بعض المشكلات البيئية في "الوطن العربي" وسبل معالجتها
مرسل: السبت مايو 15, 2010 8:11 pm
تختلف المشكلات البيئية والتحديات التي تواجه المدن العربية وكذلك جهود حماية البيئة من دولة إلى أخرى وذلك استناد إلى ظروفها الطبيعية وحجم وتنوع الموارد المتاحة وكثافة السكان وتنوع التنمية الاقتصادية ونظمها الاجتماعية.
ولقد زاد من تفاقم المشكلات وتنوعها في مدن الوطن العربي , أن معظم الدول العربية اعتمدت على أساليب التنمية السريعة والتي بدورها تعتمد على الاستغلال المكثف للموارد الطبيعية وباستخدام تقنيات الإنتاج الحديثة التي في كثير من الأحيان لا تلائم الظروف البيئية .. كما وأن سياسات توفير الخدمات يتم بصور لا تتكافأ مع المجتمعات الحضرية والريفية ومعطياتها, مما يؤدي إلى زيادة معدل التدهور البيئي والمشكلات البيئة .
المؤشرات والاتجاهات والتحديات:
لقد أدى الانفجار السكاني والنمو الحضري المتسارع إلى تدهور الخدمات والمرافق في كثير من المجتمعات الحضرية.
إن التحديات والمشكلات البيئية التي تواجه المدن وخصوصًا الكبرى منها تتعدد وتتنوع بدءًا بعمليات التخطيط الحضري والعمراني وتوفير المسكن الملائم وما يتطلبه من خدمات ومرافق الماء والصرف الصحي , وتصريف الأمطار والنظافة والتخلص من النفايات وتأمين الأسواق العامة والمسالخ والطرق والكباري والإضاءة وتجميل المدن وإنشاء الحدائق العامة وأماكن الترويح فضلاً عن وسائل المواصلات والاتصالات وحماية البيئة من التلوث والضوضاء وتوفير الخدمات الأساسية للمعوقين .. ونحوها.
وانسجاماً مع الجهود المبذولة لدراسة الوضعية الحالية البيئية في المدن العربية فقد أعد المعهد العربي لإنماء المدن استبيانًا مبسطًا شمل العناصر الأساسية التالية : حماية البيئة, النظافة العامة والتخلص من النفايات وتلوث الهواء .. وقد جاءت الإجابات من معظم العواصم العربية وبعض المدن العربية الكبرى .. ومن واقع التحليل الذي قام به المعهد لتلك البيانات, أمكن تلخيص المشكلات والتحديات البيئية التي تواجه المدن والبلديات فيما يلي:
. عدم كفاية شبكة الصرف الصحي *
. قرب المزبلة العمومية من العمران في المدينة *
. عدم وجود معالجة جذرية لمكب النفايات *
. الزحف العمراني غير المنظم والتهجير *
. وجود الورش والمصانع داخل الكتلة السكنية *
. الاختناقات المرورية وما تسببه من تلوث الهواء *
. عدم وجود مختبرات كافية أو عدم كفاية المختبرات الموجودة *
. النقص في الأدوات اللازمة لعمليات النظافة *
. عدم وجود مشاريع للاستفادة من القمامة *
. انجراف الشواطئ والواجهات البحرية *
. الروائح الكريهة المنبعثة من محطات الصرف الصحي *
. عدم توفير التدريب في مجالات البيئة *
المشكلات البيئية في المدن العربية:
تشمل الخدمات البيئية مجموعة كبيرة من النشاطات من بينها توفير المأوى والمسكن الصحي مع الخدمات والمرافق المرتبطة به والمحافظة على نظافة البيئة السكنية والتخلص من النفايات ومعالجتها ومكافحة التلوث البيئي وتوفير الراحة والسلامة في المناطق الحضرية . لقد أدت الزيادة الكبيرة في عدد السكان والنمو الحضري المتسارع في كثير من المجتمعات الحضرية إلى تدهور الخدمات والمرافق فيها الأمر الذي يهدد الصحة العامة والبيئة حيث ترتب على ذلك قصور في خدمات النظافة وجمع النفايات وتقديم خدمات المياه وتمديد شبكاتها وتجديدها حيث أصبح لا يغطي النصف , أما شبكات الصرف الصحي فلا تغطي الا جزءًا بسيطًا ! ناهيك عن خدمات مكافحة التلوث وتحسين البيئة وحمايتها فأنها محدودة جدًا في كثير من مدن البلدان العربية .. وإذا استمرت اتجاهات التحضر والنمو العمراني في المنطقة العربية على هذا المنوال , فأن المراكز الحضرية والمدن الكبرى سوف تكون أكثر ازدحامًا وتلوثًا ومن ثم غير ملائمة لسكن الإنسان وفقًا للمقاييس الدولية نظرًا لتدمير البيئة الطبيعية حيث إزالة الكثير من المساحات الخضراء وانتـشار التصحر وزيادة حـــرارة الأرض وتقليص طبقة الأوزون وزيادة نسبة التلوث في الجو والماء .. وغيرها.
