صفحة 1 من 1

الصراع السياسي والسلطه

مرسل: السبت مايو 29, 2010 7:26 am
بواسطة رفيدة الأنصاري1
وبدأ الانسان حياته على هذه الكرة وفي داخله تناقضات تتمحور بعضها على شكل ميول متقاطعة بين الخير والشر، ومشاعر متعارضة بين اللذة والألم.




بعد ذلك وجد الانسان نفسه امام بيئته التي يجب أن يتلاءم معها أحياناَ وأن يتصارع معها من أجل ضمان ديمومة حياته أو الاستحواذ عليها في أحيانٍ أخرى. وفي خضم هذه العملية واجه الفرد ذواتاً أخرى وهم يخوضون التجربة نفسها، فاتحد معهم تارةً لمواجهة مخاطر بيئته، وفي مرات أخرى تصارع معهم من أجل الاستحواذ على أكبر قدر من الموارد الموجودة في محيطه دون غيره.
اما الصراع على المستوى الاجتماعي فيبدأ بالصراع بين الفرد والفرد، إذ ان لكل شخص أفكاراً ورؤى حول الحياة بجوانبها المختلفة، فضلاً عن وجود التنافس حول القيم والمصالح، وهذا يؤدي إلى التناقض أحياناً والتصادم أحياناً أخرى، ولمراتٍ عدة بما يولد حالة الصراع التي تشتمل على أبعاد مختلفة كذلك صور إنهاء مختلفة، ولعل مثال قابيل وهابيل يعد الشكل الاول لصراع الفرد ضد الآخر. لكن العلاقة بين فرد وآخر لا تعبر عن علاقة صراع فقط، انما قد تقترن بسمة التعاون. فالأفراد يجتمعون عندما يجدون ان ذلك يقود إلى تحقيق مصلحة معينة أو دفع خطر محدق. وهنا بدأت تبرز مجموعات كان أحد أهدافها الرئيسة الصيد لتوفير الغذاء وتحقيق الامن. وإذ ان الغذاء وتحقيق الأمن هما المصلحتان الحيويتان اللتان لا يمكن الاستغناء عنهما، فان أي تنافس على الصيد، قد يقود إلى الاقتتال. ومن ثم فقدان عنصر الأمن الذي يكون مدعاة للصراع، وهنا برز صراع المجموعة ضد المجموعة.
وتأسيسا على ذلك يشير علماء الإجتماع الذين ينظرون إلى الصراع في بعده الإجتماعي إلى ان الأفراد يعيشون في عالم يتسم (بقلة الموارد أو) عدم التساوي في توزيعها، الامر الذي يدفعهم إلى مواجهة بعضهم البعض كأعضاء في جماعة منظمة قد تكون في شكل قبيلة، أو جماعة أو مدينة أو دولة، أو مجموعة دول متحالفة، يطلق عليها جماعات (صراع) وقد تتغير أشكالها ومواقعها مع بقاء طبيعة الصراع بينها دونما تغيير.
لذلك أصبحت ظاهرة الصراع محل إهتمام المدارس الفكرية المختلفة في علم الإجتماع حتى اصبح الصراع في حد ذاته هو لولب التغيير الإجتماعي عند بعض المفكرين مثل (هيجل). أما (كارل ماركس) فانطلق من المادية التاريخية وطبقها بشكل مادي لقراءة العلاقات الإجتماعية، وتوصل إلى اعتبار التاريخ بمثابة سجل لصراع تاريخي بين الطبقات الفاقدة لها في تفسيره للصراع من خلال مفهوم السلطة والعلاقات السلطوية معتبراً التفاوت في توزيع السلطة والمراكز السلطوية أساس الصراع. فهو يرى أن كل مجتمع له نظام اجتماعي قائم على سلطة القهر والتهديد التي يمارسها أفراد المجتمع المنتصبون على قمة الهرم الاجتماعي أنه كلما ازدادت العلاقة السلطوية شدة وفعالية، كلما اتجهت لإنكار الاختلاف في العقليات والطموحات بين الكائنات البشرية اما سطحيا، بنزعها لكل امكانية رؤية خارجية للتعبير عن التباين، واما بعمق شديد، بقيامها باجراء قولبة جديدة جذرية للتمثلاًت التي يكونها الخاضعون عن مصالحهم وطموحاتهم. وأحياناً تنمو العملية في سياق انفعالي بشدة: والإخلاص النضالي لقضية كبرى، والتمجيد الوطني للمواطنين حول حكومته. ومن هذا المنظور يبدو ان السلطة تعد متغيرا أساسيا في تحليل ظاهرة الصراع في المجتمعات البشرية.
