- الأربعاء فبراير 27, 2008 7:55 pm
#92
القومية الاشتراكية
المخابــرات وفــن الحكــــم..
--------------------------------------------------------------------------------
* الكتاب: المخابرات وفن الحكم - المؤلف: أنجيلو كودفيلا
* المترجم: محمد صبرى الصاوي
* المراجع: د السيد عطا
* عدد الصفحات: 768
* الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
* الطبعة: الأولى/2006
يعرض هذا الكتاب مبادئ وطبيعة عمل المخابرات، باعتبارها أحد فنون الحكم القائمة على
معرفة الأصدقاء والأعداء، ويقارن بين ما أدته المخابرات الأميركية خاصة من مهام، وما قد تقوم به في المستقبل . ويقارن ذلك بالمعايير الثابتة لهذا الفن وبالظروف المتعلقة بالزمان والمكان، ويعرض تصورا للمخابرات في الأنظمة الديمقراطية نهاية القرن العشرين.
ويقدم أسسا جديدة لإعادة بناء المخابرات وفق التحولات الكبرى الجارية في العالم، ومنها بطبيعة الحال الحكم والإدارة.
الاستخبارات والعصر
الاستخبار أداة تجمع عدة متناقضات، ففيه الألفاظ والأرقام والصور، والتقديرات والإيماءات والتحريض، وفيه الحقائق التي قد تهدي وقد تضل، وفيه أيضا الأكاذيب الصريحة، ولأنه أداة غير مادية فهو لا يجرح، ولكنه يتسبب في إهلاك الملايين أو إنقاذ حياتهم.
والاستخبار فن مارسه الأخيار والأشرار، والطغاة والديمقراطيون، والبدائيون والمتقدمون، ولكنه في جميع الأحوال فن واحد. وتتكون العمليات الاستخبارية من أربعة مكونات أساسية: جمع المعلومات، والاستخبار المضاد، والتحليل، والتحرك المستتر. إن المعلومة الجيدة والضرورية قد تكون من مصدر متاح أو تجسسي خاص، وقد تسفر الدراسات والمعلومات الدقيقة حول الاقتصاد والمؤسسات العامة عن كنز ثمين لأهل البصيرة والقدرة على التحليل، وربما لو أخذ نابليون وهتلر بالاعتبار معلومات الطقس والمناخ لأمكنهما تجنب هزيمة قاسية في روسيا.
وقد تكون كثرة المعلومات سببا في التشويش والتضليل، فوكالة الأمن الوطني بالولايات المتحدة الأميركية تلتقط كل يوم آلافا لا تعد ولا تحصى من المحادثات في أغلب بقاع العالم، وبخاصة في أوقات الأزمات، فيجد صناع القرار أنفسهم أمام حشد من المعلومات لا يقدم نتائج أو تحليلات يمكن الاعتماد عليها، ويصبح الهدف مثل إبرة في كومة من القش. وقد كانت الثورة الإسلامية في إيران مفاجئة للأميركان ربما بسبب العجز عن إدراك الدور الذي يلعبه الدين في الحياة والسياسة والتحريض. وقد توقعت مخابرات العالم أن يأمر شاه إيران عام 1978 بإطلاق النار على المتظاهرين بسبب عجزها عن تحليل نفسيته وطريقة تفكيره، وعدم متابعتها وتحليلها للحوارات الشفوية للشاه برغم التنصت عليها. وكذلك الأمر عام 1989 عندما وقعت الأحداث الثورية في الكتلة الشيوعية، وكذلك لم تكن المخابرات الأميركية تنقصها المعلومات عن خطط حكومة فيتنام الشمالية عام 1968 ولكنها أخطأت في تحليل المعلومات وفي استخلاص تقدير مستقبلي. وكان لدى كل من هتلر من جهة وتشرشل وديغول من جهة أخرى المعلومات نفسها حول الولايات المتحدة، فكان هتلر يستخف بها وأعلن عليها الحرب بلا مبرر، ولكن تشرشل وديغول كانا يدركان أنها أهم قوة اقتصادية في العالم وأنها ستحسم نتيجة الحرب.
وفي الوقت الذي تسعى فيه مخابرات حكومة ما لجمع المعلومات وتحليلها حول دولة أخرى، فإن هذه الدولة تجهد في التجسس المضاد، واختراق عملياتها، وتضليل تحليلاتها. ومن ثم لا تستطيع حكومة أن تثق بما تحصل عليه من معلومات وتحليلات استخبارية، لأن تغذيتها بمعلومات مضللة، قد يؤدي إلى إفشال مخططاتها.
وفي جميع الأحوال يجب ملاحظة أن أفضل وأقسى أنواع المخابرات لم تستطع أن تحمي أنظمتها السياسية في ألمانيا الشرقية ورومانيا. إن أساس نظرية المعرفة في الفلسفة هو التساؤل البديهي كيف تأتت لي هذه المعرفة؟ وكيف أثر أسلوب معرفتي على رأيي فيها؟.
وهذا ما يسمى في المخابرات أمن العملياتوهي مبادئ قديمة وشائعة، وثمة كتاب هندي عن فن الحكم اسمه الأرثازاترا ينصح باستخدام مراقبين سريين، وينصح أيضا باختيار المعلومات التي تجمع عن طريق المكائد.
وقد لاحظت المخابرات الألمانية في الحرب العالمية الثانية أن أحد العملاء في بريطانيا يميل إلى الإبلاغ عن الأمور التي يتوقع أن الألمان يريدون سماعها، فطلبوا منه التحري عن مصنع وهمي، وعندما قدم معلومات عن هذا المصنع ضاعت مصداقيته.
وقد أدار الحلفاء عملياتهم وهم يدركون أن الألمان يراقبونهم، ولكنهم برغم ذلك استطاعوا خداع الألمان وتضليلهم تقديرا منهم أن العملاء سينقلون هذه المعلومات المضللة.
وفي عام 1952 صاغت حكومة الولايات المتحدة مصطلح التحرك المستتر في دلالة على التحرك باتجاه التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وبالطبع فإنه أسلوب قديم يسبق اكتشاف القارة الأميركية عام 1492 بمئات السنين.
وفي كتاب نشر له عام 1978، يسرد فيرنون والترز وهو جنرال بالجيش الأميركي عمل فيما بعد سفيرا، تفاصيل مهمات صامتة كلفه بها خمسة رؤساء للولايات المتحدة، بعضها كان يتسم بالحكمة وبعضها الآخر كان مهمات حمقاء، وقد فشل بعضها، وبعضها نجح. وهي مهمات من قبيل التهديد والإغراء والاستدراج وتوصيل المال وعقد الصفقات، بهدف التأثير على سياسات الدول ومواقفها، وتدبير المؤامرات.
أسباب عدم جدوى المخابرات الأميركية
نجحت المخابرات الأميركية في جمع قدر كبير من المعلومات من مختلف المصادر، التجسس التقني، واللاجئين والهاربين، والدبلوماسيين الأميركيين، والصحافة العالمية، والمخابرات العسكرية، والحكومات الأجنبية الصديقة وغير الصديقة.
ويشغل في كثير من الدول رجال متمرسون رئاسة محطة المخابرات، ويكون رئيس المحطة شخصية عامة تحظى بالاحترام والعلاقات لدرجة تثير أحيانا حسد السفير الأميركي، وقد شغل ثلاثة من رؤساء المحطات منصب مدير المخابرات المركزية.
ولكن المخابرات الأميركية واجهت حالات كثيرة من الفشل والقصور في التحليل والعمل التقني والتغطية البشرية الملائمة، والمشكلات القانونية والأمنية والسياسية بسب هاجس التجسس المضاد. وقد فتح ذلك المجال لنجاحات سوفياتية في تحقيق اختراقات معلوماتية أو الحصول على تقنيات محظورة.
ولم تعد وكالة المخابرات الأميركية قادرة على الوفاء بتحولات التسعينيات وما بعدها، فقد أصبحت جميع مصادرها وأدواتها معروفة، وفتحت المجالات للاختراق أمام الأجهزة الاستخبارية الأخرى، وهي اليوم في نظر المؤلف بحاجة إلى إعادة بناء.
وقد خلفت أحداث عام 1989 وانهيار الاتحاد السوفياتي فوضى عارمة، وقد انتشرت بقايا وفلول المخابرات الشيوعية في جميع أنحاء العالم، ويبدو من الصعب اليوم تمييز عملاء الاستخبارات من بين جموع المهاجرين من الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية. وتحدث أخطاء كثيرة في تلقي التقارير والتحليلات الاستخبارية، إذ أن ثمة فجوة كبيرة بين السياسيين والبيروقراطيين وبين الاستخبارات. وتتناقض في كثير من الأحيان المعلومات والتقارير الاستخبارية حسب مصادرها، فوزارة الدفاع لها مخابراتها الخاصة بها (DIA) وتوجد أيضا عدة أجهزة استخبارية في كل سلاح بوزارة الدفاع، وكذلك فإن لوزارة الخارجية الأميركية جهازها الخاص لجمع المعلومات وتحليلها (INR) هذا بالإضافة إلى الجهاز الشهير وهو سي آي إيه CIA.
