منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
#27076
السلام عليكم ورحمه الله

تقديم:
هناك كلاماً قيل في الآونة الأخير بما معناه أن إسرائيل تتصرف كما كان النازيون الألمان يتصرفون تحت زعامة هتلر، فهم يقتلون ويرتكبون المذابح في كل مكان ضد العرب، واليهود يضطهدون العرب بنفس الأسلوب الذي كانوا يضطهدون به السيد المسيح عليه السلام منذ ألفي سنة، واليهود قوم ظالمون وخارجون على القانون والأخلاق إلى ما هنالك من هذا الكلام. بمناسبة الذكرى الثالثة والخمسين لاغتصاب فلسطين، والنكبة، الآن هناك كلام كثير عن مقارنة الصهيونية بالنازية والبعض يعتقد بأن هذه الحركة أصبحت أبشع بكثير من النازية برأيهم، هل هناك فرق بين هاتين الحركتين؟ هل هناك إجحاف؟
عندما نتحدث عن التعاون الصهيوني النازي فإنما نعود إلى الثلاثينات والأربعينيات، أي إلى مرحلة اغتصاب فلسطين، وهنا لابد من الحديث على مستويين: مستوى منطقي، ومستوى توثيقي.
على المستوى المنطقي نطرح السؤال: ما هي الصهيونية؟ وما هي النازية؟ أو بالأحرى ما الذي ندينه نحن في النازية؟ هل ما ندينه هو نظام اقتصادي، أو نظام سياسي، أو ما ندينه نحن بالدرجة الأولى الصهيونية هو نقطتين أساسيتين:
الأولى: العرقية أو العنصرية، الإيمان بتفوق العرق الآري على سائر الأعراق في العالم.
الثانية: نتيجة لهذا الاعتقاد إعطاء الذات القومية الحق في التوسع العسكري على حساب الآخرين باسم التفوق. هاتان هما النقطتان الأساسيتان اللتان تشكلان موضع الإدانة في النازية. ألا توجد هاتين النقطتين بالضبط في العقلية الصهيونية، في العقيدة الصهيونية؟ أو بالأحرى ألم توجد لأن "لم" تعود إلى الماضي في العقلية الصهيونية وفي العقلية اليهودية منذ أسفار التوراة.. توراة اليهود؟ عقيدة الاختيار هي أساس من أسس قيام المشروع الصهيوني، وحق التوسع لسنا بحاجة لأن نناقشه لأننا نعيشه، وطرد الجويين من أرض إسرائيل موضوع معاش سمعناه ونعيشه باستمرار هذا على مستوى التحليل التبسيطي المنطقي، على مستوى النصوص أعود إلى عدد من مفكري اليهود والألمان أنفسهم بدءاً بـ (نحاحوم جولد مان) الشخصية الأشهر يقول: "أن هناك هوية أساسية لدى الألمان النازيين وبين اليهود هي: حس الانتقائية ومواجهة المصير المشترك كمهمة إلهية". هذا كلام (جولد مان)، الكاتب (ميشيل راشلن) يقارن بين مقتطفات من "كفاحي" ومقتطفات من بعض أسفار التوراة اليهودية ليصل إلى نتيجة قالها (ستراشر) في محاكمة (نورمبرج) عندما سُئل: أين تكمن الجذور العقدية للنازية؟ قال: "في سفر يشوع". هذا في النص محاكمة نورمبرج، ولكن (راشلن) بالمقارنة يصل إلى ذلك. كاتب آخر هو (بيير جيري باري) له كتاب اسمه": Le soir du mission" كاتب يهودي- يقول بالحرف: "شئنا أم أبينا فقانوننا قانون عرقي، بل أنه القانون الكلاسيكي النموذجي للعرقية، لأنه النص الأقدم والأكثر عنفاً الذي يبشر بعرقية أيديولوجية حتى أقصى حدودها، صحيح أن البشر لم ينتظروا التوراة ليقتتلوا، ولكن ما من نص جعل المذابح فرضاً دينياً بسبب عدم نقاء عرق الآخر.. عرق الطرف المواجه قبل التوراة". في 1935 صدرت مجلة "لي كو" في فرنسا وفيها حوار مع (روزن برج) منظر النازية، ويقول فه أنه يؤيد الصهيونية ومعجب بها لتماثلها مع النازية.
