صفحة 1 من 1

الليبرالية وتاريخها وعلاقتها بالديموقراطية والدين

مرسل: السبت مايو 29, 2010 10:11 pm
بواسطة ديمه بنت فهد
تاريخ الليبرالية :
تطورت الليبرالية عبر أربعة قرون ابتداءً من القرن السادس عشر حيث ظهرت نتيجة للحروب الدينية في أوربا لوقف تلك الصراعات باعتبار أن رضا المحكوم بالحاكم هو مصدر شرعية الحكم وأن حرية الفرد هي الأصل، وقد اقترح الفلاسفة توماس هوبز وجون لوك وجان جاك روسو وإيمانويل كانط نظرية العقد الاجتماعي والتي تفترض أن هنالك عقدا بين الحاكم والمحكوم وأن رضا المحكوم هو مبرر سلطة الحاكم، وبسبب مركزية الفرد في الليبرالية فإنها ترى حاجة إلى مبرر لسلطة الحاكم وبذلك تعتبر نظرية العقد الاجتماعي ليبرالية رغم أن بعض أفكار أنصارها مثل توماس هوبز وجان جاك روسو لم تكن متفقة مع قيم الليبرالية.
كان هوبز سلطوي النزعة سياسياً، ولكن فلسفته الاجتماعية، بل حتى السلطوية السياسية التي كان يُنظر لها، كانت منطلقة من حق الحرية والاختيار الأولي. لوك كان ديموقراطي النزعة، ولكن ذلك أيضاً كان نابعاً من حق الحرية والاختيار الأولي. وبنثام كان نفعي النزعة، ولكن ذلك كان نابعاً أيضاً من قراءته لدوافع السلوك الإنساني (الفردي) الأولى، وكانت الحرية والاختيار هي النتيجة في النهاية.
ولإجمال التطور في الليبرالية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، يمكن القول أن حقوق الفرد قد ازدادت وتبلورت عبر العصور حتى قفزت إلى المفهوم الحالي لحقوق الإنسان الذي تبلور بعد الحرب العالمية الثانية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وقد يكون أهم تطور في تأريخ الليبرالية هو ظهور الليبرالية الاجتماعية أو (الاشتراكية) بهدف القضاء على الفقر والفوارق الطبقية الكبيرة التي حصلت بعد الثورة الصناعية بوجود الليبرالية الكلاسيكية ولرعاية حقوق الإنسان حيث قد لا تستطيع الدولة توفير تلك الحقوق بدون التدخل في الاقتصاد لصالح الفئات الأقل استفادة من الحرية الاقتصادية.

العلاقة بين الليبرالية والديموقراطية :
تقوم الليبرالية على الإيمان بالنزعة الفردية القائمة على حرية الفكر والتسامح واحترام كرامة الإنسان وضمان حقه بالحياة وحرية الاعتقاد والضمير وحرية التعبير والمساواة أمام القانون ولا يكون هناك دور للدولة في العلاقات الاجتماعية فالدولة الليبرالية تقف على الحياد أمام جميع أطياف الشعب ولا تتدخل فيها أو في الأنشطة الاقتصادية إلا في حالة الإخلال بمصالح الفرد.

وتقوم الديموقراطية الليبرالية على تكريس سيادة الشعب عن طريق الاقتراع العام وذلك للتعبير عن إرادة الشعب واحترام مبدأ الفصل بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية وأن تخضع هذه السلطات للقانون من أجل ضمان الحريات الفردية وللحد من الامتيازات الخاصة ورفض ممارسة السيادة خارج المؤسسات لكي تكون هذه المؤسسات معبرة عن إرادة الشعب بأكمله.
ويظهر التقارب بين الليبرالية والديموقراطية في مسألة حرية المعارضة السياسية خصوصا، فبدون الحريات التي تحرص عليها الليبرالية فإنه لا يمكن تشكيل معارضة حقيقة ودعايتها لنفسها وبالتالي لن تكون هنالك انتخابات ذات معنى ولا حكومة منتخبة بشكل ديموقراطي نتيجة لذلك.
لكن التباعد بينهما يظهر من ناحية أخرى، فإن الليبرالية لا تقتصر على حرية الأغلبية بل هي في الواقع تؤكد على حرية الفرد بأنواعها وتحمي بذلك الأقليات بخلاف الديموقراطية التي تعطي السلطة للشعب وبالتالي يمكن أن تؤدي أحيانا إلى اضطهاد الأقليات في حالة غياب مبادئ ليبرالية مثبتة في دستور الدولة تمنع الأغلبية من اضطهاد الأقليات وتحوّل نظام الحكم إلى ما يدعى بالديموقراطية اللاليبرالية.
كذلك يرى بعض الكتـّاب مثل الأمريكي فريد زكريا أن من الممكن وجود ليبرالية بدون ديموقراطية كاملة أو حتى بوجود السلطة بيد حاكم فرد وهو النظام الذي يعرف بالأوتوقراطية الليبرالية.
هنالك أيضا علاقة بين الليبرالية والعلمانية.

