- الاثنين نوفمبر 08, 2010 6:52 pm
#29488
بسم الله الرحمن الرحيم
موضوعي يتحدث عن الفكر السياسي الروماني.
نشأ بناء رومة 754م ثم سقطت الملكية عام 509م وصارت روما بين عهدين.
1 ـ العهد الأصيل وينظر إليها منذ بناءها عام 754م حتى مطلع القرن السابع من بناء رومة سنة 150ق م.
2 ـ العهد اللاحق ويقصد به بعد فتح البحر الأبيض المتوسط حيث جاءها التطور بأسباب تلك الفتوحات الشرقية ويكون بداية هذا العهد من 150ق م، واستمرت إلى عام 565 م بموت الإمبراطور (جوستينيان وجاء في مدونته[1].
1 ـ أما التمييز بين القانون المدني وقانون الشعوب فيعلم ممايأتي: جميع الأمم التي تحكمها شرائع وعادات مرعية تجري في بعض أمورها على قانون خاص بها هي وفي بعضها الآخر على قانون مشترك بينها وبين غيرها من بنى الإنسان فالقانون الّذي تتخذه كل امة لخصوص نفسها يسمى القانون المدني أي المقصورة احكامه على أهل مدينتها، إما القانون الّذي اهتدى بنو الإنسان بمحض عقولهم إلى ضرورة خلقه فيما بينهم واستوت جميع الشعوب في إتباع مقتضياته فانه يسمى قانون الشعوب ضرورة أن جميع الشعوب قائمة بمراعاته وتطبيقه، وعليه فالأمة الرومانية تسير على قانون بعضه خاص بها وبعضه مشترك بين جميع بني آدم وتفصيلات كل ستعرض لها تباعا في المواضع المناسبة ويأتي إلى قانون الشعوب إذ يقول في مدونته ص 6: إما قانون الشعوب فهو مشترك بين جميع شعوب الجنس البشري إذ مطالب الإنسان وحاجاته في الحياة اضطرت الشعوب إلى خلق بعض ضروب من الانظمة فالحروب مثلا تولد عنها نظام الأسر والرق وهما أمران مخالفان للقانون الطبيعي فان الناس جميعا يحب القانون الطبيعي يولدون في الأصل أحرارا كما أن قانون الشعوب هذا يكاد يرجع إليه اصل جميع المعاهدات كالبيع والإجارة والوديعة والقرض وغير ذلك مما لا يحصى ثم يقم جوستنيان القانون إلى مكتوب وغير مكتوب كالشأن في شرائع اليونانيين، فالمكتوب هو القوانين والقرارات الشعبية وقرارات مجلس الشيوخ وأوامر أولياء الامر ومنشورات الحكام وفتاوى المقننين ويطلق لفظ القوانين على القرارات التي تصدرها الأمة الرومانية بناء على اقتراح أحد الحكام الأعضاء بمجلس الشيوخ كالقنصل مثلاً إما القرار الشعبي فهو الصادر من الطائفة العامة بناء على اقتراح احد حكام العامة كخطيب زعيم من زعمائها مثلاً ويلاحظ إن طائفة العامة تختلف عن الأمة الرومانية اختلاف النوع عن الجنس إذ لفظ الأمة ينسحب على جميع المواطنين ومنهم الخاصة أي الإشراف والشيوخ إما لفظ العامة فلا يدخل في مدلوله الإشراف ولا الشيوخ بل ينسحب فقط على غير هؤلاء الخواص من المواطنين على انه بمقتضى قانون هورتنسيان قد أصبح للقرارات الشعبية من القوة ما للقوانين نفسها، إما قرار الشيوخ فهو الأمر أو الرسم الّذي يضعه مجلس الشيوخ إذ الأمة الرومانية لما تكاثر عددها لدرجة يتعدد معها دعوتها للاجتماع كيما تسن القوانين فقد رُئي من الأنسب أن قوم مجلس الشيوخ بأداء هذه المهمة ويشير في رقم 6 إلى إرادات ولي الأمر له قوة القانون لأنه بمقتضى قانون ريحيا قد ألقت إليه الأمة بحقها في السيادة وفوضته في استعمال جميع مالها من السلطات وعليه فكل ما أمر به الإمبراطور بخطاب من لدنه أو حكم به في قضية ما أو قرره في منشور يصدره كل ذلك يكون قانونا ملزما.
ونلاحظ العهد الأصيل يعطي بعض الخواص.
1 ـ التبادل الاقتصادي[2]. ويلحظ في مقياس استقرارية الحقوق عن طريق العرف.
2 ـ الصبغة الرئيسة السرية، حيث كانت في محيط الكهنة ولا يعلنونها إلى الجماهير ولم تنشر هذه الأحكام إلاّ آخر القرن الخامس من بناء روما (279 ق م).
3 ـ المراسم الرمزية ويقصد بها أن الإرادة ليست لها جهة استقلالية ما لم يكن وجود كاشف عن تلك الإرادة كالألفاظ والشكلية الخاصة التي تعلن من خلالها ذلك العقد المبرم في إنجازه،
4 ـ مراسم تكوين الحقوق ويقوم ذلك على القبض باليد كما هو طريقة المانسيباسيو أو طريقة التنازل أمام الولاة، وهي طريقة الابن جوري سيسيو وهناك حقوق لدى الرومانيين غير مبنية على المراسم الرمزية كالعقود الرضائية الصرفة مثل البيع والإجارة والشركة والتوكيل فقد ظهرت في القرن السابع من تاريخ روما[3].
5 ـ مراسم الادعاء وتتكون مراسم أصول المرافعات بالقسم القانونية وإجراء طقوس دينيه[4]. ويقوم مراسم التنفيذ كما ذكرت الألواح الإثنا عشر بأن يمكن للدائن الحق في أن يصفد المدين بالقيد ويعرضه في سوق روما ثلاث مرات حتى تقيم المحكمة وهو يرسف في قيده وأغلاله و يحبس إلى ستين يوما ويكون حكمه أما الموت أو البيع وإذا تعددت الدائنون تحكم الألواح الإثنا عشر بتقطيع الجثة بين الدائنين[5]. وقد ادعى جيفار وجود هذه الأعراف في الأحكام الإسلامية ويبدو منه عدم الإطلاع أو الافتراء على ساحة العدل الإسلامي.
6 ـ عدم السماح بالتوكيل وقسمت الحقوق الرومانية العالم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الوطنيين هم عنصر روما. 2 ـ اللاتينيين وهم التابعون إلى مدينة غير روما. 3 ـ الغرباء وهم المجاورون الساكنون إلى جانب روما من وراء النهر.
أما العهد اللاحق الّذي يبتدي (109 ق م) قد أخذ بتطور في أواسط القرن السابع عند بناء روما، حيث صدر قانون جوليا (90 ق م) فجاء ذلك القانون بمنح اللاتينيين الوطنية وبعد ذلك جاء الإمبراطور كاراكاللا الافنيقي وأصدر أمره في عام (212) بعد المسيح منح به حقوق مدينة روما وصفة الوطني الروماني إلى جميع الأجانب بعد اللاتينيين ممن هم خاضعون لسلطان روما.
