منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#27428
العلاقات التركية - العربية تقارب سياسي وتشابك مصالح من طه عودة اسطنبول - 5 - 8 (كونا) -- شهدت العلاقات التركية العربية تقاربا ملحوظا على مختلف الأصعدة في السنوات الأخيرة وبخاصة على الصعيدين السياسي والاقتصادي. ومما لا شك فيه أن هناك عدة دوافع سياسية واقتصادية لعبت دورا مهما في صنع هذا التقارب الذي اتخذ طابعا مختلفا عن الماضي ساهم في بلورة الأجواء وتفعيل التعاون بين تركيا والبلدان العربية. ولعبت الدوافع الاقتصادية دورا كبيرا في بناء جسر من الثقة بين الجانبين وكانت بمثابة الشمعة التي أضاءت طريق المسؤولين الأتراك والعرب للسير في جو يسوده الأمن والسلام تاركين وراءهم خلافات الماضي متطلعين الى مستقبل باهر. والمراقب عن كثب لهذه العلاقات يلاحظ التطورات التي ظهرت في المجال الاقتصادي والتي ساهمت كثيرا في احداث نقلة نوعية لتتطور وتصل الى المستويات السياسية والعسكرية. الى جانب ذلك تمثل الزيارات المتبادلة بين الطرفين أهم مظاهر التقارب السياسي اذ لم تتوقف تلك الزيارات منذ عامين وكانت دائما تتوج باتفاقيات جديدة ترفع من سقف التعاون المتبادل بين تركيا والدول العربية. وبالرغم من اكتساب معظم الاتفاقيات طابعا اقتصاديا فأن مغزاها السياسي لم يخف على أحد اذ يرى بعض المراقبين أنه تتوفر لدى حكومات البلدان العربية وتركيا الارادة السياسية لتطوير علاقات مشتركة قوية وثابتة وصحيحة . ومن المعلوم ان العلاقات التركية العربية مرت بمحطات عديدة وشهدت تحسنا كبيرا أحيانا وفتورا في أحيان أخرى ولكن مع وصول (حزب العدالة والتنمية) بزعامة رجب طيب اردوغان فقد تطورت العلاقات الى أبعد الحدود. - ويلاحظ أن تركيا اتجهت نحو العالم العربي منذ منتصف السبعينات اثر الطفرة النفطية وحددت مصالحها المتمثلة في قطاعات التجارة والاستثمار والتمويل والطاقة والسياحة والمياه ونمت هذه العلاقات وتطورت استناد الى قاعدة متينة من المصالح المشتركة. وبدا واضحا عزم تركيا على مد يدها الى العالم العربي والعودة الى المنطقة جاء ذلك من خلال الجولة التي قام بها رئيس الوزراء التركي السابق (وزير الخارجية الحالي) عبدالله غول الى عدد من الدول العربية بدءا من دمشق وصولا الى السعودية وايران مرورا بالقاهرة كانت دلالة واضحة على خروج تركيا من عزلتها عن المحيط العربي. ودخلت العلاقات التركية العربية مسارا جديدا بعد وصول رجب طيب اردوغان زعيم حزب (العدالة والتنمية) ورئيس الوزراء الحالي الى سدة الحكم حيث قال بعد فوزه في الانتخابات "سنقابل كل خطوة عربية باتجاه تركيا بعشر خطوات". وشهدت العلاقات التركية العربية في الفترة الأخيرة تطورا سريعا في المجالات الاقتصادية وذلك بالتزامن مع نمو الفوائض المالية في الدول العربية. وفي هذا السياق قامت تركيا بخطوات عدة شملت كل أنحاء العالم العربية اذ قام الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار بزيارة تاريخية الى سوريا ردا على الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد في شهر يناير من العام الماضي 2004 الى تركيا كما قام رئيس الوزراء التركي اردوغان بزيارات مهمة الى عدد من العواصم العربية ساهمت في تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية بين الطرفين. وقال وزير التجارة الخارجية التركي كورشات توزمان في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان السياسية الخارجية لتركيا وضعت في مقدمة أولويتها تحسين العلاقات مع العالم العربي اذ جرى التركيز في الفترة الأخيرة على دول الجوار مثل الكويت سوريا والعراق ومصر ولبنان بموازاة ذلك كان التحرك مكثفا باتجاه