وقد نتج هذا التدهور والقصور بسبب عدة عوامل منها :
1- عدم تنسيق سياسات وبرامج تحسين البيئة.
2- تعدد الجهات المعنية بالخدمات البيئية .
3- تعقد العلاقات بين البرامج المختلفة وذلك بالإضافة إلى تعدد الأجهزة المحلية والمركزية المسئولة عن البيئة والخدمات فيها.
: الإسكان وتوفير المأوى 1-
إن الأوضاع الحالية في معظم الدول العربية تعطي أهمية محدودة لمشكلات الإسكان وأن تأثير الحكومة وتدخلها لن يحل مشكلة العجز الكبير في المساكن خلال ربع القرن القادم ولا حتى التركيز على التنمية الريفية في بعض البلدان أو اتجاه إنشاء مدن جديدة في بعضها الآخر سوف يُحدث تخفيفًا في النمو الحضري واحتياجات الإسكان , الأمر الذي سوف يستمر معه إنشاء المستوطنات العشوائية ومدن الصفيح في أطراف المدن . وقد ترتب على غياب التخطيط لمواكبة هذا التزايد وضعف الإمكانات وعدم توفير التمويل اللازم للإسكان , أن تفاقمت المشكلة .. وتشير معظم التنبؤات ومؤشرات النمو الحضري التي وردت في صدر هذا البحث أن التوسع في نمو المدن سيستمر خلال السنوات القادمة وأن هذه الظاهرة ستنعكس آثارها في المزيد من السكن العشوائي وبيوت الصفيح , وسيكون هناك المزيد من المدن المتدهورة والأحياء القديمة التي تطوق مدن العالم الثالث عمومًا وتساهم في تفاقم المشكلات والتدهور في صحة البيئة والنقص في المياه والخدمات والمرافق .. يضاف إلى ذلك متطلبات صحة البيئة والرعاية الصحية والخدمات المدينية الأخرى مثل المواصلات والاتصالات والطرق وتأمين الخدمات الصحية والتعليمية واحتياجات السكان الغذائية والأمنية والترويحية. .. ونحوها
ولمواجهة مشكلات المأوى والإسكان فهناك استراتيجيات تهدف إلى معالجة اتجاهات النمو الحضري المتمثلة في زيادة سكان المدن وارتفاع نسبة البطالة الحقيقية والمتوسعة وزيادة الطلب على البنية التحتية والخدمات والمرافق . وفي مقدمة هذه الاستراتيجيات أهمية إدخال الإسكان في إطار حملة التنمية والاستثمار باعتبار أن معالجة مشكلة الإسكان وتوفيره يخدم الاقتصاد والتنمية ومن ثم حماية البيئة.
: النظافة والتخلص من النفايات 2-
أن التأكيد على هذا الجانب من العمل البلدي لن يغفل في المستقبل بل أنه سيزداد أهمية وذلك للأسباب التالية:
*كمية النفايات المنتجة وإنتاج الفرد من النفايات في اليوم الواحد في تزايد مستمر.
*بدأت النفايات المنتجة في المدينة تزداد تعقيدًا في تركيبها وظهرت فيها مواد تعتبر ذات نوعية خاصة أو سامة كالبطاريات ومواد الطلاء والحيوانات الناقلة للمبيدات.
. زيادة كمية النفايات الصناعية المنتجة وتنوعها وخصوصًا الكيميائية *
إن المهام الأساسية للبلديات هنا ليس تنظيف المدينة وجمع النفايات فقط .. ولكن أيضًا التخلص من هذه النفايات ومعالجتها بطرق علمية تساعد على حماية البيئة من التلوث .وليس هذا فحسب ولكن أيضًا الاستفادة من هذه النفايات عن طريق تدويرها وربما تحقيق عائد اقتصادي منها يمكن استثماره في دعم الجهود لحماية البيئة.
