صفحة 1 من 1

التحولات السياسية وإشكالية التنمية السياسية

مرسل: السبت أكتوبر 16, 2010 5:55 pm
بواسطة لمى خالد بن يوسف
مقدمة:
لعبت الأحزاب السياسية من الناحية التاريخية دورا في التحولات السياسية عبر العالم، سواء من حيث التحرر أو مواجهة الحكومات الاستبدادية، أو من خلال دورها في طرح البرامج ومناقشة ونقد السياسات الحكومية والتنموية، مما جعل كثير من الدارسين في أدبيات التنمية السياسية مثل جوزيف لابالومباراJ Lapalombara وميرون وينر M Weiner يشيرون إلى أهمية الأحزاب السياسية من خلال دورها التعبوي أو البرنامجي في التنمية السياسية، هذه العملية التي يصفها صموئيل هنتنغتون Huntingtonبأنها عملية معقدة وراديكالية وطويلة الأمد وغير قابلة للرجوع إلى الوراء،. ولكن لعوامل معينة تصبح الأحزاب السياسية عائقا أمام التغيير وبعضها سيعمل على الحفاظ على الأوضاع القائمة لتكريس امتيازات حربية أو مصلحية معينة .
وما يلاحظ في الجزائر هو أن التغيير نحو الديمقراطية والذي يمكن أن نقيم على ضوءه مسار عملية التنمية السياسية في الجزائر، لا زال موضع شك ونقد، فرغم المسار الديمقراطي الذي تعثر في التسعينيات وأعيدت له الحياة فيما بعد، إلا أنه أصبح مسارا مقيد ومحدودا. والورقة تتساءل عن دور الأحزاب السياسية في الجزائر ومسؤوليتها في حل الأزمة السياسية وترسيخ الديمقراطية والدفع بالتغيير السياسي والتنمية السياسية. وذلك على ضوء الفرضيات التالية: 1) تلعب البنية التنظيمية الداخلية للحرب دورا في التغيير الخارجي. 2) الأحزاب السياسية في ظل التعددية السياسية عامل مساعد في التنمية السياسية.
الكلمات المفتاحية: التنمية السياسية، التغيير السياسي، الحرب السياسي، النظام الحربي.
الدلالة النظرية والميدانية للتنمية السياسية:
عبر العديد من أدبيات التنمية السياسية والعوامل التي تؤدي إليها، يصعب ايجاد تعريف جامع مانع لمفهوم التنمية السياسية، هذا فضلا عن النقد الذي توجه إلى هذا المفهوم، وتزداد الصعوبة بالانتقال إلى المستوى الإجرائي للمفهوم، وكيفية أيجاد مؤشرات ومقياس على أساسه يمكننا أن نرتب الدول والمجتمعات وفق مقياس التنمية السياسية.
يرتبط هذا المفهوم بانتقال النظم السياسية من نظام يقال عنه تقليدي إلى نظام سياسي حديث، أي إذا كان هناك من الناحية الاقتصادية أنظمة في طريق النمو، فإن هناك أنظمة سياسية في طريق التحديث. وهو يشير إلى مسار عملية التطور في النظام السياسي التي تعزز الاستقرار. ولكن تبرز العديد من الاسئلة حول هذا المفهوم من حيث مكونات وعناصر التنمية السياسية وكيف نقيس التنمية السياسية؟
ففي مجال التعاريف حول التنمية السياسية، يعرفها جابريل الموند بأنها: الزيادة في مسوى التمايز البنيوي والتخصص الوظيفي في النظام السياسي، والذي يمكنه من الاستجابة لمحتلف الحاجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع. ويعرف لوسيان باي التنمية السياسية بأنها " 1)زيادة النظام السياسي في قدراته، من حيث تسيير الشؤون العامة وضبط النزاعات وتلبية المطالب"،2) الزيادة في التوجه نحو المساواة من خلال المشاركة السياسية والانتقال من ثقافة الخضوع إلى ثقافة المشاركة، سواء من خلال طرق ديمقراطية ( توسع الاقتراع العام)، او من خلال زيادة التعبئة السيايسية، 3) التجنيد في المناصب العامة على أساس الجدارة وليس عبر