ثلث دول العالم سكانا لست على الخريطة
مرسل: السبت أكتوبر 30, 2010 2:53 pm
دولة سكانها نصفُ مليار، لن تجدها على أية خريطة.. عدد سكانِها يفوق دولة عظمى كالولايات المتحدة بثلثين، وهي في الطريق ليكون سكانُها الأكثر تأثيراً، والأكثر تأثّراً. دولة حديثة التكوين، لم تكبر دولةٌ في التاريخ مثلها، بل لم يعرف التاريخُ مطلقاً من قبل مثلها.
دولة ستغير الثقافاتِ المحلية على وجه الأرض إلى الأبد، وبدأ التغييرُ بادياٍ للعيان. دولةٌ ليس لحدودها نهاية على الكوكب، بل تمتد باسطة نفوذها على كل الأرض، وشعبها يلتقون كأصدقاء ومعارف بلا حدود.. دولة لا يحكمها أحد إلا المشاركة الجمعية التي تكوِّنها. ولكنها دولةٌ تشكل لمؤسِّسها ولملاكها أكبر مصدر معلوماتٍ شخصية إطلاقا.
هي دولة فيها الخير والمعرفة، وفيها الجهلُ والجريمة.. دولة يجب أن يستيقظ العالمُ بأشمله ليضع لها القوانين ويرسم لها الخطوط.. وسيكون هذا صعبا في دولةٍ مفتوحةٍ تؤثر في أكثر من ربع سكان الأرض الواعين ولكنها لا تُرى ولا تـُمَس.. دولةٌ كالهواء يشملك ولا تراه ولا تلمسه.. لأنها في العالم الموازي الذي أوجده عقلُ الإنسان لنفسه، عالمٌ اسماه مخترعوه بِـ «السايبر»، ونسميه نحن «العالم الافتراضي». هل كلمة «الافتراضي» دقيقة بمعناها ومقصدها؟ أشك في ذلك كل الشك، فالافتراضُ محضُ وهمٍ، ولكن هذا العالمَ يغيرنا واقعاً في كل يوم، في كل لحظة!
الدولة اسمها «كتاب الوجه»، إن أردت الترجمة العربية الحرفية، ونسميها كلنا «فيس بوك».. دولةٌ من الوجوه!
وأفردتْ كبرى مجلاتِ العالم «التايم» في عدد 13 أيار (مايو) موضوعَ غلافِها لهذا الموقع الذي يهز العالمَ من أركانه، وكان حَرِيـّاً بالمجلةِ الدولية أن تفعل أكثر من ذلك بأن يكون الموقعُ شخصيتها لأي عام من الأعوام في التقليد التي جرتْ عليه من عقود. فقط من ست سنوات لم توجد هذه الدولة صاحبة هذه السلطات والقدرات الطاغية، فالشابُ «مارك زكربرك» والذي كان فتىً لم يتخرج بعد من «هارفارد» يتبادل المعلومات الشخصية مع ثلةٍ من أصدقائه القريبين عبر الصفحة التي أوجدها من أجل ذلك، لتتحول فقط بعد سنواتٍ قليلة كواحدة من مرَدَةِ الشركات الكوكبية.. وهنا سحرُ ثورة المعلومات، فحين يصرم العصاميون الواقعيون زهراتِ أعمارهم لبناء نجاحاتهم، تجد أن عصاميي «الدوت كوم» يُثـْرَوْنَ في لمحةِ بصرٍ زمنية.. متى نجحوا.
