منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمعاهدات والمواثيق الدولية
By نوره الخليوي
#29498
السياسة الاقتصادية للدولة .. الى اين!
ان السياسة الاقتصادية تعنى جملة القرارات والاجراءات التى تتخذها الدوله لتنظيم وتشكيل ، تكوين ، الاقتصاد وتضع القواعد التي يعتمدها...
وتتعامل بها مختلف انواع القوى الفاعلة في السوق ، قوى النشاط الاقتصادي العام والخاص والمختلط . ان نظرية السياسة الاقتصادية هي جزء من علم الاقتصاد الوطني وتنصرف لوضع القواعد التنظيمية للانظمة الاقتصادية ومجرى حركة العمليات الاقتصادية . ومن مهماتها الاساسية تشخيص الوضع الاقتصادي اولا " Diagnose" ومحاولة تقديم صورة مستقبلية للتطورات الاقتصادية"Prognose" هذا بالاضافة الى تحديد الاهداف والمعوقات وتوضيح العلاقه بين الاهداف المرسومة والوسائل المستخدمة"السياسات" التي تقدم للقيادة السياسية . ان الحاجة ماسة الى البيانات الاولية حول نوع وحجم النشاطات الاقتصادية في اجمالي الناتج القومي وذلك لوضع معالم الخطة الاقتصادية العامة والخطط الاقتصادية الفرعية لمختلف قطاعات النشاط الاقتصادي بما فى ذلك حجم نشاط الاقتصاد الخاص . لقد بذلت جهود في هذا الاتجاه من قبل وزارة التخطيط العراقية في الفترة من منتصف السبعينيات والى منتصف الثمانينيات ووضعت البرامج الداعمة لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار وقد تم فعلا بنجاح كبير بناء قاعدة اولية من المعامل الخدمية والانتاجية في مختلف المدن العراقية ، هذا بالاضافة الى الاستثمارات المباشرة للقطاع العام كالصناعات الكهربائية واطارات السيارات والاتفاق مع الشركات المنتجة على تجميع الشاحنات"سكانيا فابيس" و"باصات ريم" وصناعة البطاريات وفي مجال صناعة النسيج والملابس الجاهزة والاستثمار في قطاع انتاج الدواء وانتاج الغذاء....الخ الا ان هذه الجهود كمثيلاتها في القطاع الزراعي والانشاءات وتطوير شبكة البنى التحتية قداهملت ولم تجد الرعاية المطلوبة في الادامة والاستثمار وذلك لان القيادة السياسية قد استنزفت قوى الانتاج والثروة القومية بمغامرات لا طائل لها ، فقد استمرت حرب الخليج الاولى ثمان سنوات وكان حوالي مليون من الشباب العراق من الشهداء والمعوقين بالاضافة الى استنزاف الاحتياطي من الثروة القومية بالاضافة الى المليارات من الديون الخارجية . لقد وضعت هذه الحر ب ، مع استمرارالقيادة على اسلوب التفكيرالبدوي والفردي وفكرة "الكونه"الخطوات الاولية لحرب الخليج الثانية" غزو الكويت" والتي جاءت بالحصار المدمر الذي استمر طويلا وكانت عواقبه كارثية بكل معنى الكلمة وادت بالنهاية الى قصم ظهر العراق وتدميرانظمته الاقتصادية والاجتماعية ومؤسساته الحيوية بشكل عام . ان المنشات الصناعية والزراعية التي تكونت في العراق ، سوى ان كانت من استثمارات قطاع الدولة او القطاع الخاص لم تعد قائمة ومعطلة عن العمل ، وليس هذا فحسب فان وضع قوى الانتاج في الوطن العراقي منذ منتضف الثمانينيات والى يومنا هذا في حاله من التردي المستمر وعلى كافة المستويات ، ان الدولة وحكوماتها المتعاقبة منذ 2003 ولاسباب كثيرة لم تقوم بمحاولة جادة على الاقل لاعادة المنشأت والمعامل التي تقع ضمن ملكيتها الى العمل ثانية . كانت الدولة ومازالت مشغولة بامور لاتمت الى التنمية واعادة البناء بصلة ، بالرغم من المؤتمرات والاجتماعات الماراثونية حول اعادة اعمار العراق . من ناحية اخرى فقد ظهرت اعداد كبيرة من اصحاب الملايين في