ومن واقع بيانات الدراسة المسحية التي قام بها المعهد العربي لإنماء المدن حول النظافة العامة والتخلص من النفايات المشار إليها تبين أن النفايات المنزلية والتي تضم مخلفات مطابخ المنازل والفنادق والمطاعم ومحلات البقَالة والأسواق والمحلات التجارية والمستخلصة عن 111مدينة عربية تمثل 78% من مجموع النفايات الأخرى وهذه النسبة أعلى من نسبة مخلفات كل دول العالم والتي تقرب من 75% من مجموع النفايات الصلبة عدا مخلفات المباني مما يعطي النفايات المنزلية أهمية بالغة ليس بسبب زيادة كميتها ولكن لاشتراك كل فرد من أفراد المجتمع في إنتاجها يوميًا وبصورة متكررة وبكميات بسيطة تغطي كل المساحة السكنية من المدينة مما يؤدي إلى إفساد البيئة السكنية وتلوثها .. ومما يجعلها من التحديات الكبيرة التي ينبغي مواجهتها والتخلص منها أو معالجتها.
ونظرًا لأن مشكلة النفايات في المدن ذات أبعاد متعددة مع الظروف والإمكانات المتاحة لكل منها , فأنه من الضروري الأخذ باستراتيجية مناسبة لإدارة النفايات حتى يمكن التغلب على المشكلات التي تعوق فاعليتها وقدرتها على حماية البيئة.
: شبكات المياه والصرف الصحي والتلوث 3-
يُعتبر من الأولويات الأساسية لاحتياجات المدن والمستوطنات البشرية توفير المياه الصالحة للشرب وكذلك تمديدات شبكات الصرف الصحي وخصوصًا بالنسبة لأطراف المدن .. ونظرًا لطبيعة المباني وتخطيطها في كثير من المدن العربية الذي يعتمد على الامتداد الأفقي , فإن ذلك يتطلب جهودًا كبيرة من البلديات والمدن لتمديدات تلك الشبكات . وحيث أن كثيرًا من المدن لا تتوفر لديها الإمكانيات فإن عمليات توفير المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي تتم بطرق بدائية تتمثل في كثير من الأحوال في حفر الآبار العميقة منها والمتوسطة العمق ,والتي تستخدم إحداهما لمياه الشرب والأخرى للتخلص من مخلفات الإنسان وينتج عن ذلك الكثير من النتائج المضرة بالصحة العامة وصحة البيئة . هذا إلى جانب أن مراكز المدن وأحيائها القديمة تعاني من عدم كفاءة شبكاتها نظرًا لتقادمها من ناحية وللضغوط غير العادية عليها حيث صممت لخدمة عدد محدد ولمدة معينة وقد تجاوزت كلتا الحالتين بكثير.
وتعتبر إدارة التخلص من مياه الصرف الصحي في بعض الدول العربية من اختصاص جهات حكومية أخرى غير البلدية ولكن من الشائع أن تتولى البلدية هذه المهمة وحتى مع قيام جهات أخرى بعمليات إدارة الصرف الصحي , فإن ذلك لا يعفي البلدية من تحمل جزء من مسئولية هذه الإدارة وذلك لارتباط التخلص من مياه الصرف الصحي بعمليات النظافة والصحة العامة وصحة البيئة الحضرية .. وعليه فأنه من الضروري التنسيق في مجال إدارة النفايات والتخلص منها وإدارة مياه الصرف الصحي وخصوصًا فيما يتعلق بأساليب وتقنيات التخلص من النفايات في كل منها.
الرقابة على المواد الغذائية وحمايتها من التلوث: 4-
لقد شهد إنتاج وتصنيع المواد الغذائية في العقد الأخير تطورًا ملموسًا وزادت الإنتاجية حيث تم استنباط أنواع وثمار جديدة كما زادت إمكانيات حفظ المواد لمدة طويلة ونقلها لأماكن بعيدة .. إلا أن هذا التطور لم يكن دون مشاكل أو دون ظهور آثار جانبية تلقي بظلالها في مجال صحة الإنسان والنبات والحيوان وتلوث البيئة ولم تعد المواد الغذائية تتعرض فقط للتلوث الطبيعي وإنما أيضًا للتلوث الكيميائي وهو أكثر ضررًا حيث يصعب اكتشافه بالحواس العادية ويحتاج إلى معدات وتقنية لاكتشافه.