وتجربتي مع «الفيس بوك» مدهشة بأي مقياس تختار، فحتى أشهر قليلة لم يكن لي وجود في هذه الدولة ولم أكن محسوبا من سكانها، بل لم أرغب يوما أن يكون لي موقع أو مدوّنة في الإنترنت (وهذا ما كان حتى الآن..) إلا في «الفيس بوك» فقد تبرع بعض المحبّين المتحمسين بإيجاد صفحة لي في الفيس بوك، ولذا يحتار من يبحث عن صفحة الفيس بوك الخاصة بي، لأن لي حتى الآن كما أعرف أربع صفحاتٍ أو أكثر وفيها تضاعفت الأعداد في كل منها بحسبه زمن قصير، وتلك التي أديرها بنفسي، ولست متأكدا، لأني أجد موادَ مضافة لي لم أقم بإضافتها وصور الفعاليات التي أحضرها. تعرفت على كثير من الأشخاص الذين أضافوا لي نوعيا، معرفيا وعاطفيا. نعم عاطفيا، بل هنا بيتُ القصيدِ في «الفيس بوك»، انظر ما تقوله التايم: « مايكروسوفت جعلت استخدامات الكمبيوتر سهلة لأي أحد، و»الجوجل» ساعد للبحث عن أي معلومة تخطر على بالك، بينما ترفهنا جميعا «اليوتيوب»، ولكن «الفيس بوك» يتفوق على كل تلك المواقع والشركات بأنه حزمة من عواطف.. عواطفُ نصف مليارٍ من البشر حتى الآن..» انتهى كلام التايمز. وعليك أن تعرف أن أصحابَ «الفيس بوك» ليسوا عاطفيين ولا رومانسيين مثل أي أصحاب مصلحةٍ عملية، ومن هنا بدأت ملحمة اختراق المعلومات الشخصية التي يشكو منها العالمُ كله، وتعقد الآن تحقيقاتٌ في أمريكا من قِبـَل جهاز الحريات الشخصية الفيدرالية للتحقق من الاختراقات الشخصية التي ترتكبها الفيس بوك.. يعني أن عواطفنا تٌنـْقـَل للشركات المصنعة للمنتجات الاستهلاكية لتترجم أرقاماً نهائية في ميزانياتهم: الأرباح. فإذا اشترتْ فتاةٌ حقيبة «شانيل» وأخبرت صديقتها فرحةً في موقع آخر، فإن هذا لن يكون بينهما حتى ولو استخدمت الإمكانية المتاحة في الموقع للتخاطب الخاص، ليُسَرّبُ لكل من في الموقع حتى تكون هجمة جماعية نسوية على حقائب الـ «شانيل».. ويتعرفون على مناسباتنا الخاصة وأفراحنا وأحزاننا وهواياتنا لتترجم عند الشركات التجارية إلى منتجاتٍ تُسَوَّق لهذه المناسبات.. أرأيت؟!
«الفيس بوك» شركة بوهيمية مثل صاحبها الشاب، الذي سوقها بالبلايين، ثم صار يديرها، فهي طافية ببساطة على كل ديموغرافية الأرض ببساطة وبلا أناقةٍ ولا تكلف، ولو ذهبت لضاحية «بلات إلتو» في ولاية كاليفورنيا في شارع نائم متوارٍ، ستجد مبنى صغيرا لا يثير أي انطباع، وشعار على هامته غير هذا المعروف باللون لأزرق الكوبلتي بل كتب باللون الأحمر البركاني.. ويتكدس مئاتُ الموظفين في عنابر بلا فواصل ولا ترتيب.
ولا تحسبنّ أن «الفيس بوك» من اليافعين فقط، أكثر من 30 في المائة من سكانه هم من الذين تعدّتْ أعمارهم الخامسة والثلاثين. ولهذا نتائج غيرت حياة ملايين الناس.. على أنها ستُرْوى في وقتٍ آخر
دولة ستغير الثقافاتِ المحلية على وجه الأرض إلى الأبد، وبدأ التغييرُ بادياٍ للعيان. دولةٌ ليس لحدودها نهاية على الكوكب، بل تمتد باسطة نفوذها على كل الأرض، وشعبها يلتقون كأصدقاء ومعارف بلا حدود.. دولة لا يحكمها أحد إلا المشاركة الجمعية التي تكوِّنها. ولكنها دولةٌ تشكل لمؤسِّسها ولملاكها أكبر مصدر معلوماتٍ شخصية إطلاقا.
هي دولة فيها الخير والمعرفة، وفيها الجهلُ والجريمة.. دولة يجب أن يستيقظ العالمُ بأشمله ليضع لها القوانين ويرسم لها الخطوط.. وسيكون هذا صعبا في دولةٍ مفتوحةٍ تؤثر في أكثر من ربع سكان الأرض الواعين ولكنها لا تُرى ولا تـُمَس.. دولةٌ كالهواء يشملك ولا تراه ولا تلمسه.. لأنها في العالم الموازي الذي أوجده عقلُ الإنسان لنفسه، عالمٌ اسماه مخترعوه بِـ «السايبر»، ونسميه نحن «العالم الافتراضي». هل كلمة «الافتراضي» دقيقة بمعناها ومقصدها؟ أشك في ذلك كل الشك، فالافتراضُ محضُ وهمٍ، ولكن هذا العالمَ يغيرنا واقعاً في كل يوم، في كل لحظة!
الدولة اسمها «كتاب الوجه»، إن أردت الترجمة العربية الحرفية، ونسميها كلنا «فيس بوك».. دولةٌ من الوجوه!
