- السبت مايو 29, 2010 10:22 pm
#27579
السياسة الخارجية لبلد ما هي مجموعة الأهداف السياسية التي تحدد كيفية تواصل هذا البلد مع البلدان الأخرى في العالم. وبشكل عام تسعى الدول عبر سياساتها الخارجية إلى حماية مصالحها الوطنية وأمنها الداخلي وأهدافها الفكرية الأيديولوجية وازدهارها الاقتصادي، وقد تحقق الدولة هذا الهدف عبر التعاون السلمي مع الأمم الأخرى أو عبر الحرب والعدوان والاستغلال للشعوب الأخرى، وقد شهد القرن العشرين ارتفاعاً ملحوظاً في درجة أهمية السياسة الخارجية وأصبحت كل دول العالم اليوم تعتمد التواصل والتفاعل مع أية دولة أخرى بواسطة صيغة دبلوماسية ما، ويتولى تحديد السياسة الخارجية للبلد رئيس هذا البلد أو رئيس الوزراء.
خضع مفهوم السياسة الخارجية كنظرية للدراسة والتحليل منذ عدة قرون إلى يومنا هذا، وقد توصل الباحثون إلى فهمه وإلى تحديد الكيفية التي يجب اعتمادها لتطبيق هذه النظرية بطرق فلسفية مختلفة، وكانت المدرستان الأساسيتان لنظرية السياسة الخارجية هما المدرسة المثالية الأخلاقية والمدرسة الواقعية بشكل خاص، ثم ظهرت مدارس أخرى لاتقل أهمية ارتبطت بالماركسية والراديكالية وكانت هنالك نظريات مابعد الحداثة وغيرها، وكان لهذه النظريات المختلفة حول طبيعة النظام العالمي وقع مؤثر على سلوك الدول والمؤسسات العالمية وحتى تلك الدول التي تعتبر خارج النظام السياسي العالمي.
المثالية أو الليبرالية :
دعت هذه المدرسة وكما يوحي لنا اسمها إلى تطبيق السياسة الخارجية وفق أهداف مثالية واسعة النطاق والتي من شأنها أن تنفع أكبر عدد ممكن من الشعوب والدول، وترتبط هذه المدرسة عادة بمفهوم العالمية والفلسفة السياسية الليبرالية، وتعود جذور هذه المدرسة إلى التفكير الذي أتى به (ويدرو ويلسون) Woodrow Wilson وإلى تأسيس عصبة الأمم عقب الحرب العالمية الأولى.
يميل الليبراليون إلى تصور النظام العالمي على أساس الربح للجميع وكأنه لعبة يلعبها الجميع ويربح فيها الجميع، وخاصة عبر الوسائل الاقتصادية (وهذا ما يسمى بالليبرالية الجديدة) أو عبر المنظمات العالمية والتعاون (وفق مفهوم الليبرالية الكلاسيكية).
( يميل الليبراليون إلى تصور النظام العالمي على أنه لعبة يربح فيها الجميع )
الواقعية :
أما المدرسة الواقعية فهي على عكس المثالية لا تؤمن بإمكانية إدارة السياسة الخارجية للدولة عبر مبادىء مثالية عالمية بل تتبنى موقفاً يُعنى بالمصالح الخاصة للدولة بالدرجة الأولى ولا يبالي بمصالح الدول الأخرى إن اقتضى الأمر. إن السياسة الخارجية الواقعية ترتبط عادة باستخدام القوة ولاتدين العدوان على بعض الشعوب ولاتدين حتى الحروب بين بعض الدول، لأن الحروب من وجهة النظر الواقعية هذه قد تكون (طبيعية) لا بل (مطلوبة) لحماية المصالح الخاصة للدولة التي تتبنى السياسة الواقعية، إن أنصار هذه المدرسة يؤمنون عادة بأن النظام العالمي بمثابة لعبة لاتحقق أي ربح بل يمكن القول بأن الربح الذي تحققه يعادل الصفر، أي أن الربح الذي قد تحققه دولة ما يعادل الخسارة التي تتكبدها دولة أخرى، والعامل الحاسم المستخدم في هذه اللعبة هي السلطة المطلقة والقوة العسكرية، ويرتبط هذا المفهوم بالنزعة أو الروح التجارية التي تسمى من وجهة نظر اقتصادية (مذهب التجارية).