وهناك أيضا وكالة الأمن القومي، بل إنه مع الزمن صار لكل مؤسسة هويتها الخاصة بها ونزعتها الفكرية والتحليلية لدرجة أنه يمكن التنبؤ مسبقا بتقديرات كل مؤسسة من هذه المؤسسات. وتصلح حرب الخليج الثانية (1990–1991) نموذجا لملاحظة القصور في المخابرات الأميركية، فقد كان الاستخبار على المستوى التكتيكي ممتازا، ولكنه على المستوى القومي أو الإستراتيجي لم يكن مرضيا. فعلى الرغم من قيام الأقمار الصناعية بتغطية يومية لتحركات الجيش العراقي في الفترة التي سبقت غزو الكويت، فإنها لم تتمكن من توفير الحقائق الكافية للتغلب على التوقعات التحليلية التي أدت إلى تقديرات خاطئة للنوايا العراقية. وقد أجمع المحللون الأميركيون -باستثناء واحد- فقط على أن تلك الحشود لن تقدم على غزو الكويت، وخاضت الولايات المتحدة الحرب كلها دون علم من المصادر البشرية بأساليب عمل النظام العراقي ونواياه الإستراتيجية أو تحالفاته. وزعم البعض صادقين أن الاتحاد السوفياتي كان في صف العراق، ولكن لم يعلم أحد لماذا رفض صدام حسين عرضا يضمن له النصر. ولم يكن لدى المخابرات الأميركية سوى عشرين موظفا يتحدثون العربية، ولم يكن من بينهم من يرغب في العمل المستتر في العالم العربي، ومع ذلك انتصرت الولايات المتحدة، لأنها كانت ضد خصم لا يجيد اقتناص النصر.
المدخل إلى الأسرار
لا يقتضي الاستخبار الجيد من الحكومة أن تنشر جواسيس أو مقيمين في أنحاء العالم، وأن تنفق نسبة كبيرة من دخلها القومي على الأجهزة التقنية، ولكن عليها أن تعي الدروس المستفادة من تجارب النجاح والفشل، وعليها أن تبذل الجهد لتطبيق تلك الدروس بوسائلها المحدودة وهي تتعامل مع المواقف التي تتعرض لها، وأن توظف لذلك الأشخاص المناسبين. إن فن جمع المعلومات هو فن الممكن، شأنه في ذلك شأن السياسة، ويقتضي ذلك الفن رفض الأفكار المسبقة، واستخدام السبل المتيسرة. وتعد الصحف والمجلات المتخصصة مصادر قيمة للأحداث وأولويات القادة، وما من أمة يمكن أن تغلق نفسها تمام الإغلاق حتى في زمن الحرب، هذا بالإضافة إلى المصادر البشرية والتقنية. ولكن تجب الإجابة عن سؤال محدد لتنظيم عمليات جمع المعلومات وتحليلها، ما الذي تريده حكومة ما من معلومات ولماذا تريدها؟ وربما يلزم قدر من الخيال لتحليل المعلومة وتقديرها. وقد لاحظت المخابرات السورية عام 1964 أن الإذاعة الإسرائيلية كانت تذيع قرارات الحكومة السورية، كما لاحظ قبلها العسكريون السوريون أن المدافع الإسرائيلية كانت تصيب مواقع المدفعية السورية حتى قبل أن يستطلعها الطيران الإسرائيلي. ودفع ذلك السوريين إلى محاولة تحديد موقع إشارة راديو غير قانونية كانت تصدر من مكان ما داخل البلاد على مدى فترة من الزمن، وساعدهم على ذلك أن النشرة كانت تذاع يوميا في الساعة الثامنة والنصف صباحا، وساعدهم على ذلك أيضا أن الإشارة توقفت تماما طيلة غياب أحد المطلعين على بواطن الأمور خارج البلاد. فإذا نظرنا إلى كل واحدة من تلك الحقائق على حدة لم نصل إلى شيء، أما المخابرات السورية فقد توصلت بذلك إلى معرفة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي كان يتسمى بكمال أمين ثابت. فلا يقيد فرص بلوغ الهدف في مجال المخابرات سوى الخيال، فأية عقلية تلك التي من شأنها أن تختار محل ميكانيكي سيارات ألماني في كولومبيا كواجهة لجمع المعلومات عن تجار المخدرات، أو لوضع أجهزة تنصت داخل ماكينات البيع في نوادي كليات الجامعة، أو استخدام شركة إصلاح للمصاعد كواجهة طويلة الأجل للتجسس في فيينا؟
لقد بدا العالم في بداية التسعينيات مختلفا عما سبق، فقد وقعت ثورة شرق أوروبا ثم انهيار الاتحاد السوفياتي وحروب البلقان وحرب الخليج الثانية لتنهى نصف قرن من الأنظمة الشمولية. ثم تبعت ذلك سلسلة من الأحداث والتحولات الكبرى والجديدة، وتشكلت أسئلة جديدة معقدة ومحيرة، ونشأت أخطار وفرص وتحديات جديدة. فقد توحدت ألمانيا، وبدأ مجلس الوحدة الأوروبية بالتبلور والتمأسس السريع، وصعدت الصين كقوة سياسية واقتصادية منافسة عالميا، وصار الشرق الأوسط أشد اضطرابا من قبل، وتشهد أميركا اللاتينية تحولات سياسية جذرية، وكلها حالات مختلفة عن حقبة الحرب الباردة، وتقتضي نوعا جديدا من الاستخبار والبحث والتحليل.
السراب النووي العراقي
----------------------------------------------------
الكاتب: د. عماد خدوري، وهو عالم نووي عراقي عمل في وكالة الطاقة الذرية العراقية ثلاثين عاما
دار النشر: (Springhead Publishing/CANADA)
تاريخ النشر 1 أكتوبر 2003
ما مدى اقتراب العراق من الحصول على القنبلة النووية؟ هل جدد العراق برنامجه التسليحي النووي بعد حرب 1991؟ ما مصداقية المزاعم بأن العراق شكّل تهديدا نوويا لأمن الولايات المتحدة؟ من هو العراقي الذي استشهد به الرئيس الأمريكي جورج بوش وبات رأس الحربة في اختلاق ذرائع احتلال العراق بتقديمه معلومات مضللة عن القدرة العسكرية النووية العراقية للاستخبارات الأمريكية؟
كتاب "السراب النووي العراقي IRAQ`S NUCLEAR MIRAGE" الصادر في أكتوبر 2003 باللغة الإنكليزية والمقرر أن يصدر قريبا باللغة العربية، عبارة عن شهادة علمية يقدمها العالم النووي العراقي الدكتور عماد خدوري من منفاه الاختياري في كندا بعد أن عمل في منظمة الطاقة الذرية العراقية لفترة ثلاثين عاما (1968 ـ 1998)… يغطي الكتاب فترة البدايات السلمية للبرنامج النووي العراقي وتطوره التدريجي وتحوله المباغت إلى برنامج تسليحي ومن ثم توقفه واندثاره.
عماد خدوري، الحائز على درجة الماجستير بالفيزياء من جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية والدكتوراه في "تكنولوجيا المفاعلات النووية" من جامعة برمنغهام في بريطانيا، يوضح للقراء بطريقة صافية خلفيته التعليمية وانتمائه للعمل بالبرنامج النووي العراقي وتوليه مختلف المواقع القيادية ومن ثم كيفية فك ذاك الارتباط والفرار من العراق مع عائلته أواخر عام 1998.
لفترة نصف سنة قبل احتلال العراق شهر عماد خدوري قلمه وحده دون معين يخوض معركة إعلامية في الصحافة والإعلام والإنترنت لمواجهة حملة التضليل (يسميها "أسلحة التضليل الشامل") التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق وقام بتغذيتها عراقيون يقول عنهم "أن الشكوك وعلامات الاستفهام تدور حول مصداقيتهم." إلا أن صوته طمس "وارتفع صوت التضليل الشامل الذي كلّف سيادة العراق واستقلاله ومقتل ما يزيد عن 10 آلاف عراقي."
من بين "النماذج المزيفة في المجال النووي" من العراقيين الفارين المشكوك بمصداقيتهم، يُسمّي الكتاب (خضر حمزة) "كأحد أبرز أدوات التضليل الشامل الذي أدعى زوراً بأنه كان (صانع القنبلة الذرية العراقية)."… يقول عماد خدوري أن خضر حمزة، الذي استشهد به الرئيس جورج بوش (الابن) مرات عدة واتخذ من تصريحاته إحدى ذرائع الهجوم على العراق، كان قد كُلف مطلع عام 1987 بتكوين فريق لتصميم القنبلة الذرية إلا أنه بعد أشهر قليلة جُرد من مسؤولياته وطُرد من المشروع النووي العسكري العراقي وتم تجميده في عمل هامشي بين 1987 و1989… وعندما كان البرنامج النووي العسكري العراقي في أوج تناميه تقاعد حمزة من منظمة الطاقة الذرية العراقية عام 1989 وأصبح مدرساً في كلية أهلية.
هرب خضر حمزة من العراق عام 1994، تاركاً جميع أفراد عائلته وراءه، أملا في الحصول علي لجوء سياسي سريع. إلا أنه أخفق في ذلك بعد أن رفضته وكالات الاستخبارات لمعرفتهم بضآلة دوره في المشروع النووي، فالتجأ إلى ليبيا ليعمل مدرساً في إحدى جامعاتها. غير أنه ما فتئ أن قام من خلال المؤتمر الوطني العراقي المدعوم من قبل وكالة المخابرات الأمريكية (سي. آي. أي.) بنشر سلسلة من ثلاث مقالات بداية عام 1995 في جريدة التايمز البريطانية يُشير فيها إلى امتلاكه وثائق تدلّ على قيام العراق إعادة تفعيل برنامجه النووي العسكري وأن العراق بصدد صنع عدة قنابل ذرية في منتصف التسعينات. أرسلت التايمز هذه الوثائق إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من صحتها، لكن ليس قبل أن تنشر هذه المادة كاكتشاف صحفي مهم. غير أن جريدة التايمز لم تنشر ما وجدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن تلك الوثائق التي أعتمدها خضر حمزة كانت "غير حقيقية" وملفقة.
وبعد زيارة ابن خضر حمزة لأبيه في ليبيا متوسلاً إليه بالرجوع إلى العراق ليضمن سلامة عائلته، استبدّ به الهلع وارتمى ثانية علي جهات المعارضة والوكالات المخابراتية وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لانتشاله من محنته، إلا أنه لاقى الفتور السابق نفسه.
