منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#27210
السياسة الداخلية التركية


نبذة عن تركيا:
تركيا (بالتركية: Türkiye) هي دولة يقع الجزء الأكبر منها في قارة آسيا وجزء آخر صغير في قارة أوروبا. يقع مضيقا البوسفور والدردنيل في أراضيها مما يجعل موقعها إستراتيجيا ومؤثرا على الدول المطلة على البحر الأسود. يحدها جورجيا وإيران وأرمينيا وأذربيجان شرقا، العراق وسوريا والبحر المتوسط جنوبا، بحر إيجة واليونان وبلغاريا غربا، البحر الأسود شمالا. وتبلغ مساحة أراضي تركيا 779.452 كم و يقع 97% منها في قارة آسيا و الباقي في أوروبا. يطل غرب تركيا علي بحر إيجة و جنوبها علي البحر المتوسط وشمالها علي البحر الأسود. ويبلغ عدد سكان الجمهورية التركية حوالي 70 مليون نسمة حسب إحصاءات عام 2005. التركيبة السكانية لتركيا معقدة و مكونة من عشرات الأعراق. واللغة الرسمية هي اللغة التركية، كما يتحدث بها حوالي 77% من سكان البلاد.

النظام السياسي:
تتمتع الجمهورية التركية بنظام سياسي شبيه بالأنظمة الديمقراطية الغربية، التي تنقسم عامة إلى جهاز تشريعي، تنفيذي و قضائي. تبنت البلاد الحياة الديمقراطية بعد تطبيق دستور عام 1982 و بعد سنوات من الحكم العسكري. يشكل المجلس القومي التركي أو البرلمان (Türkiye Büyük Millet Meclisi) الجهاز التشريعي. المجلس يتكون من 550 نائب، يتم انتخابهم كل خمس سنوات مباشرة من الشعب. كل مواطن تركي مقيم في تركيا له حق الإنتخاب ابتداءا من سن الثامنة عشرة، لذا لا يستطيع الملايين من الأتراك المغتربين المشاركة في الانتخابات. أعلى سلطة سياسية في البلاد هي سلطة رئيس الدولة، الذي يتم إنتخابه كل سبع سنوات من قبل البرلمان. لا يسمح بإعادة إنتخاب الرئيس حسب الدستور. يوكل رئيس الدولة رئيس الحزب المنتصر بالإنتخابات النيابية مهمة تشكيل الحكومة، لكي يصبح بدوره رئيس الحكومة، بعدها يقوم رئيس الدولة بالموافقة أو رفض أعضاء الحكومة.
المحكمة الدستورية هي أعلى محكمة تركية. تقوم المحكمة بفحص مدى مطابقة القوانين المشرعة من البرلمان مع بنود الدستور. تم إنتخاب تولاي توكو (Tülay Tuğcu) في عام 2005 لتكون أول امرأة ترأس أعلى محكمة في البلاد.


أهم الأحزاب السياسية التركية هي:
• حزب العدالة و التنمية (Adalet ve Kalkınma Partisi، AKP)
• حزب الحركة القومية (Milliyetçi Hareket Partisi، MHP)
• حزب الشعب الجمهوري (Cumhuriyet Halk Partisi، CHP)
• حزب الطريق الحقيقي (Doğru Yol Partisi، DYP)
• حزب الشباب (Genç Parti، GP)
• حزب الشعب الديمقراطي (Demokratik Halk Partisi، DHP)
• حزب الوطن الأم (Anavatan Partisi، AP)
• حزب السعادة (Saadet Partisi، SP)
• حزب اليسار الديمقراطي (Demokratik Sol Parti، DSP)

