- الخميس مايو 20, 2010 6:02 pm
#26817
تتنوع المفاهيم والمصطلحات المستخدمة في وصف العلاقات الأمريكية ـ المصرية ما بين "علاقات استراتيجية" و"علاقات شراكة" و"علاقات صداقة"، إلا أن تلك العلاقات قد شهدت في الآونة الأخيرة العديد من التوترات والانقسامات بشأن العديد من القضاياً، وهو ما جعل البعض يذهب إلى أن تلك العلاقات لا ترقي إلى مثيلتها الأمريكية مع العديد من دول الشرق الأوسط وعلى رأسها إسرائيل والأردن والسعودية، وقد ظهر هذا التوتر جلياً مؤخرا في تجميد الكونجرس الأمريكي لـ 100 مليون دولار من المعونة المقدمة سنويا لمصر، وتوقف الرئيس الأمريكي لمدة تقل عن أربع ساعات فقط خلال جولته الشرق أوسطية التي تستغرق 8 أيام، إضافة إلى توقف زيارات الرئيس المصري السنوية لواشنطن.
قضايا التوتر في العلاقات بين البلدين
شهدت العلاقات بين واشنطن والقاهرة العديد من قضايا التوتر، والتي كان لها انعكاساتها على مسيرة العلاقات بينهما، والتي أخذت منحي تصاعدي في الآونة الأخيرة، ومنها:
المساعدات الأمريكية
بدأت المعونات الأمريكية تتدفق على مصر منذ عام 1975، وتزايدت تدريجياً حتى أصبحت القاهرة ثاني أكبر متلقي للمعونات الأمريكية بعد تل أبيب. فخلال الفترة من 1975 إلى 1998 حصلت مصر على 50 مليار دولار، منها 22 مليار دولار معونات اقتصادية و28 معونات عسكرية. ومنذ ذلك الحين لعبت تلك المعونات ولا تزال دوراً كبيراً في التأثير على القرار المصري، وأصبح الاقتصاد المصري يعتمد اعتماداً كبيراً على تلك المعونات.
وكانت تلك المعونات أحد أسباب التوتر في العلاقات بين البلديين. فمن حين إلى أخر يتصاعد الحديث داخل الكونجرس الأمريكي كما حدث الشهر الماضي، ولاسيما لجنة الإعتمادات بمجلس النواب عن ضرورة تجميد المعونات العسكرية الأمريكية المقدمة لمصر. فقدم السيناتور "توم لانتوس" رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي أكثر من مرة طلب بتخفيض المعونات العسكرية المصرية لصالح المساعدات الاقتصادية لدعم وتنمية الاقتصاد المصرية. فضلاً عن الحديث عن جدوى تلك المعونات، وماذا تقدم مصر في المقابل، والتي كانت محل دراسة هامة أعدها مكتب محاسبة الإنفاق الحكومي وهي مؤسسة تابعة للكونجرس.
وزادت حدة التوتر بعد موافقة الكونجرس الأمريكي لمشروع قانون تجميد 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر؛ إلى أن تستجيب مصر لثلاثة طلبات أساسية هي:
إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية والتي يتم من خلالها تهريب الأسلحة إلى غزة وإسرائيل.
إعادة تأهيل وتدريب الشرطة المصرية للتعامل مع مسائل حقوق الإنسان.
الفصل بين ميزانية وزارة العدل والقضاء المصري.
وقد كانت قضية تجميد جزء من المعونات العسكرية المصرية على أجندة الزيارات المتكررة العديد من المسئولين المصريين.
قضايا التحول الديمقراطي
عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أضحت قضية الديمقراطية على أولويات الأجندة الأمريكية، وذلك انطلاقاً من قناعة مفادها أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتمتع بها دول منطقة الشرق الأوسط هي السبب الرئيس في الأحداث الإرهابية التي شهدتها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في فترات متلاحقة، والتي تكون بمثابة مفرخة للإرهاب والجماعات الإرهابية.
وقد ركزت واشنطن على قضايا الديمقراطية في مصر نظراً لمكانة مصر على الساحة العربية، واعتبار أن تحقيق الديمقراطية سيكون حافزاً للعديد من الدول العربية الأخرى لاتخاذ خطوات ديمقراطية. ولهذا كانت قضايا الديمقراطية على طاولة الاجتماعات بين المسئولين المصريين والأمريكيين. وهو ما ترفضه السلطات المصرية باعتبار أن ذلك تدخل في الشؤون المصرية، والتي ترى أن كل مجتمع له خصوصيته، والتي ترفع مقولة "بيدي لا بيد عمر".
