By روان السعيد 101 - السبت مارس 06, 2010 4:43 pm
- السبت مارس 06, 2010 4:43 pm
#25329
الحروب الأهلية في العالم.. كوارث ودمار ومآسي تختفي وراءها نشوة النصر .....
تعد الحروب الأهلية التي حصلت في العديد من بلدان العالم من أسوأ أنواع الحروب، نتيجة لعنف هذه الحروب والآثار الكارثية الناجمة عنها، كما أن هذه الآثار والكوارث منها ما يكون على المدى القريب، والمتمثل بالخسائر المادية والبشرية، وحالة الهلع والخوف التي تسود كافة أرجاء البلاد. ومنها أيضا ما يكون على المدى البعيد، والمتمثل بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وغير ذلك.
أما أسباب الحروب الأهلية فأنها تتركز بدرجة رئيسية حول الصراع على السلطة ومحاولة الاستئثار بها، إلا أن خلفيات الأسباب تختلف من بلد إلى آخر؛ فهي قد تكون طائفية أو عرقية أو إثنية أو سياسية، وأحيانا قد تكون لها خلفيات إقليمية، حيث تغذيها قوى أجنبية تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار البلد الذي ستنشب فيه. وأحيانا تشكل مزيجا من الدوافع السابق ذكرها أو من بعضها.
حروب.. وآلام
الحروب الأهلية قديمة قدم الحضارات والدول نفسها، بل إنها قديمة قدم الإنسان نفسه، وهذه الحروب لم تسلم منها بلادنا في حقب تاريخها المختلفة، ولعل أبرزها الحروب التي نشبت في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، والتي اتسمت –في غالب الأحيان- بصراع جغرافي ومناطقي، تشابكت معه وأججته عوامل مذهبية وسياسية، ولعبت القوى الدولية والإقليمية دورا كبيرا في ذلك، بدءا من الحروب التي نشبت بين الإمام المطهر شرف الدين في الشمال، والطاهريين في الجنوب في القرن السادس عشر، وانتهاء بحرب صيف 94 في نهاية القرن العشرين، وهو ما بات يعرف لدى الكثير من السياسيين والمؤرخين بأنه صراع بين السهليين والجبليين، حيث تتصف مناطق شمال الوطن بطبيعتها الجغرافية المعقدة، على العكس من مناطق جنوب الوطن التي تتصف بأنها مناطق سهلية. بالإضافة إلى الحرب التي نشبت منذ منتصف 2004 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في صعدة.
ورغم نشوب الحروب الأهلية في العديد من البلدان، إلا أننا لم نسمع أن الطرف المنتصر في أحد هذه الحروب جعل من يوم انتصاره عيدا وطنيا يحتفي به سنويا كي يغيظ الطرف المهزوم –كما يفعل الحزب الحاكم في بلادنا-، ذلك لأن الآلام النفسية التي تخلفها الحروب الأهلية التي تنشب بين أبناء الوطن الواحد والعقيدة الواحدة والهموم المشتركة أقسى وأفظع من أن تخلد ذكراها السنوية؛ ذلك لأن الطرف المهزوم ستحيا فيها الآلام من جديد، وربما قد تدفعه إلى إعادة ترتيب صفوفه والانتقام من الطرف المنتصر. بالإضافة إلى ذلك، فإن ذكرى انتهاء الحروب الأهلية تكون عادة مبعثا للأسى والأحزان والندم، وربما قد تدفع الأطراف المتحاربة إلى المصالحة وطلب الصفح كل من الآخر، وليس احتفاء الطرف المنتصر بغية إغاظة الطرف المهزوم. وإن كان من احتفال في أي بلد نشبت فيه حرب أهلية، فهو لا يتعدى مجرد إحياء ذكرى هذه الحرب، ويحيي هذه الذكرى كافة أبناء الشعب، بمن فيهم أطراف الحرب المنتصرين والمهزومين على حد سواء، والدعوة إلى إحلال السلام والتنمية، وإزالة النتائج الكارثية التي خلفتها الحرب، والترحم على ضحاياها.
