- الخميس أكتوبر 14, 2010 12:16 pm
#28345
إن الأمة الإسلامية عانت من الإستعمار ألوانا من الغدر والمكر والإلتفاف منذ أن وطأ الرجل الأبيض الغربي أرضنا الطاهرة بأسلحته وأفكاره ومناهجه ، وبلورت لديها هذه المعاناة المريرة شعورا نفسيا خاصا تعيشه تجاه الإستعمار يتسم بالشك والإتهام ويخلق نوعا من الإنكماش لدى الأمة عن المعطيات التنظيمية للإنسان الأوربي وحساسية شديدة ضد الأوضاع الإجتماعية في بلاد المستعمرين ، هذه الحساسية تجعل تلك الأنظمة -حتى لو كانت صالحة ومستقلة عن الإستعمار من الناحية السياسية- غير قادرة على تفجير طاقات الأمة وقيادتها في معركة البناء ، فلا بد للأمة إذن بحكم ظروفها النفسية التي خلقها الاستعمار وإنكماشها تجاه ما يتصل به أن تقيم نهضتها الحديثة على أساس نظام إجتماعي ومعالم حضارية لا تمت إلى بلاد المستعمرين بنسب . قد يدعي البعض بأن العالم الإسلامي منبهر بما وصل إليه الغرب من تقدم صناعي وعلمي وتكنولوجي أو من تشريعات تتكفل الإنسان من مهده إلى لحده . أقول هذا الانبهار ناتج من النظرة العوراء فإن ما تكفلت به الأنظمة التشريعية في أوربا من حقوق يوجد في قباله تشريعات جعلت من قبل الإنسان خصوصا والمجتمع عموما يعيش في حالة إرباك وشك وتصادم بين حقيقة الإنسان وبين ما طرحته هذه الأنظمة من تشريعات ، ثم إن الإسلام لا يقف أي موقف ضد التطور العلمي والصناعي المشروعين وعلى ذلك فإن المشكلة الإسلامية والعربية لا تكمن في الإنسان ذاته بل تكمن في وجود النظام الصالح هذا أولا وثانيا إن كل مسلم يعتقد اعتقادا تاما أن الإسلام هو الأصلح بما زخرت به تشريعاته من أحكام وسنن ضمنت للإنسان الحقوق كاملة وتكفلت بتساوي الفرص في جو تسوده الأخلاق الإسلامية والسلوك السوي ، على كل حال يبقى الإنسان المسلم يعيش حالة الشك من الأنظمة الغربية وهذه الحقيقة الواضحة هي التي جعلت عددا من التكتلات السياسية في العالم الإسلامي تفكر في اتخاذ القوميات المختلفة لشعوب العالم الإسلامي فلسفة وقاعدة للحضارة وأساسا للتنظيم الاجتماعي وبذلت جهودا كبيرة في محاولة تأصيل العرق القومي حرصا منها على تقديم شعارات ثورية منفصلة عن الكيان الفكري للاستعمار انفصالا كاملا ، غير إن القومية ليست إلا رابطة تاريخية ولغوية وليست فلسفة ذات مبادئ ولا عقيدة ذات أسس بل حيادية بطبيعتها تجاه الفلسفات والمذاهب الاجتماعية والعقائدية والدينية وهي لذلك بحاجة الى الأخذ بوجهة نظر معينة تجاه الكون والحياة وفلسفة خاصة تصوغ على أساسها معالم حضارتها ونهضتها وتنظيمها الاجتماعي ، وعليه فإن الإسلام حين يطرح مشروعه الحضاري فإنه يطرحه مجردا عن الانتماء العرقي ﴿ إِنَّ َأكْرمكم عِند اللَّهِ َأتقَا ُكم ﴾ وخصوصية التجريد هذه في ذات الوقت تجعل من جبهة المعارضة باعتبارها جبهة إسلامية لا تنظر إلى العرق بأي منظار كان . الخطوة الأخرى في هذا الصدد هي خطوة تجرد جبهة المعارضة من النزعة الطائفية وقد مر سابقا إن التجرد يعني إعطاء حق الآخرين بما ضمنت لهم الشريعة هذا الحق ويعني الاحتفاظ بالحقوق الخاصة ضمن إطار لا يتجاوز فيه على حقوق الآخرين العامة لأن هذا التجاوز لا تقره تعاليم الطائفة ولا تقره شريعة السماء ومن أجل ذلك كان إدعاء جبهة المعارضة بالوطنية هو إدعاء شرعي أو هو تحصيل حاصل على إعتبار حقوق المواطنة من طلب الشرائع السماوية ولا يوجد فيها أي تكلف او إدعاء أو مجاملة . فالوطنية مصطلح يستخدم للدلالة على المواقف الإيجابية والمؤيدة للوطن من قبل الأفراد والجماعات . إن الولاء للوطن هو شعور يستلهم وليس مشاعر تصطنع، إنه سلوك يحتذى به وليس مزايدة تتقلب ، إنه محبة تسمو وليس أهواءا تغتصب ، إنه شعور بالمسؤولية، إنه صلات بجذور ممتدة بالطبائع كالشجرة التي تغور جذورها في الأرض عميقا ، إنه ظاهرة ممزوجة بالحنين والقرب والإنتماء ، إنه عشق التاريخ والأرض والمصير ، إنه سر وجود الأجداد . ومن الولاء للوطن تنبثق الوطنية والحس الوطني وتولد وتكبر مع السنين من عطر الأرض الزكي ليكون ترنيمات في النفس الإنسانية وكأنها تنبع من الفطرة مع الدين الخالد وترفع الأكف دائما متضرعة إلى الواحد الأحد تعالى مجده ( اللهم آمنا في أوطاننا) | ||
إلـهَـيّ ليْ عَلْـى [ أرضـگ ] آروٱحً ‘•لا‘أسسستـطـيع ' ﭑلعَـيـشْ ' من دونهم فـلا‘/تـحـرمـنـيُ ” آيـٱٱهـمـ