ويعتقد (كوللينة) أن تطور الحقوق يغري إلى الشرقيين[6]. وليس إلى أهل روما كما تدل عليه مؤلفات الشرقيين الفينقيين وكان التطور شاملاً حتى في مجالات أعمال القياصرة وحياتهم بل ودينهم وقال جيفار إن قياصرة الرومان في الشرق أخذوا ينظمون شيئا فشيئا قصورهم وسلطانهم على مثال ملوك الفرس وأن قيصر بزانس أصبح في الحقيقة عاهلا شرقياً له قصور متعددة ومراسم في التشريفات مأخوذة على ملوك الفرس القدماء ويرى (ريفيللو) أن قسطنطين لما وضع شارة الصليب على رايته إنما أخذها عن الملوك الآشوريين ووضعها في نفس الشكل الّذي كان يرى صدر أولئك الملوك، وقد ادخل الفينقيون الأجانب في الوطنية الرومانية وجعلوهم تحت سلطان روما.
ويحدثنا كوللينه في كتابه الطابع الشرقي لعمل جوستينان التشريعي فقال: في الشرق أكثر منه في الغرب وفيما بين القرن الرابع إلى القرن السادس بعد الميلاد إنما تم تطور الحقوق الرومانية وانتقالها من الحقوق القديمة إلى حقوق القرون الوسطى هذه الحقوق التي أصبحت طليعة للحقوق الحديثة ومعدة لها راجع ص 111 منه طبعة 1912 في باريس.
ويبدو من (دافيد سانتيللانا) في مقدمته على مشروع القانون المدني والتجاري التونسي المطبوع عام (1890) في تونس باللغة الفرنسية ومن محمد حافظ صبري مؤلف كتاب المقارنات والقابلات المطبوع عام (1902) في مصر بأنهما قد ذهبا إلى أن الفقه الإسلامي قد وافق الفقه المعبرى والروماني في مسائل المقالات الدنيوية المعبّر عنها بالمسائل المدنية والتجارية والعقوبات ص 5 مطبعة هندية مصر عام (1320) والطبعة الأولى.
والّذي نلاحظه أن المستشرقين قد اثبتوا أدلة على تأثير الحقوق الرومانية في التشريع الإسلامي.
1 ـ إن للحقوق الرومانية تأثيرا عظيما لا شك فيه في الشرق.
2 ـ إن الفقه الإسلامي لم ينشأ عند العرب بمحض تفكيرهم الخاص من غير تأثير خارجي فيهم وأن هذا الفقه إنما تم وانتظم في القرن الثاني من الهجرة وذلك في سورية والعراق وعلى اثر اتصال المسلمين بمعاهد الحقوق النصرانية هناك.
3 ـ وجود تشابه بين الحقوق الرومانية والحقوق الإسلامية من حيث الفكر ولغة التعبير والاصطلاحات والّذي نعتقده في هذه الأدلة لا تعطينا السلك الضوئي على طبيعة التأثير من جانب القانون الروماني على القانون الإسلامي وإنّما الإسلام في قانونه أخذ الرسم الاستقلالي من غير حكاية التصوير للآخرين والأدلة الامضائيه في بعض النقاط القانونية كما في بعض المعاملات لاناطته في مجال العرف وقد يأتي ثانياً في تخطئة العرف في بعض المصاديق نظير البيع الربوي فإنه يخرجه عن دائرة البيع بنحو التخصص والخروج الموضوعي دون التخصيص، وإنما مقياس الأحكام الإلهية كاشفة عن تلك الانطباعات والفضائل النفسية المستقرة في لوحة الذات وإنما اللسان القانوني الإلهي يقع كاشفا عن وجود تلك الصحائف الفاضلة التي انتزعتها رسالات السماء بصياغة قانونية تحت أرقام الأحكام التكليفية والوضعية، فإن الأحكام التكليفية هي التي في صفحة الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة والأحكام الوضعية هي الموضوعات الخارجية التي كان غطاؤها الحكم التكليفي نظير الصحة والبطلان، وانتشار المذاهب والأفكار الرومانية لا يعطي كون الإسلام قد أخذ منها أحكاما وصيرها في قالب قانوني مع أن الكتاب والسنة كان في عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوتوسعة الآراء كان في العهد العباسي، وإنما كان نشاط المذهب الفلسفي قد أخذ مجالا واسعا لدفع حركة الزنادقة بظروف سياسية في ترجمة الكتب اليونانية هذا مع ما في تطور الفكر البشري، فإن السنة في مصطلح الإمامية لا تتحدد بشخص النبي صلىاللهعليهوآله وإنما يعم سائر الائمة الاثني عشر فالأحكام منوطة بقيادة فكرية إلهية تسير على ضوء الكتاب والسنة المرتسم في شخص النبي التي هي الأصول الأولية ثم يأتي دور السنة في التفريعات ولم يكن أي دور قانوني قد اقتبس الإسلام من تلك الأفكار الرومانية واتصال العرب بالمسيحيين لا يقره التاريخ لان معاهد الحقوق لم تكن إلاّ ثلاثة مدارس في مصر وفلسطين وبيروت وقد أغلقت اثنتان وبقيت واحدة وفتح العرب لسوريا والعراق عام (635) للميلاد وقد قضى على مدرسة بيروت عام (551) ميلادية اثر الزلزال ومات فيها ما يقارب ثلاثين ألف شخصاً وهذا يعطي الكشف عن وجود الحادثة قبل ميلاد الرسول صلىاللهعليهوآله بعشرين سنة.
أما انتشار الإسلام في مصر فيقول محمد معروف الدواليبي (وزيادة على ذلك فان مصر في العهد الإسلامي لم تكن البلد الّذي نشأ فيه مذهب أهل الرأي ليسهل معه الاقتباس من التقاليد الحقوقية الرومانية على فرض وجود تقاليد رومانية في جميع مصر وإنما كانت موطنا لمذاهب تقليدية تقف جهدها عند النصوص الواردة في الكتاب والسنة، وإنه لمن العبث حينئذ أن نلتمس فيما انتشر في مصر من المذاهب أثرا للحقوق الرومانية مع أن ما انتشر في مصر من المذاهب الفقهية، إنما هي مذاهب نشأت أولاً في الحجاز والعراق ثم نُقلت إلى مصر نقلاً.
ويحدثنا أيضا عن سوريا قائلاً وفضلاً عن كل ذلك أيضا إن سورية لم يكن لها أي تأثير في تطور الحقوق الإسلامية ولم يعرف عنها أنه نشأ فيها مذهب الفقهاء الأحرار لأن سورية في عهد نشأة الحقوق الإسلامية كانت تحت سيطرة مذاهب المحدثين المقلدين للفقه الإسلامي على ما هو عليه في الحجاز وكما جاءت به النصوص الكتاب والسنة ولذلك لم يجد الفقه الإسلامي في سورية موطنا ملائما للتوسع والرقي والاقتباس من تقاليد الحقوق الرومانية ثم يقول وفوق كل هذا إن المذهب الوحيد الّذي يحكي عند انه نشأ في سورية إنما هو مذهب الإمام الاوزاعي وهو مذهب من مذاهب المحدثين المقلدين الّذي لم يستطع البقاء أمام اجتياح مذهب أهل الرأي العراقي فذهب واندثر[7].