الطرق التقليدية . ,ولكن تبقى مشكلة كيفية قياس التنمية السياسية وعلاقة هذا المفهوم بمفاهيم التحديث، التصنيع، الدمقرطة، التطور، لذا يرى صموئيل هنتنغتون S Huntingtonان مفهوم التنيمة السياسية يختلف عن بقية المفاهيم الاخرى مثل التحديث والتصنيع، ويضرب على ذلك بمثال الهند، فهي من جهة مجتمع تقليدي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية في قسم كبير جدا من سكانها، ومن جهة اخرى هي بلد متطور من الناحية السياسية، باعتبارها أكبر بلد ديمقراطي في العالم. ويقصد هنتنغتون بالتنمية العملية التي بمقتضاها يزداد ترشيد السلطة Rationalization of Authority ، والتباين في الهياكل والابنية والمؤسسات السياسية، وزيادة المشاركة السياسية . ويقصد هنتنغتون من ترشيد السلطة احلال سلطة قائمة على أسس دينية او عائلية وراثية إلى سلطة سياسية موحدة وذات طابع قومي وطني، ويقصد بالتباين في الهياكل والابينة السياسية فصل المجال السياسي عن بقية المجالات المجتمعية الاخرى. اما المشاركة السياسية فيقصد بها ازدياد انخراط المواطنين في الشان السياسي.
التوجهات النظرية في دراسة التنمية السياسية:
الاتجاه الكمي:
وهو مجموعة الابحاث والدراسات المتأثرة بالموجة السلوكية في اعتمادها على الطرق الكمية، ويحاول هذا الاتجاه ربط التغير السياسي والنزعة إلى الاستقرار والتطور في الأداء السياسي إلى النمو الاقتصادي وما يؤدي إليه من تغيرات اجتماعية وسياسية، فعالجت هذه الدراسات النظرية مسألة التنمية السياسية كناتج لتطورات اقتصادية واجتماعية .
الاتجاه الكيفي:
هذا الاتجاه يدرس تطور الأنظمة السياسية من منطلق التحولات النوعية التي تحدث فيها، فانطلاقا من الدراسات الانثروبولوجية يرى مشيل فوكو بأن هناك علاقة بين مصدر المعرفة وأنظمة الحكم، أو أن أنظمة الحكم تأثرت بتطور الوعي الانساني والمعارف العلمية، ففي عصر الخرافة والاعتقاد بأن الآلهة هي مصدر المعرفة كان الحكم ثيوقراطيا، وحين ساد أن مصدر المعرفة هم الأبطال كان الحكم ارستقراطيا، وحين ساد الاعتقاد بالانسان سادت النظم الجمهورية.
ومن أهم رواد المدخل الكيفي جابريل ألموند، صموئيل هنتنغتون، سيدني فيربا، حيث يرى ألموند بأن التنمية السياسية هي المسار الذي عرفته النظم السياسية عبر التاريخ في تطور أبنيتها ووظائفها، من حيث الاتجاه نحو التخصص الوظيفي والتمايز البنيوي ، مما يعزز من زيادة قدرات الأنظمة السياسية .
دور الأحزاب السياسية في التنمية السياسية:لقد أشار العديد من رواد نظريات التنمية السياسية إلى دور الأحزاب السياسية كمؤسسة وكوظيفة في عملية التنمية السياسية، فهي مؤسسة لم تستغن عنها الدول الحديثة والتي سعت نحو التطوير والتحديث، من خلال تجارب الحرب الواحد ودور هذه الأحزاب في التعبئة نحو المشاركة السياسية القسرية أو الطوعية في العديد من الأنظمة السياسية، ولجلب التأييد للمشاريع التنموية وبناء وتعزيز الشعور القومي، لكن بينة الأحزاب السياسية ووظيفتها تغيرت جذريا في الوقت الراهن. ولأن العديد من المتخصصين في الأحزاب السياسية يتحدثون عن انحطاط الأحزاب السياسية في الديمقراطيات الراسخة ، وامتداد هذا الانحطاط إلى المجتمعات الأخرى، لتتحول الأحزاب السياسية إلى أحزاب لاقطة او احزاب الكارتل، أو أحزاب بيروقراطية هي امتداد لجهاز الدولة في النظم البيروقراطية – التسلطية.