حروب أهلية عربية
من البلدان العربية التي شهدت حروبا أهلية مدمرة، لبنان، ذلك البلد الصغير والجميل الذي طحنته الحرب الأهلية خمسة عشر عاما (1975-1990)، وحصدت أكثر من 130 ألف قتيل، بعد سنوات من الانقسام السياسي بين قوى الحركة الوطنية اللبنانية وقوى اليمين اللبناني، في ظلّ ظروف إقليمية ودولية أججت وساعدت على إشعال فيتل الحرب. وقد انتهت الحرب في 13 أكتوبر1990، بعد أن تمكنت القوات السورية من طرد العماد عون من قصر بعبدا وأحكمت سيطرتها على المنطقة الشرقية، بغطاء إقليمي ودولي، تحت شعار "إنهاء التمرد على الطائف"، عندها توقفت الحرب الأهلية بعد إنجاز النواب لاتفاق الطائف، بتحفيز إقليمي ودولي لوقف القتال، لكننا لم نسمع أن الطرف المنتصر جعل من اليوم الذي توقفت فيه الحرب عيدا سنويا يحتفي به بغية إغاظة الطرف المنتصر.
وفي العراق، فقد نشبت حرب أهلية في الفترة (2003-2007) رغم الاحتلال الأمريكي، والتي بدأت على شكل استهداف وتفجير الأضرحة والمساجد التابعة للسنة والشيعة على حد سواء، وحمل كل طرف الآخر مسئولية ذلك، وتطور الأمر إلى حرب أهلية طائفية بحتة، طرفاها الشيعة ممثلين بفرق الموت وجيش المهدي، والسنة الذين تواروا خلف مسميات عدة، لكن أبرزها كان تنظيم القاعدة الذي كان يستهدف بعملياته الأمريكان والشيعة على حد سواء قبل أن يشكل جيش الاحتلال الأمريكي ميليشيات عشائرية عرفت باسم (مجالس الصحوة) من أبناء العشائر بهدف التصدي لتنظيم القاعدة، والتي دخلت في مواجهات ضارية مع تنظيم القاعدة بالإضافة إلى جماعات المجاهدين العرب وبعضهم لا علاقة له بتنظيم القاعدة.
وفي بداية 2007 وضعت الإدارة الأمريكية خطة أمنية تهدف إلى إرساء الأمن الاستقرار في العراق وإنهاء الحرب الأهلية التي شلت المصالح الأمريكية. وتمثلت الخطة بزيادة عدد القوات الأمريكية وإجراء تغييرات في التكتيكات العسكرية، واتِّخاذ إجراءات صارمة ضدّ الميليشيات الشيعية وخاصة جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وإجراء مفاوضات مع المتمردين السنّة المعتدلين بهدف جعلهم يتخلون عن الكفاح المسلّح، وتكوين ميليشيات عشائرية (مجالس الصحوة) من أبناء العشائر من أجل التصدّي لمن يتبقى من المتمردين. ومع ذلك، لم يسمع أحد أن الطرف الذي يرى نفسه منتصرا في هذه الحرب جعل لنفسه عيدا سنويا يسير فيه المسيرات التي ترفع أعلام ولافتات الابتهاج.
وفي السودان، نشبت حروب أهلية خلال الأعوام(1955-1972) و(1983-2003) بين الشمال والجنوب على خلفية مطالبة حركة تحرير جنوب السودان بالانفصال أو الحكم الذاتي. وحصدت هذه الحروب أكثر من مليوني قتيل، وأربعة ملايين نازح داخل الوطن، و420 ألف لاجئ في البلدان المجاورة للسودان. ورغم مرارة الحرب ومرارة نتائجها، إلا أن السودانيون –الطرف الذي يرى نفسه منتصرا- لم يخلدوا يوما أسموه بـ"يوم النصر".
