By خالد المسيند1 - الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 3:00 am
- الثلاثاء نوفمبر 23, 2010 3:00 am
#29911
للأمام وخطوات إلي الخلف
صنعاء ـ القدس العربي ـ من خالد الحمادي:
نسفت الحملات الإعلامية الخليجية الأخيرة ضد صنعاء كل خطوات التقدم للأمام باتجاه المساعي اليمنية للحصول علي العضوية الكاملة في مجلس التعاون الخليجي، بل وأرجعتها خطوات عديدة إلي الوراء، إثر صعود هذه الحملات إلي سطح الطاولة بعد أن ظلت ربما لوقت غير قصير تشهد غليانا هادئا تحتها.
وعلي الرغم من التصريحات الكثيرة المعلنة في السابق حيال العلاقات الثنائية بين اليمن ودول المجلس والتي تقول انها تشهد تطورا باضطراد، إلا أن الحملات الإعلامية الأخيرة أو الرسائل السياسية كشفت حجم الهوة أو الفجوة بين (المعلن) و(المستور) في هذا الإطار والتي أرجعت الآمال اليمنية بالانضمام إلي مجلس التعاون إلي مرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
وفي حين كان اليمن يشعر حتي وقت قريب أنه كسب نصف أعضاء دول المجلس الخليجي وهي قطر، الإمارات العربية المتحدة وعمان، إلي صفه من أجل الحصول علي هذا الاستحقاق (الجغرافي) بعضوية المجلس الخليجي، تفاجأ مؤخرا بأن هذا الشعور لم يكن سوي (سراب) في مخيّلة (حسن النوايا) اليمنية، التي ربما تجاوزت الواقع.
فقد أصيب اليمنيون بخيبة أمل غير متوقعة خلال الأيام القليلة الماضية ليس من الحملة البرلمانية والإعلامية الكويتية فحسب ضد القيادة اليمنية وسياستها، بل أيضا من التصريحات الإماراتية التي ألغت أهلية اليمن بالانضمام إلي مجلس التعاون الخليجي، رغم ما تعلنه صنعاء بأن العلاقات اليمنية الإماراتية تشهد تقدما، مع أن المواطن اليمني لا يلمس ذلك، خاصة بعد أن فرضت السلطات الإماراتية قبل نحو عام قيودا مشددة ضد اليمنيين ـ دون غيرهم ـ الراغبين في الدخول إلي الإمارات أو العمل فيها، وشملت حظر توظيف اليمنيين في الوظائف الرسمية.
التصريح الإماراتي جاء علي لسان وزير الإعلام والثقافة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، مؤخرا حين قال إنه يعتقد أنّ اليمن غير مؤهل للانضمام إلي مجلس التعاون لدول الخليج العربية .وبرر ذلك بعدم توافر شروط ذلك لدي اليمن.
أما الكويت فإنها وجهت رسائل سياسية شديدة القسوة لصنعاء خلال الأسابيع الماضية، إلي درجة غير مسبوقة منذ أكثر من 10 سنوات، رغم كل الجهود اليمنية طوال تلك الفترة لاحتواء تداعيات حرب الخليج الثانية بين صنعاء والكويت، فقد جدد البرلماني الكويتي مسلم البراك اتهاماته للرئيس اليمني علي عبد الله صالح شخصيا بأنه اقترح علي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قبل الحرب الأمريكية علي العراق أن يعيد غزو الكويت ما دامت الحرب حتمية، وطالب البراك مع العديد من زملائه البرلمانيين بوقف الاتفاقات مع اليمن. وبالغ في وصفه للرئيس صالح حين قال بـأنه (صدام الصغير)، رغم أن الزعامات في العرف العربي السائد تعتبر ضمن الخطوط الحمراء، ناهيك إذا كانت العلاقات الثنائية أصلا ليست متعافية.
إلي ذلك لا زالت البحرين أيضا غير مقتنعة باستئناف علاقات طبيعية مع اليمن، دون إبداء الأسباب، حيث لا زالت البحرين حتي اليوم بدون سفارة في صنعاء وغير ممثلة دبلوماسيا فيها، وهو ما دفع برئيس الوزراء اليمني عبد القادر باجمال قبل أيام إلي انتقاد هذا الوضع الدبلوماسي بين البلدين (الشقيقين) والقريبين جغرافيا.
بعض السياسيين شخّصوا وضع العلاقة البحرينية مع اليمن بأنه تابع لاتجاه سياسة (الشقيقة الأكبر) وهي العربية السعودية، التي مارست في حقبة ما بعد حرب الخليج الثانية هيمنة دبلوماسية علي دول الجوار، وفي مقدمتها البحرين، وكانت سياسة الأخيرة لا تصب بأي حال لصالح انضمام اليمن لمجلس التعاون.