صحفية النازيين.. صحيفة الأجهزة السرية النازية "Das schwars skorps" الألمانية تقول أيضاً في عام 1935م: "تجد الحكومة نفسها على اتفاق تام مع الصهيونية لرفضها الاندماج، ولذلك ستتخذ التدابير التي تؤدي إلى حل المسألة اليهودية".
كاتب آخر يهوي أيضاً (سولفريد) يقول: "لقد قدمت النازية فرصة تاريخية لتأكيد الهوية اليهودية واستعادة الاحترام الذي فقدناه بالاندماج، إننا مدينون لهتلر وللنازية". الحاخام(برينر) نائب رئيس المنظمة الصهيونية العالمية، هذا أيضاً شخصية رسمية، يقول 1934م: "نحن نريد استبدال الاندماج بقانون جديد، الاعتراف بالانتماء إلى العرق اليهودي والأمة اليهودية لأن أمة مبنية على نقاء العرق الألماني لا يمكن إلا وأن تكون محترمة ومؤيدة من قِبَل اليهود الذين يعلنون أنهم كذلك، ولا يمكنهم بالتالي أن يدينوا بالولاء والانتماء لأية أمة أخرى.
فالتعاون الصهيوني النازي وصل سنة 1935 عند إعلان قوانين نورمبرج التي نلاحظ فيه مطالبة يهودية بقوانين تفصل، وفعلاً أيّـد اليهود على لسان حاخاماتهم، وعلى لسان مسؤول اتحاد صهاينة ألمانيا، وعلى لسان نائب رئيس الاتحاد الصهيوني الدولي، المنظمة اليهودية الصهيونية الدولية، أيدوا قوانين نورمبرج لأنها تسهل عملية الترانسفير، وهنا لابد من أن نصل إلى قضية خطيرة ومهمة جداً جداً جداً هي قضية "الهافارا"، هذه القضية التي يعتم عليها الإعلام والباحثون، والتي يخاف منها اليهود أكثر من موضوع: الهولوكوست.
الهافارا: هي الاتفاق الاقتصادي الذي عُقد عام 1933م واستمر حتى عام 1942م تنفيذه لتهجير يهود ألمانيا إلى فلسطين، وفعلاً في البداية كان اقتراح من مدير شركة الاستيطان بأن يفك الحصار عن ألمانيا –بعد أن كانت الدول الأوروبية فارضة حصارا- بالطريقة التالية:
أن يودع اليهودي الذي يريد الهجرة إلى فلسطين أمواله في بنك في ألمانيا، هذا البنك يشتري بها آلات زراعية وآلات عسكرية ومعدات ويرسلها إلى فلسطين، وهنا يأتي المزارع فيستعيد ثمنها من بنك في فلسطين، والهافارا معناها "الترانسفير" TRANSFERT، عندما وصلوا إلى هذا الاتفاق احتجت المنظمة الصهيونية لأن هذا الاتفاق حصل مع شركة خاصة، فعاد (هيدرج) الألماني ودعا مسؤول المنظمة الصهيونية العالمية مع رئيس الشركة الخاصة التي كانت عرضت مع (حاييم أورلوزوروف) الذي أرسله (بن جوريون) خصيصاً لهذه الغاية، أربعة مسؤولين صهاينة مع اثنين ألمان وعُقد الاتفاق، ووُقِّع في برلين، وبمقتضى هذا الاتفاق حصلت عملية الهجرة ونقل "الرساميل" من ألمانيا إلى فلسطين.