والأهمية المركزية التي كانت تحتلها الأحزاب السياسية في حياة المواطنين والمناضلين من خلال الأحزاب الجماهيرية والاندماجية التي لم تعد موجودة على الساحة السياسية الحالية، حلت محلها فواعل جديدة بفضل تطور التكنولوجيا الإعلامية وتعدد مصادر المعلومات وتقلص دورها في الانتخابات وفي الحملات الانتخابية. لكن هناك عوامل أخرى أدت إلى تهميش دور الأحزاب السياسية في عملية التنمية السياسية والتي يقصد بها زيادة المشاركة السياسية وتعزيز المأسسة داخل الأبنية السياسية والمؤسسات السياسية والتي من ضمنها الأحزاب في حد ذاتها، هذا ما نعرضه حول واقع الأحزاب السياسية في الجزائر.
البنية الداخلية للأحزاب السياسية الجزائرية والتغيير:
إن الأحزاب السياسية في الجزائر لا تعرف دوران سلس ومرن للنخبة. فبقاء القيادات واستمرارها، غياب التناوب على السلطة هي الخصائص الغالبة في معظم الأحزاب السياسية المهمة. توجه بنية الأحزاب السياسية نحو اتخاذها طابع الكرتلة أو الاحتكار، فالأحزاب السياسية تفتقر إلى المرونة والتغيير والمراجعة في خطاباتها السياسية وفي تحليلها للوضع العام للبلاد.
فهناك واقع اوليجاركي للأحزاب السياسية في ظل طموح ديمقراطي وطموح التغيير على مستوى القواعد الحزبية، ونتيجة لعدم المرونة في التناوب على السلطة فقد عرفت الأحزاب السياسية أزمات سياسية عشية انعقاد المؤتمرات الخاصة بتجديد هياكل الحزب، فقد عرف هذا النوع من الأزمات كل من حمس في سنة 2008، والنهضة والإصلاح وجبهة التحرير الوطني في 2003. حيث بات من المألوف على الساحة الحزبية أن يحدث الانشقاق بين تيار تصحيحي والأخر موال للقيادة الحربية الحالية. والكيفية الثانية لحدوث أزمات التناوب تتم عن طريق الانقلابات داخل الأحزاب السياسية كما حدث مع عبد الحميد مهري في حزب جبهة التحرير الوطني، وجاب الله مع حزبه الأول النهضة وحربه الثاني حركة الإصلاح.
إن السبب الرئيسي يرجع إلى عدم تفكير الأحزاب السياسية في تحديد آليات تنظيمية واضحة للتناوب على السلطة أو عدم العمل بها. والسبب الثاني يرجع إلى النشأة الحديثة للأحزاب السياسية حيث أن الديمقراطية الداخلية للأحزاب لم تكن من بين الأولويات أمام اعتبارات انتخابية وسياسية أخرى، حيث أن بروز قيادات سياسية غير معروفة للحزب سيكون له ثمن انتخابي باهظ على حساب شعبية الحزب التي تتمحور حول القيادات السياسية المؤسسة لها. والسبب الثالث يكمن في الطبيعة الأتوقراطية للأحزاب السياسية في الجزائر حيث تنحصر معظم الصلاحيات في رئيس الحرب من الناحية الفعلية، فالنمط السائد للأحزاب السياسية هو النمط الرئاسي.
يبقى تساؤل جدير بالطرح عن سر بقاء التصلب التنظيمي والهيكلي داخل الأحزاب السياسية الجزائرية مع ما يحمله التجديد التنظيمي وإفساح المجال أمام المشاركة السياسية الحربية من تجديد لدماء الحزب ودخول فئات شابة وتوسع قاعدة الحرب الاجتماعية، ومثال ذلك لماذا لا تفكر الأحزاب السياسية في فتح المنافسة السياسية داخليا عبر تنظيم انتخابات أولية، تمكنها من ترشيح المنتخبين الأكثر شعبية وتسمح للأحزاب بتوسيع قاعدتها الشعبية بانفتاحها على الجماهير.