إن المدن الكبرى ميسورة الموارد تتوافر لديها الإمكانات المادية والفنية والتقنية والمختبرات للقيام بعمليات الرقابة .. ولعل المهم في هذا المجال وضع استراتيجية تأخذ في الاعتبار:
. وضع نظام موحد لإدارة الرقابة بحيث تكون هناك معايير موحدة*
- * تبادل المعلومات والخبرات والاستفادة من الخبرات المتوافرة لدى المدن الكبرى.
*القيام بدراسات مشتركة حول المواد الغذائية وملوثاتها وأساليب معالجتها.
كما وأن التعاون بين المدن وحده لا يكفي بل يجب أن يتبعه تعاون إقليمي ودولي خصوصًا وأنه قد حدث تطور كبير في نقل المواد الغذائية عبر القارات.
: خدمات المرور والاختناقات المرورية 5-
تشهد المدن العربية حركة مرورية متزايدة نظرًا للنمو الاقتصادي والحضري حيث تزايد عدد السيارات زيادة كبيرة وخصوصًا السيارات الخاصة وسيارات الأجرة بالإضافة إلى النقل العام وآليات الخدمات والمرافق وجميعها يمثل مصدرًا كبيرًا لتلوث بيئة المدينة .. ومما يزيد الحالة سوءًا عدم اتساع الشوارع وبالتالي ازدحامها مما يؤدي إلى اختناقات مرورية ويضاف إلى ذلك قدم السيارات والآليات في كثير من المدن العربية ويترتب على ذلك تلوث الهواء بأكسيد الكربون وتعطيل حركة المرور.
وتحظى شبكات النقل الحضري بالمزيد من الاهتمام نظرًا لتزايد السكان في المدن وتزايد حركة نقل البضائع .. وهذا النمو المستمر لحركة النقل وتطورها ساهم في نقص المرافق وازدحام الطرق . وهناك حاجة لمزيد من الإجراءات لتحسين الطرق وتنظيم حركة المرور وتمديد شبكات الخدمات إلى أطراف المدن للحد من تردد سكان الأطراف على قلب المدينة واعتمادهم الدائم على خدماتها.
ولقد زاد من تفاقم المشكلات وتنوعها في مدن الوطن العربي , أن معظم الدول العربية اعتمدت على أساليب التنمية السريعة والتي بدورها تعتمد على الاستغلال المكثف للموارد الطبيعية وباستخدام تقنيات الإنتاج الحديثة التي في كثير من الأحيان لا تلائم الظروف البيئية .. كما وأن سياسات توفير الخدمات يتم بصور لا تتكافأ مع المجتمعات الحضرية والريفية ومعطياتها, مما يؤدي إلى زيادة معدل التدهور البيئي والمشكلات البيئة .
المؤشرات والاتجاهات والتحديات:
لقد أدى الانفجار السكاني والنمو الحضري المتسارع إلى تدهور الخدمات والمرافق في كثير من المجتمعات الحضرية.
إن التحديات والمشكلات البيئية التي تواجه المدن وخصوصًا الكبرى منها تتعدد وتتنوع بدءًا بعمليات التخطيط الحضري والعمراني وتوفير المسكن الملائم وما يتطلبه من خدمات ومرافق الماء والصرف الصحي , وتصريف الأمطار والنظافة والتخلص من النفايات وتأمين الأسواق العامة والمسالخ والطرق والكباري والإضاءة وتجميل المدن وإنشاء الحدائق العامة وأماكن الترويح فضلاً عن وسائل المواصلات والاتصالات وحماية البيئة من التلوث والضوضاء وتوفير الخدمات الأساسية للمعوقين .. ونحوها.