طرأ تغيّر علي مجرى الأمور بعد هروب حسين كامل، المسؤول عن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقي إلى الأردن عام 1995 وإفصاحه عن مساع بُذلت لإخفاء التقارير والوثائق العلمية المتعلقة بالبرامج، حيث احتضنته وكالة المخابرات الأمريكية كأداة لها في حملتها الإعلامية التضليلية. يقول عماد خدوري: في هذا المناخ انطلق خضر حمزة مُحلقاً في أجواء الادعاءات ناشراً كتابا قدّم فيه نفسه على أنه "أبو القنبلة الذرية العراقية" ومُلقياً تكهنات هوجاء أمام لجان الكونغرس الأمريكي وقنوات التلفزيون الأمريكي عن قرب امتلاك العراق لقنابل ذرية عدة، وليست قنبلة واحدة، خلال سنوات قليلة تُعد على أصابع اليد الواحدة.
في كتابه يفنّد عماد خدوري بأسس علمية ادعاءات خضر حمزة التي أدلى بآخرها قبل أسبوع واحد من شن الحرب على العراق… ثم يروي لنا كيف دخل خضر حمزة بغداد متستراً خلف الدبابات الأمريكية كمستشار علمي لحكومة الاحتلال وبراتب شهري مُغرٍ. وكيف أدّت (استشاراته) بعد وصوله إلى بغداد للتنكيل بالعديد من الكادر العلمي والهندسي النووي العراقي وزج بعضه في السجن ومنع منح جوازات السفر للبعض الآخر، وكيف توّجت (استشاراته) مؤخراً في حل منظمة الطاقة الذرية العراقية في آب (أغسطس) 2003.
يتساءل عماد خدوري: ماذا عن ادعاءات خضر حمزة العديدة خلال السنوات السبع الماضية عن قرب امتلاك العراق للسلاح النووي الوشيك الحدوث؟ التي احتلت الصفحات الأوّل لأكبر الصحف الأمريكية والعناوين الرئيسة لنشرات الأخبار. يقول: من دون أي مسوغات لم تتقدم أي صحيفة أو مجلة أو قناة إعلامية أمريكية واحدة وجميعها متواجدة علي أرض العراق المحتل، وهي القنوات التي كانت تتهافت علي تلاوة الويل والثبور من السلاح النووي العراقي، بإجراء أي مقابلة أو أخذ أي تصريح صغير مع خضر حمزة حول مصير مزاعمه المتكررة عن إعادة تفعيل المشروع النووي العسكري وقنابل العراق الوشيكة. ويشير ساخرا يبدو أن وجوده في العراق لم ينفع حتى المفتش (ديفيد كاي) بأي معلومات موثوق بها ليدرجها في تقريره الأخير عن عدم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق بعد عام 1991، وبالذات السلاح النووي المزعوم.
يقول بيتر كوينبيرغ، وهو مسؤول سابق في الأمم المتحدة عمل في العراق لمدة أربع سنوات : "هذا أول كتاب يفك خيوط وألغاز أسطورة البرنامج النووي العراقي… أنه عرض أمين كتبه شخص شريف… أنه يقدم أيضا لمحة عن المكائد الخانقة لأجهزة الأمن في العراق… قراءته لازمة لكل من يريد أن يعرف حقيقة البرنامج النووي العراقي."
يتولى عماد خدوري الآن التدريس والعمل في مجال شبكات الحواسيب في تورنتو بكندا وقد أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية معه مقابلة شخصية حول معلوماته عن البرنامج النووي العراقي… كما أجرت معه العشرات من الشبكات التلفزيونية مقابلات مطولة من بينها سي. بي. سي.، وفوكس، وأي. بي. سي.، وأم. أس. أن. بي. سي.، وبي. بي. سي.، وسي. تي. في.، ورويترز.
ــــــــــــــ
القصة الخفية لأسلحة الدمار الشامل
لدماغ أكثر أسلحة الدمار الشامل فتكاً وهدف الحرب على المنطقة السيطرة على الدماغ العربي أو الاستحواذ عليه وتدميره إن أمكن· هذه هي القصة الخفية لأسلحة الدمار الشامل، ويتساوى فيها بالأهمية دماغ العلماء العرب في الذرة والطبيعة والتكنولوجيا أو في الاجتماع والاقتصاد والفلسفة والدين· أحدث شهادة في هذا الصدد قدمها أخيراً عالم الذرة العراقي الدكتور عماد خدوري، الذي عمل في البرنامج النووي العراقي منذ بداياته عام 1968 وحتى مغادرته للعراق، هو وعائلته في عام ·1998 خدوري حاصل على شهادة دكتوراه في تكنولوجيا المفاعلات الذرية من جامعة برمنغهام في بريطانيا ويعمل حالياً في تدريس هذه التكنولوجيا في تورونتو بكندا، وشهادته منشورة بالإنكليزية منذ شهر تقريباً في موقع إنترنت عام في كندا.
http//www.YellowTimes.org مع ذلك لم يرد إلى حد الآن ذكر لهذه الشهادة العلمية في أجهزة الإعلام العالمية أو العربية، التي تضخ يومياً عشرات التقارير المخصصة لأسلحة الدمار الشامل العراقية· ولم يُستدع خدوري للإدلاء بشهادته، على رغم ما يقال من أن موضوع التحقيق مع العراقيين العاملين في برامج التسلح يحتل الصدارة في اهتمام الزعماء العالميين، ويتلهف الجميع إلى سماع عالم عراقي سيهمس في أذن بليكس بالحقيقة، حسب عنوان مقالة للكاتب الأميركي توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز·
لماذا؟··· لماذا لم تسارع محطات التلفزيون والصحافة العالمية إلى عقد لقاءات مع عالم الذرة الذي كان مسؤولاً حسب اعترافه عن توثيق وإخفاء تقارير البرنامج النووي العراقي عشية حرب الخليج الثانية؟ وما سبب تجاهل شهادة تتضمن معلومات دقيقة عن مصانع الطارمية وشرقاط، حيث أعاد العراقيون ابتكار طريقة فريق مانهاتن المشهور الذي صنع أول القنابل النووية التي أسقطها الأميركيون على اليابان في الحرب العالمية الثانية؟ وكيف يمكن تبرير تجاهل معلومات تنشر لأول مرة عن تضليل العراقيين لحملات القصف الجوي الموجهة لتدمير مراكز البحث والتطوير، وعن نجاحهم في الحفاظ على منشأة الأثير حيث تم تصميم وتجميع القنابل النووية؟ وكيف تم شحن الوثائق الخاصة بها في عربة قطار مغلقة باللحام استمرت تصعد وتنزل الأراضي العراقية مع حركة قطارات نقل المسافرين حتى عثر عليها فريق التفتيش الدولي نتيجة خطأ في الأوامر أعادها إلى موقعها الأصلي؟ وفي شهادة العالم العراقي معلومات مفجعة عن ضنك عيش زملائه ومحاصرتهم من قبل فرق التفتيش، وانهيار أوضاعهم إثر التضخم الاقتصادي الذي هبط بمرتباتهم العالية إلى ما يعادل 3 دولارات شهرياً، وتدهورهم الأكاديمي بسبب حرمانهم من متابعة التطورات الجديدة في علومهم، والحملات النفسية المكثفة ضدهم لحملهم على الانتحار؟
وقد يشكل أثمن صفحات التاريخ الحديث للمجتمعات العلمية العربية انخراط آلاف العلماء والمهندسين والتقنيين العراقيين بعد توقف العمليات الحربية مباشرة في حملة إعادة إعمار الهياكل الارتكازية لصناعة النفط وشبكات الكهرباء والماء والاتصالات التي دمرها القصف الجوي الكثيف· وتتضمن شهادة العالم العراقي سخرية لاذعة من أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية وفضح عجزها رغم المبالغ الطائلة التي تنفق عليها عن التوصل إلى أوليات التمويه العراقي قليل الحيلة· ويختتم عماد خدوري شهادته بقصة إسكندنافية شعبية مشهورة عن إمبراطور يظهر عريان أمام رعاياه الذين لا يجرؤون على النظر إليه واكتشاف عريه حتى يصرخ طفل من بينهم: الإمبراطور عار من الملابس!! ويعلق خدوري: بوش وبلير يسحبان جمهورهما من أنوفهم ويغطيان بضجيج وطني فارغ الأداء الأخرق لأجهزة استخباراتهما· مع ذلك فلا شيء يستر عري الإمبراطورين الاستعراضيين.
السؤال المطروح هو: لماذا ترهق الدولة العظمى الوحيدة مواطنيها مادياً وأخلاقياً ونفسياً لشن حرب تهدف إلى تدمير بلد أعزل يكافح من أجل تأمين لقمة العيش والدواء لمواطنيه؟ حرب يعارضها معظم سكان العالم، الجواب عن هذا السؤال يكمن، حسب الكاتب البريطاني مارتن والكوت في يأس السياسيين الغربيين· يأس سري كالعمليات السرية التي تنجم عنه·· مصدره شروط التجارة وتوازن القوى الاقتصادية اللذان يعملان ضد الغرب طيلة ربع القرن الأخير· ويمكن قراءة درجة الاستماتة الحالية لشن حرب على العراق في تدهور نسبة الناتج المحلي الأميركي بالمقارنة مع الناتج العالمي من 50 في المئة قبل 20 سنة إلى 35 في المئة، وارتفعت خلال الفترة نفسها احتياجات الولايات المتحدة من النفط المستورد من 34 في المئة إلى 53 في المئة·بدون نفط فلا وجود لاقتصاد عالمي، والنفط العربي سلاح شامل للسيطرة على الاقتصاد العالمي· هذا هو الجواب والباقي صمت، كما يقول الشاعر الإنجليزي وليام شكسبير· ملايين الكلمات التي تضخها يومياً محطات التلفزيون والصحافة العالمية والعربية حول الموضوع لا تُعكر هذا الصمت·
علاقة اكراد العراق باسرائيل
----------------------------------
كتاب يفضح العلاقة الصهيونية مع مصطفى البارزاني
د.أيمن الهاشمي
·الأيرانيون والصهاينة إستخدموا الأكراد من أجل تحقيق رغبتهم في إنهاك العراق!