السياسة الخارجية:
تحاول تركيا الإنضمام لعضوية الإتحاد الأوروبي منذ تأسيس الإتحاد في عام 1993. حصلت تركيا رسميا على صفة دولة مرشحة للإنضمام عام 1999 و بدأت مفاوضات العضوية عام 2004. مسألة إنضمام تركيا للإتحاد قسمت الأعضاء الحاليين في الإتحاد إلى معارض ومؤيد. يقول المعارضون بأن تركيا هي ليست دولة أوروبية و إنما جزء من الشرق الأوسط و آسيا و أنها سياسيا و اقتصاديا و ثقافيا لا تلبي الشروط الأدنى للعضوية و ستكون عبئ على الإتحاد. بينما يقول المؤيدون بأن العضوية ستمنع انتشار الفكر المتشدد في منطقة الشرق الأوسط ، التي قد توقع تركيا في يوم من الأيام تحت سيطرة المتشددين، أيضا بأن لدى تركيا أراضي زراعية شاسعة و أيدي عاملة كبيرة ستفيد الاقتصاد الأوروبي. الأشياء الإيجابية التي نتجت عن نية تركيا الإنضمام للإتحاد و فرض الإتحاد شروط لبدء مفاوضات العضوية هي تقليص سيطرة الجيش على مجريات الحياة السياسة في البلاد، نمو الحريات و حقوق الإنسان و خاصة فيما يتعلق بحقوق الأقليات كالأقلية الكردية. كما حاولت تركيا جاهدة في الفترة الأخيرة حل مشكلة قبرص، التي قامت بإحتلال الجزء الشمالي منها عام 1974 تحت ذريعة حماية حقوق الأقلية التركية هناك.

العلاقات التركية العربية:
تميزت العلاقات التركية العربية بالتوتر منذ أيام حكم الامبراطورية العثمانية لمعظم البلاد العربية. بعد تقسيم ملكية الدول العربية بين الدول الإستعمارية و إنهيار الامبراطورية العثمانية، حاولت تركيا منذ نشأة الجمهورية التركية في بداية القرن التركيز على علاقاتها مع الغرب و خاصة أوروبا و الولايات المتحدة. كما أن اتباع السياسة الخارجية التركية السياسة الغربية و خاصة الأمريكية، أدى إلى تحسن العلاقات التركية الإسرائيلية، التي يرى فيها العرب تهديدا لمصالحهم و أمنهم. على مدى العقود السابقة تحالفت تركيا بشكل غير رسمي مع إسرائيل و عقدت العديد من الاتفاقيات التجارية و العسكرية مع الدولة العبرية. رأت سوريا في ذلك تهديدا مستمرا لها. كما ساهمت سياسات تركيا المائية والزراعية و بناء العديد من السدود في مشروع جنوب شرق الأناضول على نهري دجلة و الفرات، اللذان هم عصب الحياة في العراق و سوريا، و التدخل العسكري التركي في شمال العراق، إلى المزيد من التوتر السياسي و خاصة مع العراق. كادت أن تؤدي مسألة اقليم الإسكندرونة المتنازع عليه مع سوريا و اتهام تركيا لسوريا بدعم حزب العمال الكردستاني المحظور إلى نشوب نزاع عسكري بين البلدين. بعد وصول الأحزاب الإسلامية المعتدلة إلى سدة الحكم في السنوات الأخيرة، تحاول تركيا تحسين علاقاتها بجيرانها و خاصة العرب منهم. احتجت تركيا مرارا على سياسة إسرائيل الإستيطانية والعمليات العسكرية القاسية ضد المدنيين الفلسطينيين.


الموقف التركي من العراق بين المصلحة القومية والحسابات الداخلية:
إن إرسال قوات تركية من أجل تحقيق عدة أهداف، منها: ضمان عدم إقامة دولة كردية في شمال العراق، حماية التركمان وحفظ حقوقهم، حماية المصالح التركية في شمال العراق، منع أي نشاط أمني لحزب العمال الكردستاني من شمال العراق، حضور تركيا ضمن خارطة المصالح والنفوذ في مستقبل العراق.
تخضع عملية صنع القرار الخارجي في أية دولة لعوامل داخلية وخارجية تتفاعل في صناعة القرار وصوغ السلوك الخارجي. وفيما تعكس العوامل الخارجية غالبا المصلحة القومية للدولة وحسابات موازين القوى الدولية والإقليمية، فإنّ الاعتبارات الداخلية تختلف وفقا لخصوصية كل دولة وطبيعة النظام السياسي فيها.
في هذا السياق فإن الموقف التركي من العراق يمكن ربطه بمؤثرات داخلية ترتبط بالمعادلة السياسية الداخلية والأزمة الاقتصادية ثم بطبيعة التكوين العرقي وسؤال السلم الداخلي، أما على المستوى الخارجي فإن العوامل الرئيسة هي اعتبارات المصلحة والأمن القومي.

