منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#2616
الحرب علي العراق وحقيقة الاهداف الامريكية

ستؤدي لهزيمة غالبية العالم واوروبا وحتي حلفاء امريكا الأساسيين



بقلم :عثمان ابو غربية
من منظور المفهوم الاستراتيجي، فقد بدأت هذه الحرب الامريكية منذ بدأت الولايات المتحدة في اتخاذ مواقع وتدابير تمهيدية لاجرائها.

لقد بلغ الامر ان وصل الحشد الامريكي الي اكثر من 130 الف جندي حتي الآن، والي حشد تسليحي وتكنولوجي عسكري ولوجستي وتكثيف تواجد ومواقع في مناطق التقرب الاستراتيجي المحيطة بالعراق وفي بعض مناطقه، ولعل توفير وتأمين هذه المواقع هو احد اهداف هذه الحرب اساسا، ويمرر هذا التأمين الآن بغطاء مقعقة السلاح والحرب قبل اجراء عملياتها الاخيرة.

والسؤال الأول عن الحرب، اي حرب، يتعلق بالاهداف. وهنا تبرز عدة اسئلة: ما هي حقيقة الاهداف الامريكية؟ وهل بدأت التطلعات الامريكية نحو الخليج بعد دخول القوات العراقية الي الكويت ام قبلها؟ وهل بدأت النوايا والبرامج لضرب العراق قبل احداث 11 سبتمبر ام بعدها؟ وهل بدأ التطلع لتقرب استراتيجي في منطقة المحيط الهادئ ووسط آسيا قبل احداث ــ سبتمبر ام بعدها؟ والي اي مدي ستصل الحرب علي العراق واستثمار الفوز ثم استثمار النتائج؟

ان اي تتبع للتقارير والبرامج الامريكية يكشف ان التطلع لاحتلال منابع النفط قد دخل طورا نوعيا عام 1974 عندما بدأ النقاش لتعديل مبدأ نيكسون الذي يقضي بعد حرب فيتنام بعدم ارسال القوات الامريكية الي المناطق المتفجرة في العالم، والعمل علي احداث استثناء لهذا المبدأ يتعلق بمنطقة الخليج، حيث تجسد هذا الاستثناء بمبدأ كارتر عام 1977 ووضع آلية تتمثل بقوات التدخل السريع.

وقد اشارت التقارير الامريكية في حينه الي وجود عائقين: الأول هو امكانية تدخل الاتحاد السوفييتي. والثاني هو القدرة علي المحافظة علي المنشآت النفطية سليمة وتأمينها.

كذلك اشارت هذه التقارير الي محرض يمكن ان يسرع العمل بمبدأ كارتر وهو نشوء قوة اقليمية عسكرية مؤهلة للتطور ولعب دور اقليمي.

في اعقاب قمة مالطا عام 1988 وانهيار الاتحاد السوفييتي، وانتصار العراق في الحرب العراقية ـ الايرانية، توفرت العوامل الاساسية لتنفيذ مبدأ كارتر، حيث زال خطر واحتمال التدخل السوفييتي، وتوفرت قوة اقليمية في العراق مؤهلة للعب دور اقليمي.

لقد توفرت هذه القوة بمساعدة غربية كاملة وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وكذلك حصلت علي واستخدمت الاسلحة الكيماوية بمساعدة غربية تصل حد المشاركة وفي مقدمتها الولايات المتحدة، وذلك بهدف لجم واحتواء الثورة الايرانية واستنزاف الطرفين والجبهة الشرقية واجراء مبيعات السلاح، مستغلة قصر نظر الطرفين.

وسرعان ما تحولت الولايات المتحدة بعد هذه الحرب لتقديم شروطها وطلباتها للقيادة العراقية.

ومما لا شك فيه ان القيادة العراقية لم تتلمح حقيقة وابعاد المتغيرات الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وهو الامر الذي لم يمكنها من المناورة في الظروف الدولية الجديدة.

لقد عملت الولايات المتحدة علي استدراج العراق ووفرت بعض الظروف والاطراف لتوجيه الفعل ورد الفعل العراقي باتجاه الكويت، بموازاة عملية كمون والتظاهر بعدم الاستعداد للتدخل الي ان وقعت المنطقة باسرها وليس العراق او الكويت وحده في الكمين.