قضية ترحيل اليهود إلى مدغشقر

في استعراض سريع جدا: 30 يناير1933 وصل هتلر إلى السلطة، 5/آذار أخد أكثرية "بالبونستاج"، 13 آذار أعلنت المقاطعة.. المجلس اليهودي الأمريكي أعلن مقاطعة ألمانيا، الأول من نيسان: اتخذه هتلر يوما رمزيا لمقاطعة اليهود، بنيسان نفسه حصلت حادثة مهمة جداً هي رحلة قام بها ضابط نازي مع زوجته مع شخص يهودي مع زوجته إلى فلسطين مشهورة برحلة (تاتش لار-منجلستان) جاؤوا إلى فلسطين لدراسة كيفية تهجير اليهود إلى فلسطين، وتمت هذه الرحلة بـ 21 حزيران وجّه الصهاينة Memorandum أول لهتلر، 14 تموز صدر قانون الجنسية، 7 آب وقعت "الهافارا" التي تحدثنا عنها، 30 آب اعترضت الجمعية المركزية للصهاينة، في أكتوبر فُتح خط مباشر بين "هامبورج" و "حيفا" بغرض التهجير وبإشراف حاخامية هامبروج. وفي سنة 1935 صدرت صحيفة "الأجهزة السرية" الألمانية تقول في افتتاحيتها: لم يعد بعيداً الوقت الذي تصبح فيه فلسطين قادرة على استقبال أبنائها الذين فُصلوا عنها منذ أكثر من ألف عام ترافقهم تمنياتهم الطيبة.
إنه لم يكن مقصود التهجير إلى مدغشقر، لأن شرط "الهافارا" هو ألا تمنح تأشيرات السفر إلا إلى فلسطين، بمعني أن هناك اتفاق ليس بالصدفة، بمعنى بحثنا عن مدغشقر فوجدنا الطريق مقفلة فرحنا إلى فلسطين، لا ... القضية كانت مبرمجة ومتفق عليها، لذلك ظل خط هامبورج-حيفا يعمل حتى سنة 1942 وأنشئ مكتب خاص للهجرة في (الجاستابو) نفسها.
بعد بداية الانتفاضة بثلاثة أسابيع فقط كتب شيمون بيريز في صحيفة "معاريف" يقول: "للمرة الأولى نخسر المعركة لأننا خسرنا الإعلام". وقد استعارت مجلة "لبوان" الفرنسية مقولة بيريز هذه لتبني عليها موضوعاً طويلاً على امتداد ثلاث صفحات عن تحول الإعلام الغربي تجاه ما يحصل في فلسطين. لا نقول أن هذا التحول هو تحول كامل، هناك اللوبيات اليهودية المسيطرة و التحول لا يكون بمسحة رسول يعني بيوم وليلة.

المحور الثاني: أسطورة المحرقة وحقيقتها

يقول الدكتور إبراهيم علوش: أن أسطورة المحرقة لها ثلاثة جوانب:
أولاً إدعاء سياسة الإبادة الجماعية النازية ضد اليهود.
ثانياً: ادعاء مقتل ستة ملايين يهودي في الحرب العالمية الثانية.
ثالثاً: ادعاء غرف الغاز.
أهم جانب في أسطورة المحرقة هو خرافة غرف الغاز، لأن غرف الغاز هي المكان الذي يفترض أن اليهود أبيدوا فيه، فإذا أثبتنا عدم وجود غرف غاز –وهذا هو ما فعله المؤرخون المراجعون بالعلم والحجة- تنهار أسطورة المحرقة بكاملها، نعم قضية المحرقة ليست مجرد قضية تاريخية، بل قضية سياسية وإعلامية راهنة. أهمية الأساطير التي تدور حولها المحرقة بالنسبة للفلسطينيين والعرب والمسلمين أنها:
أولاً: المحرقة تبرر الحاجة لوجود دولة الاحتلال الصهيوني بحجة أن اليهود بحاجة إلى دولة خاصة بهم تعطيهم ملجأ آمنا.
ثانياً: أنها تبرر عدم التزام الحركة الصهيونية بقوانين الأمم المتحدة والشرائع الدينية والدنيوية بحجة أن ما مرّ به اليهود في المحرقة المزعومة يعطيهم الحق نوعاً ما ببعض التساهل في تطبق القانون الدولي عليهم.
ثالثاً: أنها وسيلة لابتزاز الدعم المالي والسياسي من الرأي العام تحت تأثير عقدة الذنب الجماعية التي يجب أن يعيشها هذا الغرب بسبب المحرقة المزعومة.
كشخص عاش في الولايات المتحدة أكثر من ثلاثة عشر عاماً أعرف أن الغربيين يعرفون الكثير من الحالات عن انتهاكات دولة العدو لحقوق الإنسان لعربي والأرض العربية، ولكنهم يتساهلون إزاءها بسبب المحرقة المزعومة، تتحدث لهم عن شيء يقولون لك دائماً المحرقة.