أثر العوامل الداخلية على الموقف من العراق:
يعرّف بعض علماء السياسية السياسة الخارجية بأنها: فيضان السياسة الداخلية إلى الخارج، وبالتالي هي انعكاس لطبيعة التفاعلات والحسابات وموازين القوى الداخلية.
وفي الحالة التركية فإن هناك عدة اعتبارات رئيسة تؤثر على صنع القرار الخارجي اتجاه العراق، أبرز هذه العوامل: الصراع السياسي الداخلي على هوية الدولة بين الإسلاميين والمؤسسة العسكرية، والذي أخذ منحى جديدا مع حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى الحكم من خلال عملية إعادة هيكلة كاملة لشعارات وأيدلوجية الأحزاب الإسلامية السابقة؛ ومن ذلك الموقف من الغرب والولايات المتحدة، إذ قلب الحزب المعادلة من خلال تحالفه مع الولايات المتحدة وأوروبا في مواجهة العسكر في الداخل سعيا لكسر الحلقة البائسة في السياسة التركية القائمة على تدخل الجيش في كل مرحلة يصل فيها الإسلاميون إلى الحكم.
إن هذا التحول في خطاب الإسلاميين الذين أسسوا حزب العدالة ويتولون قيادته ويشكلون اليوم الحكومة التركية أثر بشكل كبير على موقف الأتراك من العراق في التطورات الأخيرة، بحيث حرص الحزب على تجنب إبراز أي موقف يظهر بعدا دينيا أو حضاريا للحزب من السياسة الأمريكية، وعدم الذهاب بعيدا في معارضة الحرب؛ لأن ذلك سيؤدي إلى تغيير موازين المعادلة السياسية الداخلية ضد الحزب، نظرا للعلاقة الوطيدة التي تربط المؤسسة العسكرية بالولايات المتحدة وإسرائيل.
ومن العوامل الداخلية المؤثرة أيضا الأزمة الاقتصادية الأخيرة الخانقة التي شهدتها تركيا وساهمت بوصول حزب العدالة إلى الحكم بالاستفادة من حالة السخط العام من قبل الشعب على الطبقة السياسية السابقة، وبالتالي شكلت هذه الأزمة اولوية للحكومة الجديدة في محاولة التخفيف منها والتعامل مع تداعياتها ومحاولة تجاوزها.
ووفقا لبرنامج الحزب الانتخابي فإنه ينظر إلى الخصخصة واللبرلة وبرامج وقروض المؤسسات الدولية والاستثمار الغربي بأنها منهج الخروج من الأزمة، وهذا بدوره أثر على موقف الحزب بتجنب مواجهة ومعارضة الولايات المتحدة التي تؤثر بشكل كبير على قرارات المؤسسات الدولية، كما ساهمت الأزمة الاقتصادية في دخول الحزب في إطار حسابات التعويضات المالية لتركيا من الحرب، وذلك لضمان عدم استفحال الأزمة الاقتصادية، خاصة وأن تركيا تكبدت خسائر هائلة من حرب الخليج الثانية.
أما العامل الثالث فهو السلم الوطني بحيث أدت حرب الخليج الثانية إلى ازدهار نشاط حزب العمال الكردستاني وتوسع نطاق عملياته في الأراضي التركية مما أثر بشكل كبير على الأمن التركي وأدى إلى ألاف القتلى، وبالتالي فإنّ التخوف الذي أعلنته الحكومة التركية و محصلةجهدها في منع الحرب كان مرتبطا باعتبارات الأمن الداخلي التركي والمعضلة الكردية ، وكثيرا من حسابات الحكومة فيما بعد ارتبطت بهذا الهاجس ومن ذلك موافقتها على إرسال قوات تركية إلى العراق لمنع قيام أي نشاط عسكري كردي ينطلق من شمال العراق.