كما أن ما ذهب إليه (سانتيللانا) في وجود التشابه بين الفكر الإسلامي والروماني بالأفكار واللغة في التعبير والمصطلحات فقد بينا إن ذلك لا يوجب الحتمية والاقتباس وإن توحيد في السير على منهج القويم الموحد عند كافة العقلاء لا يثبت الاقتباس وإنما يتطلبه احتياج البشر في الدخول تحت أرقام معينه وإنما ذلك خط مشترك يتحد فيه جميع العناصر البشرية تحت غطاء كلي عام في التفاهم ورسالات السماء هي القاسم المشترك لجميع الأفكار البشرية وليست رسالة الإسلام إلاّ كمال للتشريع من منطلق آدم عليهالسلام إلى آخر حياة القائد الرسالي محمد صلىاللهعليهوآلهوالرجوع إلى بعض المصطلحات كأحكام الدعاوى والأشخاص والأشياء أو الالتزام (بليكاسيو).
وصار معنى الالتزام أخيرا بمعنى الرابط (ليكاري). والتعابير اللغوية وتوحيد بعض الأفكار، فلا يدل على وجود الاقتباس وإنما يدل على وجود حلقة اتصال التفاهم من حيث اللغة القانونية والإمضاء في الجانب الفكري لا الاقتباس التشريعي هذا مع أن الأمر يقع عكسيا فإن الرومانيين قد تأثروا بالطابع الشرقي وجمع ادوار رسالات السماء كانت آتية من قبل الشرقيين ولم يتأثروا بأي طابع ما سوى ذلك القبس المتأجج من قبل الفيض الإلهي. ولابد أن نفرق بين طبيعة التشريع ومصادره فمثل وجود كلمة الإجماع في العرف الإسلامي الّذي جاء في العرف الروماني في كلمة (كونسانسوس) وهذا لا يعني سلب التفاهم البشري عن كل كلمة تكون في سلسلة الترابط بالفكر العام هذا مع اختلاف الغاية التي في عرف الرومانيين التي هي في خط حصر السلطات لدى الإمبراطورية وعند الإسلام الإجماع الكاشف عن قول المعصوم المتضمن فيه صلاح الأمة، وإما حصر المفتين كما سار عليه الإمبراطور أغسطس كما يحدثنا بذلك جيفار:1 ص53 المادة 94[8]. وهذا لا يعطي التخطيط الإسلامي الّذي نلاحظه في خطه العام كفكر لا بالنظر إلى الأفراد والمسلمين.
وعلى ضوء بياننا يتضح اختلاف حقيقة الإجماع والغاية عند الرومانيين مع الإجماع الّذي عند المسلمين ونلاحظ العهد السياسي في روما وتقسم إلى مرحلتين:
1 ـ عند بداية روما إلى غزو الاتيروسكي. 2 ـ منذ الغزو الاتيروسكي حتى نهاية الملكية.
ويكون النظر إلى المرحلة الأولى النظام السياسي على صعيد عشائري وليس على نظام المدينة ويراد منها الأسرة الّذي يرئسها لتلك العشيرة (الطائفة) وهي التي تنطوي تحت اسم واحد وعبادة واحدة[9]. يشملها حد أعلى ولها استقلال داخلي ويتبع العشيرة الموالي وهم الذين دخلوا تحت حماية العشيرة وصاروا أتباعا لها إما بسبب الحرب أو دخلوهم بالاختيار وتجتمع كل عشيرة في مجلس في ظل رئاسة رئيسها وتتخذ بعض المقررات اللازمة لأبناء العشيرة ولمواليها.
إما دور المرحلة الثانية وهي: فيما بعد الغزو الايتروسكي وهو الدور النظامي للمدينة فقد ظهر في الدولة الرومانية نظام سياسي جديد قائم على إطار المدينة وكان نظام روما يرتكز على ثلاثة عناصر:
أ ـ الملك. ب ـ مجلس الشيوخ. ج ـ مجالس الشعب.
ويراد بالملك هو الحاكم الوحيد للدولة وينتخب من قبل شخص واحد من قبل مجلس الشيوخ ويعطى له ثلاث سلطات الدينية والعسكرية والقضائية فهو رأيس السلطة الدينية وكان له حق استلام الأشياء المقدسة واستشارة الآلهة وقيادة الجيش لكافة أفراد روما في وقوعهم اتجاة الموت أو الحياة، وهكذا لها صلاحية القضاء وكان مطالبا باحترام النظام الداخلي للوضع العشائري المدني والسياسي، وكان الملك يرتدي اللباس الأحمر وله مسكن وله مرافقون قدرهم اثنا عشر شخصا يكونون إمامه ويحمل كل واحد منهم عصا في يمينه، وقدوما خاصا في يساره كرمز لحق الملك على كل فرد من أفراد شعبه بالموت والحياة[10].
وكان يتمثل مجلس الشيوخ أولا رؤساء العشائر وأولادهم بعد ذلك واعضاؤه بمقدار عدد العشيرة ويقع لمجلس الشيوخ ثلاثة ادوار: أ) الاستشارية. ب) الانتخابية. ج) التصديقية.
وأما مجالس الشعب فتخضع أما لنظام الملك الاتيني (رومولوس) مؤسس روما، وأما لنظام الملك (الاتيروسكي سيرفيوس تولليوس) فإن رومولوس بنى نظامه على القبلية ولذا يقسم الشعب الروماني إلى ثلاثة قبائل:
1 ـ رامنس من اصل لاتين. 2 ـ تيتيس من اصل سابيني. 3 ـ لوسيريس من اصل اتيروسكي.
وتقسم القبيلة عندئذ إلى عشرة قرى ويراد بالقرية وحدة من وحدات الشعب الروماني تتخذ أساسا لتوزيع الضرائب ولتجنيد الجنود لإجراء الاستشارات الشعبية ولهم مجلس كان الملك ينتدبهم فيه للاستشارة المسمى الكوميتوم.
ويقسم الشعب الروماني إلى طبقتين اجتماعيتين:
1 ـ الأشراف. 2 ـ العامة. والّذي يدخل في المجلس القروي هم الإشراف دون العامة، ويكون هذا المجلس يشير في تعديل النظام العشائر ولا يسري إلى التشريع أو الأمور الانتخابية وهي التي تنحصر في إطار الأسرة خاصة، ويمكن العشيرة إن تصوّت منفردة في مجلس القرى.
وعندما نلاحظ دور سيرقيوس في تنظيمة للمدينة فقد قسم روما الوضع القبائلي على أساس الأرض فكل قبيلة تربط بجزء من روما من حيث الأحياء والحارات فقسم القبائل إلى أربعة أقسام وقسمت المناطق الريفية إلى سبع عشرة منطقة أو سبع عشرة قبيلة وأخذت تزداد القبائل حتى في عام (241 ق م) قد وصلت إلى(35) قبيلة.
وقسم الوطنيون إلى أقسام تبعا لدرجتهم في الإثراء ودفع الضرائب المالية، وقسم كل صنف إلى عدة أقسام مئوية[11].
وكان هذا التقسيم المئوي أثرا على الجانب العسكري وذلك بفرض عدد محدود من الجنود على كل قسم مئوي وكذا يثمر في الجانب السياسي في ناحية التصويت.
وقد شكل في العهد الايتروسكي مجلسان:
1 ـ المجلس المئوي وهو المؤلف من الأشراف والعوام. 2 ـ المجلس القروي وهو المؤلف من الأشراف الخاصة الّذي يرمز إلى الاتجاة الديني والأسرة.
ولنقدم إليك العهد الجمهوري بعد العهد الملكي، وبما جاء فيه من الألواح ألاثني عشر ولنتحدث إليك عن الدور السياسي وتطوره وعندما تستعرض الحياة التاريخية لروما في الصفحة السياسية تجدها قد تألفت إلى عالم أوسع.
