ماذا تعرف عن جامعة الدول العربية ؟ ؟؟؟
مرسل: الأحد إبريل 06, 2008 1:00 pm
جامعة الدول العربية
جامعة الدول العربية هي منظمة تضم دول في الشرق الأوسط وأفريقيا ويعتبر أعضائها دولا عربية، ينص ميثاقها على التنسيق بين الدول الأعضاء في الشؤون الاقتصادية، من ضمنها العلاقات التجارية، الاتصالات، العلاقات الثقافية، الجنسيات ووثائق وأذونات السفر والعلاقات الاجتماعية والصحة. المقر الدائم لجامعة الدول العربية هو مدينة القاهرة، مصر. وأمينها العام الحالي هو عمرو موسى .
1- النشأة:
أولا: السياق العام:
على الرغم من أن الدعوة إلى الوحدة العربية كانت مطروحة منذ عدة قرون إلا أن فكرة إقامة تنظيم عربي واحد يجمع شمل الدول العربية لم تتبلور أو تتضح معالمها إلا خلال الحرب العالمية الثانية بفعل جملة متغيرات عربية وإقليمية ودولية .
- على المستوى العربي: يمكن القول إن الحقيقة العربية كانت هي حجر الأساس لهذا التطور التاريخي، فمن ناحية، كانت الحرب مناسبة لنمو الحركات الوطنية ونشاط المقاومة ضد الوجود الاستعماري الأمر الذي انعكس على استقلال عدد متزايد من الدول العربية وأنشأ الحاجة إلى إقامة نوع من التوازن بين القوى السياسية لعبت فيه مصر دوراً فاعلاً، ومن ناحية ثانية، تعززت الحاجة إلى الوحدة مع الوعي بمخاطر الحركة الصهيونية وتقاطر الهجرات اليهودية إلى فلسطين بدور لا يغفل للدولة المنتدبة عليها.."بريطانيا"، تحقيقاً لحلم الدولة اليهودية، ومن ناحية ثالثة، أدى تزايد الاحتكاك بالغرب نتيجة البعثات التعليمية إلى الانفتاح على بعض الأفكار والتيارات السياسية التي كانت تعتمل فيه، وفى مقدمتها الفكرة القومية، ومن ناحية رابعة، بدت أن هناك درجة معقولة من التبادل التجاري وانتقال الأشخاص لا سيما بين دول المشرق العربي على نحو بدا وكأنه يوفر الأساس المادي للوحدة إضافة إلى الأساس الروحي والثقافي المبدئي .
- على المستوى الإقليمي: ساعدت التطورات التي كانت تجتازها دول الجوار وهى بالأساس تركيا وإيران على شغلها بنفسها وصرفها عن محاولة إجهاض مساعي العرب إلى الوحدة. أما تركيا فقد كانت هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ومخاوفها من قيام نظام شيوعي على حدودها وبوادر تغيير علاقاتها وتحالفاتها من الشرق إلى الغرب أهم محددات أجندتها الداخلية والخارجية، وفى الوقت الذي تكفل فيه استيلاؤها على إقليم الأسكندرونة من سوريا وفشلها في اقتطاع الموصل من العراق بتعلية الجدران التي تفصلها عن محيطها العربي- الإسلامي وإكسابها سمكاً إضافياً، وأما إيران فكانت مكبلة بنظام متسلط وباستعمار غربي مسيطر على موارد الثروة فيها، وكانت مهددة بأكثر مما كانت تركيا بخطر الجار الشيوعي القوى الذي تحتفظ معه بحدود طويلة والذي لم يخف نواياه الاستعمارية لا في منافذها البحرية ولا في نفطها .
- على المستوى الدولي: تلت الحرب العالمية الثانية مرحلة انتقالية من مراحل تطور النظام الدولي، صرفت انتباه الولايات المتحدة إلى المناطق المجاورة للاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية والصين، فيما تركت المنطقة العربية، مؤقتاً، لتقع ضمن اهتمامات بريطانيا وفرنسا بخبرتيهما الطويلة في الشئون العربية، وفيما يخص بريطانيا تحديداً فمن المهم في تحليل موقفها من تأسيس الجامعة العربية توضيح حقيقتين بالغتي الأهمية:
الحقيقة الأولى: أنها لعبت بالفعل دوراً داعماً لتأسيس الجامعة العربية لأسباب مصلحية سيرد ذكرها .
الحقيقة الثانية: أن هذا الدور كان دوراً مكملاً أو مساعداً ولم يكن دوراً منشئا أو مبادرا، سواء لأنه لا توجد دولة ما كانت ومهما بلغت درجة هيمنتها السياسية في حقبة تاريخية معينة قادرة على نفخ الروح في فكرة من العدم، أو لأن السلوك السياسي البريطاني، وكلما اتضح لاحقاً كان سلوكاً معادياً لتطوير الآصرة العربية وساعياً إلى منافستها بأواصر مصطنعة أهمها الأواصر الشرق أوسطية . بقول آخر، لقد وجدت بريطانيا في الأربعينيات من القرن العشرين أن وجود أحد الأشكال المؤسسية التي تنتظم فيها الدول العربية المستقلة في حينه يخدم مصالحها من عدة وجوه أساسية:
- الأول: التعاطي مع أماني المنطقة تعاطياً جديداً تحسباً للمنافسات الدولية، والفرنسية منها بالأساس .
- الثاني: التجاوب مع المد الاستقلالي والتحرري الذي بدا أنه سيكون أحد معالم العلاقات الدولية بعد انتهاء الحرب .
- الثالث: وهو مرتبط بسابقه، الاعتبار بالانتفاضات التي حصلت ضدها، ومنها ثورة العراق أيام رشيد على الكيلانى، وحركات التمرد ضدها في مصر .
- الرابع: حل قضية اليهود في فلسطين، توهما منها أن تأسيس دولة يهودية لا يمكن أن يتم إلا من خلال إطار عربي عام قادر على إعطاء التنازلات للصهاينة وموحد لكلمة العرب ومنسقها في هذا الشأن. والخامس الاستفادة من خبرة الحرب العالمية الثانية التي أكدت الطبيعة الواحدة اقتصاديا واستراتيجيا للمنطقة العربية كمنطقة تزخر باحتياطي نفطي ضخم يجاور ثلثي الاحتياطي العالمي المعروف آنذاك وكمعبر لأحد أهم المجارى المائية الدولية- قناة السويس- ، وكحلقة وصل بين الشرق والغرب، وبالتالي الشعور بالحاجة للتعامل مع هذه الحقيقة بما يلائمها .
وفى هذا السياق جاء إلقاء انتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا خطابا في 29/5/1941 ذكر فيه "إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً، وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأي خطة تلقى موافقة عامة". وبعد أقل من عامين من هذا التاريخ وتحديداً في 24/2/1943 عاد إيدن يصرح في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية " تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمى إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية " .
- ثانيا: الخطوات التنفيذية :
استثماراً للعوامل الذاتية المبررة للوحدة وللظروف الإقليمية والدولية المواتية، بدأت الخطوات التنفيذية لوضع هدف الوحدة موضع التنفيذ، فلقد أخذ رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس بزمام المبادرة بعد عام تقريباً من خطاب أنتوني إيدن، ودعا كلا من رئيس الوزراء السوري جميل مردم ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخورى للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة "إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لها". وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح ثم عاد بعد نحو شهر من تصريح إيدن أمام مجلس العموم، ليؤكد استعداد الحكومة المصرية لاستطلاع آراء الحكومات العربية في موضوع الوحدة وعقد مؤتمر لمناقشته وهى الفكرة التي أثنى عليها حاكم الأردن في حينه الأمير عبد الله. وعلى أثر ذلك بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر، أسفرت المشاورات عن تبلور اتجاهين رئيسيين بخصوص موضوع الوحدة :
الاتجاه الأول: يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة الإقليمية الفرعية أو الجهوية وقوامها سوريا الكبرى أو الهلال الخصيب .
الاتجاه الثاني: يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة يظلل عموم الدول العربية المستقلة وإن تضمن هذا الاتجاه بدوره رأيين فرعيين أحدهما يدعو لوحدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية والآخر يطالب بصيغة وسط تحقق التعاون والتنسيق في سائر المجالات وتحافظ في الوقت نفسه على استقلال الدول وسيادتها .
وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن بصفة مراقب في الفترة 25/9 إلى 7/10/1944 رجحت الاتجاه الداعي إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها، كما استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لهذه الوحدة ب " جامعة الدول العربية " وآثرته على مسمى "التحالف" و"الاتحاد" كون الأول يشير إلى علاقة عارضة والثاني يعبر عن علاقة تجب الاختصاصات المتفق على تحويلها للمنظمة العربية الناشئة .
على ضوء ذلك تم التوصل إلى بروتوكول الإسكندرية الذي صار أول وثيقة تخص الجامعة والذي نص على المبادئ الآتية:
o قيام جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة التي تقبل الانضمام إليها ويكون لها مجلس تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة .
o مهمة مجلس الجامعة هي: مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء فيما بينها من اتفاقيات وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقات للتعاون فيما بينها وصيانة استقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل السياسية الممكنة، والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربية .
o قرارات المجلس ملزمة لمن يقبلها فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولتين من أعضاء الجامعة ويلجأ الطرفان إلى المجلس لفض النزاع بينهما. ففي هذه الأحوال تكون قرارات المجلس ملزمة ونافذة .
o لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة كما لا يجوز إتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أية دولة من دولها .
o يجوز لكل دولة من الدول الأعضاء بالجامعة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها اتفاقات خاصة لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام وروحها .
o وأخيراً الاعتراف بسيادة واستقلال الدول المنظمة إلى الجماعة بحدودها القائمة فعلاً .
o كما اشتمل البروتوكول على قرار خاص بضرورة احترام استقلال لبنان وسيادته، وعلى قرار آخر باعتبار فلسطين ركناً هاماً من أركان البلاد العربية وحقوق العرب فيها لا يمكن المساس بها من غير إضرار بالسلم والاستقلال في العالم العربي، ويجب على الدول العربية تأييد قضية عرب فلسطين بالعمل على تحقيق أمانيهم المشروعة وصون حقوقهم العادلة .
o وأخيراً نص في البروتوكول على أن ( تشكل فوراً لجنة فرعية سياسية من أعضاء اللجنة التحضيرية المذكورة للقيام بإعداد مشروع لنظام مجلس الجامعة، ولبحث المسائل السياسية التي يمكن إبرام اتفاقيات فيها بين الدول العربية ) .
ووقع على هذا البروتوكول رؤساء الوفود المشاركة في اللجنة التحضيرية وذلك في 7/10/1944 باستثناء السعودية واليمن اللتين وقعتاه في 3/1/1945، 5/2/1945 على التوالي بعد أن تم رفعه إلى كل من الملك عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد .
- الميثاق:
ولقد مثل هذه البروتوكول الوثيقة الرئيسية التي وضع على أساسها ميثاق جامعة الدول العربية وشارك في إعداد الميثاق كل من اللجنة السياسية الفرعية التي أوصى بروتوكول الإسكندرية بتشكيلها ومندوبي الدول العربية الموقعين على بروتوكول الإسكندرية، مضافاً إليهم مندوب عام كل من السعودية واليمن وحضر مندوب الأحزاب الفلسطينية كمراقب. وبعد اكتمال مشروع الميثاق كنتاج لستة عشر اجتماعا عقدتها الأطراف المذكورة بمقر وزارة الخارجية المصرية في الفترة بين 17/2 ، 3/3/1945 أقر الميثاق بقصر الزعفران بالقاهرة في 19/3/1945 بعد إدخال بعض التنقيحات عليه .
تألف ميثاق الجامعة من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة :
الملحق الأول: خاص بفلسطين وتضمن اختيار مجلس الجامعة مندوباً عنها عن فلسطين للمشاركة في أعماله لحين حصولها على الاستقلال .
المحلق الثاني: خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالي غير المشتركة في مجلس الجامعة .
الملحق الثالث والأخير: فهو خاص بتعيين السيد عبد الرحمن عزام الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين، وأشارت الديباجة إلى أن الدول ذات الصلة وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق صالح عموم البلاد العربية، فئة الحكام التنظيمية والإجرائية الخاصة بالعضوية، ومجلس الجامعة واللجان الدائمة والميزانية، ومقر الجامعة وأمانتها العامة، والامتيازات الدبلوماسية والانسحاب من الجامعة أو الفصل منها، وتعديل الميثاق، وأخيراً إجراءات التصديق عليه وفئة الأحكام الموضوعية الخاصة بالتزامات الدول الأعضاء قبل بعضها البعض، والتي شملت احترام كل دولة لنظام الحكم في الدول الأخرى وحل منازعاتها بالطرق السلمية وتنسيق سياساتها الخارجية بما لا يضر بمصالح أي منها والتعاون في رد الاعتداء عن أي من دول الجامعة والتعاون في مختلف الشئون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وبالفعل شكل المجلس لجنة لهذا الغرض عرضت مشروعاتها عليه فتولى إقرارها بعد تعديل ما رآه مناسباً. وفى 22/3/1945 تم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية من قبل مندوبي الدول العربية عدا السعودية واليمن اللتين وقعتا على الميثاق في وقت لاحق. وحضر جلسة التوقيع ممثل الأحزاب الفلسطينية وأصبح يوم 22 مارس من كل عام هو يوم الاحتفال بالعيد السنوي لجامعة الدول العربية .