وتأزمت العلاقات بين البلدين بعد لقاء وفد من الكونجرس الأمريكي نواب من جماعات المعارضة (الأخوان المسلمون) في شهر مايو الماضي، والذي كان يعد الثاني من نوعه خلال شهريين. كما انتقدت مصر دعوة رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان المسلمين المحظورة رسمياً بمجلس الشعب المصري " محمد سعد الكتانتى" المحظورة، والذي اعتبرته مناقضاً للتصريحات الأمريكية القائلة بعدم الحوار مع جماعات محظورة سياسياً داخل بلدانها.
قضايا حقوق الإنسان
أصبحت تلك القضايا على أولويات الإدارة الأمريكية الحالية، فالتقارير الأمريكية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان توجه العديد من الانتقادات للحكومة المصرية لسياساتها المنتهكة لحقوق الإنسان، والمساجين، والاعتقالات العشوائية، وتقديم المعتقلين المدنيين للمحاكم العسكرية. فضلاً عن تناول أوجه التوتر بين المسلمين والأقباط، وتصاعد الحديث داخل الولايات المتحدة عن اضطهاد الأقباط داخل مصر وحقوقهم المهضومة رغم نفى المصادر الرسمية. وعلى الرغم من إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة الأمين العام السابق للأمم المتحدة "بطرس غالى" إلا أن تلك القضية مازالت محل توتر في العلاقات بين البلديين.
ومن قضايا التوتر التي بدأ الحديث عنها بصورة جلية مؤخراً تقديم عدد من أعضاء جماعة الأخوان المسلمين للمحاكمة أمام قضاء أمن الدولة في قضايا غسيل الأموال، وعلاقات بجماعات إرهابية، ورفض السلطات المصرية حضور تلك المحاكمات من قبل منظمات حقوق الإنسان (المصرية والدولية) المستقلة.
كما أثار حكم محكمة أمن الدولة العليا في يوليو 2002 بحبس أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية "سعد الدين إبراهيم" سبع سنوات؛ بتهمة اختلاس أموال وتشويه صورة مصر في الخارج، وتلقى معونات أجنبية بدون موافقة الحكومة المصرية، حفيظة المسئولين الأمريكيين. فبعد ساعات من الحكم استدعي المسئولين السفير المصري في الولايات المتحدة "نبيل فهمي" وأبلغوه غضب الإدارة الأمريكية من الحكم المصري. وتصاعدت الاحتجاجات بعدما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الرئيس الأمريكي أرسل إلى نظيرة المصري رسالة احتجاج أبلغه فيها معارضته تقديم مساعدات إضافية احتجاجا على الإدارة المصرية لقضية "سعد الدين إبراهيم".
وتعد قضية رئيس حزب الغد والمرشح السابق لمنصب الرئاسة في الانتخابات السابقة 2005 "أيمن نور" أحد مصادر التوتر الجديدة بين البلدين، فمن حين لأخر تُطالب واشنطن بالإفراج عنه، رغم معارضة السلطات المصرية حيث تري أن "نور " محكوم علية في قضية جنائية و ليس سياسية، ولذلك لا يجوز التدخل في شؤون القضاء المصري. وتزايدت حدة التوتر بعدما أعلن الرئيس الأمريكي أثناء مشاركته في مؤتمر "الأمن والديمقراطية" المنعقد بالعاصمة التشيكية "براغ" عن أمله في مشاركة المعارض المصري "أيمن نور" في المؤتمر.
قضايا السياسة الخارجية
تضيف قضايا الساسة الخارجية المصرية بعداً أخر لمصادر التوتر في العلاقات بين البلدين؛ حيث نتهج القاهرة سياسيات لا تتفق مع السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بداية من الأزمة الأمريكية التي أثيرت في عام 2002 بشأن التعاون المصري مع كوريا لشمالية في مجال الصورايخ وخطط مصر لشراء 50 محركاً صاروخياً من طراز "نودونج" الذي يصل مداه إلى 1300 كيلو متر. ورفض مصر للسياسة الأمريكية في العراق المسببة للاقتتال الطائفي، وعدم الاستقرار والأمن، الذي ينعكس على دول الجوار. فضلاً عن الرفض المصري للمشاركة بقوات لتخفيف من حدة الضغط الذي تمر به الولايات المتحدة داخل العراق، في ضوء السجال الدائر بين الرئيس و الديمقراطيين بشأن مشروع سحب القوات من العراق.