·الملا مصطفى البارزاني ذبح (كبشا كبيرا) فرحا بإنتصار إسرائيل على العرب في 67 !
·زيارات عديدة للملا الى إسرائيل ولقاءه بالمسؤولين ودعم متواصل للتمرد الكردي.
·إسرائيل تمنح البارزاني رتبة (لواء) تقديرا لجهوده في تسفير اليهود العراقيين الى فلسطين المحتلة!!
المؤلف : شلومو نكديمون (صحفي صهيوني متخصص في مجال مسارات القرار الصهيوني خاصة السياسي، سبق أن أصدر كتاب – تموز في اللهب – عن قصف مفاعل تموز العراقي 1981)
المترجم : بدر عقيلي
*******
يتحدث المؤلف عن التعاون بين الكيان الصهيوني (وتحديداً الموساد) وبين المرحوم الملا مصطفى البارزاني للفترة 1963 – 1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق، ليس لنوازع إنسانية – كما يدعي الصهاينة – بل لاستخدام الأكراد جسراًً للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافاً للعراق الذي كانت تنظر إليه إسرائيل دوماً على أنه الخطر المزعج . ويستند المؤلف في معلوماته إلى مقابلات مع رجال الموساد الصهيوني الذين كلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، وعلى وثائق سرية، وتقارير إعلامية، وأراشيف خاصة وعامة، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون إسرائيليون أبان تواجدهم في كردستان .
يضم الكتاب 31 فصلاً تشمل جميعها تغطية لوقائع وأحداث ومعلومات سابقة عن الحركة الكردية (حركة مصطفى البارزاني تحديداً) وعلاقاتها مع الموساد الصهيوني . ويصف المؤلف إتفاقية الجزائر في آذار 1975 بأنها ملك الموت الذي قبض على روح العلاقة الكردية – الإسرائيلية التي دامت 12 عاماً واتسمت بالتعاون المكثف، كان خلالها الملا مصطفى البارزاني يقود التمرد ضد الحكومات العراقية مستعيناً بالمستشارين الإسرائيليين الذين لم يفارقوه، أو يفارقوا معسكره، طيلة تلك السنوات . (ص8)، وكانت طواقم المستشارين العسكريين الإسرائيليين تستبدل بصورة دورية، كل ثلاثة أشهر، ويترأسها بصورة دائمة أحد عناصر الموساد، وإلى جانبه ضابط في الجيش الإسرائيلي، ومستشار فني. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة للبارزاني لتعلم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم . .
الكتاب يتطرق بأسهاب إلى المساعدات الإسرائيلية للتمرد البارزاني في العراق، نظراً لعدم وجود ثغر بحري لكردستان، ووقوع جميع المطارات الموجودة في أراضيها تحت السيطرة العراقية، لذا فإن الدخول إليها يصبح مستحيلاً، إلا إذا تم عبر تركيا أو إيران أو أرمينيا، مما جعل تقديم المساعدات الصهيونية رهناً برضا ورغبة إيران.
محاولة فاشلة لإغتيال الملا مصطفى البارزاني: الكتاب المقدس لم ينفجر
يتطرق الكاتب إلى محاولات قتل مصطفى البارزاني ومنها حادثة يوم 29 أيلول (سبتمبر) 1971 في حاج عمران، عن طريق متفجرات حملتها سيارة تقل تسعة من رجال الدين أرسلوا من بغداد الى مقر الملا مصطفى على أساس أنهم يحملون رسالة من القيادة العراقية بشأن اتفاق 11 آذار(مارس) 1970، وكان مع الملا مصطفى في ذلك الوقت اثنين من الموساد الإسرائيلي هما (تسفيز مير) و (ناحوم أدموني) . ويشرح الكتاب كيف أوكلت مهمة إلى المدعو (صادق) وهو خبير متفجرات كردي ليستخدم مغارة مخصصة كمصنع للمواد المتفجرة، لتصنيع (قنبلة) لاغتيال النائب صدام حسين ردا على محاولة الأغتيال الفاشلة.
في 13 تشرين الأول (أكتوبر)1971 أوفدت الحكومة العراقية وزير التربية المرحوم الدكتوراحمد عبد الستارالجواري وأخبر الملا مصطفى بأن النائب (صدام حسين) يعمل بلا كلل أو ملل من أجل كشف النقاب عن المخططين، وعن الجهة التي أمرت بالتنفيذ، وإن محاولة الاغتيال كانت مؤامرة دبرتها عناصر خارجة عن النظام من أجل تخريب العلاقات الطيبة الآخذة بالتطور بين العرب والأكراد، وقال البارزاني إنه سيرسل مبعوثاً إلى بغداد لكي يعرب عن مشاعر الود، وطلب من الدكتور احمد عبد الستار أن يحمل معه هدية (مصحف أثري قديم) هدية إلى السيد النائب (صدام حسين) وإن الوزير العراقي عاد من حاج عمران إلى بغداد يوم 14/10 وقابل السيد النائب، وأخبره إن الملا مصطفى يقدر هذه الالتفاتة وبعث شخصياً بهدية ثمينة (قرآن أثري قديم) . . وثارت شكوك النائب حول محتوى الهدية وأمر بفحصها من قبل خبراء المتفجرات وتبين فيما بعد إن الهدية عبارة عن (متفجرات) . ويروي المؤلف حادثة يوم 15 تموز(يوليو) 1972 حين قابل البارزاني مراسل وكالة الأنباء العراقية، والذي اعترف له أنه مرسل من أجل اغتياله .
الحرية الوحيدة هي أن نتنسم الهواء :
ركز المؤلف فصلا للحديث عن تاريخ الكرد، ثم أنتقل للحديث في عدة مواضع من الكتاب عن دور المدعو (الأمير بدير خان) في عملية التنسيق الكردي الصهيوني، ويتحدث عن لقاءه بالمقدم يهودا بن ديفيد – نائب الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في باريس ومسؤول الاتصالات مع الجهات الاستخبارية المحلية والأجنبية، وكان الأساس والمنطلق في التنسيق هو التماثل بين التأريخين اليهودي والكردي وتعرض الشعبين للاضطهاد .
وكان بدير خان يتنبأ بشرق أوسط ممزق ومفتت إلى كيانات صغيرة، تحظى فيه كل مجموعة أو طائفة عرقية بحق تقرير المصير في إطار حدود معقولة، تمكنها من تجذير استقلالها الحضاري .
ويتحدث المؤلف عن كيف أن أي محاولة لبلورة دولة كردية مستقلة، كانت تلقى معارضة فورية مستميتة من لدن تركيا وإيران والعراق، كل على حدة، وجميعها مجتمعة. ولم تأت هذه المعارضة مصادفة (والكلام للمؤلف) فقد كانت هذه الدول تدرك إن إقامة كيان كردي مستقل سيلزمها بالتخلي عن مناطق واسعة من أراضيها خصوصاً أنها غنية بالكنوز الطبيعية وخاصة النفط . وهذا ما دفع الغرب إلى معارضة الاستقلال الكردي ولم يبقى من التعاطف مع الأكراد سوى قيام بعض أجهزة المخابرات الغربية بإنشاء علاقات وصلات مع جهات كردية كبديل محتمل قد يحتاجون إليه في مرحلة ما .
يذكر المؤلف إن (بدير خان) وعائلته توثقت علاقتهم باليهود الذين استوطنوا كردستان منذ قرون كثيرة، فقد تحدث النبي (يوشع) عن اليهود المفقودين في أرض آشور، كما إن اليهود الأكراد هم من بقايا الأسباط اليهودية العشرة الذين نقلهم إلى هناك ملوك آشور أسرى خلال القرن 8 ق.م، وقد برز من بينهم حاخامات ويقال إن عدد الطوائف اليهودية الكردية وصل إلى (146) طائفة، وإن هجرة اليهود الأكراد إلى فلسطين بدأت في القرن (16) وسكنوا منطقة (صفد) ومن بينهم (يهودا البارزاني) الذي هاجر إلى إسرائيل سيراً على الأقدام . وإن وزير الدفاع الإسرائيلي (إسحاق مردخاي) سنة 1996 هو من أحفاد العراقيين المهاجرين، وقد هاجر إلى إسرائيل وعمره (6) سنوات بعد أن اكتشف العراقيون هوية والده كأحد نشطاء الحركة الصهيونية .
ويتحدث المؤلف عن التقرير الذي قدمته الوكالة اليهودية مطلع 1946 عن الطائفة الآشورية (الكشدية) وهم بقايا شعوب قديمة، وكيف أنهم طالبوا بنظام آمن لنصف مليون آشوري في ظل حكومة كردية مستقلة على أرض كردستان . وإنهم يكنون الكراهية للعرب ويتعاطفون مع الأكراد .
ويصف المؤلف، الأمير بدير خان، بأنه عميل إسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء، وإنما كان يقوم بتكليف من إسرائيل بأعمال سياسية حساسة على افتراض أنه سينال مقابلها مساعدات إسرائيلية للنضال الكردي، وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق والقاهرة وبيروت بتكليف من إسرائيل، وإن هذه المهام لا زالت طي الكتمان لسبب ما (ص22) .
المخابــرات وفــن الحكــــم..