1 ـ كالقنصلية وولاة المال والمظالم والإحصاء والأمن المدني وولاة القضاء بين الوطنيين والأجانب وحكام المقاطعات. 2 ـ والمجالس القروية والمئوية والقبيلة. 3 ـ نقباء العوام وهم المحامون والمدافعون عنهم.
ويراد من القناصل هو بعد استبدال الملكية بالجمهورية تقوم ثلاثة أفراد بدل الملك برأسة الدولة إلى سنة واحدة وتوزع صلاحيات الملك فيما بينهم واحد منهم في الشؤون الدينية والثاني في الشؤون القضائية والثالث في الشؤون العسكرية وينتخب هو[12]. الثلاثة من قبل المجالس المئوية الشعبية المكونة من الأشراف والعوام، وهذه المجالس هي عوض مجلس الشيوخ المكون من الأشراف خاصة، ويحل من بعد القناصل الدكتور وهو الحاكم المطلق المنطوية فيه جميع السلطات حيث هم يعينونه وله حق البقاء إلى ستة اشهر وإذا انتهت مهمته قبل ستة اشهر وجب عليه أن يقدم استقالته فورا، وعلى كل قنصل أن يجعل له مساعد ليشرف على إدارة الخزينة العامة وللتحقيق في الأمور الجنائية. ولكن بعد برهة من الزمن أصبح الأعضاء المساعدون ينتخبون من قبل المجالس الشعبية، كما جرى ذلك في عام (420) قبل الميلاد ووصل عدد ولاة المال والمظالم إلى أربعة أفراد وأوجب عليهم.
1 ـ المحافظة على أموال الخزينة. 2 ـ الحسابات في الموارد العامة لشؤون الدولة. 3 ـ القضايا الجنائية.
كما أنه يجب على القناصل إحصاء الشعب وتقدير أملاك رؤساء الأسر وإفرادها، ولكن في عام (443) أو عام (435) جعل واليين لإقامة مثل هذه الأدوار ومن لم يسجل إسمة يجرد من الحرية ويكون رقيقا واشتملت إدارة الإحصاء حتى الأراضي العامة وجباية ضرائبها كما وقد أحدث ولاة القضاء الوطني في سنة (377) ق م ولكن في الواقع أن مثل هؤلاء كانوا ولاة وليسوا بقضاة لإن شؤون القضاء كانت ترجع إليهم وإنما يحيلون المرافعات إلى قاض أو حكم لأجل البت في الدعوى وقد أحدث ولاة القضاء للأجانب في عام (242 ق م) وعند توسع روما في الفتوحات قامت ولاة الملحقات وهم قواد الجيوش فيكون القائد في تلك المقاطعة مشرفا على جميع الشؤون العامة وتكون وظيفة مجلس الشيوخ في العهد الجمهوري مراقبة التشريع وليس له حق التشريع إلاّ انّه بعد ذلك كان له حق الرأي والفتوى، وقد أهملت المجالس القروية ولم ينظر إليها بتلك الأهمية عند تغلب التنظيمات المدنية واكتفى عن مقدار ثلاثين مجلسا بثلاثين أفرادا يمثلونها إلاّ أن المجالس المئوية أخذت في نظر الاعتبار وكان لها حق التشريع والقضاء والانتخاب[13].
ولنأتي في الحديث عن الألواح الإثني عشر الّذي ذكر أن هذه الألواح قد صورت المجتمع الروماني بصورته الحقيقية من حيث عاداته وأعرافه وتقاليدة وقد وردت فتاوى الكهنوت وهي الخاصة في الشؤون الدينية من قبل رجال الدين، وكان سبب عرض هذه الألواح لوجود نزاع حاد بين الأشراف الرومانيين والعوام مما يشكون من سوء التصرف من قبل الشرفاء أمام العوام وقد أرسلت بعثة إلى اليونان في جنوب ايطاليا الساحلية لدراسة قوانين سولون اليونانية التي وضعت في مبدأ القرن السادس قبل الميلاد[14]. وانتخبا أيضا عشرة مفوظين ممزوجة بين الأشراف والعوام في تكملة تلك المهمة والتي وردت في مجموعة (ديركسين) بما وصل إلينا من الألواح:
1 ـ أصول المرافعات:
أ) القسم . ب) القبض على الرهن. ج) طلب الحاكم الإداري تعيين قاض للمرعى.
2 ـ شؤون الأسرة: أ) الوصي. ب) الإرث.
3 ـ الأعمال الحقوقية: أ) البيع والتنازل عند أمام ولاة القضاء. ب) أو طريقة القبض باليد بحضور وزّان وخمسة شهود بالغبن .
4 ـ الأراضي.
5 ـ العقوبات:
أ) الجنايات العامة مثل الحرق ولقتل الجرائم الخاصة الجرائم الزراعية.
وقد صدرت إحكام بعد الألواح التي جاءت في القرن الرابع والخامس والسادس من بناء روما ويختلف اتجاة القوانين عن الاستفتاءات لإن القوانين تأتي من قبل تصويت المجالس الشعبية وهي القروية والمئوية والقبيلية، ولكن الاستفتاءات فهي تدور على رأي الشعب بينما القانون يرتكز على المقدمة والنص المقدم القائم على الحكام للتصديق والعقوبة ولا يتم التصويت القانوني إلاّ بعد إجراء مراسيم دينية وعلى الشعب أن يصوت بهذه القوانين من غير حق له بالتعديل.
وتقسم القوانين عندهم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ القوانين الكاملة. 2 ـ القوانين الشبهة بالكاملة. 3 ـ القوانين غير الكاملة.
وأهم القوانين اللاحقة بعد الألواح إباحة الزواج ما بين الإشراف والعوام وجاءت عدة قوانين متعلقة بالكفالة والقرض والهبات والوصايا والأراضي والأوضاع المدنية.
وعند مطالعتنا للعهد العلمي في التاريخ الروماني والأدوار السياسية فيه تجده قائما على قانون الألواح ألاثني عشر والملحقات للألواح وفتاوى الكهنوت والعادات المحلية ويمكن أن نعبر عن هذه الأمور بمصادر القانون والحقوق الرومانية، وعلينا أن نفتح صحيفة عن العهد الروماني الإمبراطوري السفلي في الجهة السياسية حيث تنقسم إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية، كما جاء هذا انقسام في عهد الإمبراطور (ديوكليسيان) (284 ـ 305) وقد شرع القانون الروماني بهذا الشكل الموجود حاليا منذ عهد (جوستينيان).
أما دور السلطة الإمبراطورية في العهد السفلي فقد منح لها حق التشريع وتفسير القوانين وقد أصبح للإمبراطور السلطة المطلقة ولم يكن مجلس الشيوخ سوى كونه معبرا عن مجلس بلدي يضم مدينة روما وأن دور القناصل مجردة عن أي سلطة وإنما يعينون من قبل الإمبراطورية[15]. وأخذت البراطرة الرومانيون يقلدون الملوك الشرقيين وعمل (ديوكليسيان) على جعل تقديس البراطرة مضمونا إلى تقديس الآلهة، بل أن قسطنطين وضع إلى جانب ألقابه كلمة سيدنا[16]. وتقع مصادر الحقوق لدى الامبراطوريه في العهد السفلى قائمة على القوانين الآتية من قبل الإمبراطور وعلى تأسيس القانون من قبل الفقهاء الحقوقيين الأقدميين في الدور العلمي المفسرة من قبل الإمبراطورية.