ومن هنا تنبع الأهمية الإعلامية والسياسية للمراجعين الذين يكشفون زيف أساطير المحرقة، هؤلاء ليسوا بنازيين، هؤلاء ينزعون السلاح الإعلامي الأقوى في الترسانة الصهيونية من الغرب وهذا يساعدنا. بالنسبة للمثقفين العرب الذين طالبوا الحكومة اللبنانية بمنع مؤتمر "المراجعة والصهيونية" في بيروت، هؤلاء خانوا دورهم كمثقفين، لأنهم طالبوا حكومة عربية بمنع نشاط ثقافي، وثانياً خانوا دورهم كمثقفين عرب سياسياً، لأنهم عوضاً عن مواجهة الصهيونية اصطفوا إلى جانبها وتبنوا خطابها، كما يفعل الأستاذ عفيف الآن، الذي يبرر وجود دولة العدو والسياسة الصهيونية عموماً.
فقبول المحرقة هو جوهر التطبيع الثقافي مع العدو الصهيوني، وهذا عندما يتحدثون عن حوار الآخر وفهم الآخر هذا في جوهره محاولة لتوصيل أساطير المحرقة للعرب كما حصل في الغرب. وطبعاً هنا تجب الإجابة عن سر التقاطع هذا بين المؤسسات الصهيونية وبين موقف المثقفين الـ 14 (يقصد بالمثقفين 14، المجموعة التي وقعت على عريضة مطالب تطلب من الحكومة اللبنانية إلغاء مؤتمر المراجعة التاريخية للصهيونية ، ومنهم: محمود درويش، أدونيس…).
حرية البحث الذي صادرها قانون (فابيوس جايسو) الذي يمنع حرية البحث. تقول المادة (24) بالحرف من حرية الصحافة: يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في قانون حرية الصحافة بالسجن والغرامة كل من راجع جريمة بحق الإنسانية كما نصت عليها نتائج محكمة (نورمبرج). فمحكمة نورمبرج نصت على أن مذبحة (كاتين) في (بولونيا) ارتكبها النازيون عام 1990م بعد سقوط الجدار، هكذا اكتشفت الحقيقة أن مذبحة كاتين ارتكبها (بيرا) قائد (ستالين). إذاً كيف لا نراجع نتائج محاكمة "نورمبرج" والوثيقة التاريخية بينت أنها كذب؟ إن بعض الجرائم ألصقت زوراً وبهتاناً بهتلر والنازية، لأن التاريخ يكتبه المنتصرون ويكتبه الأقوياء دائماً.
نقطة أخرى مهمة جداً، يقول أن هؤلاء المؤرخون الجدد هم الذين برهنوا للعالم أنه أرض بلا شعب.. شعب بلا أرض، الانتفاضة الأولى –وهذا قرأناه مئات المرات في الإعلام الغربي- والانتفاضة الثانية، الفلسطينيون بصدروهم العارية، بأذرعهم الفارغة إلا من الحجارة هم الذين برهنوا أن أرض فلسطين لها شعبها وليست أرضاً بلا شعب. المؤرخون الجدد مع احترامي للبعض منهم هذا الموقف الانهزامي الضعيف نحن الذين برهنا أن هذه البلاد بلادنا وليس مؤرخ ومؤرخان.
يقول المؤرخ والمراجع الفرنسي الشهير روبرت فوريسون، ردا عن سؤال بأن هناك من يقول بأن عمليات المراجعة لتاريخ الصهيونية والحرب العالمية الثانية والمحرقة (الهولوكست) يضر بالقضايا العربية إلى أبعد الحدود وليس من مصلحتنا؟
يقول روبرت فوريسون: العالم العربي والعالم الإسلامي وفلسطين تناضل ضد الصهيونية، ما هو الأخطر بالنسبة للصهيونية وهو مراجعة التاريخ وهو ما أسميه "السلاح الذري للفقراء"، أي مراجعة التاريخ والذي يثبت فيما يتعلق بالحرب العالمية الثانية بأن حقائق صعبة ومريرة بالنسبة للصهيونية، لقد أثبتنا ونحن نثبت دائماً بأنه لم يكن هناك مذبحة أو محرقة لليهود ولم يكن هناك غرفاً للغاز لليهود، ومن أن الرقم الستة ملايين ضحية هو عبارة عن مبالغة.