- ومن واقع تحليل ميثاق جامعة الدول العربية والمبادئ التي اشتمل عليها يمكن تسجيل الملاحظات الثلاث الآتية:
- الأولى: أن الميثاق جاء توفيقا بين الاتجاهين القطري والقومي مما انعكس على اعتبار الجامعة منظمة تقوم على التعاون الاختياري بين الدول الأعضاء فيها على أساس قاعدتي المساواة والاحترام المتبادل للاستقلال، كما انعكس على وضعها كمنظمة بين الحكومات وليست سلطة فوقية تعلوها .
- الثانية: أن الميثاق جسد حالة من التوافق السياسي والرضاء العام بمعنى أن الجامعة لم تنشأ من خلال قيام قوة إقليمية مسيطرة بفرض إرادتها على الآخرين بل جاءت ثمرة لمجموعة من التوازنات بين الأطراف المعنية.
- الثالثة: أن مبدئي السيادة والمساواة رتبا الأخذ بقاعدة الإجماع في التصويت واختيارية نظام الأمن المشترك وحل المنازعات بالطرق السليمة، ومثل هذا الرضاء العام كأساس لبناء المنظمة كانت له إيجابية كما كانت له سلبياته . أما أنه كان عاملا إيجابيا فلأنه حافظ على تماسك النظام وضمن له مرونته وحال دون انفراد دولة واحدة أو عدد محدود من الدول بالسيطرة على الجامعة . وأما أن له سلبياته فلأن قاعدة الإجماع أدت أحيانا إلى قدر من الجمود والشكلية في الأداء بحيث تحركت الجامعة بفعالية حيثما توفر الإجماع لقراراتهما والعكس صحيح .
2- التطور:
بدأ السعي لتطوير الجامعة منذ تأسيسها الذي مثل حلا توفيقياً على ما تقدم بين الرابطتين القومية والقطرية، وساعد على ذلك أن ميثاق جامعة الدول العربية لم يغلق الباب في وجه تعزيز الرابطة التي أنشأتها وجسدتها الجامعة، وأوجد في هذا السياق آلتين محتملتين للتطوير:
الأولى: آلية تعديل الميثاق ذاته وذلك بالإشارة في المادة 19 منه إلى جواز تعديله بأغلبية الثلثين لجعل الروابط بين الدول الأعضاء أمتن وأوثق وكذلك لإنشاء محكمة عدل عربية . الثانية: آلية توثيق الروابط التي أوجدتها بين دولتين أو أكثر من دولها .
على ضوء ذلك شهد الواقع العربي محاولات لاختبار الآليتين السابق الإشارة إليهما في عدة مجالات منها المجال السياسي والمجالان الاقتصادي والإستراتيجي والمجال القانوني والمجال الإداري .
o سياسيا:
لوحظ مع بدء اجتماعات مجلس الجامعة عدم وجود لجنة تضطلع بالنظر في الشئون السياسية التي تعد مجالا من مجالات أنشطة الجامعة حيث خلت المادة الثانية من الميثاق في ذكرها اللجان الدائمة الست من لجنة تختص بالقضايا السياسية . وعلى حين فسر البعض إشارة الميثاق للجان الست الدائمة على أنها إشارة حصرية، ذهب آخرون إلى أنها وردت كنماذج وكان رجحان الرأي الأخير هو السند القانوني لتأسيس لجان أخرى منها اللجنة القانونية واللجنة الدائمة للإعلام ولجنة الشئون الإدارية والمالية فضلا عن اللجنة السياسية نفسها .
تشكلت اللجنة السياسية في 30/11/1946 مع احتدام الصراع الدائر في فلسطين مع قوى الصهيونية وبروز الحاجة إلى تفعيل المشاورات السياسية بين الدول الأعضاء والتنسيق بين مواقفها في هذا الصدد وعلى حين نص قرار التشكيل على أن تكون العضوية في اللجنة على مستوى وزراء الخارجية فإنه بعد خمس سنوات من عمل اللجنة أي في عام 1951 أصدر مجلس الجامعة قرارا بفتح العضوية لرؤساء الحكومات ورؤساء وفود الدول لدى الجامعة حسب مقتضى الحال . وكان أهم ما أنجزته اللجنة من أعمال: بلورة معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، والإعداد لجدول أعمال القمم العربية ورفع تقاريرها إلى اجتماعات تلك القمم، وهو ما تحقق بالفعل في القمم الخمس الأولى فضلا عن تنسيق المواقف العربية من بعض القضايا الدولية .
على صعيد آخر، منذ انعقدت أول قمة عربية في القاهرة عام 1964 على خلفية قيام إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن، واتخاذها قرارا بدورية انعقاد القمم العربية سنويا، وهذا المطلب يمثل مطلبا عربيا متكررا خاصة مع تنامي الدور الذي باتت تلعبه مؤسسة القمة على مستوى النظام العربي وتعدد أبعاد هذا الدور وتشعبها، وذلك بدءا من محاولات القمة إنشاء مؤسسات سواء نص عليها الميثاق أو لم ينص من قبيل محكمة العدل العربية وآلية لتسوية المنازعات بين الدول العربية والوقاية منها .
ومعالجة فكرة الاتحاد العربي التي قدمتها ليبيا مروراً بسعيها إلى تعديل ميثاق جامعة الدول العربية وإدراجه لأول مرة على جدول أعمال قمة الرباط عام 1974 ثم توالت مناقشته في عدة مؤتمرات لاحقة، والحديث عن تطوير الجامعة تحديدا من المنظور الهيكلي أو الإداري والمنصب بالأساس على الأمانة العامة، وانتهاء بإثارتها موضوع تطوير المنظمات العربية المتخصصة في قمة عمان عام 1987 وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي على أثر ذلك بتقليص عدد المنظمات القائمة بدمج بعضها وظيفيا، بحيث لم يحتفظ بكيانه من المنظمات العربية المتخصصة سوى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة العربية للتنمية الإدارية ومنظمة العمل العربية .
وبعد ستة وثلاثين عاما من قرار أول قمة عربية بدورية الانعقاد اتخذت قمة القاهرة المنعقدة في أكتوبر عام 2000 قرارا ينص على إقرار هذا المبدأ وإدراجه في ملف مكمل للميثاق . وكان نص القرار هو التالي: "يقرر القادة العرب وهم يلتقون في هذه المرحلة الدقيقة اعتماد الآلية الخاصة بالانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية والتي وافق عليها مجلس جامعة الدول العربية في دورته الأخيرة 114 وأقر صيغتها النهائية اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لهذه القمة .
ويعبر القادة العرب عن ثقتهم في أن الانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية سوف يسهم في دعم العمل العربي المشترك في كافة المجالات لا سيما المجال الاقتصادي.." وكما يلاحظ فإنه مثلما كانت القضية المركزية أي قضية الصراع العربي - الإسرائيلي هي المحرك لعقد أول قمة عربية لمواجهة الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية، فإنها كانت هي الداعي لمأسسة القمة واعتماد دوريتها على أثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 28 سبتمبر 2000 وتصاعد سياسات القمع الإسرائيلي بشكل غير مسبوق في محاولة لإخمادها .
o اقتصاديا واستراتيجيا:
ربط فيما بين المجالين الاقتصادي والاستراتيجي ( أو الأمني ) من خلال معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي التي وقعت في عام 1950، وهو ما يمثل إدراكا مبكرا لتعدد أبعاد الأمن وتجاوزها البعد الحمائى أو العسكري .
فمن ناحية، نصت المعاهدة في مادتها السادسة على تكوين مجلس للدفاع المشترك يستطيع اتخاذ قرارات ملزمة لجميع الأعضاء بأغلبية الثلثين مما عد في حينه نقلة نوعية تعالج النقطة الخاصة باشتراط الإجماع في قرارات الجامعة، وعدم إلزام القرارات التي تتخذ بالأغلبية لغير الموافقين عليها .
وفى واقع الأمر فلقد تضافرت جملة من العوامل الإقليمية والدولية التي يسرت اتخاذ هذه الخطوة المتقدمة في إطار تطوير الجامعة إقليميا:
- كان هناك العدوان الفرنسي على سوريا ولبنان عام 1945 وغياب آلية عربية للتعامل معه على نحو ألجأ الدول العربية لرفع الموضوع إلى الأمم المتحدة .
-كانت هناك حاجة للتكتل العربي في مواجهة الخطر الاسرائيلى بعد قيام الدولة اليهودية عام 1948 .
- ومما له صلة بهذا الموضوع أن سوريا كانت قد تقدمت باقتراح لعقد معاهدة تحالف سياسي عسكري بين دول الجامعة عام 1948، وأحيل اقتراحها للجنة السياسية التي شكلت بدورها لجنة خاصة عرفت باسم لجنة " التضامن الجماعي " تلقت أفكارا ومشروعات من كل من لبنان ومصر والعراق وسوريا، وكان إبرام المعاهدة من ثمارها.
- دوليا: برز اتجاه عربي عبرت عنه الولايات المتحدة بالاشتراك مع كل من فرنسا وبريطانيا في " الإعلان الثلاثي" كان هدفه إخضاع أولويات الصراع العربي- الاسرائيلى لأولويات الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي من خلال إدماج إسرائيل مع الدول العربية في نظام دفاعي شرق أوسطى عرف باسم منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط، وبالتالي كان لابد من مواجهة هذه الضغوط عبر بلورة هوية قومية إستراتيجية للدول العربية يظللها ويحتويها نظام قومي له سنده الأمني مما يميزها عن" الآخر ": الاقليمى.
وفى السياق نفسه أثيرت قضية التأسي بميثاق الأمم المتحدة بتركيزه على مفهوم الأمن الجماعي عبر المواد 52 ،53 ، 54 التي تندرج في الفصل الثاني الخاص بالمنظمات الإقليمية .
وبالفعل جاءت معاهدة الدفاع المشترك معبرة عن الحرص على تعزيز الأمن الجماعي، من خلال نصها على فض جميع منازعات أطرافها فيما بينهم وفى علاقاتهم مع الدول الأخرى بالطرق السلمية، وعلى عدم جواز دخول هذه الأطراف في أي اتفاقيات دولية تناقض المعاهدة، ولا سلوكها مع سواها من الدول مسلكا يتنافى مع أغراض المعاهدة ، وكما يلاحظ فان هذه المبادئ تمثل إضافة للميثاق وإغناء له بوضع تصور لآليات تمتين الأمن القومي العربي .
وكما تقدم فإن المعاهدة المشار إليها أنشأت أربعة أجهزة في مجال الأمن الجماعي، هي:
o مجلس الدفاع المشترك :من وزراء الخارجية والدفاع في الدول المتعاقدة، أو من ينوبون عنهم .
o اللجنة العسكرية: من ممثلي هيئة أركان جيوش الدول المتعاقدة لتنسيق خطط الدفاع المشترك .
o الهيئة الاستشارية العسكرية: من رؤساء أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة للإشراف على اللجنة العسكرية الموحدة برئاسة الدولة التي تكون قواتها المشتركة أكثر عتادا ورجالا، ما لم توافق حكومات الدول العربية بالإجماع على اختيار دولة أخرى
o ومن ناحية أخرى، تطرقت المعاهدة إلى الجانب الاقتصادي، ودعت في إطار ذلك إلى توثيق العلاقات الاقتصادية العربية وإلى تقنينها، وتبنت من تلك الزاوية فكرة تأسيس "مجلس اقتصادي" يكون له دور استشاري من خلال تقديم مقترحاته لحكومات الدول العربية حول ما يراه كفيلا بتعزيز التعاون الاقتصادي العربي، وجدير بالذكر أن هذا الجانب الاقتصادي من جوانب العمل العربي المشترك مثل اهتماما رئيسيا من اهتمامات جامعة الدول العربية منذ تأسيسها عبر عنه قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي ذي الصلة بخصوص اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري العربي في عام 1953، وتوجه إبرام اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1957، ثم صدور قرار إنشاء السوق العربية المشتركة في عام 1964 .
إلا أن أهمية العمل الاقتصادي العربي المشترك ما لبثت أن تزايدت، بل يمكن القول أنها مثلت رافعة للعمل العربي المشترك في فترات تأزم العلاقات السياسية العربية، حدث هذا عندما أصيب النظام العربي بصدع من جراء الخلاف المصري- العربي حول سياسات التسوية مع إسرائيل اعتبارا من عام 1977 حيث انعقدت قمة عمان في عام 1980 التي تبنت مبدأ التخطيط القومي في توجيه العمل العربي المشترك وفى تطويره، وأقرت الوثائق المتعلقة بإستراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك، وميثاق العمل القومي الاقتصادي، ومشروع عقد التنمية المشتركة والاتفاقية الموحدة للاستثمار .