وأفردتْ كبرى مجلاتِ العالم «التايم» في عدد 13 أيار (مايو) موضوعَ غلافِها لهذا الموقع الذي يهز العالمَ من أركانه، وكان حَرِيـّاً بالمجلةِ الدولية أن تفعل أكثر من ذلك بأن يكون الموقعُ شخصيتها لأي عام من الأعوام في التقليد التي جرتْ عليه من عقود. فقط من ست سنوات لم توجد هذه الدولة صاحبة هذه السلطات والقدرات الطاغية، فالشابُ «مارك زكربرك» والذي كان فتىً لم يتخرج بعد من «هارفارد» يتبادل المعلومات الشخصية مع ثلةٍ من أصدقائه القريبين عبر الصفحة التي أوجدها من أجل ذلك، لتتحول فقط بعد سنواتٍ قليلة كواحدة من مرَدَةِ الشركات الكوكبية.. وهنا سحرُ ثورة المعلومات، فحين يصرم العصاميون الواقعيون زهراتِ أعمارهم لبناء نجاحاتهم، تجد أن عصاميي «الدوت كوم» يُثـْرَوْنَ في لمحةِ بصرٍ زمنية.. متى نجحوا.
وتجربتي مع «الفيس بوك» مدهشة بأي مقياس تختار، فحتى أشهر قليلة لم يكن لي وجود في هذه الدولة ولم أكن محسوبا من سكانها، بل لم أرغب يوما أن يكون لي موقع أو مدوّنة في الإنترنت (وهذا ما كان حتى الآن..) إلا في «الفيس بوك» فقد تبرع بعض المحبّين المتحمسين بإيجاد صفحة لي في الفيس بوك، ولذا يحتار من يبحث عن صفحة الفيس بوك الخاصة بي، لأن لي حتى الآن كما أعرف أربع صفحاتٍ أو أكثر وفيها تضاعفت الأعداد في كل منها بحسبه زمن قصير، وتلك التي أديرها بنفسي، ولست متأكدا، لأني أجد موادَ مضافة لي لم أقم بإضافتها وصور الفعاليات التي أحضرها. تعرفت على كثير من الأشخاص الذين أضافوا لي نوعيا، معرفيا وعاطفيا. نعم عاطفيا، بل هنا بيتُ القصيدِ في «الفيس بوك»، انظر ما تقوله التايم: « مايكروسوفت جعلت استخدامات الكمبيوتر سهلة لأي أحد، و»الجوجل» ساعد للبحث عن أي معلومة تخطر على بالك، بينما ترفهنا جميعا «اليوتيوب»، ولكن «الفيس بوك» يتفوق على كل تلك المواقع والشركات بأنه حزمة من عواطف.. عواطفُ نصف مليارٍ من البشر حتى الآن..» انتهى كلام التايمز. وعليك أن تعرف أن أصحابَ «الفيس بوك» ليسوا عاطفيين ولا رومانسيين مثل أي أصحاب مصلحةٍ عملية، ومن هنا بدأت ملحمة اختراق المعلومات الشخصية التي يشكو منها العالمُ كله، وتعقد الآن تحقيقاتٌ في أمريكا من قِبـَل جهاز الحريات الشخصية الفيدرالية للتحقق من الاختراقات الشخصية التي ترتكبها الفيس بوك.. يعني أن عواطفنا تٌنـْقـَل للشركات المصنعة للمنتجات الاستهلاكية لتترجم أرقاماً نهائية في ميزانياتهم: الأرباح. فإذا اشترتْ فتاةٌ حقيبة «شانيل» وأخبرت صديقتها فرحةً في موقع آخر، فإن هذا لن يكون بينهما حتى ولو استخدمت الإمكانية المتاحة في الموقع للتخاطب الخاص، ليُسَرّبُ لكل من في الموقع حتى تكون هجمة جماعية نسوية على حقائب الـ «شانيل».. ويتعرفون على مناسباتنا الخاصة وأفراحنا وأحزاننا وهواياتنا لتترجم عند الشركات التجارية إلى منتجاتٍ تُسَوَّق لهذه المناسبات.. أرأيت؟!
«الفيس بوك» شركة بوهيمية مثل صاحبها الشاب، الذي سوقها بالبلايين، ثم صار يديرها، فهي طافية ببساطة على كل ديموغرافية الأرض ببساطة وبلا أناقةٍ ولا تكلف، ولو ذهبت لضاحية «بلات إلتو» في ولاية كاليفورنيا في شارع نائم متوارٍ، ستجد مبنى صغيرا لا يثير أي انطباع، وشعار على هامته غير هذا المعروف باللون لأزرق الكوبلتي بل كتب باللون الأحمر البركاني.. ويتكدس مئاتُ الموظفين في عنابر بلا فواصل ولا ترتيب.
ولا تحسبنّ أن «الفيس بوك» من اليافعين فقط، أكثر من 30 في المائة من سكانه هم من الذين تعدّتْ أعمارهم الخامسة والثلاثين. ولهذا نتائج غيرت حياة ملايين الناس.. على أنها ستُرْوى في وقتٍ آخر