مثالية ولكن!
مرسل: الثلاثاء يناير 12, 2010 8:14 am
مثالية ولكن
من الطبيعي جدا أن ترنو البشرية العاقلة للوصول إلى الأفضل والأصلح في أساليب الحياة بصورة عامة ، وليس من الغريب أن تبحث دوما عن الطرق الموصلة لها وبها إلى ما يمكن اعتباره النموذج المثالي ، ومن لوازم ذلك التوجه ظهور العديد من المؤلفات على الساحة الفكرية باحثة عن هذا المثالي الذي يمكن أن يحقق لها ما تريده وتعيش في أفيائه آمنة مطمئنة
والحقيقة التي لامناص من الاعتراف بها أن المثالية التي يمكنها تحقيق أمنيات البشر هي التي تلائم طبيعتهم البشرية بما فيها من عناصر الضعف والقوة ، وما تحمله تضاعيفهم من ميول خيرة أو نزوع إلى الشر ، وليست المثالية هي التي تتسم بصفات الكمال التامة بحيث لا يمكن بحال من الأحوال وقوع الخطأ أو الخطيئة ، وإلا فإن المجتمع البشري سيكون على مستوى الملائكة وهذا مستحيل ، فخالقهم أراد لهم أن يكونوا بشرا ، ولو شاء لجعلهم ملائكة ، لكنه خلقهم بما هم عليه من عناصر النقص واحتمالية الخطأ ، وفي الوقت نفسه أتاح لهم مساحات واسعة من إمكانية التصحيح والعودة إلى جادة الصواب 0
وبنظرة سريعة للمجتمع في العهد النبوي - وهو بدون شك أفضل العهود في تاريخ البشرية قاطبة وأرقاها فكرا وسلوكا واعتقادا - فإننا سنجد نماذج تؤكد صحة هذه الفكرة فبالرغم من وجود النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بين ظهراني ذلك المجتمع إلا أن بعض أفراده وقع في فخ الخطيئة كالزنى والسرقة وشرب الخمر ، وقد وقعت تلك الخطايا من أفراد مسلمين مؤمنين بالله ورسوله ، كقصة ماعز الأسلمي الذي وقع في الزنى ثم استشعر هول الجريمة فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه طالبا إقامة الحد الشرعي عليه كي يطهر ، فهذا النموذج يكفي لإثبات الطبيعة البشرية التي لا يمكن أن يتخلص منها المجتمع الإنساني في أي زمان ومكان0
فالمثالية التي ينشدها العقلاء لن تكون أرقى مما كان عليه البشر في العهد النبوي ، ولا يمكن بحال من الأحوال بلوغ درجة الكمال والعصمة من الوقوع في الخطأ أو الخطيئة لأن ذلك لا يتناسب وواقعية البشر، فالله خلقهم وهو العليم الحكيم ، جعل فيهم عناصر الضعف وأمدهم بإمكانية الوصول إلى درجات من القوة تتلاءم وطبيعتهم ولم يطالبهم بدرجة الكمال الأسمى والعصمة التامة 0
وهذا لا يعني التساهل والاستسلام لعناصر الضعف ، وإنما الفرصة متاحة لكل فرد أن يرتقي دوما إلى الأفضل ولكن وفق القاعدة القرآنية " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " ووفق المنهج النبوي الكريم " كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون "0
منقوول
من الطبيعي جدا أن ترنو البشرية العاقلة للوصول إلى الأفضل والأصلح في أساليب الحياة بصورة عامة ، وليس من الغريب أن تبحث دوما عن الطرق الموصلة لها وبها إلى ما يمكن اعتباره النموذج المثالي ، ومن لوازم ذلك التوجه ظهور العديد من المؤلفات على الساحة الفكرية باحثة عن هذا المثالي الذي يمكن أن يحقق لها ما تريده وتعيش في أفيائه آمنة مطمئنة
والحقيقة التي لامناص من الاعتراف بها أن المثالية التي يمكنها تحقيق أمنيات البشر هي التي تلائم طبيعتهم البشرية بما فيها من عناصر الضعف والقوة ، وما تحمله تضاعيفهم من ميول خيرة أو نزوع إلى الشر ، وليست المثالية هي التي تتسم بصفات الكمال التامة بحيث لا يمكن بحال من الأحوال وقوع الخطأ أو الخطيئة ، وإلا فإن المجتمع البشري سيكون على مستوى الملائكة وهذا مستحيل ، فخالقهم أراد لهم أن يكونوا بشرا ، ولو شاء لجعلهم ملائكة ، لكنه خلقهم بما هم عليه من عناصر النقص واحتمالية الخطأ ، وفي الوقت نفسه أتاح لهم مساحات واسعة من إمكانية التصحيح والعودة إلى جادة الصواب 0
وبنظرة سريعة للمجتمع في العهد النبوي - وهو بدون شك أفضل العهود في تاريخ البشرية قاطبة وأرقاها فكرا وسلوكا واعتقادا - فإننا سنجد نماذج تؤكد صحة هذه الفكرة فبالرغم من وجود النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بين ظهراني ذلك المجتمع إلا أن بعض أفراده وقع في فخ الخطيئة كالزنى والسرقة وشرب الخمر ، وقد وقعت تلك الخطايا من أفراد مسلمين مؤمنين بالله ورسوله ، كقصة ماعز الأسلمي الذي وقع في الزنى ثم استشعر هول الجريمة فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه طالبا إقامة الحد الشرعي عليه كي يطهر ، فهذا النموذج يكفي لإثبات الطبيعة البشرية التي لا يمكن أن يتخلص منها المجتمع الإنساني في أي زمان ومكان0
فالمثالية التي ينشدها العقلاء لن تكون أرقى مما كان عليه البشر في العهد النبوي ، ولا يمكن بحال من الأحوال بلوغ درجة الكمال والعصمة من الوقوع في الخطأ أو الخطيئة لأن ذلك لا يتناسب وواقعية البشر، فالله خلقهم وهو العليم الحكيم ، جعل فيهم عناصر الضعف وأمدهم بإمكانية الوصول إلى درجات من القوة تتلاءم وطبيعتهم ولم يطالبهم بدرجة الكمال الأسمى والعصمة التامة 0
وهذا لا يعني التساهل والاستسلام لعناصر الضعف ، وإنما الفرصة متاحة لكل فرد أن يرتقي دوما إلى الأفضل ولكن وفق القاعدة القرآنية " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " ووفق المنهج النبوي الكريم " كل ابن آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون "0
منقوول