السياسة الخارجية مبادىء الواقعية السياسية :
تؤمن الواقعية السياسية بأن سياسات الدول شأنها شأن المجتمعات عامة تهيمن عليها القوانين الموضوعية التي تمتد جذورها في الطبيعة البشرية، ولكي نطور المجتمع علينا أولاً أن نفهم القوانين التي يعيش وفقها المجتمع، إن هذه القوانين الموضوعية تعمل بطريقتها الخاصة ودون أن تتأثر برغباتنا الخاصة ولذلك عندما نحاول أن نتحداها فإننا سنفشل، ولذلك فإن أنصار المذهب الواقعي يؤمنون بإمكانية التوصل إلى تطبيق نظرية سياسية واقعية تأخذ بعين الاعتبار هذه القوانين الموضوعية وتقوم على أساس موضوعي يعتمد على دعم الفكرة بالبراهين والمنطق بدلاً من الاكتفاء بالتحليل المثالي للأمور المنفصل عن الوقائع والمتأثر بالتفكير المثالي للفرد وبأهوائه وأمنياته الخاصة.
( تستند المدرسة الواقعية إلى مبدأ المصلحة الذاتية والمنفعة المرتبطة بمفهوم القوة والسلطة )
تمتد جذور القوانين السياسية أساساً إلى أعماق الطبيعة البشرية والطبيعة البشرية لم تتغير منذ ظهور الفلسفة الكلاسيكية الخاصة بالصين أو الهند أو اليونان والتي حاولت جاهدة أن تفهم هذه القوانين التي تحكم الطبيعة البشرية، وانطلاقاً من هذه الفكرة فإن تحدي كل ما هو قديم وأزلي فقط بهدف التحديث قد لا يكون مفيداً إذ أن ليس كل ما هو قديم سيء بالضرورة، لا بل إن أنصار الواقعية يؤمنون أن نظريتهم التي تعود أصولها إلى القدم قد تعرضت للتمحيص عبر الخبرة والتجربة ولذلك فإنه لا يجب رفض هذه النظرية فقط لأن جذورها تمتد في القدم إذ أن الحاضر لا يتفوق على الماضي بأي وجه من الوجوه.
تدعو النظرية الواقعية إلى فهم الوقائع واستخلاص الحقائق عبر إعمال العقل والفكر لا العاطفة وتستند في فهمها للسياسة الخارجية إلى مبدأ المصلحة الذاتية والمنفعة المرتبطة بمفهوم القوة والسلطة، وتتعامل هذه المدرسة مع السياسة على أنها مجال قائم بذاته وجانب منفصل تماماً عن الجوانب الأخرى كالاقتصاد أو الأخلاقيات أو الديانات، كما تفترض هذه المدرسة أن البواعث التي تحرك أفعال أي سياسي وتفكيره لابد وأنها متمحورة حول مفهوم القوة، وانطلاقاً من هذا الافتراض يعتقد أنصار الواقعية أنه بالإمكان تتبع وتوقع الخطوات التي خطاها أي سياسي في الماضي والحاضر والتي سيخطوها في المستقبل على الصعيد السياسي.
يعتقد أنصار الواقعية أنه بالإمكان توقع الخطوات التي خطاها أي سياسي في الماضي والحاضر والتي سيخطوها في المستقبل .
النظريات الراديكالية والماركسية :
تعتبر هذه المصطلحات عبارات عامة تغطي مجموعة من العلاقات الدولية ذات التوجه اليساري ابتداء من الماركسية التقليدية إلى النظرية النسوية أو البيئوية، وتشترك جميعها في اعتقاد واحد وهو أن النظام العالمي عبارة عن طبقات يتراكب بعضها فوق البعض الآخر وتهيمن الطبقة الأكثر سلطة وقوة على تلك الطبقات الأخرى التي تليها في التركيب الطبقي وتهدف تلك الهيمنة إلى خدمة مصالح الطبقات الأقوى.