وعلي صعيد أزمة البرنامج النووي الإيراني ترفض القاهرة استخدام القوة العسكرية على غرار الحالة العراقية كأحد وسائل حل تلك الأزمة، فالقيادة المصرية تحبذ الحل السلمي في إطار أشمل يسعى إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشمال بما فيها إسرائيل، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة و تل أبيب، فضلاً عن الرفض المصري لتدويل الأزمة اللبنانية، وفرض المزيد من الضغوط على نظام الأسد، والضغط على حماس والفصائل الفلسطينية بالالتزام بالهدنة، ووقف القتال في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل سيادة توسعية داخل الأراضي الفلسطينية.
خلفية العلاقات الأمريكية المصرية
مثلت الحرب العالمية الثانية نقطة مفصلية في تاريخ العلاقات بين واشنطن والقاهرة، وكان تقديم الولايات المتحدة الأمريكية معونات لمصر في عهد الملك فاروق في إطار "مشروع مارشال" البداية الحقيقة للعلاقات بين البلديين، فمنذ عام 19948 وحتى عام 1952 دفعت الولايات المتحدة لمصر حوالي 9 ملايين دولار. وبعد قيام ثورة يوليو ذات النزعة القومية؛ تذبذبت العلاقات بين البلدين بين الصعود تارة والهبوط أخري؛ إلى أن انقطعت العلاقات بين البلدين في يونيو 1967 على خلفية العدوان الثلاثي على مصر، والتأييد الأمريكي لذلك العدوان.
ولم تستأنف العلاقات إلا في نوفمبر 1973، واستعيدت علاقات الصداقة بين البلدين في عام 1974، إذ بدأ التغير في السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس الراحل "أنور السادات"، الذي انتهج سياسية خارجية متقاربة مع السياسة الأمريكية والغربية. فضلاً، عن توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية برعاية أمريكية عام 1979.
وقد تأكدت العلاقات بين البلدين في إطار حرب الخليج الثانية، حيث شاركت القاهرة بالقوات في تلك حرب، وعرفاناً بتلك الجهود أسقطت واشنطن جزءاً من الديون المصرية. ولكنها شهدت مراحل من التوتر بعد اغتيال "رابين"، ووصول حكومة يمينية إلى سدة الحكم في تل أبيب؛ مما نتج عنها تأزم في العلاقات بين البلدين، والتي تأكدت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
فرغم التنديد المصري بتلك العمليات الإرهابية، إلا أنه كانت هناك اختلافات في الرؤى المصرية والأمريكية حيال تعريف الإرهاب، والضربات الاستباقية الأمريكية، التي تقوم علي مواجهة الإرهاب قبل مهاجمته الولايات المتحدة، وهو ما دفع واشنطن إلى شن حرب على حركة طالبان الداعمة والحاضنة لتنظيم القاعدة المتهم من قبل الاستخبارات الأمريكية في الأحداث التي تعرضت لها الولايات المتحدة مؤخراً، والحرب الأمريكية على العراق في مارس 2003. فقد عارضت القاهرة التحالف الذي قادته واشنطن لمحاربة التنظيمات الإرهابية، انطلاقاً من قناعة مفادها أنه سيشق صف المجتمع الدولي، وأنه لا يمكن إقامة تحالف لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم. ورفضت المشاركة بالقوات في الحرب الأمريكية على الإرهاب، والتي كانت فرصة مواتية لجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل ولاسيما منظمة "أيباك" من شن حملة مضادة ضد القاهرة داخل واشنطن، وهو ما دفع الأولي إلى شن هي الأخرى حملة دبلوماسية داخل الأخير؛ لتصحيح تلك الصورة المغلوطة، والتي تمخض عنها توقيع اتفاقية قضائية أمنية بين وزيري خارجية البلدين "أحمد أبو الغيط" و"كولن باول" في ذلك الوقت، والتي نصت على أنه لا تعارض في أشكال المساعدات المقترحة مع القوانين المعمول بها في الدولتين.