وتكرر ذلك بعد كارثة الخليج الثانية عندما اتخذت أول قمة تعقد بالقاهرة بعد ست سنوات من تاريخ الغزو أي في عام 1996 قرارا بتكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالإسراع بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. وقام المجلس بالفعل بوضع برنامج تنفيذي لإنشاء المنطقة على مدار عشر سنوات تبدأ في 1/1/1998 . كما أطلق على قمة عمان في عام 2001 - وهى أول قمة دورية تنعقد إعمالا لقرار قمة القاهرة في عام 2000- وصف " القمة الاقتصادية" وتبنت هذه القمة المبادرة المصرية الخاصة بعقد أول مؤتمر اقتصادي عربي بالقاهرة في نوفمبر 2001 تحت شعار" الارتقاء بأداء الاقتصاديات العربية " .
o قانونيا:
يعبر المشروع الخاص بتشكيل محكمة عدل عربية عن أبرز جهود التطوير المؤسسي للجامعة العربية على المستوى القانوني. وكان ميثاق الجامعة قد نص - على ما تقدم - على جواز تعديله في حالات ثلاث، إحداها تأسيس محكمة عدل عربية . وهى نقطة بالغة الأهمية بالنظر إلى أن قيام هذه المحكمة يعالج أحد جوانب القصور الخاصة بوسائل تسوية المنازعات وفى هذا السياق، اتخذت قمة الإسكندرية في عام 1964 قرارا بإنشاء المحكمة.
وبعد ستة عشر عاما وتحديدا في عام 1980 قرر مجلس الجامعة تشكيل لجنة لوضع النظام الاساسى للمحكمة . وبالفعل أتمت اللجنة مهمتها في عام 1982، لكن دون أن تحدد مجالات الولاية الإلزامية للمحكمة وبالتالي ونزولا على قرار قمة فاس في عام 1982 تشكلت لجنة أخرى قامت بإعداد مشروع عرض على مجلس الجامعة بعد فترة طويلة، وتحديدا في عام 1994 .
وفى عام 1995 تم تحويل المشروع إلى اللجنة القانونية الدائمة التي انكبت على صياغة مشروع متكامل، تلك أهم عناصره الأساسية:
- تتشكل المحكمة من سبعة قضاة بالانتخاب السري لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، مع تغيير ثلاثة منهم يتم تحديدهم عن طريق القرعة كل ثلاثة أعوام .
- تختص المحكمة بالفصل في المنازعات التي تحيلها لها أطرافها، أو تنص على إحالتها لها اتفاقيات ثنائية أو متعددة، أو تصرح الدول بولاية المحكمة عليها دون حاجة لاتفاق خاص
- تحكم المحكمة وفق مبادئ ميثاق الجامعة العربية وبمقتضى قواعد القانون الدولي، كما تراعى المصادر الأخرى بموافقة الأطراف، وينتظر المشروع إقرار الدول الأعضاء بنوده حتى يصبح ساري المفعول .
ومما له صلة بقضية تسوية المنازعات بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، تجدر الإشارة إلى مشروع أخر من مشروعات التطوير . وذلك هو الخاص بإنشاء آلية للوقاية من المنازعات وإدارتها وتسويتها. وقد تقدمت تونس بهذا المشروع في الدورة رقم 104 لمجلس الجامعة التي انعقدت بين 20 و21/9/1995، وعبرت بذلك عن الاقتراح ذي الصلة الذي تبنته دول اتحاد المغرب العربي. وقد صادق مجلس الجامعة على المشروع في 21/9/1995 وكلف لجنة متخصصة بصياغته في شكله النهائي، وبموجب هذه الصياغة تقرر ما يلي:
- يشكل جهاز مركزي ليكون بمثابة الهيكل الاساسى المناط به تسيير آلية توقع المنازعات، ويتكون من خمسة ممثلين للدول الأعضاء على مستوى وزراء الخارجية، وأمين عام الجامعة، ويرأسه وزير خارجية الدولة التي تترأس الدورة العادية لمجلس الجامعة .
-تساعد الجهاز هياكل أخرى سواء في جمع المعلومات أو في تنفيذ القرارات. وهذه الهياكل هي: ( بنك المعلومات، نظام الإنذار المبكر، لجنة الحكماء، صندوق جامعة الدول العربية للسلام ) .
-تتولى هذه الآلية مهمة التدخل السريع للوقاية من أية منازعات بين الدول العربية، ثم تقوم في مراحل أخرى بإدارة هذه المنازعات وتسويتها بالوسائل السلمية. وفى حالة عدم التوصل للهدف السابق باستخدام إمكانيات الجامعة، تعمل الآلية بالتعاون مع الأمم المتحدة على تطويق النزاع والإشراف على عمليات حفظ السلام استنادا إلى الشرعية الدولية .
-تعتمد الآلية في عملها على مبادئ ميثاق الجامعة، ومعاهدة الدفاع المشترك، وميثاق الأمم المتحدة .
o إداريا:
ينصب الحديث عن التطوير الادارى للجامعة على تطوير وضع الأمانة العامة. ومن الملاحظ أن هذا البعد من أبعاد التطوير الهيكلي أو المؤسسي قد ارتبط بقضية تعديل الميثاق التي أدرجت على جدول أعمال عدد من القمم العربية، دون أن يعنى ذلك التطابق بين الجانبين. فلقد شكلت قمة الرباط في عام 1974 لجنة رباعية كلفت بإعداد تقرير عن تطوير الجامعة للعرض على مؤتمر القمة العربي الثامن. وطالبت قمة تونس في عام 1979 بالعمل على إعادة بناء أجهزة الجامعة على أسس جديدة تكفل الفعالية والقدرة على التحرك .
وأشارت قمة الدار البيضاء في عام 1989 في بيانها الختامي إلى ضرورة تطوير التنظيم الادارى والهيكلي للجامعة. وأخير جاءت قمة عمان في عام 2001 لتكلف الأمين العام السيد عمرو موسى باتخاذ الخطوات اللازمة، واقتراح الصيغ المناسبة لإصلاح أوضاع الأمانة العامة للجامعة من جميع النواحي المالية والإدارية والتنظيمية، من أجل إعادة هيكلتها، والارتقاء بأساليب عملها وأدائها وتمكينها من الاضطلاع بالمتطلبات القومية، ومواكبة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية .
ومما لا شك فيه أن تطوير جهاز الأمانة العامة الذي يعكف عليه الأمين العام الجديد حاليا ليس مطلوبا لذاته، إنما هو مطلوب كمدخل لتفعيل أداء الأمانة العامة لمهام حيوية تنتظرها كما أنه وهذا هو الأهم يمثل خطوة أولى لا غنى عنها لتطوير الجامعة العربية ذاتها كمنظمة تجسد الرابطة العربية، وهى خطوة يعزز الأمل فيها وفى الهدف المرجو منها محورية دور الأمين العام في إطار الجامعة على مدار تاريخها 3- أهدافها ومبادئها:
- الأهداف:
بإمكاننا أن نستخلص أهداف الجامعة العربية من بنود الميثاق المختلفة، والقصد بالأهداف هو الأغراض التي وجدت الجامعة العربية من أجل تحقيقها. ويمكن القول بصفة عامة أن الجامعة، كما نص الميثاق، وكمل اتفق عليه مؤسسوها وجدت للدفاع عن مصالح الدول الأعضاء من ناحية، وعن مصالح المجتمع العربي من ناحية أخري .
فالجامعة العربية هي الجهة المعنية بتوثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية تحقيقا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربية ومصالحها، ونستطيع إجمال أهداف الجامعة العربية علي النحو التالي:
o صيانة استقلال الدول الأعضاء .
o المحافظة علي السلام والأمن العربي .
o التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية .
o تحقيق التعاون العربي في المسائل السياسية.
o تحقيق التعاون العربي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
o النظر في مصالح المجتمع العربي .
- المبادئ:
جاءت مبادئ جامعة الدول العربية تعبيرا عن الأجواء التي كانت سائدة عام 1945 والتي سيطرت فيها العوامل الانفصالية وتغلبت علي الطموحات الوحدوية، لهذا لم يتمكن ميثاق الجامعة العربية من إعادة إحياء السيادة العربية الموحدة التي مزقها الاستعمار إلي عدد من السيادات المنفصلة .
ويمكن القول أن ميثاق الجامعة العربية جاء بعيدا عن تحقيق فكرة الوحدة العربية، فقد تمسك أعضاء الجامعة بسيادتهم و استقلالهم ورفضوا قيام أي اتحاد فيدرالي يتولي عن الدول الأعضاء ممارسة سيادتهم الخارجية، وجانبا من سيادتهم الداخلية .
ونستطيع أن نوجز المبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية علي الوجه التالي:
o مبدأ المساواة بين الدول الأعضاء .
o مبدأ المحافظة علي سيادة الدول الأعضاء .
o مبدأ عدم التدخل .
o مبدأ فض المنازعات بالطرق السلمية .
o مبدأ المساعدة المتبادلة .
4 – العضوية في الجامعة:
- شروطها:
أولا: أن تكون الدولة الراغبة في الانضمام دولة عربية .
ثانيا: أن تكون الدولة الراغبة في الانضمام دولة مستقلة .
ثالثا: موافقة مجلس الجامعة .
- إجراءات الانضمام: توجب عملية الانضمام إلي الجامعة العربية بان تتقدم الدولة العربية المستقلة التي ترغب في الانضمام إلي الجامعة، بطلب في هذا المعني إلي الأمين العام لجامعة الدول العربية، يتضمن قبولها لميثاق الجامعة العربية بدون قيد أو شرط والتزامها المغلق بما جاء في الميثاق وتعهدها بتنفيذه .
- عوارض العضوية :
قد يطرأ من الأسباب ما يؤدي إلي فقدان الدولة عضويتها في الجامعة، وقد عني الميثاق ببيان هذه الأسباب سوء كانت واقعة بإرادة الدولة كما لو كانت قررت الانسحاب من عضوية الجامعة، أو كان ذلك قد تم علي غير رغبة من الدولة كما في حالة فصل الدولة من عضوية الجامعة .
5- الهيكل:
تتكون جامعة الدول العربية من ثلاثة فروع رئيسية أنشئت بمقتضى نصوص الميثاق، وتلك هي مجلس الجامعة واللجان الدائمة، والأمانة العامة. هذا بخلاف الأجهزة التي أنشأتها معاهدة الدفاع العربي المشترك التي أبرمت في عام 1950، وهى الأجهزة التي سبقت الإشارة إليها، والأجهزة التي تم إنشاؤها بمقتضى قرارات صادرة عن مجلس جامعة الدول العربية من قبيل هيئة استغلال مياه نهر الأردن وروافده، ومركز التنمية الصناعية للدول العربية، ومعهد الغابات العربي.. الخ
كما أنشأت الجامعة أو شجعت على إنشاء منظمات متخصصة بهدف تجميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية على أسس فنية وتخليصها، بدرجة أو بأخرى، من التعقيدات السياسية. هذا بخلاف المجالس الوزارية المعنية بشئون الصحة والسياحة والأمن (الداخلية) وفيما يلي إشارة للأجهزة الثلاثة الرئيسية التي نص الميثاق على إنشائها:
- مجلس الجامعة :
يعد هذا المجلس هو أعلى سلطة داخل الجامعة، ويتألف من ممثلي جميع الدول الأعضاء بما فيهم ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، ويكون لكل منهم صوت واحد مهما بلغ عدد الممثلين، علما بأن من حق الدول الأعضاء أن تحدد مستوى التمثيل الذي قد يرقى إلى مستوى رؤسائها أو يقل عنه، دون أن يغير ذلك من طبيعة المجلس .
ويختص المجلس بحسب المادة الثالثة من الميثاق بتحقيق الأغراض الآتية:
- مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء من اتفاقيات في مختلف المجالات .
- اتخاذ التدابير اللازمة لدفع العدوان الفعلي أو المحتمل الذي قد يقع على إحدى الدول الأعضاء .
- فض المنازعات بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية مثل الوساطة والتحكيم .
- تحديد وسائل التعاون مع الهيئات الدولية وبما يحفظ السلم والأمن الدوليين .
- تعيين الأمين العام للجامعة .
- تحديد أنصبة الدول الأعضاء في ميزانية الجامعة وإقرارها .
- وضع النظام الداخلي الخاص به، وباللجان الدائمة، وبالأمانة العامة .
- اللجان الدائمة:
ينص الميثاق في المادة الرابعة على تشكيل عدد من اللجان الدائمة المعنية بمختلف مجالات التعاون فيما بين الدول الأعضاء، وهى اللجان التي ظهرت فيما بعد إلى استحداث المزيد منها لمواجهة مستجدات العلاقات العربية- العربية كما كان الحال بالنسبة اللجنة السياسية التي أنشأتها الممارسة العملية ولم تنشأ بنص صريح من الميثاق، ويجرى التمثيل في كل من اللجان الدائمة بمندوب واحد عن كل دولة، ويكون له صوت واحد .