وانسجاماً مع الجهود المبذولة لدراسة الوضعية الحالية البيئية في المدن العربية فقد أعد المعهد العربي لإنماء المدن استبيانًا مبسطًا شمل العناصر الأساسية التالية : حماية البيئة, النظافة العامة والتخلص من النفايات وتلوث الهواء .. وقد جاءت الإجابات من معظم العواصم العربية وبعض المدن العربية الكبرى .. ومن واقع التحليل الذي قام به المعهد لتلك البيانات, أمكن تلخيص المشكلات والتحديات البيئية التي تواجه المدن والبلديات فيما يلي:
. عدم كفاية شبكة الصرف الصحي *
. قرب المزبلة العمومية من العمران في المدينة *
. عدم وجود معالجة جذرية لمكب النفايات *
. الزحف العمراني غير المنظم والتهجير *
. وجود الورش والمصانع داخل الكتلة السكنية *
. الاختناقات المرورية وما تسببه من تلوث الهواء *
. عدم وجود مختبرات كافية أو عدم كفاية المختبرات الموجودة *
. النقص في الأدوات اللازمة لعمليات النظافة *
. عدم وجود مشاريع للاستفادة من القمامة *
. انجراف الشواطئ والواجهات البحرية *
. الروائح الكريهة المنبعثة من محطات الصرف الصحي *
. عدم توفير التدريب في مجالات البيئة *
المشكلات البيئية في المدن العربية:
تشمل الخدمات البيئية مجموعة كبيرة من النشاطات من بينها توفير المأوى والمسكن الصحي مع الخدمات والمرافق المرتبطة به والمحافظة على نظافة البيئة السكنية والتخلص من النفايات ومعالجتها ومكافحة التلوث البيئي وتوفير الراحة والسلامة في المناطق الحضرية . لقد أدت الزيادة الكبيرة في عدد السكان والنمو الحضري المتسارع في كثير من المجتمعات الحضرية إلى تدهور الخدمات والمرافق فيها الأمر الذي يهدد الصحة العامة والبيئة حيث ترتب على ذلك قصور في خدمات النظافة وجمع النفايات وتقديم خدمات المياه وتمديد شبكاتها وتجديدها حيث أصبح لا يغطي النصف , أما شبكات الصرف الصحي فلا تغطي الا جزءًا بسيطًا ! ناهيك عن خدمات مكافحة التلوث وتحسين البيئة وحمايتها فأنها محدودة جدًا في كثير من مدن البلدان العربية .. وإذا استمرت اتجاهات التحضر والنمو العمراني في المنطقة العربية على هذا المنوال , فأن المراكز الحضرية والمدن الكبرى سوف تكون أكثر ازدحامًا وتلوثًا ومن ثم غير ملائمة لسكن الإنسان وفقًا للمقاييس الدولية نظرًا لتدمير البيئة الطبيعية حيث إزالة الكثير من المساحات الخضراء وانتـشار التصحر وزيادة حـــرارة الأرض وتقليص طبقة الأوزون وزيادة نسبة التلوث في الجو والماء .. وغيرها.
وقد نتج هذا التدهور والقصور بسبب عدة عوامل منها :
1- عدم تنسيق سياسات وبرامج تحسين البيئة.
2- تعدد الجهات المعنية بالخدمات البيئية .
3- تعقد العلاقات بين البرامج المختلفة وذلك بالإضافة إلى تعدد الأجهزة المحلية والمركزية المسئولة عن البيئة والخدمات فيها.
: الإسكان وتوفير المأوى 1-
إن الأوضاع الحالية في معظم الدول العربية تعطي أهمية محدودة لمشكلات الإسكان وأن تأثير الحكومة وتدخلها لن يحل مشكلة العجز الكبير في المساكن خلال ربع القرن القادم ولا حتى التركيز على التنمية الريفية في بعض البلدان أو اتجاه إنشاء مدن جديدة في بعضها الآخر سوف يُحدث تخفيفًا في النمو الحضري واحتياجات الإسكان , الأمر الذي سوف يستمر معه إنشاء المستوطنات العشوائية ومدن الصفيح في أطراف المدن . وقد ترتب على غياب التخطيط لمواكبة هذا التزايد وضعف الإمكانات وعدم توفير التمويل اللازم للإسكان , أن تفاقمت المشكلة .. وتشير معظم التنبؤات ومؤشرات النمو الحضري التي وردت في صدر هذا البحث أن التوسع في نمو المدن سيستمر خلال السنوات القادمة وأن هذه الظاهرة ستنعكس آثارها في المزيد من السكن العشوائي وبيوت الصفيح , وسيكون هناك المزيد من المدن المتدهورة والأحياء القديمة التي تطوق مدن العالم الثالث عمومًا وتساهم في تفاقم المشكلات والتدهور في صحة البيئة والنقص في المياه والخدمات والمرافق .. يضاف إلى ذلك متطلبات صحة البيئة والرعاية الصحية والخدمات المدينية الأخرى مثل المواصلات والاتصالات والطرق وتأمين الخدمات الصحية والتعليمية واحتياجات السكان الغذائية والأمنية والترويحية. .. ونحوها
ولمواجهة مشكلات المأوى والإسكان فهناك استراتيجيات تهدف إلى معالجة اتجاهات النمو الحضري المتمثلة في زيادة سكان المدن وارتفاع نسبة البطالة الحقيقية والمتوسعة وزيادة الطلب على البنية التحتية والخدمات والمرافق . وفي مقدمة هذه الاستراتيجيات أهمية إدخال الإسكان في إطار حملة التنمية والاستثمار باعتبار أن معالجة مشكلة الإسكان وتوفيره يخدم الاقتصاد والتنمية ومن ثم حماية البيئة.
