صفحة 1 من 1

مواطن شكاء بكاء

مرسل: السبت يناير 02, 2010 10:26 pm
بواسطة حنان المنصور
أينما اتجهت ، وحيثما كنت ، لا تكاد تسمع إلا شكوى وتذمرا ، التاجر الذي كان يربح في اليوم ألف دينار مثلا ، ثم أصبح يربح نصفها أو ربعها ،تسمعه يولول ويبكي شاكيا باكيا من أنه بدأ يخسر ، الموظف الذي كان يعيش مستورا بمائة وخمسين دينارا ، ثم أصبح راتبه خمسمائة دينار ينعى نفسه وحياته ، ويعد نفسه فقيرا معدما ، بعد أن أصبح "مشنشلا" بالديون لأن عليه أن يدفع قسط السيارة والثلاجة أم ألف قدم ، وقسط الأولاد في المدارس الخاصة ، و... إلخ مما لم يكن في حسبانه وليس به حاجة ، وعليه فقس ، وكان الناس من قبل يَحيون ببساطة عيش ، ودون رفاهية زائدة ، حتى أننا كلنا بتنا نحلم بأن نعيش حياة المترفين ، ونحن لسنا كذلك نسبة لحجم الدخل ، قوميا كان أو شخصيا،.

موطننا شكاء بكاء ، وهو لا يعلم أو يعلم ، ولكنه لا يريد أن يتذكر ان خيار الخلق ، محمدا وصحبه ، الذين فتحوا الدنيا ونقلونا والبشرية من الظلمات إلى النور ، كانوا على غير ما نحن فيه من ترف وسرف ، تروي عائشة رضي الله عنها لعروة ابن أختها فتقول: والله يا ابن أختي ، إن كنا لننظر إلى الهلال ، ثم الهلال ، ثم الهلال - ثلاثة أهلة في شهرين - وما أوقد في أبيات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار ، قال: قلت: يا خالة ، فما كان يعيشكم؟ قالت: الأسودان: التمر ، والماء . متفق عليه ، وقالت أيضا: ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم . أخرجه مسلم. وعن النعمان بن بشير - رضي الله عنه - : قال : ذكر عمر ما أصاب الناس من الدنيا ، فقال: لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظل اليوم يلتوي - يعني من الجوع - ، ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه .أخرجه مسلم والدقل ردئ التمر ، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - : قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم - أو ليلة - فإذا هو بأبي بكر ، وعمر ، فقال : ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قالا: الجوع يا رسول الله ، قال : وأنا ، والذي نفسي بيده ، لأخرجني الذي أخرجكما ، قوموا ، فقاموا معه ، فأتى رجلا من الأنصار ، فذبح لهم ، فلما أن شبعوا ورووا ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر ، وعمر : والذي نفسي بيده ، لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة ، أخرجكم من بيوتكم الجوع ، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم . أخرجه مسلم.والأحداث والأحاديث في هذا كثير ، فانظروا إلى الحال الذي نحياه ، وما نتقلب فيه من نعيم ، مقارنة مع الحال التي كانت عليها تلك النخبة من البشر وما فعلتم وتفعلون ، وما فعلوا هم ، حينما غيروا وجه التاريخ ، فيما نحن نلطخ وجه التاريخ بمخازينا وتخاذلنا ، وأحلامنا الصغيرة بالثراء والنهب والسلب،.



تحياتي :)