موضوعي يتحدث عن الفكر السياسي الروماني.
نشأ بناء رومة 754م ثم سقطت الملكية عام 509م وصارت روما بين عهدين.
1 ـ العهد الأصيل وينظر إليها منذ بناءها عام 754م حتى مطلع القرن السابع من بناء رومة سنة 150ق م.
2 ـ العهد اللاحق ويقصد به بعد فتح البحر الأبيض المتوسط حيث جاءها التطور بأسباب تلك الفتوحات الشرقية ويكون بداية هذا العهد من 150ق م، واستمرت إلى عام 565 م بموت الإمبراطور (جوستينيان وجاء في مدونته[1].
1 ـ أما التمييز بين القانون المدني وقانون الشعوب فيعلم ممايأتي: جميع الأمم التي تحكمها شرائع وعادات مرعية تجري في بعض أمورها على قانون خاص بها هي وفي بعضها الآخر على قانون مشترك بينها وبين غيرها من بنى الإنسان فالقانون الّذي تتخذه كل امة لخصوص نفسها يسمى القانون المدني أي المقصورة احكامه على أهل مدينتها، إما القانون الّذي اهتدى بنو الإنسان بمحض عقولهم إلى ضرورة خلقه فيما بينهم واستوت جميع الشعوب في إتباع مقتضياته فانه يسمى قانون الشعوب ضرورة أن جميع الشعوب قائمة بمراعاته وتطبيقه، وعليه فالأمة الرومانية تسير على قانون بعضه خاص بها وبعضه مشترك بين جميع بني آدم وتفصيلات كل ستعرض لها تباعا في المواضع المناسبة ويأتي إلى قانون الشعوب إذ يقول في مدونته ص 6: إما قانون الشعوب فهو مشترك بين جميع شعوب الجنس البشري إذ مطالب الإنسان وحاجاته في الحياة اضطرت الشعوب إلى خلق بعض ضروب من الانظمة فالحروب مثلا تولد عنها نظام الأسر والرق وهما أمران مخالفان للقانون الطبيعي فان الناس جميعا يحب القانون الطبيعي يولدون في الأصل أحرارا كما أن قانون الشعوب هذا يكاد يرجع إليه اصل جميع المعاهدات كالبيع والإجارة والوديعة والقرض وغير ذلك مما لا يحصى ثم يقم جوستنيان القانون إلى مكتوب وغير مكتوب كالشأن في شرائع اليونانيين، فالمكتوب هو القوانين والقرارات الشعبية وقرارات مجلس الشيوخ وأوامر أولياء الامر ومنشورات الحكام وفتاوى المقننين ويطلق لفظ القوانين على القرارات التي تصدرها الأمة الرومانية بناء على اقتراح أحد الحكام الأعضاء بمجلس الشيوخ كالقنصل مثلاً إما القرار الشعبي فهو الصادر من الطائفة العامة بناء على اقتراح احد حكام العامة كخطيب زعيم من زعمائها مثلاً ويلاحظ إن طائفة العامة تختلف عن الأمة الرومانية اختلاف النوع عن الجنس إذ لفظ الأمة ينسحب على جميع المواطنين ومنهم الخاصة أي الإشراف والشيوخ إما لفظ العامة فلا يدخل في مدلوله الإشراف ولا الشيوخ بل ينسحب فقط على غير هؤلاء الخواص من المواطنين على انه بمقتضى قانون هورتنسيان قد أصبح للقرارات الشعبية من القوة ما للقوانين نفسها، إما قرار الشيوخ فهو الأمر أو الرسم الّذي يضعه مجلس الشيوخ إذ الأمة الرومانية لما تكاثر عددها لدرجة يتعدد معها دعوتها للاجتماع كيما تسن القوانين فقد رُئي من الأنسب أن قوم مجلس الشيوخ بأداء هذه المهمة ويشير في رقم 6 إلى إرادات ولي الأمر له قوة القانون لأنه بمقتضى قانون ريحيا قد ألقت إليه الأمة بحقها في السيادة وفوضته في استعمال جميع مالها من السلطات وعليه فكل ما أمر به الإمبراطور بخطاب من لدنه أو حكم به في قضية ما أو قرره في منشور يصدره كل ذلك يكون قانونا ملزما.
ونلاحظ العهد الأصيل يعطي بعض الخواص.
1 ـ التبادل الاقتصادي[2]. ويلحظ في مقياس استقرارية الحقوق عن طريق العرف.
2 ـ الصبغة الرئيسة السرية، حيث كانت في محيط الكهنة ولا يعلنونها إلى الجماهير ولم تنشر هذه الأحكام إلاّ آخر القرن الخامس من بناء روما (279 ق م).
3 ـ المراسم الرمزية ويقصد بها أن الإرادة ليست لها جهة استقلالية ما لم يكن وجود كاشف عن تلك الإرادة كالألفاظ والشكلية الخاصة التي تعلن من خلالها ذلك العقد المبرم في إنجازه،
4 ـ مراسم تكوين الحقوق ويقوم ذلك على القبض باليد كما هو طريقة المانسيباسيو أو طريقة التنازل أمام الولاة، وهي طريقة الابن جوري سيسيو وهناك حقوق لدى الرومانيين غير مبنية على المراسم الرمزية كالعقود الرضائية الصرفة مثل البيع والإجارة والشركة والتوكيل فقد ظهرت في القرن السابع من تاريخ روما[3].
5 ـ مراسم الادعاء وتتكون مراسم أصول المرافعات بالقسم القانونية وإجراء طقوس دينيه[4]. ويقوم مراسم التنفيذ كما ذكرت الألواح الإثنا عشر بأن يمكن للدائن الحق في أن يصفد المدين بالقيد ويعرضه في سوق روما ثلاث مرات حتى تقيم المحكمة وهو يرسف في قيده وأغلاله و يحبس إلى ستين يوما ويكون حكمه أما الموت أو البيع وإذا تعددت الدائنون تحكم الألواح الإثنا عشر بتقطيع الجثة بين الدائنين[5]. وقد ادعى جيفار وجود هذه الأعراف في الأحكام الإسلامية ويبدو منه عدم الإطلاع أو الافتراء على ساحة العدل الإسلامي.
6 ـ عدم السماح بالتوكيل وقسمت الحقوق الرومانية العالم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الوطنيين هم عنصر روما. 2 ـ اللاتينيين وهم التابعون إلى مدينة غير روما. 3 ـ الغرباء وهم المجاورون الساكنون إلى جانب روما من وراء النهر.
أما العهد اللاحق الّذي يبتدي (109 ق م) قد أخذ بتطور في أواسط القرن السابع عند بناء روما، حيث صدر قانون جوليا (90 ق م) فجاء ذلك القانون بمنح اللاتينيين الوطنية وبعد ذلك جاء الإمبراطور كاراكاللا الافنيقي وأصدر أمره في عام (212) بعد المسيح منح به حقوق مدينة روما وصفة الوطني الروماني إلى جميع الأجانب بعد اللاتينيين ممن هم خاضعون لسلطان روما.