بيد أن آخرين من علماء الاجتماع المعاصرين يرى ان الصراع مجابهة حول القيم أو رغبة في امتلاك الجاه والقوة او الموارد النادرة إذاً فالصراع ظاهرة أشمل من أن يكون مخرجاً عن سوء توزيع السلطة فقط، بل انه مجابهة بين المتخاصمين أو الأضداد على جملة من القضايا مثل الايدولوجيا والقيم والمبادئ إضافة إلى السلطة والقوة أو الموارد المادية.
فضلاً عن ذلك لا يمكن القول أن الصراع هو بوحده يمثل البنيان الذي يوجه التفاعلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية داخل المجتمع، بل ان التعاون أو الوفاق أيضاً محرك آخر لهذه التفاعلات. ومن هذا المنظار يمكن القول ان المجتمع لا يمكن أن يوجد بدون وجود الصراع والوفاق معاً اللذين يكملان بعضهما البعض. ولأن الصراع يحدث في المجتمع الذى يسوده الاتفاق في (جزء كبير من) أجزائه فان الصراع أيضاً يحدث طالما يولد الحاجة إلى الوفاق.
ومن خلال ذلك كله يمكن القول أن الصراع السياسي اصبح اليوم حقيقة إجتماعية حتمية، وهو احدى الظواهر اللصيقة بالوجود البشري ذات أبعاد ايجابية و/ أو سلبية. إذ انه يعد من الدوافع المهمة إلى التقدم والتطور وهذا من ايجابيات الصراع، خاصة اذا وجهه لقضايا وطنية وشعبية تعمل على تحقيق وتوفير متطلبات الشعب وبناء الانسان وانتشاله من الواقع المرير والاليم وضنك العيش وتوفير متطلباته الحياتية والمعاشية فكريا واقتصاديا واجتماعيا وصون كرامته وعزته بين ابناء المجتمع والدول وهذا يعود الى الاطراف المتنازعة سياسيا اذا كانت هي حقا تمثل الشعب وتسعى الى تحقيق العدالة الاجتماعية ومصلحة الشعب لا المصالح الفئوية او الحزبية الضيقة او الاستعانة بالعدوان على الاخوان للحصول على قليل من حطام الدنيا الردئ والفاني مع سحق لجميع الشعارات البراقة والمبادىْ والثوابت الشرعية والوطنية والاخلاقية متناسية لارادة الخالق عز وجل في خلق البشرية ومبدا الثواب والعقاب الاخروي ويمكن أن يؤدي الصراع السياسي في أوقات اخرى إلى الخراب والدمار وإستنزاف الطاقات، وهذا من سلبياته. وعلى العموم انه اصبح اليوم ظاهرة طبيعية لحياة المجتمعات البشرية وفي الميادين كلها، وقد يكون مباشرا أو غير مباشر، سلميا أو مسلحا، واضحا أو كامنا، وقد يأخذ أشكالا وصورا متعددة، مثل الصراع الديني والصراع السياسي، والصراع الإجتماعي، أو الاقتصادي، وأشهر أنواعه الصراع الدولي الذي تحركه الارادات الدولية الخارجية لمصالح وسياسات دولية للبلدان المستفيدة من ذلك كله بغض النظر عما يؤديه ذلك من خراب واستنزاف للطاقات الداخلية ومن قتل للتنمية السياسية والوطنية وسد وانعدام طريق الاصلاح الفردي والاجتماعي للحياة السياسية مما يخلق او يؤدي ذلك الى انعدام الثقة بين الشعب والحكومة بشكل يسقط فيه جميع المتصدين والقادة السياسين لانهم اغفلوا حق الله والوطن والمواطن وانغمسوا في مصالحهم واهوائهم الشخصية حتى اضحوا في واد والشعب في واد ومصالحه وحقوقه في واد ونحن نرى ان اليوم هو الامتحان الاكبر لمن يريد ان يبني ويؤسس دولة المؤسسات والقانون لا دولة الاحزاب والمصالح يجب ان يفرق بين العمل السياسي وادارة الدولة لانك عندما تكون في موقع اداري وقيادي يجب ان تنسى حزبك وطائفتك وتتذكر فقط انك تمثل الجميع ومصالح الجميع بدون استثناء وعندها فقط تصلح ان تكون بحق عنوانا للوحدة الوطنية.