--------------------------------------------------------------------------------
* الكتاب: المخابرات وفن الحكم - المؤلف: أنجيلو كودفيلا
* المترجم: محمد صبرى الصاوي
* المراجع: د السيد عطا
* عدد الصفحات: 768
* الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة
* الطبعة: الأولى/2006
يعرض هذا الكتاب مبادئ وطبيعة عمل المخابرات، باعتبارها أحد فنون الحكم القائمة على
معرفة الأصدقاء والأعداء، ويقارن بين ما أدته المخابرات الأميركية خاصة من مهام، وما قد تقوم به في المستقبل . ويقارن ذلك بالمعايير الثابتة لهذا الفن وبالظروف المتعلقة بالزمان والمكان، ويعرض تصورا للمخابرات في الأنظمة الديمقراطية نهاية القرن العشرين.
ويقدم أسسا جديدة لإعادة بناء المخابرات وفق التحولات الكبرى الجارية في العالم، ومنها بطبيعة الحال الحكم والإدارة.
الاستخبارات والعصر
الاستخبار أداة تجمع عدة متناقضات، ففيه الألفاظ والأرقام والصور، والتقديرات والإيماءات والتحريض، وفيه الحقائق التي قد تهدي وقد تضل، وفيه أيضا الأكاذيب الصريحة، ولأنه أداة غير مادية فهو لا يجرح، ولكنه يتسبب في إهلاك الملايين أو إنقاذ حياتهم.
والاستخبار فن مارسه الأخيار والأشرار، والطغاة والديمقراطيون، والبدائيون والمتقدمون، ولكنه في جميع الأحوال فن واحد. وتتكون العمليات الاستخبارية من أربعة مكونات أساسية: جمع المعلومات، والاستخبار المضاد، والتحليل، والتحرك المستتر. إن المعلومة الجيدة والضرورية قد تكون من مصدر متاح أو تجسسي خاص، وقد تسفر الدراسات والمعلومات الدقيقة حول الاقتصاد والمؤسسات العامة عن كنز ثمين لأهل البصيرة والقدرة على التحليل، وربما لو أخذ نابليون وهتلر بالاعتبار معلومات الطقس والمناخ لأمكنهما تجنب هزيمة قاسية في روسيا.
وقد تكون كثرة المعلومات سببا في التشويش والتضليل، فوكالة الأمن الوطني بالولايات المتحدة الأميركية تلتقط كل يوم آلافا لا تعد ولا تحصى من المحادثات في أغلب بقاع العالم، وبخاصة في أوقات الأزمات، فيجد صناع القرار أنفسهم أمام حشد من المعلومات لا يقدم نتائج أو تحليلات يمكن الاعتماد عليها، ويصبح الهدف مثل إبرة في كومة من القش. وقد كانت الثورة الإسلامية في إيران مفاجئة للأميركان ربما بسبب العجز عن إدراك الدور الذي يلعبه الدين في الحياة والسياسة والتحريض. وقد توقعت مخابرات العالم أن يأمر شاه إيران عام 1978 بإطلاق النار على المتظاهرين بسبب عجزها عن تحليل نفسيته وطريقة تفكيره، وعدم متابعتها وتحليلها للحوارات الشفوية للشاه برغم التنصت عليها. وكذلك الأمر عام 1989 عندما وقعت الأحداث الثورية في الكتلة الشيوعية، وكذلك لم تكن المخابرات الأميركية تنقصها المعلومات عن خطط حكومة فيتنام الشمالية عام 1968 ولكنها أخطأت في تحليل المعلومات وفي استخلاص تقدير مستقبلي. وكان لدى كل من هتلر من جهة وتشرشل وديغول من جهة أخرى المعلومات نفسها حول الولايات المتحدة، فكان هتلر يستخف بها وأعلن عليها الحرب بلا مبرر، ولكن تشرشل وديغول كانا يدركان أنها أهم قوة اقتصادية في العالم وأنها ستحسم نتيجة الحرب.
وفي الوقت الذي تسعى فيه مخابرات حكومة ما لجمع المعلومات وتحليلها حول دولة أخرى، فإن هذه الدولة تجهد في التجسس المضاد، واختراق عملياتها، وتضليل تحليلاتها. ومن ثم لا تستطيع حكومة أن تثق بما تحصل عليه من معلومات وتحليلات استخبارية، لأن تغذيتها بمعلومات مضللة، قد يؤدي إلى إفشال مخططاتها.
وفي جميع الأحوال يجب ملاحظة أن أفضل وأقسى أنواع المخابرات لم تستطع أن تحمي أنظمتها السياسية في ألمانيا الشرقية ورومانيا. إن أساس نظرية المعرفة في الفلسفة هو التساؤل البديهي كيف تأتت لي هذه المعرفة؟ وكيف أثر أسلوب معرفتي على رأيي فيها؟.
وهذا ما يسمى في المخابرات أمن العملياتوهي مبادئ قديمة وشائعة، وثمة كتاب هندي عن فن الحكم اسمه الأرثازاترا ينصح باستخدام مراقبين سريين، وينصح أيضا باختيار المعلومات التي تجمع عن طريق المكائد.
وقد لاحظت المخابرات الألمانية في الحرب العالمية الثانية أن أحد العملاء في بريطانيا يميل إلى الإبلاغ عن الأمور التي يتوقع أن الألمان يريدون سماعها، فطلبوا منه التحري عن مصنع وهمي، وعندما قدم معلومات عن هذا المصنع ضاعت مصداقيته.
وقد أدار الحلفاء عملياتهم وهم يدركون أن الألمان يراقبونهم، ولكنهم برغم ذلك استطاعوا خداع الألمان وتضليلهم تقديرا منهم أن العملاء سينقلون هذه المعلومات المضللة.
وفي عام 1952 صاغت حكومة الولايات المتحدة مصطلح التحرك المستتر في دلالة على التحرك باتجاه التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وبالطبع فإنه أسلوب قديم يسبق اكتشاف القارة الأميركية عام 1492 بمئات السنين.
وفي كتاب نشر له عام 1978، يسرد فيرنون والترز وهو جنرال بالجيش الأميركي عمل فيما بعد سفيرا، تفاصيل مهمات صامتة كلفه بها خمسة رؤساء للولايات المتحدة، بعضها كان يتسم بالحكمة وبعضها الآخر كان مهمات حمقاء، وقد فشل بعضها، وبعضها نجح. وهي مهمات من قبيل التهديد والإغراء والاستدراج وتوصيل المال وعقد الصفقات، بهدف التأثير على سياسات الدول ومواقفها، وتدبير المؤامرات.
أسباب عدم جدوى المخابرات الأميركية
نجحت المخابرات الأميركية في جمع قدر كبير من المعلومات من مختلف المصادر، التجسس التقني، واللاجئين والهاربين، والدبلوماسيين الأميركيين، والصحافة العالمية، والمخابرات العسكرية، والحكومات الأجنبية الصديقة وغير الصديقة.
ويشغل في كثير من الدول رجال متمرسون رئاسة محطة المخابرات، ويكون رئيس المحطة شخصية عامة تحظى بالاحترام والعلاقات لدرجة تثير أحيانا حسد السفير الأميركي، وقد شغل ثلاثة من رؤساء المحطات منصب مدير المخابرات المركزية.
ولكن المخابرات الأميركية واجهت حالات كثيرة من الفشل والقصور في التحليل والعمل التقني والتغطية البشرية الملائمة، والمشكلات القانونية والأمنية والسياسية بسب هاجس التجسس المضاد. وقد فتح ذلك المجال لنجاحات سوفياتية في تحقيق اختراقات معلوماتية أو الحصول على تقنيات محظورة.
ولم تعد وكالة المخابرات الأميركية قادرة على الوفاء بتحولات التسعينيات وما بعدها، فقد أصبحت جميع مصادرها وأدواتها معروفة، وفتحت المجالات للاختراق أمام الأجهزة الاستخبارية الأخرى، وهي اليوم في نظر المؤلف بحاجة إلى إعادة بناء.
وقد خلفت أحداث عام 1989 وانهيار الاتحاد السوفياتي فوضى عارمة، وقد انتشرت بقايا وفلول المخابرات الشيوعية في جميع أنحاء العالم، ويبدو من الصعب اليوم تمييز عملاء الاستخبارات من بين جموع المهاجرين من الاتحاد السوفياتي وأوروبا الشرقية. وتحدث أخطاء كثيرة في تلقي التقارير والتحليلات الاستخبارية، إذ أن ثمة فجوة كبيرة بين السياسيين والبيروقراطيين وبين الاستخبارات. وتتناقض في كثير من الأحيان المعلومات والتقارير الاستخبارية حسب مصادرها، فوزارة الدفاع لها مخابراتها الخاصة بها (DIA) وتوجد أيضا عدة أجهزة استخبارية في كل سلاح بوزارة الدفاع، وكذلك فإن لوزارة الخارجية الأميركية جهازها الخاص لجمع المعلومات وتحليلها (INR) هذا بالإضافة إلى الجهاز الشهير وهو سي آي إيه CIA.
وهناك أيضا وكالة الأمن القومي، بل إنه مع الزمن صار لكل مؤسسة هويتها الخاصة بها ونزعتها الفكرية والتحليلية لدرجة أنه يمكن التنبؤ مسبقا بتقديرات كل مؤسسة من هذه المؤسسات. وتصلح حرب الخليج الثانية (1990–1991) نموذجا لملاحظة القصور في المخابرات الأميركية، فقد كان الاستخبار على المستوى التكتيكي ممتازا، ولكنه على المستوى القومي أو الإستراتيجي لم يكن مرضيا. فعلى الرغم من قيام الأقمار الصناعية بتغطية يومية لتحركات الجيش العراقي في الفترة التي سبقت غزو الكويت، فإنها لم تتمكن من توفير الحقائق الكافية للتغلب على التوقعات التحليلية التي أدت إلى تقديرات خاطئة للنوايا العراقية. وقد أجمع المحللون الأميركيون -باستثناء واحد- فقط على أن تلك الحشود لن تقدم على غزو الكويت، وخاضت الولايات المتحدة الحرب كلها دون علم من المصادر البشرية بأساليب عمل النظام العراقي ونواياه الإستراتيجية أو تحالفاته. وزعم البعض صادقين أن الاتحاد السوفياتي كان في صف العراق، ولكن لم يعلم أحد لماذا رفض صدام حسين عرضا يضمن له النصر. ولم يكن لدى المخابرات الأميركية سوى عشرين موظفا يتحدثون العربية، ولم يكن من بينهم من يرغب في العمل المستتر في العالم العربي، ومع ذلك انتصرت الولايات المتحدة، لأنها كانت ضد خصم لا يجيد اقتناص النصر.