الفترة منذ سقوط النظام عام 2003، الا ان هؤلاء قد استثمروا اموالهم في مختلف القطاعات وخاصة في قطاع العقارات وفي مختلف اقطار العالم وبشكل خاص في الاردن ودويلات الخليج والمملكة المتحدة ، كما ونشط فريق اخر منهم في تجارة الاستيراد حيث استطاع اغراق السوق العراقية بمختلف اصناف البضائع مما جعل جدوى اعادة المصانع الى العمل ثانية نوعا من المغامرة الخاسرة. والحقيقة فان" اغنياء الحرب الجدد" الذي حصلوا على هذه الاموال الطائلة بدون جهد يذكر اوكفاءات معينة غير مؤهلين ان يكونوا الصناعيين العراقيين الجدد الحريصون على البلد ومستقبله ورفاهية شعبه. يضاف الى ذلك هجرة وهروب مئات الالاف من الايدي العاملة المدربة واصحاب الكفاءات الى مختلف اقطار العالم والذين يشكلون القواعد الاساسية للتنمية . في ظل هذه الشروط البالغة التعقيد والوضع الامني غير المستقر والوضع المعيشي البائس لغالبية العراقيين وتفشي البطالة في صفوف العمال والشباب بالاضافة الى هروب الرساميل الفاعلة من البلد ، هذا الواقع الصعب يلزم الدولة واجهزتها التنفيذية المتخصصة ان تتولى مسؤولياتها وتقوم بتحديد اتجاه السياسة الاقتصادية ووضع الخطط التنموية من خلال ادراك وفهم الواقع العراقي المؤلم في مختلف تجلياته. ان ما صدر عن الحكومات العراقية منذ 2003 حول السياسة الاقتصادية لا يعدوا اكثر من تصورات غير مكتملة وغير ناضجة والتي يمكن حصرها في التوجه نحو" الاقتصاد الحر"، وما يعني ان قضية الاستثمار والتنمية سوف تكون ضمن نشاطات الاستثمارات الخاصة من افراد ومؤسسات عراقية واجنبية وفي جميع القطاعات الانتاجية والاستخراجية والخدمية ، ويعني هذا ايضا ان الدولة ، على الاقل حاليا ، لا تفكر في اعادة العمل بالقطاع العام او القيام باستثمارات جديدة . ان الدولة في هذا التوجه لم تدرك بعد خصوصية الوضع الاقتصادي والاجتماعي للدولة والمجتمع العراقي ، بعد حربين مدمرتين وحصاراقتصادي ظالم وانهيار الاعراف والتقاليد وتلكأ الانظمة الاجتماعية وعدم قدرتها على تنظيم المجتمع ، هذا بالاضافة الى ان الدولة والحكومة لم توفق في اعادة الحد الادنى من البنية التحتية الى العمل وتخفيف معاناة المواطن اليومية الى الكهرباء والماء الصالح للشرب..الخ. ان الحكومة اعلنت توجهها نحو القطاع الخاص دون ان تقوم بدراسة علمية حول حجم وقدرة ورغبه القطاع الخاص في الاستثمار وفي اي نوع من النشاطات الاقتصادية سوف ينشط بها. ان الدولة قد حسمت موقفها سوى ان كان ذلك نتيجة اجتهاداتها الخاصة او قد فرضت عليها بشكل او باخر . وعلى اي حال فان الدولة والحكومة لم تطرح لحد الان الخطط والبرامج وسلم الاوليات للمشاريع التي يجب على القطاع الخاص الاستثمار بها ونوع التسهيلات التي سوف يحصل عليها . ان ترك النشاط الاقتصادي والتنمية لاهواء وتصورات القطاع الخاص ، خاصة في ظروف العراق الحالية وضعف الدولة والحكومة وحالة الفساد الاداري والمالي المستفحلة تعني في واقع الامر ليس فقط استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه وانما تعميق الحالة التي نعيشها مضافا اليها تاكل والانهيار التدريجي لاجهزة الدولة والاستحواذ على الاموال المرصودة للدعم والتشجيع دون ان يتم انجاز مصنعا او معملا يستوعب عددا من العمال العاطلين عن العمل ، من الضروري قراءة التجربة الروسية بعد سقوط النظام الاشتراكي وذلك لوجود عوامل مشتركة مع الاوضاع العراقية بعد عام 2003. ان الفوضى التي حصلت في روسيا لم تقتصر على سرقة المال العام