سلطنة عمان، وقفت ـ مؤخرا وربما سابقا ـ بين منزلتين، فلا هي بالتي أعلنت صراحة اعتراضها علي انضمام اليمن للمجلس الخليجي ولا هي بالتي دفعت بقوة في الاتجاه الذي تطمح إليه صنعاء، ويبدو أنها غلّبت الصمت لتكون مع الاتجاه الغالب مستقبلا، حتي لا يكون قرارها سببا في خسارتها لأحد الأطراف المجاروة لها ـ السعودية أو اليمن ـ والتي تسعي لأن تكون علاقاتها مع هذين الطرفين قائم علي المصلحة العمانية وحسب.
من جهة أخري شهدت العلاقة السعودية اليمنية أيضا خلال الشهور الأخيرة تدهورا كبيرا، برز من خلال (العصا) التجارية التي استخدمها كل طرف، كوسيلة ضغط وربما أداة عملية لابتزاز الطرف الآخر، أو المعاملة بالمثل كما تقول صنعاء بشأن التبادل التجاري بين البلدين.
وفي جو مشحون بهكذا توتر بين دول الخليج واليمن تقف دولة قطر محل استثناء في محيطها، حيث شقت عصا الطاعة وتمكنت بذلك الخروج من العباءة السعودية في هذا الصدد، حيث نسجت لها طريقها الخاص في علاقاتها الدبلوماسية، مع اليمن تحديدا، وهي التي صمدت حتي الآن في دعمها لصنعاء من أجل تحقيق حلمها بالحصول علي عضوية مجلس التعاون الخليجي. ولا شك أن هذا الوضع أصاب صنعاء بإحباط شديد، وجعل العديد من السياسيين اليمنيين يرون في مجلس الخليج بأنه (مجلس للأغنياء) فقط ولا مجال لغيرهم، بينما كانت القيادة اليمنية تعوّل كثيرا علي المؤهلات التاريخية والثقل البشري وأهمية الموقع الاستراتيجي لليمن، من أجل الانضمام للمجلس الخليجي، إلا أن الوضع الاقتصادي كان المعيار الأول علي ما يبدو في نظر دول المجلس.
صنعاء ـ القدس العربي ـ من خالد الحمادي:
نسفت الحملات الإعلامية الخليجية الأخيرة ضد صنعاء كل خطوات التقدم للأمام باتجاه المساعي اليمنية للحصول علي العضوية الكاملة في مجلس التعاون الخليجي، بل وأرجعتها خطوات عديدة إلي الوراء، إثر صعود هذه الحملات إلي سطح الطاولة بعد أن ظلت ربما لوقت غير قصير تشهد غليانا هادئا تحتها.
وعلي الرغم من التصريحات الكثيرة المعلنة في السابق حيال العلاقات الثنائية بين اليمن ودول المجلس والتي تقول انها تشهد تطورا باضطراد، إلا أن الحملات الإعلامية الأخيرة أو الرسائل السياسية كشفت حجم الهوة أو الفجوة بين (المعلن) و(المستور) في هذا الإطار والتي أرجعت الآمال اليمنية بالانضمام إلي مجلس التعاون إلي مرحلة ما بعد حرب الخليج الثانية مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
وفي حين كان اليمن يشعر حتي وقت قريب أنه كسب نصف أعضاء دول المجلس الخليجي وهي قطر، الإمارات العربية المتحدة وعمان، إلي صفه من أجل الحصول علي هذا الاستحقاق (الجغرافي) بعضوية المجلس الخليجي، تفاجأ مؤخرا بأن هذا الشعور لم يكن سوي (سراب) في مخيّلة (حسن النوايا) اليمنية، التي ربما تجاوزت الواقع.
فقد أصيب اليمنيون بخيبة أمل غير متوقعة خلال الأيام القليلة الماضية ليس من الحملة البرلمانية والإعلامية الكويتية فحسب ضد القيادة اليمنية وسياستها، بل أيضا من التصريحات الإماراتية التي ألغت أهلية اليمن بالانضمام إلي مجلس التعاون الخليجي، رغم ما تعلنه صنعاء بأن العلاقات اليمنية الإماراتية تشهد تقدما، مع أن المواطن اليمني لا يلمس ذلك، خاصة بعد أن فرضت السلطات الإماراتية قبل نحو عام قيودا مشددة ضد اليمنيين ـ دون غيرهم ـ الراغبين في الدخول إلي الإمارات أو العمل فيها، وشملت حظر توظيف اليمنيين في الوظائف الرسمية.