البلدان العربية الأخرى. وأضاف "نحن في تركيا بصفة خاصة ومن خلال الاجراءات التي قمنا بها في المرحلة الأخيرة حققنا تقدما جيدا في استراتيجية العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار والأرقام تجسد ذلك فقد ارتفع حجم تعاملنا التجاري مع دول الجوار من ثلاثة في المائة الى 15 في المائة خلال الفترة الأخيرة". وأكد أن الحكومة التركية ستبذل "قصارى الجهد لنرفع هذه النسبة الى المثلين في أقرب وقت ممكن ليصل حجم الصادرات التركية هذه السنة الى ما يقرب ال 60 مليار دولار". واضاف "في الاطار نفسه نرى أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين الدول العربية وتركيا شهدت في الفترة الأخيرة قفزة نوعية وتطورا ملحوظا من خلال الزيارات المتبادلة بين الطرفين وخصوصا مع وصول حكومة حزب (العدالة والتنمية) الى السلطة التي ساهمت في نهضة الاقتصاد بشكل كبير من جهته قال رئيس جمعية (الموصياد) عمر بولات حول تقييمه للمستوى التجاري بين الدول الاسلامية وتركيا "العلاقات التجارية في الوقت الحالي لم تصل بعد الى المستوى المطلوب". بيد انه أشار الى أنه في السنوات الثلاث الأخيرة ارتفع حجم التجارة الخارجية بين الجانبين بشكل ملحوظ وقال ان الجمعية تسعى في الوقت الحالي للارتقاء بهذا المستوى أكثر فأكثر. وأضاف أنه "في عام 1999 كانت نسبة حجم التجارة الخارجية 11 في المائة ولكنه ارتفع في عام 2003 ليصبح 16 في الماءة وبالطبع ان هذه النسبة ليست كافية وبالتالي يجب أن يكون هدفنا رفع هذه النسبة الى 30 في الماءة في وقت قريب". وتابع في هذا الصدد "ازدادت صادراتنا الى المثلين في السنوات الثلاث الأخيرة ونحن سعداء بذلك ونتمنى أن تستمر هذه الجهود التصديرية بدون انقطاع". منت جهته قال زعيم حزب (السعادة) الاسلامي رجائي قوطان في تصريح لكونا "حزب السعادة يدعو دائما الى رفع مستوى العلاقات التجارية التركية مع الدول العربية والاسلامية لالى أعلى المستويات". وأضاف " كما تعلمون أن حزب الرفاه السابق قام في فترة حكمه عام 96 بتشكيل مجموعة الدول الثمانية التي ساهمت في تقارب الدول الاسلامية فيما بينها وكان هدفها سياسيا واقتصاديا". ومع وصول حكومة حزب العدالة والتنمية الى السلطة في الثالث من نوفمبر لعام 2002 والنهضة الاقتصادية في زيادة مستمرة تمثل ذلك في ارتفاع قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي وانخفاض معدل التضخم الى أدنى مستوى له خلال السنوات ال 28 الماضية. وكما ساهمت الزيارة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد الى تركيا في شهر يناير الماضي في الارتقاء بعلاقات البلدين الى أعلى المستويات اذ تم خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية. كما كانت زيارة الرئيس المصري حسنى مبارك في فبراير الماضي خطوة أخرى في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين. والتعاون بشكل عام بين تركيا والشرق الأوسط له وجهان يتعاون فيه الطرفان في كل المجالات اذ يستخدم كل طرف الآخر معبرا لأسواق طالما رغب فيها وهي الشرق الأقصى بالنسبة لتركيا وأوروبا بالنسبة لدول الخليج. وبينما تسعى تركيا بجد للحصول على عضوية والاتحاد الأوروبي يرى الكثير من المحللين ورجال الأعمال أن الاتكال على سوق واحدة سوف يضر بالمصالح التركية تحت تأكيد أن السوق العربية تعتبر مهمة جدا لمستقبل الاقتصاد التركي كونها ستوازن السوق الأوروبية. ويتجه العرب والأتراك نحو تبدلات أعمق في العلاقات في مختلف المجالات والمؤشرات تؤكد تغييرات مهمة وجوهرية في هذه العلاقات وهو حدث مهم جدا في طريق تحسين مستوى العلاقات الاقليمية وتطويرها بشكل شامل في العالمين العربي والاسلامي.