إنني أتوقع بعضكم أن يتعجب من عنوان موضوعي المتواضع هذا.
فكيف لبشرٍ أن يخلد؟
وإن كان هناك شخص يعيش بمعجزة كهذة، فلماذا لم نسمع عنه؟
بالنسبة للسؤال الأخير، فأستطيع بكل ثقة أن أجاوب أنكم من المؤكد أنكم سمعتم به، في كثير من الأماكن، التلفاز و الكتب والصحف.
فمن هذا الشخص الغامض؟
تعالوا معي لأحكي لكم حكاية:
في القرن الخامس عشر ميلادي، في ترانسلفانيا (في دولة رومانيا حالياً)، ولد لأمير إمارة ولاشيا ولد أسماه فلاد الثالث.
و منذ ولادة فلاد الثالث اهتم أبوه فيه بشكل كبير، اختل فيه عن أخويه الغير أشقاء، فكان فلاد الثالث المترقب ولايته لولاشيا بعد موت أبيه. فتعلم اللغات والرياضيات والعلوم و مهارات القتال على يد أفضل العلماء البيزنطيين في تلك الوقت، حتى أنه أدرج في جماعة أباه السري في سن الخامسة "جماعة التنين" .
ولكن لم يلبث مدلل فقد هزم العثمانيون قوات أباه و كادوا أن يقلعوا العرش من تحت أبيه، ز لكن أباه "فلاد الثاني" سريع ما اتفق مع العثمانيين أنه يبقى على العرش... بمقابل أن يأخذوا ابنه ولي العهد فلاد الثالث وأخاه رادو الوسيم.
يقال في الوثائق التاريخية الأوروبية أن العثامنيين عذبوا فلاد و أخاه و لكن هذا غير صحيح. فلقد حاول السلطان مراد أن يعلمهم القران و الرماية و اللغة التركية ليصبحوا من جنود الجيش العثماني، ولكن لم يهتد للإسلام غير رادو، الذي أصبح الصديق المقرب للسلطان محمد الثاني.
بينما هرب فلاد الثالث، وبعد مقتل أبيه، استولى على حكم ولاشيا.
و من هنا بدأت عهد الرعب.
فأصبح فلاد الثالث يطبق سياسته الدموية. و من أدوات الإعدام الذي كان يتمتع بتطبيقها هي الإعدام بالخازوق، من أبشع أساليب الموت, والخازوق هو عبارة عن رمح يدق في مؤخرة الشخص حتى يخرج من رقبته, وكان يدهن طرف الخازوق بالزيت ويدخله ببطء شديد حتى يضمن ألا تموت الضحية فورا، أما الأطفال فكان يضعهم على خازوق يخرج من صدور أمهاتهم. وكان يضع الخوازيق لإرعاب اعدائه خارج المدن التي يهاجمها وارتفاع الخازوق يحدد مكانة الضحية.
حتى قيل أنه كان يقيم مآدب العشاء الفاخرة و يأمر ببعض من الشعب أن يقتلوا بالخازوق بدون سبب غير أن يكونوا مصدر لترفيه، و آخر العشاء "يحلي" بدمائهم.
ولم يكتفي بالخوازيق بل كان أيضا يقطع الآذان والانوف والحرق والشي والحيوانات المفترسة ودق المسامير بالرأس، بحيث أنه من القصص المشهورة أنه مرة من المرات زاره بعض السفراء في مهمة دبلوماسية انتهت بشكل دموي عندما رفضوا أن يخلعوا قبعاتهم في محضر فلاد الثالث، قائلين أنها بغير تقليد بلدهم. فماذا فعل فلاد غير أن يأمر حراسه بتثبيت القبعات على رؤوسهم بالمسامير، و هو يبتسم ابتسامة الأفعى.
و لم تكن بداية نهاية هذة القصة المأساوية، إلا عندما أحس السلطان محمد الثاني بفظاعة فلاد المخوزق (كما لقب) عندما وجد الجثث لعشرين ألف أسير تركي معلقة على خوازيق خارج حدود ولاشيا عندما وصلها بالجيش, لكن نجح السلطان محمد الفاتح في الانتصار وهرب فلاد إلى المجر.
و لقى نهايته على يد الأتراك في ديسمبر 1476.
وانتهت عهد الرعب، واندثر تاريخ فلاد المخوزق.
إلى أن أتى كاتب ارلندي و بدأ يقرأ في تاريخ فلاد الثالث، وألف عليه شخصية في قصة الشهيرة التي تعرف إلى اليوم ب....
دراكيولا
أو بشكل أعم، أول مصاص دماء.
وبهذه الشكل خلد برام ستوكر قصة من أسوأ الحكام في تاريخ البشر.
و دمتم بخير و بعيدين عن أي خوزق وجد