ويعين مجلس الجامعة رئيس كل لجنة لمدة عامين قابلين للتجديد، وتصدر قرارات اللجان بأغلبية أصوات الدول الأعضاء علما بأن اجتماعاتها لا تصح إلا بحضور أغلبية الدول الأعضاء منها وتتمتع هذه اللجان بحق تشكيل لجان فرعية تعنى بالشئون الفنية المتخصصة، كما يحق لها أن توصى بدعوة خبراء من الدول الأعضاء في الجامعة للاستفادة بخبراتهم عند الحاجة وفى مجال تقويم أداء هذه اللجان، يمكن الإشارة إلى دورها في إنجاز العديد من مشروعات الاتفاقيات التي أبرمتها الدول الأعضاء والتي تدخل فيها بخلاف اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، واتفاقية الاتحاد العربي، واتفاقية تسليم المجرمين وبروتوكول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية .
- الأمانة العامة:
تنظم المادة الثانية عشرة من الميثاق وضع الأمانة العامة للجامعة التي أشير إلى أن يتم تشكيلها من أمين عام وأمناء مساعدين وعدد من الموظفين، وأن مجلس الجامعة هو الذي يعين الأمين العام بأغلبية الثلثين ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، فيما يتولى الأمين العام - بموافقة المجلس- تعيين الأمناء المساعدين والموظفين الرئيسيين في الجامعة، ويحدد النظام الأساسي مهام الأمين العام على النحو التالي:
-المهام الإدارية والفنية: وتشمل متابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة ولجانها، وتحديد تاريخ دورات انعقاد مجلس الجامعة، وتوجيه الدعوة لعقد اجتماعات مجلس الجامعة واللجان الدائمة ، وتنظيم أعمال السكرتارية ذات الصلة، وإعداد ميزانية الجامعة .
-المهام السياسية: وتتضمن حق حضور اجتماعات مجلس الجامعة والمشاركة في مناقشة الموضوعات المعروضة عليه، وحق تقديم تقارير أو بيانات شفوية ومكتوبة عن أية مسألة يبحثها المجلس، وحق توجيه نظر المجلس أو الدول الأعضاء في الجامعة إلى مسألة يقدر الأمين العام أهميتها، وحق تمثيل الجامعة لدى المنظمات الدولية، وحق التحدث باسم الجامعة والتوجه للرأي العام بالبيانات اللازمة .
والجدير بالذكر أن الشق السياسي من عمل الأمين العام قد تطور تطورا كبيرا مع اتساع أنشطة الجامعة وتعدد أبعاد تلك الأنشطة ومجالاتها .
أمناء الجامعة: بحسب المادة الثانية عشر من ميثاق جامعة الدول العربية، يتم تعين أمين عام للجامعة بموافقة ثلثي أعضائها. وهو الممثل الرسمي للجامعة في جميع المحافل الدولية .
ومنذ إنشاء جامعة الدول العربية في مارس 1945 تعاقب على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ستة أمناء هم السادة :
o عبد الرحمن عزام( ): (1945 – 1952 ) .
o محمد عبد الخالق حسونة( ): (1952 – 1971 ) .
o محمود رياض ( ): (1971 – 1979) .
o الشاذلي القليبي ( ): ( 1979 – 1990) .
o أحمد عصمت عبد المجيد( ) : ( 1990 – 2001 ) .
o عمرو موسي( ) : ( 2001 - الآن) .
- المجالس الوزارية المتخصصة:
o مجلس وزراء الإعلام العرب .
o مجلس وزراء الداخلية العرب .
o مجلس وزراء العدل العرب .
o مجلس وزراء الإسكان العرب .
o مجلس وزراء النقل العرب .
o مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة .
o مجلس وزراء الاتصالات العرب .
o مجلس الوزراء العرب المعنيين بشئون الكهرباء .
o المجلس الوزاري العربي للسياحة .
o مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب .
o مجلس وزراء الشباب و الرياضة العرب .
o مجلس وزراء الصحة العرب .
القمة العربية:
دون خوض في الجدل الفقهي المتعلق بالتكييف القانوني لمؤتمرات القمة العربية، وما إذا كانت تعد جهازا جديدا من أجهزة الجامعة تم استحداثه بتعديل ضمني للميثاق علي ما ذهب البعض، أم أنها مجرد اجتماع لمجلس الجامعة علي مستوي القمة علي ما ذهب آخرون، فإن القمة العربية كانت، لاسيما مع اعتماد مبدأ الدورية في انعقادها، مطلبا ملحا من مطالب المنادين بتعديل الميثاق ووجوب إصلاح الجامعة العربية .
وهذه هي أمثلة من القمم التي تم عقدها من (1946 – 1981):
o قمة أنشاص: 28 – 5 – 1946 : جمهورية مصر العربية .
o قمة بيروت: 13 – 11 – 1956 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي الأول: 13 – 1- 1964 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي الثاني: 5 – 9 - 1964 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي الثالث : 13 – 9 – 1965: المملكة المغربية .
o مؤتمر القمة العربي الرابع: 29 – 8 – 1967 :جمهورية السودان .
o مؤتمر القمة العربي الخامس27 – 9 – 1970 :المملكة المغربية .
o مؤتمر القمة غير العادي 26 – 11 – 1973: جمهورية مصر العربية
o مؤتمر القمة العربي السادس26 – 11 – 1974 :الجمهورية الجزائرية .
o مؤتمر القمة العربي السابع16 – 8 – 1976 :المملكة المغربية .
o مؤتمر القمة السداسي25 – 10 – 1976 :المملكة العربية السعودية .
o مؤتمر القمة العربي الثامن12 – 11 – 1978 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي التاسع20 – 11 – 1979 :جمهورية العراق .
o مؤتمر القمة العربي العاشر22 – 11- 1981 :الجمهورية التونسية .
5- الدور:
أولا: لابد من التعرض لاختصاصات جامعة الدول العربية:
ترتبط اختصاصات جامعة الدول العربية - بداهة - بالأهداف التي قامت من أجل تحقيقها، يؤدي استقراء نصوص ميثاق الجامعة وما يرتبط به من وثائق إلي استخلاص عدد من الاختصاصات المخولة للجامعة والتي يمكن حصره في:
o حل المنازعات بالطرق السلمية( الوساطة – التحكيم ) .
o قمع العدوان الواقع علي أية دولة من الدول الأعضاء في الجامعة .
o تحقيق التعاون العربي .
o تحقيق التعاون مع المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية الأخرى .
- ثانيا: تمكنت جامعة الدول العربية على امتداد تاريخها من القيام بأدوار أربعة رئيسية يمكن الإشارة إليها بإيجاز على النحو التالي:
أ- الإسهام في حصول الدول العربية على استقلالها، حيث برز دور الجامعة على سبيل المثال في مجال دعم جهود التحرر في دول مثل الجزائر، وسلطنة عمان، واليمن الجنوبي قبل وحدة شطري اليمن، والسودان، ومثل هذا الدور كان هو السبب المباشر في اتساع حجم عضوية الجامعة على ما تقدم، لتشمل اثنتين وعشرين دولة عربية على حين لم يتعد عدد الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي سبع دول .
ب- المشاركة في تسوية بعض المنازعات العربية - العربية، ومن نماذجها النزاع المصري - السوداني عام 1958، والمغربي - الجزائري عام 1963، واليمنى - اليمنى عام 1987. ويلاحظ أن قدرة الجامعة في هذا المجال قد ارتبطت بدرجة قبول الأطراف المتنازعة لدورها، وهى نقطة تبدو أهميتها على ضوء ما هو معروف من كون سلطة الجامعة لا تعلو فوق سلطات الأعضاء، كما أنشأت الجامعة قوة أمن مؤقتة بمناسبة النزاع الكويتي - العراقي عام 1961، وطورت دبلوماسية مؤتمرات القمة العربية .
ج- تشجيع التعاون العربي- العربي عبر مجموعة المنظمات المتخصصة التي تشكلت على مختلف المستويات داخل إطار الجامعة وخارجه، ففي إطار الجامعة، تم إنشاء منظمات اتسع نشاطها ليشمل مسائل العمالة، التنمية الاقتصادية، الاجتماعية، الشئون العلمية والثقافية، ووسائل الاتصال والإعلام، ولقد نهضت بعض المنظمات مثل منظمة العمل العربية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، واتحاد إذاعات الدول العربية، والاتحاد العربي للمواصلات السلكية واللاسلكية، بالتعبير عن تلك الاهتمامات والنشاطات كافة. وخارج إطار الجامعة نشط العمل النقابي العربي بجهد لا يغفل من الجامعة وبتنسيق مستمر بين أجهزتها، ومن هنا جاء قيام اتحادات المحامين والأطباء والصحفيين والحقوقيين والعمال العرب...الخ .
د- تمثيل الدول العربية في مختلف المحافل والمنظمات الدولية: مثل الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة ومنظمة الوحدة الأفريقية، والتعاون مع هذه الأخيرة على تكوين طائفة من المؤسسات المشتركة مثل المصرف العربي للتنمية في أفريقيا، والصندوق العربي للقروض، هذا إلى جانب دور الجامعة العربية كطرف في الحوار مع أوروبا في حقبة السبعينيات .
- أبعاد الدور المصري ومستقبله:
بالنظر إلي الدور المصري في الجامعة يمكننا أن نوجز بعض الملاحظات بصدد ذلك الدور:
o إن هناك حدودا لتأثير الدور المصري، فبالرغم مما قامت به مصر من جهود في سبيل إنشاء الجامعة و بالرغم ما وفرته لإنجاح ذلك جاء ميثاق جامعة الدول العربية أضعف مما اقترحته مصر نظرا لتحفظ ومعارضة بعض الدول العربية لأنه يتضمن نصوصا أكثر إلزاما للدول العربية، ولرغبة مصر في إنجاح مبادئها في العمل علي التوصل إلي صيغة مناسبة للتعاون بين البلاد العربية يتحقق الإجماع عليها .
o من العوامل التي تحدد أبعاد تأثير الدور المصري في جامعة الدول العربية ما يلي:
طبيعة الجامعة كمنظمة إقليمية قائمة علي التعاون الاختياري بين دولها الأعضاء وتأخذ بقاعدة الإجماع في التصويت في مجلس الجامعة، وبذلك فغن الدول لا تلتزم إلا بما توافق عليه مما يضع قيدا علي إمكانيات تأثير الدور المصري .
مدي الاتفاق أو الخلاف بين موقف مصر وموقف الدول العربية الآخري في قضية معينة .
o وفرت مصر للجامعة كل إمكانيات النمو منذ بداية إنشائها، فقد ساهمت بأكبر نصيب في ميزانيتها وهو 42 % .
o يرجع إلي مصر فضل محاولة تقوية أسلوب العمل من خلال الجامعة وذلك عن طريق الدعوة إلي رفع مستوي تمثيل الدول الأعضاء في بعض الأحيان وتم ذلك من خلال اللجوء إلي سياسة مؤتمرات القمة العربية التي حاولت مصر من خلالها جعل الدول العربية تتخذ مواقف تلتزم بها في إطار الجامعة .
o كانت أكثر فترات القوة لتأثير الدور المصري في الجامعة – وللجامعة أيضا – هي تلك الفترات التي شهدت توافقا نسبيا بين مصر والدول العربية خاصة السعودية وسوريا .
o من الأسباب الرئيسية لضعف الجامعة الخلط الواضح من جانب الدول العربية بين مصر من جهة وجامعة الدول العربية من جهة أخري .
o وفرت الجامعة إطارا مناسبا لتنشيط العمل العربي المشترك بعد فترات التدهور أو الخلاف بين مصر والدول العربية الآخري، فقد كانت الجامعة الإطار الذي تتحرك من خلاله لتصفية خلافاتها مع الدول العربية في حالة تعذر ذلك من خلال الدبلوماسية الثنائية .
o إذا كانت مصر تملك مقومات الزعامة في المنطقة العربية بإمكانياتها المادية والبشرية وبموقعها بما لا يتوافر لأية دولة عربية آخري فإن ممارستها لدورها يكون أكثر سهولة في حالة التسليم به من جانب الدول العربية .
جامعة الدول العربية هي منظمة تضم دول في الشرق الأوسط وأفريقيا ويعتبر أعضائها دولا عربية، ينص ميثاقها على التنسيق بين الدول الأعضاء في الشؤون الاقتصادية، من ضمنها العلاقات التجارية، الاتصالات، العلاقات الثقافية، الجنسيات ووثائق وأذونات السفر والعلاقات الاجتماعية والصحة. المقر الدائم لجامعة الدول العربية هو مدينة القاهرة، مصر. وأمينها العام الحالي هو عمرو موسى .
1- النشأة:
أولا: السياق العام:
على الرغم من أن الدعوة إلى الوحدة العربية كانت مطروحة منذ عدة قرون إلا أن فكرة إقامة تنظيم عربي واحد يجمع شمل الدول العربية لم تتبلور أو تتضح معالمها إلا خلال الحرب العالمية الثانية بفعل جملة متغيرات عربية وإقليمية ودولية .