والاستحواذ على المصانع والمؤسسات والاحتيال على البنوك والاستيلاء عليها من قبل موظفين وعصابات الجريمة المنظمة وبالتعاون مع مؤسسات اجنبية وانما ايضا افساد الانظمة الاجتماعية وشراء الذمم ونشر الفوضى والفساد في جميع مرافق المجتمع بالاضافة الى تعميم النظرة النفعية والعمل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، لقد عشعش المجرمون والافاقون واصبحوا في فترة قصيرة مدراء بنوك واصحاب مشاريع صناعية واصحاب مناجم يديرونا باساليب اجرامية . اننا نامل ان تعير الدولة اهتماما لتجار الحروب الجدد الذين ظهروا بالعراق والذين سوف لا يتحرجوا في استخدام كل الوسائل للحفاظ على الامتيازات التي هم عليها الان والتي يمكن ان تتحول الى مشاريع مختلفة لجني الارباح بسرعة . وفي الوقت الذي تعلن الدولة مشاريع القطاع العام"للخصخصة" بما فيها "مزارع الدولة" فسوف تستولي عليها هذه التماسيح بالطرق المالوفة المعهودة ، وسوف تكون مشاريع للمضاربات الاقتصادية وجني الارباح دون ان تعاد الى العملية الانتاجية ثانية وتساهم في انتاج الغذاء والحد من استيراد المواد الغذائية والذي شمل الان جميع الانواع . ان قطاع النفط قد ترك للاستثمارات الاجنبية بشكل كامل حيت ان الشركات الاجنبية على معرفة تامة بحجم الارباح التي يمكن الحصول عليها في هذا القطاع ناهيك عن اهميته الستراتيجية . وبالرغم من توفر قدرات عراقية متقدمة في هذا القطاع كان يمكن وضع سياسة وخطط عقلانيه تجعل من الشركات الوطنية دور فاعل ومستقل وقابل للتطور لاستلام مهمات واسعة مستقبلا ، اي انها تساهم بشكل جيد في عمليات الاستخراج والصيانة والتطوير، وبمثل هذه السياسات يمكن الكلام عن خطط تنموية حقيقية واعدة ، والعمل على تطوير استقلالية في القرار . ان الدول الصناعية الكبيرة لم تصبح صناعية ومتقدمه دفعة واحدة وانما اجتازت مراحل متعددة ، وفي كل مرحلة توسعت خبراتها واضافت الى معارفها اشياء جديدة والتي استطاعت ان تستخدمها في المراحل اللاحقة. ومن الجدير بالاشارة الى تجربة كوريا الجنوبية حينما تعاقدت في بداية الخمسينات مع شركات امريكيه لانشاء مصفى للنفط ، في هذه العملية لم تساهم الشركات الكورية ، عدا بالايدي العاملة في المشروع بمعدات واجهزه كورية الصنع ، ولكنها في المشروع الثاني استطاعت ان تساهم بنسبة 25% ، وهكذا فىالمصافى التاليه استطاعت ان تزيد من مساهماتها بشكل واضح. ان اوضاعنا وخبرتنا فى قطاع النفط العراقى فى القرن الواحد والعشرون كانت افضل كما ونوعا مما كان متوفرا في كوريا الجنوبية في خمسينيات القرن الماضي . ان كوريا الجنوبية لا تمتلك قطاعا متقدما في مختلف حقول النفط وانما اصبحت دولة صناعية مهمة وتنافس مع الشركات الامريكية والاوربية في العديد من المجالات . لقد كان وما زال في كوريا الجنوبية وجود عقلا ستراتيجيا في الصناعة والاقتصاد والسياسة يفكر ويعمل للمستقبل ، هذا ما نفتقده في بلادنا وليس هناك ما يشير الى امكانية تطور مثل هذا العقل حاليا وفي السنين القادمة ، والا هل يوجد تفسيرا منطقيا لفتح ابواب البلد للشركات الاجنبية ان تستثمر في قطاع ستراتيجي بالغ الاهمية ويدور حوله الصراع الدولي لعقود قادمة وبصيغة الاتفاقيات التي عقدتها الحكومة العراقية مع الشركات الاجنبية في مجال الاستخراج والمسح والاكتشاف ، علما بان استخراج النفط العراقي لا يكلف كثيرا لان الحفر لا يحتاج الى اعماق كبيرة. ان السؤال الذي نطرحه ، ما هو موقف الحكومة العراقية لو تم الحفر، كما هو الحال