البرامج الحربية الجزائرية:
إن البرامج الحربية التي تقدمها الأحزاب في الجزائر عادة غير واضحة كما أخذ النقاش البرامجي يفقد أهميته لدى الأحزاب السياسية ولدى الرأي العام، وذلك لعدة أسباب، افتقاد لرؤية واضحة حول التنمية بمختلف أبعادها، وتفتقر إلى وضوح للرؤية حول الخروج من الأزمة الأمنية والسياسية، وحول مواجهة المشاكل الاجتماعية. ومن نتائج ذلك خفوت النقاش الإيديولوجي والسياسي بين الأحزاب السياسية، وتراجع الحماس للعمل الحربي في أوساط المواطنين والسلوك النضالي. فتأييد برنامج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حول السلم والمصالحة ومشاريع التنمية على سبيل المثال يمثل علامة فشل الأحزاب السياسية في بلورة برامج للتنمية ولحكم البلاد ومعالجة الأزمات، فبدلا من سعي الأحزاب السياسية لتقديم برامج واقتراحات بديلة ومثرية حول مشروع المصالحة وكيفية إنجاحه إن كانت فعلا تسعى لتأييده وإنجاحه، وتقديم برامج واقتراحات حول الأولويات التنموية والموقف من الاستثمارات الأجنبية، ومسألة العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة والسياسة الضريبية، وغيرها . وبدلا من ذلك اكتفت معظم الأحزاب بالتأييد أو بالتركيز على جوانب أخرى من القضايا السياسية. لذا ينتقد الكثير من الباحثين والملاحظين غياب القضايا الجوهرية والأساسية من برامج الأحزاب السياسية الجزائرية، مثل تقييم العملية الديمقراطية، الفساد السياسي، علاقة السلطات المدنية مع العسكرية.
هذه المواضيع تعكس أزمة المشروع وأزمة البرنامج عند الأحزاب السياسية، هذا المشروع الذي طال البحث عنه طيلة عشرين سنة من الدخول في عهد التعددية السياسية والإعلان عن الإصلاحات والدخول في مرحلة انتقالية لم يتحقق الخروج منها بعد، فقد فشلت الأحزاب السياسية بما فيها أحزاب السلطة من الخروج من المرحلة الانتقالية من النهج الاشتراكي إلى رأسمالية أو إلى نظام سوق لم يتحقق بعد، ولازال هناك تردد في الكثير من التفاصيل، وأخطاء يمكن أن ترهن الأجيال اللاحقة خصوصا في مجال المحروقات والاستثمارات الأجنبية والسياسات المالية.
فالأحزاب الإسلامية تفتقر في برامجها إلى رؤية في كيفية الحكم، وكيفية المخرج من الأزمة الاقتصادية، ومعالجة المشاكل الاجتماعية والتي تقف البطالة في صدارة هذه المشاكل. أما أحزاب الإدارة أو الأحزاب الوطنية الممارسة للسلطة فلم يتغير خطابها وتصورها حول الإصلاح الاقتصادي والسياسي في إطار خطاب تقليدي لا يخاطب الأغلبية الساحقة للجماهير، والأحزاب المسماة بالديمقراطية تطرح بعضها من برنامجها بعيد عن الديمقراطية توصف بأنها برامج اتوقراطية تحديثية، تحاول في برامجها فرض حداثة قسرية على المجتمع. والعامل المشترك الغائب هو النقاش حول التحول الديمقراطي.