أضاف روبرت فوريسون: إذا أراد العرب أن يتقوا شر اليهود والصهاينة بالطبع فإن من مصلحتهم هو ألا يتحدثوا عن مراجعة التاريخ، هذا شيء واضح. ولكني أقول شيء يمكن أن تتحققوا منه، وهو إذا فعلاً إذا أردتم أن تدافعوا عن فلسطين فإن ذلك لن يتم بالبنادق وبالمدافع ستستطيعوا أن تفعلوا ذلك، وإنما عن طريق قول الحقيقة حول أكبر كذبةٍ في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين وهي كذبة المحرقة، سأعطيكم مثالاً: في القدس يوجد هناك نصب "ياد فاشيم" نصب المحرقة وهو نُصَب من أجل ضحايا المحرقة. اليهود والصهاينة يتحدثون دائماً عن المحرقة، وباسم المحرقة حصلوا على سلطة كبيرة للغاية ويحصلون على أموال كبيرة -مقابل ذلك- من كثير من الدول وفي مقدمتها ألمانيا والولايات المتحدة، إذاً حافظتم على هذه الكذبة فإنكم لن تقوموا بخدمة الفلسطينيين، يجب عليكم أن تقاتلوا بشكل جيد في هذا المضمار".
إن المراجعين –أو المدققين هم من اليمين وأقصى اليمين على سبيل المثال: (ميشال دوبوار)، (رسييه) (سارجتيون)، (بيير جليوم)، أقصى اليسار. (ميشال دي برا)، (هنري روكيه) يمين.. أقصى اليمين. (دانيال كول)، (لوجو فيتش) (جون ساك) يهود.
المراجعة التاريخية ليست أيديولوجيا، هي منهج بحث علمي، ولذلك هي تضم في صفوفها: يسار ويمين وأقصى اليمين وأقصى اليسار ويهود و أوروبيين وأميركيين، فيها من كل الأطراف، ولكن إلصاق تهمة أقصى اليمين بالمراجعة لاستثارة مشاعر العرب –أولاً- تجاه أقصى اليمين ومشاعر اليسار الدولي. ولكن من يريد أن يطلع على الأسماء يعرف ذلك.
بالنسبة لندوة بيروت لم تكن حول المراجعة التاريخية والهولوكوست، عنوان الندوة الذي غيبه الإعلام عن قصد كان "الصهيونية والمراجعة"، ومعظم الأبحاث تبحث في الصهيونية، تبحث في تاريخ الصهيونية هي تراجع تاريخ الصهيونية وليس الهولوكوست، ورقة (سيرجيتيون) من 20 صفحة فيها فقرة واحدة بآخرها عن الهولوكوست، وإذاً كانت ندوة حول الصهيونية فلمصلحة مَنْ منعها؟
بحسب جملة لـ: روجيه جارودي "إن حصر جريمة هتلر باليهود هو تقزيم لجريمة النازية لأن جريمة النازية هي بحق خمسين مليون إنسان، وليس بحق اليهود وحدهم" مشكلة المراجعين تكمن في ثلاث نقاط أوردها الدكتور إبراهيم علوش هي قصة العدد، غرف الغاز، وقصة ثالثة مهمة جداً هي "قصة الفرادى"، ما يسمى بالفرادى أو بالخصوصية، مؤخرا حصلت مظاهرة في فرنسا أمام قصر العدل، أولاد ضحايا فرنسيين غير يهود طالبوا الحكومة بأن تحدد لهم تعويضات أسوةً بأولاد الضحايا اليهود، فتظاهر اليهود أمام باب المحكمة، وشتموا القاضي –كما لم يحصل سابقاً في فرنسا- وصرح (سيرجي كلارس فيلد): "إن الضحايا اليهود هم فصيلة تتمتع بالأولوية لا يجوز مساواتها بباقي الضحايا". الحكم الذي صدر بحق جارودي كان على جملة واحدة، قال فيها: "إن قتل بريء واحد سواء كان يهودياً أم غير يهودي هو جريمة بحق الإنسانية"، لقد اعتبرت المحكمة أن سواءً كان يهودياً أم غير يهودي هو تقزيم للجريمة لأنه ساوى اليهود بالآخرين،. بغير اليهود، وهم شعب الله المختار.
