- السبت ديسمبر 11, 2010 11:01 pm
#30295
ما هي أركان الاستغفار؟..
إن الحلقات غير مرتبة ترتيبا منطقيا، الأهم فالأهم، وإلا واقعا حلقة الاستغفار من الحلقات الأولى المهمة في هذا المجال.
إن الاستغفار حقيقة في القلب، وما اللسان إلا يكشف عن هذه الحقيقة، فهو من المعاني القلبية كالتوكل والاستعاذة.. ومن الخطأ التعامل مع هذه المعاني، على أنها مجرد ألفاظا تكرر عددا من المرات باللسان، بدون أن يكون هناك شيئا في القلب!.. فترى البعض يكرر-مثلا-: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ولو كان ساهيا، أو عينه على البشر، ولا يرى في قلبه معنى لهذا اللفظ!.. أو يشاهد في التلفاز منظرا محرما، وهو يقول: (أستغفر الله)!..
إن المعنى إذا لم يكن له وجودا حقيقيا في القلب، لا يتحقق وإن كرر لفظه آلاف المرات.. ولهذا فإن بعض العلماء لا يشترط في تحقيق مفهوم الاستغفار، حتى التلفظ، ويرى بأن الندامة القلبية كافية.
أركان الاستغفار:
أولا: الإحساس بعظمة من يُعصى:
إن الذي يجعل الإنسان يتألم من ارتكابه للذنب، المعرفة بعظمة الذي أذنب في حقه، والمعرفة بكثير آلائه.. فإذا كان التعدي على إنسان من أهل الإنعام والإكرام والتفضل والتودد والتحنن عليه، كالتعدي على الوالدين، ولو كان هذا التعدي سهوا وغفلة؛ كم يكون الألم شديدا؟!.. وكم تكون الندامة عميقة جدا؟!.. بخلاف ما لو كان التعدي على إنسان لا حق له عليه، ولو كان متعمدا لغلبة قوة الغضب عنده.. فإن الندم مختلف في كلا الحالتين، لاستشعار طبيعة العلاقة وعظيم حقه عليه.. فالذي يستشعر العظمة الإلهية، ويخشى الله تعالى، ويرى عظيم إنعامه؛ فإنه إذا وقع في ذنب، يستغفر ويذوب خجلا في استغفاره.
ثانيا: الاحتقار الباطني:
إن بعض المستغفرين، رب العالمين يغدق عليهم من نعمه، ويحبهم، كما يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.. (التواب) كثير الرجوع، والذي يكثر الرجوع لابد أن له أخطاء كثيرة.. ولكن لماذا هذا الحب الإلهي لبعض التائبين؟..
إن هذا الحب الإلهي لبعض التائبين، هو لهذه الحقارة، التي يعيشها التائب لنفسه.. فإن احتقار النفس، مع استشعار عظمة الربوبية-هذان الخطان المتوازيان- يولدان رحمة إلهية، وقوة إلهية هائلة.. لأن هذا العبد التائب وهو في عالم المغفرة، ينظر إلى الله تعالى فيخشع لعظمته، وينظر إلى نفسه فيعيش الذل لحقارته.. ويا له من معجون فعال!..
ثالثا: طلب المغفرة بالمعنى الحقيقي:
إن الذي يطلب المغفرة وهو غير عازم على عدم العود، فهذا لا يطلب المغفرة!.. لأن الذي يطلب المغفرة يرى في أعماق وجوده قبح ما فعله، ويعيش التألم والندم.. ولسان حاله، كما يقول الإمام: (إلهي!.. لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد، ولا بأمرك مستخف، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لوعيدك متهاون.. ولكن خطيئة عرضت، وسولت لي نفسي، وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى علي)..
فكل من يزني ويشرب، يرتاح إلى فعله.. ولكن رب العالمين إذا رأى أن العبد رأى حقارة نفسه، ودناءة عمله، بعد الفراغ من العمل، لا يؤاخذه بما كان عليه من الأنس بالمعصية..
وإن التائب الذي يعود إلى الله تعالى بهذه الندامة الباطنية، وبهذه الحالة من طلب المغفرة، لا فقط يرفع عنه كدر العمل، بل يعطى نور التوبة.. وهناك فرق بين أن تذهب الظلمة، وبين أن يأتي النور!..