ويعتقد (كوللينة) أن تطور الحقوق يغري إلى الشرقيين[6]. وليس إلى أهل روما كما تدل عليه مؤلفات الشرقيين الفينقيين وكان التطور شاملاً حتى في مجالات أعمال القياصرة وحياتهم بل ودينهم وقال جيفار إن قياصرة الرومان في الشرق أخذوا ينظمون شيئا فشيئا قصورهم وسلطانهم على مثال ملوك الفرس وأن قيصر بزانس أصبح في الحقيقة عاهلا شرقياً له قصور متعددة ومراسم في التشريفات مأخوذة على ملوك الفرس القدماء ويرى (ريفيللو) أن قسطنطين لما وضع شارة الصليب على رايته إنما أخذها عن الملوك الآشوريين ووضعها في نفس الشكل الّذي كان يرى صدر أولئك الملوك، وقد ادخل الفينقيون الأجانب في الوطنية الرومانية وجعلوهم تحت سلطان روما.
ويحدثنا كوللينه في كتابه الطابع الشرقي لعمل جوستينان التشريعي فقال: في الشرق أكثر منه في الغرب وفيما بين القرن الرابع إلى القرن السادس بعد الميلاد إنما تم تطور الحقوق الرومانية وانتقالها من الحقوق القديمة إلى حقوق القرون الوسطى هذه الحقوق التي أصبحت طليعة للحقوق الحديثة ومعدة لها راجع ص 111 منه طبعة 1912 في باريس.
ويبدو من (دافيد سانتيللانا) في مقدمته على مشروع القانون المدني والتجاري التونسي المطبوع عام (1890) في تونس باللغة الفرنسية ومن محمد حافظ صبري مؤلف كتاب المقارنات والقابلات المطبوع عام (1902) في مصر بأنهما قد ذهبا إلى أن الفقه الإسلامي قد وافق الفقه المعبرى والروماني في مسائل المقالات الدنيوية المعبّر عنها بالمسائل المدنية والتجارية والعقوبات ص 5 مطبعة هندية مصر عام (1320) والطبعة الأولى.
والّذي نلاحظه أن المستشرقين قد اثبتوا أدلة على تأثير الحقوق الرومانية في التشريع الإسلامي.
1 ـ إن للحقوق الرومانية تأثيرا عظيما لا شك فيه في الشرق.
2 ـ إن الفقه الإسلامي لم ينشأ عند العرب بمحض تفكيرهم الخاص من غير تأثير خارجي فيهم وأن هذا الفقه إنما تم وانتظم في القرن الثاني من الهجرة وذلك في سورية والعراق وعلى اثر اتصال المسلمين بمعاهد الحقوق النصرانية هناك.
3 ـ وجود تشابه بين الحقوق الرومانية والحقوق الإسلامية من حيث الفكر ولغة التعبير والاصطلاحات والّذي نعتقده في هذه الأدلة لا تعطينا السلك الضوئي على طبيعة التأثير من جانب القانون الروماني على القانون الإسلامي وإنّما الإسلام في قانونه أخذ الرسم الاستقلالي من غير حكاية التصوير للآخرين والأدلة الامضائيه في بعض النقاط القانونية كما في بعض المعاملات لاناطته في مجال العرف وقد يأتي ثانياً في تخطئة العرف في بعض المصاديق نظير البيع الربوي فإنه يخرجه عن دائرة البيع بنحو التخصص والخروج الموضوعي دون التخصيص، وإنما مقياس الأحكام الإلهية كاشفة عن تلك الانطباعات والفضائل النفسية المستقرة في لوحة الذات وإنما اللسان القانوني الإلهي يقع كاشفا عن وجود تلك الصحائف الفاضلة التي انتزعتها رسالات السماء بصياغة قانونية تحت أرقام الأحكام التكليفية والوضعية، فإن الأحكام التكليفية هي التي في صفحة الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة والأحكام الوضعية هي الموضوعات الخارجية التي كان غطاؤها الحكم التكليفي نظير الصحة والبطلان، وانتشار المذاهب والأفكار الرومانية لا يعطي كون الإسلام قد أخذ منها أحكاما وصيرها في قالب قانوني مع أن الكتاب والسنة كان في عهد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوتوسعة الآراء كان في العهد العباسي، وإنما كان نشاط المذهب الفلسفي قد أخذ مجالا واسعا لدفع حركة الزنادقة بظروف سياسية في ترجمة الكتب اليونانية هذا مع ما في تطور الفكر البشري، فإن السنة في مصطلح الإمامية لا تتحدد بشخص النبي صلىاللهعليهوآله وإنما يعم سائر الائمة الاثني عشر فالأحكام منوطة بقيادة فكرية إلهية تسير على ضوء الكتاب والسنة المرتسم في شخص النبي التي هي الأصول الأولية ثم يأتي دور السنة في التفريعات ولم يكن أي دور قانوني قد اقتبس الإسلام من تلك الأفكار الرومانية واتصال العرب بالمسيحيين لا يقره التاريخ لان معاهد الحقوق لم تكن إلاّ ثلاثة مدارس في مصر وفلسطين وبيروت وقد أغلقت اثنتان وبقيت واحدة وفتح العرب لسوريا والعراق عام (635) للميلاد وقد قضى على مدرسة بيروت عام (551) ميلادية اثر الزلزال ومات فيها ما يقارب ثلاثين ألف شخصاً وهذا يعطي الكشف عن وجود الحادثة قبل ميلاد الرسول صلىاللهعليهوآله بعشرين سنة.
أما انتشار الإسلام في مصر فيقول محمد معروف الدواليبي (وزيادة على ذلك فان مصر في العهد الإسلامي لم تكن البلد الّذي نشأ فيه مذهب أهل الرأي ليسهل معه الاقتباس من التقاليد الحقوقية الرومانية على فرض وجود تقاليد رومانية في جميع مصر وإنما كانت موطنا لمذاهب تقليدية تقف جهدها عند النصوص الواردة في الكتاب والسنة، وإنه لمن العبث حينئذ أن نلتمس فيما انتشر في مصر من المذاهب أثرا للحقوق الرومانية مع أن ما انتشر في مصر من المذاهب الفقهية، إنما هي مذاهب نشأت أولاً في الحجاز والعراق ثم نُقلت إلى مصر نقلاً.
ويحدثنا أيضا عن سوريا قائلاً وفضلاً عن كل ذلك أيضا إن سورية لم يكن لها أي تأثير في تطور الحقوق الإسلامية ولم يعرف عنها أنه نشأ فيها مذهب الفقهاء الأحرار لأن سورية في عهد نشأة الحقوق الإسلامية كانت تحت سيطرة مذاهب المحدثين المقلدين للفقه الإسلامي على ما هو عليه في الحجاز وكما جاءت به النصوص الكتاب والسنة ولذلك لم يجد الفقه الإسلامي في سورية موطنا ملائما للتوسع والرقي والاقتباس من تقاليد الحقوق الرومانية ثم يقول وفوق كل هذا إن المذهب الوحيد الّذي يحكي عند انه نشأ في سورية إنما هو مذهب الإمام الاوزاعي وهو مذهب من مذاهب المحدثين المقلدين الّذي لم يستطع البقاء أمام اجتياح مذهب أهل الرأي العراقي فذهب واندثر[7].
كما أن ما ذهب إليه (سانتيللانا) في وجود التشابه بين الفكر الإسلامي والروماني بالأفكار واللغة في التعبير والمصطلحات فقد بينا إن ذلك لا يوجب الحتمية والاقتباس وإن توحيد في السير على منهج القويم الموحد عند كافة العقلاء لا يثبت الاقتباس وإنما يتطلبه احتياج البشر في الدخول تحت أرقام معينه وإنما ذلك خط مشترك يتحد فيه جميع العناصر البشرية تحت غطاء كلي عام في التفاهم ورسالات السماء هي القاسم المشترك لجميع الأفكار البشرية وليست رسالة الإسلام إلاّ كمال للتشريع من منطلق آدم عليهالسلام إلى آخر حياة القائد الرسالي محمد صلىاللهعليهوآلهوالرجوع إلى بعض المصطلحات كأحكام الدعاوى والأشخاص والأشياء أو الالتزام (بليكاسيو).
