قضية الضعفاء برئاسة عمر البشير
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أسبوعين من انتخابه الرئاسي المزعوم، أنهى احتفالات الانتصار وبدأ حفلة التنكيل. كانت أهم قرارات الرئيس السوداني عمر البشير شن حرب جديدة في إقليم دارفور تفاخرت قواته بأنها قتلت فيها 108 من المتمردين، واعتقالها الشيخ حسن الترابي الذي يبلغ من العمر 78 عاما. هكذا افتتح عهده الجديد فأكمل مسيرة عشرين عاما من الدم والحروب والاعتقالات في داخل أكبر دولة في القارة الأفريقية والمجموعة العربية.
كسب سكوت العالم بفوزه بالرئاسة كثمن لبيعه الجنوب الذي تعهد ووقع على حق فصله في العام المقبل، ليكون بذلك أول حاكم في تاريخ السودان الحديث يفرط في شبر من البلاد، وهنا هو يفرط في نصف البلاد. الجنوب سائر لا محالة نحو الانفصال بعد أن وافق البشير ووقع على ما سمي بحق التصويت للبقاء أو الاستقلال عن الخرطوم، وهي بذلك ستكون أكبر حالة انفصال في العالم العربي منذ زوال الاستعمار.
والبشير يظن أن المواطنين السودانيين سيسكتون عليه عندما يحين وقت فصل الجنوب السوداني وإعلانه دولة مستقلة. إن العالم، لا أهل السودان، سينقلب عليه، وسيصرخ الصامتون ويطاردونه وستتم محاكمته ليس فقط بسبب جرائم دارفور المهولة بل لما فعله في حق السودان كله. الكثيرون في السودان يلزمون الصمت اليوم خوفا، أما الدول الغربية فإنها تمنحه مباركتها رغبة في إنهاء المشكلة الجنوبية، وهذه مرحلة مؤقتة، ويعرفون أنه لن يبقى في الخرطوم رئيسا أبديا، سيأتي آخره انتخابا أو انقلابا. في الانتخابات خرجت معظم الأحزاب الرئيسية مدركة أنه جاء بها كشاهد زور على زواج محرم لتبرير فصل الجنوب.
أمر باعتقال الشيخ الترابي لأن الرجل يرفض أن يصمت، ويحق للترابي أكثر من أي زعيم سوداني آخر انتقاد البشير، لأنه الشيخ الوحيد الذي سانده في انقلابه معتقدا أنها ستكون حكومة إنقاذ كما وعده، ليكتشف عاما بعد عام أن البشير استخدمه مطية للاستيلاء على الحكم ومنح حكمه الشرعية ثم لفظه.
وما جعل البشير يصاب بالهلع ويشتاط غضبا أن صحيفة الترابي «رأي الشعب» أذاعت خبر التعاون بين نظام البشير ونظام إيران بتفاصيل مخيفة. سارع بمصادرة كل أعداد الصحيفة في الأسواق، وعطل موقعها الإلكتروني، واقتاد الترابي إلى مكان مجهول يعتقد أنه سجن كوبر الرهيب. وإذا كان البشير يظن أن الآخرين لا يعلمون بحقيقة تعاملاته مع الإيرانيين، ومعسكرات الحرس الثوري، ومصنع الأسلحة الخاصة بهم ونشاطهم السري مستخدمين الخرطوم للتسلل إلى دول شبه الجزيرة ومصر، فإنه مخطئ. فوجود الحرس الثوري في السودان لم يعد سرا وإن كان إصرار البشير على محاولة إخفائهم هو الأمر الغريب