علاقة الأحزاب السياسية بالمجتمع:
نتيجة ما سبق عرضه ، فإن انعكاسات الواقع التنظيمي والسلطوي داخل الأحزاب السياسية سينعكس بدوره على العلاقة بين الأحزاب والمجتمع، والتي هي علاقة محدودة وأصبحت تبني على أسس مصلحية وانتخابية، من خلال ممارسات القبلية والجهوية والربائنية في الانتخابات. وتيجة لذلك فقد المجتمع خصوصا في أوساط المدن عالية الكثافة الأمل من الأحزاب السياسية والتغيير عبر صناديق الاقتراع من خلال الارتفاع المتواصل في نسب المقاطعة الانتخابية في أوساط المدن، والإقبال على النشاطات السياسية. وقد تبلورت توجهات بدبلة في المجتمع تنفر من العمل الحربي والسياسي باللجوء إلى العمل في جمعيات المجتمع المدني. ضعف الصلة بين الأحزاب السياسية والمجتمع جعل الأحزاب السياسية تبتعد عن اداء وظيفتها الأساسية المتمثلة في الوساطة بين المجتمع المدني والسلطة أو ما يسمى بالوظيفة المنبرية للأحزاب السياسية لإيصال الأصوات المحتجة والمعارضة إلى السلطات، وبدل ذلك أصبحت امتدادا للإدارة الحكومية وامتداد للسلطة، مما افقدها الكثير من المصداقية أمام الناخبين والمتعاطفين. هذا يبرز من خلال خروج الأحزاب السياسية وتجاوز الأحداث لها أو عدم قدرتها على الاستجابة للمطالب التي يعبر عنها المواطنون في العديد من المناسبات، من خلال العديد من مظاهر الاحتجاجات الاجتماعية والتي اتسمت بالعنف التلقائي، بل إن هذا العنف والسخط أتجه بدوره إلى الأحزاب السياسية مثل ما حدث من حرق مقرات أحزاب الارسيدي والأفافاس في منطقة القبائل رغم أنها تمثل معقلا لها.
النظام الحربي في الجزائر من يصنعه:
في الأدبيات التي تدرس الأنظمة الحزبية في الأنظمة الديمقراطية، فإن تشكل الأنظمة الحزبية وتغيرها يخضع للآليات الانتخابية ولتغير أفضليات الناخبين وتعبر عن الانقسامات والصراعات الاجتماعية الكبرى. أما في الجزائر فمن المبكر أن نتكلم عن نظام حزبي خلال المدة المحدودة من 1991 إلى 2005، ومع ذلك فما يطبع النظام الحزبي من خلال قراءة أولية له هو عدم الاستقرار ووجود الأصوات العائمة، وميل النظام الحزبي نحو الحزب المهيمن ذو النزعة التسلطية، وهو بديل فرضته السلطة وفق هندسة انتخابية تعكس توزيع الحصص أكثر مما تعكس وجود انتخابات فعلية. هذا أفرغ التعددية الحربية من مضمونها لأنها وقعت مجددا في الأحادية المرنة وغير المباشرة، بإعادة جبهة التحرير الوطني إلى الواجهة وفرضها كحرب مهيمن.
فالأحزاب السياسية إذا أريد لها أن تلعب دورا في تنمية وتطوير قدرات النظام السياسي، فلابد أن تعكس التصدع الاجتماعي والسياسي الفعلي، وما هو واقع هو محاولة تغطية التصدعات الاجتماعية وحصرها، بدلا من معالجتها وعرضها على المسرح السياسي لتجد التعبير المؤسسي لها، فيرى عدي هواري أن التصدع بين الدولة والمجتمع هو الذي افرز الانتصار الساحق للجبهة الإسلامية، وتم إلغاء هذه النتيجة وعدم القبول بها.
هل نتوقع التغيير من الأحزاب السياسية في الجزائر:
المسؤولية لا تتحملها الأحزاب، فهناك بيئة لا تشجع على التغيير السياسي والعمل الحزبي، من أهمها: مظاهر الثقافة السياسية السلوكية والقيمية لدى فئات كبيرة من المواطنين والتي لها توجه سلبي ونافر من الأحزاب السياسية يدعم حججه بأنها مجرد بوق للنظام وبأنها إطار للسياسيين الذين يسعون نحو المصالح الشخصية، ولم تلعب الأحزاب السياسية شيئا في تحسين ظروفهم المعيشية، وهذا التوجه السلبي من الثقافة السياسية تشجع عليه السلطة، وتضيف إليه جملة من الممارسات مثل التضييق على تشكيل الأحزاب السياسية من خلال جملة من القرارات والقوانين التي تقيد نشوء الأحزاب السياسية، وهنا نتساءل لماذا تمتلك وزارة الداخلية صلاحية الحسم في الملفات الحربية من حيث الاعتماد وتجديد الهياكل الحربية، والمفروض أن تتولى ذلك هيئة إدارية قضائية محايدة، كما هو الحال في العديد من الديمقراطيات الراسخة.
