الحرب الفرنسية البروسية " الألمآنية "
الحرب الفرنسية البروسية " الألمآنية "
الحرب الفرنسية الألمانية أو الحرب الفرنسية البروسية حرب قصيرة الأمد نشبت بين القوة المسيطرة في أوروبا آنذاك وهي فرنسا وبين القوة الفتية الصاعدة بقوة حينها والمنتشية بهزيمة النمسا في حرب الأسابيع السبعة, فظهور بروسيا كقوة ألمانية قيادية تسعى لتوحيد الأمصار الألمانية مدعاة تخوف وتوجس للإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث كما كان لرغبة القائد بسمارك رئيس وزراء مملكة بروسيا في توحيد الأمة الألمانية دور كبير في اندلاع هذه الحرب الأوروبية لإدراكه سهولة إمكانية خلق وحدة ألمانية حينما يتعلق الأمر بمجابهة النفوذ الفرنسي. وبعد ضمان بسمارك حياد الأطراف الأخرى ذات القوة العسكرية مثل الإمبراطورية الروسية والمملكة البريطانية وإيطاليا, باشر تحضيرات حرب مع الفرنسيين اتسمت بالإتقان من الجانب البروسي وغياب الكفاءة من الجانب الفرنسي.
وكان سبب الحرب هو شغور عرش المملكة الإسبانية منذ الثورة الإسبانية التي حدثت سنة 1868 م والتي نتج عنها خلع الملكة إيزابيلا الثانية الدول الأوروبية إلى الشروع في عملية ترشيح وتنصيب ملك لإسبانيا وبدأت الدول مشاورات لإختيار مرشحيها، وكانت هذه هي شرارة الحرب حيث برزت الذريعة التي استحثها الألمان من تلقاء نفسها حينما نجح بسمارك والزعيم الإسباني خوان بريك في إقناع ابن عم الملك البروسي ليوبولد - الممانع لتولي الملك - من تولي العرش الإسباني.
وقع الاختيار لمنصب عرش إسبانيا على أمير بيت هوهنتسولرن وهو الأمير ليوبولد ابن عم ملك بروسيا ويليام الأول وهم كذلك ابن سلالة ألمانية حاكمة, قبل البيت الحاكم في بروسيا هذا الاختيار، لكن بعد حين احتج الفرنسيون بشدة على ممالاة الألمان بهذا الاختيار وأيضا حفاظا على نفوذها القوي في إسبانيا من أي تأثير من جهة القوة الصاعدة، فعاد البروسيون في قرارهم وتخلوا عن ترشيح الأمير، لكن رغم ذلك، تعسف الفرنسيون بعيد رضوخ البروسيين لهم وأرادوا ضمانة بألا يتم تولية أمير من بيت هوهنستلرن مطلقا وبعث وزير الخارجية الفرنسي أنطونيو غرامونت لهذا الغرض. قوبل الطلب الفرنسي برفض من الملك البروسي ويليام الأول الذي سحب ترشيح ابن عمه بعد ضغط دبلوماسي فرنسي قاده السفير الفرنسي فينسنت بيندتي رغبة من نفسه في حل القضية من دون إثارة حرب مع فرنسا، بعد كل ما حدث وجد بسمارك أن الوقت قد حان لتنفيذ مخططه وقام - بحكم قربه من مسرح الأحداث - بنشر تفاصيل الإجتماعات والمداولات البروسية الفرنسية تناول فيها ما جرى بين السفير والملك وأبرق رسالة شهيرة إلى فرنسا.
كانت الرسالة استفزازية شديدة الإهانة والإيلام دعيت لاحقا بإرسالية إي إم إس نجحت بسمارك في تحقيق مآربه التي استشرف عواقبها سلفا ونجح في إغاظة والأمة القيادة الفرنسية وإلهاب الشعور الفرنسي فاستحث الجنرالات الفرنسيون الإمبراطور نابليون لإعلان الحرب وأكدوا له قدرة العسكرية الفرنسية على إركاع بروسيا على ركبتيها على الرغم من التفوق العددي البروسي.
سعيا إلى تعزيز شعبيته الهابطة في فرنسا وأملا في تحقيق نصر وتأمين إمبراطوريته التي أنشأها قام نابليون بعد خمسة أيام فقط من وصول الرسالة البروسية بإعلان الحرب على بروسيا ونشوب حرب أوروبية جديدة.