حروب أخرى
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، نشبت حرب أهلية خلال الفترة (1861 - 1865) بين الحكومة الفيدرالية التي عرفت بـ"الاتحاديين" مقابل إحدى عشر ولاية جنوبية متمسكة بالعبودية، وأسست هذه الولايات ما سمي بـ"الولايات الكونفدرالية الأمريكية"، وأعلنت انفصالها عن باقي الولايات الشمالية، وعلى إثر ذلك نشبت الحرب التي استمرت حوالي أربع سنوات، وخلفت أكثر من 970.000 قتيل. وفي عام 1865 انحسرت الكونفدرالية وأعلنت انسحاب قواتها، وتم تحرير جميع العبيد. وقد أخذت عملية إعادة الوحدة الكاملة لجميع الولايات المتحدة عملاً و جهداً في مرحلة ما بعد الحرب ضمن عملية عرفت بـ"إعادة التأسيس". وتعد ذكرى هذه الحرب مبعثا للأحزان لدى الأمريكان، وليس ذكرى للنصر والابتهاج، نتيجة لضخامة عدد ضحاياها.
ونظرا لضيق المساحة للحديث عن أبرز الحروب الأهلية في العالم وأسبابها وكيف انتهت وما هي نتائجها، هذه قائمة بأشهر الحروب الأهلية عبر التاريخ بحسب ترتيبها الزمني وفقا للموسوعة الحرة "الويكيبيديا":
حروب الأخوة بين الفونسو ملك ليون وسانشو ملك قشتالة1067-1072
الحرب الأهلية في النرويج 1130-1240
حرب الوردتين في إنجلترا 1455-1485
حرب أونين في اليابان 1467-1477
الحروب الدينية الفرنسية 1562-1598
الحرب الأهلية الأمريكية 1861-1865
الحرب الأهلية في روسيا 1917 -1921
الحرب الأهلية في فنلندا 1918
الحرب الأهلية الأيرلندية 1922-1923
الحرب الأهلية الصينية 1928-1937, 1945-1949
الحرب الأهلية الفيتنامية 1930-1975
الحرب الأهلية الإسبانية 1936-1939
الحرب الأهلية اليونانية 1946-1949
الحرب الأهلية البارجوية 1947
الحرب الأهلية في كوستاريكا, 1948
الحرب الأهلية الكورية 1950-1953
الحرب الأهلية الاندونيسية 1965-1966
الحرب الأهلية النيجرية 1967-1970
الحرب الأهلية الباكستانية 1971
الحرب الأهلية اللبنانية 1975 - 1990
الحرب الأهلية الموزمبيقية 1975-1992
الحرب الأهلية اليوغسلافية 1991- 2001
الحرب الأهلية الأفغانية 1992-2001
الحرب الأهلية العراقية 2003-2007
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين أكثر من 50 حرب أهلية في مناطق مختلفة من العالم منذ 1955، انتهت 75% منها بانتصار عسكري واحد (الحكومات سحقت التمرد في 40%، وسيطر الثوار على الحكومة المركزية في 35%)، وفي 16% منها (9حروب) كانت المشاركة في السلطة، ومنها السلفادور (1992) وجنوب أفريقيا (1994) وطاجكستان (1997). وتُنفذ الاتفاقات بين الإطراف إن ضمن طرف ثالث عدم انتزاع السلطة بالقوة. ويتم التوصل إلى اتفاق المشاركة في السلطة عندما تتيقن الأطراف المتحاربة استحالة الحصول على مطالبها بالقوة. لكن، بالرغم من كل ذلك، ليس هناك من يخلد ذكرى انتهاء الحرب أو توقفها على أنها عيد وطني ويحتفل به سنويا، لا لشيء إلا من أجل إغاظة الطرف المهزوم، وكل ما تفعله الحكومات والشعوب التي عانت من حروب أهلية، أنها –كما ذكرنا- تحيي ذكرى هذه الحروب بالدعوة إلى إحلال السلام والتنمية، وإزالة النتائج الكارثية التي خلفتها الحروب، والترحم على ضحاياها.