تعرض الأحزاب السياسية للعديد من الأزمات الداخلية كانت السلطة السياسية طرفا غير محايد فيها. كما أن هناك من يرى بأن الأحزاب السياسية في الجزائر ليست في موضعها الوظيفي الصحيح بسبب بنية السلطة التي لا تشجع على الديمقراطية التمثيلية، لأنها سلطة مزدوجة قائمة على السلطة الفعلية العسكرية والسلطة الشكلية الظاهرية المدنية، وان الأمر يستدعي تعديلا دستوريا يعترف بمكانة الجيش في النظام السياسي وفي نفس الوقت يعطي الاعتبار للمؤسسات السياسية التمثيلية .
وهناك اتجاه يشكك في الاستقلالية الفعلية للأحزاب السياسية من الناحية الثقافية والتنظيمية عن السلطة، فيرى أنها أما امتداد لآحد الاجنحة أو تعمل لتأييد مشاريع السلطة دون ان تكون لها القدرة على اتخاذ مواقف مستقلة ومعارضة ، وذلك لضمان البقاء السياسي. فالأمر برمته في الجزائر يرجع إلى غياب المعارضة السياسية الحربية أو تهميش وتغييب المعارضة بمختلف الوسائل وتقزيمها بحيث لم تعد لها قوتها السياسية. لذا يرى ثنيو على سبيل المثال أن فرصة نجاح الديمقراطية مشروع لازال مؤجلا نظرا لطبيعة السلطة التي يصف اوضاعها " إن استمرار منطق الشرعية الثورية والكفاح الوطني المسلح ضد الاستعمار، وانبناء نواة الحكم على مصدر عسكري، من شأنه أن يبقي الديموقراطية في حكم المؤجل. لأنه ستنتهي كل صور و صيغ التلاعب بحتمية الحل الديموقراطي للأزمة الجزائرية التي تعد في جوهرها تعبير عن الغياب المتواصل لمقتضيات الديموقراطية من الفضّ السلمي للنزاعات الاجتماعية والسياسية، وإمكانية تداول المسئوليات العليا وليس السيطرة على مؤسسات الدولة أو محاولة امتلاكها والا أخذ النظام السياسي الشكل الاستبدادي" .
الخاتمة:من خلال هذه الورقة البحثية، نخلص إلى أن الأحزاب السياسية في الجزائر أصبحت جزءا من مشهد الوضع الراهن وتثبيته، وللتخلص من هذه الوضعية لابد من التأكيد على أن التغيير يأتي عبر المزيد من الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية، وإفساح المجال لمختلف الفئات للمشاركة في العملية السياسية، مما سيشجع على عودة الحيوية إلى الأحزاب السياسية، هذا سينعكس على تطور النقاش والبرامج السياسية لمعالجة كافة القضايا والمشكلات العامة بوضوح وإثراء النقاش حولها، ومن جهة أخرى فهناك دور للنظام السياسي وتحويل طبيعة النظام السياسي المنغلقة إلى نظام سياسي متفتح وقابل للاستجابة للتغيرات الداخلية والخارجية سيعمل على تغيير بيئة الأحزاب السياسية للعمل السياسي.

Re: التحولات السياسية وإشكالية التنمية السياسية

مرسل: الاثنين أكتوبر 18, 2010 9:32 pm
بواسطة أفنان الخضير
يعطيك العافيه..,

Re: التحولات السياسية وإشكالية التنمية السياسية

مرسل: الثلاثاء أكتوبر 26, 2010 8:03 pm
بواسطة لمى خالد بن يوسف
الله يعااافيك مشكووره