- على المستوى العربي: يمكن القول إن الحقيقة العربية كانت هي حجر الأساس لهذا التطور التاريخي، فمن ناحية، كانت الحرب مناسبة لنمو الحركات الوطنية ونشاط المقاومة ضد الوجود الاستعماري الأمر الذي انعكس على استقلال عدد متزايد من الدول العربية وأنشأ الحاجة إلى إقامة نوع من التوازن بين القوى السياسية لعبت فيه مصر دوراً فاعلاً، ومن ناحية ثانية، تعززت الحاجة إلى الوحدة مع الوعي بمخاطر الحركة الصهيونية وتقاطر الهجرات اليهودية إلى فلسطين بدور لا يغفل للدولة المنتدبة عليها.."بريطانيا"، تحقيقاً لحلم الدولة اليهودية، ومن ناحية ثالثة، أدى تزايد الاحتكاك بالغرب نتيجة البعثات التعليمية إلى الانفتاح على بعض الأفكار والتيارات السياسية التي كانت تعتمل فيه، وفى مقدمتها الفكرة القومية، ومن ناحية رابعة، بدت أن هناك درجة معقولة من التبادل التجاري وانتقال الأشخاص لا سيما بين دول المشرق العربي على نحو بدا وكأنه يوفر الأساس المادي للوحدة إضافة إلى الأساس الروحي والثقافي المبدئي .
- على المستوى الإقليمي: ساعدت التطورات التي كانت تجتازها دول الجوار وهى بالأساس تركيا وإيران على شغلها بنفسها وصرفها عن محاولة إجهاض مساعي العرب إلى الوحدة. أما تركيا فقد كانت هزيمتها في الحرب العالمية الأولى ومخاوفها من قيام نظام شيوعي على حدودها وبوادر تغيير علاقاتها وتحالفاتها من الشرق إلى الغرب أهم محددات أجندتها الداخلية والخارجية، وفى الوقت الذي تكفل فيه استيلاؤها على إقليم الأسكندرونة من سوريا وفشلها في اقتطاع الموصل من العراق بتعلية الجدران التي تفصلها عن محيطها العربي- الإسلامي وإكسابها سمكاً إضافياً، وأما إيران فكانت مكبلة بنظام متسلط وباستعمار غربي مسيطر على موارد الثروة فيها، وكانت مهددة بأكثر مما كانت تركيا بخطر الجار الشيوعي القوى الذي تحتفظ معه بحدود طويلة والذي لم يخف نواياه الاستعمارية لا في منافذها البحرية ولا في نفطها .
- على المستوى الدولي: تلت الحرب العالمية الثانية مرحلة انتقالية من مراحل تطور النظام الدولي، صرفت انتباه الولايات المتحدة إلى المناطق المجاورة للاتحاد السوفيتي وأوروبا الشرقية والصين، فيما تركت المنطقة العربية، مؤقتاً، لتقع ضمن اهتمامات بريطانيا وفرنسا بخبرتيهما الطويلة في الشئون العربية، وفيما يخص بريطانيا تحديداً فمن المهم في تحليل موقفها من تأسيس الجامعة العربية توضيح حقيقتين بالغتي الأهمية:
الحقيقة الأولى: أنها لعبت بالفعل دوراً داعماً لتأسيس الجامعة العربية لأسباب مصلحية سيرد ذكرها .
الحقيقة الثانية: أن هذا الدور كان دوراً مكملاً أو مساعداً ولم يكن دوراً منشئا أو مبادرا، سواء لأنه لا توجد دولة ما كانت ومهما بلغت درجة هيمنتها السياسية في حقبة تاريخية معينة قادرة على نفخ الروح في فكرة من العدم، أو لأن السلوك السياسي البريطاني، وكلما اتضح لاحقاً كان سلوكاً معادياً لتطوير الآصرة العربية وساعياً إلى منافستها بأواصر مصطنعة أهمها الأواصر الشرق أوسطية . بقول آخر، لقد وجدت بريطانيا في الأربعينيات من القرن العشرين أن وجود أحد الأشكال المؤسسية التي تنتظم فيها الدول العربية المستقلة في حينه يخدم مصالحها من عدة وجوه أساسية:
- الأول: التعاطي مع أماني المنطقة تعاطياً جديداً تحسباً للمنافسات الدولية، والفرنسية منها بالأساس .
- الثاني: التجاوب مع المد الاستقلالي والتحرري الذي بدا أنه سيكون أحد معالم العلاقات الدولية بعد انتهاء الحرب .
- الثالث: وهو مرتبط بسابقه، الاعتبار بالانتفاضات التي حصلت ضدها، ومنها ثورة العراق أيام رشيد على الكيلانى، وحركات التمرد ضدها في مصر .
- الرابع: حل قضية اليهود في فلسطين، توهما منها أن تأسيس دولة يهودية لا يمكن أن يتم إلا من خلال إطار عربي عام قادر على إعطاء التنازلات للصهاينة وموحد لكلمة العرب ومنسقها في هذا الشأن. والخامس الاستفادة من خبرة الحرب العالمية الثانية التي أكدت الطبيعة الواحدة اقتصاديا واستراتيجيا للمنطقة العربية كمنطقة تزخر باحتياطي نفطي ضخم يجاور ثلثي الاحتياطي العالمي المعروف آنذاك وكمعبر لأحد أهم المجارى المائية الدولية- قناة السويس- ، وكحلقة وصل بين الشرق والغرب، وبالتالي الشعور بالحاجة للتعامل مع هذه الحقيقة بما يلائمها .
وفى هذا السياق جاء إلقاء انتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا خطابا في 29/5/1941 ذكر فيه "إن العالم العربي قد خطا خطوات عظيمة منذ التسوية التي تمت عقب الحرب العالمية الماضية، ويرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا ويبدو أنه من الطبيعي ومن الحق وجود تقوية الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلاد العربية وكذلك الروابط السياسية أيضاً، وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأي خطة تلقى موافقة عامة". وبعد أقل من عامين من هذا التاريخ وتحديداً في 24/2/1943 عاد إيدن يصرح في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية " تنظر بعين العطف إلى كل حركة بين العرب ترمى إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية " .
- ثانيا: الخطوات التنفيذية :
استثماراً للعوامل الذاتية المبررة للوحدة وللظروف الإقليمية والدولية المواتية، بدأت الخطوات التنفيذية لوضع هدف الوحدة موضع التنفيذ، فلقد أخذ رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس بزمام المبادرة بعد عام تقريباً من خطاب أنتوني إيدن، ودعا كلا من رئيس الوزراء السوري جميل مردم ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخورى للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة "إقامة جامعة عربية لتوثيق العرى بين البلدان العربية المنضمة لها". وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح ثم عاد بعد نحو شهر من تصريح إيدن أمام مجلس العموم، ليؤكد استعداد الحكومة المصرية لاستطلاع آراء الحكومات العربية في موضوع الوحدة وعقد مؤتمر لمناقشته وهى الفكرة التي أثنى عليها حاكم الأردن في حينه الأمير عبد الله. وعلى أثر ذلك بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر، أسفرت المشاورات عن تبلور اتجاهين رئيسيين بخصوص موضوع الوحدة :
الاتجاه الأول: يدعو إلى ما يمكن وصفه بالوحدة الإقليمية الفرعية أو الجهوية وقوامها سوريا الكبرى أو الهلال الخصيب .
الاتجاه الثاني: يدعو إلى نوع أعم وأشمل من الوحدة يظلل عموم الدول العربية المستقلة وإن تضمن هذا الاتجاه بدوره رأيين فرعيين أحدهما يدعو لوحدة فيدرالية أو كونفدرالية بين الدول المعنية والآخر يطالب بصيغة وسط تحقق التعاون والتنسيق في سائر المجالات وتحافظ في الوقت نفسه على استقلال الدول وسيادتها .
وعندما اجتمعت لجنة تحضيرية من ممثلين عن كل من سوريا ولبنان والأردن والعراق ومصر واليمن بصفة مراقب في الفترة 25/9 إلى 7/10/1944 رجحت الاتجاه الداعي إلى وحدة الدول العربية المستقلة بما لا يمس استقلالها وسيادتها، كما استقرت على تسمية الرابطة المجسدة لهذه الوحدة ب " جامعة الدول العربية " وآثرته على مسمى "التحالف" و"الاتحاد" كون الأول يشير إلى علاقة عارضة والثاني يعبر عن علاقة تجب الاختصاصات المتفق على تحويلها للمنظمة العربية الناشئة .
على ضوء ذلك تم التوصل إلى بروتوكول الإسكندرية الذي صار أول وثيقة تخص الجامعة والذي نص على المبادئ الآتية:
o قيام جامعة الدول العربية من الدول العربية المستقلة التي تقبل الانضمام إليها ويكون لها مجلس تمثل فيه الدول المشتركة في الجامعة على قدم المساواة .
o مهمة مجلس الجامعة هي: مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء فيما بينها من اتفاقيات وعقد اجتماعات دورية لتوثيق الصلات بينها والتنسيق بين خططها السياسية تحقيقات للتعاون فيما بينها وصيانة استقلالها وسيادتها من كل اعتداء بالوسائل السياسية الممكنة، والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربية .
o قرارات المجلس ملزمة لمن يقبلها فيما عدا الأحوال التي يقع فيها خلاف بين دولتين من أعضاء الجامعة ويلجأ الطرفان إلى المجلس لفض النزاع بينهما. ففي هذه الأحوال تكون قرارات المجلس ملزمة ونافذة .
o لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين من دول الجامعة كما لا يجوز إتباع سياسة خارجية تضر بسياسة جامعة الدول العربية أو أية دولة من دولها .
o يجوز لكل دولة من الدول الأعضاء بالجامعة أن تعقد مع دولة أخرى من دول الجامعة أو غيرها اتفاقات خاصة لا تتعارض مع نصوص هذه الأحكام وروحها .
o وأخيراً الاعتراف بسيادة واستقلال الدول المنظمة إلى الجماعة بحدودها القائمة فعلاً .
o كما اشتمل البروتوكول على قرار خاص بضرورة احترام استقلال لبنان وسيادته، وعلى قرار آخر باعتبار فلسطين ركناً هاماً من أركان البلاد العربية وحقوق العرب فيها لا يمكن المساس بها من غير إضرار بالسلم والاستقلال في العالم العربي، ويجب على الدول العربية تأييد قضية عرب فلسطين بالعمل على تحقيق أمانيهم المشروعة وصون حقوقهم العادلة .
o وأخيراً نص في البروتوكول على أن ( تشكل فوراً لجنة فرعية سياسية من أعضاء اللجنة التحضيرية المذكورة للقيام بإعداد مشروع لنظام مجلس الجامعة، ولبحث المسائل السياسية التي يمكن إبرام اتفاقيات فيها بين الدول العربية ) .
ووقع على هذا البروتوكول رؤساء الوفود المشاركة في اللجنة التحضيرية وذلك في 7/10/1944 باستثناء السعودية واليمن اللتين وقعتاه في 3/1/1945، 5/2/1945 على التوالي بعد أن تم رفعه إلى كل من الملك عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد .
- الميثاق:
ولقد مثل هذه البروتوكول الوثيقة الرئيسية التي وضع على أساسها ميثاق جامعة الدول العربية وشارك في إعداد الميثاق كل من اللجنة السياسية الفرعية التي أوصى بروتوكول الإسكندرية بتشكيلها ومندوبي الدول العربية الموقعين على بروتوكول الإسكندرية، مضافاً إليهم مندوب عام كل من السعودية واليمن وحضر مندوب الأحزاب الفلسطينية كمراقب. وبعد اكتمال مشروع الميثاق كنتاج لستة عشر اجتماعا عقدتها الأطراف المذكورة بمقر وزارة الخارجية المصرية في الفترة بين 17/2 ، 3/3/1945 أقر الميثاق بقصر الزعفران بالقاهرة في 19/3/1945 بعد إدخال بعض التنقيحات عليه .
تألف ميثاق الجامعة من ديباجة وعشرين مادة، وثلاثة ملاحق خاصة :
الملحق الأول: خاص بفلسطين وتضمن اختيار مجلس الجامعة مندوباً عنها عن فلسطين للمشاركة في أعماله لحين حصولها على الاستقلال .
المحلق الثاني: خاص بالتعاون مع الدول العربية غير المستقلة وبالتالي غير المشتركة في مجلس الجامعة .
الملحق الثالث والأخير: فهو خاص بتعيين السيد عبد الرحمن عزام الوزير المفوض بوزارة الخارجية المصرية كأول أمين عام للجامعة لمدة عامين، وأشارت الديباجة إلى أن الدول ذات الصلة وافقت على الميثاق بهدف تدعيم العلاقات والوشائج العربية في إطار من احترام الاستقلال والسيادة بما يحقق صالح عموم البلاد العربية، فئة الحكام التنظيمية والإجرائية الخاصة بالعضوية، ومجلس الجامعة واللجان الدائمة والميزانية، ومقر الجامعة وأمانتها العامة، والامتيازات الدبلوماسية والانسحاب من الجامعة أو الفصل منها، وتعديل الميثاق، وأخيراً إجراءات التصديق عليه وفئة الأحكام الموضوعية الخاصة بالتزامات الدول الأعضاء قبل بعضها البعض، والتي شملت احترام كل دولة لنظام الحكم في الدول الأخرى وحل منازعاتها بالطرق السلمية وتنسيق سياساتها الخارجية بما لا يضر بمصالح أي منها والتعاون في رد الاعتداء عن أي من دول الجامعة والتعاون في مختلف الشئون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وبالفعل شكل المجلس لجنة لهذا الغرض عرضت مشروعاتها عليه فتولى إقرارها بعد تعديل ما رآه مناسباً. وفى 22/3/1945 تم التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية من قبل مندوبي الدول العربية عدا السعودية واليمن اللتين وقعتا على الميثاق في وقت لاحق. وحضر جلسة التوقيع ممثل الأحزاب الفلسطينية وأصبح يوم 22 مارس من كل عام هو يوم الاحتفال بالعيد السنوي لجامعة الدول العربية .