: النظافة والتخلص من النفايات 2-
أن التأكيد على هذا الجانب من العمل البلدي لن يغفل في المستقبل بل أنه سيزداد أهمية وذلك للأسباب التالية:
*كمية النفايات المنتجة وإنتاج الفرد من النفايات في اليوم الواحد في تزايد مستمر.
*بدأت النفايات المنتجة في المدينة تزداد تعقيدًا في تركيبها وظهرت فيها مواد تعتبر ذات نوعية خاصة أو سامة كالبطاريات ومواد الطلاء والحيوانات الناقلة للمبيدات.
. زيادة كمية النفايات الصناعية المنتجة وتنوعها وخصوصًا الكيميائية *
إن المهام الأساسية للبلديات هنا ليس تنظيف المدينة وجمع النفايات فقط .. ولكن أيضًا التخلص من هذه النفايات ومعالجتها بطرق علمية تساعد على حماية البيئة من التلوث .وليس هذا فحسب ولكن أيضًا الاستفادة من هذه النفايات عن طريق تدويرها وربما تحقيق عائد اقتصادي منها يمكن استثماره في دعم الجهود لحماية البيئة.
ومن واقع بيانات الدراسة المسحية التي قام بها المعهد العربي لإنماء المدن حول النظافة العامة والتخلص من النفايات المشار إليها تبين أن النفايات المنزلية والتي تضم مخلفات مطابخ المنازل والفنادق والمطاعم ومحلات البقَالة والأسواق والمحلات التجارية والمستخلصة عن 111مدينة عربية تمثل 78% من مجموع النفايات الأخرى وهذه النسبة أعلى من نسبة مخلفات كل دول العالم والتي تقرب من 75% من مجموع النفايات الصلبة عدا مخلفات المباني مما يعطي النفايات المنزلية أهمية بالغة ليس بسبب زيادة كميتها ولكن لاشتراك كل فرد من أفراد المجتمع في إنتاجها يوميًا وبصورة متكررة وبكميات بسيطة تغطي كل المساحة السكنية من المدينة مما يؤدي إلى إفساد البيئة السكنية وتلوثها .. ومما يجعلها من التحديات الكبيرة التي ينبغي مواجهتها والتخلص منها أو معالجتها.
ونظرًا لأن مشكلة النفايات في المدن ذات أبعاد متعددة مع الظروف والإمكانات المتاحة لكل منها , فأنه من الضروري الأخذ باستراتيجية مناسبة لإدارة النفايات حتى يمكن التغلب على المشكلات التي تعوق فاعليتها وقدرتها على حماية البيئة.
: شبكات المياه والصرف الصحي والتلوث 3-
يُعتبر من الأولويات الأساسية لاحتياجات المدن والمستوطنات البشرية توفير المياه الصالحة للشرب وكذلك تمديدات شبكات الصرف الصحي وخصوصًا بالنسبة لأطراف المدن .. ونظرًا لطبيعة المباني وتخطيطها في كثير من المدن العربية الذي يعتمد على الامتداد الأفقي , فإن ذلك يتطلب جهودًا كبيرة من البلديات والمدن لتمديدات تلك الشبكات . وحيث أن كثيرًا من المدن لا تتوفر لديها الإمكانيات فإن عمليات توفير المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي تتم بطرق بدائية تتمثل في كثير من الأحوال في حفر الآبار العميقة منها والمتوسطة العمق ,والتي تستخدم إحداهما لمياه الشرب والأخرى للتخلص من مخلفات الإنسان وينتج عن ذلك الكثير من النتائج المضرة بالصحة العامة وصحة البيئة . هذا إلى جانب أن مراكز المدن وأحيائها القديمة تعاني من عدم كفاءة شبكاتها نظرًا لتقادمها من ناحية وللضغوط غير العادية عليها حيث صممت لخدمة عدد محدد ولمدة معينة وقد تجاوزت كلتا الحالتين بكثير.