وصار معنى الالتزام أخيرا بمعنى الرابط (ليكاري). والتعابير اللغوية وتوحيد بعض الأفكار، فلا يدل على وجود الاقتباس وإنما يدل على وجود حلقة اتصال التفاهم من حيث اللغة القانونية والإمضاء في الجانب الفكري لا الاقتباس التشريعي هذا مع أن الأمر يقع عكسيا فإن الرومانيين قد تأثروا بالطابع الشرقي وجمع ادوار رسالات السماء كانت آتية من قبل الشرقيين ولم يتأثروا بأي طابع ما سوى ذلك القبس المتأجج من قبل الفيض الإلهي. ولابد أن نفرق بين طبيعة التشريع ومصادره فمثل وجود كلمة الإجماع في العرف الإسلامي الّذي جاء في العرف الروماني في كلمة (كونسانسوس) وهذا لا يعني سلب التفاهم البشري عن كل كلمة تكون في سلسلة الترابط بالفكر العام هذا مع اختلاف الغاية التي في عرف الرومانيين التي هي في خط حصر السلطات لدى الإمبراطورية وعند الإسلام الإجماع الكاشف عن قول المعصوم المتضمن فيه صلاح الأمة، وإما حصر المفتين كما سار عليه الإمبراطور أغسطس كما يحدثنا بذلك جيفار:1 ص53 المادة 94[8]. وهذا لا يعطي التخطيط الإسلامي الّذي نلاحظه في خطه العام كفكر لا بالنظر إلى الأفراد والمسلمين.
وعلى ضوء بياننا يتضح اختلاف حقيقة الإجماع والغاية عند الرومانيين مع الإجماع الّذي عند المسلمين ونلاحظ العهد السياسي في روما وتقسم إلى مرحلتين:
1 ـ عند بداية روما إلى غزو الاتيروسكي. 2 ـ منذ الغزو الاتيروسكي حتى نهاية الملكية.
ويكون النظر إلى المرحلة الأولى النظام السياسي على صعيد عشائري وليس على نظام المدينة ويراد منها الأسرة الّذي يرئسها لتلك العشيرة (الطائفة) وهي التي تنطوي تحت اسم واحد وعبادة واحدة[9]. يشملها حد أعلى ولها استقلال داخلي ويتبع العشيرة الموالي وهم الذين دخلوا تحت حماية العشيرة وصاروا أتباعا لها إما بسبب الحرب أو دخلوهم بالاختيار وتجتمع كل عشيرة في مجلس في ظل رئاسة رئيسها وتتخذ بعض المقررات اللازمة لأبناء العشيرة ولمواليها.
إما دور المرحلة الثانية وهي: فيما بعد الغزو الايتروسكي وهو الدور النظامي للمدينة فقد ظهر في الدولة الرومانية نظام سياسي جديد قائم على إطار المدينة وكان نظام روما يرتكز على ثلاثة عناصر:
أ ـ الملك. ب ـ مجلس الشيوخ. ج ـ مجالس الشعب.
ويراد بالملك هو الحاكم الوحيد للدولة وينتخب من قبل شخص واحد من قبل مجلس الشيوخ ويعطى له ثلاث سلطات الدينية والعسكرية والقضائية فهو رأيس السلطة الدينية وكان له حق استلام الأشياء المقدسة واستشارة الآلهة وقيادة الجيش لكافة أفراد روما في وقوعهم اتجاة الموت أو الحياة، وهكذا لها صلاحية القضاء وكان مطالبا باحترام النظام الداخلي للوضع العشائري المدني والسياسي، وكان الملك يرتدي اللباس الأحمر وله مسكن وله مرافقون قدرهم اثنا عشر شخصا يكونون إمامه ويحمل كل واحد منهم عصا في يمينه، وقدوما خاصا في يساره كرمز لحق الملك على كل فرد من أفراد شعبه بالموت والحياة[10].
وكان يتمثل مجلس الشيوخ أولا رؤساء العشائر وأولادهم بعد ذلك واعضاؤه بمقدار عدد العشيرة ويقع لمجلس الشيوخ ثلاثة ادوار: أ) الاستشارية. ب) الانتخابية. ج) التصديقية.
وأما مجالس الشعب فتخضع أما لنظام الملك الاتيني (رومولوس) مؤسس روما، وأما لنظام الملك (الاتيروسكي سيرفيوس تولليوس) فإن رومولوس بنى نظامه على القبلية ولذا يقسم الشعب الروماني إلى ثلاثة قبائل:
1 ـ رامنس من اصل لاتين. 2 ـ تيتيس من اصل سابيني. 3 ـ لوسيريس من اصل اتيروسكي.
وتقسم القبيلة عندئذ إلى عشرة قرى ويراد بالقرية وحدة من وحدات الشعب الروماني تتخذ أساسا لتوزيع الضرائب ولتجنيد الجنود لإجراء الاستشارات الشعبية ولهم مجلس كان الملك ينتدبهم فيه للاستشارة المسمى الكوميتوم.
ويقسم الشعب الروماني إلى طبقتين اجتماعيتين:
1 ـ الأشراف. 2 ـ العامة. والّذي يدخل في المجلس القروي هم الإشراف دون العامة، ويكون هذا المجلس يشير في تعديل النظام العشائر ولا يسري إلى التشريع أو الأمور الانتخابية وهي التي تنحصر في إطار الأسرة خاصة، ويمكن العشيرة إن تصوّت منفردة في مجلس القرى.
وعندما نلاحظ دور سيرقيوس في تنظيمة للمدينة فقد قسم روما الوضع القبائلي على أساس الأرض فكل قبيلة تربط بجزء من روما من حيث الأحياء والحارات فقسم القبائل إلى أربعة أقسام وقسمت المناطق الريفية إلى سبع عشرة منطقة أو سبع عشرة قبيلة وأخذت تزداد القبائل حتى في عام (241 ق م) قد وصلت إلى(35) قبيلة.
وقسم الوطنيون إلى أقسام تبعا لدرجتهم في الإثراء ودفع الضرائب المالية، وقسم كل صنف إلى عدة أقسام مئوية[11].
وكان هذا التقسيم المئوي أثرا على الجانب العسكري وذلك بفرض عدد محدود من الجنود على كل قسم مئوي وكذا يثمر في الجانب السياسي في ناحية التصويت.
وقد شكل في العهد الايتروسكي مجلسان:
1 ـ المجلس المئوي وهو المؤلف من الأشراف والعوام. 2 ـ المجلس القروي وهو المؤلف من الأشراف الخاصة الّذي يرمز إلى الاتجاة الديني والأسرة.
ولنقدم إليك العهد الجمهوري بعد العهد الملكي، وبما جاء فيه من الألواح ألاثني عشر ولنتحدث إليك عن الدور السياسي وتطوره وعندما تستعرض الحياة التاريخية لروما في الصفحة السياسية تجدها قد تألفت إلى عالم أوسع.
