By محمد المنجي8/6 - الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 11:08 pm
- الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 11:08 pm
#30707
في العامين الماضيين، أثارت الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، ثم ملاحظات بابا الفاتيكان حول الإسلام عواصف غضب بين ملايين المسلمين في أرجاء العالم، ورافقتها تغطيات إعلامية كثيفة لأعمال احتجاج، وآلاف المقالات والتحليلات التي حاولت تفسير الأحداث ودلالاتها على مستوى العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب، والبعد الديني والعقدي والثقافي في العلاقات الدولية، ودور الثورة الإعلامية والعولمة في إعطاء الأحداث قدراً أكبر من البروز والاتساع عالمياً. ورأى البعض في الحالة تجسيدا لـ "حتمية" ما يسمى بصدام الحضارات، وتداعياته على مستقبل السلم العالمي والتفاعل المنشود بين مكونات الإنسانية.
من ناحية أخرى، تفاوتت المواقف وردود الفعل في الغرب، بين مستنكر للعدوان على المقدسات ورموزها مطالبا بتوسيع نطاق التفهم والتسامح لترسيخ تعددية حضارية كونية تحترم وتقبل الآخر؛ وبين مستهجن لرد فعل المسلمين باعتباره تعصباً وتخلفاً وعجزاً عن اللحاق بقيم العالم الحديث.
لكن القليل من الجهد قد بذل نحو استجلاء الخلفيات التاريخية والمعرفية الغربية، والتي تبين السياقات الثقافية والسياسية والإعلامية في الغرب، وتشكل الوعي والموقف الغربي تجاه الآخر، وتنعكس على صورة الإسلام في الإعلام والأدب والفن. في هذا الصدد، نعود إلى رؤيتين لمفكرين عربيين، وهما تلقيان أضواء كاشفة على خلفيات هذه القضايا وتفسر آليات إنتاجها التاريخية والموضوعية.
فالمفكر الراحل إدوارد سعيد يرى في الإرث الثقافي الاستشراقي الغربي -بتحيزاته الكامنة ضد الآخر وتمركزه حول الذات- مصدرا هاما في تشكيل الوعي الغربي بالشرق؛ بل قام بـ "شرقنة وتنميط" الشرق، ونسج من إنشاء الرحالة ودراسات المستشرقين وخبرات القناصل والمبشرين والتجار مخزوناً ضخماً من الإثارة والغرائب التي تأسست عليها التمثلات والتعبيرات والصور الغربية عن الشرق في الأدب والفن ثم الإعلام.
أما المفكر عبدالوهاب المسيري فيرى أن الرؤية المعرفية الغربية ذات سمة إمبريالية كامنة في نظرتها للإنسان والطبيعة والمقدس. فهي تميل إلى نزع القداسة عن الإنسان، بل تدعو إلى غزوه وتسخيره وإخضاعه دون اعتبار لأي معايير أخلاقية، باستثناء القوة. وتتبنى هذه الرؤية المعرفية علمانية لا تفصل المؤسسة الدينية عن الدولة كما هو شائع، بل تعزل القيم المطلقة (المعرفية والأخلاقية) عن الحياة. وتتماهى في هذا السياق الرؤية المعرفية العلمانية مع الرؤية المعرفية الامبريالية، بحيث تصبح الامبريالية نقلا للمنظومة المعرفية والأخلاقية العلمانية من الغرب إلى العالم
في العامين الماضيين، أثارت الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، ثم ملاحظات بابا الفاتيكان حول الإسلام عواصف غضب بين ملايين المسلمين في أرجاء العالم، ورافقتها تغطيات إعلامية كثيفة لأعمال احتجاج، وآلاف المقالات والتحليلات التي حاولت تفسير الأحداث ودلالاتها على مستوى العلاقات بين العالم الإسلامي والغرب، والبعد الديني والعقدي والثقافي في العلاقات الدولية، ودور الثورة الإعلامية والعولمة في إعطاء الأحداث قدراً أكبر من البروز والاتساع عالمياً. ورأى البعض في الحالة تجسيدا لـ "حتمية" ما يسمى بصدام الحضارات، وتداعياته على مستقبل السلم العالمي والتفاعل المنشود بين مكونات الإنسانية.
من ناحية أخرى، تفاوتت المواقف وردود الفعل في الغرب، بين مستنكر للعدوان على المقدسات ورموزها مطالبا بتوسيع نطاق التفهم والتسامح لترسيخ تعددية حضارية كونية تحترم وتقبل الآخر؛ وبين مستهجن لرد فعل المسلمين باعتباره تعصباً وتخلفاً وعجزاً عن اللحاق بقيم العالم الحديث.
لكن القليل من الجهد قد بذل نحو استجلاء الخلفيات التاريخية والمعرفية الغربية، والتي تبين السياقات الثقافية والسياسية والإعلامية في الغرب، وتشكل الوعي والموقف الغربي تجاه الآخر، وتنعكس على صورة الإسلام في الإعلام والأدب والفن. في هذا الصدد، نعود إلى رؤيتين لمفكرين عربيين، وهما تلقيان أضواء كاشفة على خلفيات هذه القضايا وتفسر آليات إنتاجها التاريخية والموضوعية.
فالمفكر الراحل إدوارد سعيد يرى في الإرث الثقافي الاستشراقي الغربي -بتحيزاته الكامنة ضد الآخر وتمركزه حول الذات- مصدرا هاما في تشكيل الوعي الغربي بالشرق؛ بل قام بـ "شرقنة وتنميط" الشرق، ونسج من إنشاء الرحالة ودراسات المستشرقين وخبرات القناصل والمبشرين والتجار مخزوناً ضخماً من الإثارة والغرائب التي تأسست عليها التمثلات والتعبيرات والصور الغربية عن الشرق في الأدب والفن ثم الإعلام.
أما المفكر عبدالوهاب المسيري فيرى أن الرؤية المعرفية الغربية ذات سمة إمبريالية كامنة في نظرتها للإنسان والطبيعة والمقدس. فهي تميل إلى نزع القداسة عن الإنسان، بل تدعو إلى غزوه وتسخيره وإخضاعه دون اعتبار لأي معايير أخلاقية، باستثناء القوة. وتتبنى هذه الرؤية المعرفية علمانية لا تفصل المؤسسة الدينية عن الدولة كما هو شائع، بل تعزل القيم المطلقة (المعرفية والأخلاقية) عن الحياة. وتتماهى في هذا السياق الرؤية المعرفية العلمانية مع الرؤية المعرفية الامبريالية، بحيث تصبح الامبريالية نقلا للمنظومة المعرفية والأخلاقية العلمانية من الغرب إلى العالم