تعد الحروب الأهلية التي حصلت في العديد من بلدان العالم من أسوأ أنواع الحروب، نتيجة لعنف هذه الحروب والآثار الكارثية الناجمة عنها، كما أن هذه الآثار والكوارث منها ما يكون على المدى القريب، والمتمثل بالخسائر المادية والبشرية، وحالة الهلع والخوف التي تسود كافة أرجاء البلاد. ومنها أيضا ما يكون على المدى البعيد، والمتمثل بالأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية، وغير ذلك.
أما أسباب الحروب الأهلية فأنها تتركز بدرجة رئيسية حول الصراع على السلطة ومحاولة الاستئثار بها، إلا أن خلفيات الأسباب تختلف من بلد إلى آخر؛ فهي قد تكون طائفية أو عرقية أو إثنية أو سياسية، وأحيانا قد تكون لها خلفيات إقليمية، حيث تغذيها قوى أجنبية تهدف إلى زعزعة أمن واستقرار البلد الذي ستنشب فيه. وأحيانا تشكل مزيجا من الدوافع السابق ذكرها أو من بعضها.
حروب.. وآلام
الحروب الأهلية قديمة قدم الحضارات والدول نفسها، بل إنها قديمة قدم الإنسان نفسه، وهذه الحروب لم تسلم منها بلادنا في حقب تاريخها المختلفة، ولعل أبرزها الحروب التي نشبت في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر، والتي اتسمت –في غالب الأحيان- بصراع جغرافي ومناطقي، تشابكت معه وأججته عوامل مذهبية وسياسية، ولعبت القوى الدولية والإقليمية دورا كبيرا في ذلك، بدءا من الحروب التي نشبت بين الإمام المطهر شرف الدين في الشمال، والطاهريين في الجنوب في القرن السادس عشر، وانتهاء بحرب صيف 94 في نهاية القرن العشرين، وهو ما بات يعرف لدى الكثير من السياسيين والمؤرخين بأنه صراع بين السهليين والجبليين، حيث تتصف مناطق شمال الوطن بطبيعتها الجغرافية المعقدة، على العكس من مناطق جنوب الوطن التي تتصف بأنها مناطق سهلية. بالإضافة إلى الحرب التي نشبت منذ منتصف 2004 بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين في صعدة.
ورغم نشوب الحروب الأهلية في العديد من البلدان، إلا أننا لم نسمع أن الطرف المنتصر في أحد هذه الحروب جعل من يوم انتصاره عيدا وطنيا يحتفي به سنويا كي يغيظ الطرف المهزوم –كما يفعل الحزب الحاكم في بلادنا-، ذلك لأن الآلام النفسية التي تخلفها الحروب الأهلية التي تنشب بين أبناء الوطن الواحد والعقيدة الواحدة والهموم المشتركة أقسى وأفظع من أن تخلد ذكراها السنوية؛ ذلك لأن الطرف المهزوم ستحيا فيها الآلام من جديد، وربما قد تدفعه إلى إعادة ترتيب صفوفه والانتقام من الطرف المنتصر. بالإضافة إلى ذلك، فإن ذكرى انتهاء الحروب الأهلية تكون عادة مبعثا للأسى والأحزان والندم، وربما قد تدفع الأطراف المتحاربة إلى المصالحة وطلب الصفح كل من الآخر، وليس احتفاء الطرف المنتصر بغية إغاظة الطرف المهزوم. وإن كان من احتفال في أي بلد نشبت فيه حرب أهلية، فهو لا يتعدى مجرد إحياء ذكرى هذه الحرب، ويحيي هذه الذكرى كافة أبناء الشعب، بمن فيهم أطراف الحرب المنتصرين والمهزومين على حد سواء، والدعوة إلى إحلال السلام والتنمية، وإزالة النتائج الكارثية التي خلفتها الحرب، والترحم على ضحاياها.
