- السبت مايو 29, 2010 12:18 am
#27459
يبدو أن الولايات المتحدة تتخبط في حرب لا نصر من ورائها في العراق، وهي أيضاً تواجه خيارات صعبة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني. وفي أفغانستان يؤكد مسؤولون بارزون في حلف "الناتو" أن الوضع الأمني آخذ في التدهور؛ وبعيداً عن أفغانستان تفاقمت الأزمة بين روسيا وجورجيا ولاحت بوادر المواجهة العسكرية مع عجز الولايات المتحدة عن ضبط أي منهما.
هذا في الوقت الذي تشهد فيه مناطق شاسعة من أميركا اللاتينية تنامي الحركات القومية والشعبوية التي تتحدى المصالح الأميركية في المنطقة. واليوم تحدى النظام الشمولي في كوريا الشمالية المجتمع الدولي بإجراء تفجير نووي بينما تفتقد الولايات المتحدة للوسائل العسكرية، أو الاقتصادية الفعالة، للرد على هذا التحدي الكوري الشمالي. وإذا لم يكن هذا كافياً للبرهنة على حقيقة التواجد الأميركي المبالغ فيه في أنحاء عديدة من العالم، فمن الذي سيبرهن على ذلك؟
فحتى تنبني القوة الأميركية على أساس متين عليها الحد من الإفراط في ممارستها. وفي هذا الإطار يتعين خفض سقف التزاماتنا، أو إلغائها نهائياً إذا ما أرادت الولايات المتحدة التعامل بفعالية أكثر مع الأخطار والتحديات الحقيقية. وليست هذه دعوة إلى الانعزالية، بل هي دعوة إلى نوع من الهدوء والاستراتيجية البناءة التي تبناها زعماء أميركيون سابقون مثل فرانكلين روزفلت ودوايت إيزنهاور وريتشارد نيكسون. وهي استراتيجية تركز على الأخطار الكبرى التي تحدق بالولايات المتحدة وتتعامل مع التحديات الثانوية على أنها كذلك. فعندما دخل روزفلت في تحالف مع ستالين، أو عندما ذهب نيكسون إلى الصين، لم يكن السبب تقديرهما لستالين، أو ماوتسي تونج، بل لإعلاء المصالح الحيوية الأميركية على ما عداها.
وقد عرَّف الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديجول طبيعة السياسة بقوله إنها القدرة على: "الاختيار من بين خيارات صعبة". وهو أمر تجد الولايات المتحدة صعوبة كبيرة في تطبيقه بسبب تجاذبها من قبل العديد من مجموعات الضغط وقيادتها من قبل إدارة بالغت في تقدير القوة الأميركية. والنتيجة أنها ورطت نفسها في مجموعة من الحروب تمتد على طول مناطق مختلفة من العالم وتهم أحياناً قضايا هامشية. ففي الوقت الذي تواجه فيه أميركا تحديات كبرى في منطقة الشرق الأوسط نراها تتجه نحو الدخول في مواجهة خطرة مع روسيا التي تعتبر لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط حول أوسيتيا الجنوبية. وتستمر قائمة التدخلات الثانوية مثل الانخراط في النزاع بين الأرجنتين وتشيلي والتزام الولايات المتحدة بمساعدة باراجواي لاستعادة بعض أراضيها. والواقع أن هناك منطقة واحدة يتعين على الولايات المتحدة الخروج منها مطأطئة الرأس تتمثل في شبه الجزيرة الكورية. فرغم قيام كوريا الشمالية بتجربة نووية خطيرة قد تهدد القوات الأميركية في المنطقة، إلا أنه علينا أيضاً التساؤل عن سبب تواجدها أصلاً في المنطقة بعد مرور أكثر من خمسين عاماً على انتهاء الحرب الكورية و15 عاماً على نهاية الحرب الباردة. وأن نتساءل أيضاً عن سبب استمرار واشنطن في الحفاظ على 37.500 من الجنود في كوريا الجنوبية.
فعلى المدى البعيد لن يكون السلاح النووي لكوريا الشمالية خطراً سوى على جيرانها، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم لحل هذه المشكلة التي تمسهم بالدرجة الأولى. وعلى غرار التجربة الأميركية في المنطقة التي لم تكن ناجحة من غير المستبعد أن تفشل القوى الإقليمية أيضاً في تفادي خطر كوريا الشمالية. ومع أن الولايات المتحدة تقوم حالياً بخفض قواتها في كوريا الجنوبية، إلا أنه عليها الإسراع أكثر في إنهاء تواجدها بالمنطقة وسحب آخر جندي منها. والأكثر من ذلك على واشنطن أن تتوصل إلى اتفاق مع بيونج يانج يضمن عدم تعرضها للمصالح الأميركية، والتأكد أيضاً من عدم تعرض الصين للقوات البرية الأميركية في ساحات المعارك والتركيز على التفوق الأميركي في المجال البحري والجوي. ويجب أن يكون الأمر واضحاً بأن انسحاب أميركا من كوريا يعني الإقرار بالدور الأساسي للصين في احتواء الطموح النووي لكوريا الشمالية إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وروسيا. كما عليهم أيضاً أن يتحملوا مسؤولية انهيار النظام وبدء مسلسل التوحيد بين الكوريتين.