من الثابت ان القوات الامريكية قد بدأت تتحرك وقبل ذلك بدأ تجهيزها للتوجه الي الخليج قبل الدخول العراقي الي الكويت. وان ذلك كان يجري في سياق مخطط استراتيجي حيث اعلنت الولايات المتحدة، بعد قمة مالطا، برنامجا من ثلاثة اهداف في الشرق الاوسط، هي:

اولا: قوة وأمن وتفوق (اسرائيل).

ثانيا: السيطرة علي منابع النفط وطرق امداده ووصوله.

ثالثا: اقامة نظام اقليمي جديد.

بينما اشارت التقارير والتصريحات والمصادر الاخري الي برنامج باتجاه الوضع الدولي، بهدف تأمين القيادة المنفردة للولايات المتحدة سياسيا وعسكريا وتكنولوجيا واقتصاديا للعالم، وفرض سياسة العولمة التي تصب في اتجاه هذا التأمين، وفي اتجاه استثمار التفرد الدولي لتحقيق مصالحها الخاصة والمستقبلية، عولمة تقوم علي احادية القيادة او القطبية الامريكية، وعلي الفوارق بين الشمال والجنوب، والتغاضي عن القيم والتحديات الانسانية علي اساس اولوية المصالح الامريكية.

وفي هذا السياق اعلن الرئيس جورج بوش الأب في حينه انه يريد سلاما مثل سلام روما عندما مارست روما قيادتها المنفردة وفرضت قيمتها علي العالم لعدة قرون ونقلت مركز القرار في العالم.

والاهم التقارير الصادرة حول السياسات الاستراتيجية، وكذلك مؤلفات بعض المسؤولين المطلعين ومنها ما قدمه السيد زيغينيو بريجينسكي في كتابه علي رقعة الشطرنج الكبري.

ولعل اكثر ما يوضح النوايا الامريكية هو ما كشفه تقرير مقدم للرئيس جورج بوش الابن وقد اعتمد منه واعلن عنه قبل شهور وحدد اربعة اسس للسياسة الامريكية هي:

اولا: عدم السماح لأي طرف او قوة في العالم باللحاق بالولايات المتحدة عسكريا او تكنولوجيا.

ثانيا: تعطي الولايات المتحدة نفسها حقا بالدور العالمي.

ثالثا: للولايات المتحدة الحق في توجيه الضربات الاستباقية.

رابعا: فرض القيم الامريكية عالميا.

من الواضح ان العمل بهذه الأسس يعني الشيء الكثير حتي في الموقف من الحلفاء واضعافهم، واضعاف دستور الامم المتحدة بصورته الحالية، وفرض الدور العالمي مباشرة وباستخدام الامم المتحدة بصورة جديدة، والقيام بضربات مستقبلية وفقا للرؤيا الخاصة وخياراتها، وفرض القيم السياسية والاقتصادية والثقافية والنظرة للقضايا الانسانية ارتباطا بالمعاني التي تقررها الولايات المتحدة.

في اطار هذا التقديم المختصر والمكثف نأتي الي حقيقة اهداف الولايات المتحدة من حربها علي العراق، وهي بالأولوية:

اولا: الهدف الجيواستراتيجي، ويتضمن تأمين منظومات سياسية اقليمية مختلفة مرتبطة بالسياسة الامريكية، وتواجد عسكري وأمني، وتأمين مصالح بما يحقق الاغراض الاساسية التالية:

1ـ تفوق الولايات المتحدة المطلق.

2ـ قيادتها المنفردة للعالم سياسيا وعسكريا وتكنولوجيا واقتصاديا.

3ـ قطع الطريق علي القوي المؤهلة لتشكيل قوة عالمية عظمي وعلي تحالفاتها.

والقوي المؤهلة من منظور امريكي هي:

اوروبا، روسيا، الصين، اليابان، الهند.

ولكل من هذه القوي نقاط قوة ونقاط ضعف، وتعتبر الولايات المتحدة اوروبا اكثر من يمتلك نقاط القوة الآن لذلك فهي عملت حتي اللحظة ضمن خط توازن يحفظ التحالف الاوروبي في سياق الاطلسي والناتو ويمنع الوحدة الاوروبية التي تتجاوز هذا السياق.