( النظام العالمي طبقات متراكبة، تهيمن الأكثر سلطة وقوة فيها على التي تليها في التركيب الطبقي )
نظرية اللعبة :
تختلف تلك النظريات السابقة عن بعضها البعض وفق استخدامها لنظرية اللعبة، في هذه اللعبة يحاول اللاعب إعمال فكره ليتخذ القرار الصحيح أثناء تنافسه مع لاعبين آخرين، ويحاول اللاعب في هذه اللعبة أن يحقق أكبر عدد من الأرباح أو أن يقلل قدر الإمكان من خسائره في ظل ظروف يحيط بها الغموض وتفتقر إلى المعلومات الكاملة، ولذلك يصبح على اللاعب أن يحاول تقدير الاحتمالات وتكهن ما قد يقوم به اللاعب الآخر من أفعال . بالنسبة لأنصار الواقعية فإنهم يعتقدون أن إمكانية الربح في مثل هذه اللعبة تساوي صفر إذ أن ما يربحه لاعب ما يقف مقابل ما يخسره لاعب آخر. أي أنه إذا ربح اللاعب الأول خمسة مثلاً فان اللاعب الآخر يخسر خمسة أيضاً وبذلك يصبح الناتج صفراً، ولكن بالنسبة للمدارس الأخرى حيث تعتمد اللعبة أيضاً على لاعبين اثنين تتفاوت الأرباح والخسائر ولا تتساوى على الإطلاق، لا بل يصبح بالإمكان أن يحقق اللاعبان الربح ولا يخسر أي منهما، أي أن اللعبة تحقق في النهاية مبلغاً إيجابياً. وفي بعض الألعاب، قد يخسر الفريقان وفق مبالغ متفاوتة وبدرجات مختلفة. وهذه اللعبة تتضمن عادة أكثر من لاعبين اثنين أو أكثر من فريقين اثنين. وقد أدت نظرية اللعبة هذه إلى نشوء قوى الردع وسباق التسلح اللولبي، وكانت نظرية اللعبة أيضاً الأساس الذي قامت عليه الدراسات حول كيفية تحقيق التعاون بين الدول المتنافسة في عالم فوضوي، ولكن المشكلة الأساسية التي تخلقها هذه النظرية هي أن القرار العقلاني بالنسبة للاعب ما(والذي يعادل دولة ما) قد يتمحور حول الفرار إلى جانب العدو بدلاً من المخاطرة عبر التحالف مع لاعب آخر (أي دولة أخرى)، إن التعامل مع هذه المشكلة قد أصبح مجال الاهتمام الرئيسي للكثير من الدراسات التي كتبت عن الحكومات العالمية والاندماج الإقليمي وحل النزاع.
( " نظرية اللعبة " أساس الدراسات المتعلقة بكيفية تحقيق التعاون بين الدول المتنافسة في عالم فوضوي )
مأزق السجين :
إن المأزق الذي قد يقع به أحد اللاعبين في هذه اللعبة فيسبب له الحيرة هو ما يدعى بمأزق السجين حيث يصل اللاعب إلى مرحلة لا يحقق فيها أي ناتج ولو كان مجرد الصفر ويمكن تسمية هذه المرحلة "مرحلة اللاصفر"، والفكرة في هذه اللعبة تنطلق من أنه بإمكان كل لاعب أن يربح عندما يتعاون كلاهما، ولكن إن تعاون أحد اللاعبين فقط بينما فرّ اللاعب الآخر إلى صف العدو فإن اللاعب المرتد إلى صفوف الأعداء هو الذي سوف يربح أكثر. ولكن إن فرّ كلاهما إلى صف العدو فإن كليهما سوف يخسران أو قد يحققان ربحاً قليلاً، ولكن هذا الربح القليل يظل أكثر مما قد يحققه الطرف المتعاون والمغدور والذي لا يتم تقدير تعاونه من الطرف الآخر، والمشكلة التي قد تنتج عن نظرية مأزق السجين هذه هي أنه في حال كان كل من الطرفين عقلانياً في طريقة صنعه للقرار فإنهما لن يتعاونا مع بعضهما البعض على الإطلاق، إذ أن صنع القرار العقلاني يتم عادة بطريقة تضمن ما هو الأفضل بالنسبة لأحد الطرفين بغض النظر عما يختاره الطرف الآخر، لنفترض مثلاً أن الآخر قد ينحاز إلى صف العدو فيصبح من الأكثر عقلانية بالنسبة إليك أن تضع نفسك إلى جانب العدو أيضاً لكيلا تخسر شيئاً، ولكن إن أنت لم تفعل ذلك فإنك ستتحول إلى سجين من جهة وخاسر في الوقت ذاته.