ومن هنا رأينا كيف أن بعض التوابين تحولوا إلى كبار العبّاد والأولياء.. لأن هؤلاء أخذوا تطعيما ضد العجب والرياء!.. والذي لا يعجب ولا يرائي، فقد تخلص من فخين عظيمين للشياطين!.. فهو لا يرائي، لأنه يرى عظمة الله تعالى، ويرى حقارة نفسه.. ولا يعجب، لأنه يذكر سالف أيامه وعمله.. ولهذا فهذا الإنسان، حقيقة على طريق السلامة والنجاة.
إلا أنه ينبغي الحذر، فليس كل مذنب يوفق للتوبة!.. فإن البعض تسول له نفسه بالتمادي في المعاصي، ما دام باب التوبة مفتوحا، وأن الله غفور رحيم، يحب التوابين!.. ولكن الله تعالى بصير بالعباد ولا يخادع، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}!..
أولا: الذنب المتكرر من السنخ الواحد، هذا أمره خطير، وقد لا يغفر، لأنه يعتبر إصرار على المعصية.. ومن المعلوم أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار.
وثانيا: إن الله تعالى يحب التائب الذي هو في طريق الطهارة الروحية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.. فهناك فرق بين إنسان يرتكب المعاصي، وغافل عن تهذيب نفسه؛ وإنسان آخر يحاول تهذيب نفسه، وإن ضعف يوما وعاود ارتكاب المعصية..
فالإنسان المريض الذي يهمل العلاج، هذا حاله سيزداد سوءا مع الأيام.. أما الإنسان المعترف بأنه مبتلى بأشد أنواع المرض، وأنه فيه خمسون مرضا مثلا، ويذهب كل يوم إلى أطباء مختصين للعلاج.. فهذا إنسان متطهر، وفي طريق سلامة الجسم، أو على الأقل في طريق التقليل من شدة خطر هذه الأمراض..
فكذلك الإنسان الذي يسعى أن يعالج الخطايا والذنوب، فهو في طريق القرب إلى الله تعالى، وقطعا هذا محبوب عند الله تعالى
إن الحلقات غير مرتبة ترتيبا منطقيا، الأهم فالأهم، وإلا واقعا حلقة الاستغفار من الحلقات الأولى المهمة في هذا المجال.
إن الاستغفار حقيقة في القلب، وما اللسان إلا يكشف عن هذه الحقيقة، فهو من المعاني القلبية كالتوكل والاستعاذة.. ومن الخطأ التعامل مع هذه المعاني، على أنها مجرد ألفاظا تكرر عددا من المرات باللسان، بدون أن يكون هناك شيئا في القلب!.. فترى البعض يكرر-مثلا-: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، ولو كان ساهيا، أو عينه على البشر، ولا يرى في قلبه معنى لهذا اللفظ!.. أو يشاهد في التلفاز منظرا محرما، وهو يقول: (أستغفر الله)!..
إن المعنى إذا لم يكن له وجودا حقيقيا في القلب، لا يتحقق وإن كرر لفظه آلاف المرات.. ولهذا فإن بعض العلماء لا يشترط في تحقيق مفهوم الاستغفار، حتى التلفظ، ويرى بأن الندامة القلبية كافية.
أركان الاستغفار:
أولا: الإحساس بعظمة من يُعصى:
إن الذي يجعل الإنسان يتألم من ارتكابه للذنب، المعرفة بعظمة الذي أذنب في حقه، والمعرفة بكثير آلائه.. فإذا كان التعدي على إنسان من أهل الإنعام والإكرام والتفضل والتودد والتحنن عليه، كالتعدي على الوالدين، ولو كان هذا التعدي سهوا وغفلة؛ كم يكون الألم شديدا؟!.. وكم تكون الندامة عميقة جدا؟!.. بخلاف ما لو كان التعدي على إنسان لا حق له عليه، ولو كان متعمدا لغلبة قوة الغضب عنده.. فإن الندم مختلف في كلا الحالتين، لاستشعار طبيعة العلاقة وعظيم حقه عليه.. فالذي يستشعر العظمة الإلهية، ويخشى الله تعالى، ويرى عظيم إنعامه؛ فإنه إذا وقع في ذنب، يستغفر ويذوب خجلا في استغفاره.