المدخل إلى الأسرار
لا يقتضي الاستخبار الجيد من الحكومة أن تنشر جواسيس أو مقيمين في أنحاء العالم، وأن تنفق نسبة كبيرة من دخلها القومي على الأجهزة التقنية، ولكن عليها أن تعي الدروس المستفادة من تجارب النجاح والفشل، وعليها أن تبذل الجهد لتطبيق تلك الدروس بوسائلها المحدودة وهي تتعامل مع المواقف التي تتعرض لها، وأن توظف لذلك الأشخاص المناسبين. إن فن جمع المعلومات هو فن الممكن، شأنه في ذلك شأن السياسة، ويقتضي ذلك الفن رفض الأفكار المسبقة، واستخدام السبل المتيسرة. وتعد الصحف والمجلات المتخصصة مصادر قيمة للأحداث وأولويات القادة، وما من أمة يمكن أن تغلق نفسها تمام الإغلاق حتى في زمن الحرب، هذا بالإضافة إلى المصادر البشرية والتقنية. ولكن تجب الإجابة عن سؤال محدد لتنظيم عمليات جمع المعلومات وتحليلها، ما الذي تريده حكومة ما من معلومات ولماذا تريدها؟ وربما يلزم قدر من الخيال لتحليل المعلومة وتقديرها. وقد لاحظت المخابرات السورية عام 1964 أن الإذاعة الإسرائيلية كانت تذيع قرارات الحكومة السورية، كما لاحظ قبلها العسكريون السوريون أن المدافع الإسرائيلية كانت تصيب مواقع المدفعية السورية حتى قبل أن يستطلعها الطيران الإسرائيلي. ودفع ذلك السوريين إلى محاولة تحديد موقع إشارة راديو غير قانونية كانت تصدر من مكان ما داخل البلاد على مدى فترة من الزمن، وساعدهم على ذلك أن النشرة كانت تذاع يوميا في الساعة الثامنة والنصف صباحا، وساعدهم على ذلك أيضا أن الإشارة توقفت تماما طيلة غياب أحد المطلعين على بواطن الأمور خارج البلاد. فإذا نظرنا إلى كل واحدة من تلك الحقائق على حدة لم نصل إلى شيء، أما المخابرات السورية فقد توصلت بذلك إلى معرفة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي كان يتسمى بكمال أمين ثابت. فلا يقيد فرص بلوغ الهدف في مجال المخابرات سوى الخيال، فأية عقلية تلك التي من شأنها أن تختار محل ميكانيكي سيارات ألماني في كولومبيا كواجهة لجمع المعلومات عن تجار المخدرات، أو لوضع أجهزة تنصت داخل ماكينات البيع في نوادي كليات الجامعة، أو استخدام شركة إصلاح للمصاعد كواجهة طويلة الأجل للتجسس في فيينا؟
لقد بدا العالم في بداية التسعينيات مختلفا عما سبق، فقد وقعت ثورة شرق أوروبا ثم انهيار الاتحاد السوفياتي وحروب البلقان وحرب الخليج الثانية لتنهى نصف قرن من الأنظمة الشمولية. ثم تبعت ذلك سلسلة من الأحداث والتحولات الكبرى والجديدة، وتشكلت أسئلة جديدة معقدة ومحيرة، ونشأت أخطار وفرص وتحديات جديدة. فقد توحدت ألمانيا، وبدأ مجلس الوحدة الأوروبية بالتبلور والتمأسس السريع، وصعدت الصين كقوة سياسية واقتصادية منافسة عالميا، وصار الشرق الأوسط أشد اضطرابا من قبل، وتشهد أميركا اللاتينية تحولات سياسية جذرية، وكلها حالات مختلفة عن حقبة الحرب الباردة، وتقتضي نوعا جديدا من الاستخبار والبحث والتحليل.
السراب النووي العراقي
----------------------------------------------------
الكاتب: د. عماد خدوري، وهو عالم نووي عراقي عمل في وكالة الطاقة الذرية العراقية ثلاثين عاما
دار النشر: (Springhead Publishing/CANADA)
تاريخ النشر 1 أكتوبر 2003
ما مدى اقتراب العراق من الحصول على القنبلة النووية؟ هل جدد العراق برنامجه التسليحي النووي بعد حرب 1991؟ ما مصداقية المزاعم بأن العراق شكّل تهديدا نوويا لأمن الولايات المتحدة؟ من هو العراقي الذي استشهد به الرئيس الأمريكي جورج بوش وبات رأس الحربة في اختلاق ذرائع احتلال العراق بتقديمه معلومات مضللة عن القدرة العسكرية النووية العراقية للاستخبارات الأمريكية؟
كتاب "السراب النووي العراقي IRAQ`S NUCLEAR MIRAGE" الصادر في أكتوبر 2003 باللغة الإنكليزية والمقرر أن يصدر قريبا باللغة العربية، عبارة عن شهادة علمية يقدمها العالم النووي العراقي الدكتور عماد خدوري من منفاه الاختياري في كندا بعد أن عمل في منظمة الطاقة الذرية العراقية لفترة ثلاثين عاما (1968 ـ 1998)… يغطي الكتاب فترة البدايات السلمية للبرنامج النووي العراقي وتطوره التدريجي وتحوله المباغت إلى برنامج تسليحي ومن ثم توقفه واندثاره.
عماد خدوري، الحائز على درجة الماجستير بالفيزياء من جامعة ميشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية والدكتوراه في "تكنولوجيا المفاعلات النووية" من جامعة برمنغهام في بريطانيا، يوضح للقراء بطريقة صافية خلفيته التعليمية وانتمائه للعمل بالبرنامج النووي العراقي وتوليه مختلف المواقع القيادية ومن ثم كيفية فك ذاك الارتباط والفرار من العراق مع عائلته أواخر عام 1998.
لفترة نصف سنة قبل احتلال العراق شهر عماد خدوري قلمه وحده دون معين يخوض معركة إعلامية في الصحافة والإعلام والإنترنت لمواجهة حملة التضليل (يسميها "أسلحة التضليل الشامل") التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا على العراق وقام بتغذيتها عراقيون يقول عنهم "أن الشكوك وعلامات الاستفهام تدور حول مصداقيتهم." إلا أن صوته طمس "وارتفع صوت التضليل الشامل الذي كلّف سيادة العراق واستقلاله ومقتل ما يزيد عن 10 آلاف عراقي."
من بين "النماذج المزيفة في المجال النووي" من العراقيين الفارين المشكوك بمصداقيتهم، يُسمّي الكتاب (خضر حمزة) "كأحد أبرز أدوات التضليل الشامل الذي أدعى زوراً بأنه كان (صانع القنبلة الذرية العراقية)."… يقول عماد خدوري أن خضر حمزة، الذي استشهد به الرئيس جورج بوش (الابن) مرات عدة واتخذ من تصريحاته إحدى ذرائع الهجوم على العراق، كان قد كُلف مطلع عام 1987 بتكوين فريق لتصميم القنبلة الذرية إلا أنه بعد أشهر قليلة جُرد من مسؤولياته وطُرد من المشروع النووي العسكري العراقي وتم تجميده في عمل هامشي بين 1987 و1989… وعندما كان البرنامج النووي العسكري العراقي في أوج تناميه تقاعد حمزة من منظمة الطاقة الذرية العراقية عام 1989 وأصبح مدرساً في كلية أهلية.
هرب خضر حمزة من العراق عام 1994، تاركاً جميع أفراد عائلته وراءه، أملا في الحصول علي لجوء سياسي سريع. إلا أنه أخفق في ذلك بعد أن رفضته وكالات الاستخبارات لمعرفتهم بضآلة دوره في المشروع النووي، فالتجأ إلى ليبيا ليعمل مدرساً في إحدى جامعاتها. غير أنه ما فتئ أن قام من خلال المؤتمر الوطني العراقي المدعوم من قبل وكالة المخابرات الأمريكية (سي. آي. أي.) بنشر سلسلة من ثلاث مقالات بداية عام 1995 في جريدة التايمز البريطانية يُشير فيها إلى امتلاكه وثائق تدلّ على قيام العراق إعادة تفعيل برنامجه النووي العسكري وأن العراق بصدد صنع عدة قنابل ذرية في منتصف التسعينات. أرسلت التايمز هذه الوثائق إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتأكد من صحتها، لكن ليس قبل أن تنشر هذه المادة كاكتشاف صحفي مهم. غير أن جريدة التايمز لم تنشر ما وجدته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن تلك الوثائق التي أعتمدها خضر حمزة كانت "غير حقيقية" وملفقة.
وبعد زيارة ابن خضر حمزة لأبيه في ليبيا متوسلاً إليه بالرجوع إلى العراق ليضمن سلامة عائلته، استبدّ به الهلع وارتمى ثانية علي جهات المعارضة والوكالات المخابراتية وحتى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لانتشاله من محنته، إلا أنه لاقى الفتور السابق نفسه.