- ومن واقع تحليل ميثاق جامعة الدول العربية والمبادئ التي اشتمل عليها يمكن تسجيل الملاحظات الثلاث الآتية:
- الأولى: أن الميثاق جاء توفيقا بين الاتجاهين القطري والقومي مما انعكس على اعتبار الجامعة منظمة تقوم على التعاون الاختياري بين الدول الأعضاء فيها على أساس قاعدتي المساواة والاحترام المتبادل للاستقلال، كما انعكس على وضعها كمنظمة بين الحكومات وليست سلطة فوقية تعلوها .
- الثانية: أن الميثاق جسد حالة من التوافق السياسي والرضاء العام بمعنى أن الجامعة لم تنشأ من خلال قيام قوة إقليمية مسيطرة بفرض إرادتها على الآخرين بل جاءت ثمرة لمجموعة من التوازنات بين الأطراف المعنية.
- الثالثة: أن مبدئي السيادة والمساواة رتبا الأخذ بقاعدة الإجماع في التصويت واختيارية نظام الأمن المشترك وحل المنازعات بالطرق السليمة، ومثل هذا الرضاء العام كأساس لبناء المنظمة كانت له إيجابية كما كانت له سلبياته . أما أنه كان عاملا إيجابيا فلأنه حافظ على تماسك النظام وضمن له مرونته وحال دون انفراد دولة واحدة أو عدد محدود من الدول بالسيطرة على الجامعة . وأما أن له سلبياته فلأن قاعدة الإجماع أدت أحيانا إلى قدر من الجمود والشكلية في الأداء بحيث تحركت الجامعة بفعالية حيثما توفر الإجماع لقراراتهما والعكس صحيح .
2- التطور:
بدأ السعي لتطوير الجامعة منذ تأسيسها الذي مثل حلا توفيقياً على ما تقدم بين الرابطتين القومية والقطرية، وساعد على ذلك أن ميثاق جامعة الدول العربية لم يغلق الباب في وجه تعزيز الرابطة التي أنشأتها وجسدتها الجامعة، وأوجد في هذا السياق آلتين محتملتين للتطوير:
الأولى: آلية تعديل الميثاق ذاته وذلك بالإشارة في المادة 19 منه إلى جواز تعديله بأغلبية الثلثين لجعل الروابط بين الدول الأعضاء أمتن وأوثق وكذلك لإنشاء محكمة عدل عربية . الثانية: آلية توثيق الروابط التي أوجدتها بين دولتين أو أكثر من دولها .
على ضوء ذلك شهد الواقع العربي محاولات لاختبار الآليتين السابق الإشارة إليهما في عدة مجالات منها المجال السياسي والمجالان الاقتصادي والإستراتيجي والمجال القانوني والمجال الإداري .
o سياسيا:
لوحظ مع بدء اجتماعات مجلس الجامعة عدم وجود لجنة تضطلع بالنظر في الشئون السياسية التي تعد مجالا من مجالات أنشطة الجامعة حيث خلت المادة الثانية من الميثاق في ذكرها اللجان الدائمة الست من لجنة تختص بالقضايا السياسية . وعلى حين فسر البعض إشارة الميثاق للجان الست الدائمة على أنها إشارة حصرية، ذهب آخرون إلى أنها وردت كنماذج وكان رجحان الرأي الأخير هو السند القانوني لتأسيس لجان أخرى منها اللجنة القانونية واللجنة الدائمة للإعلام ولجنة الشئون الإدارية والمالية فضلا عن اللجنة السياسية نفسها .
تشكلت اللجنة السياسية في 30/11/1946 مع احتدام الصراع الدائر في فلسطين مع قوى الصهيونية وبروز الحاجة إلى تفعيل المشاورات السياسية بين الدول الأعضاء والتنسيق بين مواقفها في هذا الصدد وعلى حين نص قرار التشكيل على أن تكون العضوية في اللجنة على مستوى وزراء الخارجية فإنه بعد خمس سنوات من عمل اللجنة أي في عام 1951 أصدر مجلس الجامعة قرارا بفتح العضوية لرؤساء الحكومات ورؤساء وفود الدول لدى الجامعة حسب مقتضى الحال . وكان أهم ما أنجزته اللجنة من أعمال: بلورة معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، والإعداد لجدول أعمال القمم العربية ورفع تقاريرها إلى اجتماعات تلك القمم، وهو ما تحقق بالفعل في القمم الخمس الأولى فضلا عن تنسيق المواقف العربية من بعض القضايا الدولية .
على صعيد آخر، منذ انعقدت أول قمة عربية في القاهرة عام 1964 على خلفية قيام إسرائيل بتحويل مجرى نهر الأردن، واتخاذها قرارا بدورية انعقاد القمم العربية سنويا، وهذا المطلب يمثل مطلبا عربيا متكررا خاصة مع تنامي الدور الذي باتت تلعبه مؤسسة القمة على مستوى النظام العربي وتعدد أبعاد هذا الدور وتشعبها، وذلك بدءا من محاولات القمة إنشاء مؤسسات سواء نص عليها الميثاق أو لم ينص من قبيل محكمة العدل العربية وآلية لتسوية المنازعات بين الدول العربية والوقاية منها .
ومعالجة فكرة الاتحاد العربي التي قدمتها ليبيا مروراً بسعيها إلى تعديل ميثاق جامعة الدول العربية وإدراجه لأول مرة على جدول أعمال قمة الرباط عام 1974 ثم توالت مناقشته في عدة مؤتمرات لاحقة، والحديث عن تطوير الجامعة تحديدا من المنظور الهيكلي أو الإداري والمنصب بالأساس على الأمانة العامة، وانتهاء بإثارتها موضوع تطوير المنظمات العربية المتخصصة في قمة عمان عام 1987 وقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي على أثر ذلك بتقليص عدد المنظمات القائمة بدمج بعضها وظيفيا، بحيث لم يحتفظ بكيانه من المنظمات العربية المتخصصة سوى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة العربية للتنمية الإدارية ومنظمة العمل العربية .
وبعد ستة وثلاثين عاما من قرار أول قمة عربية بدورية الانعقاد اتخذت قمة القاهرة المنعقدة في أكتوبر عام 2000 قرارا ينص على إقرار هذا المبدأ وإدراجه في ملف مكمل للميثاق . وكان نص القرار هو التالي: "يقرر القادة العرب وهم يلتقون في هذه المرحلة الدقيقة اعتماد الآلية الخاصة بالانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية والتي وافق عليها مجلس جامعة الدول العربية في دورته الأخيرة 114 وأقر صيغتها النهائية اجتماع وزراء الخارجية العرب التحضيري لهذه القمة .
ويعبر القادة العرب عن ثقتهم في أن الانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية سوف يسهم في دعم العمل العربي المشترك في كافة المجالات لا سيما المجال الاقتصادي.." وكما يلاحظ فإنه مثلما كانت القضية المركزية أي قضية الصراع العربي - الإسرائيلي هي المحرك لعقد أول قمة عربية لمواجهة الأطماع الإسرائيلية في المياه العربية، فإنها كانت هي الداعي لمأسسة القمة واعتماد دوريتها على أثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في 28 سبتمبر 2000 وتصاعد سياسات القمع الإسرائيلي بشكل غير مسبوق في محاولة لإخمادها .
o اقتصاديا واستراتيجيا:
ربط فيما بين المجالين الاقتصادي والاستراتيجي ( أو الأمني ) من خلال معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي التي وقعت في عام 1950، وهو ما يمثل إدراكا مبكرا لتعدد أبعاد الأمن وتجاوزها البعد الحمائى أو العسكري .
فمن ناحية، نصت المعاهدة في مادتها السادسة على تكوين مجلس للدفاع المشترك يستطيع اتخاذ قرارات ملزمة لجميع الأعضاء بأغلبية الثلثين مما عد في حينه نقلة نوعية تعالج النقطة الخاصة باشتراط الإجماع في قرارات الجامعة، وعدم إلزام القرارات التي تتخذ بالأغلبية لغير الموافقين عليها .
وفى واقع الأمر فلقد تضافرت جملة من العوامل الإقليمية والدولية التي يسرت اتخاذ هذه الخطوة المتقدمة في إطار تطوير الجامعة إقليميا:
- كان هناك العدوان الفرنسي على سوريا ولبنان عام 1945 وغياب آلية عربية للتعامل معه على نحو ألجأ الدول العربية لرفع الموضوع إلى الأمم المتحدة .
-كانت هناك حاجة للتكتل العربي في مواجهة الخطر الاسرائيلى بعد قيام الدولة اليهودية عام 1948 .
- ومما له صلة بهذا الموضوع أن سوريا كانت قد تقدمت باقتراح لعقد معاهدة تحالف سياسي عسكري بين دول الجامعة عام 1948، وأحيل اقتراحها للجنة السياسية التي شكلت بدورها لجنة خاصة عرفت باسم لجنة " التضامن الجماعي " تلقت أفكارا ومشروعات من كل من لبنان ومصر والعراق وسوريا، وكان إبرام المعاهدة من ثمارها.
- دوليا: برز اتجاه عربي عبرت عنه الولايات المتحدة بالاشتراك مع كل من فرنسا وبريطانيا في " الإعلان الثلاثي" كان هدفه إخضاع أولويات الصراع العربي- الاسرائيلى لأولويات الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي من خلال إدماج إسرائيل مع الدول العربية في نظام دفاعي شرق أوسطى عرف باسم منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط، وبالتالي كان لابد من مواجهة هذه الضغوط عبر بلورة هوية قومية إستراتيجية للدول العربية يظللها ويحتويها نظام قومي له سنده الأمني مما يميزها عن" الآخر ": الاقليمى.
وفى السياق نفسه أثيرت قضية التأسي بميثاق الأمم المتحدة بتركيزه على مفهوم الأمن الجماعي عبر المواد 52 ،53 ، 54 التي تندرج في الفصل الثاني الخاص بالمنظمات الإقليمية .
وبالفعل جاءت معاهدة الدفاع المشترك معبرة عن الحرص على تعزيز الأمن الجماعي، من خلال نصها على فض جميع منازعات أطرافها فيما بينهم وفى علاقاتهم مع الدول الأخرى بالطرق السلمية، وعلى عدم جواز دخول هذه الأطراف في أي اتفاقيات دولية تناقض المعاهدة، ولا سلوكها مع سواها من الدول مسلكا يتنافى مع أغراض المعاهدة ، وكما يلاحظ فان هذه المبادئ تمثل إضافة للميثاق وإغناء له بوضع تصور لآليات تمتين الأمن القومي العربي .
وكما تقدم فإن المعاهدة المشار إليها أنشأت أربعة أجهزة في مجال الأمن الجماعي، هي:
o مجلس الدفاع المشترك :من وزراء الخارجية والدفاع في الدول المتعاقدة، أو من ينوبون عنهم .
o اللجنة العسكرية: من ممثلي هيئة أركان جيوش الدول المتعاقدة لتنسيق خطط الدفاع المشترك .
o الهيئة الاستشارية العسكرية: من رؤساء أركان حرب جيوش الدول المتعاقدة للإشراف على اللجنة العسكرية الموحدة برئاسة الدولة التي تكون قواتها المشتركة أكثر عتادا ورجالا، ما لم توافق حكومات الدول العربية بالإجماع على اختيار دولة أخرى
o ومن ناحية أخرى، تطرقت المعاهدة إلى الجانب الاقتصادي، ودعت في إطار ذلك إلى توثيق العلاقات الاقتصادية العربية وإلى تقنينها، وتبنت من تلك الزاوية فكرة تأسيس "مجلس اقتصادي" يكون له دور استشاري من خلال تقديم مقترحاته لحكومات الدول العربية حول ما يراه كفيلا بتعزيز التعاون الاقتصادي العربي، وجدير بالذكر أن هذا الجانب الاقتصادي من جوانب العمل العربي المشترك مثل اهتماما رئيسيا من اهتمامات جامعة الدول العربية منذ تأسيسها عبر عنه قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي ذي الصلة بخصوص اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري العربي في عام 1953، وتوجه إبرام اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في عام 1957، ثم صدور قرار إنشاء السوق العربية المشتركة في عام 1964 .