حروب أهلية عربية
من البلدان العربية التي شهدت حروبا أهلية مدمرة، لبنان، ذلك البلد الصغير والجميل الذي طحنته الحرب الأهلية خمسة عشر عاما (1975-1990)، وحصدت أكثر من 130 ألف قتيل، بعد سنوات من الانقسام السياسي بين قوى الحركة الوطنية اللبنانية وقوى اليمين اللبناني، في ظلّ ظروف إقليمية ودولية أججت وساعدت على إشعال فيتل الحرب. وقد انتهت الحرب في 13 أكتوبر1990، بعد أن تمكنت القوات السورية من طرد العماد عون من قصر بعبدا وأحكمت سيطرتها على المنطقة الشرقية، بغطاء إقليمي ودولي، تحت شعار "إنهاء التمرد على الطائف"، عندها توقفت الحرب الأهلية بعد إنجاز النواب لاتفاق الطائف، بتحفيز إقليمي ودولي لوقف القتال، لكننا لم نسمع أن الطرف المنتصر جعل من اليوم الذي توقفت فيه الحرب عيدا سنويا يحتفي به بغية إغاظة الطرف المنتصر.
وفي العراق، فقد نشبت حرب أهلية في الفترة (2003-2007) رغم الاحتلال الأمريكي، والتي بدأت على شكل استهداف وتفجير الأضرحة والمساجد التابعة للسنة والشيعة على حد سواء، وحمل كل طرف الآخر مسئولية ذلك، وتطور الأمر إلى حرب أهلية طائفية بحتة، طرفاها الشيعة ممثلين بفرق الموت وجيش المهدي، والسنة الذين تواروا خلف مسميات عدة، لكن أبرزها كان تنظيم القاعدة الذي كان يستهدف بعملياته الأمريكان والشيعة على حد سواء قبل أن يشكل جيش الاحتلال الأمريكي ميليشيات عشائرية عرفت باسم (مجالس الصحوة) من أبناء العشائر بهدف التصدي لتنظيم القاعدة، والتي دخلت في مواجهات ضارية مع تنظيم القاعدة بالإضافة إلى جماعات المجاهدين العرب وبعضهم لا علاقة له بتنظيم القاعدة.
وفي بداية 2007 وضعت الإدارة الأمريكية خطة أمنية تهدف إلى إرساء الأمن الاستقرار في العراق وإنهاء الحرب الأهلية التي شلت المصالح الأمريكية. وتمثلت الخطة بزيادة عدد القوات الأمريكية وإجراء تغييرات في التكتيكات العسكرية، واتِّخاذ إجراءات صارمة ضدّ الميليشيات الشيعية وخاصة جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، وإجراء مفاوضات مع المتمردين السنّة المعتدلين بهدف جعلهم يتخلون عن الكفاح المسلّح، وتكوين ميليشيات عشائرية (مجالس الصحوة) من أبناء العشائر من أجل التصدّي لمن يتبقى من المتمردين. ومع ذلك، لم يسمع أحد أن الطرف الذي يرى نفسه منتصرا في هذه الحرب جعل لنفسه عيدا سنويا يسير فيه المسيرات التي ترفع أعلام ولافتات الابتهاج.
وفي السودان، نشبت حروب أهلية خلال الأعوام(1955-1972) و(1983-2003) بين الشمال والجنوب على خلفية مطالبة حركة تحرير جنوب السودان بالانفصال أو الحكم الذاتي. وحصدت هذه الحروب أكثر من مليوني قتيل، وأربعة ملايين نازح داخل الوطن، و420 ألف لاجئ في البلدان المجاورة للسودان. ورغم مرارة الحرب ومرارة نتائجها، إلا أن السودانيون –الطرف الذي يرى نفسه منتصرا- لم يخلدوا يوما أسموه بـ"يوم النصر".
