صفحة 1 من 1

الســلطان عبدالحميد الثاني ..

مرسل: الخميس ديسمبر 02, 2010 11:18 pm
بواسطة نهى العشيوان

صورة



القائد

الخليفة

السلطان


جميعها تنطبق على ( عبدالحميد الثاني ) - رحمه الله - ، اتفق معه البعض وانكر عليه البعض في مسائل معينة ، ولكن أدرك الجميع بـ أنه الرجل الفريد من نوعه في تاريخنا الإسلامي المعاصر ، نستطيع القول بأنه آخر الخلفاء الإسلاميين في آخر دولة إسلامية في العصر الحديث ،

الدولة العثمانية التي ضمت بين جنباتها ، الأتراك و العرب و الألبان و البلغار و اليونانيين و الزنوج وغيرهم في مرحلة استمرت لـ 600 عام ،

تجربة فريدهـ من نوعها ، قيل عنها الكثير والكثير ،

الدولة التي صمد إليها المسلمون على مدار السنوات الطويلة واحتموا بها ضد المؤامرات المستمرهـ من الإنجليز و الطليان و الألمان و الروس ، حتى استطاع أعداء الملة والدين من الإطاحة بها ، ولـ نكون أكثر دقة ، حتى أطاحوا بـ القائد السلطان عبدالحميد الثاني ،

بالتأكيد ان الجميع يعرف تمامآ قصة هذا الرجل مع اليهود ورفضه ان يبيع شبرآ من ارض فلسطين ، رغم الحاجة إلى المال لـ تطوير الدولة وحمايتها ، فـ العرض كان مغري للغاية ، ولكن رفض تلك العروض ونقش اسمه في تاريخنا المعاصر ، كـ بطل من الأبطال ،

لن أتطرق لهذهـ الدولة العظيمة ، ولن اتطرق كذلك لـ شخصية السلطان عبدالحميد ،

بلا شك هنا من هو أعلم مني في التاريخ والسير ، ولكن أحبب ان تشاركونني بعض الوقت في الإصلاحات الداخلية التي قام بها السلطان عبدالحميد عند توليه السلطة وحتى إزالته من الحكم ،

التركيز سـ يكون حول التعديلات التي تمس المجتمع والمواطنين في ذلك الوقت بشكل خاص ، ثم مقارنتها بـ الواقع الحالي المعاصر ،

.
.

- وضع دروس الفقه والتفسير والأخلاق في برامج الدراسة .


أيقن السلطان بأن إعادة الأمجاد والحرص على إستقرار الدولة العثمانية بين الأطماع الأوروبية وغيرها ، هو في تعليم النشء الفقه والتفسير والعلم الشرعي كما ينبغي ، لأن هذا العلم هو من سـ يُربي للدولة ، جيلآ بإمكانه التمسك بهذا الدين العظيم ، ويحميها من قبضة الأعداء ،

في وقتنا المعاصر ، لا نجد سوى التهرب من هذهـ المناهج ،

في الوطن العربي والإسلامي ، يتم تقليص مواد الدين بقدر المستطاع بحجة ان التفسير والفقه والقرآن والحديث ، سوف تجلب لـ الأمة جيلآ إرهابيآ ظلاميآ متشددآ ،

وفي واقعنا المحلي ، هناك حرب شعواء على المناهج الدينية بحجة انها تسببت في تنمية الإرهاب ، ويتم هذا الأمر بضغوط دولية مستمرهـ ،

حتى ان التقارير الصادرهـ مع الغرب تستدل بـ صفحات من كتاب التوحيد والفقه لـ المرحلة الإبتدائية والمتوسطة ، بعد ان قام بعض من ابناء جلدتنا بـ توفيرها لهم بـ أرقام الصفحات ! ،

وما زالت المضايقة في تصاعد مستمر ، حتى يجعلون لـ الدين منهجآ صغيرآ و كتيب لا يحمل سوى معلومات بسيطة ،

.
.

- ( 1 ) جعل لـ الفتيات دارآ لـ المعلمات ومنع اختلاطهن بـ الرجال .