وفى النهاية، يمكن القول أن كلاً من الدولتين في أمس الحاجة إلى الأخر في الوقت الذي تمر به الدولتين بمنعطفات سياسية تحتاج تدعيم كل منهما لأخر. فكما قال جون كيري المرشح السابق لمنصب الرئاسي في انتخابات عام 2004 أن الولايات المتحدة تحتاج إلى الوزن المصري في قضايا منطقة الشرق الأوسط ولتعزيز السياسية الأمريكية هناك. وأن العلاقات بين البلديين لم تتوتر لهذه القضايا الخلافية السابق الإشارة إليها، ولكن هناك العديد من الأسباب الخفية الغير معلن عنها إعلامياً، وأن العلاقات الأمريكية ـ المصرية ثلاثية الأطراف، حيث تل أبيب طرف فاعل فيها وذلك تطبيقاً للمقولة " المرور إلى واشنطن لابد أن يبدأ من تل أبيب"
قضايا التوتر في العلاقات بين البلدين
شهدت العلاقات بين واشنطن والقاهرة العديد من قضايا التوتر، والتي كان لها انعكاساتها على مسيرة العلاقات بينهما، والتي أخذت منحي تصاعدي في الآونة الأخيرة، ومنها:
المساعدات الأمريكية
بدأت المعونات الأمريكية تتدفق على مصر منذ عام 1975، وتزايدت تدريجياً حتى أصبحت القاهرة ثاني أكبر متلقي للمعونات الأمريكية بعد تل أبيب. فخلال الفترة من 1975 إلى 1998 حصلت مصر على 50 مليار دولار، منها 22 مليار دولار معونات اقتصادية و28 معونات عسكرية. ومنذ ذلك الحين لعبت تلك المعونات ولا تزال دوراً كبيراً في التأثير على القرار المصري، وأصبح الاقتصاد المصري يعتمد اعتماداً كبيراً على تلك المعونات.
وكانت تلك المعونات أحد أسباب التوتر في العلاقات بين البلديين. فمن حين إلى أخر يتصاعد الحديث داخل الكونجرس الأمريكي كما حدث الشهر الماضي، ولاسيما لجنة الإعتمادات بمجلس النواب عن ضرورة تجميد المعونات العسكرية الأمريكية المقدمة لمصر. فقدم السيناتور "توم لانتوس" رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي أكثر من مرة طلب بتخفيض المعونات العسكرية المصرية لصالح المساعدات الاقتصادية لدعم وتنمية الاقتصاد المصرية. فضلاً عن الحديث عن جدوى تلك المعونات، وماذا تقدم مصر في المقابل، والتي كانت محل دراسة هامة أعدها مكتب محاسبة الإنفاق الحكومي وهي مؤسسة تابعة للكونجرس.
وزادت حدة التوتر بعد موافقة الكونجرس الأمريكي لمشروع قانون تجميد 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية لمصر؛ إلى أن تستجيب مصر لثلاثة طلبات أساسية هي:
إغلاق الأنفاق على الحدود المصرية ـ الإسرائيلية والتي يتم من خلالها تهريب الأسلحة إلى غزة وإسرائيل.
إعادة تأهيل وتدريب الشرطة المصرية للتعامل مع مسائل حقوق الإنسان.
الفصل بين ميزانية وزارة العدل والقضاء المصري.
وقد كانت قضية تجميد جزء من المعونات العسكرية المصرية على أجندة الزيارات المتكررة العديد من المسئولين المصريين.
قضايا التحول الديمقراطي
عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أضحت قضية الديمقراطية على أولويات الأجندة الأمريكية، وذلك انطلاقاً من قناعة مفادها أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تتمتع بها دول منطقة الشرق الأوسط هي السبب الرئيس في الأحداث الإرهابية التي شهدتها الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في فترات متلاحقة، والتي تكون بمثابة مفرخة للإرهاب والجماعات الإرهابية.
وقد ركزت واشنطن على قضايا الديمقراطية في مصر نظراً لمكانة مصر على الساحة العربية، واعتبار أن تحقيق الديمقراطية سيكون حافزاً للعديد من الدول العربية الأخرى لاتخاذ خطوات ديمقراطية. ولهذا كانت قضايا الديمقراطية على طاولة الاجتماعات بين المسئولين المصريين والأمريكيين. وهو ما ترفضه السلطات المصرية باعتبار أن ذلك تدخل في الشؤون المصرية، والتي ترى أن كل مجتمع له خصوصيته، والتي ترفع مقولة "بيدي لا بيد عمر".
وتأزمت العلاقات بين البلدين بعد لقاء وفد من الكونجرس الأمريكي نواب من جماعات المعارضة (الأخوان المسلمون) في شهر مايو الماضي، والذي كان يعد الثاني من نوعه خلال شهريين. كما انتقدت مصر دعوة رئيس الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان المسلمين المحظورة رسمياً بمجلس الشعب المصري " محمد سعد الكتانتى" المحظورة، والذي اعتبرته مناقضاً للتصريحات الأمريكية القائلة بعدم الحوار مع جماعات محظورة سياسياً داخل بلدانها.