( المشاركة في صياغة السياسة الخارجية تتطلب أن نطوّر فهمنا للعوامل التي تُشكّل العلاقات الدولية )
مواضيع مرتبطة بالسياسة الخارجية :
إن المشاركة في صياغة السياسة الخارجية في القرن القادم بشكل فعال تتطلب أن نطور فهمنا للعوامل والقضايا التي تساهم في تشكيل العلاقات الدولية في هذا العالم المتغير بسرعة لا حدود لها، والمواضيع المرتبطة بالنظام العالمي يمكن تلخيص بعضها فيما يلي: مفهوم الأمة والسيادة والتحالفات وتوازن القوى ومعنى الدبلوماسية والقانون الدولي واستخدام القوة والردع. كما يجب علينا فهم ردود الفعل إزاء الأزمات العالمية والتهديدات المتزايدة للاتجار بالمخدرات والإرهاب والتخريب الذي يحيق بالبيئة.
خضع مفهوم السياسة الخارجية كنظرية للدراسة والتحليل منذ عدة قرون إلى يومنا هذا، وقد توصل الباحثون إلى فهمه وإلى تحديد الكيفية التي يجب اعتمادها لتطبيق هذه النظرية بطرق فلسفية مختلفة، وكانت المدرستان الأساسيتان لنظرية السياسة الخارجية هما المدرسة المثالية الأخلاقية والمدرسة الواقعية بشكل خاص، ثم ظهرت مدارس أخرى لاتقل أهمية ارتبطت بالماركسية والراديكالية وكانت هنالك نظريات مابعد الحداثة وغيرها، وكان لهذه النظريات المختلفة حول طبيعة النظام العالمي وقع مؤثر على سلوك الدول والمؤسسات العالمية وحتى تلك الدول التي تعتبر خارج النظام السياسي العالمي.
المثالية أو الليبرالية :
دعت هذه المدرسة وكما يوحي لنا اسمها إلى تطبيق السياسة الخارجية وفق أهداف مثالية واسعة النطاق والتي من شأنها أن تنفع أكبر عدد ممكن من الشعوب والدول، وترتبط هذه المدرسة عادة بمفهوم العالمية والفلسفة السياسية الليبرالية، وتعود جذور هذه المدرسة إلى التفكير الذي أتى به (ويدرو ويلسون) Woodrow Wilson وإلى تأسيس عصبة الأمم عقب الحرب العالمية الأولى.
يميل الليبراليون إلى تصور النظام العالمي على أساس الربح للجميع وكأنه لعبة يلعبها الجميع ويربح فيها الجميع، وخاصة عبر الوسائل الاقتصادية (وهذا ما يسمى بالليبرالية الجديدة) أو عبر المنظمات العالمية والتعاون (وفق مفهوم الليبرالية الكلاسيكية).
( يميل الليبراليون إلى تصور النظام العالمي على أنه لعبة يربح فيها الجميع )
الواقعية :
أما المدرسة الواقعية فهي على عكس المثالية لا تؤمن بإمكانية إدارة السياسة الخارجية للدولة عبر مبادىء مثالية عالمية بل تتبنى موقفاً يُعنى بالمصالح الخاصة للدولة بالدرجة الأولى ولا يبالي بمصالح الدول الأخرى إن اقتضى الأمر. إن السياسة الخارجية الواقعية ترتبط عادة باستخدام القوة ولاتدين العدوان على بعض الشعوب ولاتدين حتى الحروب بين بعض الدول، لأن الحروب من وجهة النظر الواقعية هذه قد تكون (طبيعية) لا بل (مطلوبة) لحماية المصالح الخاصة للدولة التي تتبنى السياسة الواقعية، إن أنصار هذه المدرسة يؤمنون عادة بأن النظام العالمي بمثابة لعبة لاتحقق أي ربح بل يمكن القول بأن الربح الذي تحققه يعادل الصفر، أي أن الربح الذي قد تحققه دولة ما يعادل الخسارة التي تتكبدها دولة أخرى، والعامل الحاسم المستخدم في هذه اللعبة هي السلطة المطلقة والقوة العسكرية، ويرتبط هذا المفهوم بالنزعة أو الروح التجارية التي تسمى من وجهة نظر اقتصادية (مذهب التجارية).
السياسة الخارجية مبادىء الواقعية السياسية :
تؤمن الواقعية السياسية بأن سياسات الدول شأنها شأن المجتمعات عامة تهيمن عليها القوانين الموضوعية التي تمتد جذورها في الطبيعة البشرية، ولكي نطور المجتمع علينا أولاً أن نفهم القوانين التي يعيش وفقها المجتمع، إن هذه القوانين الموضوعية تعمل بطريقتها الخاصة ودون أن تتأثر برغباتنا الخاصة ولذلك عندما نحاول أن نتحداها فإننا سنفشل، ولذلك فإن أنصار المذهب الواقعي يؤمنون بإمكانية التوصل إلى تطبيق نظرية سياسية واقعية تأخذ بعين الاعتبار هذه القوانين الموضوعية وتقوم على أساس موضوعي يعتمد على دعم الفكرة بالبراهين والمنطق بدلاً من الاكتفاء بالتحليل المثالي للأمور المنفصل عن الوقائع والمتأثر بالتفكير المثالي للفرد وبأهوائه وأمنياته الخاصة.