في خليج المكسيك وعلى عمق 1500مترا في عرض البحر! كما يبدو وعلى صيغة الكرم واللامبالاة المعهودة والاتفاقيات الجانبية فسوف تقدم اراضي العراق للشركات الاجنبية هدية يعملون بها كما يشاؤون ، وهم سوف يعملون حاليا كما يشاؤون وبالصيغة التي تقدم لهم اعلى نسبة في الارباح وبنفس الوقت اقل الجهود ، ومن هم الذين سيقيمون بدور الاشراف والمراقبة وضبط الكميات والحسابات من العراقيين ، ماهي مواصفاتهم وكيف سيتم اختيارهم . كان قطاع النفط فرصة وهبة ثمينة من الله عز وجل ان نبدأ بداية جديدة واعدة لجميع العراقيين ، اننا لابد ان نبيع النفط الخام والدول المستوردة معروفة ومستعدة لصفقات قادمة ، ولكن تصنيع النفط الخام وتحويله الى بنزين وديزل ومشتقات اخرى والاستفادة من الغاز الذي يحرق منذ عقود من السنين يقدم خيرات اعظم للبلد ويوفر فرص عمل كبيرة جدا للمواطنين ، وليس اخيرا فأن بعضا من الاستقلالية في القرار السياسي والاقتصادي ينعكس في شعور المواطنين بالكرامة والعزة وعلاقتهم بالدولة والحكومة بالاضافة الى زيادة موارد الدولة . لم تعلن الدولة عن القطاعات التي سوف يقوم القطاع الخاص بالاستثمار فيها ، ولكن يظهر بين الحين والاخر وعلى شاشة محطات التلفزيون عدد من المسؤلين بان عروضا من عدد من المستثمرين العراقيين والعرب والاجانب ابدوا استعدادهم للاستثمار في مشاريع البنية التحتية . ان مشاريع البنية التحتية متنوعة ومتعددة وهي بنفس الوقت مشاريع ستراتيجية لانها تتعلق باحتياجات المواطنين الضرورية الدائمة ولذلك يجب ان تخضع لقواعد وانظمه لا تتأثر بتقلبات السوق السريعة ومحاولة الحصول على نسبة عالية من الارباح كما هو منهج وستراتيجية القطاع الخاص ، ولكن يجب ان تعمل ايضا بقواعد اقتصادية ، ان تعمل على تسديد تكاليف الانتاج وارباح بسيطة تغطي تكاليف الاندثار وتجديد الراسمال الثابت على مدى العمر التشغيلي للمشروع ، وهذا ما تعمل به العديد من الدول الراسمالية ، انها مشاريع الحكومات والادارات المحلية من حيث الاستثمار والصيانة والتشغيل ، وتشمل هذه المشاريع تجهيز الماء الصالح للشرب والصرف الصحي والكهرباء والمكتبات والمسابح ونقل الركاب....الخ. وحينما طغى الفكر الليبرالي وبالشعار الذي رفعه منذ الثمانينيات في القرن الماضي "السياسة الليبرالية الجديدة"والذي انتزع من الدولة في النهاية فاعليتها وواجباتها الرقابية في التنظيم والسيطرة . لقد حصلت في النهاية الفوضى العارمة في الاسواق وانتشرت الممارسات التي لا تستند الى المقومات القانونية والاعراف المتبعة في العمل ، ان ما حصل في القطاع المالي والمصرفي من ممارسات تعتبر جرائم مع سبق الاصرار والترصد وقد ادت الى الازمه الاقتصادية العالمية التي يعيش العالم تبعاتها لحد الان ، وهؤلاء الذين طالبوا بتقليص مهمات الدولة رفعوا اصواتهم عاليا بضرورة تدخل الدولة للحد من التدهور الحاصل في مختلف القطاعات ، وفعلا فقد وضعت الدول الراسمالية البرامج التي كلفت اموال دافعي الضرائب عدة مئات من المليارات ، وحاليا فقد عادت هذه المؤسسات المالية والبنوك لممارسة اعمالها كالمعتاد ووصلت الى ارباح قياسية دون ان تدفع الى الدولة اقساطا من المليارات التي حصلت عليها. ان الديمقراطيات الغربية كمجتمعات مستقرة ولها تاريخ وتجربة عميقة في مختلف المجالات ودول تعتمد العمل بالقوانين والمؤسسات وفيها وسائل اتصال جماهيرية كثيرة ومتعددة لم تستطيع الحد من شرور الرأسمال حينما يجد الفرصة في جني ارباح مضافة ولا يتورع باستخدام