السياسة الاقتصادية :
الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق هو النظام الاقتصادي لليبرالية الكلاسيكية التي تكون الليبرالية الاقتصادية مكوّنا أساسيا فيها، وفكرة الاقتصاد الحر هو عدم تدخل الدولة قي الأنشطة الاقتصادية وترك السوق يضبط نفسه بنفسه، والليبرالية كما اشرنا من قبل تعتمد بالأساس على فكرة الحرية الفردية، وإذا حاولنا أن نعرف فكرة الاقتصاد الحر أو اقتصاد السوق بشكل ايجابي فسيكون التعريف هو أن الفرد ولد حرا حرية مطلقة بالتالي فإن له الحرية في أن يقوم بأي نشاط اقتصادي. أما إذا قمنا بتعريف اقتصاد السوق بشكل سلبي فهو أن على الدولة ألا تقوم بأي نشاط اقتصادي يستطيع فرد أو مجموعة أفراد القيام به.
أما الليبرالية الاجتماعية (أو الاشتراكية) فهي تؤيد تدخل الدولة في الاقتصاد وتعتمد نظام اقتصاد السوق الاشتراكي وتتخذ موقفا وسطا بين الرأسمالية المطلقة والاشتراكية حيث تسعى لتحقيق موازنة بين الحرية والمساواة وتحرص على تأهيل الناس للعمل كما تهتم بالخدمات الاجتماعية مثل التعليم والضمان الصحي.

خصائص الليبرالية :
* الليبرالية عكس الراديكالية لا تعترف بمرجعية ليبرالية مقدسة؛ لأنها لو قدست أحد رموزها إلى درجة أن يتحدث بلسانها، أو قدست أحد كتبها إلى درجة أن تعتبره المعبر الوحيد أو الأساسي عنها، لم تصبح ليبرالية، ولأصبحت مذهبا من المذاهب المنغلقة على نفسها، مع اتفاق الليبراليين على أهمية حرية الفرد.
مرجعية الليبرالية هي في هذا الفضاء الواسع من القيم التي تتمحور حول الإنسان، وحرية الإنسان، وكرامة الإنسان، وفردانية الإنسان. الليبرالية تتعدد بتعدد الليبراليين. وكل ليبرالي فهو مرجع ليبراليته. وتاريخ الليبرالية مشحون بالتجارب الليبرالية المتنوعة، ومن حاول الإلزام سقط من سجل التراث الليبرالي .
* فردريك باستيا
* فريدريش فون حاييّك

الليبرالية والدين :-
الليبرالية الإسلامية :
ظهرت العديد من التيارات الفكرية التي تدعو لليبرالية الإسلامية غالبا ما تدعو للتحرر من سلطة رجال الدين والفصل بين آراء رجال الدين الإسلامي وبين الإسلام ذاته، ويميلون لإعادة تفسير النصوص الدينية وعدم الأخذ بتفسيرات رجال الدين القدامى للقرآن والسنة، حيث يرون أن الإسلام بعد تنقيته من هذة الآراء والتفسيرات فإنه يحقق الحرية للأفراد خاصة فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير وحرية الاعتقاد. من أشهر رواد التوجه الإسلامي الليبرالي فرج فوده، جمال البنا، إياد جمال الدين، سيد القمني، أحمد صبحي منصور، طه حسين ومحمد عبده وغيرهم الكثير.

المسيحية الليبرالية :
المسيحية الليبرالية وتسمى أحيانا باللاهوت التحرري، هو مصطلح يغطي عادة الكثير من الحركات الفلسفية الدينية المسيحية التي ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر وفي القرنين التاسع عشر والعشرين. وكلمة (الليبرالية) هنا لا تدل على حركة سياسية يسارية أو على مجموعة خاصة من العقائد، بل على حرية الجدل العملي في المسيحية والمرتبط بفروع الفلسفة الدينية المختلفة والذي نمى وتطور خلال عصر التنوير.

اليهودية الليبرالية :
الحركة الإصلاحية اليهودية، أصل نشأتها في القرن الثامن عشر الميلادي. يقول د. المسيري في مقال له : (يوجد إذن جانبان في اليهودية: واحد إنساني يقبل الآخر ويحاول التعايش معه وهو جانب أقل ما يوصف به أنه كان هامشياً، وجانب آخر غير إنساني عدواني يرفض الآخر تماماً. ولكن في القرن التاسع عشر ظهرت حركة الاستنارة اليهودية واليهودية الإصلاحية التي أكدت الجانب الإنساني وعمقته وحذفت من الصلوات اليهودية أية إشارات لإعادة بناء الهيكل وللعودة وللأرض المقدسة).