ثانيا: الاحتقار الباطني:
إن بعض المستغفرين، رب العالمين يغدق عليهم من نعمه، ويحبهم، كما يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.. (التواب) كثير الرجوع، والذي يكثر الرجوع لابد أن له أخطاء كثيرة.. ولكن لماذا هذا الحب الإلهي لبعض التائبين؟..
إن هذا الحب الإلهي لبعض التائبين، هو لهذه الحقارة، التي يعيشها التائب لنفسه.. فإن احتقار النفس، مع استشعار عظمة الربوبية-هذان الخطان المتوازيان- يولدان رحمة إلهية، وقوة إلهية هائلة.. لأن هذا العبد التائب وهو في عالم المغفرة، ينظر إلى الله تعالى فيخشع لعظمته، وينظر إلى نفسه فيعيش الذل لحقارته.. ويا له من معجون فعال!..
ثالثا: طلب المغفرة بالمعنى الحقيقي:
إن الذي يطلب المغفرة وهو غير عازم على عدم العود، فهذا لا يطلب المغفرة!.. لأن الذي يطلب المغفرة يرى في أعماق وجوده قبح ما فعله، ويعيش التألم والندم.. ولسان حاله، كما يقول الإمام: (إلهي!.. لم أعصك حين عصيتك وأنا بربوبيتك جاحد، ولا بأمرك مستخف، ولا لعقوبتك متعرض، ولا لوعيدك متهاون.. ولكن خطيئة عرضت، وسولت لي نفسي، وغلبني هواي، وأعانني عليها شقوتي، وغرني سترك المرخى علي)..
فكل من يزني ويشرب، يرتاح إلى فعله.. ولكن رب العالمين إذا رأى أن العبد رأى حقارة نفسه، ودناءة عمله، بعد الفراغ من العمل، لا يؤاخذه بما كان عليه من الأنس بالمعصية..
وإن التائب الذي يعود إلى الله تعالى بهذه الندامة الباطنية، وبهذه الحالة من طلب المغفرة، لا فقط يرفع عنه كدر العمل، بل يعطى نور التوبة.. وهناك فرق بين أن تذهب الظلمة، وبين أن يأتي النور!..
ومن هنا رأينا كيف أن بعض التوابين تحولوا إلى كبار العبّاد والأولياء.. لأن هؤلاء أخذوا تطعيما ضد العجب والرياء!.. والذي لا يعجب ولا يرائي، فقد تخلص من فخين عظيمين للشياطين!.. فهو لا يرائي، لأنه يرى عظمة الله تعالى، ويرى حقارة نفسه.. ولا يعجب، لأنه يذكر سالف أيامه وعمله.. ولهذا فهذا الإنسان، حقيقة على طريق السلامة والنجاة.
إلا أنه ينبغي الحذر، فليس كل مذنب يوفق للتوبة!.. فإن البعض تسول له نفسه بالتمادي في المعاصي، ما دام باب التوبة مفتوحا، وأن الله غفور رحيم، يحب التوابين!.. ولكن الله تعالى بصير بالعباد ولا يخادع، {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}!..
أولا: الذنب المتكرر من السنخ الواحد، هذا أمره خطير، وقد لا يغفر، لأنه يعتبر إصرار على المعصية.. ومن المعلوم أنه لا كبيرة مع استغفار، ولا صغيرة مع إصرار.
وثانيا: إن الله تعالى يحب التائب الذي هو في طريق الطهارة الروحية: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}.. فهناك فرق بين إنسان يرتكب المعاصي، وغافل عن تهذيب نفسه؛ وإنسان آخر يحاول تهذيب نفسه، وإن ضعف يوما وعاود ارتكاب المعصية..
فالإنسان المريض الذي يهمل العلاج، هذا حاله سيزداد سوءا مع الأيام.. أما الإنسان المعترف بأنه مبتلى بأشد أنواع المرض، وأنه فيه خمسون مرضا مثلا، ويذهب كل يوم إلى أطباء مختصين للعلاج.. فهذا إنسان متطهر، وفي طريق سلامة الجسم، أو على الأقل في طريق التقليل من شدة خطر هذه الأمراض..
فكذلك الإنسان الذي يسعى أن يعالج الخطايا والذنوب، فهو في طريق القرب إلى الله تعالى، وقطعا هذا محبوب عند الله تعالى