كلمة الهولوكوست خطأ أن نستعملها لأنها تعبير ديني يهودي. يعني حرق، حرق الضحية حتى الرماد لكي يستجيب الله للتعويض، ولذلك يقول الحاخامات أن إسرائيل هي رد الله على الهولوكوست، فإذن الاستغلال يتم على صعيد مالي (ناحوم جولدمان) يقول: "لم يكن لي أن أتصور قيام إسرائيل لولا التعويضات، استلمت إسرائيل قبل شهر واحد خمسة غواصات نووية ألمانية، دفعت ثمن واحدة منها فقط، وأثمان الباقي اعتبرت تعويضات.
هذا قبل شهر، إذن هناك الاستغلال المالي، هناك الاستغلال الثقافي الذي تجلى في تهويد الثقافة الغربية وتهويد المسيحية الغربية، "فرسان الماضي"، عقدت ندوة على هذا الموضوع، والثالث هو الابتزاز السياسي كما رأينا مع رئيس الوزارة.
الآن تهويد للعقل العربي، إذاً المراجعون لا يبرؤون النازية، نحن ندين كل العنصرية بما فيها النازية والصهيونية.
النقطة الأخرى معاداة السامية، فهذا سيف يستل في وجه كل من يعارض إسرائيل، ولكن هذا السبب هنا يجب أن ننتبه له، هذا السبب الذي يجعل اللوبيهات الصهيونية والمؤسسات ترتعد من انتشار المراجعة في الأوساط العربية، لأنه عند العرب لا يمكن اتهامنا باللاسامية، إنهم لا يستطيعون أن يتهمونا باللاسامية، نحن الساميون، كيف يتهموننا بالسامية؟!
يقول الحاخام (كوبر) في (ميامي هيرالد)، في مقال جاء بآخره: "إن أخطر ما في القضية أن ينتشر هذا الفكر في الشرق الأوسط لأن عند ذلك سيسبب أعمال عنف لا يمكن أن تحصل في أوروبا". فهم واعون تماماً لهذه القضية.

تعاطي الإعلام العربي والعالمي للصهيونية

بن جوريون كان يقول أن يهود المنفي يستحقون ذلك (أي المحرقة)، حتى (شيمون بيريز) في كتابه (حوار طويل) Un Long Dialogue ، بالفرنسية يقول: "أن يهود المنفى الذين يرضون بالاندماج يستحقون ذلك". هذه نظرية يهودية صهيونية، ليس فقط عوفاديا يوسف يستحق برأيهم المحرقة وأكثر ولكننا نعود فنكرر: ليس هناك محرقة يهودية، هناك محرقة فلسطينية تجري الآن، ومن العيب التآمر عليها بتكرار مقولات الإعلام الغربي.
يقول السيد مازن العليوي من السعودية (عن صحيفة الوطــن): تُـقدم اليوم رؤية حقيقية مدى التخبط الذي تعيشه الساحة الثقافية في بعض أشخاصها … وكذلك عن خفايا بيان المثقفين الذين يرتبطون بالمراجعة التاريخية ... الذين وقعوا البيان لرفض المواجهة التاريخية من خلال عدم ربطه بالقضية الفلسطينية مما يقود إلى فارق الرؤية والتفكير ما بين الداخل والخارج، فمن في الداخل يرى المسألة بشكل مباشر: معاناة حقيقية ومن في الخارج ينظر إليها على أنها بعد في النظر. ولكن الشارع العربي ضاع بين التيارين في دوامة أو بين الإشكاليتين:
إشكالية البيان وإشكالية جديدة ظهرت مؤخراً هي الترجمة إلى العبرية، والإشكاليتين تتعلقان بالصهيونية من قريب أو من بعيد مع ملاحظة تكرار بعض الأسباب في الحالتين، والحقيقة التي لمستها عن قرب في صحيفة "الوطن" السعودية التي طرحت الإشكاليتين عبر المداخلات التي وصلتنا من القراء، وهي أن المثقفين الذين صنعوا الإشكاليتين في واد والشارع العربي في واد آخر.