وتعتبر إدارة التخلص من مياه الصرف الصحي في بعض الدول العربية من اختصاص جهات حكومية أخرى غير البلدية ولكن من الشائع أن تتولى البلدية هذه المهمة وحتى مع قيام جهات أخرى بعمليات إدارة الصرف الصحي , فإن ذلك لا يعفي البلدية من تحمل جزء من مسئولية هذه الإدارة وذلك لارتباط التخلص من مياه الصرف الصحي بعمليات النظافة والصحة العامة وصحة البيئة الحضرية .. وعليه فأنه من الضروري التنسيق في مجال إدارة النفايات والتخلص منها وإدارة مياه الصرف الصحي وخصوصًا فيما يتعلق بأساليب وتقنيات التخلص من النفايات في كل منها.
الرقابة على المواد الغذائية وحمايتها من التلوث: 4-
لقد شهد إنتاج وتصنيع المواد الغذائية في العقد الأخير تطورًا ملموسًا وزادت الإنتاجية حيث تم استنباط أنواع وثمار جديدة كما زادت إمكانيات حفظ المواد لمدة طويلة ونقلها لأماكن بعيدة .. إلا أن هذا التطور لم يكن دون مشاكل أو دون ظهور آثار جانبية تلقي بظلالها في مجال صحة الإنسان والنبات والحيوان وتلوث البيئة ولم تعد المواد الغذائية تتعرض فقط للتلوث الطبيعي وإنما أيضًا للتلوث الكيميائي وهو أكثر ضررًا حيث يصعب اكتشافه بالحواس العادية ويحتاج إلى معدات وتقنية لاكتشافه.
إن المدن الكبرى ميسورة الموارد تتوافر لديها الإمكانات المادية والفنية والتقنية والمختبرات للقيام بعمليات الرقابة .. ولعل المهم في هذا المجال وضع استراتيجية تأخذ في الاعتبار:
. وضع نظام موحد لإدارة الرقابة بحيث تكون هناك معايير موحدة*
- * تبادل المعلومات والخبرات والاستفادة من الخبرات المتوافرة لدى المدن الكبرى.
*القيام بدراسات مشتركة حول المواد الغذائية وملوثاتها وأساليب معالجتها.
كما وأن التعاون بين المدن وحده لا يكفي بل يجب أن يتبعه تعاون إقليمي ودولي خصوصًا وأنه قد حدث تطور كبير في نقل المواد الغذائية عبر القارات.
: خدمات المرور والاختناقات المرورية 5-
تشهد المدن العربية حركة مرورية متزايدة نظرًا للنمو الاقتصادي والحضري حيث تزايد عدد السيارات زيادة كبيرة وخصوصًا السيارات الخاصة وسيارات الأجرة بالإضافة إلى النقل العام وآليات الخدمات والمرافق وجميعها يمثل مصدرًا كبيرًا لتلوث بيئة المدينة .. ومما يزيد الحالة سوءًا عدم اتساع الشوارع وبالتالي ازدحامها مما يؤدي إلى اختناقات مرورية ويضاف إلى ذلك قدم السيارات والآليات في كثير من المدن العربية ويترتب على ذلك تلوث الهواء بأكسيد الكربون وتعطيل حركة المرور.
وتحظى شبكات النقل الحضري بالمزيد من الاهتمام نظرًا لتزايد السكان في المدن وتزايد حركة نقل البضائع .. وهذا النمو المستمر لحركة النقل وتطورها ساهم في نقص المرافق وازدحام الطرق . وهناك حاجة لمزيد من الإجراءات لتحسين الطرق وتنظيم حركة المرور وتمديد شبكات الخدمات إلى أطراف المدن للحد من تردد سكان الأطراف على قلب المدينة واعتمادهم الدائم على خدماتها.