ملوك الجبال
مرسل: السبت مايو 29, 2010 9:41 am
السياسيون اقترحوا عليه ان يكوز وزيرا للثقافة في اقليم كودستان لكن الشاعر شيركو بيكه اس اختار ان يظل شاعرا قريبا من تفاصيل الحياة اليوميه جاعلا منها رموزا وتفاصيل تشير الى حبكة البقاء الكوردي الصعب كما تـَختصر توأم هذا البقاء ثنائية القهر والتحدي بحسب تعبيره . لكنه في قصيده بسيطه أخرى يكثف شهادته و الكثير من فكرته الفلسفيه عن الواقع الجدلي يقول : بقيت فردة من الجوارب لوحدها / بعدما اخذت زوبعة الخريف زوجها بعيدا /فقال له الطنب بصوت عالٍ هذه كانت نهايتكما / من الآن فصاعدا لن يريدكما احد / ولن تقدرا العيش فرادى / لكن الحالة لم تكن كهذه / لأن في احدى ضواحي المدينة وجد شابٌ يافع فردة الجورب / فوضع عكازته جانبا وارتداها / وشكرته الساق الوحيده من صميم قلبها ..
وكنتُ طوال الحوارات التي تمت في مدينة كولون حول مستقبل العراق ، اغبط الصديق جوست فيلتمان انه ترك لدي تسميته الذهبيه للأكراد - ملوك الجبال - مثل وديعه ، وهو المعاون التنفيذي الخبير بالشأن الكوردي في مجموعة الأزمات الدوليه للشرق الأوسط وشمال افريقيا وقد اسهم مع فرق عديده في اغاثة مئات الآلاف من الكورد الهاربين من القصف والقسوة الحكوميه عام 1991 في معسكرات سريعه وقاتله عند الحدود التركيه حيث كان متفائلا بحضورهم السياسي اليوم وهم ( ينزلون من الجبال ليسهمو في صناعة الملك – بحسب قوله ) في اشاره الى دورهم في امكانية حسم الجدل حول تشكيل الحكومه العراقيه .. وكلما كنت اُلْمِحْ الى الظروف والأنشقاقات داخل الكتل السياسيه الجديده في البنيه الكورديه كان يقول ان لدى الكورد عناصر للتوحد اكثر من عناصر الفرقه .. واذ استحضرُ الدلالات الرمزيه لقصيدة شيركو بيكه اس اقرر قراءة الواقع الكوردي بعين موضوعيه خارج كل عاطفه او احاله غير التي تشير اليها وقائع الحاضر كنتيجه حتميه للتاريخ .
*
ومنذ الأحتلال الأمريكي للعراق ، نجح الكورد بقوه في تكريس حضورهم المثير للجدل في حوارات البنيه السياسيه والأداريه وفي التأثير على مناخات كتابة الدستور 2003 والقوانين والتشريعات اللاحقه الى طبع روح الأدارة وقراراتها بلمسة كرديه حذره برغم ماتثيره ممانعاتهم واعتراضاتهم ومفاهيمهم من ضجات اعلاميه وردود فعل سياسييه حذره عند القوى الأخرى .. انه نمط من الحذر المتبادل بين الأطراف السياسيه والدينيه الحاكمه حتى الآن .. وكانت نجاحات الكورد تلك نمطا من تكريد الأداره على حد تعبير كينيث كاتزمان – في دراسة له عن مستقبل الكورد -
وفي بغداد لاتبدو الترتيبات المحمومه التي تحاول حسمها الأطراف السياسيه والدينيه الآن انها ستنتهي نهاية سعيده دون حضور الوفد الكوردي الخماسي التشكيلة المتناوب القياده ، فهو لمسة القدر السياسي الواعده في ترجيح الكفة لدى اللاعبين .
لقد تاخر كثيرا هذا الحضور بسبب صعوبة الحوار الكوردي الداخلي ، وتشعباته والتسريبات الأعلاميه عن خلافات كرديه داخليه حول مفهوم الأدارة والخدمات ودور القوى السياسيه ازاء قضايا حاكمه ومؤثره في الوضع الأجتماعي والأنساني في الأقليم ( الفقر والفساد والبطاله والنفط وفرص العمل والمرأة والعلاقه بالحكومه الكرديه والصله بحزب العمال والعلاقه بأيران وتركيا وغيرها ) ، وكان دائما عنصرا الحوار والوسطيه الأعلاميه محمود عثمان وفؤاد معصوم يحيلان الغياب الكوردي او تأخر الحضور الى اجراءات وترتيبات بروتوكوليه ؛ مرةً الى مصادقة رئيس الأقليم على نص الأتفاق الكردي الخماسي او الى ظرورة ترديد النواب الجدد اليمين الدستوريه داخل البرلمان ، وغالبا يتكلم الأثنان بروح الدوبلوماسيه ولغة العلاقات العامه في محاولة لتعويم الخلافات الداخليه التي انطوت عليها حوارات الأطراف الكرديه واشكالاتها التي لم تنته عند تجاهل الرئيس طالباني دعوة حركة التغيير الى غداء الرئاسة بل تتجاوز ذلك الى جدل عميق حول حكومه كرديه قويه .. ومعارضه قوية داخل الأقليم .