التصريح الإماراتي جاء علي لسان وزير الإعلام والثقافة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، مؤخرا حين قال إنه يعتقد أنّ اليمن غير مؤهل للانضمام إلي مجلس التعاون لدول الخليج العربية .وبرر ذلك بعدم توافر شروط ذلك لدي اليمن.
أما الكويت فإنها وجهت رسائل سياسية شديدة القسوة لصنعاء خلال الأسابيع الماضية، إلي درجة غير مسبوقة منذ أكثر من 10 سنوات، رغم كل الجهود اليمنية طوال تلك الفترة لاحتواء تداعيات حرب الخليج الثانية بين صنعاء والكويت، فقد جدد البرلماني الكويتي مسلم البراك اتهاماته للرئيس اليمني علي عبد الله صالح شخصيا بأنه اقترح علي الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين قبل الحرب الأمريكية علي العراق أن يعيد غزو الكويت ما دامت الحرب حتمية، وطالب البراك مع العديد من زملائه البرلمانيين بوقف الاتفاقات مع اليمن. وبالغ في وصفه للرئيس صالح حين قال بـأنه (صدام الصغير)، رغم أن الزعامات في العرف العربي السائد تعتبر ضمن الخطوط الحمراء، ناهيك إذا كانت العلاقات الثنائية أصلا ليست متعافية.
إلي ذلك لا زالت البحرين أيضا غير مقتنعة باستئناف علاقات طبيعية مع اليمن، دون إبداء الأسباب، حيث لا زالت البحرين حتي اليوم بدون سفارة في صنعاء وغير ممثلة دبلوماسيا فيها، وهو ما دفع برئيس الوزراء اليمني عبد القادر باجمال قبل أيام إلي انتقاد هذا الوضع الدبلوماسي بين البلدين (الشقيقين) والقريبين جغرافيا.
بعض السياسيين شخّصوا وضع العلاقة البحرينية مع اليمن بأنه تابع لاتجاه سياسة (الشقيقة الأكبر) وهي العربية السعودية، التي مارست في حقبة ما بعد حرب الخليج الثانية هيمنة دبلوماسية علي دول الجوار، وفي مقدمتها البحرين، وكانت سياسة الأخيرة لا تصب بأي حال لصالح انضمام اليمن لمجلس التعاون.
سلطنة عمان، وقفت ـ مؤخرا وربما سابقا ـ بين منزلتين، فلا هي بالتي أعلنت صراحة اعتراضها علي انضمام اليمن للمجلس الخليجي ولا هي بالتي دفعت بقوة في الاتجاه الذي تطمح إليه صنعاء، ويبدو أنها غلّبت الصمت لتكون مع الاتجاه الغالب مستقبلا، حتي لا يكون قرارها سببا في خسارتها لأحد الأطراف المجاروة لها ـ السعودية أو اليمن ـ والتي تسعي لأن تكون علاقاتها مع هذين الطرفين قائم علي المصلحة العمانية وحسب.
من جهة أخري شهدت العلاقة السعودية اليمنية أيضا خلال الشهور الأخيرة تدهورا كبيرا، برز من خلال (العصا) التجارية التي استخدمها كل طرف، كوسيلة ضغط وربما أداة عملية لابتزاز الطرف الآخر، أو المعاملة بالمثل كما تقول صنعاء بشأن التبادل التجاري بين البلدين.
وفي جو مشحون بهكذا توتر بين دول الخليج واليمن تقف دولة قطر محل استثناء في محيطها، حيث شقت عصا الطاعة وتمكنت بذلك الخروج من العباءة السعودية في هذا الصدد، حيث نسجت لها طريقها الخاص في علاقاتها الدبلوماسية، مع اليمن تحديدا، وهي التي صمدت حتي الآن في دعمها لصنعاء من أجل تحقيق حلمها بالحصول علي عضوية مجلس التعاون الخليجي. ولا شك أن هذا الوضع أصاب صنعاء بإحباط شديد، وجعل العديد من السياسيين اليمنيين يرون في مجلس الخليج بأنه (مجلس للأغنياء) فقط ولا مجال لغيرهم، بينما كانت القيادة اليمنية تعوّل كثيرا علي المؤهلات التاريخية والثقل البشري وأهمية الموقع الاستراتيجي لليمن، من أجل الانضمام للمجلس الخليجي، إلا أن الوضع الاقتصادي كان المعيار الأول علي ما يبدو في نظر دول المجلس.