قضايا حقوق الإنسان
أصبحت تلك القضايا على أولويات الإدارة الأمريكية الحالية، فالتقارير الأمريكية المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان توجه العديد من الانتقادات للحكومة المصرية لسياساتها المنتهكة لحقوق الإنسان، والمساجين، والاعتقالات العشوائية، وتقديم المعتقلين المدنيين للمحاكم العسكرية. فضلاً عن تناول أوجه التوتر بين المسلمين والأقباط، وتصاعد الحديث داخل الولايات المتحدة عن اضطهاد الأقباط داخل مصر وحقوقهم المهضومة رغم نفى المصادر الرسمية. وعلى الرغم من إنشاء المجلس القومي لحقوق الإنسان برئاسة الأمين العام السابق للأمم المتحدة "بطرس غالى" إلا أن تلك القضية مازالت محل توتر في العلاقات بين البلديين.
ومن قضايا التوتر التي بدأ الحديث عنها بصورة جلية مؤخراً تقديم عدد من أعضاء جماعة الأخوان المسلمين للمحاكمة أمام قضاء أمن الدولة في قضايا غسيل الأموال، وعلاقات بجماعات إرهابية، ورفض السلطات المصرية حضور تلك المحاكمات من قبل منظمات حقوق الإنسان (المصرية والدولية) المستقلة.
كما أثار حكم محكمة أمن الدولة العليا في يوليو 2002 بحبس أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية "سعد الدين إبراهيم" سبع سنوات؛ بتهمة اختلاس أموال وتشويه صورة مصر في الخارج، وتلقى معونات أجنبية بدون موافقة الحكومة المصرية، حفيظة المسئولين الأمريكيين. فبعد ساعات من الحكم استدعي المسئولين السفير المصري في الولايات المتحدة "نبيل فهمي" وأبلغوه غضب الإدارة الأمريكية من الحكم المصري. وتصاعدت الاحتجاجات بعدما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية أن الرئيس الأمريكي أرسل إلى نظيرة المصري رسالة احتجاج أبلغه فيها معارضته تقديم مساعدات إضافية احتجاجا على الإدارة المصرية لقضية "سعد الدين إبراهيم".
وتعد قضية رئيس حزب الغد والمرشح السابق لمنصب الرئاسة في الانتخابات السابقة 2005 "أيمن نور" أحد مصادر التوتر الجديدة بين البلدين، فمن حين لأخر تُطالب واشنطن بالإفراج عنه، رغم معارضة السلطات المصرية حيث تري أن "نور " محكوم علية في قضية جنائية و ليس سياسية، ولذلك لا يجوز التدخل في شؤون القضاء المصري. وتزايدت حدة التوتر بعدما أعلن الرئيس الأمريكي أثناء مشاركته في مؤتمر "الأمن والديمقراطية" المنعقد بالعاصمة التشيكية "براغ" عن أمله في مشاركة المعارض المصري "أيمن نور" في المؤتمر.
قضايا السياسة الخارجية
تضيف قضايا الساسة الخارجية المصرية بعداً أخر لمصادر التوتر في العلاقات بين البلدين؛ حيث نتهج القاهرة سياسيات لا تتفق مع السياسات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط بداية من الأزمة الأمريكية التي أثيرت في عام 2002 بشأن التعاون المصري مع كوريا لشمالية في مجال الصورايخ وخطط مصر لشراء 50 محركاً صاروخياً من طراز "نودونج" الذي يصل مداه إلى 1300 كيلو متر. ورفض مصر للسياسة الأمريكية في العراق المسببة للاقتتال الطائفي، وعدم الاستقرار والأمن، الذي ينعكس على دول الجوار. فضلاً عن الرفض المصري للمشاركة بقوات لتخفيف من حدة الضغط الذي تمر به الولايات المتحدة داخل العراق، في ضوء السجال الدائر بين الرئيس و الديمقراطيين بشأن مشروع سحب القوات من العراق.
وعلي صعيد أزمة البرنامج النووي الإيراني ترفض القاهرة استخدام القوة العسكرية على غرار الحالة العراقية كأحد وسائل حل تلك الأزمة، فالقيادة المصرية تحبذ الحل السلمي في إطار أشمل يسعى إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشمال بما فيها إسرائيل، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة و تل أبيب، فضلاً عن الرفض المصري لتدويل الأزمة اللبنانية، وفرض المزيد من الضغوط على نظام الأسد، والضغط على حماس والفصائل الفلسطينية بالالتزام بالهدنة، ووقف القتال في الوقت الذي تمارس فيه إسرائيل سيادة توسعية داخل الأراضي الفلسطينية.