1 ـ كالقنصلية وولاة المال والمظالم والإحصاء والأمن المدني وولاة القضاء بين الوطنيين والأجانب وحكام المقاطعات. 2 ـ والمجالس القروية والمئوية والقبيلة. 3 ـ نقباء العوام وهم المحامون والمدافعون عنهم.
ويراد من القناصل هو بعد استبدال الملكية بالجمهورية تقوم ثلاثة أفراد بدل الملك برأسة الدولة إلى سنة واحدة وتوزع صلاحيات الملك فيما بينهم واحد منهم في الشؤون الدينية والثاني في الشؤون القضائية والثالث في الشؤون العسكرية وينتخب هو[12]. الثلاثة من قبل المجالس المئوية الشعبية المكونة من الأشراف والعوام، وهذه المجالس هي عوض مجلس الشيوخ المكون من الأشراف خاصة، ويحل من بعد القناصل الدكتور وهو الحاكم المطلق المنطوية فيه جميع السلطات حيث هم يعينونه وله حق البقاء إلى ستة اشهر وإذا انتهت مهمته قبل ستة اشهر وجب عليه أن يقدم استقالته فورا، وعلى كل قنصل أن يجعل له مساعد ليشرف على إدارة الخزينة العامة وللتحقيق في الأمور الجنائية. ولكن بعد برهة من الزمن أصبح الأعضاء المساعدون ينتخبون من قبل المجالس الشعبية، كما جرى ذلك في عام (420) قبل الميلاد ووصل عدد ولاة المال والمظالم إلى أربعة أفراد وأوجب عليهم.
1 ـ المحافظة على أموال الخزينة. 2 ـ الحسابات في الموارد العامة لشؤون الدولة. 3 ـ القضايا الجنائية.
كما أنه يجب على القناصل إحصاء الشعب وتقدير أملاك رؤساء الأسر وإفرادها، ولكن في عام (443) أو عام (435) جعل واليين لإقامة مثل هذه الأدوار ومن لم يسجل إسمة يجرد من الحرية ويكون رقيقا واشتملت إدارة الإحصاء حتى الأراضي العامة وجباية ضرائبها كما وقد أحدث ولاة القضاء الوطني في سنة (377) ق م ولكن في الواقع أن مثل هؤلاء كانوا ولاة وليسوا بقضاة لإن شؤون القضاء كانت ترجع إليهم وإنما يحيلون المرافعات إلى قاض أو حكم لأجل البت في الدعوى وقد أحدث ولاة القضاء للأجانب في عام (242 ق م) وعند توسع روما في الفتوحات قامت ولاة الملحقات وهم قواد الجيوش فيكون القائد في تلك المقاطعة مشرفا على جميع الشؤون العامة وتكون وظيفة مجلس الشيوخ في العهد الجمهوري مراقبة التشريع وليس له حق التشريع إلاّ انّه بعد ذلك كان له حق الرأي والفتوى، وقد أهملت المجالس القروية ولم ينظر إليها بتلك الأهمية عند تغلب التنظيمات المدنية واكتفى عن مقدار ثلاثين مجلسا بثلاثين أفرادا يمثلونها إلاّ أن المجالس المئوية أخذت في نظر الاعتبار وكان لها حق التشريع والقضاء والانتخاب[13].
ولنأتي في الحديث عن الألواح الإثني عشر الّذي ذكر أن هذه الألواح قد صورت المجتمع الروماني بصورته الحقيقية من حيث عاداته وأعرافه وتقاليدة وقد وردت فتاوى الكهنوت وهي الخاصة في الشؤون الدينية من قبل رجال الدين، وكان سبب عرض هذه الألواح لوجود نزاع حاد بين الأشراف الرومانيين والعوام مما يشكون من سوء التصرف من قبل الشرفاء أمام العوام وقد أرسلت بعثة إلى اليونان في جنوب ايطاليا الساحلية لدراسة قوانين سولون اليونانية التي وضعت في مبدأ القرن السادس قبل الميلاد[14]. وانتخبا أيضا عشرة مفوظين ممزوجة بين الأشراف والعوام في تكملة تلك المهمة والتي وردت في مجموعة (ديركسين) بما وصل إلينا من الألواح:
1 ـ أصول المرافعات:
أ) القسم . ب) القبض على الرهن. ج) طلب الحاكم الإداري تعيين قاض للمرعى.
2 ـ شؤون الأسرة: أ) الوصي. ب) الإرث.
3 ـ الأعمال الحقوقية: أ) البيع والتنازل عند أمام ولاة القضاء. ب) أو طريقة القبض باليد بحضور وزّان وخمسة شهود بالغبن .
4 ـ الأراضي.
5 ـ العقوبات:
أ) الجنايات العامة مثل الحرق ولقتل الجرائم الخاصة الجرائم الزراعية.
وقد صدرت إحكام بعد الألواح التي جاءت في القرن الرابع والخامس والسادس من بناء روما ويختلف اتجاة القوانين عن الاستفتاءات لإن القوانين تأتي من قبل تصويت المجالس الشعبية وهي القروية والمئوية والقبيلية، ولكن الاستفتاءات فهي تدور على رأي الشعب بينما القانون يرتكز على المقدمة والنص المقدم القائم على الحكام للتصديق والعقوبة ولا يتم التصويت القانوني إلاّ بعد إجراء مراسيم دينية وعلى الشعب أن يصوت بهذه القوانين من غير حق له بالتعديل.
وتقسم القوانين عندهم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ القوانين الكاملة. 2 ـ القوانين الشبهة بالكاملة. 3 ـ القوانين غير الكاملة.
وأهم القوانين اللاحقة بعد الألواح إباحة الزواج ما بين الإشراف والعوام وجاءت عدة قوانين متعلقة بالكفالة والقرض والهبات والوصايا والأراضي والأوضاع المدنية.
وعند مطالعتنا للعهد العلمي في التاريخ الروماني والأدوار السياسية فيه تجده قائما على قانون الألواح ألاثني عشر والملحقات للألواح وفتاوى الكهنوت والعادات المحلية ويمكن أن نعبر عن هذه الأمور بمصادر القانون والحقوق الرومانية، وعلينا أن نفتح صحيفة عن العهد الروماني الإمبراطوري السفلي في الجهة السياسية حيث تنقسم إلى إمبراطوريتين شرقية وغربية، كما جاء هذا انقسام في عهد الإمبراطور (ديوكليسيان) (284 ـ 305) وقد شرع القانون الروماني بهذا الشكل الموجود حاليا منذ عهد (جوستينيان).
أما دور السلطة الإمبراطورية في العهد السفلي فقد منح لها حق التشريع وتفسير القوانين وقد أصبح للإمبراطور السلطة المطلقة ولم يكن مجلس الشيوخ سوى كونه معبرا عن مجلس بلدي يضم مدينة روما وأن دور القناصل مجردة عن أي سلطة وإنما يعينون من قبل الإمبراطورية[15]. وأخذت البراطرة الرومانيون يقلدون الملوك الشرقيين وعمل (ديوكليسيان) على جعل تقديس البراطرة مضمونا إلى تقديس الآلهة، بل أن قسطنطين وضع إلى جانب ألقابه كلمة سيدنا[16]. وتقع مصادر الحقوق لدى الامبراطوريه في العهد السفلى قائمة على القوانين الآتية من قبل الإمبراطور وعلى تأسيس القانون من قبل الفقهاء الحقوقيين الأقدميين في الدور العلمي المفسرة من قبل الإمبراطورية.