( تستند المدرسة الواقعية إلى مبدأ المصلحة الذاتية والمنفعة المرتبطة بمفهوم القوة والسلطة )
تمتد جذور القوانين السياسية أساساً إلى أعماق الطبيعة البشرية والطبيعة البشرية لم تتغير منذ ظهور الفلسفة الكلاسيكية الخاصة بالصين أو الهند أو اليونان والتي حاولت جاهدة أن تفهم هذه القوانين التي تحكم الطبيعة البشرية، وانطلاقاً من هذه الفكرة فإن تحدي كل ما هو قديم وأزلي فقط بهدف التحديث قد لا يكون مفيداً إذ أن ليس كل ما هو قديم سيء بالضرورة، لا بل إن أنصار الواقعية يؤمنون أن نظريتهم التي تعود أصولها إلى القدم قد تعرضت للتمحيص عبر الخبرة والتجربة ولذلك فإنه لا يجب رفض هذه النظرية فقط لأن جذورها تمتد في القدم إذ أن الحاضر لا يتفوق على الماضي بأي وجه من الوجوه.
تدعو النظرية الواقعية إلى فهم الوقائع واستخلاص الحقائق عبر إعمال العقل والفكر لا العاطفة وتستند في فهمها للسياسة الخارجية إلى مبدأ المصلحة الذاتية والمنفعة المرتبطة بمفهوم القوة والسلطة، وتتعامل هذه المدرسة مع السياسة على أنها مجال قائم بذاته وجانب منفصل تماماً عن الجوانب الأخرى كالاقتصاد أو الأخلاقيات أو الديانات، كما تفترض هذه المدرسة أن البواعث التي تحرك أفعال أي سياسي وتفكيره لابد وأنها متمحورة حول مفهوم القوة، وانطلاقاً من هذا الافتراض يعتقد أنصار الواقعية أنه بالإمكان تتبع وتوقع الخطوات التي خطاها أي سياسي في الماضي والحاضر والتي سيخطوها في المستقبل على الصعيد السياسي.
يعتقد أنصار الواقعية أنه بالإمكان توقع الخطوات التي خطاها أي سياسي في الماضي والحاضر والتي سيخطوها في المستقبل .
النظريات الراديكالية والماركسية :
تعتبر هذه المصطلحات عبارات عامة تغطي مجموعة من العلاقات الدولية ذات التوجه اليساري ابتداء من الماركسية التقليدية إلى النظرية النسوية أو البيئوية، وتشترك جميعها في اعتقاد واحد وهو أن النظام العالمي عبارة عن طبقات يتراكب بعضها فوق البعض الآخر وتهيمن الطبقة الأكثر سلطة وقوة على تلك الطبقات الأخرى التي تليها في التركيب الطبقي وتهدف تلك الهيمنة إلى خدمة مصالح الطبقات الأقوى.
