منتديات الحوار الجامعية السياسية

قسم مختص باستقبال أسئلة الطلاب
#26068
صورة



الرياض: عمر الزبيدي

انتقد رئيس مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الأمير تركي الفيصل السياسة الأمريكية الخارجية وعلاقتها بدولة إسرائيل قائلا :"الأمريكيون لا يجب أن تتوقعوا إلا غير المتوقع معهم"، وشرح قوة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، من منظور تاريخي واستراتيجي وديني، معبرا عن عدم ارتياحه لمصافحته نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني ايالون، كما تناول العديد من المواضيع الشخصية والأمنية والدبلوماسية خلال محاضرته "الدبلوماسية السعودية" التي ألقاها ضمن فعاليات برنامج لقاء المعرفة الثقافي والذي ينظمه مركز المعلومات والدراسات بوزارة الخارجية.
وتناول الفيصل قضية المصافحة التي تمت مع نائب وزير الخارجية الإسرائيلي في ميونخ قائلا إنها "تمت كما شاهدها الجميع بعد طلب من المسؤول الإسرائيلي مما اضطرني إلى مصافحته على اعتبار أني لا أمثل السعودية وأن المصافحة لا تعني شيئا"، مكررا مقولته إنه "لو ندم على من صافحهم سيعيش حياته في ندم"، ومستذكرا قول أحد كبار المسؤولين في الدولة الذي قال له (إن المرجلة تأتي وتغيب عن المرء أحيانا)، وقال الفيصل "كان من الممكن أن ألتفت إلى الجمهور وأقول له إن هذا من دولة استولت على بلادنا هل يجب أن أصافحه، وأنا لا أنصح أي دبلوماسي سعودي أن يصافح أي إسرائيلي".
وحول العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بيَّن الأمير تركي أن أحد الصحفيين سأل الملك فيصل في تصريح له يصف فيه أن إسرائيل في جيب أمريكا، فرد عليه الملك قائلا "معاذ الله أنا قلت العكس". وتابع الأمير معبرا عن قناعته بأن المؤثر في العلاقة بين هاتين الدولتين هو إسرائيل، معتبرا أن ذلك يعود إلى تاريخ وإرث حميم بين المجتمع اليهودي الأمريكي ودولة إسرائيل، وأنه لم يأت من فراغ أو بسبب رغبة مستقلة من قبل الحكومات الأمريكية للوقوف بصف إسرائيل، بل بسبب سياسة وعمل للوصول إلى مستوى التأثير في أمريكا من خلال العمل المتواصل.
وعاد الفيصل إلى التاريخ مذكرا بالعدوان الثلاثي على السويس من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا والذي جاء دون استئذان أمريكا، مما دفع الرئيس الأمريكي إلى اتخاذ قرار تهديد هذه الدول بالانسحاب الفوري أو إنهاء التعامل معها مما فرض عليها خطوة الانسحاب في وقت كانت الانتخابات الأمريكية، ليتحول موضوع السيطرة على القرار في أمريكا إلى هدف إسرائيلي فهي سعت إلى توسيع نفوذها في أمريكا وفي مكونات المجتمع الأساسية هناك من خلال السيطرة على السلطة التشريعية والتنفيذية والقانونية واستطاعوا الوصول من خلال خطة عمل نجحوا فيها.
وبيَّن الأمير تركي أن الملك فيصل كان يسعى إلى الوقوف أمام المشروع الإسرائيلي منذ بدايته، وقال "حكى لنا الوالد أنه عندما قررت أمريكا الاعتراف بدولة إسرائيل اجتمع مع قادة الدول العربية أعضاء الجامعة العربية وكانت سبع دول لوضع برنامج مشترك لمواجهة النفوذ الإسرائيلي السياسي والإعلامي في العالم". وأضاف قائلا "لكن العمل العربي لم يتغير منذ عام 1948 حتى مؤتمر القمة العربية في ليبيا لم يتغير شيء. كنا سبعة دول ونحن اليوم اثنتان وعشرون، ومازلنا نعاني من ذات العجز الأساسي الذي يجعل من دولة إسرائيل رغم إمكانياتها المحدودة بشريا وماديا ولا توجد مقارنة بينها وبين قدرات العرب تنجح لأنهم وضعوا خطة ومشوا عليها ونحن نتخبط".
وعن سوء الفهم بين الدول بيّن الفيصل أن الجهل حول السعودية في الغالب هو السبب، مشيرا إلى أن زيارتين من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله إلى أمريكا في عهد بوش أعادتا العلاقات السعودية الأمريكية إلى مزيد من التفاهم ومعالجة آثار الحادي عشر من سبتمبر، وتسهيل انتقال الأفراد بين الدولتين، خاصة اجتماعات كريفورد.
وقال في محاضرته إن الحديث عن الدبلوماسية السعودية يتطلب الكثير من الوقت ولكنها تمتاز بأنها دبلوماسية واضحة وجليلة منبثقة من رؤية الملك المؤسس عبد العزيز ودستور الدولة القائم على نهج القرآن الكريم، مبينا أن قمة الدبلوماسية السعودية كانت في القمة العربية الاقتصادية التي عقدت في الكويت حيث إن الملك عبد الله كسر الخلاف بين العرب ونشر جوا من الوحدة والألفة، وأكد دعمه للقضايا العربية الثابتة ومنها الصراع العربي الإسرائيلي وختمها بالتأكيد على دعم المملكة لغزة بقيمة مليار دولار أمريكي، وأكد أن سر نجاح الدبلوماسية السعودية كونها تقوم على مبادئ معروفة ومكشوفة وتنطلق أساساً من نهج الصدق في السر والعلن.
وأضاف أن الملك عبد الله ومنذ اعتلائه سدة الحكم في عام 1426 هـ أكد أنه سيسير على نهج أسلافه الذين ركزوا على أن يكون للدبلوماسية دور أساسي في جمع كلمة المسلمين وتسخير كل الإمكانات من أجل مواجهة التحديات التي قد تتعرض لها المملكة قبل اللجوء إلى الخيارات الأخرى وعدم التدخل في شؤون الغير، كما تؤيد الدبلوماسية السعودية نزع السلاح والسلام العالمي وتعمل من أجل خير البشرية مؤكداً أن الدبلوماسية السعودية تقوم في جوهرها على التعاون إلى أقصى حد مع الدول العربية الشقيقة والعمل من أجل تحرير الأجزاء المحتلة من الوطن العربي.
وحول علاقة الولايات المتحدة بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي قال «إنها علاقة مميزة لكن الإدارات الأمريكية المتعاقبة في السنوات الماضية ارتكبت مجموعة من الأخطاء الأمر الذي لعب دوراً في التأثير على هذه العلاقة". وأضاف "من خلال عملي كسفير للمملكة في الولايات المتحدة الأمريكية وبتوجيهات من القيادة الرشيدة عملت دوما على تقوية أواصر العلاقة بين الدولتين، مرحبا بالإدارة الأمريكية الجديدة التي وصلت إلى الحكم برئاسة باراك أوباما مشيراً إلى أن العرب أعربوا عن سرورهم بالخطاب الذي ألقاه أوباما في حفل التنصيب وأكد فيه أنه سوف يتوجه للعرب والمسلمين لكن العبرة ليست في الكلمات بل في الأفعال".