المثقفون الذين نقدرهم ونحترم جرأتهم في طرحهم وتوضيحاتهم التي نشرت جميعها لدينا، لكنهم قدموا بعض الثغرات، هذه الثغرات من المثقفين هي أنهم يطالبون بالقمع في البيان بينما هم ينادون في خارجه بحرية الفكر، ومطالبة الحكومة اللبنانية بمنع المؤتمر، وهذا بالتالي هو قمع ثم هل من حقهم تغييب القضية الفلسطينية على البيان بحيث لم يُذكر عنها فيه سوى أنها ذريعة للمراجعين التاريخيين لإعادة كتابة تاريخ أوروبا، كما أن البيان أيضاً لم يقدر رد فعل الشارع العربي فاحتوى مصطلحات أطلقتها الصهيونية مثل معاداة السامية والـ نيو نازية.أو: النازية الجديدة.

بالإضافة إلى ذلك اتضح من إدوارد سعيد لدينا عدم اتفاقهم وتشويشهم على بعضهم بدليل أنه سمع البيان هاتفياً ووقع، لكنه فيما بعد علم بالمطالبة بمنع المؤتمر ولو علم هذا قبلاً لما كان بين الموقعين.
المثقفون الأربعة عشر قالوا أن تواقيعهم أخذت على الهاتف وقيل لهم أننا مستعجلين، ليس هناك وقت، لماذا كانوا مستعجلين؟ لكي تتمكن الحكومة اللبنانية من إلغاء المؤتمر، لأن المطلب، أو طلب إلغاء المؤتمر جاء من ثلاث منظمات يهودية وبضغط من الحكومة الفرنسية والحكومات الأوروبية عندما زيارة رفيق الحريري إلى باريس لمناقشة قضية الديون، ولكن هذا المطلب كان بحاجة إلى غطاء عربي فطلب من واحد إنه يكتب بيانا. ويأخذ تواقيع (الـ 14) ويقال إنه محمود درويش ويقولون أنه داإدمون إده الذي كان كتب البيان وأدونيس الذي اتصل بهم، ولكن للأمانة هذه النقطة يجب أن تذكر: البروفسيور إدوارد سعيد قال: "لقد خدعت من قبل المثقفين الفرانكفونيين في باريس ولم يقرأوا لي الفقرة المطالبة بالقمع، لأن الفقرة تقول حرفياً: "نحن متفقون عرب نطالب الحكومة اللبنانية بتوجيه الجهات المختصة لمنع إقامة المؤتمر". إدوارد سعيد يقول: لا يمكن أن أوقع على فقرة كهذه … ولولا ذلك لما سمحت لنفسي.

من جهة أخرى، انتقل الجدل في شأن كتاب "صناعة الهولوكوست" لليهودي الاميركي "نورمان فينكلشتاين" الي فرنسا، حيث صدر قبل اسبوع. وكان هذا الكتاب الذي يهاجم المنظمات الصهيونية في اميركا، نشر في تموز جويلية الماضي في الولايات المتحدة وبريطانيا ثم في المانيا.
ويركز علي ان هذه المنظمات، بدءاً من المؤتمر اليهودي العالمي، تستغل معاناة اليهود من ضحايا المحرقة. ويعتبر ان صناعة حقيقية لهذه الذكري نشأت منذ العام 1967 واهدافها الرئيسية ابتزاز المال من اوروبا وتبرير سياسة اسرائيل الاجرامية حيال الفلسطينيين باسم وحدانية الابادة اليهودية.
ويتهم فينكلشتاين، في الكتاب الذي يقع في 160 صفحة، هذه المنظمات بـ الابتزاز علي حساب سويسرا والمانيا باسم ضحايا الهولوكست الذين يشتكون من عملية جديدة لانتزاع الملكية.


ملاحظة:
أخذت فقرات من هذا المقال، من ندوة حول النازية والصهيونية، بثتها قناة الجزيرة الفضائية، في برنامج: "الإتجاه المعاكس"