الحوار الكردي الصعب ليس خاصيه عراقيه لوجودنا مابعد الأحتلال فقط ، انه صدى للجدل الدولي و الأقليمي حول مستقبل العراق وتشكيلاته الأداريه والسياسيه والأثنية والطائفيه .. انه صورة لقوى الصراع الداخليه التي تفجرت في المنطقه بعد عهود من الكبت والنمطيه والألغاء .
ويمثل الجدل الكردي السياسي الداخلي بحق الجدل الصعب داخل المجتمع الكردي الذي تحكمه تشكيلتان اساسيتان : شعبيه واسعه تجهد من اجل الخبز وعناصر البقاء ... ونخب حاكمه تستأثر بكل امتياز سياسي واقتصادي بدءا من اتفاقات حقول النفط لغاية آستثمارات النهضة الأقتصاديه في الأقليم فيما يمثل الجدل مع حكومة بغداد جوهر النزاع الحقيقي الذي لايمكن تجاهله حول تقاسم الثروة وميزانية الأقليم وقانون النفط وعلاقة البيشمركه بالدوله ومناطق النزاع .. وكلما احتدم الحوار الكردي الكردي حول المصالح والأمتيازات ... صارت الماده 140 قضية عامة تشغل الأمريكان والأطراف في المنطقه وتصير ملفا متاخرا لدى القوى الساسيه الكورديه ازاء اولويات خلافات داخليه اخرى ، وفي تقريررئيس هيئة الأركان الأمريكيه المشتركه الأدميرال مايكل مولن الذي زار كركوك قبل مدة اشارات الى صعوبة الجدل حول وضعية كركوك مؤكدا ان الكثير من القوى السياسيه والأثنيه والدينيه اكدت له ان دستور اقليم كردستان يتعارض مع دستور البلاد ويعمل على تشطيرها .. ويقال ان تقرير رئيس هيئة الأركان مايزال على مكتب الرئيس الأمريكي واعضاء مجلس الأمن القومي دون اجراء كجزء من تراخي الدور الأمريكي ..
واليوم يلوّح الكورد بقائمة مطاليب إشكاليه لكني ارى ان الدور الكوردي الصعب لاينحصر في اعادة ترتيب اولويات الأقليم ازاء الحكومه .. بل في احتواء الحرائق وتكريس الموازنات الأقليميه التي تبدو زيارة رئيس الأقليم الى تركيا علامة على دور اكبر ..
و الحكمه السياسيه الكرديه هي بيضة القبان في السياسه العراقيه
وكنتُ طوال الحوارات التي تمت في مدينة كولون حول مستقبل العراق ، اغبط الصديق جوست فيلتمان انه ترك لدي تسميته الذهبيه للأكراد - ملوك الجبال - مثل وديعه ، وهو المعاون التنفيذي الخبير بالشأن الكوردي في مجموعة الأزمات الدوليه للشرق الأوسط وشمال افريقيا وقد اسهم مع فرق عديده في اغاثة مئات الآلاف من الكورد الهاربين من القصف والقسوة الحكوميه عام 1991 في معسكرات سريعه وقاتله عند الحدود التركيه حيث كان متفائلا بحضورهم السياسي اليوم وهم ( ينزلون من الجبال ليسهمو في صناعة الملك – بحسب قوله ) في اشاره الى دورهم في امكانية حسم الجدل حول تشكيل الحكومه العراقيه .. وكلما كنت اُلْمِحْ الى الظروف والأنشقاقات داخل الكتل السياسيه الجديده في البنيه الكورديه كان يقول ان لدى الكورد عناصر للتوحد اكثر من عناصر الفرقه .. واذ استحضرُ الدلالات الرمزيه لقصيدة شيركو بيكه اس اقرر قراءة الواقع الكوردي بعين موضوعيه خارج كل عاطفه او احاله غير التي تشير اليها وقائع الحاضر كنتيجه حتميه للتاريخ .