المصلحة القومية التركية والموقف من العراق:
ارتبط الموقف التركي من العراق وتعريف المصلحة القومية التركية بعدة اعتبارات:
1- الأمن القومي التركي والتحرز من أي نشاط عسكري كردي ينطلق من الأراضي العراقية، وبالتالي كان هناك إصرار وإعلان واضح من قبل الأتراك بأنهم سيتدخلون عسكريا في حالة وجود أي مصدر لتهديد الأمن التركي.
2- عدم القبول بفكرة تقسيم العراق ووجود دولة كردية في شماله، وأخذ ضمانات من الولايات المتحدة على منع نشوء هذه الدولة والتي إذا قامت قد تكون نواة لدولة كردية كبرى في المنطقة، وستؤدي إلى تفاقم المشكلة الكردية الداخلية.
3- الأقلية التركمانية في العراق والحرص على حماية مصالحها وحفظ حقوقها، في حين تتعارض الإحصائيات في تحديد نسبة وعدد التركمان العراقيين.
4- الأطماع الاستراتيجية التركية في منطقة الموصل العراقية الغنية بالنفط والثروات الطبيعية.
5- سعي الأتراك للحصول على أكبر قدر من المساعدات المالية لتجاوز الآثار السلبية للحرب العراقية على الاقتصاد التركي.
بناء على الاعتبارات السابقة يمكن تحديد المصلحة التركية في الموقف من العراق وفقا لمراكز الدراسات والتصريحات الرسمية التركية بـ :العمل على منع وقوع الحرب ابتداءً لما لها من أثار وتداعيات سلبية متوقعة على الأمن والاقتصاد التركي، وإذا وقعت تجنب معارضة أو مواجهة الولايات المتحدة، والنظر دوما في تطور الأحداث إلى: العمل على منع قيام دولة كردية في شمال العراق، حماية مصالح الأقلية التركمانية في العراق، تحصيل اكبر قدر من المساعدات لتجاوز الأضرار الاقتصادية المترتبة على الحرب، والاستعداد للتدخل العسكري في حالات معينة كالفوضى الداخلية وانفلات الأوضاع الأمنية في الشمال العراقي.

تطور الموقف التركي من العراق في الحرب الأخيرة:
تجلى تأثير العوامل الداخلية والخارجية السابقة في تحديد المصلحة القومية التركية في الموقف من العراق من خلال تطور السلوك التركي في عدة مراحل:
1. معارضة الحرب ومحاولة منع وقوعها من خلال الزيارات المكوكية التي قام بها رئيس الوزراء التركي السابق عبد الله جول إلى دول الجوار، والمؤتمر الذي عقد في أنقرة بهذا الخصوص.
2. إعلان الحكومة التركية أنها لن تتخذ موقف قبل موافقة مجلس الأمن على الحرب، حرصا منها على بناء مساحة جيدة لمناورة الأمريكان على تحقيق مصالح تركية في حالة وقوع الحرب واستخدام القواعد التركية لضرب العراق.
3. رفض البرلمان التركي لانطلاق القوات البرية الأمريكية من الأراضي التركية وقد تعددت تفسيرات موقف البرلمان التركي الذي يسيطر عليه حزب العدالة المشكل للحكومة بحيث ذهبت بعض التحليلات إلى أن الأمر لا يعدو مناورة مع الحكومة الأمريكية لتقديم ضمانات ومساعدات مالية واقتصادية أكبر، فيما فسر آخرون الموقف بأنه محاولة من الحزب في الإمساك بالعصا من المنتصف من خلال إرضاء الجماهير التركية والرأي العام الرافض للحرب وعدم الابتعاد كثيرا عن الأصول الإسلامية للحزب، في حين ذهب رأي آخر أن هناك صراعا داخل الحزب بين الأجنحة الفكرية المختلفة فهناك جناح عبد الله جول ( رئيس الوزراء السابق ) والذي يميل إلى عدم التورط في الحرب والعدوان على العراق، فيما موقف اردوغان ( رئيس الحزب ورئيس الوزراء الحالي) كان يتوافق مع تفكيره البراغماتي في الاستفادة من المتغيرات والظروف في ضوء عدم وجود مصلحة أو فوائد مترتبة على معارضة الولايات المتحدة الأمريكية.
4. أخيرا إرسال قوات تركية من أجل تحقيق عدة أهداف، منها: ضمان عدم إقامة دولة كردية في شمال العراق، حماية التركمان وحفظ حقوقهم، حماية المصالح التركية في شمال العراق، منع أي نشاط أمني لحزب العمال الكردستاني من شمال العراق، حضور تركيا ضمن خارطة المصالح والنفوذ في مستقبل العراق.