عزة

كرامة

إباء

لـ المرأة المسلمة في ذلك الوقت ، فقد كان بإمكانها ان تنال تعليمها بلا إختلاط او ريبة ، والدعم من السلطان كان قويآ لـ نصف المجتمع ،

و من توفيق الله عز وجل لهذا السلطان انه لم يُطيل عمرهـ لـ يرى الزمن الذي نعيش فيه وإلا سوف يُتهم السلطان بـ التفكير الطالباني او من جماعة تورا بورا بمجرد انه يرى عدم إختلاط الفتيات بـ الرجال في التعليم ،

كان لـ السلطان عبدالحميد ، ردآ قاسيآ على الذين اتهموهـ بأنه عدو لـ العلم والمعرفة بعد قرارهـ الأخير ،

فـ لم يُبالي السلطان بـ الآراء الغربية والتقارير التي سوف تُصدر في هذا الشأن ، وانما كان يرى الحق واتبعه بكل شجاعة ، حيث قال :

( لو كنت عدوآ لـ العقل والعلم فهل كنت أفتح جامعة ؟ ، لو كنت هكذآ عدوآ لـ العلم ، فهل كنت انشئ لفتياتنا اللواتي لا يختلطن بـ الرجال ، دارآ لـ المعلمات ؟! )

تطور في عصرهـ تعليم المرأة تطورآ اكثر من اي عصر مضى وظهرت كاتبات يكتبن في الصحف اليومية ،

في واقعنا العربي والإسلامي ، تعيش الفتاة الأمرين بسبب الإختلاط في التعليم ، يكاد يكون إلزامي عليهن ، وليس لها حرية الإختيار لأن البدائل غير متوفرة بالشكل المطلوب ،

وتظل المملكة ، هي التجربة الناجحة من بين الدول الأخرى التي استطاعت ان تجعل لـ الفتاة الفرصة الحقيقة لـ الدراسة من الإبتدائية وإلى التخرج من الجامعة في جو ملائم جدآ للفتاة وبعيدآ عن الإختلاط ،


.
.

- ( 2 ) ينبغي ان يكون الحجاب للمرأة خاليآ من كل زينة ومن كل تطريز + يلغى إرتداء النساء النقاب المصنوع من القماش الخفيف او الشفاف ، وضرورة العودة إلى النقاب الشرعي الذي لا يُبين خطوط الوجه + يُنشر هذا البيان في الصحف وفي الشوارع ،

لم يأتي الرجل بأمر من جعبته او فكرهـ ، وانما كان يُريد للمرأة ان تفخر بـ حجابها من بين الأمم ، وإستجابة لـ الأمر الرباني لـ المرأة المسلمة ،

فـ جاء لـ يُحارب السفور في الشوارع والطرقات ، شاء من شاء وابى من ابى ، شرع الله فوق الجميع ،

في واقعنا العربي والإسلامي ، يُحارب النقاب في الجامعات والأماكن الحكومية في بعض الدول ، واصبح غير مرغوب به في العالم نتيجة لـ تخاذل المسلمين تجاهـ هذا الأمر ،

ورغم إنتشار النقاب ولله الحمد ، إلا ان الحرب عليه ما زالت مستمرهـ ، بل لا يُكتفى بذلك ، وانما يُنكر على المنقبة ولا يتم الحديث عن الكاسيات العاريات في شوارع المسلمين ! ،

وكما قال الشاعر دعمآ ومساندة ً لأخته المسلمة :

يا أختنا هذا نباح لا يُأثر في السحاب

يا أختنا صبرآ تذوب بـ بحرهـ كل الصعاب

وفي واقعنا المحلي ، تخرج لنا بعض المحلات بـ عبايات جديدهـ بين فينة واخرى ، فهذهـ يُطلق عليها الفراشة ، والأخرى الوردهـ ، والله أعلم ماذا يُطلق على بعض العبايات في المواسم القادمة ،

حتى ان العبايات في غالبها لم تُصبح لـ الستر و العفاف وانما اصبحت لـ الزينة ، حتى ان هناك حجاب زينة كما يُقال ، وتقول الوالدهـ - الله يحفظها ويطول عمرها في طاعته - انها تواجه صعوبة كبيرهـ في إيجاد عباية خالية من اي زينة او تطريز ، وعند الدخول لأحد المحلات تجد عبايات عبارة عن كراسة رسم ! بلا أي مبالغة ،

فكم نحن بحاجة إلى تعميم وحرص واهتمام لهذهـ المحلات التي يجب عليها ان تبيع ما يُرضي الله عز وجل اولآ واخيرآ ،

.
.