*
ومنذ الأحتلال الأمريكي للعراق ، نجح الكورد بقوه في تكريس حضورهم المثير للجدل في حوارات البنيه السياسيه والأداريه وفي التأثير على مناخات كتابة الدستور 2003 والقوانين والتشريعات اللاحقه الى طبع روح الأدارة وقراراتها بلمسة كرديه حذره برغم ماتثيره ممانعاتهم واعتراضاتهم ومفاهيمهم من ضجات اعلاميه وردود فعل سياسييه حذره عند القوى الأخرى .. انه نمط من الحذر المتبادل بين الأطراف السياسيه والدينيه الحاكمه حتى الآن .. وكانت نجاحات الكورد تلك نمطا من تكريد الأداره على حد تعبير كينيث كاتزمان – في دراسة له عن مستقبل الكورد -
وفي بغداد لاتبدو الترتيبات المحمومه التي تحاول حسمها الأطراف السياسيه والدينيه الآن انها ستنتهي نهاية سعيده دون حضور الوفد الكوردي الخماسي التشكيلة المتناوب القياده ، فهو لمسة القدر السياسي الواعده في ترجيح الكفة لدى اللاعبين .
لقد تاخر كثيرا هذا الحضور بسبب صعوبة الحوار الكوردي الداخلي ، وتشعباته والتسريبات الأعلاميه عن خلافات كرديه داخليه حول مفهوم الأدارة والخدمات ودور القوى السياسيه ازاء قضايا حاكمه ومؤثره في الوضع الأجتماعي والأنساني في الأقليم ( الفقر والفساد والبطاله والنفط وفرص العمل والمرأة والعلاقه بالحكومه الكرديه والصله بحزب العمال والعلاقه بأيران وتركيا وغيرها ) ، وكان دائما عنصرا الحوار والوسطيه الأعلاميه محمود عثمان وفؤاد معصوم يحيلان الغياب الكوردي او تأخر الحضور الى اجراءات وترتيبات بروتوكوليه ؛ مرةً الى مصادقة رئيس الأقليم على نص الأتفاق الكردي الخماسي او الى ظرورة ترديد النواب الجدد اليمين الدستوريه داخل البرلمان ، وغالبا يتكلم الأثنان بروح الدوبلوماسيه ولغة العلاقات العامه في محاولة لتعويم الخلافات الداخليه التي انطوت عليها حوارات الأطراف الكرديه واشكالاتها التي لم تنته عند تجاهل الرئيس طالباني دعوة حركة التغيير الى غداء الرئاسة بل تتجاوز ذلك الى جدل عميق حول حكومه كرديه قويه .. ومعارضه قوية داخل الأقليم .
الحوار الكردي الصعب ليس خاصيه عراقيه لوجودنا مابعد الأحتلال فقط ، انه صدى للجدل الدولي و الأقليمي حول مستقبل العراق وتشكيلاته الأداريه والسياسيه والأثنية والطائفيه .. انه صورة لقوى الصراع الداخليه التي تفجرت في المنطقه بعد عهود من الكبت والنمطيه والألغاء .
ويمثل الجدل الكردي السياسي الداخلي بحق الجدل الصعب داخل المجتمع الكردي الذي تحكمه تشكيلتان اساسيتان : شعبيه واسعه تجهد من اجل الخبز وعناصر البقاء ... ونخب حاكمه تستأثر بكل امتياز سياسي واقتصادي بدءا من اتفاقات حقول النفط لغاية آستثمارات النهضة الأقتصاديه في الأقليم فيما يمثل الجدل مع حكومة بغداد جوهر النزاع الحقيقي الذي لايمكن تجاهله حول تقاسم الثروة وميزانية الأقليم وقانون النفط وعلاقة البيشمركه بالدوله ومناطق النزاع .. وكلما احتدم الحوار الكردي الكردي حول المصالح والأمتيازات ... صارت الماده 140 قضية عامة تشغل الأمريكان والأطراف في المنطقه وتصير ملفا متاخرا لدى القوى الساسيه الكورديه ازاء اولويات خلافات داخليه اخرى ، وفي تقريررئيس هيئة الأركان الأمريكيه المشتركه الأدميرال مايكل مولن الذي زار كركوك قبل مدة اشارات الى صعوبة الجدل حول وضعية كركوك مؤكدا ان الكثير من القوى السياسيه والأثنيه والدينيه اكدت له ان دستور اقليم كردستان يتعارض مع دستور البلاد ويعمل على تشطيرها .. ويقال ان تقرير رئيس هيئة الأركان مايزال على مكتب الرئيس الأمريكي واعضاء مجلس الأمن القومي دون اجراء كجزء من تراخي الدور الأمريكي ..
واليوم يلوّح الكورد بقائمة مطاليب إشكاليه لكني ارى ان الدور الكوردي الصعب لاينحصر في اعادة ترتيب اولويات الأقليم ازاء الحكومه .. بل في احتواء الحرائق وتكريس الموازنات الأقليميه التي تبدو زيارة رئيس الأقليم الى تركيا علامة على دور اكبر ..
و الحكمه السياسيه الكرديه هي بيضة القبان في السياسه العراقيه