كفل التفوق العددي الألماني ودخولهم الحرب بأسلحة مخترعة حديثة جدا حينها مثل الشسبوة والمتريوز تحقيق الألمان لإنتصار عظيم قادت لتبوء السيادة الأوروبية عقب هذه الحرب والتمت مختلف الولايات الألمانية بعد انتصار الأمة لتشكيل الإمبراطورية الألمانية أصبح امبراطورها هو ويليام الأول ومستشارها هو بسمارك.
المساندة الألمانية الكفوءة مكنت الألمان من مركزة 380 ألف جندي في الجبهة الأمامية بينما وصلت العديد من الكتائب الفرنسية متأخرة مع نقص في الزاد والعتاد فمع أول التحام بين الجيوش أجبرت الميمنة الفرنسية على التراجع 65 كلم داخل المناطق الشمالية الشرقية بينما زحزحت المبسرة بقيادة بازاين من سابروكان نحو متز وقلعتها الحصينة وفرض الألمان عليهم الحصار.
كانت هذه إرهاصات بهزيمة فادحة للفرنسين في أرض المعركة ومياديين القتال حتى أن الميمنة التي قادها الجنرال ماك ماهون والتي صحبها نابليون نفسه وبعد تراجعها الغريب إرتأت الفرار من القتال والتوجه لمساعدة الجنرال بازاين قائد الميسرة لكنهم أحيطوا بالألمان ووقع محاصرتهم فكان أن اشتبكوا في معركة سيدان قرب مدينة سيدان وكانت معركة كارثية بحق على الفرنسيين استسلم فيها نابليون وماك ماهون كليهما معا فانهارت العسكرية الفرنسية وتمزقت شذر مذر.
قامت مقاومة وطنية فرنسية أعلنت قيام حكومة الدفاع الوطني يوم 4 سبتمبر 1870 وركزت قوة دفاعية في العاصمة باريس كما أعلنت انتهاء حقبة الإمبراطورية وتشكيل الجمهورية الفرنسية الثالثة توجه وزير خارجية الحكومة الفتية لإجراء مفاوضات مع بسمارك لكنها انهارت بعد أن اشترط الألمان التنازل عن مجموعة مدن لورين وألسيس، وصل الألمان لأطراف باريس وضربوا عليها الحصار فقام أعضاء الحكومة المؤقتة بالفرار من الحصار باستخدام منطاد وقاموا يتشكيل قوات في الأرياف المحيطة للمنافحة عن باريس، في تلك الأثناء استسلمت الميسرة المحاصرة في متز وأسر الألمان منهم 140 ألف فرنسي وبعدها بثلاثة أشهر سقطت باريس في القبضة الألمانية يوم 28 يناير 1871 م وأعلن قيام امبراطورية ألمانيا من دخل غرفة المرايا وسط قصر فرساي في قلب العاصمة باريس ووصلت الأحداث إلى ذروتها واقتحم الألمان العاصمة وقتلوا الكثير وأسروا الكثير وأضرموا النار في أشهر رموز فرنسا قوس النصر وبذلك استسلمت الأمة الفرنسية ورضخت بتسليم مدينتي لورين وألسيس.
وبعد الحرب بدأ العد العكسي للحرب العالمية الأولى حيث كانت استعادة الكرامة الوطنية هي الشغل الشاغل للفرنسيين، وبرغم الاستقرار الذي حل في المنطقة إلى أن رغبتهم باستعادة ما فقدوه كانت كبيرة فكان أن تحالفوا مع عدة دول لحرب الألمان بعدما أعلنوا الحرب قبل الجميع سنة 1914 م سعيا لاستعادة مدنهم وكان لهم ذلك بعد كسبهم عرفت لاحقا بالحرب العالمية الأولى.
كما أن من نتائج الحرب الفرنسية البروسية هي إحياء الألعاب الأولمبية بعد اندثارها طويلا، وتعود المبادرة في ذلك إلى الفرنسي بيير دي كوبرتين الذي توخى من خلالها هدفين أولهما زيادة شعبية الرياضة في وطنه حيث اعتقد كوبرتين أن سوء اللياقة البدنية للجنود الفرنسيين تسبب في هزيمتهم في هذه الحرب، وثانيهما أن توحيد مختلف البلدان بواسطة منافسات سلمية باعتبارها أفضل وسيلة لتجنب الحروب.