واكثر ما يثير قلق الولايات المتحدة هو محور فرنسي ـ الماني يمكن ان تلتحق به دول اوروبية اساسية وروسيا ويجري تحالفا مع الصين التي تعتبرها المد المستقبلي الكامن.

وكذلك تبلور نوع من التضامن او تناسق اسلامي خاصة بعد وجود دول اسلامية تمتلك مخزونا نوويا من الدول التي كانت في اطار الاتحاد السوفييتي.

ان تناسقا بين هذه الدول وكل من ايران والباكستان والبلدان العربية سيؤثر علي تركيا، وكذلك فان دخول هذا التناسق في تحالف مع الصين من شأنه ان يترك تأثيرا كبيرا في الوضع الدولي.

وضعت الولايات المتحدة اولوياتها في برنامج اعتمده الرئيس جورج بوش الأبن بعد انتخابه مباشرة علي اساس اولوية المحيط الهادئ ووسط آسيا، واستكمال الترتيبات في الشرق الاوسط .

ان اختيار الموقع الافغاني كرأس جسر لهذا التقرب الاستراتيجي، ولنقلة الشطرنج الكبري لم يكن صدفة او مجرد ردة فعل لحدث حتي وان كان كبيرا بحجم احداث 11 سبتمبر.

كان من الطبيعي ان تسعي الولايات المتحدة الي مواطئ قدم في وسط اسيا وان تسعي الي استكمال منظومة اقليمية شرق اوسطية اكثر طواعية، مرتبطة سياسيا وامنيا واقتصاديا تمتد من المغرب الي الباكستان.

وكان امام ذلك بعض العقبات اهمها العراق وايران، وعقبات اخري اعتبرتها صغيرة او مؤجلة. وكان عليها ان ترتب ضرباتها او احتوائها، واصبح الاتجاه لسياستها ضرب العراق اولا، ومحاولات احتواء ايران مؤقتا للانتقال اما لاستكمال الاحتواء او توجيه الضربة التالية.

هذه النقلة النوعية ليست منفصلة عن النقلات علي رقعة الشطرنج الكبري، بل انها شديدة الارتباط بها، ويكاد يكون حقيقة الهدف الأهم هو الوضع العالمي.

وهنا تبرز اوروبا بالدرجة الأولي وروسيا بالدرجة الثانية وهذا ما تدركه فرنسا والمانيا. ان المستهدف هو اوروبا كل اوروبا، وتغييرها من اوروبا قديمة او عجوز فيها امكانيات الاستقلالية وتشكيل قوة عالمية، الي اوروبا جديدة اشبه بالدول التي خرجت من الفلك السوفييتي، خاضعة ودائرة من دوائر المنظومات الاقليمية المرتبطة بالولايات المتحدة.

وتجدر الاشارة هنا الي ان في حالة نجاح البرنامج الامريكي فان اوروبا كلها ستكون خاسرة، بما فيها حلفاء الولايات المتحدة في حربها علي العراق وفي مقدمتهم بريطانيا.

ان هامش القوة لبريطانيا في ظل اوروبا رابحة وموحدة هو اوسع بكثير من هامش القوة لها في ظل خضوع اوروبي للولايات المتحدة، ومن الحتمي ان يكون مصيرها كمصير حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الاوسط الذين اصبحوا اكثر ضعفا.

وهنا يحضر ما رد به السيد جيمس بيكر وزير الخارجية الامريكي الاسبق لأحد القادة العرب ممن انضووا في التحالف السابق عندما تحدث مع هذا الوزير وكأنه شريك او جزء في الجبهة المنتصرة، حيث اجابه السيد بيكر: وهل تعتقد انك من الجبهة المنتصرة؟! انتم العرب كلكم من الجبهة المهزومة!

وحتي الشركاء الاوروبيين في ذلك التحالف فقد حرموا من مشاركة الثمار فيما بعد.

ان القرار السياسي لأية دولة تسعي لدور مؤثر وتعتبر ان لها محيطا حيويا يجب ان لا يغيب عنه اعتباران:

أ ـ العامل الجيواستراتيجي ونقلاته. وهذا امر لا يستهان بالتغاضي عنه.

ب ـ السياق التاريخي والسياق التاريخي الجغرافي، وخاصة السياق المستقبلي للحدث.