ولأننا نعرف جيداً الصعوبات الجمة التي تنطوي عليها عملية التوحيد قياساً بتجربة الوحدة الألمانية بعد سقوط جدار برلين فإنه علينا أن نسارع إلى إلقاء الموضوع برمته في الملعب الصيني. فقد حان الوقت للتعامل مع كوريا الشمالية على أنها مشكلة إقليمية يتعين حلها من قبل القوى المجاورة وأن ننأى بأنفسنا عن الموضوع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا في الوقت الذي تشهد فيه مناطق شاسعة من أميركا اللاتينية تنامي الحركات القومية والشعبوية التي تتحدى المصالح الأميركية في المنطقة. واليوم تحدى النظام الشمولي في كوريا الشمالية المجتمع الدولي بإجراء تفجير نووي بينما تفتقد الولايات المتحدة للوسائل العسكرية، أو الاقتصادية الفعالة، للرد على هذا التحدي الكوري الشمالي. وإذا لم يكن هذا كافياً للبرهنة على حقيقة التواجد الأميركي المبالغ فيه في أنحاء عديدة من العالم، فمن الذي سيبرهن على ذلك؟
فحتى تنبني القوة الأميركية على أساس متين عليها الحد من الإفراط في ممارستها. وفي هذا الإطار يتعين خفض سقف التزاماتنا، أو إلغائها نهائياً إذا ما أرادت الولايات المتحدة التعامل بفعالية أكثر مع الأخطار والتحديات الحقيقية. وليست هذه دعوة إلى الانعزالية، بل هي دعوة إلى نوع من الهدوء والاستراتيجية البناءة التي تبناها زعماء أميركيون سابقون مثل فرانكلين روزفلت ودوايت إيزنهاور وريتشارد نيكسون. وهي استراتيجية تركز على الأخطار الكبرى التي تحدق بالولايات المتحدة وتتعامل مع التحديات الثانوية على أنها كذلك. فعندما دخل روزفلت في تحالف مع ستالين، أو عندما ذهب نيكسون إلى الصين، لم يكن السبب تقديرهما لستالين، أو ماوتسي تونج، بل لإعلاء المصالح الحيوية الأميركية على ما عداها.
وقد عرَّف الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديجول طبيعة السياسة بقوله إنها القدرة على: "الاختيار من بين خيارات صعبة". وهو أمر تجد الولايات المتحدة صعوبة كبيرة في تطبيقه بسبب تجاذبها من قبل العديد من مجموعات الضغط وقيادتها من قبل إدارة بالغت في تقدير القوة الأميركية. والنتيجة أنها ورطت نفسها في مجموعة من الحروب تمتد على طول مناطق مختلفة من العالم وتهم أحياناً قضايا هامشية. ففي الوقت الذي تواجه فيه أميركا تحديات كبرى في منطقة الشرق الأوسط نراها تتجه نحو الدخول في مواجهة خطرة مع روسيا التي تعتبر لاعباً أساسياً في الشرق الأوسط حول أوسيتيا الجنوبية. وتستمر قائمة التدخلات الثانوية مثل الانخراط في النزاع بين الأرجنتين وتشيلي والتزام الولايات المتحدة بمساعدة باراجواي لاستعادة بعض أراضيها. والواقع أن هناك منطقة واحدة يتعين على الولايات المتحدة الخروج منها مطأطئة الرأس تتمثل في شبه الجزيرة الكورية. فرغم قيام كوريا الشمالية بتجربة نووية خطيرة قد تهدد القوات الأميركية في المنطقة، إلا أنه علينا أيضاً التساؤل عن سبب تواجدها أصلاً في المنطقة بعد مرور أكثر من خمسين عاماً على انتهاء الحرب الكورية و15 عاماً على نهاية الحرب الباردة. وأن نتساءل أيضاً عن سبب استمرار واشنطن في الحفاظ على 37.500 من الجنود في كوريا الجنوبية.
فعلى المدى البعيد لن يكون السلاح النووي لكوريا الشمالية خطراً سوى على جيرانها، وعليهم أن يتحملوا مسؤولياتهم لحل هذه المشكلة التي تمسهم بالدرجة الأولى. وعلى غرار التجربة الأميركية في المنطقة التي لم تكن ناجحة من غير المستبعد أن تفشل القوى الإقليمية أيضاً في تفادي خطر كوريا الشمالية. ومع أن الولايات المتحدة تقوم حالياً بخفض قواتها في كوريا الجنوبية، إلا أنه عليها الإسراع أكثر في إنهاء تواجدها بالمنطقة وسحب آخر جندي منها. والأكثر من ذلك على واشنطن أن تتوصل إلى اتفاق مع بيونج يانج يضمن عدم تعرضها للمصالح الأميركية، والتأكد أيضاً من عدم تعرض الصين للقوات البرية الأميركية في ساحات المعارك والتركيز على التفوق الأميركي في المجال البحري والجوي. ويجب أن يكون الأمر واضحاً بأن انسحاب أميركا من كوريا يعني الإقرار بالدور الأساسي للصين في احتواء الطموح النووي لكوريا الشمالية إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وروسيا. كما عليهم أيضاً أن يتحملوا مسؤولية انهيار النظام وبدء مسلسل التوحيد بين الكوريتين.
ولأننا نعرف جيداً الصعوبات الجمة التي تنطوي عليها عملية التوحيد قياساً بتجربة الوحدة الألمانية بعد سقوط جدار برلين فإنه علينا أن نسارع إلى إلقاء الموضوع برمته في الملعب الصيني. فقد حان الوقت للتعامل مع كوريا الشمالية على أنها مشكلة إقليمية يتعين حلها من قبل القوى المجاورة وأن ننأى بأنفسنا عن الموضوع.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