صفحة 1 من 1

مخاطر الإرهاب والسبل الكفيلة للتصدي له

مرسل: الاثنين مايو 10, 2010 1:49 am
بواسطة عبدالكريم الثميري246

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أسعد الله مسائكم بكل خير اعضاء هذا المنتدى الرائع بإشراف دكتورنا الفاضل د أحمد


موضوع اصبح في الآونه الاخير حديث جميع الناس والحكومات

لعله يرقى لذائقتكم



(( مخاطر الإرهاب والسبل الكفيلة للتصدي له ))







مما لا شك فيه إن أخطر ما يواجه عالمنا اليوم هو تنامي المنظمات الإرهابية التي باتت تقض مضاجع الشعوب في العالم أجمع ، فلم تعد هذه المنظمات مقتصرة على دولة بعينها ، بل هي اليوم قد غدت ظاهرة دولية خطيرة ، ويجرى تنفيذ جرائمها في مختلف بلدان العالم شرقاً وغرباً، في أمريكا وروسيا وبريطانيا واسبانيا وفرنسا وألمانيا واندونيسيا ، ونال العالم العربي الذي غدا المنبع الأكبر لقوى الإرهاب حصة الأسد من هذه النشاطات بحكم استغلال القائمين على المنظمات الإرهابية ومنظريها للدين الإسلامي ، وغسل عقول الفقراء البسطاء ، وتسخيرهم لتنفيذ جرائمهم البشعة التي تؤدي بحياة الأبرياء ،ولم يعد أي بلد في مأمن من جرائم هذه المنظمات الإرهابية التي تتميز بالتنظيم المحكم ،ويقوم على إدارة شؤونها ممولين ومجهزين للسلاح ومنظرين يستغلون الوضع الاقتصادي البائس والفقر المدقع الذي يعاني منه مئات الملايين من بني البشر لتجنيد البؤساء لتنفيذ الأعمال الإرهابية ، كما تتلقى هذه المنظمات دعماً غير مباشر من عدد من الدول الداعمة للإرهاب ، وقد ساعد التطور الكبير في وسائل الاتصال وانتشار الإنترنيت في نشر الإرهاب الدولي في شتى بقاع الأرض.

إن تنامي خطر المنظمات الإرهابية قد غدا اليوم مشكلة دولية خطيرة تتطلب جهداً دولياً مشتركا ًللتصدي لهذه الظاهرة ومعالجة الأسباب الحقيقية لتنامي النشاط الإرهابي في جانبيه السياسي والاقتصادي ،ويخطئ من يظن أن القوة العسكرية تستطيع وحدها محاربة الإرهاب واستئصال شافته ، فالقوة والعنف وحدهما لا يمكن أن يحققا الأمن والسلام في العالم، ولا بد من معالجة الأسباب الحقيقية لهذا الداء الوبيل .

أن الذين يلتحقون بهذه المنظمات الإرهابية في أغلب الأحوال أما أنهم يعانون من البطالة والفقر المدقع الذي يعتبر البيئة الأرحب لانتشار الإرهاب ، أو أنهم قد نشأوا في ظل أنظمة دكتاتورية فاشية مارست الإرهاب ضد شعوبها ، وقد يكون البعض يعتقد أن محاربة الاستعمار لن يتم سوى عن هذا الطريق الخاطئ.

أن نظرة فاحصة إلى أحوال عالمنا اليوم تبين لنا أن هناك عالمان ، عالم من الأقلية غارق في الغنى الفاحش، وعالم من الأكثرية يعيش في حالة مزرية من الفقر والجوع والحرمان والأمراض الفتاكة .

وتشير دراسة لمعهد [ بروكينجز]بأن 20 % من دول العالم تستحوذ على 85 % من الناتج العالمي الإجمالي ، وان 358 بليونيراً يملكون ثروة تضاهي ما يملكه 2،5 بليون إنسان !! .

وفي حين تزايدت الثروة العالمية 7 مرات خلال الخمسين سنة الماضية ،فأن الفجوة بين دول الشمال ودول الجنوب قد اتسعت 61 مرة .

فقد بلغ الناتج الإجمالي للبلدان الرأسمالية في أمريكا وأوربا واليابان نحو 15 تلريون دولار، وهذا يعادل ثلثي الإنتاج الإجمالي لسائر دول العالم ، وتستحوذ الدول الصناعية السبعة على 85 % من الإنتاج الإجمالي لسائر دول العالم ، مقابل 15% لبلدان الجنوب المختلفة التي تضم 70% من سكان العالم .