- مدرسة العشائر العربية في أسطنبول .



صرح تعليمي كبير يهتم بـ العرب المقيمين في مقر الخلافة من أبناء اليمن وسوريا وبغداد وشمال افريقيا وغيرهم ،

وكانت الدراسة على نفقة الدولة بشكل كامل ، واذا ما تم قياس ذلك على الوقت الحالي ، فـ يكون بمثابة ( الإبتعاث الداخلي ) الذي يحصل لدينا ،

الأجمل من ذلك ، ان الطالب كان لديه حق ( إجازة صلة رحم ) وكل سنتين يذهب إلى أهله مدة محددهـ ويعود مجددآ ، وايضآ على نفقة الدولة ، لذلك كانت المعطيات من حول الطالب تدفعه في المضي قدمآ في هذا التعليم ،

والمناهج تحتوي على القرآن الكريم - التجويد - العلوم الدينية - الإملاء - الجغرافيا - الفرنسية - الحساب - الهندسة - التاريخ العثماني ، وغير ذلك ، على مدار 5 سنوات ،

فـ كم نحن بحاجة إلى مثل هذا الإهتمام الحكومي لـ الجامعات الإسلامية والدعم المستمر لها ، فـ الجهود الحالية لا بأس بها ، ولكن يختلف الأمر تمامآ متى ما قامت الحكومات بدفع عجلة التعليم الشرعي ،

.
.

- خط سكة حديد الحجاز ( 1900 - 1908 ) مسيرة الإنشاء .



صورة


كان بمثابة الحلم الذي أصبح حقيقة ، مشروع كبير جدآ ونال على ثقة المسلمين آنذاك ، حتى دعموهـ بكل الوسائل الممكنة لإنجازهـ ، مشروع عملاق ينطلق من دمشق إلى المدينة المنورهـ ، تم إنجازهـ في وقت قياسي ،

ومن أهدافه ربط أجزاء الدولة الكبيرهـ ، بالإضافة إلى دعم الحجاج ، ونكاية بـ الأوروبيين وغيرهم الذين ارتعدت فرائسهم عند النظر إلى إتحاد المسلمين في ذلك الأمر ،

حتى قامت الحرب العالمية الأولى وتخريب سكة الحديد ، والقصة مشهورة في هذا الجانب ،

وفي الوقت المعاصر ، العلاقات في تدهور مستمر بين الدول العربية والإسلامية ، وليس بالإمكان ربط الدول بعضها في بعض ، والإتحاد على كلمة واحدهـ ، وانما غثاء كـ غثاء السيل تمامآ ،

.
.
وأخيرآ ،

ليس الهدف من هذا الطرح ، عمل ( مقارنة ) بين الماضي والحاضر ، انما المغزى من ذلك هو إثبات عدم إستحالة حدوث أمر ما ، فـ السلطان عبدالحميد هو مثال يحتذى به في عصرنا الحديث ، وكيف جعل الشريعة منهجآ ونظامآ في عهدهـ ،

ربما يقول البعض بأن السلطان عبدالحميد كان يملك دولة إسلامية كبرى ، والأوضاع والظروف ساهمت في قراراته السابقة ، ولكن الحديث لا يدور حول المقارنة وإنما إمكانية تطبيقها في أرجاء العالم الإسلامي ،

السلطان عبدالحميد كان يُعاني من الحاشية وبعض الوزراء الذين يُحاولون عرقلة مثل هذهـ القرارت وذكر ذلك في المذكرات الخاصة به ، حتى جاء الوقت الذي تم إزاحته من الحكم عن طريق تركيا الفتاة والنفوذ الغربي في ذلك الوقت ، أي : ان الظروف لم تكن في متناول اليد كما يعتقد البعض ، ورغم ذلك قام بعمل كبير لخدمة الإسلام والمسلمين ،

رحم الله السلطان عبدالحميد ، ورحم الله النخوهـ الكامنة في ذلك القلب ، وبمشيئة الله يعود لهذهـ الأمة رجال كـ السلطان عبدالحميد فـ كم نحن بحاجة إلى أمثاله ،