حروب أخرى
وفي الولايات المتحدة الأمريكية، نشبت حرب أهلية خلال الفترة (1861 - 1865) بين الحكومة الفيدرالية التي عرفت بـ"الاتحاديين" مقابل إحدى عشر ولاية جنوبية متمسكة بالعبودية، وأسست هذه الولايات ما سمي بـ"الولايات الكونفدرالية الأمريكية"، وأعلنت انفصالها عن باقي الولايات الشمالية، وعلى إثر ذلك نشبت الحرب التي استمرت حوالي أربع سنوات، وخلفت أكثر من 970.000 قتيل. وفي عام 1865 انحسرت الكونفدرالية وأعلنت انسحاب قواتها، وتم تحرير جميع العبيد. وقد أخذت عملية إعادة الوحدة الكاملة لجميع الولايات المتحدة عملاً و جهداً في مرحلة ما بعد الحرب ضمن عملية عرفت بـ"إعادة التأسيس". وتعد ذكرى هذه الحرب مبعثا للأحزان لدى الأمريكان، وليس ذكرى للنصر والابتهاج، نتيجة لضخامة عدد ضحاياها.
ونظرا لضيق المساحة للحديث عن أبرز الحروب الأهلية في العالم وأسبابها وكيف انتهت وما هي نتائجها، هذه قائمة بأشهر الحروب الأهلية عبر التاريخ بحسب ترتيبها الزمني وفقا للموسوعة الحرة "الويكيبيديا":
حروب الأخوة بين الفونسو ملك ليون وسانشو ملك قشتالة1067-1072
الحرب الأهلية في النرويج 1130-1240
حرب الوردتين في إنجلترا 1455-1485
حرب أونين في اليابان 1467-1477
الحروب الدينية الفرنسية 1562-1598
الحرب الأهلية الأمريكية 1861-1865
الحرب الأهلية في روسيا 1917 -1921
الحرب الأهلية في فنلندا 1918
الحرب الأهلية الأيرلندية 1922-1923
الحرب الأهلية الصينية 1928-1937, 1945-1949
الحرب الأهلية الفيتنامية 1930-1975
الحرب الأهلية الإسبانية 1936-1939
الحرب الأهلية اليونانية 1946-1949
الحرب الأهلية البارجوية 1947
الحرب الأهلية في كوستاريكا, 1948
الحرب الأهلية الكورية 1950-1953
الحرب الأهلية الاندونيسية 1965-1966
الحرب الأهلية النيجرية 1967-1970
الحرب الأهلية الباكستانية 1971
الحرب الأهلية اللبنانية 1975 - 1990
الحرب الأهلية الموزمبيقية 1975-1992
الحرب الأهلية اليوغسلافية 1991- 2001
الحرب الأهلية الأفغانية 1992-2001
الحرب الأهلية العراقية 2003-2007
وتجدر الإشارة إلى أنه من بين أكثر من 50 حرب أهلية في مناطق مختلفة من العالم منذ 1955، انتهت 75% منها بانتصار عسكري واحد (الحكومات سحقت التمرد في 40%، وسيطر الثوار على الحكومة المركزية في 35%)، وفي 16% منها (9حروب) كانت المشاركة في السلطة، ومنها السلفادور (1992) وجنوب أفريقيا (1994) وطاجكستان (1997). وتُنفذ الاتفاقات بين الإطراف إن ضمن طرف ثالث عدم انتزاع السلطة بالقوة. ويتم التوصل إلى اتفاق المشاركة في السلطة عندما تتيقن الأطراف المتحاربة استحالة الحصول على مطالبها بالقوة. لكن، بالرغم من كل ذلك، ليس هناك من يخلد ذكرى انتهاء الحرب أو توقفها على أنها عيد وطني ويحتفل به سنويا، لا لشيء إلا من أجل إغاظة الطرف المهزوم، وكل ما تفعله الحكومات والشعوب التي عانت من حروب أهلية، أنها –كما ذكرنا- تحيي ذكرى هذه الحروب بالدعوة إلى إحلال السلام والتنمية، وإزالة النتائج الكارثية التي خلفتها الحروب، والترحم على ضحاياها.