خلفية العلاقات الأمريكية المصرية
مثلت الحرب العالمية الثانية نقطة مفصلية في تاريخ العلاقات بين واشنطن والقاهرة، وكان تقديم الولايات المتحدة الأمريكية معونات لمصر في عهد الملك فاروق في إطار "مشروع مارشال" البداية الحقيقة للعلاقات بين البلديين، فمنذ عام 19948 وحتى عام 1952 دفعت الولايات المتحدة لمصر حوالي 9 ملايين دولار. وبعد قيام ثورة يوليو ذات النزعة القومية؛ تذبذبت العلاقات بين البلدين بين الصعود تارة والهبوط أخري؛ إلى أن انقطعت العلاقات بين البلدين في يونيو 1967 على خلفية العدوان الثلاثي على مصر، والتأييد الأمريكي لذلك العدوان.
ولم تستأنف العلاقات إلا في نوفمبر 1973، واستعيدت علاقات الصداقة بين البلدين في عام 1974، إذ بدأ التغير في السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس الراحل "أنور السادات"، الذي انتهج سياسية خارجية متقاربة مع السياسة الأمريكية والغربية. فضلاً، عن توقيع معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية برعاية أمريكية عام 1979.
وقد تأكدت العلاقات بين البلدين في إطار حرب الخليج الثانية، حيث شاركت القاهرة بالقوات في تلك حرب، وعرفاناً بتلك الجهود أسقطت واشنطن جزءاً من الديون المصرية. ولكنها شهدت مراحل من التوتر بعد اغتيال "رابين"، ووصول حكومة يمينية إلى سدة الحكم في تل أبيب؛ مما نتج عنها تأزم في العلاقات بين البلدين، والتي تأكدت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.
فرغم التنديد المصري بتلك العمليات الإرهابية، إلا أنه كانت هناك اختلافات في الرؤى المصرية والأمريكية حيال تعريف الإرهاب، والضربات الاستباقية الأمريكية، التي تقوم علي مواجهة الإرهاب قبل مهاجمته الولايات المتحدة، وهو ما دفع واشنطن إلى شن حرب على حركة طالبان الداعمة والحاضنة لتنظيم القاعدة المتهم من قبل الاستخبارات الأمريكية في الأحداث التي تعرضت لها الولايات المتحدة مؤخراً، والحرب الأمريكية على العراق في مارس 2003. فقد عارضت القاهرة التحالف الذي قادته واشنطن لمحاربة التنظيمات الإرهابية، انطلاقاً من قناعة مفادها أنه سيشق صف المجتمع الدولي، وأنه لا يمكن إقامة تحالف لمكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم. ورفضت المشاركة بالقوات في الحرب الأمريكية على الإرهاب، والتي كانت فرصة مواتية لجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل ولاسيما منظمة "أيباك" من شن حملة مضادة ضد القاهرة داخل واشنطن، وهو ما دفع الأولي إلى شن هي الأخرى حملة دبلوماسية داخل الأخير؛ لتصحيح تلك الصورة المغلوطة، والتي تمخض عنها توقيع اتفاقية قضائية أمنية بين وزيري خارجية البلدين "أحمد أبو الغيط" و"كولن باول" في ذلك الوقت، والتي نصت على أنه لا تعارض في أشكال المساعدات المقترحة مع القوانين المعمول بها في الدولتين.
وفى النهاية، يمكن القول أن كلاً من الدولتين في أمس الحاجة إلى الأخر في الوقت الذي تمر به الدولتين بمنعطفات سياسية تحتاج تدعيم كل منهما لأخر. فكما قال جون كيري المرشح السابق لمنصب الرئاسي في انتخابات عام 2004 أن الولايات المتحدة تحتاج إلى الوزن المصري في قضايا منطقة الشرق الأوسط ولتعزيز السياسية الأمريكية هناك. وأن العلاقات بين البلديين لم تتوتر لهذه القضايا الخلافية السابق الإشارة إليها، ولكن هناك العديد من الأسباب الخفية الغير معلن عنها إعلامياً، وأن العلاقات الأمريكية ـ المصرية ثلاثية الأطراف، حيث تل أبيب طرف فاعل فيها وذلك تطبيقاً للمقولة " المرور إلى واشنطن لابد أن يبدأ من تل أبيب"