الاساليب المشبوهة . ان الدولة لا تستطيع التنبؤ بما يمكن ان يقوم به الراسمال مسبقا وانما حينما تطفو النتائج على السطح ويتبلورحجم الفضائح وتكون في موقع رد الفعل الضعيف تقوم بالذي لابد منه خوفا من انهيار المؤسسات المشاركة والتي يمكن ان تكون عواقبها كارثية ، الا ان رد فعل الدولة لصالح المؤسسات الاقتصادية يكلف المجتمع غاليا ، ان الازمات الاقتصادية قادمة بالتاكيد . لقد قامت عدد من الدول الراسمالية بخصخصة الموسسات والمشاريع التي كانت تملكها واصبحت تحت سيطرة القطاع الخاص ، والملاحظ ان الاسعار قد ارتفعت والنوعيات لم تعد كما كانت بالاضافة الى تناقص عدد العاملين ضمن الملاك الدائم ، ان التعاقد للعمل اصبح يحدد لفترة محدودة وبضمانات غير كافية . ان الادارات المحلية في المدن والولايات التي خصخصت عددا من مشاريعها تعترف بالخطأ الكبير الذي ارتكبته والمحاولات التي تبذلها لاعادة شرائها باءت بالفشل . ان اتجاه الحكومة العراقية نحو الاقتصاد الحر لم يخضع لدراسة علمية حول عدد من التجارب التي تمت فى الدول الراسماليه، ولم تدرس خصوصية الواقع العراقي والنقص الحاصل في جميع القطاعات الانتاجية والخدمية ، والحقيقة فان عمليات الانتاج في القطاع الصناعي والزراعي والانتاج الحيواني يكاد ان يكون معطلا ، وهذا يعني ان نسبة عالية من العمال والفنيين عاطلون عن العمل ، وليس اخيرا فان الرساميل الكبيرة لم تكن متوفرة قبل عام 2003 وكان نشاط القطاع الخاص والذي بدعم من الدولة لم يتجاوز الاستثمار فى معامل صغيره ومتوسطة واستهلاكية غالبا ، ويمكن التعرف على نوعية الاستثمارات اذا درسنا نشاطات" مجموعة بيت بنية" كاكبرمجموعة استثمارية كانت انذاك في العراق .ان الاغنياء العراقيون الجدد سوف ينصرفوا لمزاولة التجارة لان دورة الراسمال في التجارة قصيرة نسبيا ويمكن متابعتها عن بعد ايضا وهذا ما يتفق مع تكوينهم المثير للتساؤل ، واذا قدر لهم ان يستثمروا فسوف يكون الاستثمار في قطاع السياحة ، فنادق خمس نجوم ، مطاعم حديثة متنوعة ، مدينة العاب ، مجمعات تسويقية ....الخ. ان الحكومة تنوى احالة عدد من مشاريع البنية التحتية للاستثمارات الخاصة ، كمشاريع انتاج الطاقة الكهرباء وتصفية المياه والمصافي لانتاج المحروقات ومحطات البنزين ، وبناء المساكن والملاعب ، ويمكن ان يحصل بالتعاون بين العراقيين والاجانب. ان قطاع التعليم وخاصة الجامعات قد فتحت للاستثمار الخاص ، وكذلك المستشفيات ، انه من الغرابة بمكان ان تمنح الدولة هذه الثقة العالية بالقطاع الخاص في الوقت الذي يجب ان تعلم ان القطاع الخاص لا يستثمر الا في مشاريع عالية الربحية وفي بلدان مستقرة سياسيا وامنيا. اذا كانت كل هذه القطاعات الحيوية متروكة للنشاط الخاص والذي سوف يتحكم بالاسعار والنوعية ، فما هي النشاطات الاقتصادية التي سوف تنصرف اليها الدولة وتعير اهتماما بها ، واين سوف تصرف مليارات الميزانية التي بلغت رقما قياسيا في مجمل تاريخ العراق ، ولماذا هذا السعي المحموم لزيادة انتاج النفط الخام والحصول على مليارات اضافية ، طالما قد رفعت الدولة يدها عن واجباتها الاساسية في التنمية في بلد قد تعطلت فيه القطاعات الانتاجية والخدمية ويعيش نسبة كبيره من سكانه تحت خط الفقر. ان الاقتصاد العراقي الذي بدأ بالتدهور منذ منتصف الخمسينيات وهو حاليا معطل ، لا ينهض به القطاع الخاص ، انها وصفة ساحر وقارىء فنجان ان يقرا الادعية ويشرب لترا من عصير الزبيب يوميا لمصاب بالسرطان في مراحله المتقدمة.