيل" في كتاب "الأمير" وتأكد هذا التوجه على يد "ماركس" من خلال أطروحة "الصراع الطبقي" ثم نيتشه صاحب "الإنسان الاخير" وفي القرن العشرين كان فيبر احد ممثلي تحديد السياسة بالعنف –العنف المشروع الدولة- و ترسخ ذلك بشكل أكثر جذرية على يد تلميذه "كارل شميث " الذي اعتبر جوهر السياسة هو الصراع من خلال ثنائية "العدو و الصديق" هذا المفكر اعتبر منظرا للنظام النازي ، ولذلك ثم الحكم عليه بالإعدام في إطار محكمة "نورنبرغ" التي حكم فيها رجال الحكم النازي. في نفس التوجه ذهب تلميذه "جوليان فروند" حيث أكد في كتابه"ماهية السياسة" ان جوهر السياسة هو العنف والصراع من خلال ثنائية العدو و الصديق.
لقد حاول مجموعة من الفلاسفة نقد ارتباط السياسة بالصراع متأثرين بالنموذج الاثيني القائم على الحوار . هذا الاحياء
لفضاء Agora كان بسبب ما حملته الحداثة من ماسي وحروب ،حيث هناك من دعى الى ما بعد الحداثة (هيديجر) لكن يبقى النقد الذي قدمه كبار الفلسفة السياسية في القرن العشرين أمثال" ليوشتراوس" و" حنا ارندت" و روا د مدرسة فرانكفورت ("هبرماس") موجها الى الحداثة دون تجاوزها، حيث قام ليوستروس بنقد الموجات التلاث للحداثة التي عبرت بشكل جلي عن أزمة السياسة حسب شتراوس و دافعت حنا ارندت عن نفس الرأي ، أما هبرماس فبالإضافة االى نقده الى الحداثة المتعينة اعتبر ان الحداثة مشروع لم يكتمل بعد ، و قد دعى الى تأسيس السياسة على فعل أخلاقي عقلاني تواصلي في فضاء عمومي حيث تتخذ القرارات العامة من خلال حوار مبني على حجج عقلانية
الشعبه :7627