وهكذا نجد أن الشركات المتعددة الجنسيات تسيطر على 70% من الإنتاج الصناعي العالمي ، و40 % من التجارة العالمية ، و33 % من الأصول الإنتاجية في العالم ، وتهيمن على غالبية القطاعات المالية والمصرفية ، ومرافق الاتصالات ، والنقل ، والتكنولوجيا ، والمعلومات ، وأجهزة التسويق ، وحركة راس المال ، وأسعار الصرف والفائدة ، وتوريد السلاح .

أما مبيعات شركات الدول السبعة الصناعية فقد بلغ عام 1992 5،5 تلريون دولار سنوياً وأرباحها من الاستثمارات بلغت 70% من قيمة الأصول ، ومن بين هذه الشركات 600 شركة من 5 بلدان صناعية متقدمة منها الولايات المتحدة واليابان

وهكذا نجد أن متوسط دخل الفرد في الولايات المتحدة على سبيل المثال 15ـ20 ألف دولار سنوياً ، وهذا يعادل 20 ضعفاً لدخل الفرد في مصر ، وأكثر من 30 مرة في العديد من الدول الفقيرة الأخرى .

كما يشير معهد إنعاش التنمية التابع للأمم المتحدة إلى أن خمس سكان العالم يعاني من سوء التغذية ومعظمهم في قارتي أسيا وأفريقيا ، وأن ثلث السكان العرب في عداد الفقراء .

كما يشير التقرير إلى أن 1700 مليون إنسان يعانون الجوع ، ومليار آخر يعانون الأمية ، و3،1 مليار يفتقرون للمياه الصالحة للشرب ، و180 مليون طفل يعانون من سوء التغذية ،وهناك ما يزيد على 95 مليون طفل يتركون المدرسة ويتوجهون للعمل الشاق لمساعدة عائلاتهم ، ونسبة الأمية بين نساء الجنوب 31 % .

كما أن البطالة في دول الجنوب تتجاوز 30 % من قوة العمل ، بينهم 700 مليون عاطل في الجنوب ، هذا بالإضافة إلى 800 مليون يمارسون عملاً متقطعاً ، أو غير إنتاجي .

ومما يضاعف من مشكلة الفقر والبطالة هذه تضاعف الدين الخارجي لدول الجنوب حيث وصل إلى 1400مليار دولار ، ويستهلك هذا الدين نصف الدخل القومي تقريباً جراء تراكم الفوائد ، والفوائد المركبة بالإضافة إلى تصدير التضخم السلعي ، واستيراد السلاح من دول الشمال التي تأخذ جانباً كبيراً من الدخل القومي .



وفي مقابل كل هذا يزداد الأنفاق على التسلح في دول الشمال وبصورة خاصة الدول الكبرى وفي المقدمة منها الولايات المتحدة ، فقد قدرت دراسة لمعهد [بركينجز]أن نفقات التسلح النووي الأمريكي قد بلغ 5،8 تلريون دولار ، وأن نفقات وزارة الدفاع الأمريكي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية قد جاوزت 19 تلريون دولار ، وفي بريطانيا بلغت نفقات التسلح غير النووي 3،2 تلريون دولار ، وهذا الإنفاق يزيد بنحو 162 مرة عن نفقات الخدمات الصحية والاجتماعية في بريطانيا نفسها .

وهكذا يتبين لنا أن تراكم الثروة الهائل في دول الشمال ، يقابلها في دول الجنوب انتشار الفقر والمجاعات والأمراض والبطالة وفقدان الخدمات الاجتماعية وتردي الخدمات الصحية ، وارتفاع نسبة وفيات الأطفال إلى عشرة أمثالها في دول الشمال.

هذه الحال هي التي خلقت البيئة الواسعة للإرهاب ، فالإنسان الذي يعمل ويتمتع بدخل يحقق له حياة كريمة لا يمكن أن يفكر في التحول نحو العصابات الإرهابية ، وأن معالجة هذا الوضع المأساوي في دول الجنوب والعمل على رفع مستوى حياة الإنسان فيها يعتبر عاملاً حاسماً في الحرب على الإرهاب .