( النظام العالمي طبقات متراكبة، تهيمن الأكثر سلطة وقوة فيها على التي تليها في التركيب الطبقي )
نظرية اللعبة :
تختلف تلك النظريات السابقة عن بعضها البعض وفق استخدامها لنظرية اللعبة، في هذه اللعبة يحاول اللاعب إعمال فكره ليتخذ القرار الصحيح أثناء تنافسه مع لاعبين آخرين، ويحاول اللاعب في هذه اللعبة أن يحقق أكبر عدد من الأرباح أو أن يقلل قدر الإمكان من خسائره في ظل ظروف يحيط بها الغموض وتفتقر إلى المعلومات الكاملة، ولذلك يصبح على اللاعب أن يحاول تقدير الاحتمالات وتكهن ما قد يقوم به اللاعب الآخر من أفعال . بالنسبة لأنصار الواقعية فإنهم يعتقدون أن إمكانية الربح في مثل هذه اللعبة تساوي صفر إذ أن ما يربحه لاعب ما يقف مقابل ما يخسره لاعب آخر. أي أنه إذا ربح اللاعب الأول خمسة مثلاً فان اللاعب الآخر يخسر خمسة أيضاً وبذلك يصبح الناتج صفراً، ولكن بالنسبة للمدارس الأخرى حيث تعتمد اللعبة أيضاً على لاعبين اثنين تتفاوت الأرباح والخسائر ولا تتساوى على الإطلاق، لا بل يصبح بالإمكان أن يحقق اللاعبان الربح ولا يخسر أي منهما، أي أن اللعبة تحقق في النهاية مبلغاً إيجابياً. وفي بعض الألعاب، قد يخسر الفريقان وفق مبالغ متفاوتة وبدرجات مختلفة. وهذه اللعبة تتضمن عادة أكثر من لاعبين اثنين أو أكثر من فريقين اثنين. وقد أدت نظرية اللعبة هذه إلى نشوء قوى الردع وسباق التسلح اللولبي، وكانت نظرية اللعبة أيضاً الأساس الذي قامت عليه الدراسات حول كيفية تحقيق التعاون بين الدول المتنافسة في عالم فوضوي، ولكن المشكلة الأساسية التي تخلقها هذه النظرية هي أن القرار العقلاني بالنسبة للاعب ما(والذي يعادل دولة ما) قد يتمحور حول الفرار إلى جانب العدو بدلاً من المخاطرة عبر التحالف مع لاعب آخر (أي دولة أخرى)، إن التعامل مع هذه المشكلة قد أصبح مجال الاهتمام الرئيسي للكثير من الدراسات التي كتبت عن الحكومات العالمية والاندماج الإقليمي وحل النزاع.
( " نظرية اللعبة " أساس الدراسات المتعلقة بكيفية تحقيق التعاون بين الدول المتنافسة في عالم فوضوي )
مأزق السجين :
إن المأزق الذي قد يقع به أحد اللاعبين في هذه اللعبة فيسبب له الحيرة هو ما يدعى بمأزق السجين حيث يصل اللاعب إلى مرحلة لا يحقق فيها أي ناتج ولو كان مجرد الصفر ويمكن تسمية هذه المرحلة "مرحلة اللاصفر"، والفكرة في هذه اللعبة تنطلق من أنه بإمكان كل لاعب أن يربح عندما يتعاون كلاهما، ولكن إن تعاون أحد اللاعبين فقط بينما فرّ اللاعب الآخر إلى صف العدو فإن اللاعب المرتد إلى صفوف الأعداء هو الذي سوف يربح أكثر. ولكن إن فرّ كلاهما إلى صف العدو فإن كليهما سوف يخسران أو قد يحققان ربحاً قليلاً، ولكن هذا الربح القليل يظل أكثر مما قد يحققه الطرف المتعاون والمغدور والذي لا يتم تقدير تعاونه من الطرف الآخر، والمشكلة التي قد تنتج عن نظرية مأزق السجين هذه هي أنه في حال كان كل من الطرفين عقلانياً في طريقة صنعه للقرار فإنهما لن يتعاونا مع بعضهما البعض على الإطلاق، إذ أن صنع القرار العقلاني يتم عادة بطريقة تضمن ما هو الأفضل بالنسبة لأحد الطرفين بغض النظر عما يختاره الطرف الآخر، لنفترض مثلاً أن الآخر قد ينحاز إلى صف العدو فيصبح من الأكثر عقلانية بالنسبة إليك أن تضع نفسك إلى جانب العدو أيضاً لكيلا تخسر شيئاً، ولكن إن أنت لم تفعل ذلك فإنك ستتحول إلى سجين من جهة وخاسر في الوقت ذاته.
( المشاركة في صياغة السياسة الخارجية تتطلب أن نطوّر فهمنا للعوامل التي تُشكّل العلاقات الدولية )
مواضيع مرتبطة بالسياسة الخارجية :
إن المشاركة في صياغة السياسة الخارجية في القرن القادم بشكل فعال تتطلب أن نطور فهمنا للعوامل والقضايا التي تساهم في تشكيل العلاقات الدولية في هذا العالم المتغير بسرعة لا حدود لها، والمواضيع المرتبطة بالنظام العالمي يمكن تلخيص بعضها فيما يلي: مفهوم الأمة والسيادة والتحالفات وتوازن القوى ومعنى الدبلوماسية والقانون الدولي واستخدام القوة والردع. كما يجب علينا فهم ردود الفعل إزاء الأزمات العالمية والتهديدات المتزايدة للاتجار بالمخدرات والإرهاب والتخريب الذي يحيق بالبيئة.