4 ـ تشكيل منظومات سياسية اقليمية موالية وهي:

أ ــ جنوب المحيط الهادي ووسط آسيا.

ب ـ الشرق الاوسط.

ج ـ منظومة داخل اوروبا.

د ـ امريكا اللاتينية.

هـ ـ افريقيا.

والسيطرة المطلقة علي حزام العالم والاركان الاقتصادية الاساسية والمواقع الاستراتيجية النوعية.

ثانيا: الهدف الاقليمي الخاص بالشرق الاوسط، ويتلخص بما يلي:

1 ـ تشكيل نظام اقليمي جديد من المغرب الي الباكستان ينطوي علي منظومة سياسية جديدة بكل محتوياتها، وهنا فقد اعلنت الولايات المتحدة محورين لسياستها بعد الحرب علي العراق:

أ ـ اعادة تشكيل النظام الاقليمي وفقا لمصالح الولايات المتحدة وتأمين هذه المصالح.

ب ـ حل نزاع الشرق الاوسط، (في سياق هذا التشكيل واقامته).

ان من شأن تأمين المصالح الامريكية ان يتجسد سياسيا واقتصاديا واستراتيجيا، وهو الامر الذي ينطوي علي اعادة تشكيل الشرق الاوسط من مستوي المفاهيم الي مستوي الكيانات، والتشكيلات الديمغرافية الداخلية بحيث يرتبط كل تشكيل ديمغرافي بالعجلة الامريكية مباشرة، واعتماد مفوضين امنيين وفقا للدول وتمايز كياناتها الديمغرافية الداخلية.

ان الاحتمالات المفتوحة علي مصراعيها في هذا السياق تتطلب من الاطراف العربية في اللحظة الراهنة موقفا اكثر فعالية وجرأة وتفاعلا مع الاتجاهات الدولية المناهضة للحرب لأن النتائج تطال العراق وفلسطين والمنطقة والعالم باسره.

ثمة مقاومة دولية، ومن الطبيعي ان تصل بعض دول العالم الي حد المقاومة المعلنة، وعلي نتائج هذه المقاومة سيتقرر الكثير.

اما حل نزاع الشرق الاوسط فانه يتخذ محاولة الجمع والتوفيق بين منظورين:

الأول: ان المشكلة الفلسطينية هي مشكلة مستعصية وقادرة ان تثير المشاكل للترتيبات الاقليمية لذلك لا بد من التعاطي معها.

الثاني: تطبيق رؤيا التحالف الثلاثي في الولايات المتحدة وهو اليمين المتطرف، والمسيحية التوراتية، والنفوذ لمراكز القوي اليهودية المتطرفة.

عبر هذا التجاذب بين المنظورين فان علي القيادة الفلسطينية ان تجيد فن اكتشاف الممكن، واستخدام الهوامش المتاحة، والثبات علي الاهداف، والافلات من المعضلة، وعدم بروز او اظهار ثغرات يمكن النفاذ منها لتخفيض السقف السياسي او لاحداث شرخ وطني.

وهذه مهمة صعبة للغاية وغير مضمونة النتائج في سياق هذا التجاذب وهذه التركيبة الامريكية مع كيان الاحتلال.

ان ما يفسر اصرار مراكز القوي اليهودية المتشددة في الولايات المتحدة، وكيان الاحتلال علي ضرب العراق هو الهدف لأن تخرج المنطقة كلها مهزومة ويتحقق استفراد كيان الاحتلال بالتفوق والقوة، بما فيها اسلحة الدمار الشامل والسلاح النووي خاصة، ووضع الحل في الشرق الاوسط في السياق المناسب لهذا الكيان.

يجب ان يكون من الواضح ان الموقف الفلسطيني يمتلك نقطة قوة فريدة تتمثل في:

أ ـ استقصاء ترتيب الوضع الاقليمي بدون الحل الفلسطيني، لأن اي ترتيب في هذه الحالة سيبقي قائما علي ارض رخوة وفوق عوامل التفجير.

ب ـ قوة التضحية والصمود والتصميم لدي الشعب الفلسطيني.

يجب ان تستخدم نقطة القوة هذه في تحقيق الثبات علي الاهداف، ومن الحتمي انها ستؤدي الي نتائج، والي فرض حقائق لمصلحة الشعب الفلسطيني.