إلا أن أهمية العمل الاقتصادي العربي المشترك ما لبثت أن تزايدت، بل يمكن القول أنها مثلت رافعة للعمل العربي المشترك في فترات تأزم العلاقات السياسية العربية، حدث هذا عندما أصيب النظام العربي بصدع من جراء الخلاف المصري- العربي حول سياسات التسوية مع إسرائيل اعتبارا من عام 1977 حيث انعقدت قمة عمان في عام 1980 التي تبنت مبدأ التخطيط القومي في توجيه العمل العربي المشترك وفى تطويره، وأقرت الوثائق المتعلقة بإستراتيجية العمل الاقتصادي العربي المشترك، وميثاق العمل القومي الاقتصادي، ومشروع عقد التنمية المشتركة والاتفاقية الموحدة للاستثمار .
وتكرر ذلك بعد كارثة الخليج الثانية عندما اتخذت أول قمة تعقد بالقاهرة بعد ست سنوات من تاريخ الغزو أي في عام 1996 قرارا بتكليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالإسراع بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى. وقام المجلس بالفعل بوضع برنامج تنفيذي لإنشاء المنطقة على مدار عشر سنوات تبدأ في 1/1/1998 . كما أطلق على قمة عمان في عام 2001 - وهى أول قمة دورية تنعقد إعمالا لقرار قمة القاهرة في عام 2000- وصف " القمة الاقتصادية" وتبنت هذه القمة المبادرة المصرية الخاصة بعقد أول مؤتمر اقتصادي عربي بالقاهرة في نوفمبر 2001 تحت شعار" الارتقاء بأداء الاقتصاديات العربية " .
o قانونيا:
يعبر المشروع الخاص بتشكيل محكمة عدل عربية عن أبرز جهود التطوير المؤسسي للجامعة العربية على المستوى القانوني. وكان ميثاق الجامعة قد نص - على ما تقدم - على جواز تعديله في حالات ثلاث، إحداها تأسيس محكمة عدل عربية . وهى نقطة بالغة الأهمية بالنظر إلى أن قيام هذه المحكمة يعالج أحد جوانب القصور الخاصة بوسائل تسوية المنازعات وفى هذا السياق، اتخذت قمة الإسكندرية في عام 1964 قرارا بإنشاء المحكمة.
وبعد ستة عشر عاما وتحديدا في عام 1980 قرر مجلس الجامعة تشكيل لجنة لوضع النظام الاساسى للمحكمة . وبالفعل أتمت اللجنة مهمتها في عام 1982، لكن دون أن تحدد مجالات الولاية الإلزامية للمحكمة وبالتالي ونزولا على قرار قمة فاس في عام 1982 تشكلت لجنة أخرى قامت بإعداد مشروع عرض على مجلس الجامعة بعد فترة طويلة، وتحديدا في عام 1994 .
وفى عام 1995 تم تحويل المشروع إلى اللجنة القانونية الدائمة التي انكبت على صياغة مشروع متكامل، تلك أهم عناصره الأساسية:
- تتشكل المحكمة من سبعة قضاة بالانتخاب السري لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد، مع تغيير ثلاثة منهم يتم تحديدهم عن طريق القرعة كل ثلاثة أعوام .
- تختص المحكمة بالفصل في المنازعات التي تحيلها لها أطرافها، أو تنص على إحالتها لها اتفاقيات ثنائية أو متعددة، أو تصرح الدول بولاية المحكمة عليها دون حاجة لاتفاق خاص
- تحكم المحكمة وفق مبادئ ميثاق الجامعة العربية وبمقتضى قواعد القانون الدولي، كما تراعى المصادر الأخرى بموافقة الأطراف، وينتظر المشروع إقرار الدول الأعضاء بنوده حتى يصبح ساري المفعول .
ومما له صلة بقضية تسوية المنازعات بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، تجدر الإشارة إلى مشروع أخر من مشروعات التطوير . وذلك هو الخاص بإنشاء آلية للوقاية من المنازعات وإدارتها وتسويتها. وقد تقدمت تونس بهذا المشروع في الدورة رقم 104 لمجلس الجامعة التي انعقدت بين 20 و21/9/1995، وعبرت بذلك عن الاقتراح ذي الصلة الذي تبنته دول اتحاد المغرب العربي. وقد صادق مجلس الجامعة على المشروع في 21/9/1995 وكلف لجنة متخصصة بصياغته في شكله النهائي، وبموجب هذه الصياغة تقرر ما يلي:
- يشكل جهاز مركزي ليكون بمثابة الهيكل الاساسى المناط به تسيير آلية توقع المنازعات، ويتكون من خمسة ممثلين للدول الأعضاء على مستوى وزراء الخارجية، وأمين عام الجامعة، ويرأسه وزير خارجية الدولة التي تترأس الدورة العادية لمجلس الجامعة .
-تساعد الجهاز هياكل أخرى سواء في جمع المعلومات أو في تنفيذ القرارات. وهذه الهياكل هي: ( بنك المعلومات، نظام الإنذار المبكر، لجنة الحكماء، صندوق جامعة الدول العربية للسلام ) .
-تتولى هذه الآلية مهمة التدخل السريع للوقاية من أية منازعات بين الدول العربية، ثم تقوم في مراحل أخرى بإدارة هذه المنازعات وتسويتها بالوسائل السلمية. وفى حالة عدم التوصل للهدف السابق باستخدام إمكانيات الجامعة، تعمل الآلية بالتعاون مع الأمم المتحدة على تطويق النزاع والإشراف على عمليات حفظ السلام استنادا إلى الشرعية الدولية .
-تعتمد الآلية في عملها على مبادئ ميثاق الجامعة، ومعاهدة الدفاع المشترك، وميثاق الأمم المتحدة .
o إداريا:
ينصب الحديث عن التطوير الادارى للجامعة على تطوير وضع الأمانة العامة. ومن الملاحظ أن هذا البعد من أبعاد التطوير الهيكلي أو المؤسسي قد ارتبط بقضية تعديل الميثاق التي أدرجت على جدول أعمال عدد من القمم العربية، دون أن يعنى ذلك التطابق بين الجانبين. فلقد شكلت قمة الرباط في عام 1974 لجنة رباعية كلفت بإعداد تقرير عن تطوير الجامعة للعرض على مؤتمر القمة العربي الثامن. وطالبت قمة تونس في عام 1979 بالعمل على إعادة بناء أجهزة الجامعة على أسس جديدة تكفل الفعالية والقدرة على التحرك .
وأشارت قمة الدار البيضاء في عام 1989 في بيانها الختامي إلى ضرورة تطوير التنظيم الادارى والهيكلي للجامعة. وأخير جاءت قمة عمان في عام 2001 لتكلف الأمين العام السيد عمرو موسى باتخاذ الخطوات اللازمة، واقتراح الصيغ المناسبة لإصلاح أوضاع الأمانة العامة للجامعة من جميع النواحي المالية والإدارية والتنظيمية، من أجل إعادة هيكلتها، والارتقاء بأساليب عملها وأدائها وتمكينها من الاضطلاع بالمتطلبات القومية، ومواكبة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية .
ومما لا شك فيه أن تطوير جهاز الأمانة العامة الذي يعكف عليه الأمين العام الجديد حاليا ليس مطلوبا لذاته، إنما هو مطلوب كمدخل لتفعيل أداء الأمانة العامة لمهام حيوية تنتظرها كما أنه وهذا هو الأهم يمثل خطوة أولى لا غنى عنها لتطوير الجامعة العربية ذاتها كمنظمة تجسد الرابطة العربية، وهى خطوة يعزز الأمل فيها وفى الهدف المرجو منها محورية دور الأمين العام في إطار الجامعة على مدار تاريخها 3- أهدافها ومبادئها:
- الأهداف:
بإمكاننا أن نستخلص أهداف الجامعة العربية من بنود الميثاق المختلفة، والقصد بالأهداف هو الأغراض التي وجدت الجامعة العربية من أجل تحقيقها. ويمكن القول بصفة عامة أن الجامعة، كما نص الميثاق، وكمل اتفق عليه مؤسسوها وجدت للدفاع عن مصالح الدول الأعضاء من ناحية، وعن مصالح المجتمع العربي من ناحية أخري .
فالجامعة العربية هي الجهة المعنية بتوثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها، وتنسيق خططها السياسية تحقيقا للتعاون بينها، وصيانة لاستقلالها وسيادتها، والنظر بصفة عامة في شئون البلاد العربية ومصالحها، ونستطيع إجمال أهداف الجامعة العربية علي النحو التالي:
o صيانة استقلال الدول الأعضاء .
o المحافظة علي السلام والأمن العربي .
o التعاون مع الهيئات والمنظمات الدولية .
o تحقيق التعاون العربي في المسائل السياسية.
o تحقيق التعاون العربي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
o النظر في مصالح المجتمع العربي .
- المبادئ:
جاءت مبادئ جامعة الدول العربية تعبيرا عن الأجواء التي كانت سائدة عام 1945 والتي سيطرت فيها العوامل الانفصالية وتغلبت علي الطموحات الوحدوية، لهذا لم يتمكن ميثاق الجامعة العربية من إعادة إحياء السيادة العربية الموحدة التي مزقها الاستعمار إلي عدد من السيادات المنفصلة .
ويمكن القول أن ميثاق الجامعة العربية جاء بعيدا عن تحقيق فكرة الوحدة العربية، فقد تمسك أعضاء الجامعة بسيادتهم و استقلالهم ورفضوا قيام أي اتحاد فيدرالي يتولي عن الدول الأعضاء ممارسة سيادتهم الخارجية، وجانبا من سيادتهم الداخلية .
ونستطيع أن نوجز المبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية علي الوجه التالي:
o مبدأ المساواة بين الدول الأعضاء .
o مبدأ المحافظة علي سيادة الدول الأعضاء .
o مبدأ عدم التدخل .
o مبدأ فض المنازعات بالطرق السلمية .
o مبدأ المساعدة المتبادلة .
4 – العضوية في الجامعة:
- شروطها:
أولا: أن تكون الدولة الراغبة في الانضمام دولة عربية .
ثانيا: أن تكون الدولة الراغبة في الانضمام دولة مستقلة .
ثالثا: موافقة مجلس الجامعة .
- إجراءات الانضمام: توجب عملية الانضمام إلي الجامعة العربية بان تتقدم الدولة العربية المستقلة التي ترغب في الانضمام إلي الجامعة، بطلب في هذا المعني إلي الأمين العام لجامعة الدول العربية، يتضمن قبولها لميثاق الجامعة العربية بدون قيد أو شرط والتزامها المغلق بما جاء في الميثاق وتعهدها بتنفيذه .
- عوارض العضوية :
قد يطرأ من الأسباب ما يؤدي إلي فقدان الدولة عضويتها في الجامعة، وقد عني الميثاق ببيان هذه الأسباب سوء كانت واقعة بإرادة الدولة كما لو كانت قررت الانسحاب من عضوية الجامعة، أو كان ذلك قد تم علي غير رغبة من الدولة كما في حالة فصل الدولة من عضوية الجامعة .
5- الهيكل:
تتكون جامعة الدول العربية من ثلاثة فروع رئيسية أنشئت بمقتضى نصوص الميثاق، وتلك هي مجلس الجامعة واللجان الدائمة، والأمانة العامة. هذا بخلاف الأجهزة التي أنشأتها معاهدة الدفاع العربي المشترك التي أبرمت في عام 1950، وهى الأجهزة التي سبقت الإشارة إليها، والأجهزة التي تم إنشاؤها بمقتضى قرارات صادرة عن مجلس جامعة الدول العربية من قبيل هيئة استغلال مياه نهر الأردن وروافده، ومركز التنمية الصناعية للدول العربية، ومعهد الغابات العربي.. الخ
كما أنشأت الجامعة أو شجعت على إنشاء منظمات متخصصة بهدف تجميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية على أسس فنية وتخليصها، بدرجة أو بأخرى، من التعقيدات السياسية. هذا بخلاف المجالس الوزارية المعنية بشئون الصحة والسياحة والأمن (الداخلية) وفيما يلي إشارة للأجهزة الثلاثة الرئيسية التي نص الميثاق على إنشائها:
- مجلس الجامعة :
يعد هذا المجلس هو أعلى سلطة داخل الجامعة، ويتألف من ممثلي جميع الدول الأعضاء بما فيهم ممثل منظمة التحرير الفلسطينية، ويكون لكل منهم صوت واحد مهما بلغ عدد الممثلين، علما بأن من حق الدول الأعضاء أن تحدد مستوى التمثيل الذي قد يرقى إلى مستوى رؤسائها أو يقل عنه، دون أن يغير ذلك من طبيعة المجلس .
ويختص المجلس بحسب المادة الثالثة من الميثاق بتحقيق الأغراض الآتية:
- مراعاة تنفيذ ما تبرمه الدول الأعضاء من اتفاقيات في مختلف المجالات .
- اتخاذ التدابير اللازمة لدفع العدوان الفعلي أو المحتمل الذي قد يقع على إحدى الدول الأعضاء .
- فض المنازعات بين الدول الأعضاء بالطرق السلمية مثل الوساطة والتحكيم .
- تحديد وسائل التعاون مع الهيئات الدولية وبما يحفظ السلم والأمن الدوليين .
- تعيين الأمين العام للجامعة .
- تحديد أنصبة الدول الأعضاء في ميزانية الجامعة وإقرارها .