طرأ تغيّر علي مجرى الأمور بعد هروب حسين كامل، المسؤول عن برامج أسلحة الدمار الشامل العراقي إلى الأردن عام 1995 وإفصاحه عن مساع بُذلت لإخفاء التقارير والوثائق العلمية المتعلقة بالبرامج، حيث احتضنته وكالة المخابرات الأمريكية كأداة لها في حملتها الإعلامية التضليلية. يقول عماد خدوري: في هذا المناخ انطلق خضر حمزة مُحلقاً في أجواء الادعاءات ناشراً كتابا قدّم فيه نفسه على أنه "أبو القنبلة الذرية العراقية" ومُلقياً تكهنات هوجاء أمام لجان الكونغرس الأمريكي وقنوات التلفزيون الأمريكي عن قرب امتلاك العراق لقنابل ذرية عدة، وليست قنبلة واحدة، خلال سنوات قليلة تُعد على أصابع اليد الواحدة.
في كتابه يفنّد عماد خدوري بأسس علمية ادعاءات خضر حمزة التي أدلى بآخرها قبل أسبوع واحد من شن الحرب على العراق… ثم يروي لنا كيف دخل خضر حمزة بغداد متستراً خلف الدبابات الأمريكية كمستشار علمي لحكومة الاحتلال وبراتب شهري مُغرٍ. وكيف أدّت (استشاراته) بعد وصوله إلى بغداد للتنكيل بالعديد من الكادر العلمي والهندسي النووي العراقي وزج بعضه في السجن ومنع منح جوازات السفر للبعض الآخر، وكيف توّجت (استشاراته) مؤخراً في حل منظمة الطاقة الذرية العراقية في آب (أغسطس) 2003.
يتساءل عماد خدوري: ماذا عن ادعاءات خضر حمزة العديدة خلال السنوات السبع الماضية عن قرب امتلاك العراق للسلاح النووي الوشيك الحدوث؟ التي احتلت الصفحات الأوّل لأكبر الصحف الأمريكية والعناوين الرئيسة لنشرات الأخبار. يقول: من دون أي مسوغات لم تتقدم أي صحيفة أو مجلة أو قناة إعلامية أمريكية واحدة وجميعها متواجدة علي أرض العراق المحتل، وهي القنوات التي كانت تتهافت علي تلاوة الويل والثبور من السلاح النووي العراقي، بإجراء أي مقابلة أو أخذ أي تصريح صغير مع خضر حمزة حول مصير مزاعمه المتكررة عن إعادة تفعيل المشروع النووي العسكري وقنابل العراق الوشيكة. ويشير ساخرا يبدو أن وجوده في العراق لم ينفع حتى المفتش (ديفيد كاي) بأي معلومات موثوق بها ليدرجها في تقريره الأخير عن عدم وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق بعد عام 1991، وبالذات السلاح النووي المزعوم.
يقول بيتر كوينبيرغ، وهو مسؤول سابق في الأمم المتحدة عمل في العراق لمدة أربع سنوات : "هذا أول كتاب يفك خيوط وألغاز أسطورة البرنامج النووي العراقي… أنه عرض أمين كتبه شخص شريف… أنه يقدم أيضا لمحة عن المكائد الخانقة لأجهزة الأمن في العراق… قراءته لازمة لكل من يريد أن يعرف حقيقة البرنامج النووي العراقي."
يتولى عماد خدوري الآن التدريس والعمل في مجال شبكات الحواسيب في تورنتو بكندا وقد أجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية معه مقابلة شخصية حول معلوماته عن البرنامج النووي العراقي… كما أجرت معه العشرات من الشبكات التلفزيونية مقابلات مطولة من بينها سي. بي. سي.، وفوكس، وأي. بي. سي.، وأم. أس. أن. بي. سي.، وبي. بي. سي.، وسي. تي. في.، ورويترز.
ــــــــــــــ
القصة الخفية لأسلحة الدمار الشامل
لدماغ أكثر أسلحة الدمار الشامل فتكاً وهدف الحرب على المنطقة السيطرة على الدماغ العربي أو الاستحواذ عليه وتدميره إن أمكن· هذه هي القصة الخفية لأسلحة الدمار الشامل، ويتساوى فيها بالأهمية دماغ العلماء العرب في الذرة والطبيعة والتكنولوجيا أو في الاجتماع والاقتصاد والفلسفة والدين· أحدث شهادة في هذا الصدد قدمها أخيراً عالم الذرة العراقي الدكتور عماد خدوري، الذي عمل في البرنامج النووي العراقي منذ بداياته عام 1968 وحتى مغادرته للعراق، هو وعائلته في عام ·1998 خدوري حاصل على شهادة دكتوراه في تكنولوجيا المفاعلات الذرية من جامعة برمنغهام في بريطانيا ويعمل حالياً في تدريس هذه التكنولوجيا في تورونتو بكندا، وشهادته منشورة بالإنكليزية منذ شهر تقريباً في موقع إنترنت عام في كندا.
http//www.YellowTimes.org مع ذلك لم يرد إلى حد الآن ذكر لهذه الشهادة العلمية في أجهزة الإعلام العالمية أو العربية، التي تضخ يومياً عشرات التقارير المخصصة لأسلحة الدمار الشامل العراقية· ولم يُستدع خدوري للإدلاء بشهادته، على رغم ما يقال من أن موضوع التحقيق مع العراقيين العاملين في برامج التسلح يحتل الصدارة في اهتمام الزعماء العالميين، ويتلهف الجميع إلى سماع عالم عراقي سيهمس في أذن بليكس بالحقيقة، حسب عنوان مقالة للكاتب الأميركي توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز·
لماذا؟··· لماذا لم تسارع محطات التلفزيون والصحافة العالمية إلى عقد لقاءات مع عالم الذرة الذي كان مسؤولاً حسب اعترافه عن توثيق وإخفاء تقارير البرنامج النووي العراقي عشية حرب الخليج الثانية؟ وما سبب تجاهل شهادة تتضمن معلومات دقيقة عن مصانع الطارمية وشرقاط، حيث أعاد العراقيون ابتكار طريقة فريق مانهاتن المشهور الذي صنع أول القنابل النووية التي أسقطها الأميركيون على اليابان في الحرب العالمية الثانية؟ وكيف يمكن تبرير تجاهل معلومات تنشر لأول مرة عن تضليل العراقيين لحملات القصف الجوي الموجهة لتدمير مراكز البحث والتطوير، وعن نجاحهم في الحفاظ على منشأة الأثير حيث تم تصميم وتجميع القنابل النووية؟ وكيف تم شحن الوثائق الخاصة بها في عربة قطار مغلقة باللحام استمرت تصعد وتنزل الأراضي العراقية مع حركة قطارات نقل المسافرين حتى عثر عليها فريق التفتيش الدولي نتيجة خطأ في الأوامر أعادها إلى موقعها الأصلي؟ وفي شهادة العالم العراقي معلومات مفجعة عن ضنك عيش زملائه ومحاصرتهم من قبل فرق التفتيش، وانهيار أوضاعهم إثر التضخم الاقتصادي الذي هبط بمرتباتهم العالية إلى ما يعادل 3 دولارات شهرياً، وتدهورهم الأكاديمي بسبب حرمانهم من متابعة التطورات الجديدة في علومهم، والحملات النفسية المكثفة ضدهم لحملهم على الانتحار؟
وقد يشكل أثمن صفحات التاريخ الحديث للمجتمعات العلمية العربية انخراط آلاف العلماء والمهندسين والتقنيين العراقيين بعد توقف العمليات الحربية مباشرة في حملة إعادة إعمار الهياكل الارتكازية لصناعة النفط وشبكات الكهرباء والماء والاتصالات التي دمرها القصف الجوي الكثيف· وتتضمن شهادة العالم العراقي سخرية لاذعة من أجهزة الاستخبارات الأميركية والبريطانية وفضح عجزها رغم المبالغ الطائلة التي تنفق عليها عن التوصل إلى أوليات التمويه العراقي قليل الحيلة· ويختتم عماد خدوري شهادته بقصة إسكندنافية شعبية مشهورة عن إمبراطور يظهر عريان أمام رعاياه الذين لا يجرؤون على النظر إليه واكتشاف عريه حتى يصرخ طفل من بينهم: الإمبراطور عار من الملابس!! ويعلق خدوري: بوش وبلير يسحبان جمهورهما من أنوفهم ويغطيان بضجيج وطني فارغ الأداء الأخرق لأجهزة استخباراتهما· مع ذلك فلا شيء يستر عري الإمبراطورين الاستعراضيين.
السؤال المطروح هو: لماذا ترهق الدولة العظمى الوحيدة مواطنيها مادياً وأخلاقياً ونفسياً لشن حرب تهدف إلى تدمير بلد أعزل يكافح من أجل تأمين لقمة العيش والدواء لمواطنيه؟ حرب يعارضها معظم سكان العالم، الجواب عن هذا السؤال يكمن، حسب الكاتب البريطاني مارتن والكوت في يأس السياسيين الغربيين· يأس سري كالعمليات السرية التي تنجم عنه·· مصدره شروط التجارة وتوازن القوى الاقتصادية اللذان يعملان ضد الغرب طيلة ربع القرن الأخير· ويمكن قراءة درجة الاستماتة الحالية لشن حرب على العراق في تدهور نسبة الناتج المحلي الأميركي بالمقارنة مع الناتج العالمي من 50 في المئة قبل 20 سنة إلى 35 في المئة، وارتفعت خلال الفترة نفسها احتياجات الولايات المتحدة من النفط المستورد من 34 في المئة إلى 53 في المئة·بدون نفط فلا وجود لاقتصاد عالمي، والنفط العربي سلاح شامل للسيطرة على الاقتصاد العالمي· هذا هو الجواب والباقي صمت، كما يقول الشاعر الإنجليزي وليام شكسبير· ملايين الكلمات التي تضخها يومياً محطات التلفزيون والصحافة العالمية والعربية حول الموضوع لا تُعكر هذا الصمت·
علاقة اكراد العراق باسرائيل
----------------------------------
كتاب يفضح العلاقة الصهيونية مع مصطفى البارزاني
د.أيمن الهاشمي
·الأيرانيون والصهاينة إستخدموا الأكراد من أجل تحقيق رغبتهم في إنهاك العراق!