ان الامر ما زال يتطلب اعلي درجات الصلابة واعلي درجات الحكمة في آن واحد، وان المدي الزمني امام ترتيبات الولايات المتحدة وبعض ظواهر المقاومة الدولية والاقليمية تجعل الحالة امامها في صراع وتجاذب وقلق وتعطي هامشا يمكن استثماره.

2 ـ نظام امني خاص داخل النظام الاقليمي يتضمن وجود امريكي نوعي في مواقع محددة.

3 ـ اقامة توازن تطور اقليمي يحفظ الحدود بين مستوي التطور المطلوب لمصلحة الاقتصاد وتسويق السلعة الامريكية ومستوي الضعف المطلوب وفقا للمتطلبات الاستراتيجية الامريكية.

يتطلب الواقع العربي فورا وكخطوات استباقية القيام: بالاصلاح، والتكامل، وخلق سوق عربية مشتركة، وتعزيز المنظومة العربية الخاصة، بما يؤدي الي تعزيز الموقف العربي في اطار اي نظام اوسع، وبما يحافظ علي منظومة الروابط الخاصة وفي مقدمتها المؤسسات القائمة مثل الجامعة العربية.

يجب ان تتسع المدارك لتحقيق عوامل الوحدة في ظل التمايزات الديمغرافية بحيث يتم ضمان مراعاة الحقوق الثقافية، واللامركزية احيانا، والمساواة في المواطنة والنصيب من الثروات الوطنية والتطوير، والسمات الخاصة عبر التمايز في الدين او العرق او اللغة. لأن للجميع حق في لغته وثقافته وتراثه وما تمليه خصائصه من طريقة حياة، وفي المساواة.

ثالثا: الهدف النفطي: من المعروف ان الاحتياط الاستراتيجي النفطي في العراق هو ثاني احتياط استراتيجي في العالم بعد السعودية، وهو بذلك هدف كبير لمصالح الولايات المتحدة، ويعزز كونه هدفا مجموعة المصالح المتعددة القائمة لمجموعة دول منها روسيا وفرنسا والصين والمانيا وايطاليا التي تضمنتها اتفاقيات ومشاريع مع العراق. وذلك انطلاقا من رغبة الاستفراد الامريكي بالسيطرة علي النفط.

من المؤكد ان نفط العراق ليس وحده هو الهدف، بل كذلك كل نفط الشرق الاوسط والدول الاسلامية الآسيوية التي كانت في الاطار السوفييتي والتي بعضها الآن في ظل روسيا.

ان الولايات المتحدة تسعي للسيطرة علي اركان الاقتصاد العالمي لأهداف اقتصادية وسياسية واستراتيجية، وفي مقدمة هذه الاركان الطاقة ومصادرها والنفط علي وجه الخصوص.

رابعا: الهدف المالي، ان احد اهداف الحروب الامريكية هو الهدف المالي، وعندما وصل السيد جورج بوش الأبن للرئاسة كانت لديه برامج تحتاج الي خمسمئة مليار دولار اضافية، وكان لا بد من تأمينها من تجارة الحروب وعمليات الابتزاز في اطارها.

وقد تضاعفت الحاجات الامريكية نتيجة للاخفاقات والتعثر والفساد في الاقتصاد الامريكي، ونتيجة البرامج الطموحة للتطوير الاستراتيجي بكل معانيه من اجل تحقيق التفوق والسيطرة، وهذا الامر يعني ان العالم معرض الي مزيد من عمليات الابتزاز.

بشكل مركز وملخص، هذه حقيقة الدوافع الامريكية للحرب، والمسوغ الحقيقي الوحيد لها هو سيطرة القوة وابتزازها.

ان ذلك لا يعني عدم وجود اخطاء او سلبيات في انظمة الشرق الاوسط، او عدم الاحتياج الي اصلاحات عميقة وجذرية، ولكن هذه الاخطاء والسلبيات والخطايا هي اخر ما يطرأ علي بال الاهداف الامريكية، انها ليست في قائمة الاهداف، وهي تأتي فقط لدي صياغة المبررات القيمية، والاخلاقية المطلوبة لتغطية اعمال القوة.