- وضع النظام الداخلي الخاص به، وباللجان الدائمة، وبالأمانة العامة .
- اللجان الدائمة:
ينص الميثاق في المادة الرابعة على تشكيل عدد من اللجان الدائمة المعنية بمختلف مجالات التعاون فيما بين الدول الأعضاء، وهى اللجان التي ظهرت فيما بعد إلى استحداث المزيد منها لمواجهة مستجدات العلاقات العربية- العربية كما كان الحال بالنسبة اللجنة السياسية التي أنشأتها الممارسة العملية ولم تنشأ بنص صريح من الميثاق، ويجرى التمثيل في كل من اللجان الدائمة بمندوب واحد عن كل دولة، ويكون له صوت واحد .
ويعين مجلس الجامعة رئيس كل لجنة لمدة عامين قابلين للتجديد، وتصدر قرارات اللجان بأغلبية أصوات الدول الأعضاء علما بأن اجتماعاتها لا تصح إلا بحضور أغلبية الدول الأعضاء منها وتتمتع هذه اللجان بحق تشكيل لجان فرعية تعنى بالشئون الفنية المتخصصة، كما يحق لها أن توصى بدعوة خبراء من الدول الأعضاء في الجامعة للاستفادة بخبراتهم عند الحاجة وفى مجال تقويم أداء هذه اللجان، يمكن الإشارة إلى دورها في إنجاز العديد من مشروعات الاتفاقيات التي أبرمتها الدول الأعضاء والتي تدخل فيها بخلاف اتفاقية الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي، واتفاقية الاتحاد العربي، واتفاقية تسليم المجرمين وبروتوكول معاملة الفلسطينيين في الدول العربية .
- الأمانة العامة:
تنظم المادة الثانية عشرة من الميثاق وضع الأمانة العامة للجامعة التي أشير إلى أن يتم تشكيلها من أمين عام وأمناء مساعدين وعدد من الموظفين، وأن مجلس الجامعة هو الذي يعين الأمين العام بأغلبية الثلثين ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد، فيما يتولى الأمين العام - بموافقة المجلس- تعيين الأمناء المساعدين والموظفين الرئيسيين في الجامعة، ويحدد النظام الأساسي مهام الأمين العام على النحو التالي:
-المهام الإدارية والفنية: وتشمل متابعة تنفيذ قرارات مجلس الجامعة ولجانها، وتحديد تاريخ دورات انعقاد مجلس الجامعة، وتوجيه الدعوة لعقد اجتماعات مجلس الجامعة واللجان الدائمة ، وتنظيم أعمال السكرتارية ذات الصلة، وإعداد ميزانية الجامعة .
-المهام السياسية: وتتضمن حق حضور اجتماعات مجلس الجامعة والمشاركة في مناقشة الموضوعات المعروضة عليه، وحق تقديم تقارير أو بيانات شفوية ومكتوبة عن أية مسألة يبحثها المجلس، وحق توجيه نظر المجلس أو الدول الأعضاء في الجامعة إلى مسألة يقدر الأمين العام أهميتها، وحق تمثيل الجامعة لدى المنظمات الدولية، وحق التحدث باسم الجامعة والتوجه للرأي العام بالبيانات اللازمة .
والجدير بالذكر أن الشق السياسي من عمل الأمين العام قد تطور تطورا كبيرا مع اتساع أنشطة الجامعة وتعدد أبعاد تلك الأنشطة ومجالاتها .
أمناء الجامعة: بحسب المادة الثانية عشر من ميثاق جامعة الدول العربية، يتم تعين أمين عام للجامعة بموافقة ثلثي أعضائها. وهو الممثل الرسمي للجامعة في جميع المحافل الدولية .
ومنذ إنشاء جامعة الدول العربية في مارس 1945 تعاقب على منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية ستة أمناء هم السادة :
o عبد الرحمن عزام( ): (1945 – 1952 ) .
o محمد عبد الخالق حسونة( ): (1952 – 1971 ) .
o محمود رياض ( ): (1971 – 1979) .
o الشاذلي القليبي ( ): ( 1979 – 1990) .
o أحمد عصمت عبد المجيد( ) : ( 1990 – 2001 ) .
o عمرو موسي( ) : ( 2001 - الآن) .
- المجالس الوزارية المتخصصة:
o مجلس وزراء الإعلام العرب .
o مجلس وزراء الداخلية العرب .
o مجلس وزراء العدل العرب .
o مجلس وزراء الإسكان العرب .
o مجلس وزراء النقل العرب .
o مجلس الوزراء العرب المسئولين عن شئون البيئة .
o مجلس وزراء الاتصالات العرب .
o مجلس الوزراء العرب المعنيين بشئون الكهرباء .
o المجلس الوزاري العربي للسياحة .
o مجلس وزراء الشئون الاجتماعية العرب .
o مجلس وزراء الشباب و الرياضة العرب .
o مجلس وزراء الصحة العرب .
القمة العربية:
دون خوض في الجدل الفقهي المتعلق بالتكييف القانوني لمؤتمرات القمة العربية، وما إذا كانت تعد جهازا جديدا من أجهزة الجامعة تم استحداثه بتعديل ضمني للميثاق علي ما ذهب البعض، أم أنها مجرد اجتماع لمجلس الجامعة علي مستوي القمة علي ما ذهب آخرون، فإن القمة العربية كانت، لاسيما مع اعتماد مبدأ الدورية في انعقادها، مطلبا ملحا من مطالب المنادين بتعديل الميثاق ووجوب إصلاح الجامعة العربية .
وهذه هي أمثلة من القمم التي تم عقدها من (1946 – 1981):
o قمة أنشاص: 28 – 5 – 1946 : جمهورية مصر العربية .
o قمة بيروت: 13 – 11 – 1956 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي الأول: 13 – 1- 1964 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي الثاني: 5 – 9 - 1964 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي الثالث : 13 – 9 – 1965: المملكة المغربية .
o مؤتمر القمة العربي الرابع: 29 – 8 – 1967 :جمهورية السودان .
o مؤتمر القمة العربي الخامس27 – 9 – 1970 :المملكة المغربية .
o مؤتمر القمة غير العادي 26 – 11 – 1973: جمهورية مصر العربية
o مؤتمر القمة العربي السادس26 – 11 – 1974 :الجمهورية الجزائرية .
o مؤتمر القمة العربي السابع16 – 8 – 1976 :المملكة المغربية .
o مؤتمر القمة السداسي25 – 10 – 1976 :المملكة العربية السعودية .
o مؤتمر القمة العربي الثامن12 – 11 – 1978 :جمهورية مصر العربية .
o مؤتمر القمة العربي التاسع20 – 11 – 1979 :جمهورية العراق .
o مؤتمر القمة العربي العاشر22 – 11- 1981 :الجمهورية التونسية .
5- الدور:
أولا: لابد من التعرض لاختصاصات جامعة الدول العربية:
ترتبط اختصاصات جامعة الدول العربية - بداهة - بالأهداف التي قامت من أجل تحقيقها، يؤدي استقراء نصوص ميثاق الجامعة وما يرتبط به من وثائق إلي استخلاص عدد من الاختصاصات المخولة للجامعة والتي يمكن حصره في:
o حل المنازعات بالطرق السلمية( الوساطة – التحكيم ) .
o قمع العدوان الواقع علي أية دولة من الدول الأعضاء في الجامعة .
o تحقيق التعاون العربي .
o تحقيق التعاون مع المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية الأخرى .
- ثانيا: تمكنت جامعة الدول العربية على امتداد تاريخها من القيام بأدوار أربعة رئيسية يمكن الإشارة إليها بإيجاز على النحو التالي:
أ- الإسهام في حصول الدول العربية على استقلالها، حيث برز دور الجامعة على سبيل المثال في مجال دعم جهود التحرر في دول مثل الجزائر، وسلطنة عمان، واليمن الجنوبي قبل وحدة شطري اليمن، والسودان، ومثل هذا الدور كان هو السبب المباشر في اتساع حجم عضوية الجامعة على ما تقدم، لتشمل اثنتين وعشرين دولة عربية على حين لم يتعد عدد الدول الموقعة على الميثاق التأسيسي سبع دول .
ب- المشاركة في تسوية بعض المنازعات العربية - العربية، ومن نماذجها النزاع المصري - السوداني عام 1958، والمغربي - الجزائري عام 1963، واليمنى - اليمنى عام 1987. ويلاحظ أن قدرة الجامعة في هذا المجال قد ارتبطت بدرجة قبول الأطراف المتنازعة لدورها، وهى نقطة تبدو أهميتها على ضوء ما هو معروف من كون سلطة الجامعة لا تعلو فوق سلطات الأعضاء، كما أنشأت الجامعة قوة أمن مؤقتة بمناسبة النزاع الكويتي - العراقي عام 1961، وطورت دبلوماسية مؤتمرات القمة العربية .
ج- تشجيع التعاون العربي- العربي عبر مجموعة المنظمات المتخصصة التي تشكلت على مختلف المستويات داخل إطار الجامعة وخارجه، ففي إطار الجامعة، تم إنشاء منظمات اتسع نشاطها ليشمل مسائل العمالة، التنمية الاقتصادية، الاجتماعية، الشئون العلمية والثقافية، ووسائل الاتصال والإعلام، ولقد نهضت بعض المنظمات مثل منظمة العمل العربية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، واتحاد إذاعات الدول العربية، والاتحاد العربي للمواصلات السلكية واللاسلكية، بالتعبير عن تلك الاهتمامات والنشاطات كافة. وخارج إطار الجامعة نشط العمل النقابي العربي بجهد لا يغفل من الجامعة وبتنسيق مستمر بين أجهزتها، ومن هنا جاء قيام اتحادات المحامين والأطباء والصحفيين والحقوقيين والعمال العرب...الخ .
د- تمثيل الدول العربية في مختلف المحافل والمنظمات الدولية: مثل الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة ومنظمة الوحدة الأفريقية، والتعاون مع هذه الأخيرة على تكوين طائفة من المؤسسات المشتركة مثل المصرف العربي للتنمية في أفريقيا، والصندوق العربي للقروض، هذا إلى جانب دور الجامعة العربية كطرف في الحوار مع أوروبا في حقبة السبعينيات .
- أبعاد الدور المصري ومستقبله:
بالنظر إلي الدور المصري في الجامعة يمكننا أن نوجز بعض الملاحظات بصدد ذلك الدور:
o إن هناك حدودا لتأثير الدور المصري، فبالرغم مما قامت به مصر من جهود في سبيل إنشاء الجامعة و بالرغم ما وفرته لإنجاح ذلك جاء ميثاق جامعة الدول العربية أضعف مما اقترحته مصر نظرا لتحفظ ومعارضة بعض الدول العربية لأنه يتضمن نصوصا أكثر إلزاما للدول العربية، ولرغبة مصر في إنجاح مبادئها في العمل علي التوصل إلي صيغة مناسبة للتعاون بين البلاد العربية يتحقق الإجماع عليها .
o من العوامل التي تحدد أبعاد تأثير الدور المصري في جامعة الدول العربية ما يلي:
طبيعة الجامعة كمنظمة إقليمية قائمة علي التعاون الاختياري بين دولها الأعضاء وتأخذ بقاعدة الإجماع في التصويت في مجلس الجامعة، وبذلك فغن الدول لا تلتزم إلا بما توافق عليه مما يضع قيدا علي إمكانيات تأثير الدور المصري .
مدي الاتفاق أو الخلاف بين موقف مصر وموقف الدول العربية الآخري في قضية معينة .
o وفرت مصر للجامعة كل إمكانيات النمو منذ بداية إنشائها، فقد ساهمت بأكبر نصيب في ميزانيتها وهو 42 % .
o يرجع إلي مصر فضل محاولة تقوية أسلوب العمل من خلال الجامعة وذلك عن طريق الدعوة إلي رفع مستوي تمثيل الدول الأعضاء في بعض الأحيان وتم ذلك من خلال اللجوء إلي سياسة مؤتمرات القمة العربية التي حاولت مصر من خلالها جعل الدول العربية تتخذ مواقف تلتزم بها في إطار الجامعة .
o كانت أكثر فترات القوة لتأثير الدور المصري في الجامعة – وللجامعة أيضا – هي تلك الفترات التي شهدت توافقا نسبيا بين مصر والدول العربية خاصة السعودية وسوريا .
o من الأسباب الرئيسية لضعف الجامعة الخلط الواضح من جانب الدول العربية بين مصر من جهة وجامعة الدول العربية من جهة أخري .
o وفرت الجامعة إطارا مناسبا لتنشيط العمل العربي المشترك بعد فترات التدهور أو الخلاف بين مصر والدول العربية الآخري، فقد كانت الجامعة الإطار الذي تتحرك من خلاله لتصفية خلافاتها مع الدول العربية في حالة تعذر ذلك من خلال الدبلوماسية الثنائية .
o إذا كانت مصر تملك مقومات الزعامة في المنطقة العربية بإمكانياتها المادية والبشرية وبموقعها بما لا يتوافر لأية دولة عربية آخري فإن ممارستها لدورها يكون أكثر سهولة في حالة التسليم به من جانب الدول العربية .