أما ما يتعلق بالجانب السياسي فإن السياسة الخاطئة التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفائها تجاه العالم العربي بوجه خاص والعالم بصورة عامة هي التي مهدت السبيل لجنوح الكثير من المواطنين نحو الإرهاب ولنا من السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية خير مثال على ذلك ، ففي الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل سياسة العدوان على الشعب الفلسطيني ، وتحتل أراضيه ، وترفض عودة اللاجئين منذ عام 1948 إلى ديارهم وتحتل الجولان السورية ، وترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، فإن دولة إسرائيل تلقى الدعم والحماية الأمريكية وتمدها بكل وسائل القوة ، وتتغاضى عن جرائمها تجاه الشعب الفلسطيني .

أن هذه السياسة غير المنصفة والتي أوصلت الشعب الفلسطيني إلى حالة من اليأس هي التي خلقت البيئة المؤاتية للإرهاب لدى بعض المنظمات الفلسطينية ، بل وشجعت الكثير من المواطنين العرب في شتى البلدان العربية المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني لممارسة الإرهاب ضد الولايات المتحدة وحلفائها ، وأن السبيل الوحيد لمعالجة واستئصال الإرهاب لا يمكن أن يتحقق من دون الحل العادل للقضية الفلسطينية ، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة ، وانسحاب إسرائيل إلى حدود عام 1967 ،وحل مشكلة اللاجئين بصورة عادلة ، والقيام بحملة عالمية على غرار مشروع مارشال لبناء البنية التحتية لدولة فلسطين .

وفي العراق الذي يعاني اليوم من تنامي الإرهاب ، وفقدان الأمن ،وتدهور الحالة المعيشية للشعب ، وانتشار البطالة والأمراض الفتاكة ، والخراب الذي شمل كل مرافق البلاد ، تتحمل الولايات المتحدة مسؤولية كبرى عما آلت إليه هذه الأوضاع ، فهي التي جاءت لنا بالعصابة الصدامية إلى سدة الحكم ، وهي التي دفعت صدام للهجوم على إيران ، وهي التي سعت إلى أن تستمر الحرب 8 سنوات [ كما جاء بمذكرات هنري كيسنجر] ، وهي التي سلحت النظام الصدامي بأسلحة الدمار الشامل ، وهي التي نصبت له الفخ لغزو الكويت الشقيق كي تدمر سلاحه بعد أن توقفت الحرب مع إيران ، وهي التي فرضت الحصار على شعب العراق ، ودمرت البنية الاجتماعية لشعبنا وحولته إلى شعب فقير يعيش في دولة من أغنى دول العالم ، وهي التي شنت مع حلفائها حرب الخليج الثانية لكي تأتي على البنية التحية للعراق .

، وهي التي شنت الحرب الأخيرة التي انتهت بسقوط النظام الصدامي وتركت البلاد دون جيش أو قوات أمنية لتعيث العصابات المجرمة لحزب البعث ،والعصابات التي أطلق سراحها صدام قبل سقوط حكمه فساداً وتخريباً وإحراقاً لكل المرافق العامة ولم تتخذ أي إجراء لصيانة الأمن والنظام العام ، فكانت النتيجة تنامي النشاط الإرهابي في البلاد بشكل رهيب ، وساعد في انتشار الإرهاب انتشار البطالة والفقر المدقع الذي خلق أوسع بيئة لتنامي الإرهاب .

وفي الختام أستطيع القول أن لا سبيل لاستئصال النشاط الإرهابي إلا بتحقيق الشرطين الأساسيين التاليين :

1 ـ سياسة عادلة تجاه الشعوب كافة ، ودعم النظم الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان ، والتخلي عن دعم الأنظمة الدكتاتورية والفاشية ، وتثبيت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في صلب القانون الدولي .والعمل بكل ما من شأنه إقرار الأمن والسلام في العالم أجمع .

2 ـ سياسة اقتصادية عادلة تعالج مشكلة الفقر والجوع والتخلف والأمراض والأمية في عالم الجنوب ، وتخصيص جزء من الثروة الهائلة التي يحصل عليها عالم الشمال من أجل بناء عالم جديد في ظل نظام ديمقراطي عادل يحقق الحياة الكريمة لجميع الشعوب ، وعند ذاك فلن نجد من يفكر في اللجوء على الإرهاب والجريمة ، وليكن معلوماً أن القوة والعنف مهما كان بطشها لن توقف النشاط الإرهابي دون تحقيق هذين الشرطين .




دمتم بحفظ الله ورعايته