فالتغطية الاخلاقية هي جزء من التخطيط لأي حرب.

وفي حقيقة الأمر فان الولايات المتحدة كقوة عظمي اولي بحكم الامر الواقع، تتحمل مسؤوليات اخلاقية في تجنيب العالم الحروب والدماء وعدم الاستقرار، بل وتتحمل مسؤوليات للمساهمة الفعالة في مواجهة الانسانية لمشكلاتها الكبيرة وتحدياتها المستقبلية.

فالبشرية تواجه تحديات كبيرة ومصيرية ستؤثر علي حياة الكوكب الازرق، ونوعية هذه الحياة، حيث من المتوقع ان تتعرض لمتغيرات كبري نتيجة ثلاثة تحديات:

اولا: التحدث المائي والبيئي: حيث تواجه الانسانية شحا وعدم تنظيم توزيع مياه الشرب، واحتمالات المتغيرات البيئية السلبية ومنها احتمال الاحتباس الحراري او الاختناق بثاني اكسيد الكربون.

ان السلوك البشري اساسي في وتيرة هذه الاحتمالات ومسارها.

ثانيا: ثورة التكنولوجيا التي تجتاح الحياة البشرية والتي ستترك آثارها في طرائق حياة الناس المختلفة، وفي الفوارق بين هذه الطرائق.

ثالثا: الثورة البيولوجية، وثورة الجينات، وهي مثل كل ثورة علمية من الممكن ان تستخدم في قوة الخير و في قوة الشر. لقد اثبت التاريخ ان العلم يقتحم ويجتاز كل الحواجز سواء العقائد والافكار والقيم، او السلطة، او اعتبارات وانياب المصالح. وقد تخطي العلم كل العقبات في مجالي التطور الايجابي لمصلحة البشرية، والتطور السلبي للدمار وقوة الشر.

هذه التحديات مضافة الي تحديات الفقر والجوع والتخلف والحروب وخاصة في افريقيا علي سبيل المثال التي يعاني فيها ثلاثة ارباع المليار من البشر اردأ انواع الحياة.

هذه التحديات تتطلب منظومات عالمية جديدة للتعاون البيئي والذي ما زالت الولايات المتحدة تعطي الأولوية لمصالحها الخاصة علي مواجهة التحدي البيئي، وكذلك للتعاون المائي وضرورة ايجاد ناظم دولي لتوزيع مياه الشرب لأن هذه المياه مؤهلة لأن تكون السبب في الكثير من النزاعات والمشاكل والاضرار البيئية.

كما تتطلب منظومات دولية للتعاون لاحتواء التطور في الاطار الايجابي للبشرية. ما زال التخزين النووي وانتاج اسلحة الدمار الشامل خطرا علي كل البشرية حتي لدي اكثر الدول تقدما في هذا المجال، وان اي انتشار للغبار النووي يحمل المخاطر التدميرية والصحية والبيئية الكبيرة.

كل ذلك يتطلب تقوية دور الامم المتحدة عن طريق:

تعزيزه في مجال السلم والامن الدوليين علي قاعدة العدالة والمشاركة الدولية. وتعزيزه في مجالات التعاون القائمة.

واضافة مجالات تعاون جديدة تحتاج الي انظمة وقوانين يتم استخلاصها عبر الدراسة والمساهمة الانسانية المشتركة.

ويجب ان يتم كل ذلك علي اساس الانسانية والعدالة والمشاركة الدولية والقيم المشتركة بين الحضارات والثقافات.

هذا الاساس، وهذا الاساس وحده هو الذي يحقق الاستقرار الدولي ومواجهة التحديات المستقبلية والمشكلات الكبيرة.

اما الطريق الآخر فلن يعود بالخير لا علي الولايات المتحدة ولا علي العالم باسره.

من الواضح ان الولايات المتحدة تسير بتصميم باتجاه اهدافها محاولة هزيمة الغالبية من سكان العالم، مستغلة نقاط الضعف الدولي ومتجاهلة المعارضة الدولية.

وهي في واقع الامر تتوغل خطوة خطوة في اطار حرب قائمة حققت بعض اهدافها. وفي المقابل فان مقاومة دولية قد تؤثر في المسار.
By احمد العبدالعالي
#2693
يمهل ولايهمل إن شاءالله