·الملا مصطفى البارزاني ذبح (كبشا كبيرا) فرحا بإنتصار إسرائيل على العرب في 67 !
·زيارات عديدة للملا الى إسرائيل ولقاءه بالمسؤولين ودعم متواصل للتمرد الكردي.
·إسرائيل تمنح البارزاني رتبة (لواء) تقديرا لجهوده في تسفير اليهود العراقيين الى فلسطين المحتلة!!
المؤلف : شلومو نكديمون (صحفي صهيوني متخصص في مجال مسارات القرار الصهيوني خاصة السياسي، سبق أن أصدر كتاب – تموز في اللهب – عن قصف مفاعل تموز العراقي 1981)
المترجم : بدر عقيلي
*******
يتحدث المؤلف عن التعاون بين الكيان الصهيوني (وتحديداً الموساد) وبين المرحوم الملا مصطفى البارزاني للفترة 1963 – 1975 وتغلغل الموساد داخل شمال العراق، ليس لنوازع إنسانية – كما يدعي الصهاينة – بل لاستخدام الأكراد جسراًً للعبور نحو دول الجوار، إيران وتركيا، وإضعافاً للعراق الذي كانت تنظر إليه إسرائيل دوماً على أنه الخطر المزعج . ويستند المؤلف في معلوماته إلى مقابلات مع رجال الموساد الصهيوني الذين كلفوا بالإشراف المباشر على النشاطات في كردستان، وعلى وثائق سرية، وتقارير إعلامية، وأراشيف خاصة وعامة، ومذكرات ورسائل كتبها مستشارون إسرائيليون أبان تواجدهم في كردستان .
يضم الكتاب 31 فصلاً تشمل جميعها تغطية لوقائع وأحداث ومعلومات سابقة عن الحركة الكردية (حركة مصطفى البارزاني تحديداً) وعلاقاتها مع الموساد الصهيوني . ويصف المؤلف إتفاقية الجزائر في آذار 1975 بأنها ملك الموت الذي قبض على روح العلاقة الكردية – الإسرائيلية التي دامت 12 عاماً واتسمت بالتعاون المكثف، كان خلالها الملا مصطفى البارزاني يقود التمرد ضد الحكومات العراقية مستعيناً بالمستشارين الإسرائيليين الذين لم يفارقوه، أو يفارقوا معسكره، طيلة تلك السنوات . (ص8)، وكانت طواقم المستشارين العسكريين الإسرائيليين تستبدل بصورة دورية، كل ثلاثة أشهر، ويترأسها بصورة دائمة أحد عناصر الموساد، وإلى جانبه ضابط في الجيش الإسرائيلي، ومستشار فني. وكان الموساد والمستشارون الإسرائيليون يقدمون المساعدة للبارزاني لتعلم أساليب الحرب الحديثة، وغالباً ما كان الإسرائيليون يصطحبون وفداً طبياً للإسهام في معالجتهم . .
الكتاب يتطرق بأسهاب إلى المساعدات الإسرائيلية للتمرد البارزاني في العراق، نظراً لعدم وجود ثغر بحري لكردستان، ووقوع جميع المطارات الموجودة في أراضيها تحت السيطرة العراقية، لذا فإن الدخول إليها يصبح مستحيلاً، إلا إذا تم عبر تركيا أو إيران أو أرمينيا، مما جعل تقديم المساعدات الصهيونية رهناً برضا ورغبة إيران.
محاولة فاشلة لإغتيال الملا مصطفى البارزاني: الكتاب المقدس لم ينفجر
يتطرق الكاتب إلى محاولات قتل مصطفى البارزاني ومنها حادثة يوم 29 أيلول (سبتمبر) 1971 في حاج عمران، عن طريق متفجرات حملتها سيارة تقل تسعة من رجال الدين أرسلوا من بغداد الى مقر الملا مصطفى على أساس أنهم يحملون رسالة من القيادة العراقية بشأن اتفاق 11 آذار(مارس) 1970، وكان مع الملا مصطفى في ذلك الوقت اثنين من الموساد الإسرائيلي هما (تسفيز مير) و (ناحوم أدموني) . ويشرح الكتاب كيف أوكلت مهمة إلى المدعو (صادق) وهو خبير متفجرات كردي ليستخدم مغارة مخصصة كمصنع للمواد المتفجرة، لتصنيع (قنبلة) لاغتيال النائب صدام حسين ردا على محاولة الأغتيال الفاشلة.
في 13 تشرين الأول (أكتوبر)1971 أوفدت الحكومة العراقية وزير التربية المرحوم الدكتوراحمد عبد الستارالجواري وأخبر الملا مصطفى بأن النائب (صدام حسين) يعمل بلا كلل أو ملل من أجل كشف النقاب عن المخططين، وعن الجهة التي أمرت بالتنفيذ، وإن محاولة الاغتيال كانت مؤامرة دبرتها عناصر خارجة عن النظام من أجل تخريب العلاقات الطيبة الآخذة بالتطور بين العرب والأكراد، وقال البارزاني إنه سيرسل مبعوثاً إلى بغداد لكي يعرب عن مشاعر الود، وطلب من الدكتور احمد عبد الستار أن يحمل معه هدية (مصحف أثري قديم) هدية إلى السيد النائب (صدام حسين) وإن الوزير العراقي عاد من حاج عمران إلى بغداد يوم 14/10 وقابل السيد النائب، وأخبره إن الملا مصطفى يقدر هذه الالتفاتة وبعث شخصياً بهدية ثمينة (قرآن أثري قديم) . . وثارت شكوك النائب حول محتوى الهدية وأمر بفحصها من قبل خبراء المتفجرات وتبين فيما بعد إن الهدية عبارة عن (متفجرات) . ويروي المؤلف حادثة يوم 15 تموز(يوليو) 1972 حين قابل البارزاني مراسل وكالة الأنباء العراقية، والذي اعترف له أنه مرسل من أجل اغتياله .
الحرية الوحيدة هي أن نتنسم الهواء :
ركز المؤلف فصلا للحديث عن تاريخ الكرد، ثم أنتقل للحديث في عدة مواضع من الكتاب عن دور المدعو (الأمير بدير خان) في عملية التنسيق الكردي الصهيوني، ويتحدث عن لقاءه بالمقدم يهودا بن ديفيد – نائب الملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية في باريس ومسؤول الاتصالات مع الجهات الاستخبارية المحلية والأجنبية، وكان الأساس والمنطلق في التنسيق هو التماثل بين التأريخين اليهودي والكردي وتعرض الشعبين للاضطهاد .
وكان بدير خان يتنبأ بشرق أوسط ممزق ومفتت إلى كيانات صغيرة، تحظى فيه كل مجموعة أو طائفة عرقية بحق تقرير المصير في إطار حدود معقولة، تمكنها من تجذير استقلالها الحضاري .
ويتحدث المؤلف عن كيف أن أي محاولة لبلورة دولة كردية مستقلة، كانت تلقى معارضة فورية مستميتة من لدن تركيا وإيران والعراق، كل على حدة، وجميعها مجتمعة. ولم تأت هذه المعارضة مصادفة (والكلام للمؤلف) فقد كانت هذه الدول تدرك إن إقامة كيان كردي مستقل سيلزمها بالتخلي عن مناطق واسعة من أراضيها خصوصاً أنها غنية بالكنوز الطبيعية وخاصة النفط . وهذا ما دفع الغرب إلى معارضة الاستقلال الكردي ولم يبقى من التعاطف مع الأكراد سوى قيام بعض أجهزة المخابرات الغربية بإنشاء علاقات وصلات مع جهات كردية كبديل محتمل قد يحتاجون إليه في مرحلة ما .
يذكر المؤلف إن (بدير خان) وعائلته توثقت علاقتهم باليهود الذين استوطنوا كردستان منذ قرون كثيرة، فقد تحدث النبي (يوشع) عن اليهود المفقودين في أرض آشور، كما إن اليهود الأكراد هم من بقايا الأسباط اليهودية العشرة الذين نقلهم إلى هناك ملوك آشور أسرى خلال القرن 8 ق.م، وقد برز من بينهم حاخامات ويقال إن عدد الطوائف اليهودية الكردية وصل إلى (146) طائفة، وإن هجرة اليهود الأكراد إلى فلسطين بدأت في القرن (16) وسكنوا منطقة (صفد) ومن بينهم (يهودا البارزاني) الذي هاجر إلى إسرائيل سيراً على الأقدام . وإن وزير الدفاع الإسرائيلي (إسحاق مردخاي) سنة 1996 هو من أحفاد العراقيين المهاجرين، وقد هاجر إلى إسرائيل وعمره (6) سنوات بعد أن اكتشف العراقيون هوية والده كأحد نشطاء الحركة الصهيونية .
ويتحدث المؤلف عن التقرير الذي قدمته الوكالة اليهودية مطلع 1946 عن الطائفة الآشورية (الكشدية) وهم بقايا شعوب قديمة، وكيف أنهم طالبوا بنظام آمن لنصف مليون آشوري في ظل حكومة كردية مستقلة على أرض كردستان . وإنهم يكنون الكراهية للعرب ويتعاطفون مع الأكراد .
ويصف المؤلف، الأمير بدير خان، بأنه عميل إسرائيلي ليس بالمفهوم الكلاسيكي للعملاء، وإنما كان يقوم بتكليف من إسرائيل بأعمال سياسية حساسة على افتراض أنه سينال مقابلها مساعدات إسرائيلية للنضال الكردي، وقد قام بدير خان بعدد من المهمات السياسية في عدد من العواصم العربية مثل دمشق والقاهرة وبيروت بتكليف من إسرائيل، وإن هذه المهام لا زالت طي الكتمان لسبب ما (ص22) .